مسعودي سناء

طالبة باحثة بسلك الدكتوراه تخصص مالية إسلامية

جامعة محمد الأول وجدة – المغرب

sanae_messaoudi@yahoo.fr

ملخص

   إن الأزمة التي يعيشها العالم اليوم أزمة كوفيد -19 سيكون لها ومما لا شك فيه آثارا سلبية على مختلف القطاعات لا سيما القطاع الاقتصادي الذي بدأ يعرف ركودا و انخفاضا وشللا على مستوى الاستثمارات سواء الداخلية أو الخارجية وما نحتاجه اليوم إزاء مواجهة هذه الأزمة هو تظافر الجهود والتعاون بين الأفراد والمجتمعات لتفتيت المخاطر والأخطار، والحقيقة أن مبدأ التعاون والتكافل هو مبدأ أصيل في الشريعة الإسلامية بل هو الأساس الذي تقوم عليه و هذا ما نجده في نطام الزكاة والوقف والصدقة والعاقلة وغيرها. و التأمين التكافلي كمنتج إسلامي معاصر فإن الهدف  الرئيس الذي كان وراء ابتكاره وصياغته هو خلق نظام تعاوني تضامني يسعى إلى تفتيت المخاطر وتوزيعها على المشاركين.

و في هذا البحث الذي هو تحت عنوان التأمين التكافلي ودوره في الأزمة الراهنة سنركز في البداية على إعطاء تصور على هذا المنتج كما هو الحال في القانون المغربي وما جاءت به المعايير الشرعية الأيوفي حتى نصل إلى رؤية واضحة تمكننا من الحكم عليه، لأن بطبيعة الحال الحكم على الشيء فرع من تصوره ونستطيع أن نبرز مدى أهمية ودور التـامين التكافلي في الأزمة الراهنة.

و التأمين التكافلي على نحو ما هو معلوم يعد أهم قطاع في المالية الاسلامية  و قد تزامن ظهوره مع ظهور المصارف الإسلامية ونظرا لكون المصارف سواء كانت إسلامية أم تقليدية تتعرض اليوم لمجموعة من المخاطر بسبب أزمة جائحة كوفيد-19 فإن المدة المقبلة سينتج عنها توجه جديد للبحث عن البديل الذي يحسسهم بالأمان ويعالج أي أزمات غير متوقعة وأمام فشل النظام الرأسمالي المبني على الاقتصاد الوهمي وعجزه فإنه لابد  من تبني بديل أخلاقي واقعي، والتأمين التكافلي بعده نظاما متكاملا يقوم على مجموعة من الأسس والمعايير الموافقة لأحكام الشريعة فإنني سأحاول عبر هذه الورقة إبراز دور التأمين التكافلي في معالجة الأزمة الراهنة سواء على مستوى المصارف أم الأسواق المالية.

الكلمات المفتاحية : التأمين التكافلي، الأزمة، المخاطر، المصارف، الأسواق المالية.

Takaful insurance and its role in the current crisis

A PhD student, majoring in Islamic Finance

Mohammed I University, Oujda – Morocco

 

Abstract

The Covid-19 crisis, which the whole world is experiencing today, will undoubtedly have negative effects on various sectors, especially the economic one. The latter seems to know a recession, decline, and paralysis at the investments level, whether domestic or foreign. Consolidation of efforts is what we need to face this crisis, and cooperation between individuals and communities to overcome the risks and the dangers.  the principle of cooperation and solidarity is an authentic principle in Islamic Law it is found in A-Zakat, Al-Waqf, A-Sadaqa, A-AAqila, and others.

The main objective of Takaful Insurance is to create a cooperative solidarity system that seeks to overcome the risks and distribute them to participants.

his research, «  takaful insurance and its role in the current crisis », I will focus at the beginning on giving a vision of this product, as in Moroccan law, and in the shari ’ah standards «  AAOIFI » in the Right to come up with a clear vision that enables us to judge it, because judging is a branch of its perception and therefore we can highlight the importance and role of takaful insurance in the current crisis.

Takaful insurance is the most important sector in Islamic finance and has coincided with the emergence of Islamic banks given that banks, whether Islamic or traditional, are exposed today to a range of risks due to the crisis of the Coved-19 pandemic, the coming period will result in a new trend to look for an alternative that makes them feel safe and addresses any unexpected crises and in the face of the failure of the capitalist system based on the imaginary economy and its incapacity it must adopt a realistic moral alternative and takaful insurance as an integrated system based on a set of Through this paper, I will try to highlight the role of takaful insurance in addressing the current crisis, whether at the level of banks or financial markets.

Keywords : Takaful Insurance, Crisis, Risk,  islamic Banks, Financial Markets

المقدمة

من المعلوم أن التأمين التكافلي أهم قطاع في المالية الإسلامية وعلى نحو ما  صوره علماء الاقتصاد الإسلامي بأنه الجناح الأيسر للاقتصاد، إذ شبهوا الاقتصاد الإسلامي بالطائر رأسه القطاع المصرفي وجناحه الأيمن الاستثمار وجناحه الأيسر قطاع التأمين ولقد ظهر هذا الأخير كفكرة  كان الغرض منها هو تفتيت المخاطر والتعاون على  جبر الضرر الذي قد يلحق بشخص أو مؤسسة فيعجز أحدهما عن تحمل الخسارة الناتجة عنه لوحده فيكون الإنضمام إلى مجموعة السبيل الأفضل إلى تقاسم هذه الخسائر وتوزيعها بين جميع الأطراف المشاركين بأقساطهم. و المصارف الإسلامية بعدّها جزءا من  القطاع البنكي الذي ينتمي إلى منظومة مالية و اقتصادية  فإنه يتأثر بما تتأثر به هذه المنظومة من أزمات وكوارث ونظرا لما يعيشه العالم اليوم من أزمة covid-19  التي كان لها أثر على الاقتصاد العالمي بصفة عامة والأسواق المالية بصفة خاصة  فإن هذا البحث يحاول الإجابة عن التساؤل الآتي:

 ماهي مساهمات الـتأمين التكافلي في حل الأزمة الحالية التي تواجهها المصارف الإسلامية في ظل جائحة covid-19 ؟

وللإجابة عن هذا التساؤل قسمت البحث على المحاور الآتية :

  1. ماهية التأمين التكافلي

2      مبادئ وخصائص التأمين التكافلي

3-      أثر ومساهمة الـتأمين التكافلي في تعزيز أداء المصارف الإسلامية و كذا الأسواق المالية في الازمة الراهنة.

المحور الأول: ماهية التأمين التكافلي

المطلب الأول: تعريف التامين التكافلي

      لقد عرف المشرع المغربي التأمين التكافلي بأنه عملية تأمين تتم وفق الرأي بالمطابقة الصادر عن المجلس الأعلى لتغطية الأخطار المنصوص عليها في عقد التأمين بواسطة حساب التأمين التكافلي يسير مقابل أجرة التسيير من طرف مقاولة التأمين التكافلي وإعادة التأمين المعتمدة لمزاولة عمليات التأمين التكافلي ولا يمكن في حال من الأحوال فرض أو أداء فائدة على عمليات التأمين التكافلي أو نشاط تسيير حساب التأمين التكافلي من لدن المقاولة.[1]

     جاء في  المعايير الشرعية الأيوفي بأن التأمين الاسلامي هو اتفاق أشخاص يتعرضون لأخطار معينة على تلافي الأضرار الناشئة عن هذه الأخطار وذلك بدفع اشتراكات على أساس الالتزام بالتبرع ويتكون من ذلك صندوق تأمين له حكم الشخصية الاعتبارية وله ذمة مالية مستقلة. الصندوق يتم منه تعويض الأضرار التي تلحق أحد المشتركين من جراء وقوع الأخطار المؤمن عليها ويتولى إدارة الصندوق هيئة مختارة من حملة الوثائق أو تديره شركة مساهمة بأجر تقوم بإدارة أعمال التأمين واستثمار موجودات الصندوق[2].

     وعبر هذين التعريفين يتضح بأن التأمين التكافلي عبارة عن نظام تعاوني يتكون من صندوق يتم تسييره من طرف شركة مختصة يكون لها أجر بصفتها وكيلا أو نسبة من الربح بصفتها مضاربا وهذا الصندوق يساهم فيه مجموعة من المشاركين على أساس الالتزام بالتبرع وفي حالة وقوع الخطر لأحد المشاركين يستفيد هذا المشارك بتعويض من الصندوق، وهذا النموذج للتأمين يعتبر بديلا شرعيا عمليا للتأمين التجاري الذي يقوم على الغرر والمقامرة وذلك نظرا لما يتميز به من أسس تتناسب مع أحكام الشريعة أهمها ما يأتي :

  1. التكييف الفقهي

يكيف التأمين التكافلي على أنه التزام بالتبرع غير أن المشرع المغربي جعل الالتزام بالتبرع بمقدار الضرر والباقي للمشترك مع عوائده خلاف ما جاء في معايير الأيوفي فهو تبرع كامل ونهائي وتبقى الفوائض في الصندوق وفي حالة التصفية يتبرع بها إلى جهات الخير وهذه نقطة قوة تضاف للتجربة المغربية لأن المشترك سيتفيد من الفائض وهذا ما يشجع إقبال عدد كبير من المشتركين.

2-الأطراف التعاقدية والعلاقة بينهم

والجدير بالإشارة فإن التأمين التكافلي تتدخل فيه ثلاثة أطراف تحكمهم علاقة تعاقدية خاصة:

فالعلاقة بين حملة الوثائق والصندوق الذي له الشخصية الاعتبارية وذمة مالية مستقلة عند الاشتراك هي علاقة التزام بالتبرع والعلاقة بين المشترك وبين الصندوق عند التعويض هي علاقة التزام الصندوق بتغطية الضرر.

أما العلاقة بين المساهمين فهي علاقة مشاركة من خلال النظام الأساسي تأخذ صفة شركة المساهمة.

وتبقى أخيرا العلاقة بين مقاولة التامين التكافلي وبين صندوق حملة الوثائق هي علاقة وكالة من حيث الإدارة أما من حيث الاستثمار فهي علاقة مضاربة أو وكالة بالاستثمار أو هما معا.

ووفقا لنموذج المضاربة تقوم مقاولة التأمين بصفتها مضاربا والمشتركون بصفتهم أرباب المال بتدبير كل من أنشطة الاستثمار وأعمال التأمين نيابة عن المشتركين وفي المقابل تتقاضى نصيبا على شكل نسبة مئوية من الفائض التكافلي ويتحمل المشاركون في التكافل وحدهم بصفتهم أرباب المال أية خسارة مالية في الاستثمار وفي الأنشطة التأمينية بشرط ألا تكون الخسارة ناشئة عن إهمال أو تقصير من قبل مؤسسة التأمين

و أما نموذج الوكالة بالأجر فتعمل المقاولة بصفتها وكيلا بأجر نيابة عن المشتركين الذين بصفتهم موكلين يخولون لها التصرف في تسيير أنشطة الاستثمار وأعمال التأمين التكافلي لمصلحتهم لا لأغراضها الخاصة و مقابل هذه الخدمة يتلقون أجرا يتفقون عليه.

وطبقا لنموذج الوكالة والمضاربة فإنه يتم اعتماد عقد الوكالة لأنشطة التامين التكافلي بينما يستخدم عقد المضاربة لأنشطة الاستثمار ويبدو أن هذا النموذج يجد إقبالا من قبل مؤسسات التأمين التكافلي.

وهذه الشركة فضلا عن مهام التسيير فإنها ملزمة خاصة في القانون المغربي على دفع تسبيق تكافلي وهو عبارة عن قرض حسن لسد العجز الناجم عن عدم كفاية الأصول المتمثلة للاحتياطيات التقنية مقارنة مع هذه الاحتياطيات.

المطلب الثاني: القانون المغربي الخاص بالتامين التكافلي

لقد تم وضع الإطار القانوني الأول للتأمين التكافلي سنة 2016 قانون 59.13 الذي يغير ويتمم القانون 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات وبعد عرضه على اللجنة الشرعية للمالية التشاركية وتقديم ملاحظاتها تم إعداد مشروع قانون 87.18 على ضوء تلك الملاحظات يحمل مجموعة من التعديلات، ويعد هذا القانون إضافة نوعية لسوق التأمين حيث ركز في تعديلاته على محورين أساسين:

المحور الأول ويتعلق بملائمة القانون الحالي مع أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها.

المحور الثاني وينصب على مراجعة تقنية لبعض أحكام مدونة التأمينات.

ومن بين الأمور التي ركز عليها المحور الأول لا على سبيل الحصر:[3]

  1. التعريف بالمصطلحات ( عقد الاستثمار التكافلي، صندوق التأمين التكافلي، صندوق إعادة التأمين التكافلي، حساب التأمين التكافلي…..).
  2. عدّ مقولة تدبير التأمين التكافلي مجرد مقولة تسيير وليس لها حق في تملك أموال المشتركين وإعطائها صفة وكيل بأجر.
  3. توزيع الفوائض التقنية والمالية على المشتركين وفق نظام تسيير صندوق التأمين التكافلي ولا يمنح أي جزء منها للمقاولة المسيرة.
  4. الفصل بين حسابات التأمين التكافلي لكل من شركة التأمين والصندوق قائمة مالية bilan) ) خاصة به.
  5. التنصيص في عقد التأمين التكافلي على أن مبلغ الاشتراك يدفع على أساس الالتزام بالتبرع ما عدا بالنسبة لعقود الاستثمار التكافلي.
  6. بالنسبة لمقاولات التأمين وإعادة التامين التكافلي المعتمدة لمزاولة عمليات التأمين التكافلي أو إعادة التأمين التكافلي يجب على جهاز التدقيق الداخلي أن يعد أيضا تقريرا خاصا حول مدى احترام عمليات التأمين التكافلي وإعادة التأمين التكافلي للآراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس الأعلى ومن أجل هذا فقد نص القانون على ضرورة إحداث وظيفة للتقيد بآراء المجلس العلمي الأعلى.

أما المحور الثاني فقد ركز بالأساس على مراجعة تقنية لبعض الأحكام و القواعد العامة الوارد في مدونة التأمينات الصادرة عن هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي.

 وقد أحيل  هذا القانون على البرلمان وتم المصادقة عليه في 9 اغسطس 2019 وصدر بعد ذلك في الجريدة الرسمية عدد 6806. المحور الثاني: خصائص ومبادئ التامين التكافلي

   و مما سبق يمكننا القول بإن التأمين التكافلي عبارة عن نظام تعاوني يتكون من صندوق يتم تسييره من طرف شركة مختصة يكون لها أجر بصفتها وكيلا أو نسبة من الربح بصفتها مضاربا وهذا الصندوق يساهم فيه مجموعة من المشاركين على أساس الإلتزام بالتبرع وفي حالة وقوع الخطر لأحد المشاركين يستفيد هذا المشارك بتعويض من الصندوق أما الفائض أو الباقي الذي يفضل في الصندوق يستفيد منه المشاركون أنفسهم بنسب متفاوتة بحسب استفادتهم من التعويض.

وهذا التصور يقودنا لنفهم أهم الخصائص والمبادئ التي تميز التأمين التكافلي عن التأمين التجاري

  • التأمين التجاري مبني على المعاوضة وشركات التأمين التجاري تسعى دائما إلى الاسترباح على حساب المستأمن ومن المعلوم أن أكثر الشركات ربحية هي شركات الـتأمين بينما التأمين التكافلي مبني على مبدأ التعاون والتبرع والتشارك لجبر الضرر وتغطية الأخطار للمشاركين وبالتالي فهو يحرص على البعد الاجتماعي ويساهم في الاقتصاد الاجتماعي بشكل كبير. فضلا عن  أن الغرر لا يؤثر في عقود التبرعات خاصة عند المالكية لدا حرم  الـتأمين التجاري  لما فيه من  الغرر الفاحش.
  • النقطة الثانية وهي أهم نقطة وهي أن في التأمين التكافلي المشترك له الملكية الحقيقة للاشتراكات وبالتالي عنده الحق في الفائض، وشركة التأمين ماهي إلا شركة مسيرة مقابل أجر بخلاف التأمين التجاري فالشركة تستحوذ على حق ملكية الأقساط وعلى الفائض التأميني  إن تحقق.
  • النقطة الثالثة شركة التأمين التكافلي في حالة ممارسة الاستثمارية فإن العوائد كلها من حق المشتركين بخلاف شركات التأمين التجارية العوائد كلها من حق الشركة وليست من حق المستأمن بسبب عدم استقلالية صندوق أو محفظة التأمين عن حساب المساهمين.
  • النقطة الأخيرة والتي تميز النموذج المغربي وهي أنه يراعى في تعيين مستفيد أو مستفيدين في عقود التأمين التكافلي العائلي احترام الأحكام الخاصة المتعلقة بالميراث والوصية والهبة المنصوص عليها في التشريعات الجاري بها العمل حسب كل حالة[4]، أما بالنسبة للمعايير الشرعية  الأيوفي فإنه يتم تعيين المستفيد وإن لم يكن من الورثة باعتبار أن الفائض ليس ملكا له. وعلى هذا فإن التأمين التكافلي جاء على نوعين من التأمين:
  • التأمين على الأشخاص في حالتي العجز أو الوفاة المسمى أحيانا بالتكافل (التأمين التقليدي على الحياة.
  • التأمين على الأشياء وهو يقوم على تعويض الضرر الفعلي ويستوعب التأمين من الحريق والسيارات والطائرات والمسؤولية وخيانة الأمانة وغيرها.[5]

المحور الثالث: أثر ومساهمة الـتأمين التكافلي في تعزيز أداء المصارف الإسلامية و الأسواق المالية  في الازمة الراهنة.

مما لا شك فيه أن الأزمة التي يعيشها العالم اليوم أزمة كوفيد- 19 سيكون لها أثر على الاقتصاد العالمي بسبب الركود الذي أصاب مختلف القطاعات، وبهذا  نجد أن المصارف سواء كانت إسلامية أو تقليدية تتعرض اليوم لمجموعة من المخاطر الشيء الذي سيجعل  الفترة المقبلة ينتج عنها توجه جديد يبحث عن البديل الذي يحسس بالأمان ويعالج أي أزمات غير متوقعة، وأمام فشل النظام الرأسمالي وعجزه فإنه لابد  من تبني بديل أخلاقي، والتأمين التكافلي باعتباره نظاما متكاملا يقوم على مجموعة من الأسس والمعايير الموافقة لأحكام الشريعة فإنه وكما سبق تفصيله حول هذه الأسس يمكن للتأمين التكافلي أن يسهم وبشكل كبير في تعزيز عمل المصارف الإسلامية في الأزمة الراهنة وذلك من خلال مستويات عدة :

1.  السيولة :

التأمين التكافلي  على نحو ما هو معلوم يستثمر أساسا في المصارف الإسلامية والأسواق المالية لدا يعتبر المزود الأول للسيولة التي تحتاجها هذه المصارف لتمويل معاملاتها فهو بهذا يعد رافدا من روافد السيولة في المصارف الإسلامية كما أن هذه الأخيرة تمثل  له سوقا آمنا نظرا لخبرتها  فالمنفعة مشتركة بينهما ومتبادلة في إطارها الشرعي الذي هو الأساس الذي يبنى عليه عمل القطاعين.

2. التأمين على الديون

والمصارف الإسلامية كغيرها من المصارف الأخرى فإنها وكما تعاني الآن من مشكل السيولة فإنها تعاني  أيضا من تعثر سداد العملاء ونظرا لطبيعة العقود التي تتعامل بها خاصة عقود المداينات منها فإنه لا يمكنها أن تفرض غرامات التأخير على العملاء على نحو ما تفعله المصارف التقليدية من أجل تغطية الضرر وعليها أن تلتزم بسقف الدين دون زيادة وعليه تكون أمام مخاطر عدة منها:

  • ·        “مخاطر الاستثمار بصورة عامة
  • مخاطر موت المدين أو عجزه كليا، حيث قد تكون في هذه الحالة أمام خيارين أحلاهما مر وهما إما بيع العين المرهونة التي قد تكون المنزل الخاص بالمدين أو المصنع أو نحوه مما يكون مصدرا لعيشه أو أن تترك الموضوع فتخسر ديونها وهذه أيضا كارثة لها ولا سيما أنها ليست جمعية خيرية وإنما مؤسسات استثمارية دخل الناس على أساس الربح وليس على أساس الخسارة وإن كانت هذه متوقعة ومحتملة.”[6]

  فالملجأ الوحيد لهذه المصارف في هذه الحالة هو التأمين على الديون المشكوك فيها وعليه حماية أموال المودعين.

3.الاستثمار في الأسواق المالية

يلعب التأمين التكافلي دورا مهما في الأسواق المالية و ذلك من خلال تعبئة المدخرات المالية من تجميع مبالغ الأقساط واستثمارها في الأسواق المالية عن طريق الصكوك التي  من شأنها منافسة الحقل الاستثماري العالي المخاطر (المشتقات والعقود الآجلة)، خاصة الصكوك السيادية التي يكون الاستثمار فيها آمنا.

4.المساهمة  في الاقتصاد الاجتماعي

إن شركات تأمين التكافلي لم يكن الغرض من إنشائها هو تحقيق الربح المحض ولكن هي ظهرت كفكرة الهدف منها تحقيق التوزان الاجتماعي من خلال التعاون في جبر الضرر كما أنها فيما تحققه من فائض يمكن أن يستثمر في الجانب الاجتماعي وذلك من أجل المساهمة الفعلية في تحقيق التكافل الحقيقي الذي يدعو إليه الشرع، كما أننا نجد وفيما أخذت به المعايير الشرعية الأيوفي هو أنه في حالة تصفية الشركة فإن ما بقي في الصندوق يصرف في جهات الخير وذلك نظرا للمبدأ الأساسي الأساس الذي قام عليه التأمين التكافلي هو الإلتزام بالتبرع.

    ومما سبق فقد خلصت في آخر هذه الدراسة إلى النتائج و التوصيات الآتية:

  1. ما نحتاجه اليوم إزاء مواجهة أزمة كوفيد19وخاصة في مجال الاقتصاد والمال هو محاربة الفساد والربح غير المشروع واكل أموال الناس بالباطل والاستغلال الربوي والبحث عن كل بديل أخلاقي إسلامي من شأنه ان يحقق تنمية حقيقية تجعل الإنسان صلب أهدافها وفوق كل اعتبارات ربحية محضة.
  2. الأزمة يمكن أن تصبح فرصة ولكن بتظافر الجهود والتكافل والتعاون وتشارك الخسارة.
  3. الرأسمالية المادية  في كل أزمة تثبت عجزها فلابد من أن نتأكد من ان البديل الحقيقي اليوم هو الاقتصاد الواقعي  الأخلاقي المبني على مبدأ الشريعة الإسلامي.
  4. مبادرة الدول الإسلامية لتفعيل التأمين التكافلي وذلك لتحقيق الأغراض الاجتماعية بالإضافة إلى دوره الاقتصادي.

المصادر والمراجع

  • د. محمد بن أحمد بن صالح الصالح، التأمين بين الحظر والإباحة، ط1، الرياض، مكتبة الملك فهد الوطنية، 1425هـ/2004م
  • د. محمد حسين منصور، مبادئ قانون التأمين، دار الجامعة الجديدة للنشر
  • د.  محمد شوقي الفنجري، الإسلام و التأمين، المملكة العربية السعودية، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، ط1، 1404ه/1984م
  • د. علي محي الدين القره الداغي، التأمين الإسلامي دراسة فقهية تأصيلية، ط1، قطر، دار البشائر الإسلامية، 1425ه/2004م
  • مدونة الـتأمينات المغربية
  • هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي ACAPS
  • هيئة المجاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI
  • د.علي محي الدين القره الداغي، التأمين على الديون دراسة فقهية اقتصادية، www.wethaq.com

[1] مشروع قانون رقم 18_87 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التامينات

[2] هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الأيوفي   AAOIFIرقم المعيار 26

[3] تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمناسبة دراسة مشروع 87.18 لتغيير وتتميم قانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات

[4] المادة 1_66 من قانون رقم 18_87 المتعلق بمدونة التأمينات

[5]  معيار رقم 26 التأمين الإسلامي

[6]    د. علي محي الدين القره الداغي، التأمين على الديون دراسة فقهية اقتصادية، www.wethaq.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *