أ .د. مها ناجي حسين

            استاذ التاريخ الحديث والمعاصر، جامعة بغداد،كلية التربية للبنات،

         قسم التاريخ، العراق

mahanaji@coeduw.uobaghdada.edu.iq

009647901152553

الملخص

على الرغم من أن الاهتمام السوفيتي ووجوده في المنطقة العربية قد جاء متأخراً الى الحد الملاحظ له، بل والملاحظ عليه بحسب أعراف السياسة الدولية، الا إن للأصدقاء السوفيت -كما كان يحلو للبعض من ساسة دول المنطقة حينذاك أن يشير اليهم عرفاناً، لهم أسبابهم التي حملتهم على ذلك .فالمنطقة العربية عموماً ،كانت بحق محل اهتمام من تتصدر المواقف في السياسة الدولية من الدول الغربية، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة التي استحوذت الى الحد المعلوم على مفاصل العديد من امور دول المنطقة، لاسيما تلك التي رأت في هذه الدول السند لها في قيامها ووجودها اولاً، وثانياًهي الملجأ لها اذا ماجًد جًدُ.

والواقع ان اهتمام الغرب بالمنطقة العربية مرده لما تزخر به العديد من دول المنطقة من خيرات وثروات اختصت بها دون غيرها من الدول، وبذلك صار لدول العالم الغربي من يوجه اهتمامه صوبها، وأن يُوليها جُل ًإهتمامه في سياساتهم الخارجية  بل وقد احرزت قصب السبق في ذلك ولنا في هذا المضمار أسباباً أخرى قد افصحنا عنها في حينها.

لكن هذا الغياب السوفيتي الذي طال امده، لم يعد أمره ممكنا” وقائماً بعد الان، خاصة بعد أن عرفت المنطقة العربية الكثير من التطورات السياسية منذ طلع الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وما أعقب ذلك من أحداث المت بالمنطقة كان لابد لها وان تترك اثرها على مختلف الصعد : المحلية , والاقليمية، والدولية، الأمر الذي اوجد للمنطقة مساراً اخر غير الذي اعتادت عليه طيلة عقود خلت من تاريخها السياسي على وجه الخصوص. ومن هنا والحالة هذه كان حقيق على القطب السوفيتي بعد أن أصبح الأمر حقيقية وواقعاً، اسماً ومسمى، من ان تطأ قدمه أرض المنطقة. فظروف المنطقة ابان الحقب التي نتحدث عنها هي غيرها التي كانت عليها زمن الحقب التي سبقت قيام الحرب العالمية الثانية، وبذلك وجد الرفاق السوفيت – كما كان يطلق على القادة السوفيت من قبل البعض من قادة دول المنطقة – ان الفرصة سانحة والاجواء مهيأة لما يرمون اليه من اهداف قد غابت عنهم  طويلاً، وليكونوا بذلك خصما” قوياً ومنافساً بل ونداً عنيداً لمن كانت له الغلبة على دول المنطقة، وبذلك فقد حصل للمنطقة العربية ماحصل، وصار للسوفيت نفوذ وموطئ قدم في العالم العربي لاينازعهم علية منازع.

فالمال السوفيتي، والسلاح السوفيتي ، والدعم السوفيتي في المحافل الدولية لمريديهم ومن كان السبب وراء دخولهم المنطقة، كل هذا وغيره مما لايتسع المجال هنا لذكره قد اسس وبوضوح لستراتيجية سوفيتية في المنطقة العربية لاتزال بصائر معالمها دالة عليها حتى الامس القريب، ولاندري- وليس ببعيد- فقد يعيد التاريخ نفسه، وحينها يكون لكل حادث ستراتيجيتة الخاصة به التي قد تتواءم أو تختلف عما كانت علية الستراتيجية السوفيتية في الوطن العربي إبان الفترة موضوع البحث

 

Soviet strategy in the Arab world after World War II

Prof. Dr. Maha Naji Hussein

Professor of Modern and Contemporary History, University of Baghdad, College of Education for Girls,

History Department, Iraq

 

Abstract

Although the Soviet interest and its presence in the Arab region came late to the extent noted for it and even observed according to the norms of international politics, the Soviet friends, as some of the region’s politicians at the time liked to refer to them in gratitude, have the reasons that made them do that.

The Arab region, in general, was rightly the focus of Western countries at the forefront of international politics, led by the United States of America, which seized the joints of many countries in the region, especially those that saw in these countries the support for their establishment and existence first and secondly as their refuge during serious circumstances.

The interest of the West in the Arab region is due to the riches and wealth in which many countries of the region are endowed rather than other countries. There are other reasons that we have disclosed at the time.

 But this prolonged Soviet absence is no longer possible and exists longer, especially after the Arab region witnessed many political developments in the early fifties and sixties of the last century, and the subsequent events that took place in the region had to leave their impact on various levels: local, regional and international affairs, which created a path for the region other than the one it was accustomed to for decades in its political history in particular.

المقدمة

لاريب أن كل دولة من دول العالم اليوم تتمنى بحق لو أن بمقدورها أن ترسم لنفسها خارطتها السياسية الخاصة بها، والمستقلة في عمومها على أقل تقدير، لتنفرد بها عما هو معمول به في غيرها من الدول ، سواء تلك التي في محيطها الاقليمي أو الدولي.

لكن مع هذه الإرادة الخيرة في التميز في هذا الإتجاه التي قد تحرص عليها كل دولة مهما كان شأنها، صغُر أم كبرُ، فان واقع الحال يحتم على ساسة هذه الدولة، سواء أكان ذلك وفق مشيئتهم أو رغم ارادتهم، أن لايغفلوا عما هو سائد في عصرهم،أوماهو متعارف عليه بين إدارات الدول الأخرى ممن لاينكرون عليهم توجهاتهم هذه. فالجميع اليوم ينظرون إلى بعضهم البعض وفق ماتمليه عليهم طبيعة المرحلة التي يحيونها، وماتقتضيه هذه المرحلة من علاقات، أنى تكون، ومتى تكون، وكيفما تكون، وبمعنى أدق ماتفرضه متطلبات التعامل مع الآخرين، وماهي مبادئ منطلقها، وعلى أي أساس تكون، كحسن الجوار على سبيل المثال ،أو لحاجة في نفس تلك الدولة لأمرما، أولمصلحة آنية ظرفية، أولأمر بعيد ان كان ذلك قي الامكان، أوعلى العكس من ذلك كله… إلى غير ذلك من أمور تشكل في معظمها المعايير فيما ترمي اليه هذه الدولة في كل توجهاتها وتطلعاتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وهكذا، فان ماأتيت على ايضاحه آنفاً من ثوابت – مشهود لها في عالم تحكمه المتغيرات -هي من تتحكم في مسار العلاقات الدولية في عالم لايعرف الثبات على شيء في كل منحى.

ولما كان الإتحاد السوفيتي في أعقاب الحرب العالمية الثانية قد أضحى عملاق الكتلة الشرقية وقُطب رحاها .

ولما كان الوطن العربي يزخر بالكثير من الثروات التي تهفو اليها معظم دول العالم وبخاصة تلك التي هي بأمس الحاجة اليها.

لذا كان من الطبيعي، وطبقاً للحالات الثلاث انفه الذكر، من ثوابت في العلاقات الدولية، وعظمة الإتحاد السوفيتي والمكانة التي أصبح عليها بين دول العالم، ثم ماأختص به وطننا العربي من خصائص ترنو إليها الابصار، وتتوق اليها النفوس.كل هذا وغيره كان المدعاة للاتحاد السوفيتي من ان يخرج من عزلته التي فرضها على نفسه إبان فترة العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي وقد كان محقا” فيما رسم لنفسه من سياسات إبان تلك المدة قد فرضتها عليه مقتضيات المرحلة مما سنتبينه لاحقا” في صفحات هذا البحث، وان يوجه اهتمامه من جديد، الذي قد تأخر كثيرا” لاسباب سنتطرق اليها في حينها، صوب المحيط العربي، خاصة وأن الكثير من دول هذا المحيط كانت لها الرغبة في التقرب من السوفيت، والعمل على توثيق العلاقة معهم ولها في  ذلك دواعيها الخاصة بكل واحدة منها.

ولعل من أبرز ذلك والأهم، ماكان يسود العالم الغربي من سياسات معادية للبعض من الدول العربية ممن لاتسير في فلك تلك السياسات، ولنا في الولايات المتحدة وسياساتها المعادية لكل دولة عربية لاتنصاع لها ،

خير مثال نسوقه هنا، الأمر الذي كان السبب وراء توجه هذا البعض من الدول صوب الكتلة السوفيتية والتي رأت فيها معينها الدائم في  تجسيد أهدافها وغاياتها.

ومن هنا فأن رؤى السوفيت في ولوج المنطقة وفق سياسات تنسجم وماهو سائد انذاك، ثم ان حاجة البعض من دول المنطقة لوجود قوة تدعمها في تطلعاتها الثورية والتحررية الجديدة على المنطقة، ومنافسة للقوة التي تناصبها العداء قد عَجًلُ في دخول السوفيت للمنطقة، فالمصالح تتصالح في عالم السياسة ، خاصة وان ماكانت تٌلوح به الدولة السوفيتية من شعارات، كالمساواة، والعدالة، والتحرر من السيطرة الاجنبية، والانعتاق… إلى غير ذلك مما تمخضت عنه ثورة اكتوبر البلشفية الاشتراكية، قد حتم على الدولة السوفيتيه في عصرها الجديد، ان تكون الانموذج والاسوة لمن يريد ان يقتدي بها ويسير على نهجها، بل وهو الأهم، ان تمد يدها إلى من اقبل عليها طالبا” عونها ومساعدتها والامل يحدوه في ان تقف هذه الدولة إلى جانبه لتجسيد كل ماكان يطمح اليه في بلاده بعيدا” عن السطوة الاجنبية وتدخلاتها في شؤون بلدان المنطقة.

وهكذا كان مما كان له أثره المحسوس والملموس في تغير ملامح وجه المنطقة العربية في حينها ولحقب تالية لها وفي اكثر من منحى.

وعليه ففي عالم اضحى يتميز بالاعتمادية الدولية والتغيير السريع ، ماعادت اية دولة تستطيع اعتماد اتجاة سياسي خارجي ينبني على العزلة، هذا فضلا” عن تجاهل غيرها من الدول،لاسيما تلك المؤثرة فيها اقليميا” وعالمياً. ذلك ان تجاهل عموم الخارطة السياسية الدولية وتفاعلاتها وتأثيراتها المباشرة والغير مباشرة ،بالاضافة الى انه خطا” فادح يرتب مجموعة نتائج تؤثر سلبا” في تطلع كل دولة على الامن والرفاهية لاسيما وان الامن الدولي كان لاسباب متعددة يتميز بالقلق وعدم الاستقرار.

وكطرف اساس في النظام السياسي الدولي المعاصر انطلق الاتحاد السوفيتي (عبد الملك، 1988، 147) في تعاملة الخارجي مع الدول لاسيما الدول العربية خلال استراتيجية متوسطة المدى ذات اهداف  تتميز بالثبات النسبي وتكتيك واقعي يتغير وفقاً للامكانات الداخلية والظروف السياسية الخارجية كون الدولة السوفيتة كالدولة الامريكية مؤسسة هدف وليست مؤسسة سلطة.

ويتقابل ما تقدم مع حقيقة ان الوطن العربي صار بسبب من الخصائص التي يتميز بها(هادي،1990 ،48 ،57) من اهم المناطق الاستراتيجية في العالم واكثرها اتصالا” بالمناطق الحيوية المؤثرة واهمها القوتين العظميين(الشلبي، 1981، 56) التي اخذت تتنافس وتتصارع علية (الرمضاني،1986 ،85 -86 ).

ولاشك في ان الثورة البلشفية سنة 1917(لوسياح، بدون تاريخ ،20-34) هي احدى اللحظات التاريخية التي شهدتها بداية القرن العشرين، فقد فجرت هذة الثورة طاقات هائلة وخلقت صراعات سياسية حضارية ظلت قائمة ومؤثرة في مجمل الفكر والسلوك الدوليين.

لقد تشكل العالم المعاصر مع قيام الثورة البلشقية واقامة اول دولة عمالية في العالم تطمح الى بناء حضارة اشتراكية بديلة عن الحضارة الراسمالية المهيمنة على العالم، ومنذ ذلك الوقت والعالم شهد عددا” من الثورات التحررية (عبد الله ،1989 ،22 ).

ومن الصعوبة احياناً الحديث عن الاهداف السياسية السوفيتية في الوطن العربي من دون التعرف على خلفيات تلك السياسة ازائه في الفترة السابقة للحرب العالمية الثانية، حيث ان التعرف على خلفيات تلك السياسة في فترة العشرينات والثلاثينات يساعد في الواقع على تفهم اهداف السياسة السوفيتية في الوطن العربي في الفترة اللاحقة لتلك الحرب (الطالب،1982 ،103 ).

وثمة اتفاق عام بين الدارسين لسياسات (الشرق الاوسط) (نجم،2004،2-3) بأن هذه المنطقة لم تتمتع بأولوية بارزة في خطط ومشاريع السياسة الخارجية السوفيتية قبل الخمسينات من القرن الماضي، فأهتمامات الاتحاد السوفيتي انحصرت هي الاخرى في دائرة محددة من المصالح.

وعلى الرغم من ان ثورة اكتوبر (تشرين الاول) الاشتراكية سنة 1917 احدثت عدداً من التحولات الجذرية البعيدة المدى في مضمون السياسات الخارجية السوفيتية الجديدة، الا أن محور التركيز الجغرافي في سياسات الاتحاد السوفيتي الشرق اوسطية بقي على حالة دون تغيير (مقلد، 1986،24 -23)

ان اول خطوة قامت بها الحكومة السوفيتة في الشرق الاوسط كانت في العشرين من تشرين الثاني عام 1917 بنشر نداء موجة الى جميع العمال المسلمين في روسيا والشرق الاوسط لتأييد الثورة الروسية.

واعلنت الحكومة السوفيتية في هذا النداء الغاء كافة الاتفاقات السرية المبرمة بين روسيا القيصرية ودول الحلفاء على اقتسام تركيا وايران، واعلنت في بيانها في هذا الصدد بأن(القسطنطينية يجب ان تبقى في ايدي المسلمين …) الاانها لم تتبع هذا النداء بخطوات عملية، (لاكور، 1959 ،37 -38)،حيث كانت المشكلة الاساسية للاتحاد السوفيتي في هذة المرحلة هي ان يكفل لنفسة البقاء والوجود. وقد شهدت هذة المرحلة جهداً نسبياً في الشرق الاوسط في حدود الامكانات المتاحة (احمد،1988 ،80 -81).

اضف الى ذلك فقد انصب اهتمام السياسة السوفيتية في تلك الفترة على تحريض الشعب العربي واذكاء مشاعر العداء للاستعمار الغربي، حيث اتضح ذلك من خلال النداءات التي كان يصدرها (الكومنترن)( صالح ،عبد الكريم. بدون تاريخ ،156) الى الشعب العربي، وكذلك النداءات العديدة التي وجهها مؤتمر الشعوب الشرقية في باكو (جاسم ،1980 ،16 -17) ، عام 1921 (نجم ،5).

لقد ركز النظام السوفيتي الجديد على عنصرين تقليديين للسياسة الخارجية السوفيتية هما العزلة الدفاعية والتأكيد على ضرورة انجاز مستلزمات البناء والتقدم الداخلي كعنصر حتمي لتطور ثورة العالمية .

لقد كان ستالين( شنايدر، بلا تاريخ ،110 -178) من الدعاة المتحمسين لفكرة تطبيق الاشتراكية في بلد واحد، وكان دأبه يذهب الى ان تقوية الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي ستؤدي الى تقوية النظام الاشتراكي ككل ،وبذلك سيكون الاتحاد السوفيتي بمثابة المحور أو القاعدة الحصينة للقوى الاشتراكية والتحررية في العالم التي ستأخذ دورها في احتواء الرأسمالية والقضاء عليها. وعلى هذا فأن السياسة السوفيتة خلال تلك الفترة اكدت على الاعتبارات ذات الافق العالمي وركزت على بناء الاشتراكية وتدعيمها داخل البـلاد السوفيتيـة (المياح،1980 ،20 -21)، اضافة الى تدعيم قوة النظام السوفيتي واستعادة المناطق التي كانت تعود الى روسيا قبل قيام الثورة، وخلق صعوبات للقوى الاستعمارية وخاصة بريطانيا للحيلولة دون قيامها بمحاربة النظام السوفيتي الجديد (الطالب،103 )، مع التركيز على تبرير سياسات الاتحاد السوفيتي والانضواء تحته بأعتبار ان ذلك التأييد المطلق كان يعزز قواه كقاعدة للثورة الاشتراكية العالمية (مقلد ،26 ).

كما اعطى ستالين الاولوية للاقتصاد الوطني وتطوير اسلحته التقليدية والنووية، فكانت سياستة الخارجية لاتتحمل اي طابع توسعي يرمي الى تحقيق مكاسب ذات اطماع سياسية ذاتية، وهذا يعني ان السوفيت في تلك المرحلة من تاريخهم كانوا لا يرون داعياً لوجود نفوذ أو امتياز لشعب على حساب شعب أخر، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ،لم تحبذ الدولة السوفيتية الجديدة اتباع سياسة توسعية انذاك، لان اتباع مثل تلك السياسة سوف يوقعها في تناقض كبير بسبب ماطرحته من شعارات (نجم،6).

واما بالنسبة للعالم الثالث (علي،1998، 23 ) فقد ذهب ستالين الى الاعتقاد بأن لاوجود لعالم ثالث يمكن ان يؤدي دورا” مستقلا” في السياسة الدولية، وكان نتيجة لتلك النظرة لم يبذل ستالين اي جهود للدعم او التقارب مع حركات التحرر في العالم الثالث لانه لم يعترف اصلا” بوجود ذلك العالم (عبد المجيد،1985  ،155)، كما فسر السياسات الداعية للحياد باعتبارها سياسات مخادعة ومضللة ذلك ان عدم الانضمام للمعسكر الشيوعي لايعني الا الانحياز للمعسكر الغربي(هادي،45 -46 )، ومما دفع ستالين الى ذلك الاعتقاد هو ان الاستقلال الذي حققته  بعض الدول الاسيوية والافريقية بعد الحرب العالمية الثانية لم يكن استقلالاً حقيقياً، لان الكتلة الغربية كانت باعتقادة تمارس سيطرتها السياسية والاقتصادية على تلك الاقطار، اضافة الى اقتصادياتها لم تكن بمستوى يؤهلها لان تكون مستقلة فعلاً، ومن هنا اعتقد ستالين ان تلك الدول لم يكن  بمستطاعها اتباع سياسة مستقلة في السياسة الدولية (فهمي ،1990 ،198)، ولم يكن الاستقلال السياسي ليستكمل مقوماته ومضمونة الحقيقي الا بالقضاء على قادة تلك الدول عن طريق حركات وطنية يتولى الشيوعيون زعامتها،(الطالب،200 ).

ويغدو بالامكان القول انه وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية لم تكن المنطقة العربية محط تركيز قوى في مشاريع السياسة الخارجية السوفيتة وذلك لاكثر من سبب:

فالاتحاد السوفيتي لم يمتلك أي قاعدة للتأثير المذهبي في تلك المنطقة، كما لم توجد اية روابط ثقافية اوتاريخية مشتركة يمكن ان تشده اليها وتثير تعاطفه معها او تعاطفها معه، من ناحية اخرى فأن خضوع المنطقة العربية للسيطرة الاستعمارية المباشرة للغرب اغلق جميع المنافذ امامه مما جعله عاجزاً عن اختراق ذلك الحصار الحديدي المضروب حول حركته فيها، وفوق هذا وذاك فأن علاقات التحالف العسكري مع الغرب اثناء الحرب الاخيرة قد ابرزت تصميمها المستمر على الدفاع عن مصالحها في الشرق الاوسط مهما كلفها ذلك من مخاطر وتضحيات .

على الجانب الاخر فأن الحركات القومية المناهضة للوجود الاستعماري في المنطقة العربية تحولت بأتجاة التركيز اساساً على قواها وامكاناتها الذاتية اكثر مما سعت الى الاستعانه بدعم بعض القوى الخارجية لها كالاتحاد السوفيتي أوغيره من القوى الكبرى (المرسي، بدون تاريخ، 69)،كان يقابل ذلك النظرة السوفتيتة الى الحكومات العربية والتي وصفتها بأنها برجوازية ورجعية وعميلة للاستعمار،(مقلد ،27-28)، وانها تتصف بالتخلف الاقتصادي والاجتماعي وهي تمثل ممالك أقطاعية وثيقة الارتباط بالاستعمار الغربي وبالتالي فأن تلك الاقطار معادية للديمقراطية والافكار الاشتراكية، وهو وضع لايسمح بالتوغل ايدولوجيا” على وفق القناعات السوفيتية (جاسم ،58) خاصة وان نظرة الحكومة السوفيتية تجاه  الافكار الدينية والقومية في الشرق الاوسط كانت سلبية، فقد عدًت الاسلام دينا” رجعياً (المياح، 21 )، ويبقى السبب الاخير وهو ان الاتحاد السوفيتي كان مشغولا”بأعاده ترتيب نفسة بعد الحرب وتعزيز تواجده داخل حزام الامن الاستراتيجي الجديد المحيط به، وكان قوامه مجموعة دول اوربا الشرقية التي تحولت كلها باتجاة (الماركسية )(عزيز، 1959 ،42-43 )، وارتبطت مع السوفيت بمواثيق امن مشترك وبرباط قوي من الالتزامات السياسية والعسكرية، وبالتالي فأنه لم يكن ثمة مبرر يجعل الاتحاد السوفيتي يقحم نفسة في نزاع ضد الغرب حول سياسات الاخير في المنطقة العربية لان مثل ذلك النزاع كان لابد وان يثقل كاهلة ويصرفة عن متابعة اهدافة الامنية الاكثر الحاحاً في اوربا وهومالم يكن مهيئاً له بحكم الظروف الصعبة التي كان يمر بها في تلك المرحلة الحرجة من تاريخة بل من تاريخ العالم كلة (شحيل، 14).

ان عدم اكثراث السياسة السوفيتية بمشاكل الوطن العربي الداخلية لم يكن يعني في الوقت ذاته عدم وجود اهتمام سوفيتي بالوطن العربي من الناحية الاستراتيجية، بيد ان ذلك الاهتمام لم يكن يصل الى مستوى السياسة النشطة والهادفة والبعد الاسترتيجي الطويل الاجل ( مقلد،27-28).

وترتيبا” على ماسبق يمكننا القول ان السياسة السوفيتية في العشرينات والثلاثينات والاربعينيات من القرن الماضي سعت بالدرجة الاساس الى مقاومة واضعاف النفوذ الاستعماري الغربي ( الطالب 104 -105 ).

وفي السنوات السابقة للحرب العالمية الثانية وما بعدها بقليل انصب الاهتمام السوفيتي انذاك على دول اوربا الشرقية لتأمين الحدود الغربية للاتحاد السوفيتي التي تعد من اطول الحدود واخطرها بالأضافة الى المناطق المجاورة له كتركيا وايران ( شحيل،17 ).

وفي النهاية لابد من القول ان الايدولوجية الماركسية – اللينينية قد أفادت الوطن العربي، فأدعاء القادة السوفيت باستمرار بأن انماطهم السلوكية مستوحاة من المبادئ الماركسية -اللينينية الرامية الى مساعدة حركات التحرر ومناهضة الاستعمار والوقوف بوجه القوى الغربية لتدعيم اسس السلام والامن، حتم عليهم اتباع انماط سلوكية تتضمن تقديم الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري. ولاجدال في ان العديد من الاقطار العربية استفادت وخاصه بعد الحرب العالمية الثانية من المساعدات السوفيتية لاغراض البناء الداخلي والاستعداد العسكري مستقبلاً ( الطالب ،98 (

الهــــــــوامــــــــــــــــــــش

  • لقد قامت دولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية في 20 كانون الاول عام 1922 (أ)، ويشغل الاتحاد السوفيتي مساحة شاسعة من الارض تمتد من الناحية الفلكية 170درجة طولاً واكثر من 45  درجة عرضاً من شمال فلندة غرباً الى سواحل المحيط الهادي شرقاً، وهذة مساحة بلغت نحو(5، (22 مليون كم مربع اي مايعادل حوالي 8,595,978، ميلا مربعاً (ب)، وتمثل هذة المساحة النصف الشرقي من اوربا والثلث الشمالي من اسيا وهو يمتد من بولونيا غرباً الى المحيط الهادي شرقاً ومن البحر الاسود والصين جنوباً الى المحيط المنجمد شمالاً .وهذة الامبراطورية المترامية الاطراف تبلغ ثلاثة اميال مساحة الولايات المتحدة الامريكية (ج)، اي سبع مساحة الارض علاوه على ان الاتحاد السوفيتي تمتع بقوة اقتصادية عالية استمدها من المساحة الواسعة التي شغلها في العالم، واحتوى على الموارد الطبعية الضرورية اللازمة لبنائه الاقتصادي مثل حقول الفحم ،النفط ،الحديد، وعد اقتصاده ثاني اقتصاد في العالم .(د)

أ‌-  عبد الملك، انور،1988) )، تحرك الاتحاد السوفيتي المستقبلي -الاركان والمحاور ، مجلة السياسة الدولية،القاهرة، العدد،94،147.

ب‌- المياح،علي محمد، 1998) ) ، السياسة الروسية والموقع الجغرافي العربي، مجلة الحكمة، بغداد، بلا عدد،26 .

ج- غالي، بطرس بطرس، (( 1962، السياسات الخارجية للدول الكبرى، المجلة المصرية للعلوم السياسية، القاهرة،العدد  18، 31،

د‌-  محمد، سوسن اسماعيل، (2001)، العلاقات الامريكية الروسية 1991 -2000، اطروحة دكتوراة غير منشورة ،كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد ،12.

وللمزيد من التفاصيل حول موقع الاتحاد السوفيتي ينظر : خصباك، جعفر حسين ،(1956)، روسيا السوفيتية والشرق الاوسط ،مطبعة وزارة المعارف، بغداد، 1-4 .

  • يعد الوطن العربي من المناطق الستراتيجية الهامة في العالم، وتأتي اهميتة من ثرائه بالموارد الاقتصادية وخاصة مادة البترول، بالاضافة الى امتلاكة موقع على قدر عالي من الاهمية، فهو يربط قارات العالم الخمس مشكلاً حلقة وصل رئيسية وهامة في دائرة المواصلات برًا وبحرًا وجوًا مكوناً واسطة هامة بالنسبة لحركة التجارة الدولية خاصة وان الوطن العربي يدخل ضمن النطاق الاستراتيجي الذي يطلق علية ممر الازمات، فأصبح الوطن العربي بسبب موقعة وثروته وتاريخة ذا اهمية حيوية تركت ظلالها على مستقبل العلاقات الدولية، في ضوء تلك المقومات الجيو ستراتيجية التي يتصف بها .ينظر : هادي، جعفر عبود ،(1990 )، سياسة اعادة البناء السوفيتية وانعكاساتها على الوطن العربي، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد 48 -57 . وللمزيد من التفاصيل ينظر : السامرائي، خليل حسين، (1988 )، تطور الاسترايجية الاستعمارية في المنطقة العربية، مجلة المؤرخون العرب تصدر عن الامانة العامة لاتحاد المؤرخين العرب ، بغداد، العدد ،20  – 21  .
  • أول من استخدم عبارة (super power ) هو الكاتب (ولرفوكس –   (  williarr  foxوحدد معناها بانها القوى العظمى التي يمكن ان تحرك قواها على اي مسرح ستراتيجي، وهو الوضع الذي يميزها عن قوى كبرى تنحصر مصالحها وتقوم في مسرح منطقة واحدة.

ينظر : الشلبي، السيد امين ،(1981)، الوفاق الامريكية السوفيتي 1963 -1976، الهيئة المصرية للكتاب ،القاهرة ،56.

  • الرمضاني، مازن حسين، (1986 )، العرب والاتحاد السوفيتي، المجلة العربية للعلوم السياسية ، تصدر عن الجمعية العربية للعلوم السياسية، بغداد ،العدد 1،86 -85.

5- رزخت روسيا  تحت وطأة الحكم الملكي المستبد طوال القرن التاسع عشر، وقد وجه لينين يوم 28ايلول عام  1917الى اللجنة المركزية لحزب البولشفيك طلباً يقترح فيه الشروع بالعصيان والتمرد على هذا الشكل : تقوم مفارز ثورية بتوقيف الحكومة والاستيلاء على السلطة، ولم تنل دعوتة اي دعم . وفي 10 تشرين الاول 1917 قررت اللجنة المركزية تهيئة جيش مسلح وشكلت لجنة عسكرية ثورية قرب بتروغراد . وفي 23 تشرين الاول عام 1917 اعلنت اللجنة المركزية للحزب البدء بالتمرد وقد تم ايقاف وزراء الحكومة واعلنت اللجنة العسكرية الثورية  تسلمها السلطة والتي سلمتها بدورها الى مؤتمر السوفيت الثاني الذي اجتمع مساء تشرين الاول وكان يتألف من (650 ) مندوبا” يمثلون(400) مجلس محلي . اصدر المؤتمر الثاني للسوفيت قراراً باستلامة ألسلطة ونقل السلطة المحلية الى مجالس سوفيت النواب والعمال والفلاحين وقرر تشكيل حكومة مؤقتة من العمال والفلاحين تقوم بالحكم حتى قيام الجمعية التأسيسية في كانون الثاني عام 1918 . وقد قامت الحكومة البلشقية خلال السنوات الاولى من الثورة الى :

–        اتخاذ اجراءات شديدة المواجهة للمعارضة وسميت هذة الفترة بفترة الارهاب الاحمر وتأسست دائرة لمكافحة الثورة المضادة .

–        كانت الحكومة  تقوم بتعبئة العمال والفلاحين وتنظيمهم في نقابات وحثهم على العمل لاجل انتاج المواد الغذائية والبضائع الاستهلاكية الضرورية .

–        انهت الحكومة البلشفية اتفاقياتها مع الاحزاب المعارضة بصورة تدريجية .

–        عام 1918 وضعت الحكومة دستور الاتحاد السوفيتي الذي نص على وجود المجلس السوفيتي الاعلى الذي ينتخب لجنة مركزية والتي بدورها تنتخب الوزراء من بين اعضائها لتاليف مجلس الوزراء.

ينظر: لوسياح، ميشيل، دون تاريخ، النظم السياسية في الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية ،ترجمة شفيق الرزاق، خليفة العزاوي ،بلا مكان طبع،20 -34، وينظر كذلك : صالح ،محمد محمد، عبد الكريم، ياسين واخرون، دون تاريخ، الدول الكبرى بين الحربين العالميتين ، بغداد،155 . للتفاصيل عن الثورة البلشفية ينظر :

-Fredrik A.Praeger ,(1960), Ahistory of Soviet Russia, anslated by peter,Annette Jacobsohn, usA,495.

–        معهد الماركسية اللينينية ،(1957 )، اربعون عاما” على الثورة الاشتراكية العظمى، دار الفارابي، دمشق،80 -81 .

6-  عبد الله، عبد الخالق ،(1989 )، العالم المعاصر والصراعات الدولية ،المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب الكويت، 22.

ينظر كذلك:

Robert C.Tucker,(1972),the soviet political mind-Stalinism and post stalin change,London, 252-235

7-  الطالب، مظفر نذير،(1982)، السياسة الخارجية السوفيتية في الوطن العربي 1953 -1967، رسالة ماجستير في العلوم السياسية غير منشورة ، كلية القانون والسياسة، جامعة بغداد، 103.

8- ان مصطلح الشرق الاوسط بالنسبة للمؤرخين والجغرافيين والسياسيين السوفيت يعني المنطقة الممتدة جنوب الاتحاد السوفيتي الى حدود تشاد واثيوبيا في افريقيا وباكستان في اسيا واليونان وبلغاريا في اوربا. وتميل الادبيات الروسية الى ضم ايران وافغانستان ايضاً الى منطقة الشرق الاوسط ، وعد تركيا دولة شرق اوسطية واوربية اما الخارجية السوفيتية فتحدد الشرق الاوسط بالمنطقة التي تشمل كلا” من سوريا ولبنان وفلسطين والاردن ومصر و(اسرائيل)، ومن ثم فهي تستبعد كلاً من منطقتي الخليج العربي وشمال افريقيا من مفهومها للشرق الاوسط.

وعلى الرغم من ان لمفهوم الشرق الاوسط تعريفات عديدة والتي هي نتيجة طبيعية لاختلاف الاراء حول تحديد نطاقه، فأن الضرورة العلمية تقتضي منا تحديد نطاق الدول التي يشملها مفهوم الشرق الاوسط والتي يمكن ان نحددها بدول العالم العربي وايران وتركيا وافغانستان و(اسرائيل) .ينظر: نجم، نجيب عبد المجيد ،(2004)، سياسة روسيا الاتحادية تجاه الوطن العربي، اطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية العلوم السياسية ،الجامعة المستنصرية، 3-2-.

وينظر كذلك: شحيل، احمد حسين،(2000)، السياسة الخارجية الروسية تجاه منطقة الشرق الاوسط، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد،.12 -6

9-  مقلد، اسماعيل صبري ،(1986)،الصراع الامريكي – السوفيتي حول الشرق الاوسط- الابعاد الاقليمية والدولية، منشورات ذات السلاسل، الكويت،    24-23وينظر كذلك:

Aaron S.KLieman,(1270),Soviet Russia  and The middle East, usA,27-28.

10- لاكور، والتر،(1959)، الاتحاد السوفيتي والشرق الاوسط، ترجمة لجنة من الاساتذة الجامعيين، منشورات المكتب التجاري للطباعة  والنشر، بيروت،38-37  .

11- احمد، احمد يوسف واخرون، (1988)،العلاقات العربية السوفيتية، مجلة المستقبل العربي ،مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، العدد،110 81-80 ينظر كذلك:

Adolph  L .Braham,(1965), Soviet politics  and government A reader ,Newyork,466.

12- الكومنترن  Comintern هو الرابطة الدولية للاحزاب الشيوعية: تأسس عام 1919 على يد لينين في موسكو على انقاض الاممية الثانية التي كانت سائدة عامي 1914-1889، وكانت الاممية الثالثة جزء” لا يتجزأ من الحركة البلشفيه التي غايتها القيام بالثورة العمالية, وتقوم الحكومة السوفيتية بتقديم جميع المساعدات اللازمة لهذة الغاية لتحطيم البرجوازية، لان الحكومة السوفيتية كانت تعتبر نفسها في حرب مع الحكومات البرجوازية في جميع انحاء العالم  .ويدير الكومنترن بين ادوار انعقاد مؤتمراتة لجنة تنفذية مركزية كانت الهيمنة فيها دائما” للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي، ولما كان الغرض من هذة المنظمة الدولية هو توجية حركات النشاط الشيوعي في جميع الدول الشيوعية كان وجودها الزم مايكون في اوقات الخلاف الحاصل بين هذة الدول .وليس من المستغرب ان تقل الحاجة اليها في اوقات المهادنة والتعاون مع تلك الدول ينظر صالح ، محمد محمد، واخرون ،المصدر السابق وينظر كذلك الاسكندري بك،عمر،(1951)، الشيوعية على حقيقتها، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة،169 -170 .

  • اثرت الاوضاع والظروف الخاصة التي احاطت بالثورة البلشفية في ايامها الاولى والسنين التي تلت بشكل كبير على مساعدات النظام الجديد لاقطار العالم الاخرى وبالاخص المنطقة العربية، ولكنها نجحت في تشكيل (اتحاد تحرير الشرق) في تشرين الاول عام 1918 الذي مهد بدوره لعقد مؤتمر باكو. ويمكن اعتبار انعقاد هذا المؤتمر والنداءات التي اصدرها الى فلاحي العراق وسوريا والجزيرة العربية، والثورة على الانكليز والفرنسيين بداية توجه الاممية الشيوعية الى اقطار الوطن العربي لتكوين احزاب ترتبط بالاممية وتلتزم بقرارتها وتنفذ تعليماتها وتعمل كفروع تابعة لها تتقيد بشروطها وقرارتها وتوصيات مؤتمراتها. ولقد بذل البلاشفة جهودا” كبيرة ونشاطا” خاصا” في الاعداد لهذا المؤتمر واعتقدوا بأنه سيثير العالم الاسلامي ضد الغرب.

ولقد كتُب عن تأثيرات هذا المؤتمر على شعوب الشرق والاقطار العربية بشكل مبالغ فية الى حد ما. ويتأكد هذا من خلال الرجوع الى نسبة العرب المشاركين فية القليلة، والتي اختلف المؤرخون والباحثون في تثبيت عددهم الصحيح.

كما ان الدوائر والاوساط السوفيتية نفسها لم تشر بعد المؤتمر وباهتمام جدي الى هذا الموضوع، حيث لم تورد دوائر المعارف السوفيتية وطبعاتها المختلفة،(الكبرى والصغرى ودائرة المعارف السوفيتية الفلسفية)، مكاناً للمؤتمر في صفحاتها، ولوكان المؤتمر على قدر من الاهمية التاريخية لاحتل مكاناً مهما ُوبارزاً في المؤلفات السابقة.

أن قراءة القائمة الرسمية للقوميات التي اشتركت في المؤتمر تؤكد الاعتقاد بأن انعقاد المؤتمر كان نتيجة لمستلزمات ومتطلبات السياسة السوفيتية، فهو في الواقع مؤتمر عقدته الشعوب المؤلفة للاتحاد السوفيتي لاجل الدفاع عن شعوب الشرق التي لم تترك الاشتراكاً رمزياً ينظر : جاسم,عبد المناف شكر،(1980)، العلاقات العراقية السوفيتية من عام 1944 حتى 8 شباط 1963، ط2 ، بغداد،16-17.

14-  نجم، نجيب عبد المجيد ،المصدر السابق،5-6.

15- ولد ستالين عام 1879 ,وقد اشترك في الحرب الروسية الاهلية واستطاع ان يقفز في الحزب البلشفي الى قمته. وقد نشأ صراع عنيف من اجل السلطة بين ستالين وتروتسكي بعد وفاة لينين عام 1924، وقد دافع ستالين عن سياستة الاشتراكية في قطر واحد، في حين طالب تروتسكي بثورة عالمية مستمرة . وقد انتصر ستالين في هذة المعركة السياسية، ولتدعيم مركزة وسلطتة فقد انتهج سياسة خالية من الرأفه فأقصى وابعد كل خصم ، فقد نفى تروسكي الذي اغتيل بعد ذلك في المكسيك عام 1940، ويرجع الفضل لستالين في تحويل الاتحاد السوفيتي الى اكبر قطر صناعي في العالم .

 

وقد اتهم خروشوف (1958 -1964 ) ستالين بفضائح عظمى منها على سبيل المثال لا الحصر الطغيان والبطش وارتكاب الجرائم وخرق شرعية القانون وتزوير التاريخ والتعالى والغطرسة على الجماهير الكادحة . ينظر: شنايدر ,لويس .ل ,دون تاريخ ,العالم العربي في القرن العشرين ,ترجمة سعيد عبود السامرائي .بلا.م،6

ينظر كذلك :فهمي ,شياع اسماعيل (2004) الموقف السوفيتي من القضية الفلسطينية 1947- 1967 ،رسالة ماجستير غير منشورة ,معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا ,104

وللمزيد عن حياة ستالين ينظر:

-Walter lafeber,(1972) America, Russia and the cold war 1945 -1971, Second Edition, New York,186-178

D .R. mclaurin ,(1975),the middle East in soviet policy,usA,6-8.-

16- المياح ,علي محمد واخرون (  (1980,العرب والقوى العظمى – العرب وروسيا ,بيت الحكمة ,بغداد،21-20

17- الطالب ,مظفر نذير ,المصدر السابق ،6 ينظر كذلك

-George lenzowsk .(1974) ,soviet Advances in the middle East,second printing, USA ,55-56.

18-  مقلد,اسماعيل صبري ,المصدر السابق .

19- نجم ,نجيب عبد المجيد ,المصدر السابق ينظر كذلك:

  John C.campbell, (1978),the soviet union in  the middle East,the middle East Journal , USA, vol.32.No.1, winter,5-6

20-  علي, سلام محمد,(1998) الصراع الامريكي السوفيتي على مصر 1953 -1970, اطروحة دكتوراة غير منشورة,معهد التاريخ والتراث العلمي للدراسات العليا،23، ينظر كذلك :شتولت, اسطفان,(1964 ), عقود في تاريخ السياسة الخارجية السوفيتية , مجلة الشؤون السوفيتية معهد دراسات الشؤون السوفيتية أميونخ,العدد 10, 21  -22 .

21- حصلت مجموعة كبيرة من الدول المستعمرة في افريقيا واسيا على استقلالها تباعا”, وقد سميت هذة الدول ومعها دول امريكا اللاتينية التي استقلت قبل ذلك بالعالم الثالث ,وكان العالم الفرنسي (الفريد سوين) اول من استخدم مصطلح (العالم الثالث) عام 1956 للتمييز بين مجموعة هذه الدول وبين العالم الاول أي الغرب الرأسمالي الذي تميز النمو الاقتصادي فيه بالبطئ الشديد وبالظاهرة الاستعمارية، والعالم الثاني اي الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية التي انتهجت نظاما” يقوم على الملكية العامة لادوات الانتاج.

ويضم العالم الثالث بهذا المعنى قطاعا” ضخما” من القارة الاسيوية ومعظم قارتي افريقيا وامريكا اللاتينية ، اي اكثر من ثلثي دول العالم و بعد اكتساب هذه الدول لعضوية الامم المتحدة اصبح للعالم الثالث اغلبية الاصوات في التنظيم السياسي الدولي .ينظر: عبد المجيد ،وحيد (1985 )،العالم الثالث بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، مجلة السياسة الدولية،القاهرة ،العدد 80 .155

22-  هادي ،جعفر عبود ، المصدر السابق،  56-45. ينظر كذلك:

          George lenzowski ,op.cit,57-58.

 23-  فهمي ،عبد القادر (( 1990 ، الصراع الدولي وانعكاساته على الصراعات الاقليمية، مكتب ديوان العلوم ،بغداد.198

24-  الطالب ، مظفر نذير ، المصدر السابق، 100 ، ينظر كذلك :

  Aaron S.KLiemam,op.cit.33-34

25-  المرسي، فؤاد ، دون تاريخ ، العلاقات المصرية – السوفيتية 1943 -1956 ، دار الطباعة الحديثة ،القاهرة،  69 ، ينظر كذلك:

John C.CAMPbell,op.cit.169.

26- مقلد، اسماعيل صبري ، المصدر السابق ،28-27

27- جاسم ،عبد المناف شكر ،المصدر السابق ،.ينظر كذلك:

Andlph   l.Braham,op.cit,468

28-  المياح ,علي محمد , واخرون المصدر السابق، 21 .

29- نسبة الى كارل ماركس (1818 -1883 ) امام الشيوعيين الذي مزج افكار الاقتصاديين الكلاسيكيين بأفكاره ليخرج بفلسفه جديدة اصبحت اساسا” للاتجاة الشيوعي وتقوم نظريته على اساس فكرة التعاون كونة تجربة اشتراكية ادت الى الاتجاة نحو تكوين نظام انتاجي واسع على اسس جديدة . ومن مبادى الماركسية:

أ‌- انها عمالية فلا مصلحة الامصلحة العمال.

ب‌-        الماركسية ترى السبب الاساس في اختلال المجتمع هو تركز الاموال في ايدي قليلة ، ولهذا فهي ترى انه لابد من الغاءالملكية الخاصة ولاسيما في وسائل الانتاج ووضع وسائل الانتاج في يد المجتمع وتكون ملكيتها للأمة.

ج – تؤمن الماركسية بالمادية التاريخية فالمادة في نظرها هي الحقيقة الوحيدة في الوجود، اما الامور العقلية فماهي الانعكاس للمادة.

د- الميل الى توسيع وظائف السلطات العامة كأجراء انتقالي.

ينظر ،عزيز،محمد،(1959 )، مبادئ الاقتصاد الحديث,مطبعة المعارف ،بغداد ، 42-43 .

ولمزيد من التفاصيل عن اهم التغييرات التي حدثت على النظرية الماركسية زمن لينين وستالين وخروشوف بعد امتداد التجربة السوفيتية وتوالي بعض المشاكل الناجمة عن التطبيق وعن الظروف الدولية التي احاطت بهذة التجربة التي قأمت على التكيف مع الواقع الجديد حتى وان بدى مخالفاً للنظرية بشرط ان لايكون هناك تجاوز على الهدف العام من التجربة الاشتراكية. ينظر : عيسى ،عبدالعال،(1995 )، انهيار الاتحاد السوفيتي الاسباب والنتائج، رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية العلوم السياسية ، جامعة بغداد،65- 83 .

30- شحيل ، احمد حسين، المصدر السابق ، 14 .  ينظر كذلك:

                                   George Lenczowski,po.cit.59

31- مقلد، اسماعيل صبري، المصدر السابق، 27 -28 .ينظر كذذلك”:

Ernst,B.Haa,(1959),Dynamics   of international Relations, New York ,199

32- الطالب، مظفر نذير، المصدر السابق،104 – 105 .

33- شحيل، احمد حسين ، المصدر السابق، 17 .ينظر كذلك:

   Andloph  l. Braham, op. cit 469

34- الطالب، مظفر نذير، المصدر السابق،98.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *