أ.د مازن خلف ناصر

كلية القانون الجامعة المستنصرية جمهورية العراق

Dr.mazin67@uomustansiriyah.edu.iq

009647711592004

الملخص

لم تعد الممتلكات العائدة للقطاع العام هدفا للأفعال الجرمية التي تطالها من قبل الموظفين العموميين، بل هناك جانب أخر لا بد من شموله بالحماية القانونية والتي ينبغي أن تكون محتوى للنصوص العقابية ألا وهو ممتلكات القطاع الخاص التي بدأت وفي السنوات الأخيرة تشغل اهتمام المعنيين بالشأن القانوني وما هي النصوص التي يمكن من خلالها حماية ممتلكات هذا القطاع الهام في الدولة، فهل هي معنية بذات النصوص المقررة لحماية أموال القطاع العام الوظيفي، أم هناك نصوص خاصة وجدت في بطون القوانين الخاصة بحماية المال الخاص وليس المال العام؟، ومن ثم فإن اتساع  نطاق جرائم الاختلاس الى جانب الصور الأخرى للفساد الإداري أو المالي كالرشوة والكسب غير المشروع واستغلال النفوذ الوظيفي، لم تعد تقتصر على الوظيفة العامة فحسب، بل شملت كذلك الوظائف والخدمات المعمول بها في القطاع الخاص والتي تكون أحيانا عرضة للسلب أو النهب أو الاختلاس والتي تحتاج لغطاء قانوني رصين يضمن الحماية الجزائية والمدنية في آن واحد.

الكلمات المفتاحية: الاختلاس، المسؤولية الجزائية، القطاع الخاص، المال، العقاب.

      

Criminal liability for embezzlement of funds belonging to private sector institutions

Prof. Dr. Mazin Khalaf Naser

College of Law – Al-Mustansiriya University – Republic of Iraq

 

Abstract

      The property belonging to the public sector is no longer a target for criminal acts that affect it by public officials. Rather, there is another aspect that must be covered by legal protection, which should be the content of punitive texts, which is the property of the private sector, which began in recent years to occupy the attention of those concerned with legal affairs and what they are. The texts through which the property of this important sector in the state can be protected, are they concerned with the same texts prescribed for the protection of functional public sector funds, or are there special texts found in the laws for the protection of private money and not public money? In addition to other forms of administrative or financial corruption, such as bribery, illegal gain, and abuse of functional influence, it is no longer limited to the public office only, but also includes jobs and services in the private sector, which are sometimes subject to robbery, embezzlement, or embezzlement, and which need a discreet legal cover that guarantees penal protection. and civil at the same time.

Keywords: embezzlement, criminal responsibility, private sector, money, punishment. .

أولا- أهمية البحث

تبلورت فكرة المسؤولية الجزائية عن اختلاس الأموال العائدة لمؤسسات القطاع الخاص  بعد اتساع النشاط الاقتصادي لهذه المؤسسات، واتجاه الدول الى اعتماد نظام الخصخصة، فاصبح لهذا القطاع دور اساسي ومهم في انظمتها الاقتصادية واتجاه اغلبها لاعتناق مبادئ النظام الرأسمالي الذي يختلف في أهدافه وتطلعاته تماما عن مبادئ واهداف النظام الاشتراكي، مما يعني ذلك ضرورة وجود احكام قانونية تعزز من مكانة ما يمتلكه القطاع الخاص من أموال لا تعود ملكيتها للدولة، سيما وأن المجتمع الدولي يسير اليوم نحو إقرار مبادئ وأسس تعزز من مكانة هذا النوع من الأموال، فقد صدرت لأجل ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 التي صادق عليها العراق، وكذلك الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010 التي دخلت حيز النفاذ عام 2013، ولم نجد خطوات جادة من السلطة التشريعية في العراق لتعديل قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 على غرار أحكام الاتفاقيتين آنفة الذكر.

ثانيا- أهداف البحث

تتجلى اهمية البحث في النقاط الأتية:

  1. التعرف على مفهوم الاختلاس في القانون والفقه باعتباره صورة من صور الفساد الإداري والمالي في القطاعين العام والخاص.
  2. تسليط الضوء على النصوص القانونية العاملة في مجال مسؤولية العاملين في مؤسسات القطاع الخاص عن اختلاسهم للأموال العائدة له.
  3. تحديد أهم السمات التي تميز الاختلاس بمفهومه الخاص عن مفهومه التقليدي.
  4. معرفة مدى فعالية التجريم والتطبيق الصارم للعقاب، والبحث عن رقابة جادة للحد من اختلاس الأموال العائدة للمؤسسات القطاع الخاص.

ثالثا- مشكلة البحث

تكمن مشكلة البحث في حقيقة وهي أن الاختلاسات التي تطال الأموال العائدة لمؤسسات القطاع الخاص، لا يمكن أن تخضع لذات الاحكام المتعلقة باختلاس المال العام، فهناك أوجه اختلاف بين أموال القطاعين تجعل لهذا النوع من المال خصوصية ينفرد بها عن المال العام، الأمر الذي يقتضي إيجاد حلول منطقية لجميع الاعتداءات التي تطال هذا النوع من المال والتي لم نجد لها اساس قانوني تجعل له استقلالية منفردة عن حماية المال العام رغم مصادقة العراق على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لعام 2003، والشيء الملفت للنظر أن قانون هيئة النزاهة العراقي جاء خاليا من نص يعالج حالات التجاوز على أموال القطاع الخاص فيما عدا نص المادة (3) من قانون هيئة النزاهة (30) لسنة 2011 بقولها ” ثالثا – تعمل الهيئة على المساهمة في منع الفساد ومكافحته، واعتماد الشفافية في إدارة شؤون الحكم على جميع المستويات، عن طريق: تنمية ثقافة في القطاعين العام والخاص تقدر الاسـتقامة والنزاهـة الشخـصية واحتـرام اخلاقيات الخدمة العامة، واعتماد الشفافية والخضوع للمساءلة والاستجواب، عبر البرامج العامـة للتوعية والتثقيف” و ” رابعا -اعداد مشروعات قوانين فيما يساهم في منع الفساد او مكافحته ورفعهـا الـى الـسلطة التشريعية المختصة عن طريق رئيس الجمهورية أو مجلس الـوزراء أو عـن طريـق اللجنة البرلمانية المختصة بموضوع التشريع المقترح “، ونتساءل هنا أين هي مشروعات القوانين التي تجرم وتعاقب حالات الرشوة والاختلاس والكسب غير المشروع التي تحدث في أغلب الأحوال في نطاق مؤسسات القطاع الخاص؟.

وأمام عدم وجود نصوص تجرم اختلاس المال العائد لمؤسسات القطاع الخاص في القانون العراقي، نطرح التساؤل الاتي ما هي النصوص الأكثر انطباقا على أفعال الاختلاس التي تطال أموال مؤسسات القطاع الخاص، وهل يتطلب القانون صفة خاصة بمرتكب جريمة اختلاس اموال القطاع الخاص كما هو الحال في جريمة اختلاس اموال القطاع العام؟

رابعا- منهجية البحث

سوف يتم استخدام المنهج التحليلي والمنهج المقارن، فمن خلال المنهج التحليلي يجري تحليل النصوص القانونية والدراسات الفقهية التي تعرضت لموضوع البحث، ومن خلال المنهج المقارن سوف يتم تسليط الضوء على جوانب الاتفاق والاختلاف والقصور في القانون العراقي ومحاولة الإفادة من التشريعات المقارنة، وبالتحديد القانون الجزائري.

خامسا- خطة البحث

المبحث الأول- ما هية الاختلاس في القطاع الخاص

المطلب الأول- مفهوم الاختلاس في القطاع الخاص

الفرع الأول- التعريف بالاختلاس في القطاع الخاص لغة واصطلاحا

الفرع الثاني- الأساس القانوني لتجريم الاختلاس في القطاع الخاص

المطلب الثاني- ذاتية الاختلاس في القطاع الخاص

الفرع الأول- أوجه الشبه والاختلاف للاختلاس في القطاع الخاص عنه في القطاع العام

الفرع الثاني- الكيانات التي يطال الاختلاس أموالها الخاصة

المبحث الثاني- البنيان القانون لاختلاس أموال مؤسسات القطاع الخاص

المطلب الأول- أركان جريمة اختلاس

الفرع الأول- الركن المادي

الفرع الثاني- الركن المعنوي

المطلب الثاني- العقوبات المقررة لاختلاس أموال مؤسسات القطاع الخاص

الفرع الأول- العقوبات المقررة لاختلاس أموال مؤسسات القطاع الخاص في التشريع الجزائري

الفرع الثاني- موقف المشرع العراقي من اختلاس الأموال العائدة لمؤسسات القطاع الخاص

المبحث الأول- ما هية الاختلاس في القطاع الخاص

كمدخل لدراسة ولفهم ومعرفة الاختلاس في القطاع الخاص وأساسه القانوني، ومن ثم تسليط الضوء على أهم أوجه الشبه والاختلاف ما بين الاختلاس في القطاع العام والقطاع الخاص، نجد من المناسب بيان مختصر أو اعطاء نبذة بسيطة عن معناه اللغوي والاصطلاحي وأساسه  على النطاق الدولي والوطني، ومن ثم بيان ذاتيته وهذا ما سوف نتناوله في مطلبين مستقلين وعلى النحو الاتي:

المطلب الأول- مفهوم الاختلاس في القطاع الخاص

نركز في هذا المطلب على توضيح مفهوم الاختلاس في القطاع الخاص من خلال بيان معناه اللغوي والاصطلاحي  وأساسه القانوني كمدخل لبيان فهم الاختلاس محل البحث، وهذا ما سوف نبحثه تباعا وعلى النحو الاتي:

الفرع الأول- التعريف بالاختلاس في القطاع الخاص لغة واصطلاحا

لمعرفة مفهوم الاختلاس في القطاع الخاص نتناول تعريفه لغة واصطلاحا، ثم نستعرض اساسه القانوني وذلك على النحو الاتي:

أولا- معنى الاختلاس في اللغة والاصطلاح

الاختلاس في اللغة : مصدر اختلس ، وأصله من خلس ، ومعناه الاختطاف والالتماع والاستلاب، وقيل  الاختلاس أوحى من الخْلس، أي أسـرع ، فهـو يرجـع إلـى الإسراع في أخذ الشيء (جبران، 1981، ص56).

وفي الاصطلاح نعني بالاختلاس في مفهومه العام الأفعال المادية التي تلازم نية الجاني وتعبر عنها في محاولته الاستيلاء التام على المال الذي بحوزته، وذلك من خلال تحول الحيازة من كونها ناقصة إلى حيازة تامة ودائمة، أو هو كل نشاط يأتيه الجاني يفسر اتجاه نيته لتحويل المال لحيازته بحكم مهامه من حيازة مؤقتة إلى حيازة دائمة (سليمان ،1998،ص93) و (حسني، 1977، ص101).

ويقتضي في الاختلاس وجود حيازة للجاني سابقة ومعاصرة لزمن ارتكاب النشاط الجرمي، بيد أن هذه الحيازة تبقى ناقصة، حيث يكون للحائز العنصر المادي للحيازة دون العنصر المعنوي، فهو وإن كان المال تحت يده، إلا انه ليس له أية سلطة يباشرها عليه، إلا ضمن نطاق حيازته التي يستمدها من المهمة الموكلة أليه والعمل الذي يقوم به (سليمان،1990،ص89).

ويتوفر الاختلاس في هذا المعنى بوجود نشاط يرتكبه الجاني يضيف من خلاله المال محل الحيازة، أي الحيازة الناقصة إلى سيطرته الكاملة كأنه مالكا له، وذلك بإخفائه دون إكراه، وهذا هو المعنى الخاص للاختلاس.

ثانيا- معنى القطاع الخاص في اللغة والاصطلاح

في اللغة يقوم مصطلح القطاع الخاص على مفردتين مركبتين أساسيتين هما القطاع والخاص، ولإيضاح المعنى اللغوي لهما ينبغي تعريف المفردتين لغوياً، ويراد بالقطاع ذلك الجزء المقتطع من أي شيء، والقطاع المثال الذي يقطع عليه الثوب والأديم ونحوها، وزمن قطاع النخيل: زمن إدراكه واجتناء ثمره، ويقال هذا وقت قطاع الطير وقت طيرانها من بلاد إلى اخرى، والقطاع من الليل طائفة منه تكون في أوله إلى ثلثه، والقطاع من الدائرة: جزء محصور بين نصفي قطر وجزء من المحيط (أبن منظور،2003، ص444)، في حين يعرف الخاص لغة: بأنه التفرد والانقطاع عن المشاركة، وكل اسم لمسمى معلوم على الانفراد يقال له (خاص) ومنها خصه بالشيء أفرده به من دون غيره، أو كل لفظ وضع لمعنى واحد على الانفراد وقطع المشاركة ( ابراهيم،2008، ص244).

وفي الاصطلاح  لم يرد تعريف القطاع الخاص في القوانين العراقية والمقارنة، وفي اللغة الانكليزية يستخدم مصطلح private sector لإيضاح مفهوم القطاع الخاص الذي يراد به قطاع الأعمال المرتبط بالمؤسسات أو الشركات التي يملكها أفراد بصفة شخصية وغير مرتبطة بالدولة أو أية مؤسسة من مؤسساتها.

كما عرف ذلك الجزء من الاقتصاد الوطني غير الخاضع للسيطرة الحكومية المباشرة ، فالقطاع الخاص يراد به أحد مكونات النظام الاقتصادي للدولة الذي يديره أشخاص غير خاضعين لسيطرة وإشراف الحكومة من رجال الأعمال من صناعيين وتجار ومزارعين ( القريشي،1999،ص73).

الفرع الثاني- الأساس القانوني لتجريم الاختلاس في القطاع الخاص

تعد جریمة الاختلاس من بین الجرائم التي أخذت طابعا دولیا ومحليا، وذلك من خلال تناولها في العدید من المعاهدات والمؤتمرات الدولیة، ومنها معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، كما ونصت عليها التشريعات العقابية لأغلب الدول لما لها من خطورة تمس الممتلكات العائدة للقطاع العام أو الخاص، لذلك سوف نوضح الأساس القانوني لها على الصعيد الدولي والمحلي وعلى النحو الاتي:

أولا- المعالجات التشريعية في المواثيق الدولية الخاصة بمكافحة الفساد

يعد اختلاس الأموال العائدة لمؤسسات القطاع الخاص من أبرز الجرائم التي تشكل صور الفساد في اتفاقية الأمم المتحدة لسنة ۲۰۰۳ والتي أشارت إلى نماذج للفساد المستشري في القطاع العام أو الخاص وفقا للمواد (١٤ – ۲٥) منها، أن ما يتسم به القطاع الخاص هو ضعف الرقابة على نشاطه، لذا فقد تناولت “اتفاقية الأمم المتحدة في المادة (۲2) تجريم فعل الاختلاس الذي يقع ضمن القطاع الخاص إذ جاء فيها ” ينبغي على كل دولة طرف اتخاذ تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم السلوك المتعمد للشخص الذي يدير كيانا عائدا للقطاع الخاص او يعمل فيه باي صفة اثناء مزاولته نشاط اقتصادي أو مالي أو تجاري يختلس  من خلاله ممتلكات أو اموال أو أوراق مالية خاصة أو أي اشياء اخرى ذات قيمة عهد بها إليه بحكم موقعه عندما ترتكب هذه الأفعال عمدا أثناء مزاولة أنشطة اقتصادية أو مالية أو تجارية “، وتعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام ۲۰۰۳ الأساس الجوهري لقواعد مكافحة الفساد وطنيا ودوليا، المتمثل بالرشوة والاختلاس وغسل العائدات الاجرامية، ثم تليها من حيث الأهمية الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010، والتي ترمي إلى ملاحقة مرتكبي الاختلاس في القطاع الخاص، ورغم وجود أكثر من اتفاقية على المستوى الإقليمي والدولي لمكافحة الفساد تظل هذه الاتفاقية الأهم والأساس في مكافحة صور الفساد الإداري والمالي.

فالفساد الإداري والمالي يستهدف أموال المؤسسات العامة والخاصة، ويعيق الاستثمار ويقلل من نوعية الخدمات الأساسية التي يتلقاها الفرد كالصحة والتعليم، وفي ظل نمو التوافق الدولي على ضرورة التكاتف من أجل مواجهة هذه الظاهرة من خلال التشريعات والتنظيمات وبناء المؤسسات وتعزيز التعاون الدولي، لذلك جاءت الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة في ۲۰۰۳/۱۰/۳۱ ودخلت حيز التنفيذ في 14/12/2005 وتم التصديق هذه عليها، من عدة دول عربية يأتي في مقدمتها الكويت وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا، واليمن والعراق.

وللبحث في دور الاتفاقيات الدولية في مكافحة جريمة الاختلاس في القطاع الخاص، يقتضي الحال الوقوف على موقف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها ذي الرقم ٤/٥٨ بتاريخ ٢٠٠٣/١٠/٣١ ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ ۰۲۰۰۵/۱۲/۱٤ وكذلك الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد الموقع عليها في القاهرة عام ۲۰۱۰ والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2013، باعتبار أن الفساد الإداري والمالي سلوك أخلاقي منحرف يطال القطاع الخاص شأنه في ذلك شأن القطاع العام، ويزداد الأمر سوءا في الدول المعتمدة على اقتصاديات السوق التي ينشط اقتصادها ضمن قوانين المنافسة الحرة وحرية الاستثمار، وهذا ما ركزت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومن بعدها الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، إذ جرمت ثلاث صور للفساد في القطاع الخاص الرشوة والاختلاس وغسل العائدات الجرمية، كما أقرتا الاتفاقيتين مسؤولية الأشخاص المعنوية إذا ما ثبت مشاركتها في أفعال الفساد المجرمة وفقاً لما ورد في هاتين الاتفاقيتين .

ثانيا- المعالجات التشريعية  في قوانين مكافحة الفساد

مما لا شك فيه أن مؤسسات القطاع الخاص تعد من أبرز الكيانات التي يطال أموالها الفساد الاداري والمالي، لذا فمن الطبيعي ان تنال القدر الكافي من الاهتمام ، ولأجل ذلك صادق العراق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم (35) لسنة 2007 ، والتي اصبحت جزءاً لا یتجزأ من المنظومة التشريعية العراقية الواجبة التطبيق.

وقد دعت هذه الاتفاقية كل دولة طرف فيها، باتخاذ تدابير لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد ولتعزیز معاییر المحاسبة ومراجعة حساباته، ویجوز ان تتضمن هذه التدابير ما يكفل التعاون بین اجهزة انفاذ القانون وكيانات هذا القطاع، بما يكفل إرساء قواعد وأصول النزاهة من خلال سن مدونات السلوك ومنع تضارب المصالح وتعزیز الشفافية ومنع اساءة استخدام الصلاحيات التي تنظم نشاط كيانات هذا القطاع، للحصول على الرخص أو المعونات وایجاد ضوابط كفيلة بمراجعة الحسابات دوريا لأجل الوقاية من افعال الفساد ومسك الدفاتر والسجلات والكشف عن البيانات المالیة.

أما عن موقف المشرع العراقي فلم يحسم هذا الموضوع بنصوص قانونية صريحة لا في قانون العقوبات العراقي النافذ ولا في مشروع تعديل القانون المذكور تلزم الجهات التشريعية والتنفيذية على مكافحة الفساد في القطاع الخاص، حیث تجدر الاشارة الى أن قانون هيئة النزاهة العراقي قد استحدث دائرة العلاقات مع المنظمات الحكومية التي تتولى القیام بما یلزم لتعزیز ثقافة السلوك الاخلاقي في القطاعين العام والخاص بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني عن طریق برامج التدريب والاتصال بالجمهور عبر وسائل الاعلام وغیرھا.

في حين انفرد المشرع الجزائري ونص في المادة (119) من قانون العقوبات والمادة (29) من قانون مكافحة الفساد الجزائريين على تجريم وعقاب الاختلاس الواقع على ممتلكات هذا القطاع، وحسنٌ فعل.

المطلب الثاني- ذاتية الاختلاس في القطاع الخاص

يعد الاختلاس من بين الجرائم التي تضر بالمصلحة العامة والخاصة ومن الجرائم التي اشترط بشأنها صفة خاصة في الجاني، كما أن السلوك المجرم المكون للركن المادي لها المتمثل في فعل الاختلاس لا يمكن أن يطال إلا أموال مؤسسات القطاع الخاص وهذا ما يميز الاختلاس في كلا القطاعين، وهذا ما سوف نوضحه في فرعين مستقلين وعلى النحو الاتي:

 

الفرع الأول- تمييز الاختلاس في القطاع الخاص عنه في القطاع العام

تعد المادة (119) من قانون العقوبات والمادة (29) من قانون مكافحة الفساد الجزائريين الأنموذج القانوني الفريد لاستحداث التجريم لاختلاس ممتلكات القطاع الخاص، ولهذا لابد من استخراج أهم أوجه الشبه والاختلاف لجريمة الاختلاس في القطاعين العام والخاص الخاص وذلك على النحو الاتي:

أولاً: أوجه الشبه بين الاختلاس في القطاع الخاص عنه في القطاع العام: يمكن استخلاص أوجه الشبه للجريمتين من خلال ما يلي: بالنسبة للركن المادي في كل من الجريمتين يقوم على السلوك المجرم، محل الجريمة، علاقة الجاني بمحل الجريمة.

أما بالنسبة لمحل الجريمة فكلا منهما تقومان على المحل نفسه والمتمثل في:  أوراق مالية  أو أشياء أخرى ذات قيمة، وهذا ما جاء في المادتين (29 و 41) من قانون مكافحة الفساد الجزائري، وبالنسبة للركن المعنوي فكلا منهما يتطلب توافر قصد جنائي عام (العلم والإرادة) وقصد جنائي خاص، حيث ينبغي أن يكون الجاني عالما بأن المال الذي سلم إليه كان بناء على واجبات وظيفته، كما ينبغي أن تتجه إرادته إلى الاختلاس وأيضا أن تتجه نية الجاني إلى الاستيلاء على الحيازة الكاملة على الشيء (جعفر، 2006، ص45)، أي بمعنى أن الاختلاس في الحالتين يقع على مال منقول، وبخلافه لا يعد اختلاسا بل تقوم جریمة من نوع آخر إذا لم يكن المال منقولا (صالح، 1996، ص21(.

ويخضع الاختلاس سواء في القطاع العام أو الخاص إلى ذات الإجراءات الخاصة بالملاحقة، بحيث لا يشترط في كل منهما شكوى لتحريك الدعوى العمومية، إضافة إلى هذا أن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته جاء بأحكام مميزة تتعلق بأساليب خاصة للتحري الواردة ضمنه وهذا للكشف عنهما، ورغم وجود التشابه بينهما، إلا أنه لا يمكن إنكار وجود أوجه اختلاف بينهما.

ثانيا: أوجه الاختلاف بين الاختلاس في القطاع الخاص عنه في القطاع العام: إذا كان الاختلاس في القطاع العام هو كل سلوك أو تصرف يقوم به الجاني (الموظف العام) والذي يقصد من خلاله تحويل المال الذي عهد إليه بحكم وظيفته من حيازة وقتية على سبيل الائتمان إلى حيازة نهائية على سبيل التملك (رحماني،2012، ص86).

إلا أن الاختلاس في القطاع الخاص وبحسب ما نصت عليه المادة (41) من قانون مكافحة الفساد الجزائري يكون بسلوك يقوم به شخص يدير كيان تابع للقطاع الخاص أو يعمل فيه بأية صفة أثناء ممارسة مهامه يختلس من خلاله الممتلكات أو الأموال أو الأشياء الأخرى ذات قيمة معينة، فمن خلال هذا التوضيح يتبين لنا ما هي أهم أوجه الاختلاف بين مفهوم الاختلاس في القطاعين آنفي الذكر.

إذ يتمثل الركن المفترض في كل من القطاع العام أو القطاع الخاص في صفة الجاني عند ارتكاب الفعل المجرم ، وتتمثل صفة الجاني في القطاع العام في الموظف والذي يتمثل فيمن:

– يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو قضائيا في إحدى المجالس النيابية أو المحلية المنتخبة وسواء كان معينا أو منتخبا أو مؤقتا، مدفوع الأجر أو غير مدفوع الأجر.

– يتولى ولو مؤقتا وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر ويساهم بهذه الصفة في خدمة هيئة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض رأسمالها أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية.

– هو معروف بأنه موظف أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما .

أما في القطاع الخاص اشترطت المادة (41) من قانون مكافحة الفساد الجزائري على أن صفة الجاني هي كل شخص يدير كيان تابع للقطاع الخاص أو يعمل فيه بأية صفة كانت.

بعد أن قمنا باستخراج أوجه الشبه في الركن المادي لكل من الجريمتين سنقوم بإبراز أوجه الاختلاف في هذا الركن.

فالسلوك المجرم في جريمة الاختلاس في القطاع العام يقوم على إما الاختلاس أو التبديد أو الإتلاف أو احتجاز بدون وجه حق ، في حين أن الاختلاس في القطاع الخاص يقوم فقط على فعل الاختلاس (المادة 41، القانون 06-01 المتعلق بالوقایة من الفساد ومكافحته المعدل).

أما بالنسبة لمحل الجريمة فالفرق الوحيد بينهما هو أنه محل الجريمة في القطاع العام يرجع إلى الدولة، أما في القطاع الخاص فمحل الجريمة له سمة خاصة (عميور، 2011، ص53)، وفي ما يخص علاقة الجاني بمحل الجريمة يشترط أن تقوم رابطة سببية بين حيازة الجاني لمحل الجريمة وبين وظيفته، ففي القطاع العام يشترط أن يسلم موضوع الجريمة للموظف بحكم وظيفته أو بسببها، في حين يختلف الأمر في القطاع الخاص، إذ تحصر المادة (41) من قانون مكافحة الفساد الرابطة السببية في المال الذي يعهد به للجاني بحكم وظيفته فقط (حطابي، 2005، ص22).

الفرع الثاني- الكيانات التي يطال الاختلاس أموالها الخاصة

لم يرد مفهوم (الكيان) في التشريعات العراقية المتعلقة بمكافحة جرائم الفساد بشكل خاص أو حتى التشريعات العربية بشكل عام ، عدا التشريع الجزائري الذي عرف الكيان في المادة (41) من القانون رقم 06-10 الفقرة (ه) بأنه مجموعة من العناصر المادية أو غير المادية أو من الاشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المنظمين بغرض بلوغ هدف معين (خالدي، 2019، ص84).

ومن وجهة نظرنا نرى سريان وصف (الكيان) على المؤسسات العائدة للقطاع الخاص كافة مهما كان وصفها القانوني  ومنها الشركات التجارية أو المدنية والجمعيات والنقابات وما شابه ذلك، وقد عبر عنه المشرع الدولي في المادة (22) بقوله (…كيانا تابعا للقطاع الخاص….) فهو مفهوم مطلق يكون هدفه الأساسي هو تحقيق الربح، ويزاول نشاطا اقتصاديا أو ماليا أو تجاريا ومن ثم تستبعد الجمعيات والنقابات والاتحاديات (بكوش، 2013، ص705).

وبهذا يكون مجال تطبيق نص المادة (22) من الاتفاقية الدولية محصورا في المؤسسات التي تنشط بهدف تحقيق الربح أو التي يكون رأسمالها كله خاص وتمارس نشاطا تجاريا أو اقتصاديا أو ماليا وهي على النحو الاتي:

أولا- النشاطات التجارية الموضوعية

وهو ما جاء في نص المادة (3) من القانون التجاري العراقي رقم (149) لسنة 1970: يعتبر عملا تجاريا ”

  1. شراء المنقولات أيا كان نوعها بقصد بيعها أو تأجيرها بذاتها أو بعد تهيئتها في صورة اخرى.
  2. بيع أو تأجير المنقولات السابق شراؤها على الوجه المبين في الفقرة السابقة.
  3. استئجار المنقولات بقصد تأجيرها وكذلك ايجارها إلى الغير.
  4. جميع العمليات المتعلقة بالسفاتج والسندات لأمر والشيكات، كتحريرها وتظهيرها ووفاء قيمتها أيا كانت صفة ذوى الشأن فيها وأيا كانت طبيعية العمليات التي أنشئت من اجلها.
  5. تأسيس الشركات التجارية وبيع وشراء اسهمها وسندات استقراضها “.

ثانيا- النشاطات التجارية بحسب الشكل

وتعد الاعمال الآتية تجارية إذا كانت مزاولتها على وجه الاحتراف وفقا لنص المادة (4) من القانون التجاري العراقي وهي تشمل: ”

  1. توريد البضائع.
  2. الصناعة.
  3. النقل البري والنقل في المياه الداخلية.
  4. الوكالة التجارية والدلالة.
  5. التأمين على اختلاف انواعه.
  6. عمليات المصارف والصيارفة وسوق المضاربة (البورصة).
  7. الحساب الجاري.
  8. استيداع البضائع ووسائط النقل أو المحاصيل أو غيرها.
  9. النشر والطباعة والتصوير والاذاعة بطريق الراديو أو التلفزيون والصحافة ونقل الاخبار أو الصور والاعلان.
  10. العمليات الاستخراجية لمواد الثروة الطبيعية كالمناجم والمحاجر ومنابع النفط وغيرها.
  11. مقاولات بناء العقارات أو ترميمها أو هدمها أو تعديلها.
  12. شراء العقارات والحقوق العينية العقارية بقصد بيعها وبيعها بعد شرائها بالقصد المذكور.
  13. اعمال مكاتب السياحة ومكاتب التصدير والاستيراد أو الاخراج الكمركي ومكاتب الاستخدام ومحال البيع بالمزاد العلني.
  14. اعمال الفنادق والمطاعم والسينمات والملاعب والملاهي.
  15. تأجير واستئجار الدور والشقق والغرف مؤثثة أو غير مؤثثة.
  16. توزيع المياه أو الغاز “.

ثالثا- النشاطات التجارية بالتبعية

ويعد ايضا عملا تجاريا كل عمل يتعلق بالملاحة التجارية بحرية كانت أو جوية، وهو ما جاء في نص المادة (5)  من القانون التجاري العراقي وعلى وجه الخصوص: ”

  1. بناء السفن أو الطائرات واصلاحها وصيانتها.
  2. شراء أو بيع أو تأجير أو استئجار السفن أو الطائرات بقصد الاستثمار.
  3. شراء ادوات أو مواد تموين السفن أو الطائرات.
  4. النقل البحري أو الجوي.
  5. عمليات الشحن والتفريغ.
  6. استخدام الملاحين أو الطيارين “.

نستنتج مما تقدم ومن خلال تعريف الكيان أن نص المادة (22) من الاتفاقية الدولية سالفة الذكر لا ينطبق على الشخص الذي يرتكب اختلاسا بمفرده وهو لا ينتسب لأي كيان كالتاجر مثلا في المحل التجاري، أو من يرتكبون اختلاسا مجتمعين فهم يخضعون للقانون العام وتطبق عليهم العقوبات المقررة في قانون العقوبات كالسرقة وخيانة الأمانة.

ومما ينبغي ملاحظته أن المؤسسات العامة الاقتصادية التي تزاول نشاط اقتصادي ووقع فيها اختلاس للأموال أو للممتلكات… يخضع مرتكبها للقانون الخاص بصفة عامة كالقانون التجاري في حالة ما إذا كانت الجريمة المرتكبة على مستوى المصارف والبنوك مثلا وذلك لعدم الإخلال بواجبات الوظيفة الخاصة والعامة على حد سواء.

المبحث الثاني- البنيان القانوني لاختلاس أموال مؤسسات القطاع الخاص

يتحدد البنيان القانوني للاختلاس من خلال ما يتطلبه القانون من أركان، فضلا عما يتطلبه المشرع في الاختلاس من عناصر مفترضة يؤثر توافرها أو تخلفها على وجود الاختلاس من عدمه، ففكرة أركان الاختلاس التقليدية لا تستوعب كل بنيانها القانوني، فالقانون يتطلب فضلا عن الركن المادي والركن المعنوي توافر حالة واقعية أو قانونية يفترض توافرها قبل وقوع الجريمة وتسمى بالعنصر المفترض، فيتحدد إطار النظام القانوني في هذه الأركان ومن اجتماعها يتحقق النشاط المؤثم ويستحق فاعله الجزاء المقرر في نص التجريم (نجم، 2014، ص40)، وسوف نتعرض في هذا المبحث لبيان أركان جريمة اختلاس أموال مؤسسات القطاع الخاص ومن ثم بيان العقوبات المقررة لهذه الجريمة في مطلبين مستقلين وذلك على النحو الاتي:

المطلب الأول- أركان اختلاس أموال مؤسسات القطاع الخاص

لا بد من وجود ركنان أحدهما مادي والأخر معنوي، ولكل منهما عناصره وخصوصيته في تكوين الاختلاس، فالركن المادي للاختلاس هو وجهه الخارجي الظاهر ومن خلاله تقع الأعمال التنفيذية له، أما الركن المعنوي فهو الإرادة الجرمية لارتكاب الاختلاس ولا يكون صاحبه مسؤولا، إلا إذا توافرت لديه اهلية جنائية هي التمييز وحرية الاختيار فهي تعبر عن قدرة الجاني على توجيه إرادته الى ما يخالف القانون (بلال، 2000، ص854)، وسنقوم ببيان أركان اختلاس أموال القطاع الخاص وفقا للنموذج القانوني المنصوص عليه في قانون العقوبات الجزائري، باعتباره الأنموذج الفريد للتعبير عن هذه الجريمة المستحدثة بعد تشريع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لعام 2003، وذلك بتقسيم هذا المطلب الى فرعين مستقلين وعلى النحو الاتي:

الفرع الاول-  الركن المادي

للركن المادي قيمة دستورية، إذ لا يكفي وجود الركن المفترض وحده لقيام جريمة الاختلاس، ولا يتميز هذا الركن في جريمة اختلاس أموال القطاع الخاص بشيء مختلف عما هو محدد لهذا النوع في القطاع العام، فهو يتكون من عناصر ثلاث تتمثل في: النشاط الجرمي ومحل الجريمة وعلاقة سببية بين النشاط الجرمي ومحل الجريمة (سعد، 2012، ص75)، وفي ضوء ذلك سوف نتناوله بشيء من التفصيل، إذ يتحلل هذا الركن الى ما يأتي:

أولا- النشاط الجرمي

حصرت المادة (41) من القانون الجزائري رقم 06-01 الركن المادي في فعل “الاختلاس” فقط الحاصل على أموال القطاع الخاص، عكس ما هو معروف في الاختلاس في القطاع العام، حيث تنص المادة (29) من القانون رقم 06-01 على أن الركن المادي يأخذ أربعة (4) صور تتمثل في: الاحتجاز، التبديد الإتلاف الاحتجاز بدون وجه حق ، ولم تشترط المادة (41) سالفة الذكر إصابة المال المختلس بضرر لأن تجريم الفعل ليس معلقا على إلحاق الضرر أو استعادته (العيدي، 2017، ص109).

فالاختلاس يتحقق بتحويل الأمين حيازة المال المؤتمن عليه من حيازة وقتية إلى حيازة نهائية، بنية التملك ومثال ذلك: قيام الجاني بإنفاق المال أو التبرع به وبعبارة أخرى كل تصرف ينصرف إلى حرمان مالك المال من الانتفاع به . فالاختلاس لا يتصور فيه الشروع، أي إما تتحقق كجريمة تامة أو تتخذ وضعا آخر، ذلك لأن الاختلاس يقع بتغيير النية في الحيازة ويتم ذلك لحظة بدأ التنفيذ فيها (صالح ، 1996، ص32).

كما لا يتصور الشروع باعتبار أن لجاني لديه السيطرة الفعلية على المال، ومن ثم فإن حيازته للمال بنية التملك هي التي تحدد وقوع الاختلاس، ومن هنا يمكن القول بأن هذه الجريمة إما أن تقع تامة أو لا تقع على الإطلاق (مرين، 2017، ص93)

أما بخصوص الاشتراك في جريمة الاختلاس أحالت المادة (52) من القانون المرقم 06-01 على قانون العقوبات، وبالرجوع إلى المادة (42) منه نجدها عرفت الاشتراك بأنه يعد شريكا في الجريمة من لم يتصل بها مباشرا ، ولكنه ساعد بكل الطرق الفاعل على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك”.

ومن هذا التعريف يتضح لنا أن المشرع الجزائري قد حدد مجال الاشتراك في المساعدة فقط دون غيرها من صور المساهمة التبعية، أي بمعنى أن الشريك هو كل من ساهم في الجريمة بدور عرضي أو ثانوي، كما وأن المشرع الجزائري ساوى من حيث المسؤولية بين الشريك والفاعل الأصلي، وعليه فإن ثبوت مسؤولية الشريك عن الاختلاس يتطلب إثبات جميع الأركان المكونة له.

وفي هذا الصدد ذهبت المحكمة العليا الجزائرية الى قبول الطعن المقدم من قبل السيد (خ م) ضد النيابة العامة في الحكم الصادر في25/5/1997 لاتهامه بالمشاركة في جريمة الاختلاس، لأن الحكم لم يستظهر الأركان المكونة للجريمة المنسوبة إليه.

يتضح مما تقدم أن الركن المادي لجريمة الاختلاس يتمثل أساسا في فعل الاختلاس ويتحقق بإضافة الجاني مال الغير الموجود في حوزته إلى ملكه الخاص، واتجاه نيته إلى اعتبار أن هذا المال مملوك له، وتظهر نيته في التملك من خلال مختلف الأعمال المادية التي تقع على هذا المال.

ثانيا-  محل الجريمة

حددت المادة (41) من قانون مكافحة الفساد الجزائري محل الاختلاس بالممتلكات أو الأموال أو الأوراق المالية الخاصة أو الأشياء الأخرى التي عهد بها الى الجاني بحكم وظيفته، وعليه فإن محل جريمة الاختلاس لا يكون وقعا على الأشياء ذات القيمة الاقتصادية وحدها كالنقود والأوراق المالية، بل تشمل كل شيء ذي قيمة، وذلك لأن كل ما يدخل في حيازة الموظف بحكم وظيفته ينبغي الحفاظ عليه، وعلى هذا الأساس سوف نوضح بالتفصيل ماهية محل جريمة الاختلاس للأموال العائدة لمؤسسات القطاع الخاص وعلى النحو الاتي:

  1. الممتلكات

بالرجوع إلى نص المادة الثانية من القانون 06-01 في الفقرة “و” منها نجد أنها عرفت الممتلكات كما يلي: “هي الموجودات بشتى أنواعها سواء كانت مادية أو غير مادية، منقولة أو غير منقولة، ملموسة أو غير ملموسة والمستندات أو السندات القانونية التي تثبت ملكية تلك الموجودات أو وجود الحقوق المتصلة بها”.

ويراد بالمستندات جميع الوثائق التي تثبت حقا كعقود الملكية والأحكام القضائية وغيرها، ومن هنا يتبين لنا أن المشرع من خلال تعريفه للموجودات قد توسع ليشمل المنقولات كافة كالسيارات والمعادن الثمينة ويشمل أيضا الممتلكات غير المنقولة كالعقارات بمختلف أنواعها (نجار، 2014، ص345).

  1. الأموال

ويراد بها النقود بنوعيها الورقي أو المعدنية، ويشترط في هذه الحالة أن تكون هذه الاموال قد سلمت للجاني في الكيان الذي يعمل فيه بحكم وظيفته (هنان، 2010، ص112).

  1. الأوراق المالية

وتتمثل بالصكوك القابلة للتداول بالطرق التجارية، وتمثل حقا للمساهمين والمقرضين موضوعها مبلغ معين من النقود ومواعيد الوفاء بها طويلة الأجل من بينها: الأسهم السندات والأوراق التجارية (شريفي، 2013، ص14) .

أ- الأسهم: وهي السندات القابل للتداول تصدر عن شركة مساهمة كجزء من رأسمالها.

ب- السندات: كما سبق تعريفها هي تلك الموجودات التي تثبت ملكية الحقوق المتصلة بها.

ج- الأوراق التجارية: هي سند محرر بالشكل المعين في القانون يكون قابلا للتداول ويتضمن حقا لحامله أو المستفيد منه يتمثل بمبلغ من النقود يدفع من قبل الملتزم بموجب السند في أجل قصير أو عند الاطلاع (سامي، 2009، ص18).

  1. الأشياء الأخرى ذات القيمة

يتسع محل الاختلاس ليشمل أي شيء آخر غير ما سبق بيانه، والأصل أن يكون هذا الشيء ذي قيمة مادية أو قابل للتقويم بالمال معناه يجوز أن يكون موضوع الاختلاس شيئاً له قيمة معنوية ومن أمثلة الأشياء الأخرى ذات قيمة المحاضر التي تحرر في إطار الدعاوى القضائية.

وبالرجوع إلى نص المادة (41) من قانون مكافحة الفساد الجزائري نجد في نصها: اختلاس” أية ممتلكات أو أموال أو أوراق… فالنص جاء واسعا ليشمل الأموال العقارات وسواء كان لهذا المال قيمة مالية أو اقتصادية أو اعتبارية، ويستوي أن يكون محلها أموال أو أوراق مالية أو أشياء أخرى ذات قيمة مالية.

ثالثا: علاقة السببية

يشترط لقيام الركن المادي في جريمة الاختلاس في القطاع الخاص توافر علاقة سببية بين حيازة الجاني للمال وبين وظيفته أي أن المال سلم للجاني بحكم مهامه، وما يميز نص المادة (41) من القانون الجزائري رقم 06-01 أنها حصرت الاختلاس في المال الذي يعهد للجاني بحكم وظيفته، في حين المادة (29) جعلت اختلاس المال العام يمتد إلى المال الذي يعهد إلى الجاني بحكم وظيفته أو بسببه، وبناءً على هذا ينبغي توافر شرطين لتحقق العلاقة السببية بين الجاني ومحل الجريمة وهما:

أ- وجود المال محل الجريمة في حيازة الجاني

لا يكفي لقيام الاختلاس أن يرتكب الجاني فعلا ينتقل فيه المال الى حيازته، بل يتعين أن يكون هذا المال موجودا في حيازة الجاني،  فلا يمكن قيام جريمة الاختلاس في القطاع الخاص باختلاس الجاني الذي تتمثل صفته في المدير باختلاس ممتلكات أو أموال أو الأوراق أو الأشياء الأخرى ذات قيمة، وإنما ينبغي أن يكون محل الجريمة موجودا في حيازته (أبو عامر، 1999، ص505).

والحيازة المقصود بها هنا هي الحيازة الناقصة والتي يملك الجاني من خلالها سلطة تسمح له بالتصرف في المال ، معناه يكون المال موضوع الاختلاس في الحيازة الناقصة للجاني وتعني هذه الحيازة من الوجهة الإيجابية أن له السيطرة الفعلية والصفة القانونية. فتتمثل السيطرة الفعلية في أدنى مظاهرها في المحافظة على المال ورعايته حتى يسلم إلى أصحاب الحق فيه أو موظف آخر، وقد تصل هذه السيطرة إلى حد الاستعمال أو التصرف فيه (عبد المنعم، 1993، ص287).

أما الصفة القانونية فتعني أن ما يمارسه الجاني على المال من سلطات هو بناءً على تصريح قانوني أو أمر يصدر له من رئيس تجب عليه طاعته، وتطبيقا لذلك فإنه لا يكفي لاستيلاء الجاني  على المال الذي يحوزه حيازة بل لا بد من حصوله على الحيازة الكاملة للمال (حسني، 1977، ص99).

أما الحيازة الناقصة من الوجهة السلبية فهي أن الجاني لا يملك أية صفة أصلية على المال، وإنما يسلم له على أنه يحوزه باسم الكيان الذي يعمل فيه وهو ملزم برده أو التصرف فيه على وجه معين (مراد، 2016، ص164).

وعليه فإن الحيازة الناقصة تتحقق عندما يتوفر الركن المادي فقط، أي يتحقق فيها الحالة الواقعية والسيطرة المادية دون الركن المعنوي فيكون للجاني من خلالها حق حيازة المال من الناحية المادية، فالحيازة المقصودة في جريمة الاختلاس في القطاع الخاص هي حيازة على سبيل الامانة (حسني، 1977، ص99).

وعليه فالاختلاس لا يقوم إذا تم تسليم المال على سبيل الحيازة الكاملة، كما لو كان جزء من مكافأة، وذلك لأن التصرف فيها في هذه الحالة يعد مشروعا.

كذلك إذا كان للجاني يد عارضة (حيازة عارضة) والتي لا تتوافر لا على الركن المادي ولا المعنوي وتكون يد الحائز على الشيء يلتزم برده لصاحبه بمجرد انتهاء الغرض منه، وعليه فالحائز هنا استلم الشيء لفحصه تحت إشراف مالكه، فالمال الذي بين يديه لا يعد جريمة اختلاس في هذه الحالة (عمر، 2016، ص53).

ب- وجود المال محل الجريمة في حيازة الجاني بحكم مهامه

اشترط نص المادة (41) من القانون الجزائري المرقم 06-01 لتحقق فعل الاختلاس أن يكون المال قد سلم له بسبب وظيفته وذلك بقولها: “…عهدت إليه بحكم مهامه” معناه أن يكون المال الذي اختلسه قد وكل إليه بحكم مهامه وقد يكون هذا المال عبارة عن عقار أو منقولا نقودا أو أشياء أخرى ذات قيم مهما كان نوعها .

ويتعين أن يكون وجود المال في حيازة الجاني بسبب وظيفته، ولا يقتضي هذا الشرط أن يكون المال قد سلم إلى الجاني تسليما فعليا وإنما يكفي أن يوجد في حيازته بسبب الوظيفة كما لو استولى عليه عنوة لأن اختصاصات وظيفته قد خولت له ذلك، أي ينبغي أن تتوافر علاقة سببية ببين اكتساب الحيازة وممارسة الاختصاصات التي خولت للجاني (السيد، 2011، ص503).

ويتعين أن يكون المال قد دخل في حيازته بسبب وظيفته، ويستوي أن يكون المال قد سلم له بمقتضى تسليم فعلي أو حكمي (مصطفى، 1974، ص61).

ويكون التسليم فعليا إذا سلم الشيء للجاني بصورة مادية، سواء سلم له بصورة طواعية أو عن إكراه، ويتحقق سبب الوظيفة إذا كانت حيازة الشيء من مقتضيات العمل أو أنها تدخل في اختصاص الجاني استنادا إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه أو مستمد من القوانين واللوائح . وبعبارة أخرى يجب أن يكون حيازة الجاني للمال قد تم بحكم وظيفته أو بمقتضاها أو من اختصاصات الوظيفة (عبد المنعم، 1993، ص286).

لذلك ينبغي أن تتوافر رابطة سببية بين اكتساب الحيازة للمال وممارسة الاختصاصات المخولة للجاني بناءً على القانون، أي بمعنى ينبغي أن تتوافر رابطة سببية بين الوظيفة وتسليم المال بناءً على إجراءات صحيحة مستوفية لكامل ما يشترطه القانون، ويترتب على تخلف الرابطة السببية على هذا النحو انتفاء قيام جريمة الاختلاس كون أن الوظيفة هي التي مكنت الجاني من قبض المال أو حيازته (الشاذلي، 2014، ص211).

وإذا ثبتت الرابطة السببية أي وجود المال بين يدي الجاني بحكم الوظيفة أو بحكم الاختصاص توافرت في حقه جريمة الاختلاس، ولا يعتد في ذلك بما إذا كان المال قد سلم بورقة عرفية أو بدون ورقة، كما يؤثر في قيام جريمة الاختلاس قانونا وتوافر الصلة بين حيازة المال والوظيفة أن يكون الجاني قد أثبت في دفاتره المال الذي تسلمه أم لم يثبت ذلك(الشاذلي، 2014، ص212).

وبناءً على ما تقدم فإنه لا يكفي أن يكون الجاني مديرا يدير كيان اقتصادي أو مالي أو تجاري، وإنما لا بد أن يكون ما اختلسه قد وكل إليه بحكم مهامه أي إدارته للكيان.

 

الفرع الثاني- الركن المعنوي

إن جريمة الاختلاس بجميع صورها وكغيرها من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، اشترط المشرع الجزائري الركن المعنوي فيها، ولكي يتحقق هذا الركن لابد من توافر القصد العام وهو ضرورة أن يكون الجاني على علم بارتكاب الجريمة وكذلك اتجاه إرادته لارتكابها وكذلك القصد الخاص وهذا ما سيتم توضيحه كالتالي:

 

أولا- القصد العام

يقوم الركن المعنوي في هذه الجريمة على توافر القصد الجنائي، فهي جريمة عمدية في كل صورها، وعليه يجب أن يكون الجاني على علم أن المال الذي في حوزته هو ملك للغير وليس له، ومع ذلك تتجه إرادته على حجزه واختلاسه.

أ- العلم بالاختلاس

يجب أن يعلم الجاني الذي هو المدير أو المستخدم داخل الكيان الخاص بأن المال الذي سلم إليه كان بحكم مهامه، وليس له حق التصرف فيه تصرف المالك، فإذا دلت وقائع الدعوى على انتفاء هذا العلم فقدت الجريمة ركنها المعنوي، وذلك كان يجعل المتهم أن المال في حيازته الناقصة (عبد الستار، 1982، ص123)، كما لو اعتقد أن النقود التي أخذها هي جزء من راتبه الشهري كان قد وضعه مع النقود التي يحوزها لحساب (الكيان) في خزينة واحدة، وقد يعتقد الجاني أن المال الذي في حيازته لا علاقة له بمهامه، وإنما هو وديعة خاصة من صاحبه، فإن القصد العام ينتفي في هذه الحالة.

وإذا كان العلم شرطا لتوافر القصد العام، فإن الجهل في الواقعة يؤدي إلى انتفائه، فالجهل يعني انتفاء العلم، كما أن الغلط يعني العلم على نحو يخالف الحقيقة، والعلم يتطلب أن يحيط الجاني بكل الوقائع التي يتطلبها القانون لقيام الجريمة (بهنام، 1977، ص198) وهي كل من:

  1. موضوع الحق المعتدى عليه

لقيام القصد الجنائي وجب أن يكون الجاني على علم بموضوع الحق الذي يعتدي عليه إنسان حي، وفي جريمة الاختلاس يعلم الجاني بأن المال ليس مملوك له، وبأنه عهد له بمقتضى وظيفته التي خولت له، أي أن المال أو السند أو العقد أو الوثيقة الموجودة بحوزته ليست ملكا له وأنه سلم له على سبيل الأمانة (عبد العزيز، 2006، ص165).

 

  1. العلم بخطورة الفعل على المصلحة المحمية قانونا

فإذا اعتقد الجاني أن فعله لا يكون اعتداءً على مصلحة المحمية قانونا، ثم قام بفعله على هذا الأساس، فإن فعله لا يعد جريمة عمدية إذ ينتفي القصد لديه، ففي جريمة الاختلاس إذا كان الجاني على علم بأن الشخص قد سلم له العقد أو المال على سبيل الائتمان ولثقته في تلك المؤسسة.

  1. العلم بزمان ومكان ارتكاب الفعل

إذا كان الأصل أن القانون يجرم الفعل من حيث الزمان والمكان، إلا أن هناك بعضا من الجرائم قد ترتكب في زمان أو مكان معينين، كما قد يجتمع الشرطان معا. ففي جريمة الاختلاس تقوم الجريمة إذا كان الجاني وهو الموظف قد قام بالفعل أثناء شغله للوظيفة، أي في الوقت الذي كان يشغل منصبه، ووفقا لما خوله القانون له (عبد المنعم، 1993، ص294).

  1. توقع النتيجة

يهدف من أتى فعلا إلى تحقيق نتيجة معينة يرغب فيها، وتوقع هذه النتيجة هو أمر مطلوب للقول بتوافر القصد لديه، ففي جريمة الاختلاس فإن الموظف في الكيان الخاص مهما كانت صفته بفعله يتوقع النتيجة، وهي الإضرار بمصلحة الغير (عبد العزيز، 2006، ص156) .

ب- إرادة الاختلاس

إن الإرادة هي عبارة عن قوة نفسية تتحكم في سلوك الإنسان، فهي نشاط نفسي يصدر عن وعي وإدراك من أجل بلوغ هدف معين، فإذا توجهت الإرادة المدركة والمميزة عن علم لتحقيق الواقعة الإجرامية تحققت مسؤولية الجاني عن النتيجة الجرمية، وتشمل الإرادة هنا إرادة السلوك ونتيجته والذي يتمثل في الاعتداء على المصلحة المحمية قانونا (السيد، 2011، ص517).

وعليه فإن الجريمة الاختلاس جريمة يشترط أن تتوافر في ركنها المعنوي القصد الجنائي بعنصري العلم والارادة، ومن ثم تتجه إرادة الجاني إلى الاستيلاء على الشيء مع علمه بأنه مملوك للغير، وعليه لا يتوافر القصد الجنائي العام إذا فقد الموظف أو العامل الشيء الذي يحوزه بسبب إهماله أو تصرف فيه جهلا منه بأنه سلم إليه بسبب أو مقتضى وظيفته.

 

ثانيا: القصد الخاص

لا يكفي العلم والإرادة لقيام الجريمة، وإنما يلزم أن يتوافر قصد خاص يتمثل في نية التملك لمحل الاختلاس، والمدلول الحقيقي لقصد التملك هو إرادة الظهور على الشيء بمظهر المالك له، وهو مظهر هذا العنصر في الغالب (أبو عامر، 1999، ص509).

ويقوم هذا القصد على عنصرين:

أ- عنصر سلبي: هو إرادة حرمان المالك الشرعي من سلطاته على الشيء، ومظهر العنصر في الغالب هو العزم على عدم رده سواء تلقائيا أو عند المطالبة به.

ب- عنصر ايجابي: قوامه إرادة المختلس أن يحل محل المالك في سلطاته على الشيء بأن ينقل حيازته المحمية قانونا. العلم والإرادة . الجريمة. كليا إليه ويدخله في ملكه .

وبناءً على ما سبق فإذا انصرفت إرادة الجاني الى استعمال محل الاختلاس فقط دون تملكه، فلا يعد مرتكبا الجاني مختلسا، ولربما يكون الاستعمال ذاته دليلا على نية التملك إذا توافرت أدلة أخرى قوية، كما لو لم يرد الشيء بعد المطالبة به، والأمر نفسه ينطبق على المستخدم الذي يهمل صيانة مال الكيان بقصد تعريضه للهلاك وإضاعته، إذ لا تتوافر لديه نية التملك (الشاذلي، 2014، ص243).

ومما تجدر الإشارة اليه أنه إذا توافرت نية تملك المال المختلس، فإن القصد الخاص لقيام الاختلاس يعد قائما إذا كانت لدى الجاني نية رد المال بعد ذلك، أو أن يكون قد رده فعلا أو يحرر على نفسه إقرارا يلتزم فيه بالرد (القهوجي، 2002، ص86) .

ويفهم من هذا القصد انصراف نية الجاني إلى إضافة الشيء إلى ملكيته أي التصرف فيه تصرف المالك. فاذا انصرفت ارادته الى استعمال الشيء دون تملكه فلا يعد مرتكباً لجريمة الاختلاس، كمن يستعمل سيارة العمل مثلاً لأغراض خاصة .

والواقع أن نية التملك هي كل ما يدل على قيام القصد الخاص سواء انصرفت إلى ضم المال إلى ملك المختلس أو إلى ملك غيره ودون أن ينال من ملكه شيء، أو يهدف من وراء الاختلاس مثلا وضع كل المال في مشروع خيري فمهما كان الباعث شريفا لا ينفي نية الاختلاس،  ومتى ثبتت نية التملك تحقق القصد الخاص ولو علق الجاني رد المال المختلس (السعيد، 2011، ص519) .

ويلاحظ أيضا أن نية التملك لا تتطلب من الجاني الإثراء على حساب المجني عليه، ولا يشترط المشرع الجزائري عنصر الاستفادة من الأموال المختلسة، كما لا يتطلب أن يكون قصد الجاني التسبب في إفقار المجني عليه، إذ يقوم الاختلاس بمجرد الحصول على الشيء بنية تملكه ولو ترك مكانه مبلغا نقديا يزيد على قيمته وعليه فالاختلاس ليس فعلا ماديا بحثا ولا نية داخلية محضة بل هو مركب منهما معا، وفي هذا الصدد ذهبت المحكمة العليا الجزائرية في قرار لها في 27 مارس 2001 يقضي ببراءة المتهم من جريمة تبديد أموال عامة وتوفر فيها الركن المادي فقط وأغفلت العناصر الأخرى (العيدي، 2017، ص16).

 

ثالثا- إثبات القصد الجنائي

في حالة ما إذا ارتكب الاختلاس من طرف الفاعل وتمت ملاحقته قانونيا فإنه ينبغي على القاضي الجزائي المختص أن يثبت توافر القصد العام والخاص، وهذا الإثبات يشمل العلم بالاختلاس ووقت توافر العلم.

أ- إثبات توافر العلم بالاختلاس

إن الركن المعنوي هو علم الجاني بارتكاب الفعل المجرم واتجاه إرادته إلى ذلك، فالجاني يقوم بأفعال وهو مدرك لما يفعل، وذلك هو القصد العام، كما قد يتطلب القانون إلى جانب ذلك القصد الخاص في بعض الجرائم، وأن يقصد الجاني تحقيق نتيجة بذاتها، كأن يكون الاختلاس سوء نية، بمعنى أن الفعل إن وقع في بعض الجرائم الخاصة عن علم وإرادة ولكنه صدر بحسن نية دون أن يقصد الفاعل تحقيق أية نتيجة، فلا يعد جريمة وعلى جهة المتابعة في كل الحالات إثبات القصد الجنائي العام والخاص بالنسبة لجميع الجرائم العمدية، بما فيها جريمة الاختلاس وتقدير توافر القصد الجنائي من عدمه مسألة وقائع يختص بتقديرها قاضي الموضوع فيستخلصها من وقائع وملابسات القضية بكافة الأدلة والقرائن من أجل إثبات النية الجرمية المتوفرة في الاختلاس، والقانون لم يضع أية شروط وقيود لذلك (نجيمي، 2002، ص58).

والقصد الجنائي باعتباره مسألة معنوية باطنية، فإن إثباته يقتضي حتما الاعتماد على قرائن وبحسب الوقائع والملابسات في القضية، وعلى القاضي إبراز توافره في حكم الإدانة.

وفي بعض الأحيان يتدخل المشرع ويشترط وجود قرائن قانونية تعفي الجهة التحقيقية والمحكمة من إثبات القصد الجنائي، فإذا كانت القرينة بسيطة ينقل عبئ الإثبات إلى المتهم ليثبت حسن نيته، أما إذا كانت القرينة القانونية قاطعة، فإنه لا يقبل من المتهم إثبات عكسها.

ب- توافر العلم بالاختلاس وقت ارتكاب السلوك الإجرامي

إن توافر العلم لدى الفاعل يكون وقت ارتكاب النشاط الجرمي، أي إثبات أن المتهم كان يتمتع بكافة قواه العقلية في الوقت الذي ينسب فيه أنه ارتكب الجرم، وإثبات عدم قيام أي سبب يمنع ذلك، كأن تكون هناك قوة قاهرة دفعته للقيام بفعله.

ومسألة تقدير وجود الركن المعنوي من عدمه يرتبط بنموذج التجريم، مثلما يستخلص من نص القانون من ناحية، ولعبرة بلحظة بدأ النشاط إذ بتوافره في ذلك الوقت تكتمل بنية الجريمة، ومن ثم فإن النيابة العامة وجهة المتابعة هي التي تتكفل بإثبات الركن المعنوي، وإثبات عدم قيام أي مانع قانوني.

الفرع الثالث- العقوبات المقررة لجريمة اختلاس أموال القطاع الخاص

بعد أن استعرضنا بشيء من التفصيل أهم أركان جريمة اختلاس أموال المؤسسات التابعة للقطاع الخاص، لا بد لنا من الإشارة الى العقوبة المقررة لجريمة اختلاس أموال القطاع الخاص في التشريع الجزائري والتشريع العراقي وأهم أوجه الاختلاف بينها وبين مثيلتها في جريمة الاختلاس في القطاع العام وذلك على النحو الأتي:

أولا- العقوبات المقررة لجريمة اختلاس أموال القطاع الخاص في التشريع الجزائري

تعد جريمة اختلاس الأموال والممتلكات من قبيل الجنح في القطاعين العام والخاص، رغم اختلاف العقوبات المقررة لها في نص المادتين (29 و41) من القانون الجزائري رقم 06-01، إذ يعاقب المشرع الجزائري على فعل الاختلاس في القطاع العام وفقا لنص المادة (29) بالحبس من سنتين الى عشر سنوات وبغرامة من 200000دج الى 100000دج”، في حين يعاقب عن ذات النشاط الجرمي المرتكب في القطاع الخاص بالحبس من ستة أشهر الى خمسة سنوات، وبغرامة من 50000 – 500000 دج، هذا إذا كان المسؤول شخصا طبيعيا وفقا لنص المادة (41) من القانون الجزائري.

أما إذا كان المسؤول شخصا معنويا خاصا، فأنه يعاقب بالغرامة وفقا لنص المادة (53) من القانون 06-01 الخاص بمكافحة جرائم الفساد وبدلالة نص المادة (15) من قانون العقوبات الجزائري التي حددت الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص كالمؤسسات العامة الاقتصادية والمؤسسات ذات رأس مال مختلط والمؤسسات الخاصة التي تقدم خدمات عامة ومن ثم يستثنى من المساءلة القانونية كل شخص معنوي خاضع للقانون العام.

وبصدد العقوبة الأصلية التي يمكن أن يحكم بها على الشخص المعنوي الذي يرتكب جريمة اختلاس الأموال والممتلكات، فقد أشار إليها نص المادة (18) مكرر من قانون العقوبات الجزائري وتتمثل في غرامة تساوي خمسة أضعاف الحد الاقصى للغرامة المقررة لجريمة اختلاس في نطاق القطاع العام أي بما يعادل 1000000دج.

ولا تختلف العقوبات التكميلية المقررة للاختلاس سواء في القطاع العام أو الخاص، إذ أشارت المادة (50) من قانون مكافحة الفساد الجزائري النافذ الى امكانية معاقبة الجاني المدان بجريمة اختلاس الاموال والممتلكات سواء في القطاع العام او الخاص بعقوبة او اكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة (9) من قانون العقوبات الجزائري والتي تتخذ كما نعرف طابعا جوازيا يخضع توقيعها من عدمه الى سلطة القاضي التقديرية، وتتمثل هذه العقوبات فيما يلي: المنع من الإقامة- تحديد الإقامة – الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية – المصادرة الجزائية للأموال- حل الشخص الاعتباري – نشر الحكم.

كما أشار نص المادة (18) مكرر من قانون العقوبات الى العقوبات التكميلية التي يمكن للقاضي ان يحكم بواحدة منها أو اكثر على الشخص المعنوي مرتكب جريمة الاختلاس وهي: الوضع تحت الحراسة القضائية- نشر وتعليق حكم الإدانة – مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكابا لجريمة – المنع من مزاولة النشاط – الإقصاء من الصفقات العمومية – غلق المؤسسة أو فرع من فروعه لمدة لا تتجاوز خمس سنوات – نشر وتعليق حكم الإدانة – الوضع تحت الحراسة القضائية.

 

ثانيا- موقف المشرع العراقي من جريمة اختلاس الأموال العائدة لمؤسسات القطاع الخاص

يضطلع القطاع الخاص بدور أساس وجوهري، في الدول التي تعتمد نظام (اقتصاد السوق)، في تحقيق التنمية الاقتصادية. وقد استقرت ملامح هذا النظام في بعض الدول، وباتت قوى القطاع الخاص هي القوى التي تتولى قيادة وتوجيه مفردات (الاقتصاد الجزئي)، واقتصر دور الدولة على تحديد قواعد العمل ومراقبة تنفيذ القوانين وحماية الملكية الخاصة وانتاج السلع العامة ورسم الأهداف الاجتماعية.

وإذا كان دور القطاع الخاص بهذا الوضوح في تلك الدول، فانه بالتأكيد ليس على هذا النحو من الوضوح والرسوخ في الدول التي تحولت اقتصادياتها من (نظام التخطيط المركزي) إلى (نظام اقتصاد السوق)، ومنها العراق سيما مع غياب الآليات الواضحة لذلك الانتقال، الأمر الذي قد يفتح المجال واسعا لتحول هذا القطاع إلى قطاع طفيلي، يعيش على المال العام ويستنزفه، دون أن يقدم خدمات حقيقة.

إن تراجع دور الدولة في مجالات (الإنتاج والدخول والتوظيف والخدمات الاجتماعية) أدى إلى بروز دور القطاع الخاص في قيادة تلك القطاعات، والحلول محل الدولة فيها، وما قد يرافق ذلك من صور الفساد في القطاع الخاص يأتي في مقدمتها جريمة الاختلاس.

وقد تنبهت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المبرمة في عام 2003 إلى ذلك الأمر فجعلت من ضمن مبادئها التي ألزمت الدول الموقعة (ومنها العراق) باتباعها، هو وضع التشريعات اللازمة لمكافحة الفساد في القطاع الخاص، والتزاما من العراق بذلك المبدأ فقد نصت المادة (3/ثالثا) من قانون هيئة النزاهة على دور الهيئة في تنمية ثقافة مكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص.

غير أن القانون المذكور لم يشير بشكل واضح للجرائم المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد  لعام 2003 وهي (الرشوة و الاختلاس في القطاع الخاص) هذا من جانب ومن جانب أخر أغفل الإشارة لإجراءات التحقيق في هذه الجرائم ضمن اختصاص الهيئة التحقيقي.

وفي رأينا أن ذلك يمثل نقصا تشريعيا وإجرائيا ينبغي تداركه،كما نص قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على جملة من العقوبات التي تطال (المؤسسات المالية الخاصة) في حال مخالفتها لأحكام القانون، وكذلك فعل المشرع سابقا في قانون الشركات رقم (21) لسنة 1997 فيما يتعلق بمخالفة (الأحكام التنظيمية) للقانون من قبل الشركات، ولم يتضمن أحكاما عقابية لصور الأنشطة غير المشروعة للشركات، وهو أمر طبيعي في ظل صدور القانون في وقت كان الاقتصاد فيه موجها، وكان دور الشركات العائدة للقطاع الخاص ضئيلا ومحدودا.

ناهيك عن أن المشرع العراقي قد نص في قانون العقوبات العراقي على بعض الجرائم التي تقع في نطاق القطاع الخاص كجريمة الغش في المعاملات التجارية، وجريمة التدخل في حرية المزايدات والمناقصات، وهذا يعني أن رؤية الدولة في مكافحة الفساد في القطاع الخاص لا تزال غير واضحة وتتوزع أحكامها بين عدة قوانين، وهي في مجملها قاصرة عن معالجة الكثير من صور الفساد في القطاع الخاص، التي بدأت تظهر مع تعاظم دوره في العراق واحتلاله مرتبة الصدارة في قيادة قطاعات (النفط والكهرباء والصحة والتعليم والاتصالات) وغير ذلك من القطاعات الحيوية.

 

الخاتمة

بعد هذا العرض الوجيز لموضوع المسؤولية الجزائية عن اختلاس الأموال العائدة لمؤسسات القطاع الخاص واكمال بحثنا هذا والحمد لله، توصلنا الى جملة من النتائج والتوصيات نوجزها على النحو الاتي:

أولا- النتائج

  1. لم يرد في التشريعات العقابية العراقية لاسيما قانون العقوبات النافذ ولا مشروعه المزمع صدوره تعريفا لجريمة الاختلاس في مؤسسات القطاع الخاص، بل أكتفى واضعو المشروع على الإشارة الى جريمة الاختلاس في مؤسسات القطاع العام دون أي نص يحتم التجريم والعقاب، فضلا عن أن قانون هيئة النزاهة العراقي لم ينص على الجرائم التي تستهدف أموال القطاع الخاص، وإنما غلب عليه الطابع الإجرائي، رغم ورود  النص في الفقرة (رابعا) من المادة (3)  على أنه ” تعمل الهيئة على المساهمة في منع الفساد ومكافحته واعتماد الشفافية في إدارة شؤون الحكم على جميع المستويات عن طريق إعداد مشروعات قوانين فيما يساهم في منع الفساد أو مكافحته ورفعها الى السلطة التشريعية المختصة عن طريق رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو عن طريق اللجنة البرلمانية المختصة بموضوع التشريع المقترح “.
  2. أن واقع الاختلاس في العراق شأنه شأن الحال في الجزائر يعد من أكثر صور الفساد انتشارا سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، لذلك جرم المشرع الجزائري دون العراقي هذا الفعل في القطاعين.
  3. إن الاختلاف الوحيد بين النموذج القانوني للاختلاس في القطاع الخاص عنه في مجال الوظيفة العامة هو صفة الجاني، حيث يقع الاختلاس في القطاع الخاص من أي شخص يتولى إدارة الشركة أو بصفة عامة الكيان التابع للقطاع الخاص أو يعمل لديه بأي صفة كانت، أما الاختلاس في مجال الوظيفة العامة فإنه لا يتحقق إلا من شخص توافرت فيه صفة الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة، وهذا ما لمسناه وفقا للقانون الجزائري حيث تعد جريمة الاختلاس في القطاع الخاص من جرائم الصفة التي تتمثل بوجود ركن مفترض يعبر عنه بالشخص الذي یدیر كیان تابع للقطاع الخاص، وهذا ما جعل لها طابع خاص عن جريمة الاختلاس التقليدية التي تحتاج الى وجود صفة بمرتكب الجريمة كركن مفترض ألا وهو (الموظف العام).
  4. وفقا للقانون الجزائري لا يمكن تطبيق أحكام جريمة الاختلاس، إلا في الجرائم التي تستهدف الكيانات التي تزاول نشاطا اقتصاديا أو ماليا أو تجاريا، ومن ثم یكون هدفها تحقيق الربح، أما بخصوص محل الجريمة فإنه یتمثل بالأشیاء التي لها قیمة من ممتلكات أو أموال أو أوارق مالیة.
  5. أتضح لنا من خلال نص المادة (40) من قانون مكافحة الفساد الجزائري، إن المشرع قدر أن خطر الاختلاس في القطاع الخاص اقل مما هو علية في القطاع العام، فجعل من عقوبة جريمة الاختلاس في القطاع الخاص أخف من عقوبة جريمة اختلاس الموظف العام، مع أن كلتا الجريمتين لهما نفس التوصيف القانوني الا وهو وصف الجنحة، وهذا موقف منتقد في الواقع، رغم أنه قد قرر مسؤولية للشخص المعنوي في حال ارتكابه لهذه الجریمة من قبل ممثله ولحسابها.
  6. توصلنا أيضا الى أن جريمة اختلاس أموال القطاع الخاص تعد من قبيل جرائم السلوك المجرد، ومن ثم لا يتصور الشروع فيها، تأسيسا على أن للجاني السيطرة الفعلية على المال، ومن ثم فإن نية حيازته هي التي تحدد وقوع الاختلاس، ومن ثم فإن الاختلاس، إما أن يقع تاما أو لا يقع على الإطلاق.
  7. توصلنا أيضا الى أن الاشتراك في جريمة اختلاس أموال القطاع الخاص يتحقق وفقا للقواعد العامة للاشتراك فقط في صورة واحدة فقط (المساعدة) على ارتكاب الجريمة دون الصور الأخرى للاشتراك، وذلك لأن الشريك في هذه الجريمة هو كل من ساهم في فيها بصفة عرضية أو ثانوية.

ثانيا- التوصيات

  1. ندعو المشرع العراقي الى ضرورة النص على تجريم الاختلاسات التي تطال أموال القطاع الخاص وجعلها من قبيل الجنايات وليس من قبيل الجنح وذلك لتأثيرها الكبير على اقتصاديات ومجهودات الاستثمار في نطاق القطاع الخاص، وإن كانت لا تستهدف المال العام، ولكن هدر المال الخاص في نطاق هذا النوع من القطاعات الاقتصادية يحقق ذات الحكمة من تجريم اختلاسات المال العام.
  2. نتيجة لتخلف دور الدولة في مجالات (الإنتاج والدخول والتوظيف والخدمات الاجتماعية) برز الى السطح دور القطاع الخاص لأجل قيادة تلك القطاعات، والحلول محل الدولة فيها، وما قد يرافق ذلك من صور الفساد في القطاع الخاص يأتي في مقدمتها جريمة الاختلاس، وعليه ندعو المشرع العراقي الى فرض اقصى العقوبات ولا تقتصر على العقوبات السالبة للحرية، بل ينبغي فرض العقوبات المالية كونها تؤثر كثير في ذمة الجاني المحكوم عليه خصوصا الغرامة والمصادرة.
  3. إعادة النظر في تكییف جریمة الاختلاس في القطاع الخاص في القانون الجزائري الموصوفة بجنحة وفي العقوبة المقررة لها وذلك بإعطاء عقوبات تتناسب مع حجم خطورة هذه الجريمة خاصة فیما یخص الغرامة، لاسيما أن ما یتم اختلاسه أكبر بكثير من مقدار مبلغ الغرامة
  4. توحيد النص القانوني الذي يجرم ويعاقب على فعل الاختلاس في القطاعين العام أو الخاص والاكتفاء بنص واحد يجمع بين تجريم الاختلاس في المجالين، أو على الأقل إعادة النظر في النصوص المتعلقة بمكافحة الفساد سواء في القانون الجزائري أو العراقي.
  5. النص على ظروف مشددة للعقوبة عن جريمة اختلاس أموال القطاع الخاص يأتي في مقدمتها تشديد العقوبة المفروضة إذا كانت قيمة المال المختلس في القانونين الجزائري والعراقي باهضة، ويترك تحديد هذه القيمة للقاضي الجنائي لكلا الدولتين وهو ما يشكل ردعا حقيقيا لمرتكبي هذه الجريمة.
  6. ندعو الى الإسراع بوضع مقترحات في قانون النزاهة العراقي تجرم وتعاقب على ارتكاب جرائم الرشوة أو الاختلاس للمال العائد لمؤسسات القطاع الخاص استنادا لنص المادة (3/ رابعا) من قانون هيئة النزاهة العراقي.

 

المصادر

  • جبران، مسعود، (1981) الرائد، مج ،1 ط ،1 دار العلوم للملایین، بیروت.
  • سلیمان، عبد االله ، (1998)، دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري، القسم الخاص، دیوان المطبوعات الجامعیة، الجزائر.
  • سليمان، عبد الله، (1990)، دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري، القسم الخاص، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.
  • أبن منظور، جمال الدين بن مكرم،(2003)، لسان العرب، ج4 وج،7 دار الحديث، القاهرة.
  • ابراهيم مصطفى، احمد حسن الزيات، حامد عبدالقادر، محمد علي النجار، (2008)، المعجم الوسيط، ج،1ج،2 ، بلا مكان طبع.
  • القريشي، حمد صالح ، (1999)، التحول من القطاع العام إلى القطاع الخاص بين الأداء التنموي ومنطق صندوق النقط الدولي، دراسة في الاقتصاد السياسي للخصخصة ، من بحوث المؤتمر العلمي الثالث لجمعية الاقتصاديين العراقيين.
  • حسني، محمود نجیب، (1977) شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، دار النهضة العربیة، مصر.
  • جعفر، علي محمد ، (2006)، قانون العقوبات “جرائم الرشوة والاختلاس والإخلال بالثقة العامة والاعتداء على الأشخاص والأموال”، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى.
  • رحماني، منصور، (2012)، القانون الجنائي للمال و الأعمال، الجزء الأول، دار العلوم للنشر والتوزیع، الجزائر.
  • عميور، خديجة، (2012)، جرائم الفساد في القطاع الخاص في ظل التشریع الجزائري، مذكرة لنیل شهادة الماجستير، كلیة الحقوق والعلوم السیاسیة، قسم الحقوق، تخصص قانون جنائي، جامعة قاصدي مرباح ورقلة.
  • حطابي، هشام و الشادي عبد السلام، اختلاس الأموال بین القطاع العام والقطاع الخاص، مذكرة تخرج لنیل إجازة المدرسة العلیا للقضاء، الدفعة السادسة عشر، 2005.
  • صالح، نائل، عبد الرحمن، (1996)، الاختلاس: دراسة تحليلية مقارنه فقها وقضاء وتشریعا، دار الفكر للطباعة والنشر 2 والتوزیع، الطبعة الثانية، عمان.
  • بكوش، ملیكة، (2013)، جریمة الاختلاس في ظل قانون الوقایة من الفساد ومكافحته، مذكرة لنیل شهادة الماجستیر، كلیة الحقوق والعلوم السیاسیة، قسم القانون الخاص، جامعة وهران.
  • خالدي، فتیحة و میمون خیرة ،(2019)، اختلاس الأموال والممتلكات في القطاع العام و الخاص، مجلة الدراسات الاقتصادية المعاصرة، العدد الاول، المجلد (4).
  • نجم، محمد ، صبحي، (2014)، قانون العقوبات القسم الخاص، دار الثقافة للنشر والتوزیع، الأردن.
  • بلال، أحمد، عوض، (2000)، النظرية العامة للجرمية، دار النهضة العربية، القاهرة.
  • عبد العزيز سعد، (2012)، جرائم الاعتداء على الاموال العامة والخاصة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ، طبعة (6).
  • العيدي، إبراهيم، (2017)، الاختلاس في منظور القانون 06-10، مجلة القانون الدولي والتنمية، مركز القانون الدولي للتنمية المستدامة، المجلد (5)، العدد (1)، جامعة عبد الحميد أبن باديس، مستغنام.
  • نجار، لویزة، (2014)، التصدي المؤسساتي والجزائي لظاهرة الفساد في التشریع الجزائري “دراسة مقارنة”، أطروحة دكتوراه في مقدمة الى،كلیة الحقوق، قسم القانون الخاص، جامعة منتوري، قسنطینة.
  • هنان، ملیكة ، (2010)، جرائم الفساد، الرشوة والاختلاس وتكسب الموظف العام من وراء وظيفته في الفقه الإسلامي وقانون مكافحة الفساد الجزائري مقارنا ببعض التشريعات العربية، دار الجامعة الجديدة، الجزائر.
  • شريفي، نسرين، (2013)، السندات التجارية في القانون الجزائري، دار بلقيس، الطبعة الأولى، الجزائر.
  • سامي، فوزي محمد، (2009)، شرح القانون التجاري “الأوراق التجارية، سند السحب (السفتجة)، السند لأمر (الكمبيالة)، الشیك، الجزء الثاني، دار الثقافة للنشر والتوزیع، عمان.
  • أبو عامر، محمد، زكي، (1999)، قانون العقوبات الخاص، المؤسسة الجامعیة للدراسات والنشر والتوزیع، الطبعة الثانية، بيروت، لبنان.
  • عبد المنعم، سلیمان، (1993)، قانون العقوبات الخاص “الجرائم الماسة بالمصلحة العامة”، الجامعة الجديدة للنشر، مصر.
  • عمر، حماس، (2016)، جرائم الفساد وآليات مكافحتها في التشريع الجزائري، أطروحة دكتوراه، مقدمة الى جامعة ابي بكر بلقايد – تلمسان.
  • كامل السيد، (2011)، شرح قانون العقوبات “الجرائم المضرة بالمصلحة العامة”، الطبعة الثانية، دار الثقافة للنشر والتوزیع، عمان.
  • مصطفى ، (1974)، محمود، محمود، شرح قانون العقوبات – القسم العام، الطبعة التاسعة، مطبعة جامعة القاهرة.
  • الشاذلي، فتوح ، عبد الفتاح، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص، دار المطبوعات الجامعية، مصر، الطبعة الثانية.
  • عبد الستار، فوزية، 1982، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة.
  • القهوجي، عبد القادر، علي، (2002)، القانون العام و القانون الخاص، جرائم الاعتداء على المصلحة العامة وعلى الإنسان والمال، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الثانية، لبنان.
  • السعيد، كامل، (2011)، شرح قانون العقوبات “الجرائم المضرة بالمصلحة العامة”، دار الثقافة للنشر والتوزیع، الطبعة الثانية، الأردن.
  • نجيمي، جمال، (2002)، اثبات الجريمة في ضوء الاجتهاد القضائي، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *