أ.د. اسراء علاء الدين نوري

قسم النظم السياسية والسياسات العامة/ كلية العلوم السياسية/ جامعة النهرين

dr.israaallaa@yahoo.com

009647502690684

الملخص

  يعد العراق من بين أكثر الدول التي شهدت تحولات وأحداث سياسية عنيفة منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر، ولقد كانت لهذه التحولات والإحداث على قدر ارتباطها باعتبارات المصالح والسياسات والتحالفات الدولية والإقليمية من جهة، وتضارب أو تلاقي أفكار وأهداف الأطراف والقوى السياسية العراقية المختلفة من جهة أخرى، في كيفية إدارة شؤون الدولة أثاراً شملت مجمل نواحي الحياة في العراق، من بينها النواحي الاجتماعية التي يمكن التعبير عنها بدلالة الفاعلية الاجتماعية والتلاحم الاجتماعي والاستقرار الاجتماعي. فالظاهرة القبلية نشأت مع نزول الانسان على الارض حيث كون عائلة، والعائلة كلما اتسعت بقيت متمسكة بظهر واحد او بنسب واحد ضمن سلم متدرج، مع ازدياد عدد السكان وانتشارهم بالارض بحكم عوامل عديدة منها الخلافات العائلية او البحث عن الرزق او طلباً للهجرة بذاتها، هذا الامر قاد الى حدوث انتقالة الاجيال الاولى من السكان باتجاهات متعددة، وكل مجموعة استوطنت في مكان وتكاثرت كونت انتماء قائم على رابطة الدم رغم انها بالاصل تجتمع مع روابط اخرة سابقة (اصل الانسان) الا ان الانتماء الجديد اصبح اكثر قوة وتماسكاً من الارتباط السابق، وباستمرار عملية التوسع وازدياد عمل السكان اصبحت هنالك روابط عمودية لكل مجموعة سكانية هذه الروابط هي رابطة عائلية وكلما توسعت اصبحت رابطة قبلية يمكن ان تحتويها مدينة واحدة او يمكن ان تحتويها مدن عدة أن سمح الانتشار بذلك، بل تحول الانتماء القبلي في مراحل معينة الى انتماء اثني ولغوي عندما تعلق برقعة جغرافية وتعلق بلغة محددة هذا التوسع امتد حتى مرحلة ما بعد الميلاد، عندما تكرست الانتماءات القبلية واصبحت تعبر عن كونها ولاءات ايديولوجية اكثر مما تعبر عن كونها روابط قائمة على الانساب والدم، فظهر مثلاً قبيلة شمر والزبيد وخزرج وغيرها، وكل منها لها امتدادات ليس فقط في الجزيرة العربية وانما امتدت الى ارض العراق بحكم الفتوحات الاسلامية والترحال وبلاد الشام وغيرها. ومنها نستشف ان هذه الظاهرة بقدر تعلقها بعوامل الانسان (الدم) الا ان البعد الايديولوجي فيها اي كونها انتماء هو الطاغي، ومبعث قولنا في ذلك هو ان طبيعة الترحال والتزاوج الحاصل بين القبائل، بل واعادة تعريف الفرد للقبيلة التي ينتمي اليها (مبدأ الدخيل وغيرها من المبادئ التي تحكم تغير القبيلة واعادة الانتماء)، هذه الظواهر تجعل أقرب من كونها انتماء من كونها انتساب او رابطة دم.

Tribal in Iraq: reality and political and social issues after 2003

Prof. Dr Israa Alauldin Noori Ahmed

Department of Political Systems and Public Policy / College of Political Science / Al-Nahrain University

Abstract

Iraq is among the most violent state transformations and events since the emergence of the modern Iraqi state in the 1920s and to our time, and these transformations and events have been associated with international and regional interests, policies and alliances, on the one hand, conflict or convergence of ideas and objectives and political forces Different Iraqi on the other hand, in how to manage state affairs, including the entire aspects of life in Iraq, including social aspects that can be expressed in terms of social efficiency, social cohesion and social stability. The tribal phenomenon originated with human descent on the ground, where a family, the family, whenever, whenever I wasted a single back or one in a gradient ladder, with the growth and spread of the population with many factors, including family differences or looking for a living or for migration stand-alone, To the incoming of the first generations of the population with multiple trends, and each group conducted in a place and multiplied by the blood assembly, although it continues to meet with the former recent links (the origin of the person), but the new belonging became more powerful and is confessed from the previous link, and the continued expansion process and increased The work of the population There are vertical links to each population group. These links are a family association and the more expanded a tribal association that can be contained in one city or can contain several cities to be profiled, but turned tribal affiliation in certain stages to affiliation and linguistics when attached geographical This expansion of this expansion is related to the postponement, when tribal affiliations are estimated and have become more ideological and ideologues than they are based on gender Blood, showed an example of Shammer tribe, Sleep and Khazraj and others, and each of which has extensions not only in the Arabian Peninsula but stretched into the land of Iraq by Islamic and migration and other Sham and others. Including that this phenomenon is as much as human factors (blood), but the ideological dimension is, which is belonging to it and sends us as saying that the nature of deportation and mating among tribes, but and reinstall the individual for the tribe they belong to (the principle of income and other principles Which control the change of tribe and re-affiliation), these phenomena make closer to being affiliated with being an enrollment or a blood association.

المقدمة

يعد العراق من بين أكثر الدول التي شهدت تحولات وأحداث سياسية عنيفة منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر، ولقد كانت لهذه التحولات والإحداث على قدر ارتباطها باعتبارات المصالح والسياسات والتحالفات الدولية والإقليمية من جهة، وتضارب أو تلاقي أفكار وأهداف الأطراف والقوى السياسية العراقية المختلفة من جهة أخرى، في كيفية إدارة شؤون الدولة أثاراً شملت مجمل نواحي الحياة في العراق، من بينها النواحي الاجتماعية التي يمكن التعبير عنها بدلالة الفاعلية الاجتماعية والتلاحم الاجتماعي والاستقرار الاجتماعي. فالظاهرة القبلية نشأت مع نزول الانسان على الارض حيث كون عائلة، والعائلة كلما اتسعت بقيت متمسكة بظهر واحد او بنسب واحد ضمن سلم متدرج، مع ازدياد عدد السكان وانتشارهم بالارض بحكم عوامل عديدة منها الخلافات العائلية او البحث عن الرزق او طلباً للهجرة بذاتها، هذا الامر قاد الى حدوث انتقالة الاجيال الاولى من السكان باتجاهات متعددة، وكل مجموعة استوطنت في مكان وتكاثرت كونت انتماء قائم على رابطة الدم رغم انها بالاصل تجتمع مع روابط اخرة سابقة (اصل الانسان) الا ان الانتماء الجديد اصبح اكثر قوة وتماسكاً من الارتباط السابق، وباستمرار عملية التوسع وازدياد عمل السكان اصبحت هنالك روابط عمودية لكل مجموعة سكانية هذه الروابط هي رابطة عائلية وكلما توسعت اصبحت رابطة قبلية يمكن ان تحتويها مدينة واحدة او يمكن ان تحتويها مدن عدة أن سمح الانتشار بذلك، بل تحول الانتماء القبلي في مراحل معينة الى انتماء اثني ولغوي عندما تعلق برقعة جغرافية وتعلق بلغة محددة هذا التوسع امتد حتى مرحلة ما بعد الميلاد، عندما تكرست الانتماءات القبلية واصبحت تعبر عن كونها ولاءات ايديولوجية اكثر مما تعبر عن كونها روابط قائمة على الانساب والدم، فظهر مثلاً قبيلة شمر والزبيد وخزرج وغيرها، وكل منها لها امتدادات ليس فقط في الجزيرة العربية وانما امتدت الى ارض العراق بحكم الفتوحات الاسلامية والترحال وبلاد الشام وغيرها. ومنها نستشف ان هذه الظاهرة بقدر تعلقها بعوامل الانسان (الدم) الا ان البعد الايديولوجي فيها اي كونها انتماء هو الطاغي، ومبعث قولنا في ذلك هو ان طبيعة الترحال والتزاوج الحاصل بين القبائل، بل واعادة تعريف الفرد للقبيلة التي ينتمي اليها (مبدأ الدخيل وغيرها من المبادئ التي تحكم تغير القبيلة واعادة الانتماء)، هذه الظواهر تجعل أقرب من كونها انتماء من كونها انتساب او رابطة دم.

الاشكالية: تكمن إشكالية البحث في ان للقبيلة دور فاعل ومؤثر في الحياة السياسية العراقية ولاسيما بعد عام 2003، إذ أصبح دورها بارزاً جداً من خلال تقديم دعمها للمرشحين في الأحزاب السياسية والتصويت لهم في الانتخابات ليس على اساس الخبرة والكفاءة وإنما على أساس المنفعة المتبادلة، وأن توجه الحكومة الى القبيلة من أجل تقديم الدعم لها ولاسيما على الصعيد الآمني أعطى للقبيلة موقعاً بارزاً ومؤثراً في المجتمع العراقي ومن ثم إذا تعارضت قرارات الحكومة مع توجهات القبيلة سيؤدي إلى التصادم في ما بينهما، فضلاً عن طبيعة العلاقة بين الدولة و القبيلة فكلما ضعفت السلطة المركزية برز دور القبيلة، إذ ان النظام السياسي في حالة ضعفه يلجأ الى القبيلة لغرض تدعيم النظام السياسي والامني، كما ان الإشكالية الآخرى في موضوع الدراسة هي تعددية الولاء لدى الفرد العراقي، إذ أصبح الفرد أكثر اعتزازا بالقبيلة والولاء لها على حساب الدولة مما يؤدي إلى ضعف الإندماج الاجتماعي في المجتمع مع المكونات الآخرى، وعدم القدرة على التوحد في هوية وطنية تعمل على تحقيق الإنسجام والاستقرار في ما بينها.

الأهمية: تنبع أهمية البحث من الدور الفاعل للقبيلة في المجتمع العراقي وعلى مختلف الصُعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وفي أغلب المراحل التاريخية التي مر بها العراق، ويحظى موضوع القبيلة بعناية خاصة لاسيما بعدعام 2003 نتيجة للدور الفاعل الذي أدته القبيلة عقب غياب المؤسسات الآمنية التي حلتها قوات الاحتلال الأمريكي، فعوضت القبيلة غياب الدولة، واعادت حضورها بشكل كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية والدينية عقب تداعي النظام السياسي، فضلاً عن اهمية دراسة الدور السياسي للقبيلة.

الهدف: يهدف البحث، الإجابة عن الأسئلة التالية: ما هو التركيب القبلي في العراق؟ وما موقف القبيلة من الاحتلال الأمريكي للعراق؟ وهل قاومت القبائل الاحتلال الأمريكي؟ وما هو موقف القبيلة من النظام السياسي في العراق بعد عام 2003؟ وماهي الآليات التي اتبعتها القبيلة في دعم النظام السياسي والآمني في العراق؟ وماهو موقف الولايات المتحدة الاميركية تجاه القبيلة في العراق؟ ماهو مدى تأثير البيئة الاقليمية ودول الجوار العراقي على القائل والعشائر في العراق؟

الفرضية: ينطلق البحث من فرضية مفادها: ((أن للقبائل دور ايجابي وسلبي في العراق وعلى مختلف الصُعُد ان كانت الاجتماعية ام السياسية ام الاقتصادية، وهذا الدور يتباين بتباين واختلاف النظام السياسي في العراق على مر التاريخ))، وهذا ما سنشهده في ثنايا الكتاب.

الهيكلية: يتكون هذا البحث بالاضافة الى المقدمة والخاتمة، من عدة مواضيع، هي:

أولاً/ واقع القبيلة والتركيب القبلي في العراق. ثانياً/ الدور السياسي والاجتماعي للقبيلة في العراق. ثالثاً/ البيئة الدولية والإقليمية والظاهرة القبلية في العراق

أولاً/ واقع القبلية والتركيب القبلي في العراق

يتميز المجتمع العراقي، بإنه مجتمع متنوع، إذ أن منحدرات وأصول سكانه تتنوع بتنوع الشعوب التي مرت على وادي الرافدين وهي كثيرة، ومع تنوع المجتمع العراقي فإن هويته الحضارية هي واحدة وهي الهوية الحضارية العربية الاسلامية، فهي هوية العرب الذين يشكلون  مايقارب من 80% من الشعب العراقي من حيث انهم مسلمون بأغلبيتهم الساحقة (القصاب، 2007، ص286)،  ويتكون المجتمع العراقي من قبائل وعشائر لا تقتصر على أثنية معينة أو دين أو مذهب محدد، بل هي موجودة بين مكوناته جميعها، والقبيلة كرابطة دم وانتماء وعصبية متنوعة الانتماء العقائدي والعضوية الى الحد الذي من الممكن أن تضم العشيرة مختلف الانتماءات القومية والمذهبية بحكم انتشار القبيلة الواحدة في بقاع مختلفة من العراق كنتيجة للهجرات الداخلية، وتعرضها للمؤثرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المتباينة، مما جعلها تتبنى اعتقادات دينية متباينة، إذ أن هذه التعددية قد افرزت معها تعددية ثقافية وعقلية ايضاً، وبالنتيجة تعددية في السلوك الاجتماعي والسياسي في ما بعد، وهذه التعددية الثقافية والسلوكية تعد بمثابة الهوية التي تختلف وتتمايز بها القبيلة العراقية الواحدة وتفرعاتها عن غيرها من القبائل المنتشرة في العراق (حسن، د.ت، ص162).

وتتكون البنية الاجتماعية القبلية من ثلاث دوائر أساس وهي: (بركات، 2008، ص133 – 134)

اولاً: البيت أو الاسرة أو العائلة الصغيرة التي تسكن مسكناً واحداً، وتشتمل عادة على الزوج والزوجة أو الزوجات والابناء وزوجاتهم، والبنات غير المتزوجات والحفدة، وتشكل محور النشاط المعيشي اليومي.

ثانياً: يشكل الفخذ أو الحمولة الدائرة الثانية التي تحيط بالدائرة الثالثة وتتألف عادة من بيوت عدة أو أسر تنتسب الى جد واحد، يعود الى خمسة اجيال، ويكون الفخذ محور النشاط الدفاعي.

ثالثاً: القبيلة والعشيرة التي تتألف من عدد من الافخاذ (عادة بين اربعة الى ستة افخاذ)، وتكون القبيلة هي الدائرة الاشمل، أو الإطار العام الذي ينتمي إليه الذين ينتسبون الى جد أو أصل واحد في الزمن الماضي البعيد جميعهم، وتكون من ثم وحدة اجتماعية وسياسية واقتصادية من حيث شبه اكتفاءها الذاتي وصلتها بالقبائل الاخرى والمجتمع والدولة. فكانت القبيلة تقوم مقام الدولة، فالفرد يلقى فيها الامن والضمان والرعاية، فالقبيلة القوية كثيراً ما تحمي ابناءها في أي مكان يذهبون اليه وتهدد بالثأر لكل من يريد ان يعتدي عليهم (الوردي، 2009، ص74 – 75).

وتصنف القبائل العراقية إلى:

  1. القبائل العربية، تقسم الى: (الكعبي، 2012، ص4)
  2. العشائر القحطانية: وهم العرب المنسوبون الى يعرب بن قحطان، ويطلق عليهم العرب القحطانيون، ويعزى نسبهم الى النبي نوح (عليه السلام)، وعاشت هذه القبائل والعشائر في اليمن، وهاجرت الى العراق والبلدان العربية وأبرز هذه العشائر في العراق هي (الزيـديــة، والطائية، والحميرية وغيرها).
  3. العشائر العدنانية: ويقال لهم العدنانيون او المعديون او النزاريون، ويعزى نسبهم الى اسماعيل ابن ابراهيم الخليل (عليهما السلام)، وهم بنو عدنان بن اد، ويكون اسماعيل عمود النسب ثم ابنه قيدار بن اسماعيل وأمه هالة بنت الحارث وهي ام اولاد اسماعيل كلهم، كانوا يسكنون في نجد والحجاز ومن ثم هاجروا. وأبرز العشائر العراقية هي (ربيعة، وبني تميم، وبني اسد، وقيس وغيرهم).
  4. العشائر المتحيرة: وهي العشائر التي لا تعرف نفسها هل هي قحطانية ام عدنانية.
  5. العشائر المتقلبة: وهي العشائر التي لم تستقر على نسب واحد، إي أنها تدعي بأنها من قبيلة وبعد زمن تدعي بأنها من قبيلة اخرى.

وتنقسم القبائل العربية العراقية الى القبائل العربية الشمالية التي تسكن على ضفاف نهري دجلة والفرات الشمالي وابرزها (شمر، والجبور، والعكيدات، وطيء، والدليم، والزوبع، وعنزة وغيرهم)، أما القبائل العربية الجنوبية والتي تسكن الاراضي الزراعية حول نهري دجلة والفرات فهي مكونة من: (الكعبي، ص12)

  • قبائل المنتفك وتسكن شمال الناصرية وحول نهر دجلة وأبرز عشائرها هي (بني ركاب، وخفاجة، وحجام، وبنو اسد، وعبودة وغيرهم).
  • ‌ب.    قبائل منطقة الفرات الاوسط ويسكنون شمالي المنتفك وأبرز عشائرها هي (الفتلة، والخزاعل، وبني حجيم (شمر)، والجبور، والجنابيين، والبو سلطان، والزبيد وغيرهم).
  • قبائل منطقة دجلة يسكنون على ضفاف دجلة بين بغداد والقرنة وأبرز عشائرها هي (ربيعة، وبني لام، وبني كعب، وال ارزيج، والبو محمد وغيرهم).
  • وهنالك قبائل عربية تسكن حول بغداد وأبرز عشائرها هي (بني تميم، والجبور، والبو عامر، والبو حمدان، والعزة، والعبيد وغيرهم).

وتتألف العشيرة العربية في العراق بصورة عامة من أقسام ومسميات أشبه الى أن تكون هيكلاً تنظيمياً إدارياً وهو: (الشطري، س11- 34)

  1.  العشيرة: تسمى الافخاذ التي ترتبط بوحدة النسب والدم وتشترك بالصهر والجوار بالعشيرة، ويحمل اسم العشيرة في الاغلب اسم الجد الاعلى الذي ينتسب إليه أبناء العشيرة جميعهم.
  2. الفخذ: ويتكون من عدد من الناس يتفرعون من شجرة العشيرة ولها شيخ يبقى ملتزماً حيال شيخ العشيرة الام.
  3. الفندة (الحمولة): تعد الفندة جزءاً من الفخذ، بمعنى أنها أشبه بالبرعم الخارج عن غصن الشجرة.
  4. الشبه: وتعني اسم الأسرة الكبيرة المنحدرة من الفندة والمنحدرة هي الاخرى من الفخذ.
  5. الكرمة: وهي عامود النسب لشجرة العشيرة والجد الجامع لأفرادها عدا الجماعة المتحالفة مع العشيرة و(ذبابين الجرش)*.
  6. القبائل الكردية: الكرد، اسم لمجموعة اثنية نشأوا في مرتفعات زاكروس وطوروس غرب ايران وجنوب شرق الاناضول وشمال وادي الرافدين، وفي مقاطعات متناثرة في كل من شمال سوريا وارمينيا واذربيجان، وأختلف الباحثون والمؤرخون في أصل الشعب الكردي لكن المتعارف عليه بينهم هو أن الاكراد ينتمون الى المجموعة  الهند _ اوروبية (الفرع الاري منها)، إذ اثبت علماء التاريخ أن تلك المجموعات البشرية زحفت من أواسط اسيا قبل الميلاد بآلاف السنين الى سلسلة جبال زاكروس، واختلطوا بالشعوب والقبائل الموجودة في المنطقة مثل كوتي، حيثي، ميتاني، كاشي، لولوي، كالدي وغيرهم (شريف، 2012، ص105). وابرز القبائل الكردية (الكورانية، والكلالية، والخونسة، والسورانية، والسيولية، والمازنجانية، والهكارية، والداستية وغيرهم) (الشطري، ص120 -121). وتتوزع القبائل والعشائر الكردية في العراق على خمسة ألوية (في العهد العثماني والعهد الملكي) وهي عشائر لواء الموصل، وعشائر لواء أربيل، وعشائر لواء السليمانية ومنها عشائر الجاف وبشدر والهماوند فضلاً عن عشائر اخرى (الارحيم، 1975، ص85). أما عشائر لواء كركوك فمنها الطالباني، الداودة، الكاكائية، الجاف، الزنكة وغيرهم. فضلا عن عشائر لواء ديالى التي تسكن قضاء خانقين وهي الجاف (تنتشر كذلك في بغداد والكوت والعمارة)، وقبيلة الفيلية، وبرزنجة، وباجلان وغيرها (نيكتين، 1985، ص15 – 16)، وتتفرع العشيرة الكردية الى الطائفة وهي الفخذ أو البطن، والتيرة وهي الفندة أو البيت أو الرهط، والهوز وهو الأصل أو الحي (العامري، 1993، ص28).

القبائل التركمانية: التركمان*، صنف من الترك خرجوا من بلاد تركستان (الذي يتكون من جزأيـن الشرقي منها تحت هيمنة الصين، والغربي منها يتكون من الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفيتي المنهار تركمانستان، طاجيكستان، قيرغستان، اوزباكستان) في آسيا الوسطى بين بحر قزوين وحدود الصين الغربية، وجاءوا الى منطقة خراسان، ثم تفرقوا في المنطقة، وتباين الباحثون في تحديد أصل تسمية التركمان تبايناً كبيراً، ففي ما يخص أصلهم، فهناك من يرى أنه يعزى الى اوغوزجان المنتمية الى فرع اوغوز، ويعد من أبرز الفروع التركية وأكثرها تأثيراً في تاريخ تركيا، وهم قبيلة من القبائل التركية التي وفدت من أواسط اسيا، وتحديداً من منغوليا وهو موطنهم الاصلي (شريف، ص115).

فالظاهرة القبلية في العراق لم تختفي رغم التوسع الذي حصل في المدن (بغداد، الموصل، البصرة، السليمانية) فالظاهرة القبلية حملت اثقالها داخل تلك المدن، ودليل ذلك انها عادت لتنشط بعد عام 2003، وعاد الفرد العراقي يعرف بدلالة انتماءه القبلي.

ثانياً/ الدور السياسي والاجتماعي للقبيلة في العراق

لقد كان للقبيلة ادواراً عدة ومختلفة ومهمة في تاريخ العراق لا يمكن احصاؤها لاسيما على الصُعُد الاجتماعية والثقافية، ونظراً لدورها الكبير في المجتمع العراقي، إذ نلاحظ ميل الافراد الى الاستعانة بقبائلهم من أجل الحصول على حماية وتأمين ممتلكاتهم وهذا ماحدث اثناء أغلب المراحل التي مرت على العراق. وقد أدت هذه القبائل دوراً فاعلاً في الحياة السياسية العراقية ولاسيما في القرنين العشرين والواحد والعشرين، ويذكر أن مجموعات قبلية  كبيرة في العراق ومنها عشائر (الدليم، الخزاعل، شمر، ربيعة، والجبور وغيرها) لها امتدادات إلى السعودية وبقية دول الخليج العربي وسوريا واليمن (الكعبي،2013، ص11 – 12، والربيعي، د.ت، ص92)،  لذلك فإن عدد القبائل والعشائر العراقية كثيرة نتيجة؛ للحوادث التاريخية التي مرت بها بلاد الرافدين، إذ نزحت إليه قبائل عديدة لاسيما من بطن الجزيرة العربية، واتخذت من واديها الخصيب مرتعاً خصباً، واستقرت على ضفاف انهاره وبواديه المتشعبة، اذ الحياة الآمنة والمعيشة الراضية، وبقيت هذه القبائل متمسكة بنظامها القبلي وعاداتها لتحافظ بذلك على كيانها كوحدة قائمة بذاتها، تربطها روابط اجتماعية عميقة الجذور، والذي زاد من قوتها أضطراب الاوضاع السائدة في القرون المظلمة التي مرت بها البلاد واثر في تماسكها ضعف السلطة الحكومية أيام الحكم العثماني في المناطق البعيدة عن العاصمة وبذلك قويت القبائل ونزحت إلى البلاد قبائل عربية عديدة (الكعبي، ص12).

أن للقبائل العراقية قبل عام 2003 دورها السياسي والاجتماعي في الدفاع عن هوية العراق، وفي إدارة شؤونها وعلاقاتها البينية، فضلاً عن ذلك، ماتحمله من مبادئ وقيم واعراف تعد دستوراً لتنظيم أحوالها وتدعيم دورها الاجتماعي (ياسين، واخرون، 2008، ص194). وهذا ما نجده واضحاً في المجتمع والدولة العراقية على مر التاريخ.

وعند دخول القوات الاميركية للعراق في نيسان 2003، عملت سلطة الاحتلال على تدمير ما بقي من البلد، فحولت العراق بلا حكومة وبلا جيش وبلا ادارة، فقد حل الجيش وحلت وزارة الدفاع والداخلية والاعلام، وسُرح منتسبوها، وادى هذا الى الفوضى، وامتلأت البلاد بالاسلحة، وفتحت الحدود على مصرعيها، وبذلك لجأ الفرد الى قبيلته وعشيرته من أجل حمايته (وتوت، الانترنيت)، وقام الاحتلال الامريكي بطرد نحو (40) الف موظف مدني من الاشخاص ذوي المراتب العليا في حزب البعث، وكذلك ألغوا أجهزة مكتبية (بيروقراطية) بأكملها في المحافظات، وألغيت كل مؤسسات الدولة (سلامة، 2003، ص85)، ورافق غياب الدولة وتعويم السيادة وضياع الاستقلال الوطني، فوضى أمنية نجمت عن الفراغ الدستوري وغياب الاجهزة العسكرية ومؤسسات الدولة الاخرى، وأسهم ذلك في شيوع عمليات السلب والنهب والتجاوز على ممتلكات الدولة والمواطنين (شعبان، 2003، ص61). مما دفع بسلطة العشائر لتأخذ زمام المبادرة وتحفظ ما يمكن حفظه من حقوق، واستمر الحال لسنوات بعد الاحتلال، نتيجة تفاقم الوضع وضعف الدولة، إذ أصبح النظام العشائري الحل الامثل للمشاكل لدى البعض في المجتمع العراقي. وقامت سلطات الاحتلال بالاتصال برؤساء القبائل والعشائر ووجهاء المجتمع العراقي لدراسة توجهاتهم، وقامت بمنح اكثر من (916,700) دولاراً امريكياً، اي مايعادل (56,1) مليار دينار عراقي على شكل عقود لاربعة مراكز للديمقراطية للقبائل في منطقة الجنوب والوسط في العراق، اذ وفرت هذه المراكز مكاناً للشيوخ ورؤساء القبائل والعشائر لكي يلتقوا لمناقشة القضايا العالقة، ولكي يأخذوا نبذة عن مفاهيم تدور على الديمقراطية (الحريري، 2004، ص63).

وبرزت ظاهرة تأسيس الروابط والمجالس والمكاتب القبلية والعشائرية، فقد أحصي (45) مجلساً عشائرياً في انحاء العراق خلال المدة الاولى للاحتلال الامريكي،وهذا مايظهر قوة الدور القبلي والعشائري في مجريات الاحداث، وفي الوقت ذاته يظهر حالة من الانقسام والضعف الناجم عن انشطار العديد من القبائل والعشائر الى بيوت متصارعة على المشيخة أو مدعين المشيخة من الذين لايملكون قاعدة فعلية، وهذه الظواهر قد يستفيد منها المحتل هذا ان لم يشجعها لتوظيفها في إضعاف مراكز القوى والمعارضة وانشاء مراكز بديلة ومؤيدة ومرتبطة بها (حميد، 2005، ص183)، وهذا التوظيف المشبوه والمفتقر الى ادنى مقومات فهم الواقع السياسي والاجتماعي للحياة العامة العراقية، وبأغفال متعمد للتاريخ النضالي للعراقيين ضد الوجود الاجنبي، قد اوقع الاحتلال في مأزق، فالارث الكفاحي المرتبط بالمصالح القومية والتحررية للقبائل والعشائر العراقية قد استيقظ مرة اخرى ليقف في مجابهة هذه المحاولة الجديدة، ولا يعتمد الوجود القبلي على مجرد الاحساس بالتضامن، وانما هو صياغة لتفاعل عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية، وبذلك فهي كيان معرفي وثقافي له خصوصيته وهويته واخلاقيته التي يدأب عليها كل فرد، لكونها حصناً يتمترس خلفه للمحافظة على خصوصيته ومصلحته في الوقت نفسه (السيد واخرون، ص167). ولوحظ عقب عام 2003 تعدد بعض مشايخ القبيلة والعشيرة الواحدة، بفعل التباين بشأن مغانم التوريث، أو بفعل النفوذ، فينقسم جسم القبيلة أو العشيرة وفقاً لذلك الى قسمين او أكثر، وتقوم بينهم المشاحنات وربما القتال، وربما النظام السياسي الذي يسهم بتشضيه هذه القبائل والعشائر، وذلك من أجل إضعافها من ناحية، ولشراء ولاء بعضها من ناحية اخرى، فضلاً عن إشعال الحرب داخلها لاغراض بعيدة (الشابندر،2014، ص234). وبعد ايام من الاحتلال خرج الالاف من ابناء القبائل الى الجوامع ضد الاحتلال، واطلق منظموا التظاهرات على انفسهم اسم الحركة الوطنية العراقية المتحدة (الحريري، ص57)، وفي ظل هذه الأزمة الأمنية التي تعد من أخطر التحديات التي تجابه وحدة وتماسك العراق، طالب بعض الشيوخ أن يكون للقبيلة دور أكبر لانهم يرون أن دور القبيلة مضمحل في هذا الجانب، اذ اقترح شيوخ العشائر في بابل على الاجهزة الامنية والمحافظ ان يتحملوا مسؤولية تأمين الحماية لطريق بغداد – الحلة على الجانبين، وكان شيخ المعامرة السيد عدنان راشد الحمد، والسيد فاضل عبد الله حديد شيخ عشيرة الشجيرية قد تعهدا بأن يكونا مسؤولين امام القانون إذا حدث اي خرق امني في المنطقته، فضلاً عن عشائر طفيل والجنابات في جرف الصخر وبني حسن (حميد، ص184)، وأخذ الافراد يستنجدون بقبائلهم من أجل حمايتهم بعد أن عمت الفوضى وانعدم الاستقرار، فلم يجدوا غير شيوخهم لتقديم الولاء لهم مقابل توفير الحماية لهم ولابنائهم ولممتلكاتهم، ولاسيما في المناطق التي ينتشر فيها العديد من ابناء القبيلة او العشيرة نفسها فإن من يمس فرداً من أفرادها كأنما مس القبيلة بأكملها.

أما موقف القبائل من الاحتلال الامريكي فإن القبائل رفضت الاحتلال الامريكي للعراق في كل وقت وأي زمان، ولا يمكن للقبائل أن تقبل اي مسوغ وتحت اية ذريعة أو تحت اي مسمى الاحتلال الامريكي للعراق وما يؤيد رفض القبيلة للاحتلال هو وقوف ابنائها ضد الاحتلال الامريكي ومقاومته حتى انسحب من العراق، بعد تكبيده خسائر كبيرة في الارواح والمعدات، فاخذت القبائل الغربية * تنظر الى الاحتلال الامريكي على انها قوات محتلة لابد من مواجهتها ومقاومتها، وان الموقف الوطني يملي عليهم ان يعدوا القوات الامريكية قوات غازية، وان القوانين الدولية توجب وتبيح لهم مقاومتها، ومن هنا شكلت القبائل والعشائر الغربية حاضنة للتشكيلات العسكرية، كما تحدث الاعلام وفي بيانات له عن عدم شرعية الاحتلال، وبانه جاء من سند غير شرعي ومخالف لمقررات الامم المتحدة، وقد خالفت الولايات المتحدة الاميركية كل المؤسسات الدولية بما فيها مجلس الامن لاسيما وان العراق تحت وصايا مجلس الامن بموجب البند السابع (الهاشمي، 2003، ص158). كما كانت رؤيتهم للاحتلال الامريكي بانه مشروع يستهدف الأمة العربية محاولين اشراك العالم العربي بمواجهتهم للاحتلال الامريكي، وتجديدا للخطاب القومي العربي، وجاءت في بيانات القبائل الغربية بأن الهدف الامريكي من وراء احتلال العراق هو الهيمنة على النفط لكون العراق يمتلك ثاني احتياطي بترولي عالمياً تقدر بنسبة 11% من البترول العالمي (الهاشمي، ص186-187، والحسيني، 2006، ص31). ودعماً للموقف الرافض للاحتلال الامريكي تشكلت في المنطقة الغربية فصائل مسلحة تضم ابناء القبائل والعشائر لغرض قتالهم كان الغرض من ذلك اخراج قوات الاحتلال الامريكي من العراق (الهاشمي، ص161 – 174). أما القبائل الجنوبية فكان شأنها شأن القبائل الغربية اذ اخذت تنظر الى الاحتلال الامريكي بأنه قوة محتلة ولابد من مقاومتها واخراجها من البلاد وان تعددت المواقف منه، الا ان الاغلبية اتفقت على اخراج المحتل من العراق.ان المنطقتين الوسطى والجنوبية تمتلكان ثروة بشرية كبيرة من سكان العراق، اذ يقــدر عدد سكانهــمــا بما يقارب من (12,322,763) مليون نسمة، بحسب نتائج الحصر والترقيم الذي اجرتـــه وزارة التخطيط عام 2009 (الهاشمي، العطواني، 2014، ص211). وتعد القبائل الجنوبية ذات بعد قبلي وعشائري ، وتتألف من عشائر كبيرة وبارزة، ومؤثرة في الثقل السكاني والذي بدوره يؤثر في الحياة السياسية ، لاسيما وان الطابع القبلي والعشائري هو البارز والمؤثر في الوجود الاجتماعي حتى السياسي في العراق، وتمتاز هذه القبائل بولائها للـمرجعية الدينية في النجف الاشرف المتمثلة بالسيد علي السيستاني، وهذا ما يعني تعددية الولاء في العراق (الهاشمي، العطواني، ص33). واعتمدت مجموعة من أبناء القبائل على المقاومة السلمية خياراً ممكناً لاخراج الاحتلال واستعادة السيادة والاستقلال وذلك من خلال الاعتصامات والتظاهرات السلمية والاستعمال الامثل لوسائل الاعلام المقروءة والمسموعة لحشد الجماهير الشعبية عن طريق التوحد والالتفاف ضمن الاحزاب والكيانات السياسية التي تتبنى العمل السياسي وهؤلاء يمثلون ابناء القبائل المثقفين (العارضي، 2007، ص17)، فيما رأى اخرون في المقاومة المسلحة الطريقة المثلى لطرد المحتل واستعادة السيادة والاستقلال انطلاقا من مبدأ حق الشعوب في المقاومة (الهاشمي، 2010، ص19 – 20). وانضوت بعض القبائل والعشائر الى المؤتمر التأسيسي العراقي الذي ضم فضلاً عنهم شخصيات سياسية ودينية واحزاباً سياسية تشكلت بعد الاحتلال الامريكي للعراق، فضلاً عن شخصيات بارزة من مختلف الطوائف والقوميات، وشددوا في هذا المؤتمر الذي عقد في  8 ايار 2004 على رفض الاحتلال الامريكي للعراق جملة وتفصيلاً (اللامي، 2004، ص55). وشكل عمق الريف العراقي والتوزيع الديمغرافي بيئة مناسبة لانطلاق العمليات المسلحة ضد قوات الاحتلال الامريكي، فهذه البيئة اتاحت فوراً امكانية للتضافر والثقة بين أبناء القبائل والعشائر الذين خدم معظمهم بالجيش أو الحرس الجمهوري او الاجهزة الخاصة السابقة، ففي المرحلة المبكرة من الاحتلال شكلت مناطق الريف العراقي وابناء العشائر حاضنة لانطلاق عمليات المقاومة ضد الاحتلال الذي تفاجئ بحجمها وكفاءتها وتكبد خسائر بشرية ومادية جسيمة (المعيني، الانترنيت). وبناءً على ماتقدم، فإن أبناء القبائل رفضوا الاحتلال الأمريكي، ودعوا الى تشكيل جماعات مسلحة من أجل اخراج القوات المحتلة من العراق واستعادة سيادته واستقلاله، كما الحقوا العديد من الخسائر البشرية والمادية بالقوات الامريكية على الرغم من عدم وجود اي مقارنة ما بين القوات الامريكية المسلحة بأسلحة كبيرة ومتطورة والمدعومة من قبل العديد من الاطراف العالمية وبين المقاومة التي تعاني من نقص في السلاح وعدم التنسيق والتخطيط الجيد، فكان لابد من مواجهة المحتل الاجنبي ومكافحته بكل الوسائل الممكنة من غير ايذاء أي فرد من أفراد الشعب العراقي.

وفي ضوء متطلبات المرحلة والسعي نحو بناء المجتمع الديمقراطي، تجلت فكرة القبيلة الحديثة التي تؤمن بالتحولات المدنية ونبذ التنافر والنعرات السلبية، فتأسست العديد من المجالس القبلية والعشائرية مطالبة بتعزيز حقوق الفرد والمرأة وتنمية ورعاية الطفل، لكونها إحدى منظمات المجتمع المدني غير الحكومية، ولعل من العشائر ذوات المواقف المشهودة عشيرة آل فتلة، التي أدت دوراً فاعلاً في قيادة ثورة العشرين، فقد تأسس مجلس عشائر آل فتلة في العراق في 24/ايلول/2004 برئاسة الشيخ عبد الجليل كامل آل جلوب الفتلاوي، وكان من أهداف هذا المجلس توحيد الحركة الاسلامية في العراق، وتدارس الوضع السياسي بعد 9 نيسان 2003 (حميد، 2005، ص184)، وتأسس مجلس شيوخ العشائر المركزي في العام نفسه، وامينه العام الشيخ منصور عبد المحسن الاسدي ويقع مقره في النجف الاشرف، وله فروع في كربلاء، وتشكل مجلس شيوخ عشائر واعيان محافظة النجف في 18 تموز 2003، وامينه العام السيد محمود محمد رضا الصافي، وكان المجلس نشيطا، فقد شكل عقب تداعي النظام الأسبق قوة عرفت بقوة حماية الصحن الشريف من أبناء العشائر النجفية، وتحولت في ما بعد الى جهاز الشرطة واسهم المجلس في اطلاق العديد من المبادرات لفض النزاعات الحاصلة في العراق (الزبيدي، ص527 – 528). ومن أبرز المجالس القبلية والعشائرية التي تألفت في العراق بعد عام 2003، وعدا المحافظات الشمالية هي: (النهر، الانترنيت)

  1. مجلس عشائر العراق العربية في الجنوب.
  2. تجمع عشائر العراق.
  3. التجمع الوطني العشائري المستقل.
  4. مؤتمر القبائل والعشائر.
  5. مجلس شيوخ واعيان العراق.
  6. المؤتمر العام لشيوخ قبائل وعشائر العراق.
  7. مكتب تنسيق عشائر العراق المجاهدة.
  8. أمراء وشيوخ عشائر العراق الرافضين للاحتلال الاجنبي.
  9. مجلس شيوخ عشائر العراق.
  10. تجمع عشائر العراق الوطني.
  11. برلمان شيوخ العراق.
  12. هيئة العشائر العراقية.

وتباينت مواقف القبائل من المشاركة من العملية الانتخابية بين مؤيد ومعارض، اذ أن بعض شيوخ القبائل يرون ضرورة الاسهام في الانتخابات وعدم المقاطعة، والبعض الاخر دعا الى مقاطعتها ومحاربتها، ومن مسودة الدستور ومواده واللجنة التي كتبته. إذ رفضت المرجعية الدينية هذه اللجنة وطالبت بإجراء انتخابات، فخرجت العشائر في تظاهرات كبيرة ملبية نداء المرجعية فبدأت في البصرة وميسان وباقي المحافظات، وبذلك حققت مطالب العشائر، إذ اجري الاستفتاء على الدستور في عام 2005، على الرغم من عدم حصوله على التأييد الكامل له، لكن نجد ان تأثير العشائر ودورها ازداد، إذ اعتبر النائب عن دولة القانون عضو البرلمان الشيخ (محمد سعدون الصهيود) ((إن للعشائر دوراً كبيراً في حفظ الامن والاستقرار ودعم التوجهات الوطنية التي من شأنها المحافظة على وحدة العراق التي تتعرض الى تحديات كبيرة)) (الزاعات العشائرية … الانترنيت). وكان موقف القبائل الجنوبية والغربية والشعب العراقي عموماً من فكرة الفدرالية يتسم بالتفاوت بين مؤيد ومعارض، وذلك لعدم وضوح الرؤية لدى هذه الاكثرية بشأن مضمون الفدرالية، ولعل اخطر مافي اللامركزية السياسية/ الفدرالية في العراق هو إشكالية توزيع الاختصاصات بين هيآت السلطة في الدولة الاتحادية المركزية وبين هيئات الوحدات المحلية التابعة لها، فالتوزيع مهما كان دقيق الترسيم لايمكن أن يصمد طويلاً بفعل تفاعلات الاحداث، وتعارض المصالح، ففي هذه الحالة يقع التدخل والتجاوز، ومن ثم الخلاف وربما النزاع (العنبكي، 2010، ص62)، إذ جعل الدستور العراقي من حق حكومات الاقاليم، ومجالس المحافظات اقامة علاقات خارجية مع دول اجنبية، من دون الرجوع الى الحكومة المركزية، وبذلك فهي تخلق جو من الفوضى وعدم تحديد المسؤولية في العلاقات الخارجية، ومن ثم ضعف وتهميش الحكومة المركزية، فضلاً عما يخص عقد اتفاقات وعقود اقتصادية مع الشركات الاجنبية على استثمارات النفط وغيره من الثروات الطبيعية، فضلاً عن تخويل الدستور الحكومات المحلية الاستحواذ على ما يكتشف من ثروات طبيعية في المستقبل في مناطقها وعقد الصفقات مع الشركات الاجنبية من دون الرجوع الى الحكومة المركزية، والانفراد بها تاركين بقية الشعب (حسين، واخرون، 2012، ص138 – 139). وكان رد فعل المحافظات الجنوبية على تضمين الدستور بنداً ينص على فدرالية إقليم كردستان هو الرفض المطلق، وهو رفض كانت له بواعث مختلفة، جزء منها هو الحرص على وحدة الكيان العراق (مسعد، 2009، ص74)، فضلاً عن اشكالات عديدة في هذا الدستور، لكن مايخص موضوع القبيلة فقد جاء في المادة (45) من الباب الثاني/ ثانياً ((تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية ، وتهتم بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون، وتعزز قيمها الانسانية النبيلة، بما يسهم في تطوير المجتمع، وتمنع الاعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الانسان)) (دستور العراق الدائم لعام 2005). وفي الصدد ذاته أي مايخص القبيلة فقد حدد القانون الداخلي لمجلس النواب الذي يتضمن تأليف لجان دائمة على وفق المادة (69)، جاءت المادة (70) لتؤكد على أن تشكل في المجلس اللجان الدائمة، وتحديداً في النقطة (23) لجنة العشائر، التي خصصت لها المادة (110) من النظام الداخلي ((أولاً/ متابعة شؤون العشائر وتفعيل دورها الوطني، وثانياً/ متابعة النهوض بالقبائل والعشائر العراقية وتهتم بما ينسجم مع الدين والقانون، وثالثاً/ الاشراف على تعزيز القيم الانسانية النبيلة بما يسهم في تطوير المجتمع)) (النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي، 2012، ص73 – 74). وبذلك فإن الدستور يعطي للقبيلة دوراً كبيراً مهماً في المجتمع العراقي ويسعى للنهوض بالقبائل والعشائر وذلك لما لها من حضور واسع وتاريخ مشرف للعراق، وأغلب مكونات المجتمع العراقي تعد ذات بعد قبلي وعشائري، وأكد على العناية بشؤون القبيلة لدورها في الاسهام في تطوير المجتمع، كما جاء في النظام الداخلي لمجلس النواب على ضرورة تأليف لجنة عشائر دائمة وفي ذلك تأكيد على الدور الفاعل والمؤثر للقبائل في المجتمع العراقي.

إذ مارست العشائر دوراً اجتماعاً مهماً في ظل التعدد العشائري والديني والمذهبي، ولعبت مضايفها دوراً كبيراً في التثقيف المجتمعي ووحدة الصف العراقي، فأفشلت المخططات الرامية الى تمزيق الصف العراقي واستهداف بنيته الاجتماعية واشعال الحرب الطائفية. ومن ناحية اخرى، كفل الدستور العراقي حق العشائر العراقية ودورها واهميتها، حيث نصت المادة (45/ ثانياً) من الدستور ((ان تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية، وتهتم بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون وتعزز قيمها الانسانية النبيلو بما يساهم في تطوير المجتمع وتمنع الاعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الانسان)) (دستور العراق الدائم لعام 2005). وعلى أثر المصالحة الوطنية والعمليات التي حدثت في 25 حزيران 2006 فإن بعض القبائل رحبت بالنظام السياسي الجديد لأنها تراه نظاماً ديمقراطياً ومتحضراً خلافاً للانظمة السابقة التي حكمت العراق، وأيدت العملية السياسية ودعمتها بكل ماتستطيع وبما لديها من امكانيات وكان لبعض القبائل دور كبير ومؤثر في الحياة السياسية من خلال المشاركة فيها أو الترويج لها أو دعمها بالاراء والمقترحات التي تنهض بها وتقويها، ودعمت بعض القبائل الأحزاب السياسية من خلال المشاركة فيها أو تشجع أبنائها على الانتماء. وعقد بتاريخ 30 حزيران 2007 مؤتمر شيوخ عشائر العراق في النجف الأشرف في الذكرى السنوية لثورة العشرين ، وجاء فيه أن  المؤتمرين يثمنون دور المرجعية الدينية وعلى رأسها آية الله السيستاني لما قامت وتقوم به من دور لحفظ وحدة العراق وحفظ أبناء الشعب من الانزلاق في حرب أهلية وحفظ النظام القائم، كما تعهد المؤتمرون بالمضي قدما في تنفيذ توجيهات وتوصيات المرجعية الدينية، وأكدوا ضرورة نيل السيادة الوطنية الكاملة والمطالبة ببناء نظام إتحادي في كل العراق فضلاً عن إشاعة روح المحبة والوحدة ، والتآلف والتسامح بين أبناء شعب العراق . وطالبوا الحكومة العراقية بضرورة تأمين الطريق الى سامراء وإعادة بناء مرقدي الامامين العسكريين (عليهما السلام) ومعاقبة المنفذين والمقصرين، وضرورة إطلاق سراح المعتقلين لدى القوات المتعددة الجنسيات والحكومة العراقية، ممن مضى على احتجازهم مدد طويلة ولم تثبت بحقهم أية تهمة. واعلنوا دعمهم لرئيس الوزراء وطالبوه ببذل المزيد من الجهود لأجل بناء العراق وتحقيق أمنه فضلا عن إعادة بناء البنى التحتية وتوفير الخدمات وتوفير فرص عمل للعاطلين (جريدة المؤتمر، 2007). واختتم المؤتمر العشائري الثاني لمجلس عشائر السادة والشيوخ والوجهاء في ناحية الحفرية في آب 2007 برعاية ممثل رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، تحت شعار (يداً بيد للحفاظ على أمن العراق وسلامة أبنائه)، وألقى ممثل رئيس مجلس الوزراء كلمة أكد فيها على تلاحم كل القبائل والعشائر خلف حكومة الوحدة الوطنية وبارك للمؤتمرين دعمهم للحكومة وحفظ أمن العراق فضلاً عن زرع الروح الوطنية في نفوس أبناء العراق الأبطال، مطالبا ان تكون الهوية العراقية هي أساس التعامل أولا وأخيرا وفي نهاية المؤتمر خرج المؤتمرون بتوصيات أهمها، دعم الحكومة المنتخبة وتشكيل فوج من أبناء العشائر في ناحية الحفرية، وأن يكون تحت مظلة رجال الأمن في أي وقت (جريدة المؤتمر، 2007).

وعقدت في هذه الفترة العديد من المؤتمرات والاجتماعات لرؤوساء العشائر والقبائل العراقية طالبت من خلالها خلاله أبناء القبائل والعشائر بدعم الحكومة وإسنادها ومنتسبي الاجهزة الامنية، والتأكيد على حرمة الدم العراقي بغض النظر عن الطائفة او المذهب، وجرت الانتخابات بتاريخ 7 آذار2010، وقد قسمت الخارطة الانتخابية الى أربعة ائتلافات ثقيلة الحجم، وهي ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني فضلاً عن القائمة العراقية، وأعلنت النتائج بحصول القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي على واحد وتسعين مقعداً، وحل ائتلاف دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي بالمركز الثاني بحصوله على تسعة وثمانين مقعداً، وبعد المشاورات والتحالفات ألفت حكومة الشراكة الوطنية التي تزعمها نوري المالكي (الهاشمي، العطواني، 2012، ص55 – 57). وعلى الرغم من ذلك، نجد ان سياسات الحكومة الغير عادلة والغير متكافئة في الخدمات، ونتيجة للاوضاع الامنية المتردية، ادت الى سخط بعض المحافظات العراقية وخصوصاً المحافظات الغربية، فأدت تفاقم الاوضاع الى خروج  قبائل المنطقة الغربية في ساحة الاعتصام في الرمادي (2012 – 2013) مطالبة الحكومة العراقية بتحسين الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وطالبوا بإصدار عفو عن المعتقلين والمعتقلات والسجناء، وتحقيق التوازن في إدارة الدولة ومؤسساتها، ورفع مستوى الخدمات للمواطنين، وفتح مجال أكبر للحرية والتعبير عن الرأي، وكان نتيجة هذه الاعتصامات قيام رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي بتوكيل نائبه السابق سلام الزوبعي الى محافظة الانبار للتفاوض مع المتظاهرين الذين رحبوا بأية خطوة تقدم عليها الحكومة بهدف تحقيق مطالبهم (جريدة الصباح، 2013)، وشكلت الحكومة لجنة وزارية لتلقي طلبات المتظاهرين المشروعة، داعين المتظاهرين وأصحاب المطالب لانتخاب لجان تمثلهم لحمل مطالبهم وتسليمها أما الى مجالس المحافظات أو الى اللجنة الوزارية التي ستبقى في اجتماع دائم حتى إنهاء عملها وتحقيق المطالب التي تقع ضمن اختصاصها (جريدة الصباح، 2013)،  وخصصت الحكومة العراقية يوم الثلاثاء 26 آذار 2013 جلسة لمناقشة مطالب المتظاهرين والمعتصمين في المنطقة الغربية، واصدار القرارات الخاصة بها على وفق الدستور والقانون، وجاءت هذه الخطوة مع ترحيب رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي بتوصل المتظاهرين الى تشكيل لجنة للتحاورمع الحكومة (جريدة الصباح، 2013)، ولكن على الرغم من سياسات الحكومة فهي قرارات على ورق ولم يتم تلبية مطالب المتظاهرين والمعتصمين، مما ادى الى تفاقم الاوضاع اكثر. وفي نينوى دعا المحافظ أثيل النجيفي رؤساء القبائل والعشائر العربية الى تشكيل لجان شعبية من المتطوعين المدنيين لغرض تقديم الاسناد للشرطة المحلية وسد الفراغ الامني الذي قد يحدث إذا انسحبت قوات الجيش وقوات الشرطة الاتحادية من نينوى، وتصاعدت خلال هذه المدة (2012 – 2013) الاصوات المعارضة لخروج القوات العسكرية من المدن، وانسحابها منها، فضلاً عن تزايد دعوات رفض الفدرالية والتقسيم ، وصرح أمير قبائل السادة النعيم (الشيخ سفيان عمر النعيمي) في بيان له أن شيوخ العشائر العربية هم اصحاب القول والفعل والكلمة الفصل ويعلنون موقفهم الرافض لخروج جندي واحد من مناطقهم، مبيناً أن العشيرة العراقية ترى أن العراق لا يمكن أن يستقر إلا بالجيش العراقي الذي يرفع راية البلاد ويعمل من أجل الوحدة الوطنية ، ويقدم الضحايا في حربه ضد التطرف والارهاب والمطالبين بالتقسيم، وجاء هذا البيان عقب حادث قتل الجنود العراقيين الخمسة الذين لقوا حتفهم على اثر الاشتباك بين قوات الامن والمتظاهرين في ساحة الاعتصام في الرمادي وتحديداً في الحويجة في  نيسان 2013 (جريدة الصباح، 2013) .

وشكل مايسمى بجيش العشائر في 24 نيسان 2013، على أثر أحداث الحويجة (البكري، 2014، ص61)، وقام مسلحو هذا التشكيل بعمليات مسلحة عدة، بدأت في الحويجة وسلمان باك وأمتدت الى الانبار والفلوجة، وأعلنت الحكومة عن إفراجها عن اثني عشرة معتقلة في سجونها؛ أستجابة لمطالب المتظاهرين (البكري، 2014، ص61 – 62).

ومهما يكن من أمر فإن القبيلة أدت دوراً كبيراً في مختلف المجالات ضمن المجتمع العراقي قبل عام 2003، أما بعد عام 2003 فإن دورها اصبح بارزاً أكثر لاسيما على صعيد المصالحة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب العراقي ، ودورها في حفظ الامن اذ قامت القبائل بحماية مناطقها من المخربين وحماية حياة أفرادها وممتلكاتهم وكل من لجأ إليها في سبيل توفير الحماية له ، فضلاً عن ذلك تشكيل الصحوات في المناطق الغربية ، التي حاربت تنظيم القاعدة وقضت عليه، وأن الطبيعة القبلية في كل مجتمع كما هو معروف تؤدي الى فوضى وعدم استقرار، إلا أن حالها في العراق كان مختلفاً لاسيما بعد عام 2003، وإذ حافظت على المدن التي تسكنها ، وعملت على حماية كل من لجأ إليها، في ظل إنهيار مؤسسات الدولة، وفي ظل حكومتي المالكي (2006 – 2014) غلب اللقب القبلي والعشائري، إذ نلاحظ أسماء المسؤولين تنتهي بلقب القبيلة أو العشيرة، وشهدت الانتخابات الميل الى أصحاب القبيلة أو العشيرة نفسها وتقديم الدعم لهم، فضلاً عن الانتماء الى الاحزاب السياسية أما لاسباب قبلية كأن يكون مسؤول الحزب ينتمي الى القبيلة نفسها، أو لاسباب دينية أو لاسباب مذهبية وطائفية.

ثالثاً/ البيئة الدولية والإقليمية والظاهرة القبلية في العراق

حرص الاحتلال الاميركي فور دخوله للعراق على ضرب كافة مقومات السيادة العراقية، وتسريح وحل كافة منظومات وصمامات الضبط الاجتماعي والامني والسياسي كالشرطة والامن والجيش والمخابرات وسمح وشجع اوسع عملية نهب وسرقة في تاريخ العراق، حيث لم تسلم معظم مؤسسات الدولة العراقية من عمليات السرقة والنهب والحرق (المعيني، الانترنيت).

والسؤال هو: كيف تعاملت الولايات المتحدة الأميركية مع ظاهرتي القبلي والانتماء المذهبي في العراق؟ فمع قدوم الاحتلال للعراق استناداً الى طروحات المحافظين الجدد واعضاء مشروع القرن الامريكي كان هنالك اتجاهان بالتعامل مع العراق على اساس كونه ليس دولة واحدة وانما هو عبارة عن مجموعات اثنية وقبلية ومذهبية غير متجانسة، هذا الطرح استخدم المعارضة العراقية المنقسمة على نفسها بعد مؤتمر لندن 1992 والتي عرفت نفسها على اساس كونها ممثلة لانتماءات اولية وليس كونها ممثلة للدولة العراقية هذا الطرح وجد نفسه حاضر عند قدوم الاحتلال للعراق عام 2003 وازالة البنى القديمة للدولة العراقية الممثلة بنظام سياسي ومؤسسة عسكرية وطنية ووسائل اعلام مركزية وصار اتجاه ان العراق مجتمع منقسم وهذا المجتمع المنقسم لا يمكن ان يقاد من مجموعة واحدة وانما يقاد من مجموعات متوافقة استناداً الى نظام من المحاصصات التي يعبر عن كل منها عن وزن افتراضي لحجمه داخل المجتمع، وهكذا اتجهت الولايات المتحدة الاميركية الى السماح للعراقيين باطلاق هوياتهم الفرعية وكان اكثر التركيز منصباً على السماح للعراقيين باطلاق الهويتين الاثنية والطائفية وخاصة الهوية الاثنية للاكراد والهوية الطائفية بين المنتمين للمذهبين السني والشيعي (البكري، ص89، ومحمد، 2008، ص120). ففي الاعوام الاولى للاحتلال بدأت تظهر موجة معادية للولايات المتحدة الاميركية بين العراقيين وزاد حدة الاستقطاب فيها كونها جمعت اولاً التنظيمات الجهادية الاجنبية التي سمحت للولايات المتحدة الاميركية بمحاربتها داخل حرب العراق، فضلاً عن انصار النظام السابق والساخطين على الاحتلال الاميركي او المتأثرين بإجراءاته، وفي السنين الاولى كان حيز هذه المجموعات مناطق واسعة من العراق، وهذا ما دفع الولايات المتحدة الاميركية الى اللعب على ثلاثة مسائل: (بريمر، ص100 وما بعدها)

المسألة الاولى/ توسيع تدخل إيران داخل العراق، لفرض أكبر منطقة استقرار لا تمارس عنفاً ضد القوات الاميركية.

المسألة الثانية/ اللعب على الورقة المذهبية وبيان ان الشيعة حلفاء اميركا والمستفادين منها، وان الساخطين من لاحتلال هم فقط من السنة.

المسألة الثالثة/ هو العمل على تعزيز نفوذ وسلطات شيوخ القبائل من السنة تحديداً وهذا ما جرى التركيز عليه بعد العام 2007 في محاولة لفصل المجموعات المسلحة والجهادية عن المجموعات العشائرية والقبلية، وتم تأسيس ما يعرف بـ (الصحوات) في المناطق السنية في حين ان المناطق الشيعية بقت محكومة بثلاثية إيران ومرجعية النجف ووجهاء القبائل المنخرطين في إطار احزاب دينية تدين بعلاقات ايجابية مع الولايات المتحدة الاميركية بفعل حدث 2004 (استلامها للسطة بفعل اميركي). وتضمنت مجالس الصحوات والاستناد (23) قبيلة كبيرة في الرمادي والمناطق المحيطة بها، اذ قام زعماء العشائر والقبائل ورجال الدين بدعوة الالاف من الشباب في جميع انحاء المحافظات العراقية وخصوصاً محافظة الانبار للانضمام الى قوات الشرطة المحلية، إذ انضم ما يقدر بحوالي 8000 رجل من قبائل محافظة الانبار في الجيش والشرطة العراقية، إذ وقع زعماء العشائر في الانبار اتفاقاً لتنظيم قوة قبلية من حوالي 30,000 من رجال القبائل، وطلبوا اسلحة من القوات الاميركية من اجل محاربة تنظيم القاعدة بأنفسهم، إذ وصل عددها في عام 2010 الى 242 مجلساً يضم ما يقارب 6,480 من شيوخ ووجهاء العشائر العراقية (دور العشيرة… الانترنيت).

وبذلك ازداد دور العشائر العراقية بعد الاحتلال الاميركي للعراق ونما بشكل كبير، واخذت لها مكانة كبيرة، إذ اشار (الشيخ محمد ربيعة الامير) امير قبيلة ربيعة ((ان العشائر اصبحت جهة رئيسة لحل المشاكل داخل المجتمع العراقي، بعد الضعف الذي رافق عملية التغيير في الوضع العراقي، خصوصاً عندما لم يكن للسلطات الامنية والقضائية دورها المؤثر في التطبيق، وبالأخص خلال الفترة التي استشرى فيها الفساد، إذ استمر دور العشائر في مختلف المحافظات في حل المشاكل في المجتمع نتيجة تردي الاوضاع الامنية واعتماد الحكومة على رجال العشائر في توفير الامن، حيث انها نجحت وبامتياز في طرد تنظيم القاعدة والميليشيات في المناطق الساخنة، من خلال تشكيل مجالس الاسناد والصحوات وتعاون المواطنين في بسط الامن في مناطقهم خاثة في المناطق الجنوبية والوسط، حيث كانت مؤمنة جداً بتعاون المواطنين مع الاجهزة الامنية، كذلك دور العشائر بالدفاع عن مناطقهم والعمل على صد الهجمات الارهابية عنهم)) (النزاعات العشائرية… الانترنيت). إذ استمرت العشائر في هذا الدور تارة تقاتل الارهاب، وتارة اخرى تسهم في حفظ الامن، إذ اصبحت في اداة من ادوات الحفاظ على النظام السياسي العراقي بعد عام 2003، وبرزت اهميتها وبصمتها في مدة الاحتلال الاميركي ومواقفها المضادة منه، ولم تتوقف عند هذا الحد فدخلت الانتخابات وأصبح لها حضور فاعل في كافة المستويات سواء في مجالس المحافظات او مجلس النواب او في المجالات التنفيذية.

أما البيئة الإقليمية، فتمتلك الإطراف الإقليمية أجندات متعارضة حول مستقبل العراق, وتتداخل هذه الأجندات مع القلق حيال الأجندة الأمريكية في دول الشرق الأوسط وحيال التطورات الداخلية في تلك الدول ذاتها, لذا فقد سعت الدول المجاورة للعراق التدخل في شأنه الداخلي عبر ممارسة الضغط والتأثير على اغلب القيادات السياسية التي تلتقي أجنداتها مع أجندات الدول الإقليمية (فريق ابحاث، 2007، ص68).

     تنتهج إيران سياسة تعتمد على مسارين هما: الضغط العسكري على الولايات المتحدة الأمريكية بواسطة آلياتها وأدواتها في العراق كالميليشيات المختلفة، والمسار الثاني هو دعم أصدقائها لاحتلال مواقع حاسمة في الحكم، ويشير المختصون بالشأن الإيراني إلى أن لدى إيران عدة أهداف أساسية على جدول أعمالها حول العراق، وهي: تشجيع قيام حكم أغلبية شيعية مقربة منها، والإشراف على إدارة المزارات الشيعية المقدسة (النجف، كربلاء، والكاظمية) بصفتها ملكاً لكل الشيعة عموماً، والإشراف على المدارس الشيعية الدينية (المدارس والمؤسسات الدينية) ( ايران في العراق…، 2005). فمنذ الأيام الأولى للاحتلال اعترفت إيران بمجلس الحكم الانتقالي، وتجلى موقفها واضحاً واضحاً بتدخلها بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال تقديمها الدعم لبعض القوى السياسية الفاعلة في الساحة العراقية، وقدرتها في التأثير على مجريات الانتخابات فهي تدعم وبصورة واضحة القوى والتيارات الإسلامية التي تعمل على تحقيق مصالحها في العراق, والذي أدى إلى تصدر هذه القوى  للمشهد السياسي العراقي منذ  أول انتخابات عام 2005 إلى أخر انتخابات 2014, فلها دور مؤثر بالعملية السياسية والأمنية (العمار، 2005، ص35 وما بعدها). فإيران اليوم تتمتع بأقوى نفوذ سياسي لها في العراق بل أصبحت من اللاعبين الأساسيين في الساحة العراقية, فعملت إيران على إفشال المخطط الأمريكي بأتجاهين: الأول، هو محاولة إفشال الاحتلال من خلال إلحاق أكبر قدر من الخسائر في قواته ليس بشكل مباشر بل من خلال المتعاونين معها وفتح الحدود وتسهيل مهمة عبور المقاتلين عبر أراضيها وأراضي دول آخرى تتعاون معها في درء مخاطر مشروع الاحتلال في العراق، ومن خلال دعم الميليشيات الشيعية وتنظيم القاعدة أو مجاميع مسلحة صغيرة آخرى في جنوب العراق، كما توالت الانباء المحققة في ذلك (وهيب، 2006، ص2). والثاني، الإسراع في إنتاج السلاح النووي والتي يمكن أن تكون رادعاً للولايات المتحدة وإسرائيل إذا ما حاولا ضربها (وهيب، 2006، ص2 – 3). هذا فضلاً عن إن ما تطمح إليه إيران هو بناء نظام عراقي ضعيف وتابع يسهل استغلاله، لتحقيق جملة من الأهداف الإيرانية سواء على صعيد العراق أو على صعيد المنطقة ككل، معتمدة في تنفيذ هذه الأهداف أو تنفيذ استراتيجيتها في العراق على عدد من المقومات تتمثل في المقومات الجغرافية والدينية والاقتصادية والسياسية، أبرزها وجود بعض حلفائها داخل النظام السياسي العراقي الحالي يكونون عوناً لها في تحقيق أهدافها.

أما تركيا فمع احتلال العراق في نيسان عام 2003 من قبل القوات الأمريكية، سعت تركيا إلى تعزيز علاقتها مع العراق, من خلال استقبال رؤساء حكوماته المتعاقبة, والسعي لضبط حدودها معه, لمنع دخول المقاومين للاحتلال الأمريكي من المسلمين والعرب إلى أراضيها (نور الدين، 2008، ص284). كما سعت تركيا إلى حضور اجتماعات دول جوار العراق والعمل على استقراره. وعمدت إلى فتح معابرها الحدودية للتجارة مع العراق فضلاً عن أن العراق يسوق نفطه عبر أنابيب تركيا إلى الأسواق العالمية (نور الدين، 2008، ص284)، وبذلك فأن تركيا تسعى لاستمرار توثيق علاقاتها الستراتيجية مع الولايات المتحد بشأن العراق، فحاولت الاستجابة لفكرة إرسال قوات عسكرية إلى العراق لحفظ الأمن وتامين الاستقرار وذلك في أواسط أيلول عام 2003, والتي اقترحها عدد من المسئولين الأمريكيين. إلا انها وضعت شروطاً لمشاركتها تلك من أبرزها: إعطاء حقوق للتركمان. ومنع ظهور نظام فيدرالي. ونزع سلاح الميليشيات العراقية وقوات البيشمركة الكردية. ووضع ميزانية موحدة للعراق. والحفاظ على وحدة وسيادة العراق (العلاف، الانترنيت).

أما سوريا فتعد من الدول الإقليمية المؤثرة في الشأن الداخلي العراقي في إطار مواجهتها للولايات المتحدة الأمريكية وإستراتيجيتها في المنطقة والعراق خاصة، وكان الملف الأمني، ورقة ضغط تستخدمها سوريا تجاه العراق، مما أدى إلى تهديد الأمن القومي العراقي وسيادة الدولة العراقية، لا سيما عندما رفضت الحكومة السورية تسليم القيادات المتورطة في العمليات الإرهابية إلى العراق لتغدو السياسة السورية، سياسة تدخل نشط لإضعاف التأثير الأمريكي، وزعزعة الاستقرار الأمني والسياسي في العراق. وشعرت سوريا بقلق لوجود القوات الأمريكية في العراق المجاور لها، وهذا يعني أن تُحشر بين مطرقة إسرائيل وسندان الولايات المتحدة. إذ كانت هناك رغبة أمريكية معلنة بتغير جميع الأنظمة في الشرق الأوسط، لذلك كانت هناك مصلحة سورية أكيدة بعدم استقرار الوضع في العراق (فرحان، 2008، ص18)، ولتحقيق ذلك اتبعت القيادة السياسية في سوريا إستراتيجية ذات حدين، الحد الأول، مساندة ما يسمى بجماعات المقاومة للولايات المتحدة الأمريكية والوجود العسكري الأمريكي في العراق، والحد الثاني، هو العمل على بناء تحالفات سياسية مع قوى قومية وعشائرية في إطار لعبة المحاور العربية، حيث كانت تدفع حلفاءها إلى معارضة العملية السياسية في العراق وعدم الإنضمام إليها (انور، 2007، ص181).

أما السعودية، فتدعم السعودية وبشكل واضح جميع التيارات السياسية العلمانية والقومية التي لها مواقف مضادة تجاه إيران, ونرى ذلك جلياً في زيارات المسؤولين في هذه التيارات لها (نوري، 2010، ص25). فأتهمت الإدارة الأمريكية بخلخلة التوازن في العراق لصالح أطراف معينة على حساب الأطراف الأخرى, أما على الصعيد الرسمي فإنها أصرت على عدم فتح سفارتها في بغداد, ورفضت إعفاء العراق من ديونه لديها, ولم تقدم أي مساعدات اقتصادية مهمة للعراق, فضلاً عن اتهامها من الحكومة العراقية بدعمها لبعض الجماعات المسلحة (سلمان، 2009، ص14). وهنالك عدة عوامل تحكم العلاقات السعودية – العراقية، أهمها المصالحة الوطنية بين المكونات الشعب العراقي ومن يمثلهم من قيادات سياسية (العزاوي، 2013، ص85 – 86)، وكذلك خشيتها من إقامة أقاليم في الوسط والجنوب, الأمر الذي سيؤثر على وحدة السعودية خشيةً من مطالبات مماثلة لمكونات سعودية تعاني من التهميش السياسي, لذا سعت السعودية للضغط على بعض القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية في العراق  لمنع إقامة الأقاليم (ياسر واخرون، 2012، ص155).

وان تعدد العشائر العراقية الذين يمثلون اطياف الشعب العراقي من عرب واكراد وتركمان، وديانات متعددة فمنهم المسلمون بطائفتهما السنية والشيعية والمسيحين وغيرهم، ساحة لاستغلال دول الجوار العراقي هذه الانقسامات، من خلال تنفيذ اجنداتها ومخططاتها في تفكيك العراق عن طريق دعم عشائر واطراف معينة من طائفة معينة لزعزعة الامن العراقي وبقاءه في دوامة الارهاب والتفكك والصراع، إذ يأتي التأثير للجانب القبلي من كون العراق اتجه عام 2003 الى الحكم التوافقي والمحاصصات، اي كل تكوين يكون امتدادات وهويات فرعية وهي هويات قبلية ومذهبية بإستثناء الكرد الممثلين بهوية قومية. إذ تعمل البيئة الاقليمية والمقصود بها الدفع الاقليمي الى جعل العراق مجتمع يتجه نحو العشائرية والقبلية وهذا ما تهدف اليه دول الخليج، من خلال دعمها للقبائل والعشائر المواليه لها. والدفع به نحو التيارات المذهبية وهذا ما تريده إيران، اذ تعمل على تقوية المذهب الشيعي في العراق ودعمه للاستئثار في السلطة والتحكم فيها. والدفع به نحو التيارات المدنية وهذا ما تريده تركيا وتعمل عليه من خلال اجنداتها وخططها في العراق والمنطقة. وإضافة الى ذلك، هنالك نقطة مهمة لتأثير البيئة الاقليمية، فالتطابق القبلي بين العراق ودول الجوار، فالقبائل التركمانية بين العراق وتركيا، والقبائل الكردية مع ايران في الشمال الشرقي، والقبائل العربية: بني لام، وبني كعب، وبني سعد وغيرها، بين جنوب شرق العراق وايران، والامتداد القبلي لقبائل بني لام والجبور والشمر وغيرها بين العراق وكافة دول الجوار العربية، لها دور كبير وواضح في تأثير البيئة لاقليمية على العشائر والقبائل العراقية ودورها في العراق، فالعامل القبلي والعشائري حاضر في كل مفصل من مفاصل الدولة العراقية . 

الخاتمة

فيما تقدم، استعرضنا موضوع في غاية الاهمية في المجتمع العراقي الا وهو موضوع الظاهرة القبلية وموضعه من السياسة والمجتمع العراقيين بعد احداث 2003. إذ تعاني القبيلة في العراق بفكرها السياسي القائم من تأثير الرواسب القديمة عليها، ومن تأثير طبيعة الشخصية العربية والقبلية عليها، فهي توالي الحكومة ربما لانها تريد أن توفر لأفرادها قوة مـقابل القبائل الآخرى، فشيوخ القبائل والعشائر يوالون الدولة والحكومة كثيراً على أسس المنافع الخاصة بهم، وبما يتحقق من مكاسب وغايات. فبعد عام 2003 انسحبت الظاهرة القبلية من المجتمع وصعدت مقابلها الظاهرة المذهبية، وطالما ان القبيلة في العراق منقسمة مذهبياً، وطالما ان المدن في العراق كانت متعددة مذهبياً وقبلياً، تسببت هذه الظاهرة بعد عام 2003 باتجاه تصفية المدن مذهبياً عبر عمليات تهجير بين هذه المدن. وتعاني ثقافة القبيلة الازدواجية السياسية، فعهد النظام الأسبق ترك بصماته على الثقافة القبلية فكون منها ثقافة تميل الى الحاكم القوي، وربما تؤيده في دكتاتوريته، وأما بعد عام 2003 مرحلة الديمقراطية، شهدت إسهام ابنائهم في القرار السياسي والحكومي، وبذلك فإن ثقافة القبيلة والعشيرة مزدوجة بين الميل للسلام وفهم المتغيرات الديمقراطية، وبين الميل الى المركزية وتأييدها، وحب القائد القوي. وعلى الرغم من هذه السلبيات العديدة التي تنتجها اتباع القبلية في الدولة إلا أنها في الوقت ذاته، لها ايجابيات عدة، فالقبيلة في العراق هي التي حافظت على هويته، إذ مر على العراق العديد من الازمات التي كان من شأنها أن تفكك وتجزئ المجتمع وتؤدي الى انقسامه وتعدد لغاته ولهجاته، الا انها حافظت على ذلك، فاندمجت الهوية القبلية وعملت على تقليل زخم الهويات القبلية لصالح الهوية الوطنية. إذ ظلت العشائر العراقية تلعب دوراً موازياً لدور الدولة سواء في الريف او المدن، وذلك كلما ضعفت سلطة الدولة في الازمات والتوترات السياسية، خصوصاً وان الازمات قد شكلت السمة الغالبة في مراحل الدولة العراقية بعد عام 2003. فنفوذ العشائر الاجتماعي وثقلها السياسي، فرض على الدولة العراقية ان تتعامل مع هذا الواقع، وبطريقة تضمن توظيف العشيرة بشكل براغماتي، فالعشيرة ما زالت تشكل وحدة اجتماعية قائمة وفاعلة لها شخصيتها المعنوية في المجتمع العراقي الريفي والمدني، فلجوء الافراد الى العشيرة في اوقات الازمات للحفاظ على حياتهم وممتلكاتهم، ولجوء الدولة للعشيرة لتعزيز سلطتها على المجتمع، يعكس ضعفاً واضحاً في فرض سلطة القانون، واذا ما كان تطبيق سلطة القانون يواجه عقبات كبيرة تفرض على الدولة التعاون مع العشائر في مرحلة ما، فمن الواجب اللجوء الى كل ما يدعم سلطة الدولة حتى تقف على قدميها.   

المصادر

  1. إبراهيم أنور، العراق من الاستبداد الى الديمقراطية، مركز دراسات وبحوث الوطن العربي، الجامعة المستنصية، بغداد، ايلول 2007.
  2. إبراهيم خليل العلاف، العلاقات العراقية التركية بعد التاسع من نيسان 2003، الانترنيت: http://www.baghdatimes.net/arabic/sid4803.
  3. احمد علي محمد، الطائفية وأثرها في حياة العراق السياسية، اطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2008.
  4. اسراء علاء الدين نوري، موقف دول الجوار من الانتخابات العراقية، مجلة شؤون عراقية، جامعة النهرين، مركز الدراسات القانونية والسياسية، العدد (7)، 2010. 
  5. أمين فرج شريف، المواطنة ودورها في تكامل المجتمعات التعددية، دار الكتب القانونية، الإمارات، 2012.
  6. إيران في العراق: كم يبلغ التأثير؟ تقرير الشرق الأوسط، رقم 38، 21 آذار/ مارس 2005.
  7. باسل نيكتين، الأكراد، دار الروائع، بيروت، 1985.
  8. ثامر عبد الحسن العامري، موسوعة العشائر العراقية، ج6، مطابع دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1993.
  9. جاسم يونس الحريري، الوحدة الوطنية، العراق الى اين ملف؟، مجلة المستقبل العربي، العدد (305)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004.
  10. جريدة البينة الجديدة، ماهو البند السابع ولماذا تصر الكويت على ابقاء العراق فيه؟، القسم الثاني، العدد (1615)، 25/9/2012، الانترنيت: http://www.albayyna-new.com/archef/1615/pdf/9.pdf 
  11. جريدة الصباح، العدد 2722، 12 / كانون الثاني / 2013.
  12. جريدة الصباح، بغداد، العدد 2720، 9 /كانون الثاني /2013.
  13. جريدة الصباح، بغداد، العدد 2732، 23/ كانون الثاني /2013.
  14. جريدة الصباح، بغداد، العدد 2783، 26 /اذار/2013.
  15. جريدة الصباح، بغداد، العدد 2786، 30/اذار/2013.
  16. جريدة الصباح، بغداد، العدد 2815، 6 / ايار /2013.
  17. جريدة المؤتمر، بغداد، العدد (1376)، 1/تموز/2007.
  18. جريدة المؤتمر، بغداد، العدد (1401)، 6/اب /2007.
  19. جواد كاظم البكري، أزمة الانبار من القاعدة الى داعش، مجلة حمورابي للدراسات، العدد (9)، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، بغداد، اذار 2014.
  20. حسين حافظ وهيب، الحوار الإيراني الأمريكي بشأن العراق (الابعاد والخلفيات)، دورية أوراق عراقية، العدد (150)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، نيسان 2006.
  21. حليم بركات، المجتمع المدني المعاصر: بحث في تغيير الاحوال والعلاقات، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، 2008.
  22. خالد المعيني، العشائر والسياسة في العراق ودورها المستقبلي، مركز دراسات الاستقلال، الانترنيت:  www.mouwatana-iraqiya.com/news/iraq_doc.doc
  23. دستور العراق الدائم لعام 2005.
  24. دهام محمد العزاوي وباسل حسين، العلاقات العراقية ـــ الخليجية، مجلة قضايا سياسية، العدد (31)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2013.
  25. سعدي ابراهيم حسن، الفدرالية: النظام الاتحادي والهوية الوطنية العراقية من يوقف النار قبل ان تحرق العراق، دار الكتب العلمية، بغداد، (د.ت).
  26. شاكر مجيد ناصر الشطر، تاريخ العرب والعشائر العراقية العربية والكردية، ج1، دار الجواهري، بغداد، 2012.
  27. شيماء معروف فرحان، تطورات العلاقات العراقية ـ العربية لعام 2008، ملحق مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، العدد (25)، مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، جامعة المستنصرية، بغداد، 2008.
  28. صالح ياسر واخرون، تاثير العمليات الانتخابية في عملية التحول الديمقراطي، الناشر مؤسسة (فريدريش ايبرت)، عمان، 2012.
  29. صباح ياسين وآخرون، صحوة العشائر العراقية خلفيات المشهد: اغتيال الدولة وتغريب المجتمع، العراق تحت الاحتلال: تدمير الدولة وتكريس الفوضى، سلسلة كتب المستقبل العربي (60)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008.
  30. طارق الربيعي، الاحزاب السياسية، مكتبة السنهوري، بغداد، (د.ت).
  31. طه حميد العنبكي، العراق بين اللامركزية الادارية والفدرالية، دراسات استراتيجية (155)، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي/ الامارات العربية المتحدة، 2010.
  32. عبد الحسين شعبان، احتلال العراق في ضوء القانون الدولي، مجلة المستقبل العربي، العدد (297)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2003.
  33. عبد الخالق حسين وآخرون، اراء وتعليقات حول الدستور الجديد: الدستور العراقي، المشاكل والحلول، الدولة العراقية الحديثة ومشكلة الدستور، مركز دراسات الامة العراقية، بغداد/ جنيف، دار الكلمة الحرة، بيروت، 2012.
  34. عبد الوهاب عبد الستار القصاب، احتلال ما بعد الاستقلال: التداعيات الاستراتيجية للحرب الامريكية على العراق، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007.
  35. علاء اللامي، الموجبات التاريخية والمجتمعية لمشروع المجلس التأسيسي الوطني في العراق، الحوار المتمدن، العدد (903)، 23 /تموز/2004.
  36. علي الكعبي، عشائر دجلة والفرات، دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 2013.
  37. علي الوردي، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي: محاولة تمهيدية لدراسة المجتمع العربي الاكبر في ضوء علم الاجتماع الحديث، دار ومكتبة دجلة والفرات، بيروت، 2009.
  38. علي وتوت، الدور السياسي لعشائر العراق، الانترنيت: http://www.niqash.org/uploaded/documents/
  39. غالب حسن الشابندر، الارتقاء بالعشيرة العراقية: مشروع مفتوح، اعادة انتاج المجتمع العراقي 3، دار ومكتبة البصائر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت/ لبنان، 2014.
  40. غسان سلامة، العراق: اقتراح للتغيير، العراق تحت الاحتلال (ملف)، مجلة المستقبل العربي، العدد (298)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2003.
  41. فريق أبحاث، ديناميكيات النزاع في العراق: تقييم إستراتيجي، معهد الدراسات الإستراتيجية، ط1، بغداد/ أربيل/ بيروت، 2007.
  42. فيصل محمد الأرحيم، تطور العراق تحت حكم الاتحاديين 1908 – 1914، مطبعة الجمهور، الموصل/ العراق، 1975.
  43. محسن جبار العارضي، عراق مابعد الاحتلال: دراسة تحليلية لتطور العملية السياسية في العراق بعد انهيار الدكتاتورية في 9/4/2003، بلا دار نشر، بغداد، 2007.
  44. محمد النهر، العشائر وشيوخها والعملية الديمقراطية والانتخابية، جريدة الاخبار، 8/اب/2010. الانترنيت:http://www.akhbaar.org/home/2010/08/94561.html
  45. محمد سلمان، التمويلات السعودية، مجلة المشهد السياسي، العدد (8)، السنة الأولى، 15 ــــ 31 تموز 2009.
  46. محمد صادق الهاشمي، اضواء على مشروع المقاومة في العراق، سلسلة كتب مركز العراق (45)، مركز العراق للدراسات، مطبعة الساقي، بغداد، 2010.
  47. محمد صادق الهاشمي، جمعة العطواني، القائمة العراقية تحت الضوء: دراسة لابرز التحولات في النظرية والتطبيق لمشاريع القائمة العراقية السياسية، سلسلة كتب مركز العراق للدراسات (56)، مطبعة الساقي، بغداد، 2012.
  48. محمد صادق الهاشمي، جمعة العطواني، شيعة العراق: مصادر القوة والتحديات دراسة لابرز التحولات السياسية لشيعة العراق بعد 2003، سلسلة اصدارات مركز العراق للدراسات (66)، مركز العراق للدراسات، بغداد، 2014.
  49. محمد صادق الهاشمي، سنة العراق: دراسة في أبرز التحولات السياسية للاحزاب السنية في العراق بعد عام 2003، سلسلة اصدارات مركز العراق للدراسات (62)، مركز العراق للدراسات، بغداد، 2013.
  50. محمد نور الدين، تركيا الصيغة والدور، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2008.
  51. منتصر مجيد حميد، التحول الديمقراطي وبنية المجتمع العراقي المعاصر، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم السياسية/ جامعة بغداد، 2005.
  52. منعم العمار، العلاقات العراقية مع دول الجوار الجغرافي تركيا وإيران: دراسة في اشكالية الاختلال المزمنة، مجلة قضايا سياسية، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، العددان (9، 10)، 2005.
  53. موسى الحسيني، المقاومة العراقية والارهاب الامريكي المضاد، دار الكنوز الادبية، بيروت/ لبنان، 2006.
  54. النزاعات العشائرية … تحل اجتماعياً ولا تلغي دور القانون، جريدة الدستور العراقية، 30 تشرين الثاني 2013، الانترنيت:                                         http://www.daraddustour.com
  55. النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي، مجلس النواب، الدائرة الاعلامية، ط5، 2012.
  56. نيفين مسعد، النزاعات الدينية والمذهبية والعرقية (الاثنية) في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، العدد (364)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2009.

* الجرش وهو اتحاد قبيلة مع قبيلة آخرى أو عشيرة مع عشيرة آخرى او يأتي بمعنى القرش. للمزيد ينظر: شاكر مجيد ناصر الشطري، تاريخ العرب والعشائر العراقية العربية والكردية، ج1، مصدر سبق ذكره، ص12.

* التركمان: يرى بعض الكتاب أن المسلمين أطلقوا أسم التركمان على الاوغوز وهم بذلك يعنون الاتراك المسلمين، ويقول كتاب آخرون أن كلمة تركمان مركبة من كلمتي (ترك ومانند) الفارسية إشارة الى الاتراك الذين أسلموا، ويرى آخرون أن كلمة تركمان تتكون من كلمة ترك مضافاً لها مان، اي الرجل التركي، وهنالك كتاب يرون إن سبب تسميتهم بذلك؛ لان كل من أتراك خراسان في السابق، يقال لهم ذلك صار ترجماناً لقيامهم بالترجمة بين العرب وبين من أسلم من الاتراك، ثم تحولت العبارة من ترجمان إلى تركمان. ينظر: أمين فرج شريف، المواطنة ودورها في تكامل المجتمعات التعددية، مصدر سبق ذكره، ص116.

* تسكن في المنطقة الغربية نسبة الى غرب العراق، وهي تسمية جغرافية كمركز ثقل جغرافي وسكاني، وهي منطقة صحراوية يعرفها الجغرافيون بأسم الجزيرة او الصحراء الغربية ومن أبرز قبائل هذه المنطقة هم: قبيلة شمر، وقبيلة زوبع، وقبيلة الدليم وتعد ثاني أبرز القبائل الغربية بعد الشمر من حيث حجمها وكثافتها، وهي أكبر قبيلة في محافظة الانبار والذي كان يطلق عليها في العهد العثماني بلواء الدليم، فضلا عن قبيلة العزة والعبيد والجبور والجنابيين. للمزيد ينظر: محمد صادق الهاشمي، سنة العراق: دراسة في أبرز التحولات السياسية للاحزاب السنية في العراق بعد عام 2003، سلسلة اصدارات مركز العراق للدراسات (62)، مركز العراق للدراسات، بغداد، 2013، ص ص38-51.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *