حسين ثامر بداي

باحث – دكتوراه

جامعة لياج وأكاديمية الفنون الجميلة- بلجيكا

جامعة ابن طفيل- كلية اللغات والآداب والفنون

القنيطرة- المغرب

hussein.bedday@gmail.com

0032489937088

الافتتاحية

محفظة نقوش، أوتوديكس، البلاد العربية. تنقل، معرض، حرب.

الملخص:

يعرض متحف “Péronne” التاريخي في فرنسا، يعرض “محفظة الحرب” للفنان الألماني أوتوديكسOtto Dix بشكل دائم.

– ما هي الروابط بين الفن والحرب؟¨

– لماذا مطبوعات “دير كريج” قابلة للتجوال؟

– ماهو الهدف من المعرض المتنقل وتنقل معرض نقوش الحرب إلى بعض البلدان العربية؟

– ماهي الرسالة التي تحملها أعمال نقوش الحرب للفنان أوتوديكس، من خلال تجوالها في البلدان العربية؟

– لماذا هذه الحفريات الكرافيكية الى الآن وخلال هذه الفترة تعرض امام عيونه وتحتفظ بنفس الأهمية والاهتمام والتأثير؟.

ابتكر “أوتوديكس” المطبوعات من رسوماته الحربية، والتي بدأها على شكل بطاقات بريدية مرسومة في قلب الخنادق، أثناء الحرب العالمية الأولى، وبالتالي فإن النقوش هي أعمال تم إنشاؤها كامتداد مباشر للرسومات الأولى. لذلك هناك عدة”مراحل من النضج” في إنشائها.

في عشرينيات القرن الماضي تم طباعة سلسلة نقوش الحرب بواسطة فن “الجرافيك“بتقنية الحامض (eau forte) ونجد في هذه النقوش الكرافيكية، تعبير عن غضب جيل دمرته ودفنته الحرب.

لم تكن هذه الأعمال بمثابة وقفات احتجاجية فقط، إنها نوع من الإدانة والتعبير والتوثيق.

لا يظهر” أوتوديكس” في هذه المحفظة أي مظهر من مظاهر النصر أو التمجيد للحرب، ولم يظهر في تخطيطاته أو نقوشه فيما بعد، رفاقه المقاتلين وشركائه السابقين في الحرب، على انهم فرحين او بقامات مرفوعة، بل نقل لنا صور الموت والدمار والجروح والخراب الظاهري منه والداخلي، حيث الضحايا والخراب في كل الأشياء المرسومة. بعيدًا عن تمجيد البطولة، فهو يستنكر الوحشية والدمار.

من المثير للاهتمام أن نتتبع اعمال فنية لفنان شارك في الحرب العالمية الأولى وتنقلت نقوشه الفنية (محفظة نقوش الحرب) الى مجموعة من البلدان العربية.

أهداف البحث

يهدف البحث إلى دراسة الفن كفعل إنساني مشترك بين الفنان والمتلقي. سيتم تقسيم هذه العلاقة بين معارض “الحرب” موضوع الدراسة، في الدول العربية وبين الجمهور على اختلاف مستوياتهم وثقافاتهم الى محاور موضوعية، ومن الجدير بالاهتمام في هذه الدراسة، هو ومعرفة علاقتنا كعرب بما يدور حولنا، او بالأدق علاقتنا بالعالم ثقافياً، وعلاقة العالم بنا.

  • كشف الأهداف الفكرية والفنية في المعرض المتنقل في الدول العربية، وأسبابها، وأهدافها، وامكانيات تحققها، والتي بدأت من: 2004 الى 2019 في دول المغرب العربي وفي بعض دول الشرق الأوسط.
  • تحديد الية تأثير الحروب على الفن التشكيلي ومعرفة ما هي الروابط بين الفن والحرب.
  • تسليط الضوء على البلدان العربية ثقافيا واندماجها الفني والفكري، والاجتماعي.
  • نقل رسالة سلام عالمية من خلال الفن وجمهور الفن، وباقي المجتمع.

أهمية البحث

  • التعريف بقيمة رسالة التبادل الثقافي.
  • ترسيخ مفهوم الفن كفعل إنساني مشترك بين الفنان والمتلقي و(المجتمع).
  • التعريف بشكل واضح وصريح بما تخلفه الحرب وماتصنعه من ويلات ودمار، مما يشجع المجتمعات على أن يكون لها صوت عالٍ ومعبر في نبذ وشجب ورفض التصادم والتناحر.
  • نقل رسالة سلام عالمية من خلال الفن وجمهور الفن، وباقي المجتمعات.

منهجية البحث

المنهج المتبع في هذه الدراسة هو المنهج الوصفي والمنهج التحليلي حيث اتبعنا الاستقصاء الاستبيان والمقابلات.

 

Art and war

Otto Dix engraving wallet in the Arab Countries

Condemnation

or documentation and its impact on society

Hussein Thamer Bedday

Researcher – Ph.D

University of Liège and Academy of Fine Arts – Belgium

Ibn Tofail University – Faculty of Languages, Literatures and Arts

Kenitra – Morocco

 

Editorial

Portfolio of engravings by the artist Otto Dix in Arab countries, exhibit them and transfer them from one country to another.

Summary

The Historical Museum of Péronne in France permanently exhibits the war portfolio of the German artist Otto Dix.

What are the links between art and war?¨

Why are Deer Craig publications travelling?

– What is the purpose of the travelling exhibition and the transfer of the War Patterns exhibition to certain Arab countries?

– What is the message conveyed by the works of the war inscriptions of the artist Otto Dix, through their tours in the Arab countries?

– Why are these graphic excavations exhibited before his eyes so far and during this period, and do they retain the same importance, interest and influence?

Otto Dix created prints from his war drawings, which he began as postcards drawn in the trenches, during World War I, so the prints are works created as direct extensions of the early drawings. There are therefore several “stages of maturity” in its creation.

In the 1920s a series of wartime inscriptions were printed using etching graphic art the war.

These actions were not just protests, they were a kind of condemnation, expression and documentation.

Otto Dix does not show in this portfolio any aspect of victory or glorification of war, nor did he show in his later plans or engravings, his fellow soldiers and former partners in war, as happy or with high stature, but he conveyed to us images of death, destruction, wounds, and seeming ruin From him and from within, where the sacrifices and neglect of all things were drawn. Far from glorifying heroism, he deplores brutality and destruction.

It is interesting to trace the works of an artist who participated in the First World War and whose artistic prints (portfolio of war prints) were transferred to a group of Arab countries.

Research Objectives

The research aims to study art as a common human act between the artist and the public. This relationship between “war” exhibitions, the object of the study, in Arab countries and between audiences at different levels and cultures will be divided into objective axes. It is important to pay attention to this study and to know our relationship as Arabs with what is happening around us, or more precisely our relationship to the world culturally, and the relationship of the world to us.

  • Reveal the intellectual and artistic goals of the travelling exhibition in the Arab countries, and their reasons, objectives and possibilities to achieve them, which started from 2004 to 2019 in the Maghreb countries and some Middle Eastern countries.
  • Determine the mechanism of the impact of wars on plastic art and discover what are the links between art and war.
  • Enlighten the Arab countries on the cultural level and their artistic, intellectual and social integration.
  • Transmitting a global message of peace through art, the art public and the rest of society.

The importance of research

Presentation of the value of the cultural exchange message.

Establish the concept of art as a common human act between the artist, recipient and (society).

Clearly and explicitly define what war leaves behind and what it does to blight and destroy, which encourages societies to have a strong and expressive voice to reject, denounce and reject collision and rivalry.

Conveying a global message of peace through art, art audiences and other communities.

Research Methodology

The approach used in this study is the descriptive approach and the analytical approach, as we followed the survey, the questionnaire and the interviews.

 

مقدمة

قد يكون من الشائع عن الفنون هو تراجعها في أوقات الحروب، بينما تؤكد الأحداث والوقائع أن الفن التشكيلي على نمو ونضج، خلال أزمات الحروب، وفي تلك الأوقات، حيث ترتفع دافعية الفنان للتعبير عن نفسه، وعن ما يحيط به من متغيرات، وهذا ما يدفعه للبحث عن طرق جديدة للمقاومة والمجابهة أو الارشفة عن طريق الفن.

حول تأثير الحرب على الفن التشكيلي تؤكد الدراسات والمراجع تكشف تأثير الحروب على حركة الفن التشكيلي، وإن إختلفت المعطيات بإختلاف العصر. وفي العصور القديمة كانت الحروب تصنع دافعية لدى بعض من الفنانين من خلال أطروحات دعائية  تمجد الحرب وتكرس للانتصارات الحربية. أما في هذه الدراسة فإننا نتناول موضوع مغاير تماما، وهو كيف للفنان أن يكون مجابهاً ورافضاً للواقع، والطريقة والأسلوب الذي يجسد فيه الدمار في أعماله الفنية وينكل بالحرب أمام السلطات والقمع المتزايد؟

ومع تغيّر الأوضاع في العالم الحديث وخاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتزايد انتشار الخراب في العالم تغيرت قناعات الفنان التشكيلي بالحروب ولم تعد هناك نفس المساهمة التي كانت أثناء الحرب وقبلها.

بعد الحرب العالمية، تراجع ما يعرف بفن الدولة، أو حشد الفن من أجل ترسيخ مفاهيم دعائية سياسية، بحيث أصبح التعبير عن الحرب يتم من خلال فكر الفنان ونتاجه الفني بحيث لم يعد عليه نفس التأثير.

وهنا نجد، أنه من المثير للاهتمام، البحث والتقصي عن المعرض المتنقل في البلدان العربية. وهي:

( لبنان / 2004، الأردن – العراق /2004، مصر/2005، تونس /2005، الجزائر/2019،  المغرب /2019)

تحت عنوان “الحرب”، “DerKrieg”  للفنان الألماني ” أوتوديكس” ( 1891- 1969) “OttoDix”

تحت رعاية ومتابعة “معهد جوته” (Goethe Institut) لللغاتوالتبادل الثقافي.

و”معهد ايفا” للعلاقات الخارجية  (Institut FürAuslandsbeziehungenifa). وهو المالك لمجموعة معرض الجرافيك الجوال، ذات التسلسل (21 من سلسلة 70 محفظة كل واحدة تضم 50 نقش) والذي بدأ من (2004 الى 2019) في دولالمغرب العربي وفي بعض دول الشرق الأوسط.

يتم التركيز إلى محتوى المعرض والية العروض والكيفية وكذلك الجهات الداعمة والمتبنية لمتابعة العروض، ومن ثم التدقيق والمتابعة عن الغايات والأهداف للعرض الفني المتنقل بين هذه الدول العربية التي أقيم فيها معرض نقوش الحرب، مع إجراء الاستبيانات، والاستطلاعات، والمقابلات والحوارات،  وكذلك التمعن، والمتابعة، والتساؤل، عن جغرافية العروض مع مراعاة الجوانب الفنية، و التاريخية، والجيوسياسية. حيث أن التفاعل بين مكان العرض ومحتوى المعرض مهم من حيث التداخل فنيا وفكريا، لذلك سنتبع طريقة الاستقصاء، والإحصاء، في طرح الأسئلة والبحث عن الإجابات من خلال الاستبيان والاستجواب.

وهل استلهم أو تأثر الفنان ” أوتوديكس”  بكتاب ” كريك ديم كريك / Krieg dem Krieg” وتعني”الحرب ضد الحرب” الصادر في عام 1924 ل “ارنست فريدريش / ErnstFridrich بصور هذا الكتاب؟ وكيف أنه جسد الكثير منها في مجموعة، محفظة نقوش الحرب “ الجرافيك” مجال البحث، تسلسل محفظة نقوش “الحرب” جرافيك والمتكونة من 50 عمل بقياسات تتراوح بين (15 × 30 سم).

الأمر ذو الأهمية أيضا في سلسلة هذه النقوش، هو البطاقات البريدية التي رسمها الفنان أثناء الحرب العالمية الأولى، وهو في خنادق الحرب وعددها 600 بطاقة، وهذه البطاقات عبارة عن تخطيطات بقياسات صغيرة قام بتخطيطها ورسمها عن الحرب وأهوالها أثناء خدمته العسكرية وهو في الملاجئ، والتي جسد قسم كبير منها كنقوش على المعدن وأعاد طباعتها بأحبار الجرافيك من خلال تقنية الأحماض

“ الاسيد” وهي مادة كيميائية تستخدم في هذا الغرض.

 

تمهيد

تم طباعة سلسلة نقوش الحرب بواسطة فن “ الجرافيك“  بتقنية الحامض (الأسيد) (eau forte) في عشرينيات القرن الماضي ونجد في هذه النقوش الكرافيكية، تعبير عن غضب جيل دمرته ودفنته الحرب. لكن من الجدير الاشارة الى ان هذه الاعمال الفنية التعبيرية التي يمكن تحديد موقعها تاريخيًا، تصرح بكل وضوح على وجود حرب عند مشاهدتها، حتى لو أننا احتملنا وفرضنا أنه لا يوجد دليل أو شروحات للمعرض، والأعمال المعروضة فيه، فأن هذه الأعمال المعروضة تصرح وتتكلم بلغة الحرب. لم تكن هذه النقوش بمثابة وقفات احتجاجية، إنها نوع من الإدانة والتعبير والتوثيق ومتابعة ومراقبة الجرحى والموتى في جميع الحروب، في الماضي والحاضر والقادم. لا أحد  يستطيع أن يدعي، أن يضع حدًا لها، إنما على الأقل لتقييد مثل هذه الأحداث بواسطة الفن، التي أصبحت نوعًا من الثوابت الأنثروبولوجية.

لا يُظهرالفنان ” أوتوديكس” في هذه المحفظة، أي مظهر من مظاهر النصر أو التمجيد للحرب، ولم يجعل في تخطيطات البطاقات البريدية أو نقوش محفظة الحرب، رفاقه المقاتلين وشركائه السابقين في الحرب، على انهم فرحين او بقامات مرفوعة، بل نقل لنا صور الموت والدمار والجروح والخراب الظاهري منه والداخلي، حيث الضحايا والخراب في كل الأشياء المرسومة. بعيدًا عن تمجيد البطولة، فهو يستنكر الوحشية والدمار. لن يتوقف الفنان أبدًا عن الشهادة على آثار الحرب على الإنسان والطبيعة والتراث. لقد فصلته السلطات النازية في عام 1933 من منصبه كأستاذ في أكاديمية دريسدن، ورأى قسم من أعماله تم تدميرها جزئيًا. ثم نُفي إلى سويسرا عام 1935.

متحف تاريخ الحرب في “بيرون”- فرنسا“Historial de Péronne”

محفظة نقوش الحرب “Der Krieg”

لان نسخة من نسخ محفظة نقوش الحرب البالغ عددها  (70) نسخة موجودة في متحف من متاحف فرنسا تحت التسلسل (36) ولانها تخص الدراسة التي نحن بصددها، قررنا زيارة المتحف المخصص لتاريخ الحرب العظمى في بيرون/ فرنسا. للاطلاع على إحدى النسخ الأصلية من الأعمال التي تنقلت النسخة ذات التسلسل المرقم (21) إلى بعض قاعات العرض الفني في قسم من الدول العربية، أن اللوحات كانت معروضة في المتحف واحدة تلو الأخرى، حسب تسلسلها في المحفظة، كانت هذه واحدة من السلسلة الأصلية، وهي مكونة من (50) مطبوعة Der Krieg “دير كريك”. تكشف هذه المطبوعات الحالات المروعة للتاريخ اليومي البغيض أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث تنبثق موضوعات تدمير وتشويه المباني وتشويه وتمزيق جسم الإنسان وروحه، هناك، حيث قاتل ” أوتوديكس” الفنان، في مناطق الحرب التي تنقل خلالها بين فرنسا وبلجيكا وروسيا. فمن المسارات المتوازية والتي من المهم التدقيق فيها ومتابعتها، هي: ردة الفعل والصدمة التي تخلفها هذه النقوش الفنية، علاوة على ذلك، عنصر الدهشة الفنية والإنسانية، والاهم من ذلك كله هو: الرسالة التي تحملها هذه الاعمال، وماذا يستنتج المتلقي والمشاهد منها؟.

لماذا لاتزال هذه الأعمال وإلى الآن ولحد هذه الفترة بين يدي المشاهد؟ وبإمكانه أن يذهب لمشاهدتها وكذلك يمكن أن تذهب هي إليه؟. المشاعر التي يتم استدعاؤها، هي تلك التي تتناسب مع الموقف حيث يتم التعامل مع الحرب ليس كظاهرة سياسية، ولكن كظاهرة ثقافية، وفي مواجهة الحرب، لا يتعلق الأمر باللعب بالسياسة، بل بمناشدة ثقافات السلام من خلال الفن لإيقاف الدمار بكل اشكاله.

 

رابط المتحف

historyial.fr/france3-regions.francetvinfo.

ما هي الروابط بين الفن والحرب؟ وحسب مفهوم علم الجمال عند ” Alexander Gottlieb Baumgarten ” حيث يقول في كتابه “Aesthetics”

” الفن هو ان ارى العالم على نحو ما أنا عليه، لا على النحو الذي عليه العالم، والفنان هو من يمنحنا عيوناً نرى بها العالم.” وذلك كمكون فني، تشكيلي لما حدث ويحدث.

  • كيف يمكن استخدام الفن لطمر جروح وآثار وتأثير الحرب؟
  • ما هي العناصر التي كان من الممكن أن يكون لها تأثير ووزن عاطفي وفكري وثقافي لهذا المعرض المتنقل؟
  • ما هو مدى اختلاف التأثير عند المتلقي العربي على اختلاف الأماكن واختلاف الحالات المعاشة؟
  • كيف يتسنى للفنان أن يجعل من الفن بمثابة لغة عالمية يمكن ترجمتها دون وسائط تحليلية ويكون قادر على إدخال لغته الفنية لنفسه والى ذائقة المتلقي في خضم أحداث الحرب؟

أن البيئة الجيوسياسية تلعب دوراً هاماً. من حيث الاستقرار والوضع الأمني. وفي دور الفن وكيفية طرحه وحتى تسويقه فكريا.

  • لماذا تم اختيار هذه الدول الست من بين الدول العربية؟
  • ما هي العناصر التي تساهم فيها هذه الأعمال في إيصال الهدف الفني والاجتماعي ونجاحها في لمس مشاعره؟
  • ما هي المؤشرات والمؤثرات الثقافية التي تساهم بوصول الأعمال وعرضها على المجتمع في هذه البلدان العربية؟

والسؤال المركزي هو.

  • ما هي عناصر العمل التي تسبب “ردة الفعل” الفورية والتأثير المباشر او غير المباشر، من الأعمال الفنية إلى عاطفة وفكر المشاهد في الدول العربية المختلفة، في معرض “الحرب” نقوش “دير كريك”  للفنانأوتوديكس“ في البلدان العربية ؟

 

الفنان “أوتوديكس” والحرب

ولد ” أوتوديكس” عام 1891 في ” جيرا، تورينجيا”، في قلب ألمانيا الوسطى. هذه المدينة التي سكن فيها الأمراء ذات يوم، عاش حياة منعزلة بعيدة عن الأحداث الفكرية والسياسية في زمانه.

“لم يكن في أصل عائلة أوتوديكس وتربيته وجود فني. كان والديه حرفيين بسيطين للغاية. عمل والده كعامل في مسبك بينما كانت والدته تمتلك مواهب متواضعة في الرسم. أن مفهومه للحياة وحياته الداخلية وقيمه الأخلاقية لم تكن في الواقع من قيم البرجوازية؛ كما يشير إلى الثغرات الموجودة في ثقافته التي حددت المسار الذي سيتبعه والتي تنضم خطواته الأولى في عالم الفن.”

(PRAT Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis p 154.)

“يقدم المستقبليون الحرب على أنها تجربة مفيدة وهذه الفكرة منتشرة على نطاق واسع في الأوساط التعبيرية الألمانية. في مناخ النشوة هذا، جند ديكس في عام 1914 كمتطوع في الجيش. وأشاد بالحرب، مثل معظم معاصريه، كرمز لبداية جديدة وإمكانية لترك حقبة ماضية وبرجوازية، في البداية ذهب إلى المقدمة بإرادته ورغبته، أننا سنرى الحماس في صوره الذاتية.

شارك ديكس بنشاط في الحرب على الخطوط الأمامية… عاش بين أهوالها. غالبًا ما يتم تمجيد الحرب من خلال الفن لتمثيل الصراعات والاحتدامات رغم الخسارة واعتبارها هي النصر.

الطبيعة البشرية يمكن أن تجعل القتل والهمجية عملاً مجيدًا….. في حين أن ما ينتظر الجندي هو الموت وعدم الكشف عن هويته. الرسم هو الحقيقة. إنها تقدم الحرب كما هي بدون تدخل. يرى بعينيه وينقل بحواسه. بطريقة فنية معبرة، فهو مؤرخ فني في عصره.”

(PRAT Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis p 14.)

 

“يرى ديكس الحرب كظاهرة طبيعية وينظر إليها بموضوعية. يحرر نفسه من التوترات والمخاوف من خلال وصف انطباعاته عن الجبهة، والأهوال التي عاشها، والسعي ليعيش الحرب في أقرب وقت ممكن من الواقع، معربًا عن الانبهار الذي تمارسه عليه تجربة النار وتحول الأرض” (Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis، P124.)

يقول  “أوتوديكس” في عام 1946

“كنت أتسلل في أحلامي عبر الأنقاض، في الخنادق، كان علي أن أتخلص من كل شيء.

لم أرسم مشاهد الحرب لمنع الحرب. لم أكن لأطلق هذا الادعاء على الإطلاق، ، لقد رسمتها لدرء الحرب. كل الفن هو استحضار”.

(RD Sébastien (dir.)، CON Danièle (dir)، GISPERT Marie (ed.)، Germany، from Friedrich to Beckmann، Hazan p 370-373.)

 

هل أن الفنان كان يحاول من خلال رسوم “الحرب”  التي نحن بصددها، مساعدة نفسه أم مساعدة الآخرين؟ ام أراد أن يؤرشف الحرب؟  هل أنه أراد أن ينقل رسالة سلام؟

الفنان أوتوديكس كفان وكان من خلال تقنياته، يرسم الأشياء ويطرحها بدون الخوض في الجمالية، دون الرغبة في إرضاء المشاهد، حيث انه ترك جانبا قواعد وشرائع الجمال وخاصةً في الأعمال الخاصة ببحثنا، أنه يدرك كيف يربط بين المرئي والمحسوس، ويعبر عن الواقع ويدينه ومن خلاله فأنه يلتقطه كمصور. وسنتطرق لجانب من المؤثرات عليه كفنان.

 

1- تأثير التصوير

كان أوتوديكس فنانا واقعيًا، وكانت عيونه مثل عدسة الكاميرا. لديه الحركة الفورية من العين إلى اليد والتنفيذ. كان التصوير فنًا جديدًا قائم على قدم وساق، وكان التيار الذي عبره عند خروج الحرب هو تيار “الموضوعية الجديدة”.

تأثر به بشدة واستخدم صور الحرب لاستثمار الإلهام من الواقع الذي رسمه كما هو، وله قول: “القبيح يبقى قبيحًا جدًا دون تجميل أو تزيين”. يعد “أوتوديكس” من بين أصدقاء “إرنست فريدريش”،

وهو مناهض للعسكرية في ألمانيا في عشرينيات القرن الماضي، والذي نشر مجموعته عن صور الحرب عام 1924 ” كريج ديم كريج/ Krieg dem Krieg/ الحرب ضد الحرب”.

(Sébastien (dir.)، CON Danièle (dir)، GISPERT Marie (ed.)، Germany، from Friedrich to Beckman Hazan p 370-373.)

يمكن مقارنة جميع الصور في المجموعة بأعمال “دير كريك”. من ناحية أخرى، عند فحص الصور في مجموعة إرنست فريدريش، هناك تشابه في الأمثلة الموجودة أدناه. هناك عدة أشياء مؤكدة، وهي أن أساليبهم كانت متشابهة؛ كانوا جزءًا من نفس الانضباط الفني الجديد آنذاك (NeueZachelichheit / الموضوعية الجديدة)، الذي عرفاه وكانا كلاهما، ممثلين مهمين في القتال ضد الحرب ايضاً.

“كان ذلك في عام 1925. نجد في الصور الفوتوغرافية، نفس المكونات الموجودة في تلك التي ينفذها ديكس في نفس الوقت، أسلوب صارم وتأثير للمادة. بشكل منهجي تقريبًا….” (DAGEN Philippe (ed.), Le Silence des peintres, Paris, Fayard, 1996.)

2- تأثير الأدب

أخذ الفنان “ديكس” معه الى جبهة القتال، كتاب “العلم المرح”  للفيلسوف الالماني ” فريدرخ نيتشه”

NietzscheFröhlicheWilhelm؛LeGaiSavoir” ونجد أن الفنان “ديكس” تأثربالفيلسوف الألماني ” نيتشه” الذي ميز واقعيته بوضوح تام. عندما تطوع الفنان في “قوات الإمبراطورية الألمانية” آنذاك، شارك ديكس كمقاتل، بحماس كبير إلى حد ما في الحرب. بعدها اصيب بالصدمة منها والخيبة، وبعد اصابته في الرقبة عاد منها، ويشهد ” تصويرالذات كجندي” –

SelbstbildnisalsSoldat” للفنان “ارنست لودفيج كيرشنر – “ErnstLudwigKirchner” على موقف نيتشه الذي يضخم الحرب ويحث الإنسان على الانتفاض والتمرد ضد الحرب.

إن الاتصال برعب الجبهة سيجعله ينأى بنفسه بسرعة عن الوقوع التام في شراك الحرب.

يظل “OttoDix قريبًا من نيتشه  “Nietzsche في سعيه للكشف عن الجمال التقليدي. إنه لا يبحث عن حقيقة أبدية تختبئ وراء الحقيقة البشعة. ديكس رسام واقعي لا يسعى إلى إضفاء الطابع المثالي على مأساة الوجود أو الموت أو الطبيعة المدمرة للواقع، بل يهدف إلى إظهارها على فظاظتها وحقيقتها.

3- تأثير الحرب

من عام 1915 إلى عام 1918 ، احتفظ الفنان “أوتوديكس” بتسجيل الأحداث من خلال رسوماته وفي مذكراته وعلى البطاقات البريدية. في ساحة المعركة، حفظ الصور ورسمها؛ قام بتسجيل وتوصيل الشحنة العاطفية من خلال رسم الحدث أثناء المعركة. يقوم أوتوديكس بذلك من منطلق غريزة البقاء، مما يمنحه ميزة المضي قدمًا والإنتاج بأستمرار.

“كان علي أن أرى شخصًا ما يسقط بجانبي فجأة، ولا يقوم مرة أخرى، وقصف في المنتصف. كان هذا بالضبط ما كان عليَ تجربته. كنت أرغب في ذلك.… كان عليَ أن أراقب كل هذا بنفسي. يمكنك أن ترى أنني كنت أكثر واقعية، حيث كان عليَ أن أرى كل شيء بأم عيني لأشهد على أنه سار على ما يرام، على هذا النحو. هذا هو السبب في أنني تطوعت”(DAGEN Philippe (ed.), Le Silence des peintres, Paris, Fayard, 1996.)

قال هذا الكلام عن عمر يناهز 71 عامًا. لذلك كان جائعًا للتجارب ولروح المغامرة، ذهب ديكس إلى الجبهة. وسوف يستمر على التوالي حتى نهاية عام 1916 على الأقل -“في فلاندرز، في بولندا ثم في روسيا”. مثل المراسل، يحتفظ بدفتر يومياته على شكل رسومات.

حوالي 300 بطاقة من مجموع 600، يرسلها إلى  “هيلين جاكوب”. ابنة صديقه عندما كان في أكاديمية الفنون في المانيا، ان هذه البطاقات هي بمثابة سرد حقيقي للأحداث، التي تلخص في معظم الأوقات، ما حدث من خراب واعتداء، في الملاجئ والخنادق تحت الأرض. يعترف الفنان أوتوديكس قائلاً: “لقد شتتني أن أكون قادرًا على الرسم أثناء هذا العمل الرتيب الممل.”

(PRAT Jean-Louis (ed.) ، GRUBER Sabine (ed.) ، KARL- SCHMIDT Johann (ed.) ، Otto Dix Metropolis ، p.52-53.)

 

تماثل الأمثلة

فيما يلي بعض الأمثلة على تخطيطات ونقوش الحرب العالمية الأولى المرسلة كبطاقات بريدية من الخطوط الأمامية أثناء 1915 الى هيلين جاكوب. والتي توجد معظم أشكالها في نقوش مجموعة الحرب “دير كريج”. ومقاربة قسم منها.

التطور مرئي وظاهر، من حيث الأسلوب والمحتوى. على اليسار، على البطاقة البريدية، توجد أجزاء من الجسم، وأرجل فقط، ورؤوس وخوذات، بالإضافة إلى المزيد من الأشكال الهندسية. الحفرة تملأ الصورة كاملة. نشعر وكأننا يجب أن ننظر إلى قاع الحفرة. أما الأسلوب فهو أكثر تجريدية ويتأثر بالمستقبلية. كل شيء مثير للفضول والتمعن.

تظل البطاقة البريدية الوسطى مجردة، حيث تحل الأعشاب محل الجسد وهناك أيضًا رسومات تخطيطية للحفر. يمكن أن نرى الكثير من المثلثات، خطوط تبدأ من نقطة في اتجاهات مختلفة، لمحاكاة حركة الانفجار. تأخذ الأعشاب نفس نمط الحفر. يكون أسلوب النقش أكثر واقعية بتفاصيل أكثر. هناك عدد أقل من المثلثات. حول فوهة الحفرة، هناك المزيد من العشب وهناك الزهور. لقد انفتح المشهد. ثلث المساحة عبارة عن سماء، ولم يعد قاع الحفرة مرئيًا، بل يميل إلى الاندماج في المناظر الطبيعية.

photo:PRAT Jean-Louis (dir.), GRUBER Sabine (ed.), KARL- SCHMIDT Johann (ed.), Otto Dix Metropolis

 

” يتطابق تنوع العمل مع مجموعة متنوعة من الأنماط… بين القصف، يراقب ديكس جهاز التحصينات حيث تم تأريضها، وكذلك أخشاب الملاجئ، وأقفاص وشبكات الأسلاك الشائكة. أمامه، عبر الأسوار، يحدق في الغابات المدمرة، والأرض المليئة بالحفر المستديرة، وأنقاض المزارع، وجبل ريمس. اعتمادًا على الحالة، يرسم الطبوغرافيا أو كمهندس معماري. عندما يتسع مجال الرؤية ويتعمق، يلخص الخط عدم انتظام الأرض ويشكل الفحم المسحوق لفترة وجيزة …الخطوط المكسورة لتركيباته، ودواماتها الفوضوية، وميلها إلى التجريد يعكس على المادة الدمار الذي يحيط بها واستحالة استيعاب الحقائق كاملة. إنها أقل التفاصيل من الشكل الكبير والمبسط الذي يبحث عنه. علاوة على ذلك، على عكس سلسلة نقوش الحرب التي سينتجها بعد بضع سنوات، كل ما هو بغيض، كل ما يسبب الغثيان في هذه السلسلة من الرسومات. حيث يموت الرجال.”

(DAGEN Philippe (ed.), Le Silence des peintres, Paris, Fayard, 1996.)

يُظهر النقش الموجود على اليمين “يجب أن تحافظ البؤر الاستيطانية في الخنادق على القصف ليلاً” ، يعود تاريخ الرسم إلى عام 1915 والنقش في عام 1924. في هذه المقارنة، نلاحظ أن الجنود يطلقون النار، وأنهم متمركزين ومستندين على الجثث؛ كل شيء يعطي انطباعا بهول المعركة.

في النقش على اليمين نجد نفس ظاهرة انفجار الزمن. هناك جثث متكدسة مثل القفص الصدري المتداخل. ينفتح المشهد على منظر القمر، حيث الحياة والموت.

“النقش… .. سيسمح له بشكل خاص، مع استمرار “DerKrieg”  بإعطاء شكل بلاستيكي نهائي ليس فقط للعنف الاجتماعي، نتيجة الحرب العالمية الأولى، ولكن للحرب نفسها، بعد الانسحاب. مع تمثيلها في تقنيات أخرى”.

(Sébastien (dir.)، CON Danièle (dir)، GISPERT Marie (ed.)، Germany، from Friedrich to Beckman Hazan p 370-373.)

تقنية نقوش محفظة الحرب

التقنية المستخدمة هي تقنية نقش (الجرافيك)، أتاح النقش وتقنية الحفر لأوتوديكس “إضفاء الطابع الخارجي على المادة”.

نظرًا لأن هذه التقنية مخصصة لحقيقة عارية وقاسية، فإن النقش يتيح لمجموعة متنوعة من التأثيرات الرسومية: من التظليل الدقيق، و الرسم المبسط للخطوط العريضة؛ إلى المزيد من الخطوط المتباعدة، وبالتالي فهي تساعد على تعزيز فكرة الوقائع المعطاة للتركيبات: كما أنها تسمح للفنان بالعودة إلى العمل بمجرد تغطية اللوحة جزئيًا بطبقة جديدة من الورنيش. ابتكر “أوتوديكس” المطبوعات من رسوماته الحربية، والتي بدأها على شكل بطاقات بريدية مرسومة في قلب الخنادق، وبالتالي فإن النقوش هي أعمال تم إنشاؤها كامتداد مباشر للرسومات الأولى. لذلك هناك عدة “مراحل من النضج” في إنشائها.

“….. الاختلافات في عملية النقش بواسطة الحامض تجعل من الممكن جعل المراحل المختلفة من تحلل الجمجمة وعظام ذراع الجثة في الأسلاك الشائكة أو الموتى في الوحل”

(PRAT Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis،P.125.)

” لقد تعلمديكس الكثير عن تقنيات الطباعة في” دوسلدورف” في عام 1920 في أكاديمية الفنون الجميلة تحت إشراف “فيلهلم هيربيرهول” وكان حريصًا على وضعها موضع التنفيذ…. تقنية تسمح لك بإنشاء التفاصيل الدقيقة التي تريدها بالضبط. تصبح العملية نفسها فجأة مثيرة للغاية. عندما تقوم بالنقش، فأنت مثل عالم كيميائي. من المؤكد أن استخدام الرسم بالأحماض يجعل نقوش “Der Krieg” أكثر ثراءً وحيوية أكثر من أي مطبوعات قام بها من قبل. حيث أصبح قادرًا على تشكيل رؤيته …….”

(Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis، P122)

من خلال شق الورنيش بشكل أكثر وأكثر عمقًا، فإنه يجسد درجات التشويه في جسم الإنسان. وبالتالي فإن وجه الجندي الذي يعاني من الألم، تمامًا مثل يده، مشوه بجروح حمضية، أسود، عند الحواف يحصل أيضًا على قدر كبير مجموعة متنوعة من المؤثرات الرسومية بفضل أسلوبه البارع في الخط الذي ينتقل من التظليل إلى الخطوط الأكثر اتساعًا.

إن ألاهتمام لا يصدق بالتفاصيل التى تبرز بكثافة، ينطلق الرسام هنا لتمثيل تجريد الأجساد من إنسانيتها ووحشية الموت، الحرب هي العودة إلى مواجهة الحياة والموت: القصف، الجروح، الجوع، الخوف، الترقب، والوحل، وما الى ذلك ….، وتلك الضوضاء الجهنمية. يقول ديكس: “في لوحات العام الماضي، كان لدي انطباع بأننا نسينا جانبًا من جوانب الواقع: “القبح”. إنه يركز بشكل خاص على وجوه وأيدي الموتى التي تكشف على أفضل وجه التعبير عن معاناة الجثث في وجه الموت”

(Dix Metropolis Fondation Maeght 2-900923 16 6″ p122.)

 

“إنه يلعب بقسوة تأثيرات الضوء، الأسود والأبيض التي جلبت إلى نوبة غضبه ومعارضة الجماهير.

تُستخدم لدغة الحامض، التي تعمل على تشكيل النقش، كقوة إرادة إضافية لإضافة محتوى رائع لهذا العالم المهووس. تمثل هذه السلسلة، في هذا المجال، إحدى اللحظات العظيمة للوعي البشري في مواجهة التاريخ”.

(PRAT Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis، P14.)

يمكن أن يعيد Dix بالتالي بناء مراحل التكوين، التي تشير إليها درجات تشويه الجثث، عن طريق الحفر أكثر وأكثر في المادة العضوية للورنيش، كما تشهد الأعمال السابقة في الأمثلة.

“في تطويرDer Krieg“، بين الأعمال، نجد الأساس نفسه، لكننا نتعامل معه بشكل مختلف.

نجد أيضًا فكرة اللوحة في أعمال اللوحات “الخندق المنهار” و “الوضع المهجور بالقرب من نوفيل” لكنها قبل كل شيء وسيلة لتلبية متطلبات الفنان فيما يتعلق برؤيته للعالم. عندما تتطلب اللوحة اختيار لحظة، بلورة فعل أو عواقبه، تسمح الحافظة بمشاهدة تجربة في مجملها وتنوعها ومدتها،….علاوة على ذلك، منذ التجارب الدادائية والضعف النسبي في النقش مقارنة بالكولاج، أتقن ديكس تقنيته، وخاصة وإتقانه للخط المائل. وبالتالي، فإن التأثيرات المادية، التي بدت خاصة بالرسم، ممكنة أيضًا في النقش الغائر. السماح للنقش أن يكون نغميًا

” (ALLA PRAT Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis، P15.)

معرض “دير كريج” في الدول العربية

إذا كان متحف محلي مثل متحف “Péronneالتاريخي يعرض “محفظة الحرب” بشكل دائم، في هذه الحالة وعلى هذا الشكل المستمر، فإن المبدأ هو أن المعرض يلتقي بالمشاهد مباشرة ويكون على تماس مباشر معه، لذلك عندما ينتقل المعرض من بلد إلى آخر في المنطقة العربية؛ سيكون أكثر مباشرة وتماس مع المشاهد، ربما تأمل المنظمة الراعية للمعرض والمشرفة عليه في جذب جمهور أكبر وترك بصمات الأعمال وما تطرحه من رسائل.

هل من المهم جدا ذهاب الأعمال إلى الجمهور لتخطي العقبات المانعة؟

1-  لماذا مطبوعات “دير كريج” قابلة للتجوال والتنقل؟

يمكننا اعتبار أن قياسات الأعمال الفنية تساعد على التجوال. لكن من ناحية أخرى، فأن الورق هش وعليك أن تجد أماكن لا تؤثر عليها الظروف البيئية.

محتوى “Der Krieg” محدد جدًا أيضًا؛ تظهر بشرًا وجنودًا ومدنيين، ألمانًا أو غيرهم … لكنها مرئية ومحددة بوضوح كضحايا.

هناك حطام وجثث حيوانات … الرؤى ليست رؤى مجد. ربما يكون هذا هو الجانب الذي يدعونا للنظر إلى “Der Krieg” على أنه عمل إنساني شمولي. يرى المتفرج فيها ألمانيا الخاسرة والمذلة والجنود الضحايا.

“المشاعر التوافقية الوحيدة إذن هي الشفقة على عدد لا يحصى من الضحايا. لم تعد الإنسانية ترسم خطاً بين الإنسانية واللا إنسانية. عندما تصبح ضحية، فإنها تصبح أيضاً نسبية. كانت المصالحة بين الأصدقاء والأعداء، الرابحون والخاسرون، ضرورية لمنح أوروبا مستقبلًا. لكن التمييز بين الجناة والضحايا يؤدي إلى تجريد سياسي واسع النطاق”.)متاحف التاريخ في القرن العشرين في أوروبا “صوفي واهنيش” في دراسات 2005 / 14  (المجلد 403) ، الصفحات 29 إلى 41(

 

2 – ماهو الهدف من المعرض المتنقل؟

إذا كان هناك معرض من هذا النوع، فمن الضروري أن يكون له هدف.

IFA”  كمنظمة إقراض هدفها الأساسي هو للتبادل الثقافي؛ “التبادل المعرفي، الخطابات الجماهيرية، التربية الفنية، الاطلاع على الثقافات، الدبلوماسية الثقافية، خلق الخبرات المتبادلة….”

بالإضافة إلى ذلك: “نريد أن نجعل فنًا أصليًا عالي الجودة مرئيًا، متاحًا في جميع أنحاء العالم. نذهب أيضًا إلى الأماكن، حيث تتجنب المتاحف الأخرى هواة الجمع الدوليون إقراض الأعمال الفنية، بسبب الظروف (المناخ، الرطوبة، إلخ) أو قيم التأمين”

هذا جزء مقتطف من الرد على الاستبيان الذي تم معهم.

لماذا يختار المشاهد زيارة معرض متنقل مؤقت (2-3 أشهر) ومحلي، في أماكن أقل احترافية من تلك التي توفرها المتاحف التقليدية؟

ما هو الأثر الذي يتركه المعرض مقارنة بالمعارض الأخرى؟

3 – ما هي رسالة المعرض المتنقل؟

أن معرضًا مثل معرض “Der Krieg” لأوتوديكس له قيمته الخاصة.

  • ما هو دافع الزوار لزيارة هكذا معارض؟
  • هل يستهدف المعرض المشاهد العادي أم جمهورًا من نوع خاص؟
  • هل نحتاج عند العرض الى شروحات وتوضيحات تخص الأعمال أم أن المشاهد العربي على دراية بالعمل ولا يحتاج إلى توضيح يخص تثقيفهبالأعمال وسبب تواجدها هنا أو هناك؟
  • هل يمكن اعتبار المعرض جزءًا من برنامج تعليمي لنقل تبادل فني بين المعلم والطالب؟
  • هل يأتي الناس لرؤيتها لقيمتها الأرشيفية أم لقيمتها الفنية؟
  • هل من المناسب الذهاب إلى هذا النوع من المعارض إذا لم يكن هناك دعم (تاريخي – ثقافي)؟
  • ما الذي من المحتمل والمتوقع أن يسببه المعرض كردة فعل؟

أهداف البحث

  • يهدف البحث إلى دراسة الفن كفعل إنساني مشترك بين الفنان والمتلقي. في الدول العربية وبين الجمهور على اختلاف مستوياتهم وثقافاتهم إلى محاور موضوعية، ومن الجدير بالاهتمام في هذه الدراسة، هو معرفة علاقتنا كعرب بما يدور حولنا، او بالأدق علاقتنا بالعالم ثقافياً، وعلاقة العالم بنا.
  • التعمق في كشف الأهداف الفكرية والفنية في المعرض المتنقل في الدول العربية، ومتابعة مسار الأحداث الخاصة بالعروض، وأسبابها، وأهدافها، وامكانيات تحققها، والتي بدأت من: 2004 الى 2019 في دول المغرب العربي وفي بعض دول الشرق الأوسط.
  • يتم التركيز إلى محتوى المعرض والية العروض والكيفية وكذلك الجهات الداعمة والمتبنية لمتابعة العروض ومن ثم التدقيق والمتابعة عن الغايات والأهداف للعرض الفني المتنقل بين هذه الدول العربية،
  • تحديد الية تأثير الحروب على الفن التشكيلي ومعرفة ما هي الروابط بين الفن والحرب.
  • التأكيد على معرفة ما هي العناصر التي كان من الممكن أن يكون لها تأثير ووزن لهذا المعرض المتنقل الى المجتمعات المنتقل إليها؟
  • تحديد درجة تلقي الجمهور المختلف بثقافاته وعاداته وتاريخه لفكرة وموضوعة ومشاهدة الاعمال الى حد ما.
  • ما هية دوافع الزوار ومدى تلقيهم للموضوع؟
  • معرفة مستوى ثقافات الشعوب وجعلها متاحة بين الشعوب الأخرى.
  • تسليط الضوء على البلدان العربية ثقافيا واندماجها الفني والفكري، والاجتماعي.
  • نقل رسالة سلام عالمية من خلال الفن وجمهور الفن، وباقي المجتمع.

أهمية البحث

  • التعريف بقيمة رسالة التبادل الثقافي ذات المستوى العالي فنيا وانسانياً.
  • أهمية البحث، من خلال احتكاكه مع الجماهير مباشرةً، من خلال قيمته التعليمية والثقافية معًا.
  • تحديد وتوجيه الوعي بواجباتنا كمدنيين، والدور الذي نلعبه في التغيير من خلال التأثير والتأثر.
  • ترسيخ مفهوم الفن كفعل إنساني مشترك بين الفنان والمتلقي و(المجتمع).
  • تشخيص حجم علاقتنا كعرب بما يدور حولنا، او بالأدق علاقتنا بالعالم ثقافياً، وعلاقة العالم بنا ومدى اهمية الاندماج والتزاوج الثقافي بين الشعوب.
  • يسلط البحث على مكانة الدول العربية بين الأمم من خلال اهتمام المنظمات العالمية بعرض أعمال مهمة فيها.
  • التعريف بشكل واضح وصريح بما تخلفه الحرب وماتصنعه من ويلات ودمار، مما يشجع المجتمعات على أن يكون لها صوت عالٍ ومعبر في نبذ وشجب ورفض  التصادم والتناحر.
  • نقل رسالة سلام عالمية من خلال الفن وجمهور الفن، وباقي المجتمعات.
  • معرفة مستوى ثقافات الشعوب وجعلها متاحة بين الشعوب الأخرى.
  • التعريف بأهمية الفن في المجتمعات والدور الذي يلعبه في إيصال الصوت بنبرات عالية وللناطقين بمختلف اللغات فإن للفن لغة عالمية عامة.
  • تحديد وتعريف الروابط بين الفن والحرب وتشخيص آلياتها النظرية والعملية.
  • تسليط الضوء على القيمة التنويرية والتعليمية للفن.

لمنظمات المشاركة في معرض الحرب

“معهد جوته” هو مدرسة لغات، ويخلق من التبادل الثقافي، خلفية تساعد على فهم اللغة واستيعابها بشكل أفضل. بالشراكة مع شركته الشقيقة، ” IFA (Institut FürAuslandsbeziehungen “= معهد العلاقات الخارجية)، أتاح معهد جوته جزءًا من التراث الثقافي: مجموعةDer Krieg” بالأتفاق والتنسيق مع معهد ifa

عندما ترغب دولة ما في تنظيم معرض ثقافي، يمكنها التقدم إلى المقر المحلي لمدرسة اللغات التابعة لمعهد جوته. هذا الأخير يستفيد من شبكة عالمية؛ مما يسهل تنظيم المعارض المتنقلة. لدى معهد جوته خيار استخدام المواد الثقافية التي تنتمي إلى “IFA”.

ضمن قسم الفنون في IFA، نشجع هذا التبادل الفني والثقافي من

خلال برامجنا الثقافية، ومن خلال المعارض في جميع أنحاء العالم، بواسطة الاتصالات مع الفنانين ودعم المعارض وكذلك من

خلال البينالي و برامج المؤتمرات.

  1. معهد جوته

“Goethe-Institut-Inter Nationes”

دور التجوال الذي يلعبه معهد جوته أساسي. نيابة ًعن جمهورية ألمانيا الاتحادية، يتعامل 128 موقعًا في 76 دولة مع إنشاء برامج ثقافية وتنظيم دورات اللغة ودعم المعلمين والجامعات والأقسام الأخرى لتعزيز اللغة الألمانية ونشرها. بينما تنظم 15 معهداً في ألمانيا دورات في اللغة تعتمد على أحدث الأساليب ويحضرها حوالي 25000 أجنبي كل عام.

يقدم “Goethe-Institut-Inter Nationes” أيضًا مجموعة واسعة من برامج الوساطة الثقافية، من خلال المعارض والمؤتمرات التي تهدف إلى التعليم الفني، والتعلم بين الثقافات، والدبلوماسية الثقافية، وخلق الخبرات، والمجلات الثقافية الدولية، والكتب، والمواد الإعلامية عن ألمانيا، أفلام وثائقية وخدمة مميزة عبر الإنترنت يمكن الوصول إليها في جميع أنحاء العالم.

  1. معهد IFA

“Institut FürAuslandsbeziehungen” معهد العلاقات الخارجية

تمتلك IFA مجموعات من الأعمال الفنية وتقدمها، بما في ذلك مجموعةDerKrieg https://www.ifa.de/en/exhibits/detail/otto-dix

“الأعمال الفنية التي تدرس الظروف في مجتمعات ما بعد الاستعمار. تعطي الأعمال نظرة ثاقبة حول إمكانية إعادة التواصل. من خلال القيام بذلك، نقوم بإنشاء مجالات مواضيعية ذات صلة متساوية بالعديد من مناطق العالم. إن جعل الناس يلتقون ويصبحون أكثر انخراطًا في الفنون والمفاهيم الفنية هو في صميم عملنا.(Fondation Maeght Otto Dix Metropolis p14)

.

 

 

أعمال معرض الحرب – نقوش أو حفريات “Der Krieg – دير كريج”

حافظة من 50 مطبوعة

تنتمي النقوش المعروضة  أدناه إلى سلسلة من النقوش بعنوان Der Krieg( الحرب) والتي نفذها أوتوديكس عام 1924. وهي عبارة عن خمسة ألبومات يتألف كل منها من عشرة نقوش، باستخدام تقنية طباعة “L’eau-forte gravure” (ماء الحامض)، المرتبطة بتقنية النقش الجاف… .

هي استمرار للرسومات التي تم إجراؤها في مقدمة الجبهة القتالية عام 1915. أثناء الحرب العالمية الأولى.

تُظهر الأعمال واقعية مدهشة للحروب، جثث الموتى في مرحلة التحلل، والممزقة بشكل مؤلم، الوجوه المشوهة، المباني المنهارة والمحطمة،…

“في عام 1922، إذا نظرنا إلى الوراء بضع سنوات، سينقش أوتوديكس سلسلة رائعة من 51 مطبوعة حول موضوع الحرب. سيقال كل شيء ، في الأعلى، في هذه الحلقة عن الموت والفظائع التي رآها ارتكبت… … في كل هذه النقوش، القسوة، غير الواقعية تقريبًا، موجودة، بلا معنى، بدون غفران. الموت يتعايش مع ما تبقى من الحياة. كل شيء قريب من الفناء. تسمح التجربة كمقاتل لأوتوديكس بكشف كل هذا من أجل التحدث علانية ضد تجاوزات الإنسان:

إنه ينقش، إلى الأبد، برصانة وبراعة، رعب هذه الحرب؛ وهكذا ينفذ إدانة أخلاقية شديدة لهذا العالم المضطرب والمثير للشفقة، الذي يسحر الدمار أكثر منه بالحياة”.

(PRAT Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis، P14.)

 

“النقش… .. سيسمح بشكل خاص لأوتوديكس ، مع استمرار”DerKrieg”، بإعطاء شكل بلاستيكي نهائي ليس فقط للعنف الاجتماعي ، نتيجة الحرب العالمية الأولى ، ولكن للحرب نفسها ، بعد أن جرب تمثيلها في تقنيات أخرى.”

(Fondation Maeght Otto Dix Metropolis p14.)

 

سلسلة محفظة الأعمال المتنقلة بين الدول العربية

التسلسل عمودي

طُبعت السلسلة في 70 نسخة؛ ندرج المحافظ (معظمها مكتملة) بناءً على تواجدها .

  • Portfolio 19/70: لدىMoMA” في نيويورك محفظة تم التبرع بها من قبل المحسن الأمريكي

“Abby Aldrich Rockefeller”.

  • حافظة 21/70: IFA؛ “Institut FürAuslandsbeziehungen”.

الحافظة التي سنتتبعها. والتي موضوع البحث عنها، والتي تنقلت بين البلدان العربية المذكورة آنفا.

  • حافظة 29/70: “روني وجيسي فان دي فيلدي” أنتويرب/ بلجيكا، لهواة الجمع الخاصين حصل عليها من جان ديكس، ابن أوتوديكس.
  • Portfolio 36/70: متحف تاريخي للحرب العظمى في “Péronne في فرنسا.
  • حافظة 58/70: معرض أستراليا الوطني كانبيرا.
  • 70/ متحف برلين للفن الحديث. رقم المحفظة غير دقيق؟
  • …/ رقم المحفظة مجهول، معهد مينيابوليس للفنون: مينيابوليس.
  • رقم المحفظة غير دقيق، يتم الاحتفاظ بمحفظة أخرى في هامبورغ، في غرفة الطباعة (Kupferstichkabinett) في Kunsthalle”.
  • محفظة 24/70 عند أحد جامعي الفنون في بلجيكا “انتويربن – انفرس”

المطبوعات صغيرة الحجم نسبيًا تتراوح قياساتها بين (20 × 30 سم) ولا تشغل مساحة كبيرة. لذلك فهي سهلة النقل نسبيًا.

تقدر القيمة السوقية لـ DerKrieg” بـ 300.000 يورو وقيمة التأمين 500.000 يورو للسلسلة الكاملة. يضمن وجود سلسلة كاملة برقم كل اصدار.

“يجعلنا ديكس نعيش هذه الحرب مرة أخرى في سرد ​​تفصيليلايطاقولايحتمل. إنهيظهربشكلغيررسمي،أنالانسانقدعادإلىحالةبدائية: معتديشرس….متعطشًاللنساء،والذهابإلىبيوتالدعارة،الجشعلممارسةالجنس،بجانبالجماجموالهياكلالعظمية،والسكرحتىفقدانالوعيفيالمقاصف. أنالحياةوالموتيجتمعان، اندماج بشع ومأساوي. من خلال تصوير الحرب، لا يسعى ديكس إلى الاتهام، أو الحكم، أو عدم المنع، أو حتى الصدمة، بل لتحرير نفسه من  الحقيقة الرهيبة، الحقيقة المثيرة، الحقيقة الشديدة”.

(PRAT Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis،P.122.)

 

الدول العربية التي عُرض فيها معرض نقوش الحرب دير كريك “الحرب” للفنان اوتوديكس:

1-  لبنان (بيروت): معرض اليونسكو عام 2004

2- الأردن (عمان): صالة الأورفلي 2004

3- مصر (القاهرة): متحف محمد محمود خليل وحرمه 2005

4- تونس (تونس): قصر خير الدين 2005

5- الجزائر (الجزائر): متحف الفن المعاصر 2019

6- المغرب (طنجة): صالة ديلاكرواGalerie Delacroix”  2019″

قبل مناقشة البلدان بالتفصيل وخاصة مدى استجابتها أو تفاعلها ومدى تاثر جمهورها اثناء المشاهدة، يجب أن نطرح السؤال:

لماذا تم اختيار هذه الدول الست من بين الدول العربية ؟

كون التعبير الثقافي هو انعكاس للوضع المحلي في الوقت الحاضر، نعتقد أنه ليس من قبيل الصدفة بأن هذه الدول الست كانت بمحض المصادفة احتضانها لفكرة استضافة المعرض! لماذا كانت هذه الدول مناسبة لاستضافة هذا النوع من العارض؟ ما هي العناصر المحلية التي شجعت في 2004 و 2019 للتفاعل والاستجابة على معارض مثل معرض “الحرب” لأوتوديكس؟

أقيمت سلسلة أولى من (4) معارض في 2004/2005 في لبنان والأردن وتونس ومصر. المسلسل الثاني وقع في 2019 في الجزائر والمغرب.

هل يبدو اختيار تسلسل الدول مقصود، مع ملاحظة الفاصل الزمني في فترات العرض، ام أنه حصل لأغراض لوجستية؟.

1- لبنان

ملصق المعرض في لبنان:

تم إنشاء ملصق خاص للمعرض.

نبذة عن المعرض في لبنان

  • التاريخ: من 11/4/2004 إلى 22/11/2004.
  • المكان: بيروت في قصر الأونيسكو.
  • الاسم: “OttoDixKritischeGrafik 1920-1924 | ،DERKRIEGRaderwerk ،”
  • المجموعة: IFA.
  • المنظم: معهد جوته.
  • المنظم المشارك: غابي معماري.
  • عنوان “الفولدر او الملصق” “بائع المباريات” أو “Streichholzhändler” او (بائع الكبريت) نفذه أوتوديكس عام 1921. هذا النقش جزء من مجموعة “EugenKeuerleben”. وهو ليس من مجموعة نقوش الحرب.

النقش والرسم،  من الكولاج، هناك العديد من عناصر النقد الاجتماعي متمثلة فيه.

Match Seller 1920        Match Seller 1921

يظهر كلا العملين أحد الناجين من الحرب؛ ليس لديه أرجل أو يدين ويرتدي نظارات داكنة؛ ربما يكون أعمى، لديه علبة كبريت على ما تبقى من ساقيه، من المفترض والمتوقع حسب المشهد أن هذا هو ملكه الوحيد. يبدو وكأنه عنصر غير مهم لدرجة أن المارة لا يروه او لايبالون به.

على اليسار، يبدو شخصان وكأنهما يهربان أو يسرعان، كعلامة على عدم المبالاة او لتقززهم منه. نلاحظ تفاصيل ملابسهم الأنيقة على ما يبدو، والشكل الممتلئ للساقين والأرداف. هم أولئك الذين حفظتهم الحرب بل وأثرتهم ، الحرب لم تقضي على البرجوازية كما كان يعتقد الفنان “ديكس”منفذ هذا العمل.

من خلال نظارته الداكنة، لا يمكننا معرفة ما إذا كان يحدق في الناس، حتى أنه يبدو أنه يميل رأسه من أجل البحث عن المارة. ربما انه يرتدي قناعًا يغطي به التشوهات والندوب التي تخلفها الحرب على الوجه والذي يكون عادةً  ممسوكًا بنظارة ، والذي يسمى (قناع الفك المكسور) “Gueule Cassée” بسبب التشوه في الوجه.

لا تظهر تفاصيل مهمة على النقش، لكنها تظهر بوضوح على اللوحة. أمام فم البائع ( المعاق ) كلمات مكتوبة بالطباشير الأبيض. إنها عبارة عن “أعواد ثقاب، … “، التي يصرخها دون أن يفهمها المارة. يوجد صوت لكن المارة لا يسمعونه.

فوق الرأس، تشكل النافذة صليبًا، رمزًا للاستشهاد. توقيع ديكس موضوع على جرس الباب.

إن ما يلفت الانتباه بشكل خاص حول هذين العملين هو حقيقة أن الشخص المعاق أصبح “شيئًا” غير ذا أهمية، في حين أنه يستحق مكانة البطل.  ونستطيع أن نلاحظ أن الكلب لم يعد يعتبره إنسانًا حيث يرفع مخلبه عليه، كما هي طبيعة الكلاب عند قضاء حاجتها.

هل رسم ديكس هذا العمل لتمثيل “إنسان معاق” ؟ أم أنه كائن بشري مهمش ساهمت الحرب وصناعهابتهميشة وضياعه؟ انه مثل دمية وضعت لأغراض الذاكرة أو الأرشفة.

2- الأردن

ملصق المعرض في الأردن :

تم إنشاء ملصق خاص للمعرض.

 

نبذة عن المعرض في الاردن

  • تاريخ العرض 8 ديسمبر .2004
  • موقع العرض (صالة جاليري الأورفلي).
  • مجموعةIFA.
  • تنظيم معهد جوته.
  • العدد:84 نقشاً منها 50 نقشاً “دير كريك”.
  • منظم مشارك: جاليري الأورفلي .
  • الملصق: نفس العمل المستخدم للمعرض في لبنان.

في عام 2004، تم التخطيط لعرض “نقوش الحرب”  “OttoDix” في العراق، ولكن بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني، قررت المنظمة عرضه في الأردن في  صالة جاليري ألاورفلي في عمان – الاردن. تم التنظيم مع معهد IFAومعهدGoethe.

 

صور من المعرض

3- مصر

لا يوجد ملصق خاص بالمعرض.

نبذة عن المعرض في مصر

  • التاريخ: 16/04/2005 إلى 05/08/2005.
  • مكان العرض، قاعة أفق واحد OneHorizon” في متحف محمود خليل.
  • الاسم: “أوتوديكس فنون وحرب”.
  • المجموعة: IFA ” الحرب”.
  • المنظم: معهد جوته.
  • منظم الشراكة: مجدى عثمان.
  • الكتالوج: لم يكن هناك كتالوج خاص.
  • EugenKeuerlebeOTTODIX، النقد الاجتماعي – المطبوعات 1920-1924 “الحرب”. تمت إضافة بعض الأوراق كمنشور للمعرض وترجمت إلى اللغة العربية.

4- تونس

ملصق المعرض في تونس

نبذة عن المعرض في تونس

استضافت تونس معرضين. الأول في عام 2005 نظمته IFA

والثاني في عام 2013 بمبادرة خاصة.

وما يخصنا في الدراسة هو المعرض الأول.

  • التاريخ: 10/ 07 /2005.
  • المجموعة: رقم 21 ” IFA”.
  • المكان: قصر خير الدين في تونس.
  • الاسم: “رسومات لأوتوديكس من حرب إلى أخرى”.

 

“معرض أعمال أوتوديكس من 3 مايو إلى 10 يوليو 2005 في دار الشريف بجربة.

نظم معهد جوته، ومعهد ايفا معرض للفنان أوتوديكسفي قصر خير الدين في تونس العاصمة عام 2005، والذي خصص للعمل الغرافيكي في العشرينيات والذي تضمن أيضًا الدورة الهامة من نقوش “الحرب”، هنا فرصة جديدة لمشاهدة أعمال أوتوديكس (1891-1969) في تونس، وهذه المرة في جربة.

ضم المركز الثقافي الدولي دار الشريف في جربة حوالي خمسين لوحة ورسومات ونقوش للفنان الألماني الشهير في الفترة من (3 مايو إلى 10 يوليو 2013″ هذا ماكتب في إعلانات المعرض في تونس).

لماذا تم اختيار هذا الملصق؟

مقارنة الملصق الأول على الورق، مع الملصق الثاني على الخشب، كلاهما نُفذ في عام 1926.

لم يتم إنشاء الملصق خصيصًا للمعرض في تونس عام 2005. إنه مأخوذ من المجموعة المقدمة في معرض

“Otto Dix، من حرب إلى أخرى”. من 15 يناير إلى 31 مارس 2003، في المتحف الوطني للفن الحديث

في باريس – مركز جورج بومبيدو.

ملصق المعرض عام 2013.

5- الجزائر

ملصق المعرض في الجزائر

نبذة عن المعرض في الجزائر

  • التاريخ: 23 مارس 2019 – 30 أبريل 2019.
  • استضافة: المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر بالجزائر العاصمة (ماما – MAMA).

في آذار / مارس 2019. بشكل أساسي القطع التي تتألف منها مجموعة “دير كريج”.

  • المكان: ماما: متحف الفن المعاصر بالجزائر العاصمة.
  • الاسم: “معرض لمحفورات سنوات العشرينات” “دير كريج” “الحرب” بواسطة الرسام الألماني أوتوديكس.
  • مجموعة: IFA الرقم 21.
  • المنظم: معهد جوته.

منظم مشارك: السفارة الألمانية في الجزائر. –  العدد: Der Krieg 50 (محفظة 21/70) + 15

اخرى

6- المغرب

الملصق الأول للمعرض في المغرب

الملصق الثاني للمعرض في المغرب

نبذة عن المعرض في المغرب

  • التاريخ : 26 سبتمبر إلى 18 أكتوبر 2019.
  • قدمها: معهد جوته. بأدارة سوزان بومغارت.
  • الاسم: “نقش من عشرينيات القرن الماضي”
  • مفوض – أمين: كاترين بيترز كلافيك.
  • كتالوج ودليل صوتي.
  • المنظم: IFA. الرقم 21.
  • مكان المعرض: المركز الثقافي الفرنسي جاليري ديلاكروا بطنجة.
  • منظم مشارك. المعهد الفرنسي بطنجة وتطوان ؛ كريستوف روسي.
  • 84 نقشاً منها 50 نقشاً “دير كريج.
  • الملصقات: تم إنشاء ملصقان.

يُظهر الملصق الأول قافلة من الجرحى . النقش جزء من “دير كريك”.

الملصق الثاني يمثل “DieKupplerin” (الخاطبة أو المقرنة) هذه المطبوعة الحجرية هي جزء من اختيار “يوجين كويرليبن”، ولكنها ليست جزءًا من “دير كريك”.

لماذا تم اختيار هذان الملصقان؟

من جهة، هناك جنود يقومون بإخلاء رجل جريح أو ميت بسبب الحرب، في مكان مظلم وموحش، في الغابة، وعلى الجانب الآخر، في الملصق الثاني امرأة (مختلفة)، تخفي بؤس العمر من خلال الإفراط في المكياج، سيجارة في فمها، تحاول البقاء على قيد الحياة من خلال محاولة كسب المال، بواسطة عرض جسدها ومكياجها المفرط. إنه عمل غني بالألوان، يتناقض مع النقش الموجود في الملصق الأول .

صور من المعرض

 

منهجية البحث

في البداية سيكون من الضروري رسم السمات الأساسية والأولية لمفهوم (تجوال الفن) ومفهوم (التأثير والتأثر) في الفكر العربي، من الجانب العاطفي والفكري وعلاقتهما بالمشاهد على مختلف مستوياته والتي ينطلق فهمها الدقيق من الفكر البشري بشكل عام، والذي يعني في النهاية الشيء الأكثر ملاءمة للتفكير الإنساني حسب مثلث البلاغة لارسطو “Aristote” في كتابه

“البلاغة “Rhetoric”، وكذلك مفهوم التطهير في سياق فلسفة أرسطو نفسه. حيث التنفيس عن العواطف وتهذيبها من خلال الفن وبالأخص عاطفتيَ الخوف والشفقة.

إنها مفاهيم تقود إلى تحديد طبيعة الإنسان العقلائية وجوهر مستقبله، منها: الأخلاق والسياسة والقانون والحرية وحقوق الإنسان ونبذ الجرائم ضد الانسانية، او الابادات الجماعية وحتى الفردية….. الخ.

ويعد التفكير في الحياة السلمية عنصر مهم وموضوعي للغاية، حيث أنه ينمي الوعي ويثري مستوى تفكير الإنسان بكيفية العيش بسلام بعد الاطلاع على التجارب المتنوعة والمختلفة.

يعد الفن الطريقة المثالية لإنماء التأثير الحسي لدى الإنسان. فإن الاهتمام بالفن كممارسة فنية لم يأت من قبيل الصدفة، انما هو ممارسة انسانية تنم عن الإدراك الفكري والحسي معاً.

وإذا اتبعنا تحليل ” جان لوك نانسي / JeanLucNancy” فسيظل الفن هو الطاقة الأولية تقريباً، إن لم نقل هو الشرط الاساسي، لانه عملية إبداعية محضة وانجاز تكويني يبحث عن اجابات، او بعبارة ادق، انه ملكة تصنع وتشكل وتسمح بتكوين المعنى.

الفن، الذي أصبح، حسب ” نانسي” حركة كشف عن حقيقة (الحقيقة معلقة دائمًا وبالتالي حاضرة)،

(Nancy, JeanLuc, La Deć losion, Deconstruction du Christianisme, 1, Paris, Gallilée, 2005.)

 

يشبه المعنى الذي وصفه “ديديهوبرمان” أي ظهوره في تجربة الصورة. يركز نهج “ديديهوبرمان” على الصور التي يسميها “الصور النقدية”  التي يضعنا مظهرها الغامض في أزمة، مما يسبب شعورًا بالدهشة.

في هذه المرحلة، تتيح لنا الصورة الوصول إلى عالم  المواجهة. مثلما أثرت صورة كتاب ” الحرب ضد الحرب” في ظهور هذا الشعور بالدهشة والتفاعل عند الفنان “أوتوديكس” رغم معايشته لأحداث الحرب، والذي ينتج عن فعل يبدو مؤثر مثل “نقوش الحرب” في معرض الحرب المتنقل، انه البعد الأساسي  الذي قاد إلى التركيز في محتوى المعرض والية العروض والكيفية وكذلك الجهات الداعمة و المتبنية لمتابعة العروض والتدقيق والمتابعة عن الغايات والأهداف للعرض الفني المتنقل بين هذه الدول العربية، مع إجراء الاستبيانات والاستطلاعات والمقابلات والحوارات، وكذلك التمعن والمتابعة والتساؤل عن جغرافية العروض مع مراعاة الجوانب الفنية و التاريخية  والجيوسياسية،  إلخ…

أن التفاعل بين مكان العرض ومحتوى المعرض مهم جدًا، لذلك تتبع الباحث طريقة الاستقصاء والإحصاء في طرح الأسئلة والبحث عن الإجابات من خلال الاستبيان والاستجواب.

إن العمل المتنقل بين البلدان العربية هو عنصر مؤثر وفعال بإثراء الحس الاجتماعي ذي الوشائج والعلائق المتداخلة، والتي تضعنا أيضًا في تسائل من خلال تجسيدها المتحرك من خلال التنقل والسفر حول المناطق المختلفة عن ماهية التأثير. في نفس الوقت انها تصبح علامة تاريخية لنبذ العنف.

وحسب الفيلسوف “كوندياك – Etienne Bonnot de Condillac” أن العمل الفني ينظر إلينا بقدر ما نحن ننظر إليه. إنه يمسنا في إيقاعه الدائم من اقتراب البعيد وتداخله معنا. فالمعَرَض قد جسد هذه الخاصية التي (من خلال النظرة) تدهش وتحرك معرفة المتفرج. هذا عنصر حيوي وفعال. النظر إلى الصورة المسافرة يعني التمسك بالوعي والانغماس في تنقل المعرفة. حسب”كوندياك” “بفضل الانتباه تتولد المعرفة”.

يشير العَرَض إلى حركة إبداعية تشوش الكثير من المعاني وكثير من الأنماط. إنه في النهاية دليل على ما لا يتم تمثيله، تقديم ما ليس له صورة أثناء وقوع الحدث “حدث الحرب” والذي يظهر كما يسميه ديديهوبرمان “الاختلاف”: تقديم غياب، حضور بدون نموذج. النموذج المعروض قد يكون متخيل والمتخيل لا يعطي صورة الحقيقة كاملة. العَرَض هو حادث يحرك المعنى بفتح الاحتمالات التي هي في طور التوالد.

“الانفتاح بهذا المعنى يأتي للتحدث من حيث العملية، وليس من حيث الأشياء الثابتة، والتكوين بدلاً من الشكل المغلق، والعرض التقديمي بدلاً من الحضور الحقيقي أو الميتافيزيقي”

(Nancy, Jean-Luc, La Deć losion, Deconstruction du Christianisme, 1, Paris, Gallilée, 2005.)

وحسب مفهوم “كوندياك”، تأتي كل المعارف من خلال التجريب والذي هو بحاجة إلى “أداة” لشرحها. فقد قدم “أوتوديكس” تجربته من خلال الخوض المباشر لمعايشة الحرب. لأنه بحاجة لشرح الأحاسيس، كان يريد أن يرى بنفسه ويُجر المشاهد إلى “الشعور مثله”. حيث يقول الفنان ” أوتوديكس”:

“كان علي أن أرى شخصًا ما يسقط بجانبي فجأة، ولا يقوم مرة أخرى، وقصف في المنتصف. كان هذا بالضبط ما كان عليَ تجربته. كنت أرغب في ذلك.… كان عليَ أن أراقب كل هذا بنفسي. يمكنك أن ترى أنني كنت أكثر واقعية، حيث كان عليَ أن أرى كل شيء بأم عيني لأشهد على أنه سار على ما يرام، على هذا النحو. هذا هو السبب في أنني تطوعت”

(DAGEN Philippe (ed.), Le Silence des peintres, Paris, Fayard, 1996.)

وحسب “كونديلاك” ايضاً، فمن خلال الإدخال المتتالي للحواس؛  وكذلك من خلال خلق التفاعل مع المحيط يتحدد بشكل ما، مدى تأثير الأعمال المتجولة بين البلدان العربية على المشاهد العربي. إنها طريقة تفكير تجعل بشكل مميز وفريد من الحرية أن تتخيل نفسك “في جميع الأبعاد أو الاتجاهات المختلفة”. حيث تتبع المجريات الحسية لدى الفرد نفسياً وعقلياً.

 من ناحية أخرى؛  إنه يوفر ميزة توجيه الذات والتركيز قدر الإمكان على الحواس البعيدة داخل النفس البشرية والإمكانيات التي يفتحها هذا الشعور (أو القيود التي تسببها). وقد اتبعنا بهذه الدراسة المنهج الوصفي والتحليلي.

الفرضية

أن الفرضية التي نحن بصددها بخصوص هذه الدراسة هي أننا نستطيع القول: أن للفن التشكيلي مسارات مهمة وتكوينات أساسية لتشكيل ممارسة الخطاب “الإنساني” وبث اللغة المشتركة بين الشعوب دون الحاجة إلى ترجمات، وكذلك ضرورة بشرية للتعايش السلمي من خلال الفن واعتبار الفن ضرورة بشرية للتعايش السلمي بين المجتمعات. يبقى الفن، يغطي تاريخ الإنسان بأكمله، كوسيلة أساسية للاقتراب من العالم وفهمه، لذلك فإن الفرضية هي: أن للفن التشكيلي إنجازات مهمة وتكوين أساسي لصنع ممارسة الخطاب (الجمالي – الإنساني).

انه من المفاهيم التي تقود إلى تحديد طبيعة الإنسان العقلائية بالحياة وجوهر مستقبله. حيث تراجع ما يعرف بفن الدولة، أو حشد الفن من أجل ترسيخ مفاهيم دعائية سياسية، أو التعبير عن الحرب بأسلوب دعائي، إنما صار التعبير يتم من خلال فكر الفنان ونتاجه الفني وحريته في التعبير بحيث لم يعد عليه نفس التأثير السلطوي السابق.

سلبيات المعرض المتنقل، هل توجد سلبيات؟ ولو افترضنا ذلك بحثنا بمستوى الايجابيات ومقارنتها وفقا لفرضيات البحث العلمي. لأن انتقال المعرض في بيئات مختلفة يعطي للاعمال الفنية قيمتها، ويمنح للمشاهد إمكانية الوصول للأعمال وتعريفه بأهمية الفن كعامل ابداعي بحيث يقود عامل الارشفة من خلال الفن إلى تحديد الهوية ايضاً.

وهذا يقودنا الى تحسين وتشجيع امكانية عمل ورش فنية تخص الحرب وكلٌ على تصوراته وتخيلاته، مع ترك الحرية كاملة في اختيار الأساليب والتقنيات للمشتركين لتلمس ردة الفعل عليهم.

خاتمة البحث

إن قيمة رسالة التبادل الثقافي لـ DerKrieg” ذات مستوى عالٍ. يمكن أن يحتك المعرض بالفعل مع الجماهير مباشرةً من خلال قيمته التعليمية الثقافية معًا، أن رؤية محتوى المعرضDerKrieg” ستوجه المشاهد نحو الوعي بواجباتنا كمدنيين، وهذا جانب سيثير تفكير الجماهير بأن يكون لهم الصوت العال في نبذ العنف والحروب حتما.

الأمر اللافت للانتباه: هو أن حقيقة المجيء لمشاهدة المعرض وزيارته تثير ردود فعل ضد الحرب. إذا كان الهدف الأساسي من زيارة المتفرج هو فضول ثقافي وفني معين، فإنه يتحول من خلال رؤية الأعمال، الى التزام أخلاقي وموقف ضد الحرب.

إلى جانب الرسالة التنديديةلأوتوديكس في Der Kriegنود ان نشير الى ماهية الطرق والوسائل في إدراك الجرح وتشخيصه؛ هل يجب أن نخفيه؟ ووفقًا لرؤية نيتشه، يجب إظهاره “كن من أنت”. عما إذا كان يُنظر إلى الجرح  في البلدان العربية بنفس الطريقة  كما في أوروبا؟ هل لها نفس المعنى ونفس الوزن في الثقافات المختلفة؟ إذا كان هناك اختلاف، فإن هذا التبادل الثقافي أي تجوال المعرض، سيثير الجدل حول هذا الموضوع، وفي النهاية، هل يميل المشاهد إلى اتباع رؤية نيتشه فيما بعد؟

الاستنتاجات

  • الهدف الرسمي للمعرض المتنقل “دير كريج” لأوتوديكس في الدول العربية هو التبادل الثقافي بين الدول.
  • يعطي المعرض ميزة تسهيل مواجهة المتفرجين مع العمل.
  • تجربة جمالية حقيقية واكتشاف للعمل الأصلي.
  • قيمة الفن واهميتهُ على عدة أصعدة .
  • الانتقال بين بيئة مختلفة يعطي للاعمال قيمتها ويمنح المشاهد إمكانية الوصول للأعمال مباشرة وتعريفه بقيمة الفن.
  • التنقل يعطي للمشاهد إدراك أكثر لأهميته في الوجود.
  • تعزيز جانب الديمقراطية بين الشعوب.
  • النظر في تسهيل مهمة ذهاب الفن للجماهير، هذا جانب من جوانب تجوال معرض الفن والحرب، “دير كريجلأوتوديكس في الدول العربية.
  • التفكير في احتمالية استمرار سفر معرض الحرب إلى دول عربية أخرى.
  • التعريف بأهمية القيمة التربوية والتنويرية والتعليمية للفن.

 

المقترحات والتوصيات  

  1. تحديد وتوجيه الوعي بواجباتنا كمدنيين، والدور الذي نلعبه في التغيير من خلال التأثير والتأثر. وترسيخ مفهوم الفن كفعل إنساني مشترك بين الفنان والمتلقي و(المجتمع).

2 . تشخيص حجم علاقتنا كعرب بما يدور حولنا، او بالأدق علاقتنا بالعالم ثقافياً، وعلاقة العالم بنا ومدى اهمية الاندماج والتزاوج الثقافي بين الشعوب.

3 ـ التعريف بشكل واضح وصريح بما تخلفه الحرب وما تصنعه من ويلات ودمار،  مما يشجع المجتمعات على أن يكون لها صوت عالٍ ومعبر في نبذ وشجب ورفض  التصادم والتناحر. ونقل رسالة سلام عالمية من خلال الفن وجمهور الفن، وباقي المجتمعات.

4 ـ التعريف بأهمية الفن في المجتمعات والدور الذي يلعبه في إيصال الصوت بنبرات عالية وللناطقين بمختلف اللغات وتسليط الضوء على القيمة التنويرية والتعليمية للفن.

 

المراجع والمصادر

 

1/ PRAT Jean-Louis (ed.)، GRUBER Sabine (ed.)، KARL- SCHMIDT Johann (ed.)، Otto Dix Metropolis

2/RD Sébastien (dir.)، CON Danièle (dir)، GISPERT Marie (ed.)، Germany، from Friedrich to Beckmann، Hazan

3/ DAGEN Philippe (ed.), Le Silence des peintres, Paris, Fayard, 1996.

4/ Sébastien (dir.)، CON Danièle (dir)، GISPERT Marie (ed.)، Germany، from Friedrich to Beckman Hazan

5/ Dix Metropolis Fondation Maeght 2-900923 16 6″

6/          متاحف التاريخ في القرن العشرين في أوروبا “صوفي واهنيش” في دراسات 2005 / 7-8 (المجلد 403)

7/ Nancy, Jean-Luc, La Deć losion, Deconstruction du Christianisme, 1, Paris, Gallilée, 2005.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *