د.وسن مرشد محمود

كلية الحكمة الجامعة/ بغداد

Wsn.aljuborie@gmil.com

009647700830118

الملخص:

يهدف هذا البحث إلى الخوض في نتاج روائي عراقي، أهتم بقضية معاشة  قديمة وحديثة تثير الأهتمام والبحث، وهي(المحرمات ، رواية متاهة ابليس لـ (برهان شاوي) انموذجاً)،  والخروج على الممنوعات جميعها ، السياسية، والدينية، والعرف الاجتماعي، حيث تكشف الرواية أن النتاج الروائي العراقي استطاع أن يبوح بما في ذاته حول القضايا المحرمة بشكل معلن  بعيد عن التورية والمواربة وبلغة جريئة، بآليات تعبير خاصة ، إذ جعل الكاتب من نتاجه شاهداً على ماكان وماسيكون.

ويسعى هذا البحث إلى الكشف عن أساليب الكاتب التي وظفها عن طريق الخرق المعلن للمنوع، ومدى تقبل المجتمع والقارىء والمثقف الواعي لمثل هذه الخروق.

حيث يكشف الروائي برهان شاوي  كيفية استلهام  توظيف شخصيتا ادم وحواء، بآليات تعبير خاصة به، إذ جعل من شخصياته شاهداً على حجم الخراب الذي ساد العراق.

ويهدف البحث إلى الكشف عن نمطية هذا التوظيف للشخصيات ، والتي فكك عن طريقها الأساطير الدينية، والخرق المعلن للمحرمات الثلاثية عن طريق(ادم ، وحواء).

ويعمد البحث ايضاً إلى الكشف عن النمط الفلسفي للروائي، وكيفية سير أحداث الرواية وشخوصها بطريقة سينمائية، والتي تندرج ضمن مدة زمنية مفتوحة، واعتمادية دمج الواقع بالخيال، والخيال بالواقع.

لابد من الأشارة إلى مفهوم المحرم، ومبادئه، ثم المضي في مضمون البحث وهدفه.

 

Taboo, the novel Satan’s Labyrinth by (Burhan Shawi) is a model

Dr Wasen Morshed Mahmood

AlHikma University College/ Baghdad

 

Abstract

This research aims to delve into the product of an Iraqi novelist, who is interested in an ancient and modern livelihood issue that arouses interest and research, Which is (Prohibitions, the Novel Satan’s Labyrinth by (Burhan Shawi) as a model), and outlawing all prohibitions, political, religious, and social custom. The novel reveals that the Iraqi novelist was able to reveal himself about the forbidden issues in a public way, away from puns and equivocations, and a bold language, with special mechanisms of expression, as the writer made his production a witness to what was and what will be.

This research seeks to reveal the writer’s methods that he employed through the declared breach of the variety, and the extent to which society, the reader, and the conscious intellectual accept such breaches.

Where the novelist Burhan Shawi reveals how he was inspired to employ the characters Adam and Eve, with his expression mechanisms, as he made his characters witness the extent of the devastation that prevailed in Iraq.

The research aims to reveal the stereotyping of this employment of personalities, through which he dismantled the religious myths and the declared breach of the triple taboo through (Adam and Eve).

The research also aims to reveal the philosophical pattern of the novelist, how the events of the novel and its characters proceed in a cinematic manner, which falls within an open period, and the dependence on merging reality with imagination, and imagination with reality.

It is necessary to refer to the concept of the forbidden, and its principles, and then proceed with the content and purpose of the research.

المقدمة:

إن الظروف المسيطرة على الكتابة الأبداعية  حدت من الأنفتاح الأبداعي في بادىء الأمر، إلا أن هذه الضغوط أسست مفتتحاً لخرق الضغوط جميعها، والتمرد عليها، ورفض القيود جميعها؛ لأن النظام الذي حكم العراق كان ذا بعد إيديولوجي فردي، يتجه ضد الآخر بغية تحقيق مصالحه الشخصية، وتهميش مصالح الآخر .

وقد لجأت النتاجات الأدبية الشعرية والروائية منها خاصة ، بمعالجة هذه الممارسات الضاغطة وأثرها على الواقع البيئي المعاش، الذي تحول إلى حياة سوداوية في ظل تهميش مباشر للوجود الإنساني.

وقد لجأ الروائي العراقي منذ (2003)وإلى اليوم ، إلى توظيف هذه المادة المجانية -الضغوط الأجتماعية-، ومناقشتها بواقعها المعاش، ولنجد أنفسنا أمام قضية يومية بلغة سردية مفهومة؛ لأنها أنطلقت من محيط الواقع ولغته.

المحرم:

يشكل الضغط المسلط على الأقلام الأبداعية مرتكزاً اساسياً للنهوض بالفكر،وخروجه من قوقعته المعتمة، لتعلن رفضها لكل ماهو جامد وتقليدي.

وهذا الضغط ، يمثل صورة  من الاستبداد بأشكال عدّة ، ففي العرف الأجتماعي العربي محرمات” لا يجوز التحدث عنها نقدياً إلا مع الأصحاب وبشكل مزاح ، بل قد لا يجوز دراستها علمياً تحت طائلة عدم النشر  ومصادرة الكتاب ، أو الجريدة ، أو المجلة … الخ ، فقد يتعرض الكاتب للمضايقة مَنْ قبل المجتمع بل قد يؤدي إلى نبذه”(ياسين،1978، 102)، فالقمع الذي تمارسه كل سلطة ما

ضد من هم أدنى منها أو ضد من يتبعون لها ، محاولة لفرض إرادتها ، في حين السلطة في ظل المناخ الديمقراطي ، هي غير السلطة في المناخ الاستبدادي ؛ لأنَّها تتحول إلى قانون للحياة .

والمحرم : هو كل خط احمر، لا يقبل المجتمع تجاوزه، ونقده، وهو سلطة عليا ضاغطة على الغير، مانعة لوجوده، من بين هذه الضغوطات ، انطلقت الكتابات الابداعية للنقد المعلن والرافض ، والخارق للمسكوت عنه.

والتابو بحسب فرويد يحمل “مدلولين متعارضين : فهو يشير من جهة إلى ما هو مقدس، مكرس، ومن جهة أخرى إلى ما هو مخيف، وخطير ومحرم ومدنس، ويتجلى التابو أساساً في صورة قيود( فرويد1983، 43)نواه ، ونواهي التابو لا تقوم على أساس عقل أو منطق ، فالتابو تحريم مرفوض من الخارج”(فرويد، فهو إذاً (taboo) المحظور والممنوع ، و “خرقه غير جائز “( كايرا،2012، 42) ؛ لأنه دستور او اشبه به يحكم قوانين الحياة والطبيعة بقوانينه الضاغطة.

ويجد ( دريدا ) أنَّ الحديث عن التابو انشغال بطرح الأسئلة ، فكان لها صبغة قدسية أصبحت محرماً (taboo) لا يمكن أن يستحيل تجاوز حدود التفكير فيه(دريدا، 2013، 181)، وهي العبور والاختراق ولا يجوز إلغاؤه(فوكو،1990، 36) ، وهو(taboo  ) ” أقدم مجموعة قوانين غير مكتوبة عند البشرية ،  ومن المتعارف عليه أنَّ التابو أقدم مَنْ

الألهة واسبق من الأديان”(فرويد،44)، أي أنَّ (التابو) وجود طقوسي شعائري ، أقوى من القانون الوضعي أو المقدس الذي تفرضه الألهة والبشر .

فالتابو : قانون قديم وليس حديث، وجد منذ القدم بطريقة فرض ، وموجه ضد أقوى شهوات البشر، اللذة في انتهاكه تستمر في لا شعورهم(لالاند،2001،159)  .

و(taboo) مصطلح ” أنثروبولوجي يراد به الأشخاص  أو الأشياء التي يكون الأتصال بها ممنوعاً وعرضةً للعقاب الشديد من جانب المجتمع أو مَنْ جانب الإلهة”((العربية، 1983 ،36)، و لهذه الكلمة تأثيرٌ كبيرٌ في المجتمعات التي تؤمن بالغيبيات ، واعتقد أنَّ مجتمعنا قريب مَنْ هذهِ القناعات بدرجة كبيرة ، وإنَّ التسلط التاريخي للحكام المستبدين الذين حرموا الحرية في الفكر والاعتقاد لما يمس ذلك مصالحهم وجعل الإنسان في إيمان مستمر بفكر القوة الغيبية التي تؤمن له المتغيّر  وتوفر له التحول ، ” فالإنسان المكبوت هو الإنسان الصالح ، بالنسبة للطبقة المتسلطة ؛ لأنَّه إنسان مسحوق يقوم بإي عمل يطلب  منه(ياسين،38) ، على أنَّ التابو  ليس سياسياً فقط ، إنمَّا هو ديني وهو الأكثر  خطورة ، فالتسلط الديني أخطر ما يكون ، فضلاً عن تابو القبيلة ، فقانون الدولة بموازاة قانون العشيرة، لكن في وقتنا الراهن جاء الدين ليطرد القبيلة ويأخذ مكانها ،  بمعنى أنَّ هناك حركة سرية في شكل القانون داخل المنظومة العربية، فضلاً عن محرم الجنس ، و الحديث عنه يضع المتحدث أمام جملة من التساؤلات .

وعليه فالعالم العربي مليء بالتابوات التي بدورها تحد من ملكة الإبداع التي تؤثر كثيراً على مزاج الأدب والفنون بأنواعها .

وتشكل الكتابة الدور الأول والأساس في نهوض الفكر؛ لأنها المواجهة الأولى ، والمعلنة، والصريحة ،الرافضة لكل الضغوط ، فهي صراع ، ومقاومة، تدفع نحو الرفض للقيود ، يؤسس عن طريقها الكاتب سلطة الحقيقة؛ كونها “الوسيلة الوحيدة للاحتفاظ بالكلام أو لاستعادته،… وتكفل أمناً كبيراً وإمكانيات كبرى للتراكم في عالم خطير ومقلق”([1]) فالكتابة “وسيلة خطيرة ، إنقاذاً مهدداً  ، إجابة حرجة في موقف شدة ، وعندما يفشل الكلام في حماية الحضور ، تصبح الكتابة ضرورية…فالكتابة لغة الحاجة “(دريدا،2008، 189-284) ، ووظيفة الفكر أن يستحضر كل ماهو ممنوع، ومناقشته، ورفض الضغوط المسلطة بإزائه.

وترتبط الكتابة بالخيال؛ لأنه الحاضر الأول للكاتب، والوعي المرجعي للمؤلف، وهو محطة التأمل الأولى، وبداية الشروع لمشروع كتابي؛ لأنه المحطة الأساسية للأفكار.

ويعرف الخيال : على انه القدرة على خلق اشكال  الصور من الواقع المعاش واستنطاقها، عن طريق الذهن؛ لأنه البؤرة المركزية ، والوعاء الجامع للأفكار جميعها، ومن ثم التصرف فيها على مختلف الأشكال ، والظروف.

ويحمل  الخيال عنصر التشبيه ، والمجاز ، والكناية ، وشموليته هذه اتحات الأنفتاح الواسع للكتابة ؛ لأنها لم تلتزم بنمط الجمود، والأنطوائية.

ووظيفة الخيال امداد الأدب بالحقائق بوسائل مختلفة بعيدة عن الجمود ،والقيود، وتلوين الأدب بالوان الطيف المختلفة.(ينطر:سلامة،59)

فالخيال عندما ينطلق للكتابة، لا يستنطق الصور والمعاني من اللاوجود ، والعدم، أنما من تصورات حقيقة معاشة ، تحتاج إلى منهل فكري ذو وعي وفهم وأدراك للقضية المعاشة، فيمزج هذه المتراكمات ، ومنسقاً ايها ليشكل فسيفساء قارئة لمشهد حقيقي؛ لأن الخيال الواعي هو الذي يفسر الحقيقة.(ينظر: دريدا، 287-437)

ويمكن حصر مفهوم الخيال : بإنه عملية رياضية عقلية تؤسس علاقات فكرية ؛ لأن الخيال يستعين بتذكر الماضي،ليؤلف تكوينات عقلية جديدة في المستقبل.

فالخيال: هو الحاضر الأول لسردية الرواية ؛ لأنه انطلق من حضور فكري مثمر، لايتوقف عند الحشو السردي فقط، أنما يأتي لينطلق من وعي وادراك ناضج لوعي فاهم ومدرك لقضية معاشة واقعياً ، وفكرياً، ومغيبة نظرياً، حاضرة بمواربة ، وهذا مايحقق للنتاج الأبداعي ديمومته، فكلما حفر الأنتاج الكتابي في الممنوع، كلما زادت ديمومة حظوره،وحقق وجوده.

ومن الروايات التي يمكن أن تدخل في هذا الباب روايات (برهان شاوي)، التي جسدت متاهاته متاهةً حقيقيةً بين تداخل الشخصيات ؛ لأنها تحمل سلسلة الأسماء المتشابهة بين سلسلة هذه المتاهات ، وتضمنت متاهاته (77) حواء و (102) آدم ، مما تطلب عملية فرز دقيقة لكل رواية.

ورواياته التي حملت هذه الثيمة هي (متاهة آدم ، متاهة الاشباح ، متاهة إبليس،  متاهة قابيل ، متاهة الأرواح المنسية ، متاهة العميان ، متاهة حواء) .

يناقش (برهان شاوي) في (متاهة إبليس) فكرة الشر ووجود إبليس وتناقض الأساطير الدينية.

ومما سجل على رواياته القصدية في توظيف سلسلة مسميات متشابهة لشخوص الروايات ، ليذهب القارئ في متاهة حقيقية بين هذه المسميات المتشابهة.

تدور احداث الرواية في جولة ميدانية شاملة، وبخيال واعي فاهم للقضية المعاشة، لاتتوقف عند بلد معين، أنما مزيج من الشرق والغرب.

تبدأ ببغداد التي تحتضن الشخصيات الرئيسة ، ثم ينقلنا السرد الروائي بشفافية عالية وتقانة متقنة، إلى المحطة الثانية المتمثلة بدمشق، ثم ينتقل بتدرج آخر إلى باريس من دون توقف، ليسجل سرد مكاني من دون احداث تذكر، وكأن الروائي في سياحة مجانية لشخصياته ، واحداث سرده المتمرد لكل ماهو معلن ومطمور، ومن ثم يستورد شخصيات اضافية من دول مختلفة ، ليقدم خلطة شخصيات ممزوجة بلغات ، واطباع مختلفة، مشتركة في هدف واحد.

جاءت مدة الرواية مفتوحة ، ومعلنة بعيدة عن الانغلاق السردي، مزيج للماضي ، والحاضر، والمستقبل.

تشترك شخصيات الرواية ، واحداثها بهدف معلن ، ينحصر في النقد المباشر للضغوطات جميعها، سواء السياسية، او الدينية ، والأخطر منها نقد الاسلام السياسي، ونقد سلطة الجنس، وبهذا فهي تحقق النقد الحقيقي، وخرقها للمحرم ، والممنوع، والمسكوت عنه، وهذا مايحقق للأنتاج الأبداعي ديمومته ونقاءه، فكلما حققت النتاجات غايتها، كلما اجادت لذاتها الديمومة، وابتعدت عن الأنغلاق، والقوالب الجاهزة.

والرواية لم تقدم النقد المعلن للعراق فقط، أنما للبلدان جميعها، التي قامت الشخصيات بالمرور بها، وتارةً اخرى بالسكن فيها لأوقات قليلة، وهذا يفسرأن الشخصيات واقعية عراقية حقيقية؛ لأنها عانت الأستبداد ، والحروب، والحصار الأقتصادي، والتهجير ، والطائفية المميتة التي مزقت اوصال الشعب العراقي، وشتته ،لتقدم نتيجة هذه الأنتكاسات المتوالية .

(حواء الكرخي، وحواء ذي النورين)الشخصيتان النسويتان البارزتان في سرد احداث الرواية، عن طريق الهرب من بغداد يتم التعارف على بعضهما البعض، في حافلة متجهة إلى سوريا.

تحمل احدهما  مالاً كثيراً، والآخرى: طفلاً  رضيعاً لاينتمي اليها ، تتشابهان في الموقف الدافع إلى الهرب من الأوضاع المأساوية المتمثلة بالمطارة من المسؤولين ، ومليشياتهم ، مختلفتان في الماديات جميعها، فحواء الكرخي تكفلت بطفل صديقتها التي تعرضت إلى القتل المتعمد، عن طريق سيارة مفخخة كانت تقلها هي ومن معها، بينما حواء ذي النورين سبب هربها اخطر من السابقة؛ لأنها  تعرضت للأغتصاب على امل كاذب بأنقاذ ابنها من الأعتقال، ليطلع الابن على فديو اغتصاب والدته ، ليودي بحياته منتحراً في مرحاض السجن.

علماً ان والدته هي الأخرى انتحرت، وكانت متزوجة من مسؤول كبير ، وكادر في احزاب  الأسلام السياسي ، وفي الوقت نفسه كان ظالم ، ومرتشي، يسيس اعماله ومصالحة بحجة رداء الدين، الذي تحول إلى سلاح مجاني في يد مستعميله.

وقد اسس الشك ، انعدام الثقة بين الحوائتين، وهذا الشك شكل نوع من انواع التكافل ، وطرح مشروع التعاون بينهما.

( حواء الكرخي)، تحمل فكر ديمقراطي واعي ومثقف، إلا ان هذا الوعي لم يحميها من غدر القتل وفي عز النهار، في شوارع دمشق الجميلة وهي في طريقها إلى الطفل الرضيع في الشقة التي استأجرتها من دون أن يتسنى لها توفير الحماية للرضيع.

أدم الشامي، المنتمي إلى حزب البعث الحاكم بسوريا، وهو جاسوس وقواد للمسؤولين الكبار في المباحث والجيش والشرطة وفي الجهاز المدني.

لايحمل من الأخلاق شيء، ضميره ميت ، هذه كلها ترجع إلى انتمائه الى عائلة تمارس الفعل الحرام ، والوحشي ضد الغير.

يوفر أدم الشامي جوازاً مزوراً لحواء ذي النورين في مقابل مبلغ كبير من المال واغتصابها في شقته في الفندق. بعدها تغادر بالجواز إلى إيطاليا وتهرب من مطارديها الذين وصلوا إلى الشام بأمر من زوجها، أحد كبار المسؤولين ببغداد.

الفيسفاء التي رسمت الشخصيات النسوية ، وخصوصاً البطلتان، بأتقان ، وريشة فنان، امتزجت بقلم كاتب، ويأخذ الخيال الحظ الأوفر في فرض وجوده على الرواية بأكملها.

حصر(ادم الشامي) حديثه عن اماله، وتطلعاته مع ابليسه بصورة مباشرة، إلا أن الهرب كان الحاضر الأول في اهدافه ، أو ينكر  علاقته به،  إنه إبليس أو أدم الشامي ذاته، نفسيته المريضة تتوافق مع ابليس .

كان هذا الشر اساس في جعل النسوة ينفرن منه .

إن الرواية تقودنا  وجهاً لوجه مع المتاهات التي تواجه حواء ذي النورين وحواء الدمشقية، وقبل ذاك واجهت حواء الكرخي.

لتمثل هذه المتاهات صورة واقع عراقي معاش بامتياز، ضاغط من الجهات جميعها ، سواء الحياة الاجتماعية ، او السياسية ، الفكرية ، او البيئية .

ولاتكتفي الرواية بهذا فقط بل ينقلنا شاوي الى ثقافة المجتمع الايطالي ورسم حضارة هذا المجتمع ، وينقل حدود شخصيات روايته خصوصا حواء ذي النورين و الرسام العراقي المغترب أدم بوناروتي، ويكون ابليس الداخلي حاضر مع حواء ايضا، فتعجب بالرسام و إبليسها في آن. والاول يعاني من اضطرابات نفسية ، ومدمن خمرة يعتاش  على رسم الكاريكاتير والأشخاص كما يشرب الخمرة بكثافة لدرجة وضعها عوض الماء، وهذا سبب له عجز ممارسة العلاقات الحميمة مع النساء     وهنا تصدم حواء بالأمر.

انتقالات الروائي كانت عن طريق الرسام العراقي ، الذي صاغ برسوماته اثار الحضارة ومبدعي الفن التشكيلي والموسيقيين  وفن العمارة والحياة العامة،وينقلنا برسوماته اماكم سحر ايطاليا والمتحاف الطبيعية والصناعية ، هذه الإنسيابية في الرسم حملت صورة عمق الفجوة بين الشرق والغرب فالأول في السلم التنازلي يتجه، والآخر يرتقي بالسلم التصاعدي وهو نقد مبطن لحكام العرب.

وإذا ما انتقلنا إلى الحوارات والنقاشات التي تدور بين شخصيات الرواية من عراقيين وغيرهم تجدها متنوعة ومختلفة الافكار ، وتحمل حوارات المجتمع ذاته بتنوعاته الدينية والعرقية ، ونقد معلن للسياسة ،والدين السياسي، والجنس ..

وتبقى الرواية في طرح سؤال عام من البداية إلى النهاية يدور حول مفهوم واحد ، يناقش قضية هل شخصيات الرواية حقيقية في طرح الواقع القائم ، أم أنها مخالاجات نفسية ذاتية ،صادرة من ضغط ، وكبت داخلي أولي ، ليتطور إلى مشكلة نفسية فردية أولاً ، ثم مشكلة نفسية عامة تصارعى الشخصيات جميعها ، لنبقى في محاور مناقشة نفسيات مريضة بعضها، والآخرى سليمة واعية مدركة لما يحيط بها من تغيرات ؛ لأنها تفكر بوعي فاهم للقضية المعاشة ، لايجد  حلاً لمشكلاتها .

لنستنتج بإنها رواية تبحث في الاصوات المعلنة والمكبوته ، عن شخصيات مبهمة وحقيقية ،واخرى تحمل ثقافة كما في حالة الرسام العراقي أدم بوناروتي أو أدم البغدادي (أدم أبو التنك)، الأديب العراقي الذي كان شيوعياً درس في بلغاريا، إلا ان فقد هذا التميز امام بخله وشهية الأكل المجاني. وهو الذي خان صديقه الرسام بممارسة الجنس مع زوجته الإيطالية حين سكن في شقة زوجته بإيطاليا.

هذا السرد المتقن قدم رؤية للروائي اولاً، ثن للقارىء ثانياً، بطرقة العرض ، وكأننا امام مسرح روماني يعرض الحقائق المبطنة والمعلنة ، بطريقة حقيقة لواقع مظلم ومعاش / تحت سطوة الضغط / وموضفاً التابو ضد الغير .   .

شخصية (حواء الكرخي) داخل الرواية يراودها الشك ،فتقول:

  ” أنا إنسانة بلا هوية  محددة،امي  نصف اسبانية ، ونصف روسية..كان جدي ، والد امي ، شيوعياً…”(شاوي2014، 39) .

إن فقدان الهوية الذاتية، هو واحد من اشد انواع الضغط النفسي للإنسان، وهذا ماأسس الشك الداخلي والخارجي لذاتها المضطربة، ليؤسس شك من نوع اخر ، فتقول:

   ” في موسكو، بعد ما سافرت اليها مبعدة من قبل اهلي، وصلت حالة نفسية متردية قلت لنفسي: طز في كل شيء بعدما فقدت بكارتي، لذلك عاشرت رجلاً لمجرد أن بكارتي ، لذلك عاشرتُ رجلاً لمجرد أن اثبت لنفسي انني لست تحت وصاية المجتمع  او اي عرف او تقاليد، لكني لم اتمكن من الاستمرار ؛لأن حبيبي كان في بالي، كنت حتى وانا في تلك اللحضات الحميمة مع الآخرين افكر فيه هو. كيف اشرح لك ذلك ، كانت ممارسة الجنس شبه يومية ، كنت أعيش مع شاب يهودي ، وفي الوقت نفسه إذا ما كنت في حفلة ، لم امتنع عن ممارسة الجنس مع شخص آخر هناك. ثم اعود إلى صديقي اليهودي، في الليل . اتذكر كان هناك ايضاً شاب يعزف في فرقة روك روسي ، وكان هناك طيار، وهناك الفلسطيني ، حتى السائق الخاص بي، مارست معه في السيارة، بل وحتى في بيته . على الرغم من انه كان متزوجاً …لقت حصلت على كل انواع الرجال الذين رغبت بهم”   (شاوي،43-44)

إن خرق التابو في هذا المقطع ، جاء بصورة معلنة وصريحة بعيدة عن التورية، فـ(حواء) اسست رحلة اخذت الأماكن فيها سياحة مباشرة، ففي كل مكان تركت لها بصمة ، وذكرى  بنوعيها: المؤلم، والجميل ، ولتقرر أنها حققت مبتغاها (حصلت على كل انواع الرجال الذين رغبت فيهم).

ومن جانب آخر نجد الأعلان المباشر ، يتخذ مسرى اخر ، عندما تحصر شكها بالخالق، وهو من اشدها خطورة ، فيقول،

    ̏ اعتقد أن الله يحب الشكاكين أكثر من المؤمنين … إنه يبارك قلقهم العظيم .. لأن الشكاكين أكثر من المؤمنين .. إنه يبارك قلقهم العظيم .. لأن الشكاكين ، يفكرون فيه دائماً .. يحبونه .. يريدون أن يعرفون بجلاله ، وعظمته ووجوده. المؤمنون قطيع مطمئن راكن لمصيره .. قطيع مطمئن ينتظر تبن الفردوس .. لا أكثر .. نعم .. نعم .. إنني أرى البعض يحمل صليبه الثقيل بصبر .. وبمعاناة .. وألم .. يصعد إلى الجلجلة

بصمت الشهداء والقديسين .. بينما أرى الملايين تئن تحت شليفات من التبن .. لكن من أنا حتى أطلق أحكامي على الآخرين .. ؟”  (شاوي،43-44)

نرصد في هذا النص أن نقد (الذات العليا) قد وظف بصورة مباشرة ومفهومة ، إذ جاء النقد على لسان (حواء الكرخي) فقط ، لتكون هي الراوي ؛ لأن ̏ النص السردي يتطلب راوٌ يروي الحكاية ويخبر عنها ̋ (15) ، وهذا ما جسدته شخصية (حواء الكرخي)، فمنذ أن راودها (الشك) بدأت بعملية النقد والخروج على الذات العليا أولاً ، والمقدس الديني ثانياً.

وإنّ دلّ هذا النقد على شيء فإنه يدل على شيء آخر هو عامل الاختلاف في الفكر،  وكأن (حواء الكرخي) بصدد إجراء مقارنة بين فريقين :

الفريق الأول : فريق الشكاكين عندما تقول : (يبارك قلقهم العظيم ، يفكرون فيه دائماً،

يحبونه يريدون أنّ يعرفون بجلاله وعظمته ووجوده).

الفريق الآخر : فريق المؤمنين (قطيع مطمئن راكن ، قطيع ينتظر تبن الفردوس).                                                         ونجد أن بعض الروايات تتجه نحو المقدس الأعلى والذات العليا والسعي الجاد لنقدهما، في الديانات البدائية ، أو الأساطير . وهنا لابد من الوقوف عندها ومراجعة تلك المتون بدقة.

وسعت شخصية (آدم الدمشقي) ، في رواية (متاهة إبليس)، بعد أن تلبس ابليس داخله، إلى القول:

   ̏ – أنا في كتب البشر المقدسة رمز الشر. في القرآن والإنجيل والتوراة بل وحتى في الديانات الاخرى ، يرد لي اسمان هما : ابليس والشيطان ..وفي كل اللغات لديَّ أسماء مختلفة.. بل في كل عصر وزمان لدّي اسم ..تختلف الحضارات وتختلف الأزمنة ، والعصور والشعوب ..لكني باق لديكم أنتم البشر كرمز للشر.. علماً أنا لست بشرير أبداً.. انا بريء مما يتهمني به البشر.. الله خلقكم.. وزرع فيكم الشهوات: شهوة النساء.. وشهوة المال…وشهوة السلطة.. تسعون إليها تتقاتلون من أجلها.. كل منكم يسعى إلى أن يمتلكها.. لكن الفاشلين والعاجزين منكم يحبون رغباته ، بل ويفسرون ذلك بأن وصول البعض منكم إلى أهدافه تلك لم يتم إلا بمساعدتي أنا الشيطان ..وأن هؤلاء سلكوا الطريق إلي، هؤلاء الفاشلون يلقون اللوم عليّ بأنني الذي أفجر بالبشر كل هذه الشهوات والرغبات القاتلة.. مالي وكل هذا..؟ هل أنا الذي خلقت الإنسان وزرعت فيه كل هذه الشهوات والغرائز الجامحة…؟ ..ثم.. لماذا خلقها الله اصلاً ، إذا كانت تقود البشر إلى فعل الشر بحق بعضهم البعض وحق الله لنفسه…؟ ̋ (المصدر السابق)

يشكل النص واحداً مَنْ أخطر الخروق على المقدس الديني أولاً ، ومناقشة الأفكار الدينية ثانياً ؛لأن النص يقدم إشكاليات عدّة ، فـ ̏  إبليس قوة روحية أدنى من إله لكنها أعلى من قدرة البشر (كائن خفي) ̋ (17) ، وهو ̏ مرادف للشيطان ̋ (18)، منذ إعلانه – ابليس – عن شخصيته ومسمياته المتعددة يبدأ النص يسير باتجاه الخط الأحمر،فإعلان (إبليس) بأنه (ليس شريراً) ، وتصريحه بأن (الله) هو الخالق (الله خلقكم.. وزرع فيكم الشهوات شهوة النساء.. وشهوة المال.. وشهوة السلطة) ، وتصريحه (مالي وكل هذا؟) ، يعد هذا اعلاناً مباشراً لإبليس بأن الشر وأفعال الشهوات كلها من الخالق وليس من أفعاله. وهذا نقد واضح وصريح للفكرة التي يتضمنها الدين ، ونقد للخالق ، والمقدس الديني كله.

وغاية الروائي في نصه هذا إشاعة صورة (ابليس)، فهو واحد سواء أكان(إبليساً، أم الشيطان)، ثم يصحح قوله باستبدال التسمية الثنائية ليجعلها عامة(وفي كل اللغات لدي  أسماء مختلفة.. بل في كل عصر وزمان لدّي اسم ..تختلف الحضارات وتختلف الأزمنة، والعصور والشعوب ..لكني باق لديكم أنتم البشر كرمز للشر)،يذهب هذا النص لعرض سلسلة متشابكة من التأويلات بشأن خلق (ابليس)،ثم يعمد لعرض جملة من المسببات الداخلية والخارجية، التي يقع تأويلها على وفق فهم القارئ؛ لأن جملة الأسئلة المقدمة داخل المتن السردي تكتفي بالارتماء خلف علامة الاستفهام، لتصطدم بعقم الإجابة.

ويسرد النص صورة الأديان التي اشتملت عليها حضارة العراق وغير العراق (القرآن، الانجيل، التوراة، الديانات الأخرى)،ولم يكتفِ الروائي بهذا النقد، بل ذهب ليوجه سؤالاً مباشراً وحدياً للخالق:(هل أنا الذي خلقت الإنسان وزرعت فيه كل هذه الشهوات والغرائز الجامحة…؟ ..ثم.. لماذا خلقها الله أصلاً ، إذا كانت تقود البشر إلى فعل الشر بحق بعضهم البعض وحق الله لنفسه…؟).

ويأتي مشهد آخر أكثر نقداً ، يسعى عن طريقه (برهان شاوي) إلى توظيف مفهوم النص القرآني (وفكرة النص) بأكملها لبناء صيغة سردية متكاملة ، تخرج لغرض نقد الذات العليا أولاً ونقد فكرة النص الديني ثانياً ، يقول:

    ̏ لكنك اغويت أبانا آدم وأمنا حواء.. ودفعتهم لمعصية الرب ..ǃ

-أنا..؟ مرة آخرى أنا السبب..؟ ههه..إنك تضحكني حقاً يا آدم..أود أنّ أسألك.. ألم ينبه الله مخلوقه الطيني آدم ورفيقته حواء بالا يقربا مَنْ الشجرة..فلماذا اقتربا منها ؟ ̋    (المصدر السابق)

يذهب النص إلى أن إبليس قدم الاغراء لآدم وحواء ، لكن لماذا لم يتبعا أمر خالقهما بعدم الاقتراب؟ (إبليس) معصيته أمام الخالق بسبب الغرور؟ ومعصية (آدم) بسبب الشهوة، وبين الشهوة والغرور ثمة من يقدم الاعتذار للخالق ، ومن يرفض الاعتذار ، فـ (آدم) قدم الاعتذار بإزاء الخالق وعلى الرغم من هذا الاعتذار بقي في الأرض ، و(إبليس) لم يقدم أي اعتذار فغروره و نرجسيته لا تسمح بذلك ، فالبنية السردية إذاً شكلت تناصاً مع الفكر القرآني ؛ بغية النقد ، فضلاً عن النقد المعلن باتجاه (حواء) بأنها رفيقة (آدم)، وهذا تحريف للنص الأصلي ؛ لأنها ليست رفيقة بل من ضلع آدم.

نجد في النص أن قضية إبليس تُعيد الزمن إلى الوراء ، وهي قضية قديمة حديثة ، فـ (إشكالية إبليس وتبعياتها معروفة ) ، ولا حاجة لسردها ، ويعمد النص إلى الربط بين التاريخ والأديان القديمة ؛ لأن ̏ الإنسان الأول عاش حقبةً طويلةً من الزمن ، قبل أن يعرف ما هو من ممارسات في الدين ، ولم تكن اللغة تساعده بعد على أن يوضح لنفسه غوامض هذا الكون ̋  وادي،1994، 175) ؛ لأن ̏ اللغة مركبة في صورة قاموس ولن تعرض إلا المدلول الحرفي “).(المصدر السابق)

الجميع يحتاجني كرمز للشر ، ليسيروا لأنفسهم كل الأشياء المحرمة دينياً ̋(شاوي، 24)

يأتي النص  جملة متكاملة المعنى ومفهومة ، فالروائي جعل من (ابليس) سلاحاً بيد كل من يعلن الخروج عن الممنوع ، بحجة (إبليس) ، وكأنه يسعى للقول: بأن الإنسان يوظف إبليس قناعاً ، إذ  توظيفه أداة استعمالية – وهذا ما يهدف النص إلى إيصال فكرته- وهو اشبه بالجملة التي ̏  تكون دوماً ناجزة ، بل هي بالضبط هذه الجملة المنجزة عينها  ̋    (بارت،192،29 )

وجاءت بعض النصوص السردية بصيغة مباشرة ومعلنة من دون تورية ، فـ (إبليس) داخل الرواية يوجه كلامه بصيغة مباشرة لـ (آدم) ، إذ يقول:

̏ لا تعذب نفسك كثيراً ..كل شيء في هذه الحياة قائم على المقايضة.. على البيع والشراء..لاشيء من دون مقابل.. كل شيء له ثمن.. حتى دخول الفردوس يجب أن تدفع ثمنه..أماالجحيم فبواباته مفتوحة على مصراعيهاللجميع..الدخول مجاني..̋   (شاوي،26)

فـ (لا) شكلت بداية الهرم النصي في هذا المتن السردي ، وعن طريقها يبدأ النص بتوظيف عملية المترادفات ، والسبب والمسبب ، والغاية والهدف ، فـ (تعذب) فعل مضارع دال على الاستمرارية ، يسعى الروائي عن طريقه إلى شحن شخصية (إبليس) وتوظيفها بأن تأخذ دور النصح والإرشاد ، ويوجه كلامه القصدي باتجاه (آدم) معلناً الغواية له،وكأنه يسعى و يقول له..إيمانك بالخالق ، لا يقدم إليك سوى العناء مع دفع الثمن ، على حين يكون إيمانك بي – إبليس – إيماناً مجانياً ، وبين الثمن والمجانية أُهيئ لك الأخيرة المجانية -النار- ؛ لأن أبوابها مفتوحة ، وهذه الخروق المعلنة للقاص (برهان)  أجد أن جميعها -الخروق- صدرت عن وعي كاتبها ، فالنص القرآني كان ضمن فكرة (آدم وإبليس) بنصوص دينية واضحة ، لكن التأويل الذي وظفه الروائي يسعى عن طريقه إلى نقد الإفكار الدينية بصورة معلنة ، وما توظيف (إبليس) إلا تورية ينقل عن طريقها فكره وأبعاده الوجودية.

(ايفا سمث)شعرت بخيانة صديقتها(حواء الدمشقية) لها، ومصاحبة صديقها،” -أنت مطالبة امامي بتفسير لما يجري ، لماذا طلبتي مني المجيء؟ كيف حملت؟ ومتى جرى ذلك؟ ومن هو فارسك الجديد؟ الذي حملت منه يعيش في باريس ؟ كيف هذا؟ من هو إذا لم يكن آدم المفتي؟ كيف حدث هذا في باريس؟ جرى هذا من دون أن تخبريني ؟ من دون أن اعلم؟ ”   (شاوي،75) .

لتكون الأجابة : ” جسدي نهم ، لايشبع ، ولا يرتوي من اللذة” (26) ؛ لأنها تفسر الحب  على وفق فهما وتحليلها الخاص:”يمكن للمرأة أن تحب رجلين في آن واحد ، رجل منهما كزوج ، وآخر كعشيق… كانت علاقتي مع آدم المفتي هي اشبه بالعلاقة الزوجية ، بينما علاقتي بآدم سانتشو ماريا زاباتو علاقة العشيق. كنت احبهما كلاهما . كل منمها له ضرورة وجودية في حياتي. كيف افسر لك ذلك(شاوي،46)

وجسدت الخيانة درجة عالية في الرواية عندما عمدت(ايفا سمث)” اخذت اعطيه مالاً ، بل صرت احياناً آخذ من حبيبي آدم المفتي مالاً بحجة حاجتي لشراء بعض الأشياء ، ثم اضعها

تحت وسادته بعد أن يرويني لذة ، ويروي رحمي من مائه”  (شاوي ، 64).

ومن ثم تتحول إلى ” جارية لهذا الفتى الوسيم” (29) ، ” التقيته ذات مساء لأمارس معه في شتى الزوايا والمنعطفات الخالية التي تنتشر في باتريس ، ولم أكتشف الأمر إلا في دمشق”  ( شاوي،130) .

نقد السياسة ” لست مثل تلك النساء اللاتي تكون مكاتبهن .أو مكاتب مسؤوليهن مكاناً لممارسة الجنس المستور”(31) ، ” لقد نجحنا في أن نمسك بالسلطة من جديد، لكن بمسميات اخرى، وكما في القاعدة الشرعية: الضرورات تبيح المحظورات”(32)،” التفجيرات من صنع الحكومة والايرانين، لادخل لأي طرف من تنظيماتنا “(33) ،” سيدي .بالنسبة لأوامرك مساء امس ، عمليتنا انجزت بنجاح ، لكننا لم نستطيع سوى اختطاف ثلاث نساء، وحاولنا مع اثنتين اخريتين لكنهما قاومتا وبدأتا بالصراخ فأطلقنا عليهن الرصاص .النساء المختطفات موجودات في الشركة”( م.ن، 134).

” السلطة والتلذذ بمشاعر الهيمنة التي يمنحها الكرسي تدفعهم لإرؤاقة الدماء ، وسحق المبادىْ.. من اجل الاجحتفاظ بهذا الكرسي ؛ لذا اعتقد أن الشهوات جحيم ، لاشيء مضمون ، ومحقق من افعال الإنسان سوى الألم(م.ن)

” عاشرت حبيبي معاشرة المتزوجين قبل أن نعقد أو نتزوج رسمياً، وبقينا لسنوات على تلك الحال”(م.ن،121)

الهوامش:

  • ايكو ، امبرتو(2005)، السيميائية وفلسفة اللغة ، ترجمة أحمد الصمعي ، المنظمة العربية للترجمة ، بيروت – لبنان ، ط1 ، : 133.
  • بارت، رولان (1992)، لذة النص ، ، ترجمة د. منذر عياشي ، دار لوسوي ، مركز الإنماء الحضاري ، باريس ، ط1 ،: 52.
  • ينظر: ديدرا، جاك(2013) ،استراتيجية تفكيك الميتافيزيقا “حول الجامعة والسلطة والعنف والعقل والجنون والاختلاف و الترجمة واللغة “، ترجمة وتقديم د.عز الدين الخطابي ، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء-المغرب: 181 .
  • دريدا، جاك(2008)، في علم الكتابة ، ترجمة وتقديم أنور مغيث ومنى طلبة ، المركز القومي للترجمة ، القاهرة، ط2  : 284 – 189 .
  • سلامة، موسى ، نظرية التطور وأصل الإنسان ، كلمات عربية للترجمة والنشر ، القاهرة، د.ط، د.ت: 205
  • شاوي، برهان(2014)، الدار العربية للعلوم-ناشرون ، بيروت-لبنان ، ط1 :39.
  • فرويد، سيغموند (1983)،الطوطم والتابو ، ترجمة بوعلي ياسين ، مراجعة محمود كبيسو ، دار الحوار للنشر والتوزيع ، سوريا ، ط1  : 43
  • ينظر:فوكو،ميشال(1990)، إرادة المعرفة ، ميشال فوكو ، ترجمة جورج ابي صالح ، ترجمة ومراجعة وتقديم مطاع صفدي ، مركز الإنماء القومي ، بيروت – لبنان : 36 .
  • العربية ، مجمع اللغة (1983)،المعجم الفلسفي، الهيئة العامة لشؤون المطابع الاميرية، القاهرة ،د.ط، :36.
  • كايرا، روجيه(2010)، الإنسان و المقدس ، ترجمة سميرة ريش ، المنظمة العربية للترجمة ، مركز دراسات الوحدة ، بيروت ، ط1 :42.
  • لا لاند ، اندري(2001)، ، تعريب خليل أحمد خليل، اشراف احمد عويدات، بيروت-لبنان، ط2 :259.
  • وادي، طه(1994)دراسات في نقد الرواية ، دار المعارف، القاهرة، ط3،: 175.
  • ياسين ، بو علي (1978)، الثالوث المحرم ” دراسات في الدين والجنس والصراع الطبقي ” ، دار الطليعة ، بيروت – لبنان، ط2،: 102.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *