دعاء عبد الرضا باقر الغانم                                     م.د رسلان عبد الزهرة الجنابي

                           باحثة / جامعة الكوفة                   جامعة الامام الصادق (ع)فكلية الادارة والاقتصاد                                                                                             فرع النجف                            

Ruslan.abdul-zahra@sadiq.edu.iq                 duaa.alganeem@gmail.com      

009647832560400                              009647809341517

المستخلص

     لقد حظيت موضوعة التنمية المستدامة منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي باهتمام كبير لحماية البيئة من الانشطة الانتاجية الضارة والاستهلاك غير الرشيد للموارد الطبيعية بخاصة الناضبة منها سعياً الى حماية حقوق الاجيال القادمة من هذه الموارد. وسعت العديد من البلدان الى تحقيق تنمية مستدامة من خلال تجديد مصادر الدخل وتنويعها واستغلال الموارد الطبيعية للنهوض بواقع اقتصاداتها لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية المتغيرة.

 وتكمن اهمية البحث في محاولة معرفة طرق وكيفية تحويل الاقتصاد العراقي الى اقتصاد يحقق الاهداف التنموية وبشكل مستدام عن طريق تطبيق البرامج التنموية وفقا لمنهجية تخطيطية جادة وذلك من خلال محاور ثلاثة رئيسية هي الاول: مفهوم التنمية المستدامة وابعادها وأهم مؤشراتها، الثاني: واقع الاقتصاد محل الدراسة وأبرز التحديات التنموية التي تواجه، المحور الثالث: سبل المعالجة او الحلول الممكنة لتجاوز المشاكل التنموية عن طريق محاربة الفساد المالي والاداري وتفعيل الدور المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي وتنويع مصادر الدخل والنهوض بالقطاعات الانتاجية الاخرى بعيدا عن الاعتماد على النفط واعادة النظر بالسياسات والبرامج الاقتصادية وتحقيق الاستدامة المالية .

      وتوصل البحث الى نتيجة نسبية تتضمن رؤية تفاؤلية: تفضي الى امكانية تحقيق تنمية مستدامة في العراق في حالة التخلص من الازمة السياسية الراهنة وتحقيق الامن والاستقرار واتباع سياسات اقتصادية هادفة الى معالجة كافة الاختلالات في الاقتصاد. ورؤية تشاؤمية: يتوقع من خلالها عدم حدوث أي تنمية مستدامة او تغيرات طفيفة في حالة بقاء الاوضاع السياسية والامنية غير مستقرة.

الكلمات المفتاحية: التنمية المستدامة، الاقتصاد العراقي، التنويع، الطاقة المتجددة، الاستدامة المالية.

Sustainable development and ways to achieve it to advance the reality of the Iraqi economy

Doaa Abdul Redha AL-Ghanim Researcher / University of Kufa/ Faculty of Administration and Economics
Ruslan Abdul Zahra AL-Janabi Imam Sadiq University (peace be upon him) Najaf Branch

 

Abstract

Since the end of the 1980s, the theme of sustainable development has received significant attention to protecting the environment from harmful productive activities and the mindless consumption of natural resources, particularly those that are depleted, to protect the rights of future generations of these resources. Many countries have sought sustainable development by replenishing and diversifying sources of income and exploiting natural resources to advance their economies to meet changing global economic challenges.

The importance of research lies in trying to find out how and how to transform the Iraqi economy into an economy that sustainably achieves development goals by applying development programs according to a severe planning methodology through three main axes: First: The concept of sustainable development and its dimensions and its most important indicators, second: the reality of the economy in question and the most major development challenges facing, the third axis: ways to address or possible solutions to overcome development problems by fighting financial and administrative corruption by activating the institutional role and strategic planning, diversifying sources of income and promoting other productive sectors away from dependence on oil and reviewing economic policies and programs and achieving financial sustainability.

The research reached a relative conclusion that includes an optimistic view: it leads to the possibility of achieving sustainable development in Iraq in the event of getting rid of the current political crisis, achieving security and stability, and pursuing economic policies aimed at addressing all imbalances in the economy/. A pessimistic view no sustainable development or minor changes are expected if the political and security situation remains unstable.

Key word: sustainable development, Iraqi Economic, Diversification, Renewable energy, Financial sustainability.    

المقدمة

     تعاني اغلب الدول لاسيما النامية منها من انعدام تحقق التنمية المستدامة جراء عدم توافر التخصيص الامثل للموارد المتاحة سواء كانت ناضبة ام متجددة على حد سواء الامر الذي ترتب عليه ضياع حقوق الاجيال القادمة وعدم الحفاظ عليها، لذا توجب على الدول مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تعرقل العملية التنموية التي تتطلع لها هذه الدول من اجل اللحاق بالركب الحضاري الذي تشهده الدول المتقدمة اليوم، مع ضرورة العمل بموجب الخطط التنموية وتهيئة المناخ المناسب للنهوض بواقع الاقتصاد من اجل تحقيق معدلات نمو في الناتج المحلي الاجمالي تعمل على احداث عملية تغيير جذرية شاملة من شانها احداث النمو الاقتصادي المنشود.

أهمية البحث

      تأتي اهمية البحث من حقيقة الدور الذي تلعبه التنمية المستدامة في اقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء من خلال التأثير في المتغيرات الاقتصادية فيها، ووفقا لذلك فان تحقق التنمية المستدامة يعني الحفاظ على حقوق الاجيال القادمة وعدم المساس فيها، فضلا عن  استغلال وتخصيص الموارد المتاحة الناضبة والمتجددة على حد سواء افضل استغلال من خلال نمو الناتج المحلي الاجمالي بمعدلات مرتفعة من شأنها السيطرة على التحديات التي تواجهها، فهي الحل الأمثل لكافة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي.

مشكلة البحث

     تتمحور مشكلة البحث من ان اغلب الدول لاسيما النامية منها لا تتحقق التنمية المستدامة فيها جراء وجود العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تعرقل عملية التنمية فيها، فضلا عن افتقارها الى الكيفية التي يمكن من خلالها تحقق التنمية المستدامة في الدول النامية وماهية الدور الذي تمارسه مؤشراتها كالتعليم والصحة والتمكين ومتوسط نصيب الفرد وكل ما من شأنه تعزيز العملية التنموية التي تتطلع لها الاقتصادات النامية.

اهداف البحث 

يهدف البحث الى ما يأتي:

  1. توضيح ماهية التنمية المستدامة.
  2. عرض وتحليل لاهم التحديات التي واجهت تحقق التنمية المستدامة في العراق.
  3. التنبؤ بمستقبل التنمية المستدامة في العراق.

فرضية البحث

ينطلق البحث من فرضيتين مفادهما:

  • إمكانية النهوض بالاقتصاد العراقي عن طريق تحقيق التنمية المستدامة.
  • عدم إمكانية تحقيق التنمية المستدامة في العراق.

المبحث الأول

 مفهوم التنمية المستدامة وابعادها وأهم مؤشراتها

مر مفهوم التنمية المستدامة في ثلاث مراحل من حيث التسمية ففي المرحلة الأولى (التنمية الاقتصادية) تعامل الفكر الاقتصادي مع عملية التنمية على انها قضية بحته لا تتعدى عن كونها أكثر من ممارسات وتطبيقات لعلم الاقتصاد منفصلة عن القضايا الاجتماعية والإنسانية والبيئية مستبعدين بذلك دور الانسان في عملية التنمية الاقتصادية، المرحلة الثانية (التنمية البشرية) ركزت على دور الانسان في تحقيق التنمية، فالإنسان هو الذي يحقق التنمية، اما في المرحلة الثالثة (التنمية المستدامة) ففي ظل تطور التنمية في منتصف القرن العشرين ازداد الضغط البشري على الموارد الطبيعية المتجددة بشكل بالغ الخطورة نتيجة الانفجار السكاني فتزايدت وتعاظمت معدلات الاستهلاك وتزايدت كميات النفايات ومعدلات التلوث التي بدأت تتزايد مع التطور الصناعي في البلدان المتقدمة، فظهرت الحاجة الي عملية تنمية متواصلة او مستدامة بقصد جعل الناس اكثر وعيا بالبيئة وبالمشاكل المتعلقة بها، فبدا مصطلح التنمية يأخذ بعدا آخر إذ ظهر مصطلح الاستدامة وشاع استخدامه في الادب التنموي المعاصر، كنمط تنموي يتعامل مع النشاطات الاقتصادية التي تعمل من اجل النمو الاقتصادي من جهة ومع إجراءات المحافظة على البيئة الطبيعية من جهة أخرى، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الإمكانيات المتاحة لا يمكن تسخيرها للأجيال الحاضرة فحسب، بل ينبغي التفكير في كيفية استفادة أجيال المستقبل منها أيضا، وهكذا فلكي تكون التنمية مستدامة فلا بد ان تأخذ في الحسبان العوامل الاجتماعية والبيئية فضلا عن الاقتصادية (محمد أ ، 2012،  425-426).

اولاً: مفهوم التنمية المستدامة:

      تحظى التنمية المستدامة بتعريفات متعددة ومختلفة إلا ان هناك تقارب بالمعنى فيما بينها، اذ عرفت على انها: التنمية التي توفر حاجات الحاضر دون إعاقة اجيال المستقبل من توفير حاجاتهم، او هي التخفيف من وطأة الفقر على فقراء العالم من خلال تقديم حياة آمنة ومستديمة والحد من تلاشي الموارد الطبيعية وتدهور البيئة والخلل الثقافي والاستقرار الاجتماعي (سلسلة دراسات يصدرها مركز الإنتاج الإعلامي جامعة الملك عبد العزيز، 1472، 40). وتعرف التنمية المستدامة ايضاً على انها تحقيق معدلات من التنمية في الموارد المتاحة بما يتجاوز معدلات النمو السكاني ومما يؤدي الى توفير الاحتياجات الخاصة بالأجيال القادمة من هذه الموارد (محمد أ، 2012، 5). وجاء تعريف التنمية المستدامة وفق تقرير بروتلاند عام 1986 بأنها العملية التي تلبي اماني وحاجات الحاضر دون تعريض قدرة اجيال المستقبل على تلبية حاجاتهم للخطر (محمد ب، 2019، 5).

ثانيا: أهداف التنمية المستدامة:

      تركز التنمية المستدامة على مواضيع مختلفة ومرتبطة مع بعضها البعض، كالجوانب المعنية بالفقر والتعليم والصحة والمساواة بين الجنسين، لذا فهي تهدف الى (اللجنة الإحصائية المتعلقة بخطة التنمية المستدامة لعام 2030):

  • القضاء على الفقر بجميع اشكاله في كل مكان، ويقاس الفقر بعدد الأشخاص الذين يعيشون بأفل من 1.25 دولار في اليوم.
  • القضاء على الجوع وتوفير الامن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة.
  • ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الاعمار.
  • ضمان ان يتاح للجميع على سبل متكافئة للحصول على التعليم الجيد وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع
  • تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات.
  • كفالة توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وادارتها إدارة مستدامة
  • ·         كفالة حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة
  • تعزيز النمو الاقتصادي المطرد، والشامل، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع
  • إقامة هياكل أساسية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع، وتشجيع الابتكار
  • الحد من عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها
  • جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة
  • كفالة وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة
  • اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره
  • حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة
  • حماية النظم الايكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي
  • التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها أحد من اجل التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع الى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات
  • تعزيز وسائل تنفيذ الشراكة العالمية وتنشيطها من اجل التنمية المستدامة

     اذ يلاحظ في هذا المجال ان مفهوم التنمية لا يقتصر على العائد والتكلفة فحسب بل لا بد ان يشتمل على كل ما يعود على المجتمع بالنفع العام استنادا الى مردود الاثار البيئية غير المباشرة وما يترتب عليها من كلفة اجتماعية تجسد اوجه القصور في الموارد الطبيعية ومن اهدافها ايضا محاولة احداث تنمية اقتصادية متوازنة قادرة على تحقيق العدالة في مجال التوزيع وبالتالي ضمان التقارب في مستويات المعيشة لجميع افراد المجتمع الى جانب السعي الى تعديل انماط الاستهلاك السائد ومحاولة الابتعاد عن الاسراف وتبديد الموارد وتلويث البيئة(محمد ب،2019،  6).   

ومن هنا فأن التنمية المستدامة تأخذ ثلاث ابعاد مختلفة ومرتبطة مع بعضها فتحقيق أحدهما قد يؤدي الى تحقيق الآخر وهي بعد اقتصادي، بعد اجتماعي وبعد بيئي.

ثالثاً: ابعاد التنمية المستدامة: تتكون من الابعاد الآتية (أشار كل من (عبد الرحمن، 2010-211، 24) (حسن، جامعة القاهرة، 18-19)):

البعد الاقتصادي: والذي يتضمن تحقيق نمو اقتصادي مستديم، كفاءة رأس المال، اشباع الحاجات الأساسية، وتحقيق العدالة الاقتصادية

البعد الاجتماعي: والذي يشمل تحقيق المساواة في التوزيع، والحراك الاجتماعي، المشاركة الشعبية، التنويع الثقافي، واستدامة المؤسسات

البعد البيئي: النظم الايكولوجية، الطاقة، التنوع البيولوجي، الإنتاجية البيولوجية والقدرة على التكييف.

رابعا: خصائص التنمية المستدامة:

     تمتاز التنمية المستدامة بمجموعة من الخصائص تتمثل بالاستمرارية، أي توليد دخل مرتفع ومستمر يمكن استثماره بما يمكننا من اجراء الاحلال والتجديد والصيانة للموارد وادخار الجزء الاخر، والتنظيم أي استخدام الموارد الطبيعية بصورة منظمة والتي تشمل كل الموارد المتجددة منها وغير المتجددة بما يضمن حقوق الأجيال القادمة، والخصيصة الثالثة التي تمتاز بها التنمية  المستدامة هي تحقيق التوازن البيئي والمحافظة عليها بما يضمن سلامة الحياة الطبيعية وإنتاج الثروات مع الاستخدام العادل للثروات الناضبة كالنفط(هاشم، 2011، 249).

خامساً: مؤشرات التنمية المستدامة:

للتنمية المستدامة مجموعة مؤشرات ممكن ان تقاس بها وهي (أشار كل من (وزارة التخطيط، 2016، 97) (الحساني وعبد خضير، 2014، 30 )(indicators of sustainable development, 211,285,286)):

  1. المؤشرات الاقتصادية والتي تضم:
  2. متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي والذي يقصد به نصيب الفرد من مجموع قيمة الانتاج الاجمالي من السلع والخدمات مستبعداً منه قيمة الاستهلاك الوسيط من المستلزمات السلعية والخدمية.
  3. نسبة صادرات السلع والخدمات الى واردات السلع والخدمات والذي يوضح العلاقة بين الاقتصاد المعني والاقتصاديات الاخرى في العالم والذي يعكس التغير في سعر الصرف والقدرة التنافسية الدولية.
  4. المؤشرات الاجتماعية: والتي تضم معدل البطالة ومعدل الفقر.
  5. المؤشرات البيئية: والتي تتمثل بانبعاث غاز ثنائي اوكسيد الكاربون O2،متوسط نصيب الفرد من الموارد المائية وحماية نوعية موارد المياه العذبة وامتداداتها، النهوض بالزراعة والتنمية الريفية المستدامة ومكافحة إزالة الغابات والتصحر.
  6. المؤشرات المؤسسية: وتشمل الانفاق على البحث والتطوير والذي يعرف على انه نسبة الانفاق المحلي الاجمالي على البحوث العلمية والتجريبية والبحث والتطوير كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. ومؤشرات اخرى مثل عدد الحواسيب الشخصية لكل 100 نسمة. وعدد خطوط الهواتف الرئيسية لكل 100 نسمة.

المبحث الثاني

واقع الاقتصاد محل الدراسة وأبرز التحديات التنموية التي تواجه

أولا: نبذة عن واقع الاقتصاد العراقي

    يعد الاقتصاد العراقي من الاقتصادات الريعية التي تعتمد بشكل اساسي على النفط كسلعة رئيسة للتصدير، إذ تسهم الصادرات النفطية بما يقارب حوالي (95%) من الصادرات، اي ما يجعل منه اقتصاد احادي الجانب وأكثر عرضة للتقلبات الاقتصادية الخارجية.

لقد مر الاقتصاد العراقي خلال العقود الثلاثة الاخيرة بتحولات سياسية واقتصادية، اذ كان اقتصاد يتبع نظام التخطيط المركزي من سبعينيات القرن العشرين لكل مفاصل الاقتصاد الا ان دخول البلد في الحرب الإيرانية – العراقية كلفه الكثير من الإنفاق، اذ دخل الحرب بفوائض مالية تقارب40 مليار دولار وخرج منها في عام1988 بديون تقدر بـ 80 مليار دولار، أما خلال تسعينات القرن المذكور فقد غزا العراق الكويت في 2 آب 1990 مما أدى الى شن حرب ضده من قبل التحالف الدولي وبغطاء الامم المتحدة، نتج عن الغزو فرض عقوبات اقتصادية تسببت في منع التجارة الخارجية باستثناء تصدير النفط نتيجة توقيع مذكرة التفاهم عام1996 والتي تضمنت تصدير النفط مقابل الغذاء واستمرت حتى عام 2003 وهو العام نفسه الذي تمكنت فيه قوات التحالف من الدخول للعراق وتغيير النظام والذي تزامن معه تحول الاقتصاد نحو اقتصاد السوق وفتح باب الاستيراد على مصراعيها امام السلع والخدمات الأجنبية، كل هذه الاحداث السياسية وانعدام الاستقرار الامني والسياسي عملت على تأجيل عملية التنمية المستدامة التي كان العراق يصبو لها(ميرزا، 2013، 2)، وبعد فترة المخاض التي عانى منها الاقتصاد العراقي والتي استمرت لثلاث عقود فأن نسب وعلاقات الهياكل الاقتصادية المكونة للنظام الاقتصادي اتسمت بالاضطراب مسببة اختلال في الهيكل الاقتصادي خلافا لما تقتضي النظرية الاقتصادية من علاقات تناسبية بينها، بمعنى وجود اختلال في علاقات التوازن العام بين مكونات الهيكل الاقتصادي تتغير تبعا لذلك الخصائص الاقتصادية للهيكل الى حد التأثير في استقرار الاقتصاد ومن ثم عدم توازنه، وتتضح درجة الاختلال عندما تكون نسب اسهام قطاعات معينة في الناتج المحلي الاجمالي او الدخل القومي مرتفعة، مقابل قطاعات اخرى تحظى بنسب اسهام منخفضة، فضلا عن تركز اعداد العاملين في قطاعات معينة مقابل اعداد اقل في قطاعات أخرى، ويبين (سيمون كوزنتس) امكانية معرفة الاختلال الهيكلي من خلال احتساب الفرق بين الاهمية النسبية لكل قطاع الى الناتج المحلي الاجمالي وكذلك الاهمية النسبية للأيدي العاملة لكل قطاع، اذ يعبر هذا الفرق عن درجة الاختلال القطاعي(يونس واخرون ، 2012-2013،  106-107).

 

يبين الجدول (1) مدى الاختلال في الهياكل القطاعية المكونة للناتج المحلي الاجمالي في العراق بالأسعار الثابتة ونسبة اسهام كل قطاع (صندوق النقد العربي ب،78،2001). اذ نلاحظ تراجع اسهام القطاع الزراعي والذي بلغ (6.93%) عام 2004 الى نحو(4.12%) عام2012 وانخفضت اكثر الى(3.84%) عام 2016، جراء انخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات واقامة السدود من قبل تركيا وايران والتحكم بالحصص المائية، فضلا عن قلة سقوط الامطار والتصحر الذي بدأ يجتاح أغلب المناطق الزراعية(صندوق النقد العربي ج، 2015، 407)، الامر الذي ادى الى تدهور الانتاج الزراعي في العراق، فضلا عن اغراق السوق المحلية بالمواد الغذائية المستوردة والتي تمتاز بكونها ارخص نسبيا من السلع المنتجة محليا من وجهة نظر المستهلك كل ذلك اصبح يمثل تهديدا للأمن الغذائي واستمرار استنزاف فاتورة الغذاء المكلفة(رشيد، 2016، 130).

 أما القطاع الصناعي فقد تأثر هو الاخر بالظروف الاقتصادية والسياسية للبلد، فقد كان عرضة لتوقف أغلب المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة جراء العقوبات الاقتصادية التي نجمت عن حرب الخليج الثانية وما ترتب عليها من توقف دعم الدولة للقطاع الصناعي وانقطاع الكهرباء وانكشاف السوق العراقية، فضلا عن توقف الصناعات الناشئة وهروب رؤوس الاموال الصناعية الى الخارج جراء انعدام توافر البيئة المحلية المناسبة التي اصبحت طاردة للاستثمار، فضلا عن توقف أغلب المشاريع الصناعية الكبيرة العائدة للقطاع العام، إلا انه شهد تذبذبا طفيفا مع الاتجاه العام بالارتفاع الطفيف فقد ارتفعت نسبة اسهامه من(2.12%) عام 2005 الى (5.5%) عام 2016 الامر الذي لم يشكل الدعم الكافي للنهوض بالعملية التنموية التي حاول العراق تطبيقها من خلال الخطط الخمسية التي شرع العراق بتنفيذها خلال الامد القريب (الشاوي، محمد، 2011، 3).

اما بالنسبة للقطاع النفطي فقد اتسم بكونه يشكل النسبة الاكبر في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، اذ يعد القطاع الرائد كونه من السلع الاستراتيجية ومن اهم الصناعات الاستخراجية للدول المنتجة بشكل عام وللعراق بشكل خاص التي تزداد أهميتها بمرور الوقت، إذ برهنت التجارب الدولية ان المكون النفطي يمكن ان يسهم في تحقيق الرفاه الاقتصادي كونه يعد من السلع الاستراتيجية المهمة التي يمكن من خلالها النهوض بالاقتصاد العراقي وجعله في مصاف الدول المتقدمة فيما لو تم تخصيص ايراداته التخصيص الأمثل، فضلا عن  التمتع بمكانة اقتصادية تتناسب مع المنزلة التاريخية التي يحظى بها (السباهي ،2012، 3). فحجم الاحتياطي النفطي بلغ نحو153 مليار برميل عام 2016 ونسبة 80% من نفط العراق ماتزال غير مؤكدة، وتبعا لذلك يقدر الاحتياطي غير المؤكد حوالي 360 مليار برميل، ويمثل احتياطي النفط العراقي مايقارب10.7% من إجمالي الاحتياطي العالمي (السباهي،2012، 3)، اذ يحتل العراق خامس اكبر احتياطي نفطي في العالم بعد السعودية (افاق الطاقة في العراق تقرير خاص، بدون سنة نشر، 50).

ونستنتج من ذلك تأثر العرض المحلي من السلع والخدمات بدرجة كبيرة من التحديات والمشاكل التي تواجه الاقتصاد العراقي، والذي يعتمد بشكل كبير على القطاع النفطي، نظرا لكون اقتصاده اقتصادا احادي الجانب تستخدم عائداته النفطية لتغطية النفقات العامة، الامر الذي يببن مدى الاختلال التي تعاني منها القطاعات الاقتصادية وكما مر سابقاً، وتبعا لذلك تنقسم القطاعات الاقتصادية الى قطاع رائد متقدم متمثل بالقطاع النفطي وقطاعات اخرى تعاني من هزالتها وضعف توافر مقومات نجاحها الامر الذي اثر سلبا في عملية التنمية المستدامة التي يتطلع لها الاقتصاد العراقي، وفيما يخص قطاع الخدمات شهدت تذبذبا مع اتجاه عام بالارتفاع الطفيف خلال مدة الدراسة ولم تشكل نسبة اسهامها بالناتج نسبة كبيرة الامر الي ترتب عليه بقاء القطاع النفطي والمسيطر من حيث الاسهام في الناتج المحلي الاجمالي وهذا يعود الى الطبيعة الريعية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي والتي لم يحقق معها معدلات نمو اقتصادي كبيرة(يونس واخرون، 2012-2013، 109).

ونتيجة لكل ذلك لا بد من التطرق الى التحديات التي يواجها الاقتصاد العراقي للنهوض والتقدم نحو تحقيق تنمية مستدامة.

ثانيا: أبرز التحديات التي تواجه التنمية المستدامة في العراق:

     هناك جملة من التحديات او المعوقات التي تقف للحيلولة دون حدوث تنمية مستدامة في الاقتصاد العراقي والتي ستبطل التنمية المشهودة إذا ما عولجت بالطرق الصحيحة والهادفة وهي:

  1. التحديات الاقتصادية: تعد الريعية الاقتصادية سمة ملازمة للاقتصاد العراقي وواحدة من المشاكل التي لم يتم علاجها الى الوقت الراهن جراء الاعتماد على المكون النفطي باعتباره السلعة الاستراتيجية التي تشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الاجمالي كما تم ذكره مسبقا، كما يعد سلعة التصدير الاكثر اهمية في تكوين الصادرات مما جعل الاقتصاد العراقي اكثر عرضة للتقلبات في اسعار النفط في الاسواق الخارجية، الامر الذي يعمل على جعل السلطة غير قادرة على التحكم في عوامل استدامة التنمية الداخلية ومن هنا يقتضي العمل على تنويع القاعدة الاقتصادية وضرورة الابتعاد عن الاعتماد على النفط للتقليل من حدة الصدمات الخارجية(الجوارين،32)، والأخيرة تحتاج الى جملة من الإجراءات سيتم تفصيلها في المبحث الثالث.
  2. التحديات الاجتماعية: تتمثل التحديات الاجتماعية بمجموعة من المؤشرات الاتية:
  3. لفقر: يعد الفقر واحدة من محددات التنمية المستدامة لما لها من تأثير في مجمل الحياة الاقتصادية، فعلى الرغم من انخفاض نسبة الفقر في العراق من (22.5%) عام 2007 الى (18.9%) عام 2012 الى ان عدد الفقراء لم ينخفض كثيرا، أذ انخفض من (6,890 مليون شخص) الى (6,748 مليون شخص)(استراتيجية التخفيف من الفقر2018-2020، 2018، 9 )، ووفقا لتقارير التنمية البشرية تعد هذه النسبة مرتفعة جدا في بلد نفطي تتجاوز ميزانيته (100 مليار دولار)، الامر الذي شكل تحديا امام عملية التنمية الاقتصادية التي يصبو لها الاقتصاد العراقي. وقد تعرض العراق بعد ذلك الى ازمة مركبة تمثلت بسيطرة عصابات داعش على ثلاث محافظات عراقية، بالإضافة الى انخفاض أسعار النفط في عام 2014 إذا اجبر ذلك أكثر من ثلاث ملايين نازح حسب الاحصائيات على الفقر في عام 2015، وكل ذلك ضاعف من نسب الفقر في العراق وحسب وزارة التخطيط بلغت 20% على مستوى البلد، بينما تعدت حاجز 50% في بعض المحافظات في عام 2018. 
  4. ب‌-  البطالة: ان تفشي ظاهرة البطالة تعد من اهم الظواهر التي تمتاز به سوق العمل العراقية، فالارتفاع المستمر في عرض العمل مقابل حدوث تباطؤ واضح في نمو الطلب والناجم عن عوامل متعددة منها ضعف معدلات الاستثمار ومن ثم ضعف القدرة على ايجاد فرص عمل، فضلا عن تواضع مستويات الانتاج وكفاءة الإدارة، الامر الذي ترتب عليه تفشي ظاهرة البطالة لاسيما بين الشباب من الخريجين وغيرهم ومن هم في سن العمل الذين تتراوح اعمارهم بين(15-29) سنة، لتنخفض بعدها هذه النسبة تدريجيا في الفئات العمرية اللاحقة، فقد انتشرت ظاهرة البطالة لاسيما الهيكلية منها جراء عدم توافر فرص عمل للقادرين عليه والراغبين فيه نتيجة فشل السياسات التشغيلية وعدم انتظام سوق العمل وانحسار دور القطاع الخاص، فضلا عن ضعف القدرة الاستيعابية للنشاط الاقتصادي جراء الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها معظم الدول النامية ومنها العراق (هاشم، 2011، 264). فعلى الرغم من المحاولات للسيطرة على معدلات البطالة من قبل الخطط التنموية التي وضعتها الدولة الا انها لازالت مرتفعة اذا ما قورنت بالبلدان المجاورة فقد بلغت ما نسبته (15.3%)، جراء الحرب مع داعش ونزوح الاف العوائل من مناطقهم وفرض سيطرته على ثلاث محافظات عراقية الامر الذي ادى الى تفاقم مشكلة البطالة وعرقلة عملية التنمية المستدامة التي يتطلع لها الاقتصاد العراقي للحاق بالركب الحضاري (الجوارين، 34 ). أضف الى ذلك عدم التنسيق بين حاجة السوق من التخصصات ومخرجات التعليم، فضلا عن الزيادة الهائلة في اعداد الخريجين الناتجة عن الزيادة السكانية كسبب رئيس فقد بلغ عدد سكان العراق 40 مليون نسمة في عام 2018، وزيادة اعداد الجامعات الاهلية في البلاد كسبب ثانوي وعدم تمتعها بالرصانة العلمية والكفاءة وقبول الطلاب ذوي المعدلات المتدنية ومنحهم الشهادة وهم لا يمتلكون المهارات والكفاءات والعقلية التي يحتاجها سوق العمل، ولا ننسى ظاهرة تشغيل الأطفال التي تنتشر بكثرة والتي تنافس القوة العاملة وغيرها من الأسباب الأخرى. 
  5. ت‌-  التعليم: ان الاستثمار في مجال التعليم يعمل على خلق حيز لتوطيد العلاقة ما بين التعليم والتنمية المستدامة فكل منهما يكمل الاخر، فالتعليم هو الاداة لتطوير رأس المال البشري وزيادة انتاجيته، الامر الذي ينعكس ايجابا على زيادة الدخل وتحسين مستويات المعيشة، فعلى الرغم من تصدر العراق مستويات جيدة على الشرق الاوسط في التعليم حتى عام 1980، الا انه اخذ بالتراجع خلال تسعينات القرن المنصرم وحتى وقتنا الحالي الى الحد الذي صنف فيه هذا النظام ضمن المجموعة الادنى في الشرق الأوسط، فعلى الرغم من ضخامة الانفاق على التعليم الا ان الفجوة اتسعت ولم تكن المخرجات التعليمية تلبي احتياجات السوق من حيث التخصصات والكفاءات العلمية مما ادى الى تفاقم مشكلة البطالة لمخرجات التعليم العالي جراء ضعف نوعية التعليم، والتي ازدادت حدتها يوما بعد يوم في البلدان النامية بما فيها الدول العربية وهذا ما انعكس سلبا على عدم الرغبة في التعليم، وان من اهم التحديات التي تواجه قطاع التعليم في العراق هو تدني معدلات الالتحاق وتدهور نوعية التعليم وارتفاع معدلات الرسوب، وبقاء الفجوة التعليمية بين النساء والرجال والتسرب عن الدراسة بالنسبة للنساء لاسيما في بعض المحافظات، فضلا عن ارتفاع كلفة التعليم وانعكاس التوتر الامني والسياسي والاقتصادي على الواقع التعليمي (هاشم، 2011، 265-266).
  6. التحديات البيئية: يعد التلوث أحد أخطر التحديات التي تواجه البشرية لاسيما ذلك الناتج عن انتشار الغازات الدفيئة، اذ يشير “جون فرانسوا نوال” يؤدي هذا التلوث الى مخاطر كبيرة غير معروفة جدا وغير مؤكدة على صعيد العديد من الاجيال وخاضعة (لعدم التأكد (، كما أكد التقرير الذي تم اعلانه في باريس عام 2007 ان اللجنة الحكومية لتغيير المناخ (التقرير السنوي للبنك الدولي، 2009). قد انتقلت من مرحلة عرض التنبؤات وطرح التحذيرات الى تقديم الملاحظات على بدء حدوث ظاهرة التغير المناخي والتي برزت في التغيرات الاتية:
  7. تلوث المياه: ان تلوث المياه هو وجه اخر من وجوه التلوث البيئي الذي يعاني منه العراق الذي يمر بمرحلة انحدار وتردي نوعية المياه، اذ بلغت ملوحة مياه الانهار(1.5%) عام 2006 في حين بلغت نسبة التلوث بالكبريت لنفس العام حوالي(20%)، اما عن نوعية مياه العراق يشير المسح البيئي لعام 2015 الى ان مياه العراق غير صالحة للاستهلاك البشري بنسبة (77%) لسكان الريف و(40%) في المناطق الحضرية وهناك عدة مصادر لتلوث المياه منها( التلوث الناجم عن الاستخدامات الصناعية، التلوث الناتج عن الصناعات الزراعية، التلوث الناتج عن الاستعمالات المنزلية والتلوث الناتج عن الضوضاء…الخ)، كما لم تسلم المياه الجوفية من التلوث كما حصل في معظم الانهار جراء قيام القوات الامريكية من عمليات دفن مستمرة في الاراضي القريبة من معسكراتها، فضلا عن المخلفات البشرية، وبما ان المياه الجوفية تنتقل من مكان الى اخر فان التلوث ينتقل معها الامر الذي ادى الى تزايد الحالات المرضية المختلفة، كما تنتشر في العراق العديد من البحيرات وجعلتها مكبا لزيوت الياتها، مما ينجم عن ذلك تلوث واسع وقتل للثروة السمكية فضلا عن نقل تلك الملوثات الى الانسان، كما ان حوالي (90%) من سكان العراق لا يحصلون على احتياجاتهم من الماء الصالح للشرب وتؤكد تقارير وزارة الصحة ان هناك حوالي (250-300طن) من المواد الصلبة غير المعالجة تصرف في الانهار بشكل يومي مما ادى الى ارتفاع نسبة التلوث في المياه وتغير لونها، فضلا عن صرف المخلفات الصناعية الى الانهار وانتشار ظاهرة نفوق الاسماك لاسيما ابان حرب الخليج جراء استخدام الاسلحة المحرمة دوليا ضد العراق (رشيد، 2017، 125-126).
  8. ب‌-  التصحر: يعاني العراق من تفاقم مشكلة التصحر التي باتت خطرا يهدد خلق توازن بيئي مستدام جراء الحروب التي خاضها لاسيما الحرب الاخيرة والتي تم فيها استخدام اليورانيوم المنضب، الامر الذي ترتب عليه تزايد اعداد الولادات المشوهة والامراض السرطانية وضيق التنفس جراء انتشار غبار اليورانيوم على قشرة التربة بفعل حركة الامطار والرياح، كما ادى الاستخدام العشوائي لمياه الري وقلع الاشجار الزراعية من قبل الانسان الى اتساع رقعة التصحر، فقد سجلت المساحات الشجرية المثمرة تزايدا ملحوظا خلال العقود الاخيرة (ماعدا النخيل) جراء ارتفاع عوائدها في حين تدهورت المساحات المسجلة من الغابات، اذ كانت المساحات التي تشغلها الغابات حوالي (4%) من مساحة البلد، وتتركز في اقليم كردستان وشمال الموصل الا ان الحكومة لم تتخذ الاجراءات اللازمة لحمياتها والحفاظ عليها على الرغم من محدوديتها، فقد بدأت غابات الموصل بالتشكل والعمل عليها منذ عام (1954) ثم توسعت لتبلغ مساحتها (1096) دونم وبإشراف الادارة المحلية للمحافظة، ومنذ ذلك الحين لم تتابع الحكومات المحلية المتعاقبة على انشاء مشروعات مماثلة على الرغم من وجود بعض المحاولات وتطبيق خطة الحزام الاخضر لكن دون جدوى، عملت هذه الامور مجتمعة على ارتفاع نسبة التصحر في الاراضي العراقية اذا ما قورنت بمثيلاتها من الاراضي الصالحة للزراعة وتفاقمت معها مشكلة البطالة اذ يعمل في القطاع الزراعي جزء كبير من السكان ويعتمدون عليها في قوتهم اليومي مما ادى الى الحيلولة دون توافر مقومات التنمية المستدامة التي يتطلبها الاقتصاد العراقي (الطائي، 2012، 17-18).
الجدول (2) انتاج النفط في العراق للمدة 2004-2016 (الف برميل /يوم)
السنة انتاج النفط
2004 2106
2005 1840
2006 1952.2
2007 2035.2
2008 2280.5
2009 2336.2
2010 2359.0
2011 2653.0
2012 2942
2013 2980
2014 3110
2015 3744
2016 4164
2017 4469
2018 4410
المصدر: من عمل الباحثتين بالاعتماد على: اوابك
  • التلوث الناجم عن الانتاج النفطي: تعد الظروف الاستثنائية التي مرت على الاقتصاد العراقي من المسببات للتلوث البيئي جراء الاعتماد بشكل مفرط على الانتاج النفطي في تغطية النفقات العامة – والجدول(2) يبين مدى تزايد الإنتاج النفطي- كما وتعد المنتوجات النفطية من السلع الرئيسية المصدرة وبطبيعة الحال ما يصاحب عملية الانتاج من تسرب للغاز المصاحب وثاني اوكسيد الكاربون والنيتروجين يعمل على تفاقم التلوث البيئي في العراق، فضلا عن عمليات حرق الابار النفطية بفعل العمليات العسكرية والتخريبية التي اسهمت بشكل كبير في تدمير البيئة وتلويثها، ووفقا لما سبق يعمل الاعتماد المتنامي على الانتاج النفطي في الصادرات على استنزاف مستمر للموارد البيئية والطبيعية والحاق الضرر بها كونها من السلع الناضبة، ناهيك عن ارتفاع نسبة التلوث الناجمة عن عمليات الانتاج المتزايدة مما يؤدي الى عرقلة العملية التنموية التي يصبو لها الاقتصاد العراقي (هاشم، 2011، 261). ومن الجدير بالذكر ان نسب غاز ثنائي أوكسيد الكاربون قد ارتفعت بشكل كبير في العراق فعلى سبيل المثال ارتفعت من 82,4 مليون طن سنويا في عام 2008 الى 151,4 طن في عام 2018 وهذه نسب كبيرة من انبعاثات الغاز وكما مبين في الجدول ادناه. 
الجدول (3) انبعاث غاز ثنائي أوكسيد الكاربون في العراق للمدة (2004-2018) (مليون طن)
السنوات غاز ثنائي اوكسيد الكاربون
2004 72.87
2005 73.18
2006 68.98
2007 62.72
2008 82,4
2009 93,2
2010 99,1
2011 104,0
2012 111,1
2013 119,5
2014 115,6
2015 115,6
2016 132,1
2017 133,7
2018 151,4
المصدر: من عمل الباحثتين بالاعتماد على: (وكالة الطاقة الدولية) (BP Statistical Review of World Energy,2019,57)
  • التمدن والسكن العشوائي: لا يخفى ان اتساع المدن في العراق لم يتأت جراء معاصرة التقدم الصناعي كما هو الحال في الدول المتقدمة، بل جاء نتيجة انعدام توافر شروط الحياة الصحية في الريف وضعف اهتمام الدولة بها ومحدودية الاراضي الصالحة للزراعة، فضلا عن تنامي رغبة ابناء الريف في جني مكاسب الاستقلال والتمتع بالرفاه المعيشي الذي توفره المدينة، وتبعا لذلك بلغت نسبة سكان الحضر (60%) عام 2015 ومن المتوقع ان تصل الى (80%) عام 2030، الامر الذي بات مشكلة تضاف الى المشاكل المعرقلة لعملية التنمية المستدامة بوجه عام وامام التصنيع بوجه خاص لأنه في هذه الحالة تصبح المدن مستهلكة اكثر من كونها منتجة اذا ما قورنت بمثيلاتها من المدن في الدول المتقدمة وبالتالي ستصبح عالة على الاقتصاد القومي واستنزافها قدرا كبيرا من الموارد الاقتصادية التي كان من الممكن ان توجه وجهات إنتاجية، فضلا عن ذلك فالمدن جرى ترييفها، أذ ينجم هذا الترييف عن تدني مستوى تحضر المدن العراقية نتيجة تمسك تفكير سكانها ذي الاصول الريفية بأنماط السلوك والتفكير التي تركوها في موطنهم الامر الذي بات معضلة لصهر هذه الاعداد الكبيرة واحتوائهم وتطبيعهم بطبائع المدن العراقية مما شكل تحديا تنمويا جديدا يضاف الى التحديات السابقة امام صناع القرار، فضلا عن ضرورة تفهم المخاطر الكامنة جراء مشكلة التحضر واحتمالات تفجرها مستقبلا، ناهيك عن الاثار السلبية التي قد تخلفها لإعاقة عملية التنمية وخططها المستقبلية لاسيما في قطاع التعليم والانتاج والخدمات، مالم تواجه هذه المشكلة بسياسة فاعلة تبدأ من الريف وتنتهي بالمدينة وتحولها الى ارضية خصبة لكل اشكال العداء للدولة (كاظم، 2005، 4).

المبحث الثالث

سبل النهوض بالاقتصاد العراقي لتحقيق التنمية المستدامة

اولاً: الرؤية التفاؤلية: إمكانية تحقيق التنمية المستدامة

     تعد عملية التنمية الاقتصادية واحدة من اهم المشاكل التي لازال العراق يعاني من انعدام توافرها جراء الحروب والعقوبات الاقتصادية التي تعرض لها، فضلا عن عملية التغيير عام 2003 وما رافقها من التحول من اتباع اسلوب التخطيط المركزي الى اقتصاد السوق بطريقة الصدمة دون تهيئة المناخ المناسب لنجاح برنامج اقتصاد السوق الامر الذي ترتب عليه زيادة حدة الازمات المالية والنقدية التي باتت مشكلة خطيرة تهدد امنه واستقراره الاقتصاديين وما نجم عنها من تراجع في معدلات النمو الاقتصادي الامر الذي يتطلب جملة من الإجراءات لمواجهة تراجع معدلات النمو والمتمثلة بالنقاط الاتية:  

  1. محاربة الفساد المالي والإداري والسياسي: يعد الفساد ظاهرة عالمية ليست وليدة العصر الا ان مسألة القضاء عليها او مكافحتها بدأت منذ انشاء منظمة الشفافية الدولية التي تأسست عام 1993 وهي منظمة غير حكومية مهتمة بالفساد على المستوى الدولي، ظهرت بعدها الكثير من المنظمات التي لها ذات الاهتمام،ففي العراق ظاهرة الفساد انتشرت منذ فترة طويلة، وهو يحتل المرتبة الثانية وبتسلسل 178 من مجموع  180دولة بمؤشر ثقة 1.3 عام 2008 بعد الصومال ومينمار، انخفضت هذه الظاهرة في عام 2012 إذ احتل الترتيب 169 وبدرجة ثقة1.8 % من مجموع 176 دولة وذلك لعدم مشاركة العديد من الدول في الإحصائية، اما في عام 2018  احتل المرتبة 168 اذ يصنف ضمن البلدان الأكثر فسادا في العالم مقارنة مع البلدان الأخرى كالهند واليابان والمانيا، ويعزى ذلك الى انعدام الامن والاستقرار لا سيما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 وضعف سلطة القانون، وانتشار الفقر والبطالة، فضلا عن الانهيار المؤسسي الشامل خلال الحقبة الزمنية ذاتها وغيرها من الاسباب التي اتخذت اشكال عدة كالتهريب والقتل والتهجير القسري والتزوير والغش والتلاعب بأشكاله وانواعه، وكما موضح بالجدول ادناه. 

     وقد ترتب على ذلك تبديد للموارد المالية بشكل كبير جراء تفشي الفساد المالي والإداري في جميع مفاصل الدولة والذي ترتب عليه تلكؤ مستمر في المشاريع كافة، ووفقا لذلك يحتاج الاقتصاد العراقي الى خطوات وإجراءات جادة لمحاربة الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة، وذلك من خلال التخلص من الاحزاب والبرلمان والمحاصصة الحزبية ومجالس المحافظات والامتيازات التي تسببت في هدر أموالا هائلة وبالتالي الاضرار بالموازنة العامة، فضلا عن جملة من الاجراءات الفعلية والجادة للخروج من ذلك النفق المظلم والمتمثلة بما يأتي:

  • المحاسبة: وهي اخضاع جميع الموظفين في الدولة الى المسائلة القانونية والإدارية والأخلاقية إزاء قراراتهم واعمالهم، ويتمثل ذلك بمسؤولية من يشغلون الوظائف العامة امام مسؤوليهم المباشرين، وهكذا حتى قمة الهرم في المؤسسة من وزراء ومن في مراتبهم الذين يكونون مسؤولين بدورهم امام الهيئات الرقابية المختلفة القائمة في النظام السياسي وعلى رأسهم السلطة التشريعية التي تتولى الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية (محمد ج، 2013، 7).
  • المساءلة: هي تقديم المسؤولين الذين تم تعيينهم او انتخابهم تقارير دورية وفي فترات زمنية يتم الاتفاق عليها، حول سير عمل المؤسسة وبشكل تفصيلي، يوضح الإيجابيات والسلبيات في العمل والصعوبات التي تواجههم، كي يتم مطابقة اعمال المسؤولين مع تحديد القانون لوظائفهم ومهامهم، لكي يكتسب هؤلاء الشرعية والتي تضمن استمرارهم في عملهم (راهي، 207). التي تتحقق عن طريق تفعيل دور أجهزة الرقابة في الدولة وضمان استقلاليتها بعيدا عن الأحزاب والكيانات السياسية، وتفعيل قانون من اين لك هذا.  
  • لنزاهة: تعني ضرورة اتسام المسؤولون في القطاع الحكومي بقيم عالية عند اتخاذ القرارات تحكم تصرفاتهم وسلوكياتهم المختلفة، كما ينبغي عليهم ان يتصرفوا بكل امانة واستقامة عند التصرف بالأموال العامة وادارة موارد الدولة والشأن العام، كما ان النزاهة تعتمد على فعالية اطر الرقابة، وتتأثر بالتشريعات القانونية التي تسنها الجهات ذات العلاقة طالما ان ثقة الحكومة تتأثر بما يتصوره المجتمع عن المسؤولين الذين لا يتسمون بالنزاهة والامانة والاستقامة، اذ يحتاج تحقق التنمية المستدامة ان تتوافر درجة عالية من النزاهة في اداء صناع القرار السياسي والاقتصادي في الدولة والالتزام بقواعد منظمة الشفافية العالمية والتي اكدت على (الغانمي،2014):
  • القضاء على الترهل الوظيفي في المؤسسات العامة
  • تفعيل دور الضرائب لاسيما الجمركية منها نظرا لصعوبة التلاعب بها
  • الشفافية: يقصد بها ضرورة وضوح العلاقة مع الجمهور، فيما يخص إجراءات تقديم الخدمات، والافصاح للمواطنين عن السياسات العامة المتبعة، لا سيما السياسات المالية العامة، وحسابات القطاع العام، وكيفية إدارة الدولة من قبل القائمين عليها بمختلف مستوياتهم، ايضا تعني الشفافية الحد من السياسات والإجراءات غير المعلنة او السرية، التي تتسم بالغموض وعدم اسهام الجمهور فيها بشكل واضح (مصلح، 2013، 48-49). أي ان تكون كل الإجراءات التي تتولى الحكومة القيام بها امام انظار المواطنين والابتعاد عن التلاعب بالسياسة المتبعة او التمويه بأساليبها، أي ان يكون الشعب هو الحكم على أفعال الحكومات وليس العكس بهذا تتحقق الشفافية والعدالة.
  • تفعيل الدور المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي: ان لوزارة التخطيط في العراق دورا مغيبا كليا عن الواقع بل يكاد ان يكون معدوما على الرغم من أهميتها البالغة، اذ تشكل محورا أساسيا في دفع العملية التنموية، ويعزى ذلك الى هشاشة النظام السياسي السائد والمحاصصة الحزبية التي تلغي التخطيط بشكل كامل جراء التضارب في مصالح السياسيين في اغلب الخطط المزمع اقامتها، لا بل ومحاربتها في اغلب الأحيان، فالاقتصاد العراقي احوج ما يكون الى خطة استراتيجية تطبق بشكل فعلي تأخذ بنظر الاعتبار جميع المعوقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعاني منها، فالخطط التنموية الخمسية التي وضعت لم يطبق منها الا الجزء اليسير كما في خطة التنمية الوطنية (2018-2022) التي تهدف الى  إرساء أسس دولة تنموية فاعلة ذات مسؤولية اجتماعية، فقد مضى على اعدادها ثلاث سنوات ولم تحقق الخطة المستوى المنشود، إذ لا زال البلد في فوضى عارمة على جميع الأصعدة، اذ تواجه الخطط التنموية في العراق مجموعة من التحديات التي تتمثل في الافتقار الى وجود نظام مؤسسي متكامل يعمل على دعم القرارات التخطيطية، وقلة المسوحات الإحصائية التي تغطي كافة الظواهر الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن المبالغة في وضع اهداف غير قابلة للتحقق لا تنسجم مع الموارد المتاحة، وضعف آلية تدفق البيانات بين الجهات المعنية في الوقت المحدد، كما يعاني من عدم إلزامية تنفيذ ما تتضمنه الخطة من قبل الجهات المعنية بالتنفيذ، ومن ضمن التحديات التي واجهها التخطيط الاستراتيجي في العراق، تذبذب أسعار النفط وعدم استقرار الموارد المالية، وظروف الأوضاع الداخلية في العراق ودول الجوار، بالإضافة الى اتباع سياسات تجارية غير ملائمة من قبل بعض الأطراف الدولية والإقليمية (طلحة، 2020/، 58). ونظرا لكل ما مر آنفا، ان على وزارة التخطيط والمؤسسات التابعة لها عليها أخذ دورا فاعلاً حقيقياً من خلال تقديم خطة تنمية وطنية تأخذ بعين الاعتبار واقع الاقتصاد العراقي.  
  • تنويع مصادر الدخل: التنويع هو تحول جذري في الهيكل الاقتصادي اساسه قاعدة عريضة من الصناعات الانتاجية ذات القيمة المضافة والميزة التنافسية والذي يحتاج الى سلسلة من العمليات ذات التخطيط الدقيق والى عمليات تحويل كبيرة ومدى زمني لا يقل عن المتوسط، وتدخل حكومي واستثمارات محلية واجنبية وتكنولوجيا متطورة في جميع المجالات، ونظراً للاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد العراقي فهو بحاجة الى اتباع سياسة التنويع وتكوين قاعدة إنتاجية مستدامة تضمن حقوق الاجيال القادمة، والتي توفر حماية من المرض الهولندي ومن التقلبات في الصناعة النفطية نتيجة التغير في أسعار النفط التي تعرض النشاط الاقتصادي للتقلبات الخارجية وكذلك توفر فرص عمل مباشرة للقادرين عليه والراغبين فيه وبالتالي التخلص من مشكلة البطالة المتجذرة في الاقتصاد العراقي كنتيجة لتطوير قطاعي الزراعة والسياحة والخدمات التي تتميز بكثافة العمل (ستراتيجية التنمية الوطنية 2005-2007، 2005).

      ان تنويع الاقتصاد العراقي يعتمد على استغلال عوائد السلعة الأساسية (النفط) أفضل استغلال وتوجيهها لزيادة فاعلية القطاعات الاقتصادية الاخرى من خلال زيادة نسبة اسهامها في الناتج المحلي الاجمالي وهو القاعدة التي تضمن تنمية مستدامة للاقتصاد، ووفق هذه الرؤية وحسب توقعات منظمة الطاقة الدولية فأن اجمالي الصادرات في عام 2025 تبلغ 4.4 مليون برميل يوميا وبسعر 88.3 دولار للبرميل الواحد (international angry agency,2019)(world bank,2015)، لذلك فأن العوائد النفطية تصل تقريبا الى 142 مليار دولار سنويا وهذه ثروة بحد ذاتها ربما تفوق ميزانيات بلدان أخرى، ناهيك عن مصادر الإيرادات الأخرى كالجمارك التجارية والضرائب وغيرها وتبعا لذلك يمكن تنويع الاقتصاد العراقي باستغلال هذه العوائد وتوجيهها التوجيه الأمثل ومن خلال اتباع الطرق التالية:

  • تفعيل دور القطاعات الأخرى (الزراعة والصناعة والخدمات)  

     يمتاز الاقتصاد العراقي بهيمنة القطاع العام على النشاط الاقتصادي، اذ ان القطاعين الزراعي والصناعي لا يسهمان بشكل فاعل ومؤثر في تكوين الناتج المحلي الإجمالي الا بنسبة ضئيلة جدا، جراء الاعتماد الكلي على النفط في تكوين الإيرادات العامة، ووفقا لذلك ينبغي الاهتمام بهذين القطاعين بصورة فاعلة وتأمين الاموال اللازمة لقيامهما وتشجيع الاستثمار المحلي والاجنبي فيهما، ويتم ذلك من خلال تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة الزراعية منها والصناعية واعطاءها الأولوية في التمويل، وتقديم المعونات للمزارعين والفلاحين ودعم الأسعار واعفائهم من الضرائب او تقليلها بما يسهم في إنجاح وتشجيع الزراعة، فضلا عن تشجيع الصناعات المحلية كمشاريع تعليب وتحويل التمور والطماطم وصناعة منتجات الالبان التي تنتشر في جميع محافظات العراق تقريباً على سبيل المثال لا الحصر، وكذلك دعم كل المنتجات المحلية وتقليل الاستيراد لا سيما المنتجات التي حقق فيها الاقتصاد العراقي اكتفاءه الذاتي وفرض الضرائب على استيرادها.     

  • قيام مشاريع الطاقة المتجددة

     يمتلك العراق امكانيات كبيرة من الطاقات المتجددة يأتي في مقدمتها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمائية والكتلة الحيوية، إذ لا يخفى تمتع العراق بشعاع شمسي هائل يستمر في اغلب اشهر السنة ويبلغ ذروته في فترات الصيف، وفي حال استغل هذا الشعاع الشمسي بالشكل الامثل لحقق وفرات كبيرة من الطاقة تؤثر ايجابياً في الاقتصاد العراقي، بدأ العراق يتجه نحو استثمار هذه الطاقة، إذ اطلقت وزارة الكهرباء العراقية الجولة الاولى من مشاريع محطات الطاقة الشمسية في عام 2019 بقدرة 755 ميجاواط، وقد توزعت هذه المشاريع على محافظات بابل، كربلاء، الديوانية، واسط والمثنى، والتي من المزمع الانتهاء من هذه المشاريع بنهاية عام 2020(محمد د، محمد، صفحات متعددة). إلا انها مشاريع كبيرة في مدة زمنية قصيرة ناهيك عن مشكلة توفر التمويل الكافي لدعم هذه المشاريع، وذلك جراء التخبط والتلكؤ الذي تشهده الساحة السياسية والاقتصادية، فضلا عن الطاقة الشمسية في العراق فهو يمتلك قدرات كبيرة من طاقة الرياح يمكن ان تلعب دورا مهما في تنويع مصادر الطاقة، إذ إن معطيات طاقة الرياح التي تم قياسها في العراق تؤكد ذلك، فتبلغ سرعة الرياح على ارتفاع 10 متر نحو 3.2-4.5 متر/ثانية وبكثافة 7.0 وات/متر مربع، في اغلب ايام السنة، في حين تبلغ سرعة الرياح على ارتفاع 100 متر نحو 5.77 متر/ثانيه وبكثافة 27.8 وات/متر مربع، ووفقا لذلك تبلغ طاقة الرياح على ارتفاع 10 متر نحو 0.1 كيلو وات في الساعة/متر مربع/يوم، وعلى ارتفاع 100 متر نحو 0.4 كيلو وات في الساعة/متر مربع/يوم (الشمري، 2020، 124-125)، ومن الجدير بالذكر وعلى الرغم من ان هذه المعطيات المقاسة لطاقة الرياح تختلف من وقت لأخر ومن مكان لأخر الا انها تشير الى امكانية استثمار هذه الطاقة في العراق بشكل مجدي، فضلاً عن ارتفاع قوة الرياح البحرية للعراق وتحديدا في منطقة الخليج قرب البصرة، وفيما يخص الطاقة المائية فان الاراضي العراقية تنعم بدجلة والفرات وتفرعاتهما وعلى الرغم من اقامة المحطات المائية والسدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية (سد دوكان، سد دربن دخان، سد الموصل، سد حمرين، سد حديثة، سد سامراء، سد الهندية، سد الكوفة) إلا انها تعد متواضعة وبطاقات انتاجية ضعيفة وبتقنيات قديمة لا تواكب التطورات العالمية وبذلك فهي لا ترتقي لمستوى الطموح، كذلك الامر بالنسبة لطاقة الكتلة الحيوية فأن استغلالها في العراق يكاد ان يكون معدوما على الرغم من الكميات الكبيرة من الكتلة الحيوية في العراق، وحسب التقرير الاحصائي السنوي لوزارة الكهرباء لعام 2018 فان محطات الانتاج الكهربائي تتوزع كالاتي: محطات بخارية 8، محطات غازية 33، محطات متنقلة 6، ومحطات الديزل وديزل هونداي وديزلات stx 12 والمحطات الكهرومائية 8، ووفقا لذلك فان نسبة مشاركة المحطات التي تعتمد على الوقود التقليدي تبلغ 77% بينما المحطات الكهرومائية النظيفة بلغت نسبتها 2% فقط بكمية انتاجية 1817702 ميكا واط بالساعة والباقي طاقة مستوردة واستثمار، إذ لا زالت الطاقة النظيفة تحتل نسب ضئيلة جدا من الانتاج السنوي في العراق.

  • اعادة النظر بالسياسات والبرامج الاقتصادية

     ان السياسات والبرامج الاقتصادية التي ترسمها الحكومة لإصلاح الوضع في العراق لا بد ان تتلاءم مع الظروف الاستثنائية التي بمر بها البلد لا سيما بعد التغيرات التي حدثت منذ عام 2003 فهي تحولات جذرية وكما ذكرنا سابقا، اذ ينبغي ان تسعى الحكومة الى بناء نظام مؤسسي متكامل يدعم القرارات التخطيطية، والعمل الى إجراءات مسوحات إحصائية لكافة الظواهر الاقتصادية والاجتماعية في البلد واتباع  سياسات تجارية ملائمة مع الشركاء التجاريين، فالحكومة العراقية قد بذلت جهود ملموسة في سبيل التغلب على اغلب التحديات التي واجهت الخطط الاستراتيجية تمثلت في اعتماد أنظمة وبرامج حديثة لنقل المعلومات والبيانات، والتحول نحو الحوكمة الالكترونية، وإصدار تشريعات وتعليمات ملزمة بتنفيذ خطة التنمية الوطنية، فضلا عن سعيها الى تطوير آلية تضمن التنسيق بين الوزارات والجهات المعنية في التخطيط والمتابعة وتطوير قدرات العاملين في هذه المجالات(طلحة ،58)، وكل هذه الإجراءات تصب في الاتجاه الصحيح فيما لو تم اخذها على محمل الجد.  

  • الاستدامة المالية

تعد الاستدامة المالية واحدة من اهم الركائز التي تتطلبها عملية التنمية المستدامة لاسيما وانها تسهم في ضمان حقوق الاجيال القادمة وعدم المساس بها من خلال تحسين الانفاق العام دون الاضرار بالملاءة المالية للدولة (السعيدي، 2017، 106)، ولتحقيق استدامة مالية لا بد من تنويع الاقتصاد، فإيرادات الدولة تتأتى فقط من القطاع النفطي والذي يمتاز بتقلباته الكبيرة ارتفاعا وانخفاضا وهذا يوفر موارد مالية غير مستقرة مما يؤثر سلبا في تحقيق الاستدامة المالية، الا انه لو تم النهوض بالقطاعات الأخرى سيعمل على توفير مورد مادي إضافي تجعل الحكومة قادرة على تغطية جميع نفقاتها وعلى توفير فوائض ايجابية على المدى المتوسط والطويل مما يجعلها اكثر قدرة على التقليل من المديونية التي اثقلت كاهل الدولة، والحصول على موارد مادية مستدامة.  ويجب ان لا ننسى ان استدامة الموارد المالية قد واجه جملة من التحديات وهي مشكلة إعادة الاعمار والاستثمار فيها ومشكلة النازحين وهذه قد تطلبت موارد مالية كبيرة لتلبيتها. 

ثانياً: الرؤية التشاؤمية: عدم امكانية تحقيق التنمية المستدامة

     تعتمد هذه الرؤية على افتراض بقاء الإنتاج النفطي بدون زيادة أي لا يتعدى حاجز 4 مليون برميل يوميا والاسعار لا تتعدى 50 دولار للبرميل فضلا عن بقاء الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية على ما هي عليه متعثرة وغير مستقرة وغير فاعلة والسياسات الاقتصادية المتبعة لا تراعي ظروف البلد من جميع النواحي، فهذا يفضي الى جملة من الأمور منها بقاء الاقتصاد ريعي احادي الجانب دائم العرضة الى تقلبات اسعار النفط، زيادة اعداد العاطلين عن العمل في ظل مخرجات التعليم الهائلة نتيجة سوء إدارة التعليم وتوجيهها حسب حاجة السوق، اضف الى ذلك زيادة النمو السكاني، تردي أوضاع الخدمات من بنى تحتية ومياه صالحة للشرب وكهرباء وصرف صحي، زيادة الانكشاف على العالم الخارجي، تنامي الفقر اذ يزداد الفقراء فقرا والاغنياء يزدادون غنى نتيجة الفساد المالي والإداري والاقتصادي، العجز المستمر في الموازنة وزيادة المديونية نتيجة الاقتراض المحلي والخارجي، أي لا يمكن تحقيق نمو ودفع عجلة التنمية الاقتصادية الى الامام وبذلك لا يمكن ان تستدام التنمية. 

الاستنتاجات والتوصيات

الاستنتاجات

  1. إمكانية تحقيق التنمية المستدامة في العراق، إذا تم معالجة كافة المعوقات التي تقف للحيلولة دون تطبيقها.
  2. يملك العراق موارد طبيعية ومصادر متنوعة من الطاقة سواء التقليدية منها او المتجددة التي يمكن استغلالها لتحقيق اقتصاد مستدام
  3. ان عدم الاهتمام بتنويع القاعدة الاقتصادية واستغلال العوائد النفطية بشكل أمثل جعل من الاقتصاد العراقي اقتصادا هشا وعرضة للتقلبات الخارجية في اسواق النفط العالمية 
  4. عدم توافر الاستقرار الامني والسياسي أدى الى عدم جذب الاستثمار الاجنبي المباشر وتوظيفه بما يتلاءم مع حاجة التنمية المنشودة في العراق
  5. الفشل في ايجاد صناديق الاستثمار من شأنها الحفاظ على الايرادات ابان المدة التي حققت فوائض اقتصادية
  6. تفشي الفساد المالي والاداري وغياب الشفافية والمساءلة والمحاسبة القانونية أدى الى تدهور الكفاءة والجدية في العمل من قبل العاملين في المؤسسات لاسيما الحكومية منها
  7. عدم الاستفادة من الموارد الطبيعية الاخرى التقليدية والمتجددة على الرغم من توافرها والتي يمكن ان تسهم بشكل كبير في تكوين الناتج المحلي الاجمالي
  8. التركيز في الانفاق على الانفاق الاستهلاكي لاسيما الاجور والرواتب، فضلا عن تخصيص مبالغ كبيرة لمواجهة تنظيم داعش الارهابي واهمال الانفاق الاستثماري الذي يعد المحرك الاساس لدعم العملية التنموية التي يتطلع لها الاقتصاد العراقي للحاق بالركب الحضاري الذي تشهده الدول المتقدمة
  9. عدم الاستفادة من التجارب التنموية في الدول البترولية ذات الاقتصادات المشابهة للاقتصاد العراقي، مثل الامارات والسعودية التي حققت معدلات نمو اقتصادي جيدة

التوصيات

  1. تنويع القاعدة الاقتصادية من خلال تحقيق نمو متوازن بين القطاعات الاقتصادية ليتسنى للتنمية الاقتصادية المستدامة تحقيق الاهداف المنشودة والمتماشية مع الخطة الخمسية.
  2. العمل على تحقيق التنمية المكانية والتوازن التنموي بين القطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال احداث التكامل فيما بينها ليتسنى لصناع السياسة الاقتصادية العمل على حفظ حقوق الاجيال القادمة
  3. ضرورة الحفاظ على تحقق الاستدامة البيئية بما يكفل حماية حقوق الاجيال القادمة وعدم المساس بها وبالتالي زيادة اسهام الايرادات العامة في تكوين الناتج المحلي الاجمالي
  4. الاستثمار في رأس المال البشري وتأهيل الكوادر الادارية العاملة في القطاعين العام والخاص اسوة بالتطور الفكري الذي يشهده العالم اليوم.
  5. القضاء على البطالة لاسيما بين فئة الشباب كونهم الاكثر فاعلية في بناء اقتصاد مستدام نظرا لما يتمتعون به من طاقات ابداعية تسهم في دفع محرك العملية التنموية الى الامام.
  6. 6-    العمل الجاد على تحقيق الاستقرار الامني والسياسي من اجل خلق مناخ ملائم للاستثمارات العامة والمكانية والتخلص من براثن الارهاب
  7. 7-    العمل على تطوير الهياكل الارتكازية التي تعد واحدة من اهم مقومات التنمية المستدامة في البلد
  8. تقليل الاعتماد على المكون النفطي والاستفادة من الايرادات الناجمة عنه لاسيما اوقات الرخاء الاقتصادي للسيطرة على الازمات المالية والاقتصادية التي يتعرض لها الاقتصاد العراقي بين الحين والاخر
  9. ضرورة عمل صناديق التنمية الاقتصادية التي تسهم بشكل فاعل في تحقق التنمية المستدامة والحفاظ على حقوق الاجيال القادمة

المصادر

  1.  محمد أ، أسماء جاسم (2012). التنمية المستدامة بين المشكلات البيئية وتوفير الامن الغذائي في العراق. بحث منشور: مجلة الإدارة والاقتصاد، السنة 35، عدد 93.
  2. نحو مجتمع المعرفة، التنمية المستدامة في الوطن العري بين الواقع والمأمول (1472). سلسلة دراسات يصدرها مركز الإنتاج الإعلامي جامعة الملك عبد العزيز، : الإصدار الحادي عشر.
  3. محمد ب، أسماء جاسم (2019). الدور التمويلي للمصارف الإسلامية في تحقيق اهداف التنمية المستدامة تجارب عربية مختارة مع إشارة الى العراق. Route Education and Science Volume 6(6: June2019.
  4. اعمال اللجنة الإحصائية المتعلقة بخطة التنمية 2030. مرفق “اطار المؤشرات العالمية لأهداف وغايات خطة التنمية المستدامة لعام 2030  .
  5. 5-     عبد الرحمن، العايب (2010-2011). التحكم في الأداء الشامل للمؤسسة الاقتصادية في الجزائر في ظل تحديات التنمية المستدامة. أطروحة دكتوراه: كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير، جامعة فرحات عباس – سطيف، الجزائر.
  6. حسن، احمد فرغلي. البيئة والتنمية المستدامة الإطار المعرفي والتقييم المحاسبي، مركز تطوير الدراسات العليا والبحوث. كلية الهندسة، جامعة القاهرة.
  7. هاشم، حنان عبد الخضر (2011). واقع ومتطلبات التنمية المستدامة في العراق: ارث الماضي وضرورات المستقبل. مركز دراسات الكوفة. العدد 21.
  8. الجهاز المركزي للإحصاء، وزارة التخطيط العراقية (2016). مؤشرات البيئة والتنمية المستدامة ذات الاولوية في العراق. العراق: بحث منشور، قسم إحصاءات البيئة.
  9. الحساني، فارس كريم، عبد خضير، ايمان (2014). متضمنات التنمية البشرية المستدامة في الاقتصاد العراقي – دراسة تحليلية. مجلة بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، العدد الخاص بالمؤتمر العلمي الخامس.
  10. United nation, indicators of sustainable development, OP.
  11. مرزا، علي (2013). الواقع والافاق الاقتصادية. بيروت: ورقة عمل، المؤتمر الأول لشبكة الاقتصاديين العراقيين.
  12. يونس، عدنان حسين وآخرون (اب 2016). واقع الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد العراقي للمدة (2012-2013). مجلة الادارة والاقتصاد، جامعة كربلاء، المجلد4، العدد16.
  13. صندوق النقد العربي ب (2001). التقرير الاقتصادي العربي الموحد. الامارات
  14. صندوق النقد العربي ج (2015). التقرير الاقتصادي العربي الموحد. الامارات
  15. رشيد، ثائر محمود، لفته، فاطمة مصحب (2016). اثار مشكلة التصحر وتداعيتها على الزراعة والامن الغذائي في العراق، مجلة الكوت للعلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة واسط، عدد21.
  16. الشاوي، عبد الله نجم، محمد، عامر احمد (2011). دور الدولة في دعم القطاع الصناعي في العراق “دراسة ميدانية”، مجلة الادارة والاقتصاد، سنة34، عدد89.
  17. السباهي، مضر منعم (2012). دليل صناعة النفط وأثرها الاقتصادي في العراق، المعهد العراقي للإصلاح.
  18. وكالة الطاقة الدولية (بدون سنة نشر). افاق الطاقة في العراق. تقرير خاص ضمن كتاب توقعات الطاقة في العالم.
  19. الجوارين، عدنان فرحان. التنمية المستدامة في العراق- الواقع والتحديات، شبكة الاقتصاديين العراقيين.
  20. جمهورية العراق (2018)، استراتيجية التخفيف من الفقر في العراق للمدة (2018-2022)، كانون الثاني.
  21. التقرير السنوي للبنك الدولي 2009.
  22. رشيد، سهاد احمد (2017)، اثار المشاكل الاقتصادية للتلوث البيئي في العراق وطرق معالجتها، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية. جامعة البصرة: كلية الادارة والاقتصاد، العدد126.
  23. الطائي، وليد خليف جبارة (2012). التلوث البيئي والاقتصاد الأخضر. وزارة المالية: الدائرة الاقتصادية، قسم السياسات الاقتصادية.
  24. كاظم، حسن لطيف (2005)، المشهد الاقتصادي العراقي: المعطيات والخيارات. مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية، العدد3.
  25. محمد ج، ايمن احمد(2013 ايلول). الفساد والمسائلة في العراق. بغداد: ورقة سياسات، مؤسسة فريدريش ايبرت، مكتب الأردن والعراق. 
  26. راهي، محمد غالي. الفساد المالي والإداري في العراق وسبل معالجته. مجلة الكوفة: العدد2.
  27. الغانمي، عبد الله بن سعد (2014)، دور النزاهة والشفافية في محاربة الفساد. الأردن: ورقة عمل، الملتقى العلمي الجرام المستحدثة في ظل المتغيرات والتحولات الاقليمية والدولية2-4/9/2014, كلية العلوم الاستراتيجية.
  28. مصلح، عبير (2013). النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد، الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة.رام الله: الطبعة الثالثة.
  29. طلحة، الوليد أحمد (2020 يونيو)، التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي والرؤى المستقبلية في الدول العربية، صندوق النقد العربي.
  30. وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي (حزيران 2005). ستراتيجية التنمية الوطنية 2005-2007، طبعة أولية.
  31. – international energy agency 2019. Iraq’s energy sector, A roadmap to a Bright Future.
  32.  World bank commodity forecast price data, October 2015
  33. محمد د، راتول، محمد، مداخي، صناعة الطاقة المتجددة بألمانيا وتوجه الجزائر لمشاريع الطاقة المتجددة كمرحلة لتأمين امدادات الطاقة الاحفورية وحماية البيئة “حالة مشروع ديزرتاك”. بحث منشور على الانترنت.
  34. الشمري، مايح شبيب وآخرون (2020). السياسة النفطية وقطاع الطاقة في العراق: الواقع واستشراف المستقبل. النجف: مؤسسة النبراس للطباعة.
  35. السعيدي، ناجي ادريس عبد (2017)، الدين العام وانعكاساته على الإنفاق الاستثماري في العراق للمدة (2003—2014). مجلة كلية التربية للبنات للعلوم الإنسانية، العدد21، السنة21.
  36. الجهاز المركزي للإحصاء. بيانات وزارة التخطيط، مديرية الحسابات القومية، اعداد متفرقة.
  37. صندوق النقد العربي أ. التقرير الاقتصادي العربي الموحد صندوق النقد العربي. اعداد متفرقة.
  38. اوابك. تقرير الأمين العام السنوي. اعداد متفرقة.
  39.  BP Statistical Review of World Energy, 68th edition,2019, p.57
  40. 40-                        وكالة الطاقة الدولية، www.iea.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *