د. صلاح الدين إنبيه جمعة                             د. هدى محمد أبوخريص

           وكيل الشؤون العلمية بالكلية                                  رئيس قسم الإقتصاد

   أستاذ مشارك/ قسم الإقتصاد/كلية المحاسبة           أستاذ مشارك/ قسم الإقتصاد/كلية المحاسبة       

               جامعة غريان – ليبيا                                        جامعة غريان / ليبيا

salaheddin.inbaya@gu.edu.ly         Huda.Abukharis@gu.edu.ly

0533077-091-00218                    5757723- 092 00218

الملخص:

   يُعد موضوع التنمية المستدامة من الموضوعات البارزة على الساحة العلمية، إذ تُعقّد العديد من المؤتمرات والندوات التي تبحث ذلك الموضوع من حيث المفهوم والأهداف وما تم تحقيقه في مجال التنمية المستدامة بالإقتصاديات النامية والمتقدمة.

   ونتيجة لأهمية الموضوع أولت هذه الورقة البحثية إهتماماً خاصاً بواقع التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي في المدة   

     ( 1990-2018)، والتي خُصص جزء من مساحتها للجانب النظري الذي تطرق لمفهومي التنمية الإقتصادية والمستدامة، في حين خُصص الجزء الأخر للجانب التطبيقي الذي أحتوى على الدراسة الواقعية لبعض مؤشرات التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي، بالإعتماد على البيانات المنشورة التي عن طريقها تم التوصل إلى عدة نتائج تعكس جميعها تدهور واقع التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي في مدة  الدراسة.

    إذ توصلت الدراسة إلى وجود إنخفاض وتذبذب في حجم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مع التذبذب في متوسط دخل الفرد و حدوث إنخفاض في معدل النمو السكاني وإرتفاع درجة الإعالة، إضافة إلى الموجة التضخمية التي يعانيها الإقتصاد الليبي مع تزايد معدل البطالة.

    و توصلت الورقة البحثية أيضاً إلى ضعف الإهتمام بقطاع التعليم والذي برز من إنخفاض نسبة مخصصاته من الناتج المحلي الإجمالي التي لم تصل إلى 1% في كثير من السنوات، وهي تُعد منخفضة جداً عند مقارنتها بإقتصاديات الدول الأخرى. الأمر الذي يؤثر سلباً على تكوين رأس المال البشري الذي يُعد الركيزة الأساسية للتوجه نحو التنمية المستدامة.

    وأتاحت هذه الدراسة للباحثين تقديم مجموعة من التوصيات الهادفة أبرزها العمل على توفير الأمن والإستقرار السياسي للدولة مع ضرورة التوجه السريع لتكوين رأس المال البشري ، وضرورة التعاون والشراكة بين إقتصاديات الدول العربية للإسراع في نجاح التنمية المستدامة ومواجه زمن التكتلات الإقتصادية، والتي من شأنها أن تسهم في تصحيح مسار القطاع الحكومي  بما يخدم عملية التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي.

الكلمات المفتاحية : التنمية ، الناتج ، التضخم ، البطالة ، الإعالة.

The reality of sustainable development in the Libyan economy during the period (1990-to 2018)

Dr. Salahuddin Enbih Juma

Associate Professor/Department of Economics/Faculty of Accounting

Dr. Hoda Mohammed Abu Khurais

Associate Professor/Department of Economics/Faculty of Accounting

Gharyan University – Libya

Abstract:

   The topic of sustainable development is one of the prominent topics in the scientific community, as many conferences and seminars have been held that address this topic in terms of concept, goals and what has been achieved in the field of sustainable development in developing and developed economies.

   As a result of the importance of this topic, this research paper devoted special attention to the reality of sustainable development in the Libyan economy during the period (1990-2018), in which part of its area was devoted to the theoretical aspect that dealt with the concepts of economic and sustainable development, while the other part was devoted to the applied aspect that contained the study of some indicators of sustainable development in the Libyan economy, based on published data, through which several results were reached, all of which reflect the deterioration of the reality of sustainable development in the Libyan economy during the studied period.

   The study found a decrease and volatility in the size of the real GDP with the volatility in the average per capita income, a decrease in the population growth rate and a high degree of dependency, in addition to the inflationary wave that the Libyan economy suffers from with the increasing of the unemployment rate.

The research also found a lack of interest in the education sector, and this is can be seen from the low percentage of its allocations from the GDP, which represents only 1% in many years. And this is considered to be very low compared to the economies of other countries. This negatively affects the building of human capital, which is the cornerstone of sustainable development.

   The study also helped the researchers to present a set of recommendations, the most important of which is reaching security and political stability for the country with the necessity of a fast move toward building human capital, and the need for cooperation and partnership among the economies of Arab countries to speed up the success of sustainable development and confront the era of economic blocks, and this will contribute to the repositioning the public sector to serve the process of sustainable development in the Libyan economy.

المقدمة.

    حُظِي موضوع التنمية الإقتصادية بإهتمام متزايد من قِبل الباحثين والمتخصصين ، مما جعله ينال حيزاً كبيراً من الدراسات والأبحاث والتي تسعى في جُلها إلى رسم السياسات التي تساعد إقتصاديات الدول النامية إلى الرفع من إنتاجها و الإستخدام الأمثل لمواردها بما يقلل من الفجوة بينها وبين إقتصاديات الدول المتقدمة.

   وبمرور الزمن ومع تزايد التطورات التقنية والتكنولوجية و إستحداث أساليب إنتاج متطورة، الأمر الذي أسهم في زيادة الإنتاج كماً ونوعاً، و الذي صاحبه تطور العديد من مؤشرات التنمية الإقتصادية مثل تنامي متوسط دخل الفرد والنمو السكاني وزيادة الإستثمار.

   إلا أنه يلاحظ رغم ذلك بروز مؤشرات سلبية في جوانب أخرى، مثل التلوث البئي وعدم الإستقرار السياسي و إنعدام الأمن و إرتفاع معدلات الجريمة و إستنزاف الموارد الطبيعية وتدني الخدمات الصحية ….. إلخ، الأمر الذي يعني أن عملية التنمية الإقتصادية قد رافقها جوانب سلبية والتي يختلف واقعها من دولة لأخرى،  ففي بعض الدول يتبين أن متوسط دخل الفرد مرتفع كما هو الحال في إقتصاديات الدول النفطية، في حين تزايد معدل البطالة والتضخم مع تلوث البيئة وتدني الخدمات الصحية والتعليمية….. وغيرها.

   ونتيجة لذلك الوضع يلاحظ حدوث تطور في المفاهيم وتعدد الآراء والتحليلات من التنمية الإقتصادية إلى مفهوم التنمية البشرية ، ثم التنمية المستدامة التي يختلف واقعها أيضاً من دولة لأخرى، الذي يُعزى لمجموعة من العوامل والأسباب ، ولأهمية هذا الموضوع ونتيجة للوضع الراهن الذي يعيشه الإقتصاد الليبي أولت هذه الورقة البحثية إهتماماً بدراسة التنمية المستدامة في ليبيا في المدة ( 1990-2018) بدراسة بعض مؤشراتها إستناداً على ما توفر من بيانات منشورة.

مشكلة البحث.

   تسعى الدولة الليبية إلى تحقيق التنمية الإقتصادية ، وتبلور ذلك بوضع العديد من الخطط التنموية بداية من الخطة ( 1973-1975 ) والخطة ( 1976 – 1980 ) والخطة ( 1981 – 1985 ) ، والتي أحتوت كل منها  على العديد من الأهداف والتي من شأنها أن تسهم وبشكل كبير في الرفع من معدلات نمو الإنتاج على مستوى كافة القطاعات الإقتصادية الخدمة والإنتاجية، والذي يتطلب بدوره تخصيص جزء كبير من الإيرادات النفطية لتمويل تلك المشروعات التي حددتها السياسة الإقتصادية ، في إطار إستراتيجية الخطط هادفة إلى تحقيق التنمية ولو نسبياً على مستوى الإقتصاد الكلي .

   إلا أنه على الرغم من إستمرارية السياسة الإقتصادية وتوجهات الدولة في تحقيق الأهداف ، وبعد مرور قرابة خمسون عاماً عن السياسات والإنفاق الحكومي، إلا أن الإقتصاد الليبي مازال يعاني من العديد من الإختلالات والتدني الواضح والكبير في تحقيق الأهداف، والتي نتج عنها صورة مشوهة للتنمية الإقتصادية والبشرية ، مما أنعكس سلباً على مؤشرات التنمية المستدامة ، ومن هنا تبرز المشكلة البحثية في طرح السؤال التالي:-

 ما هي ملامح تدني مؤشرات التنمية المستدامة في ليبيا؟

أهمية البحث.

  1. تزداد أهمية هذه الدراسة لما يتمتع به موضوع التنمية المستدامة من أهمية بالغة في الإقتصاديات المتقدمة والنامية على حد سواء.
  2. معاناة الإقتصاد الليبي من إختلالات وظواهر مشوهة للعملية التنموية ، الأمر الذي يدفع بضرورة التعرف عليها حتى يتاح للدولة العمل على الحد منها والتوجه نحو التنمية المستدامة.
  3. تمتع الدولة الليبية بالموارد الطبيعية والبشرية، إلا أنها مازالت تفتقر للقاعدة الإنتاجية وتعثر العملية التنموية، والوقوف على تلك الحقيقة يزيد من أهمية الدراسة الواقعية للإقتصاد الليبي ، حتى يتسنى وضع السياسات المالية والنقدية الهادفة للوصول إلى تنمية مستدامة في حدود الموارد المتاحة.

أهـداف البحث.

  1. التعرف على واقع بعض مؤشرات التنمية المستدامة في ليبيا في ضوء البيانات الرسمية المنشورة.
  2. حصر أهم متطلبات التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي.
  3. تقديم مجموعة من التوصيات لمتخذي القرارات وواضعي السياسات الإقتصادية للإسهام في الحد من الظواهر السلبية المؤثرة على عملية التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي.

حدود البحث:

   تحتوي هذه الدراسة على جانبين:

  • الجانب النظري .. والذي خُصص للتعريف بمفهوم التنمية المستدامة ومؤشراتها.
  • الجانب العملي.. والذي يتم فيه دراسة واقع التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي ، إعتماداً على بعض مؤشراتها في المدة ( 1990-2018 ).

فروض البحث.

   وللإجابة على السؤال الرئيسي للمشكلة البحثية يتطلب وضع مجموعة من الفرضيات المتعلقة بمؤشرات التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي.

  1. إختلال هيكل الناتج المحلي الإجمالي وتذبذبه من فترة لأخرى.
  2. إنخفاض متوسط دخل الفرد.
  3. إنخفاض معدل النمو السكاني.
  4. إرتفاع معدل التضخم مع تزايد معدل البطالة
  5. تدني نسبة الإنفاق على التعليم.

الدراسات السابقة.

1-دراسة ( حموده، عبد الهادي أحمد( 2008) . التنمية المستدامة في ليبيا. مجلة التخطيط والتنمية ، المجلد الثاني . العدد الأول. هدفت الدراسة إلى توضيح المدى الذي وصلته ليبيا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تنفيذ مشروعاتها التنموية  المختلفة ، خاصة في القطاعات الإنتاجية أثناء فترات خطط التنمية الإقتصادية و الإجتماعية ، وإقتراح بدائل إستراتيجية ممكنه للإستثمار، وبحثت  الورقة مسيرة التنمية الإقتصادية في ليبيا بإستعراض الخطط المختلفة وأهدافها ونتائجها من سنة 1970 وحتى سنة 2005، ومن أهم نتائج الدراسة لم تدخل مشروعات الخطط المشار إليها حيز التنفيذ ، لعدم وضوح كثير من السياسات وعدم إستقرارها ، وأيضاً تزايد الإنفاق العام غير التنموي على حساب الإنفاق التنموي.

2- غيلان، مهدي سهر. دراسة تحليلية لأهم مؤشرات التنمية المستدامة في البلدان العربية والمتقدمة. العراق .أولت هذه الدراسة الإهتمام بمفهوم وأبعاد التنمية المستدامة ودراسة واقع مؤشرات التنمية في الدول العربية، وبعض الدول المتقدمة. وتوصلت إلى أهم النتائج بتبني العديد من المؤشرات الإقتصادية ، مثل الناتج المحلي ، وإنخفاض الإنفاق على التعليم، أنتشار الفقر في الوطن العربي ، والذي أعتبرته الدراسة عائق كبير لتحقيق التنمية المستدامة.

3-هاجر ، بوزيان الرحماني. التنمية المستدامة في الجزائر بين حتمية التطور وواقع التسيير. المركز الجامعي بخميس مليانة.

هدفت هذه الدراسة إلى معرفة مدى إلتزام وسعي الجزائر إلى الإلتزام ببرامج التنمية المستدامة التي أشار إليها مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية، وقد توصلت هذه الدراسة إلى الرغبة الواضحة للجزائر في التوجه نحو التنمية المستدامة، إلا أن وجود فجوة عند المقارنة بالدول المجاورة ، ولهذا أوصت الدراسة أن الرغبة غير كافية وإنما العمل على تطبيق المخطط وتحقيق الأهداف تأتي في المقدمة.

منهجية البحث:

   وللإجابة على الفرضيات وإيجاد الحل للمشكلة البحثية المطروحة في السؤال الرئيسي، أستوجب التحليل الوصفي للسلاسل الزمنية للبيانات الرسمية لبعض المتغيرات ذات الصلة بالتنمية المستدامة ، مع قياس بعض مؤشراتها مما دعت الحاجة العلمية إلى تقسيم الورقة البحثية إلى ما يلي.

 المبحث  الأول: مفهوم التنمية المستدامة ومؤشراتها.

 المبحث الثاني: واقع التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي في المدة  ( 1990-2018 ) ومتطلباتها.

المبحث الأول / مفهوم التنمية المستدامة ومؤشراتها.

  أولاً: مفهوم التنمية المستدامة.

     ينال مفهوم التنمية المستدامة إهتمام من قِبل الباحثين و المتخصصين ، والذي أسهم في ظهور العديد من الآراء ووجهات النظر حول مصطلح التنمية المستدامة، والتي تكاد تكون جميعها تنصب في ثلاثة أبعاد ( البعد الإقتصادي ، البعد الإجتماعي ، البعد البيئي )، ولهذا نجد البعض يُعرّف التنمية المستدامة بأنها:

  • عملية تنموية بنمط معين يتم من خلاله توفير إحتياجات أفراد المجتمع مع المحافظة على مقدرة الأجيال المستقبلية في تحقيق إحتياجاتها (آمين،2000: 348).
  • يرى البعض أن التنمية المستدامة هي ” عملية التنمية الإقتصادية التي تلبي حاجيات الحاضر دون تعريض قدرة أجيال المستقبل على تلبية حاجياتهم للخطر”.(حلاوة،صالح،2009: 131).

    – كما تُعرّف التنمية المستدامة بأنها ” التنمية التي تسعى إلى الإستخدام الأمثل بشكل منصف للموارد الطبيعية ، بحيث يعيش الأجيال الحالية دون إلحاق الضرر بالأجيال المستقبلية” (القريشي،2007: 128).

        ومما سبق يتبين أن التنمية المستدامة عملية تنموية هادفة ومُخطط لها لتحقيق أبعادها الإقتصادية و الإجتماعية والبيئية، بما يخدم مصالح أفراد المجتمع دون المساس بمصلحة الأجيال القادمة.

      والجدير بالذكر هنا يلاحظ تزايد إستخدام مصطلح التنمية المستدامة والتنمية الإقتصادية في العديد من الأبحاث والد راسات والندوات والمراكز البحثية، الأمر الذي يستوجب محاولة لتوضيح الفارق الجوهري بين المفهومين ، وهذا يتطلب التعريف بالتنمية الإقتصادية أولاً.

         حيث تُعرّف الأمم المتحدة التنمية الإقتصادية بأنها ” العملية الموسومة بتقدم المجتمع كله ، إجتماعياُ  وإقتصادياً والمعتمدة على أكبر قدر ممكن على مبادرة المجتمع المحلي وشركائه” (قانة،2012: 7)

         و يُعرفّ جيرارد مايلر أن ” التنمية الإقتصادية هي عملية يرتفع بموجبها الدخل الوطني الحقيقي خلال فترة من الزمن ” (شعباني، من دون سنة نشر: 50)

         وتجدر الإشارة هنا بعد التطرق لمفهومي التنمية الإقتصادية والتنمية المستدامة، لابد من إجراء محاولة للفصل بين المفهومين من حيث المضمون النظري لكل منهما ، ومدى واقعيته على مستوى الإقتصاد الكلي لأي مجتمع من المجتمعات.

       فالتنمية المستدامة يمكن النظر إليها بأنها مصطلح يُشير إلى جميع الإتجاهات والأبعاد بدون إستثناء ، سواء كانت إقتصادية أو إجتماعية أو بيئية أو سياسية ، وهذا يعني أن ذلك المصطلح يأخذ في الإعتبار كل المتغيرات حاضراً ومستقبلاً، في حين

       التنمية الإقتصادية تعني حدوث زيادة في الدخل الحقيقي وتحقيق الرفاهية الإقتصادية لأفراد المجتمع، وذلك يُعد شرطاً ضرورياً ولكنه غير كافٍ، فهي لا تأخذ في الإعتبار بكافة المتغيرات والجوانب الأخرى ، مثل التلوث البئي ، الأمن ، نمو السكان، الإستقرار السياسي، إستنزاف الموارد، الخدمات الصحية…. إلخ، وهو ما يجعل مفهوم التنمية الإقتصادية يفتقر إلى تلك الجوانب في العديد من الدول خاصة الدول النامية.

       حيث في بعض الدول قد تحدث زيادة في الدخول الحقيقية للأفراد كما هو الحال في إقتصاديات الدول النفطية، ولكن في نفس الوقت نجد تلوث البيئة ، تفشي البطالة ، إستنزاف الموارد الطبيعية ، عدم الإستقرار السياسي…. إلخ.

        ومما سبق يمكن أن نصل إلى أن المضمون النظري للتنمية المستدامة نجده أكثر واقعية في إقتصاديات الدول المتقدمة مقارنة بالدول النامية التي فيها أصلاً تنمية إقتصادية مشوهة نتيجة للسياسات الخاطئة ، وضعف الإرادة السياسية وتدني رغبة أفراد المجتمع في تطوير إقتصادياتها، والتي يُعد الركيزة الأساسية للتنمية الإقتصادية والمستدامة.

ثانياً: مؤشرات  التنمية المستدامة.

        لقد تعددت مؤشرات التنمية المستدامة كنتيجة لتوسع مفهومها ، وتعدد أبعادها ( الإقتصادية ، الإجتماعية ، البيئية ، التكنولوجية )، والتي يصعب حصرها في هذه الدراسة ، ولكن يمكن تناول جزئية من المؤشرات النظرية التي يمكن أن تساعد الباحثين في دراسة واقعها في الإقتصاد الليبي، بناءً على ما يتوفر من بيانات رسمية ، وهذه المؤشرات نخص بالذكر منها ما يلي:-

  1. الناتج المحلي الإجمالي .

يُعرف الناتج المحلي الإجمالي بأنه ” مجموعة القيمة النقدية ( السوقية ) لجميع السلع والخدمات النهائية المنتجة في إقتصاد ما خلال فترة زمنية معينة عادة ما تكون سنة” (الوزاني،2005: 107).

   ويستخدم الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر على قدرة أفراد المجتمع على الإنتاج وتوظيف الموارد بما يخدم العملية التنموية. حيث زيادة معدل نموه يُشير إلى تنامي كافة الأنشطة الإقتصادية على مستوى الإقتصاد الكلي ، إلا أن ذلك يختلف واقعه من دولة لأخرى، إذ يلاحظ في الدول المتقدمة تقارب الأهمية النسبية للقطاعات الإقتصادية في مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يعكس نجاح الدولة في تحقيق التنمية المستدامة على مستوى الإقتصاد الكلي .

  ولكن في بعض الدول يلاحظ التفاوت الكبير في الأهمية النسبية للقطاعات ، مما يقلل من أهمية الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر على التنمية المستدامة ، كما هو الحال في إقتصاديات بعض الدول النفطية ، حيث نجد حصة الأسد لقطاع النفط ، في حين تدني مساهمة القطاعات الأخرى.

  • متوسط دخل الفرد.

  وهو يحسب بقسمة الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان، حيث زيادة متوسط دخل الفرد يعكس تحسن المستوى المعيشي للأفراد وزيادة قدرتهم على الإستهلاك، وهذا المؤشر خلال الآجل الطويل يبين تنامي إمكانية حصول أفراد المجتمع على العديد من الخدمات الصحية والتعليمية نتيجة لقدرتهم على الإنفاق المتأتي من إرتفاع دخولهم.

    والجدير بالذكر هنا أن متوسط دخل الفرد يؤخذ عليه ما يلي ( جمعة،2017: 143):-

  1. قيمة متوسط دخل الفرد قيمة متوسطة لا تعني أن جميع أفراد المجتمع متحصلون على تلك القيمة.
  2. إن حجم الناتج المحلي الإجمالي لا يعطي مؤشر على نمو كافة القطاعات كما هو الحال في الإقتصاديات النفطية، مما يقلل من أهمية متوسط دخل الفرد كمؤشر على التنمية المستدامة.
  3. عدم الدقة في حساب الناتج المحلي الإجمالي نتيجة لعدم دقة البيانات وإرتفاع المستوى العام للأسعار ، مما يعطي قيمة مضللة في الناتج المحلي الإجمالي ، إضافة إلى وجود إنتاج غير منظور يتعذر حسابه. الأمر الذي يقلل من أهمية متوسط دخل الفرد كمؤشراً على التنمية المستدامة خاصة في الدول النامية التي تفتقر إلى قاعدة بيانات صحيحة.
  4. النمو السكاني .

   تزداد أهمية هذا المؤشر في التعبير عن مدى تحقق التنمية المستدامة في إقتصاديات الدول النامية التي يتمتع إقتصادها بندرة نسبية لعنصر العمل، و إنخفاض حجم السكان مقارنة بالدول الأخرى. الأمر الذي يجعل الدولة تولي إهتماماً ملحوظاً للرفع من معدل النمو السكاني ، والذي يتطلب العديد من السياسات ، منها توفير الغداء الصحي ، التطعيمات للمواليد ، والحد من الوفيات ، التشجيع على الزواج المبكر ، وزيادة عدد أفراد الأسرة…… وغيرها.

    ولهذا نجد النمو السكاني يختلف واقعه من دولة لأخرى كنتيجة للإختلاف في الواقع الإقتصادي ، الذي تنعكس آثاره على مستوى أفراد المجتمع، فعند تنامي الأنشطة الإقتصادية وتحقق الرفاهية للأفراد ( نسبياً ) وزيادة دخولهم وتوفير الخدمات الصحية والغداء المناسب….وغيرها، كل ذلك ينعكس إيجاباً على النمو السكاني كماً نوعاً، مما يعطي مؤشراً على توجه الدولة بسياساتها المختلفة نحو تحقيق التنمية المستدامة ولو نسبياً، وفي حدود الإمكانيات والموارد المتاحة.

    وعكس ما سبق عند تدني الخدمات الصحية وسوء الغداء للأفراد والتلوث البيئي وعدم الإستقرار السياسي والحروب الأهلية ، كل ذلك يسهم في إنخفاض معدل النمو السكاني ، والذي يعطي مؤشراً على تدني واقع التنمية المستدامة في الدولة، وهو بمثابة مرآة  عاكسة لإخفاق سياسة الدولة وبرامجها على مستوى الإقتصاد الكلي . الأمر الذي يؤثر سلباً على رفاهية الأجيال الحالية والمساس بمصلحة الأجيال المستقبلية.

    ولابد من الذكر هنا أن زيادة النمو السكاني بشكل غير رشيد والذي يؤدي إلى ظاهرة الإنفجار السكاني وتدني مستوى المعيشة للأفراد وزيادة الطلب على الخدمات الصحية والتعليمية و الإجتماعية ، وتكون الدولة بجازها الإنتاجي غير قادرة على مواجهة ذلك الوضع ، الأمر الذي يعيق عملية التنمية المستدامة، وبالتالي يستوجب في كل الأحوال رسم سياسة سكانية مناسبة تعمل على تحقيق زيادة سكانية رشيدة والحد من هجرة السكان من الريف إلى المدن ، وما يصاحبها من آثار سلبية مثل تركز العمالة بالمدن ونقصها بالريف، والتلوث البيئي ، وتكدس النفايات .

    ولهذا تسعى إقتصاديات الدول من خلال الخطط والبرامج إلى إتباع سياسة سكانية تتلاءم مع الواقع السكاني ، وتضمن المحافظة على الموارد ، وتجعل الدولة قادرة على تلبية إحتياجات السكان دون المساس بحقوق الأجيال المستقبلية، وعند نجاح الدول في رسم تلك السياسة كلما أعطى مؤشراً على توجه الدولة إلى تحقيق عملية تنموية مستديمة في ذلك الجانب ( النمو السكاني).

  • معدل التضخم .

   يُعبر التضخم عن الإرتفاع في المستوى العام للأسعار لجميع السلع خلال فترة زمنية عادتاً سنة     

   ( الدجيلي،الفرجاني،2001: 361)، وزيادة معدله يعني إنخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية وتدني قدرة الأفراد على شراء السلع والخدمات ، نتيجة إرتفاع أسعارها مع محدودية دخولهم، الأمر الذي بدوره يؤدي إلى تدني المستوى المعيشي لأفراد المجتمع، وهو ما تعانيه إقتصاديات الدول النامية خاصة ، والتي تفتقر إلى السياسات والبرامج الناجحة التي تسهم في زيادة الإنتاج لتغطية الطلب المحلي وتشجيع الإستثمار الذي يزيد من الإنتاج المحلي والتصدير للخارج ، مما يحد من ظاهرة التضخم.

   ويحدث التضخم نتيجة للعديد من الأسباب منها ( بوديان،1996: 205-207 )، زيادة التكاليف والطلب الكلي مع عدم قدرة الجهاز الإنتاجي على تغطية تلك الزيادة ، مما يزيد من الفجوة بين الطلب الكلي والعرض الكلي.

    إضافة إلى الضغوط التي تأتي من وراء هدف الربح ، والذي يتبلور بوضوح بسعي الشركات الإحتكارية لتحقيق مكاسب عالية ،تلجأ إلى رفع السعر دون مراعاة المستوى المعيشي للأفراد ومحدودية دخولهم.

     ولهذا عند زيادة معدل التضخم وتحقق آثاره السلبية يعطي مؤشراً على تدني قدرة الدولة ومؤسساتها وإخفاق سياساتها الإقتصادية في الحد من ظاهرة التضخم، الأمر الذي يضعف التوجه نحو تحقيق التنمية المستدامة، والذي يؤثر على حقوق الأجيال المستقبلية مع حرمان الأجيال الحالية من حياة كريمة تتمتع فيها بالحصول على جميع إحتياجاتهم من سلع وخدمات في حدود دخولهم الحقيقية.

    وتجدر الإشارة هنا إلى أن التضخم قد يكون مستورداً من الخارج ، وهو ما يطلق عليه بالتضخم المستورد الذي يحدث نتيجة لإرتفاع أسعار السلع المستوردة (الواردات )، لأسباب تحدث في البلد المُصدّر لتلك السلع مثل إرتفاع التكاليف أو إنخفاض العرض  ( الإنتاج )كنتيجة للأزمات الإقتصادية أو الكوارث الطبيعية ، وهو ما يلحق الضرر بأفراد المجتمع دوي الدخل المحدود ، مما يدفع بهم إلى المطالبة بزيادة أجورهم لتحسين مستوى معيشتهم ومواجهة متطلبات الحياة   

        ( النسور، 2013: 295).

  • مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي.

    يُعد النفط مورداً طبيعياً ناضباً، إستنزافه بشكل غير رشيد أمر يتعارض مع مفهوم التنمية المستدامة ،وهذا ينطبق على العديد من إقتصاديات الدول النفطية ( خاصة العربية ) التي عملت إقتصادياتها على إستنزاف الموارد الطبيعية دون أن تحقق تنمية إقتصادية شاملة على مستوى كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية.

   ونتيجة لغياب السياسات الإقتصادية الرشيدة وعدم توفر الإرادة السياسية وضعف رغبات الأفراد في التطور والنمو، يلاحظ إستمرار العديد من الإقتصاديات في إعتمادها على قطاع النفط ، حيث ترتفع نسبة مساهمة الناتج النفطي في الناتج المحلي الإجمالي ( قد تتجاوز 90%)، مع تدني مساهمة القطاعات الإنتاجية خاصة قطاعي الزراعة والصناعة، مما يعكس إنخفاض النمو في الأنشطة الإقتصادية غير النفطية، وهذا يؤشر على عدم التنوع مما يجعل الإقتصاد عرضة للتقلبات الخارجية المصاحبة لصادرات النفط وأسعارها التي تحكمها عوامل لا تخضع للسياسة الإقتصادية الداخلية.

   ولكن عند إستثمار مورد النفط وفق إستراتيجية بعيدة المدى ورؤية مستقبلية تكون في خدمة التنمية على مستوى الإقتصاد الكلي ، وفي ظل سياسة حكيمة وهادفة إلى مواكبة الإقتصاديات المتطورة ، من شأنه أن يسهم في توجيه الإيرادات النفطية إلى قنوات الإستثمار في مختلف الأنشطة والقطاعات المختلفة. الأمر الذي يصاحبه عند نجاح تلك الإستثمارات إلى زيادة إيرادات الإستثمار وإتباع سياسة التقليل التدريجي لمساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي،  والذي بدوره يؤدي بعد مرور مدة زمنية  ( يُفترض أن يكون مخطط لها) إلى الرفع من مساهمة كافة القطاعات الإقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني تنوع الإقتصاد وجعله محط أنظار المستثمرين من الداخل والخارج، وكل ذلك ينعكس إيجاباً على مستوى معيشة الأفراد وتكامل محاور التنمية المستدامة.

  • نسبة الإنفاق على التعليم.

   يعتبر قطاع التعليم الركيزة الأساسية للتنمية المستدامة ، نظراً لدوره المباشر والفعّال في إعداد العنصر البشري الذي تتم التنمية به ومن آجله، إذ يلعب التعليم دوراً مهماً في العملية الإنتاجية مما يجعله ينال درجة عالية من الأهمية ، والتي تُعزى إلى أهميته في تكوين رأس المال البشري أحد أهم مدخلات العملية الإنتاجية.

   حيث تؤكد نظريات رأس المال البشري (القريشي،2007: 171) أن الزيادات المتتالية في حجم الإنتاج ترجع بالأساس إلى ما يحمله الفرد من خبرات ومهارات وكفاءات عالية وقدرات ، وهذا دفع بإقتصاديات الدول النامية والمتقدمة على حد سواء بأن تتجه إلى العمل على تكوين رأس المال البشري الذي يُعد الدعامة الأساسية للعملية التنموية وفي إتجاه تحقيق التنمية المستدامة، إلا أن ذلك التوجه يختلف واقعه من دولة لأخرى من حيث مدى الإهتمام بقطاع التعليم ، من خلال زيادة الإنفاق عليه مقارنة بالقطاعات الأخرى، ووضع السياسات والبرامج اللازمة للنهوض بذلك القطاع بما يعمل ويساهم بشكل كبير في إعداد العنصر البشري كماً نوعاً والمغذي لسوق العمل، ليكون في خدمة التنمية المستدامة، لا عبءٍ عليها، بإرتفاع معدل البطالة وآثاره السلبية على المستوى المعيشي لأفراد المجتمع و الإقتصاد ككل. 

7– التجارة الخارجية.      

    تُعرّف التجارة الخارجية بأنها عملية تبادل بين طرفين أو أكثر يتم بموجبها تبادل السلع والخدمات ورؤوس الأموال أو أفراد          (أحمد،2009: 8)، وهو ما يعني أن التجارة الخارجية تتم خارج حدود الدولة بين طرفين أو أكثر بهدف تبادل المنافع.

   ويلعب قطاع التجارة الخارجية دوراً مهماً في تحقيق النمو والإستقرار الإقتصادي في العديد من الدول خاصة الدول المتقدمة ذات طاقة إنتاجية عالية، ويمثل طرفي التجارة الخارجية( الصادرات والواردات ) متغيرين لهما تأثير مباشر على الناتج المحلي الإجمالي، ويحملان مدلولات  على الوضع الإقتصادي للدولة، ففي حالة  زيادة الصادرات خاصة عندما تكون متنوعة يدل على قدرة الإقتصاد على زيادة الإنتاج وتغطية الطلب المحلي ، الأمر الذي أتاح للدولة الدخول في عملية تبادل مع طرف خارجي  بما يحقق المنفعة المتبادلة، وهو ما يتفق مع التوجه للتنمية المستدامة.

   ولكن في حالة ما تكون الصادرات تعتمد على سلعة واحدة ( مثل النفط ) ، وذلك يعكس عدم تنوع الناتج المحلي للدولة وإستمرارية إعتمادها على قطاع واحد ( مورد ناضب )، وهو يُعد إستنزاف لمورد طبيعي مما يلحق الضرر بالأجيال المستقبلية، وهو أمراً متناقضاً مع مفهوم التنمية المستدامة.

     أما زيادة الواردات التي تمثل الجانب الأخر للتجارة الخارجية لها مدلول إقتصادي بأخذ عدة أشكال منها قدرة الإقتصاد المحلي على تغطية الطلب المتزايد على السلع والخدمات ، وهو ما يدفع بالدولة لتغطية الطلب إلى زيادة الواردات والتي قد تشكل عبءٍ على الموازنة العامة، حيث غالباً ما يتم تغطية قيمتها النقدية بالعملة الصعبة، إضافة أنه قد تكون سبباً في زيادة معدلات التضخم ( التضخم المستورد) الذي ينشأ من إرتفاع تكاليف الإنتاج في البلد المنشأ.

    كما أن واقع هيكل الواردات يختلف من دولة لأخرى ، ففي حالة الجزء الأكبر من الواردات يكون في شكل سلع رأسمالية ، الأمر الذي يعني أن هذه الواردات في هذه الحالة بالضرورة سوف تسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي والرفع من معدلات نموه، خاصة عند إستخدام الواردات الرأسمالية بشكل رشيد وفق البرامج المخطط لها بالسياسة الإقتصادية للدولة، وهو ما يعطي مؤشراً إيجابياً على تحقيق تنمية مستدامة.

   والجدير بالذكر هنا أن الميزان التجاري والذي يمثل صافي التجارة الخارجية ( صادرات – واردات ) ، يُعد مؤشراً حقيقياً على مستوى الإقتصاد الكلي، فعندما يكون ذو قيمة موجبة ما يعني زيادة صادرات الدولة عن وارداتها وتحقق نمو في حجم الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يسهل للدولة التوجه إلى تنمية مستدامة بما يضمن حقوق الأجيال الحاضرة والمستقبلية.

   وعكس ما سبق عندما يكون صافي التجارة الخارجية ذو قيمة سالبة ، ما يعني زيادة الواردات عن الصادرات، وهو ما يؤشر على عدم قدرة الإقتصاد المحلي على تغطية الطلب المحلي  ومحدودية  مرونة الجهاز الإنتاجي على زيادة الإنتاج، كنتيجة لمحدودية الموارد وسوء الإستخدام لها، وهو ما يشكل عبءٍ على الدولة وتقيدها في التوجه نحو تنمية مستدامة على مستوى الإقتصاد الكلي.       

  • معدل البطالة.

يحمل هذا المؤشر في طياته العديد من المتغيرات ذات الصلة بالنشاط الإقتصادي، حيث يمس بشكل مباشر متغيرات أخرى منها إستخدام عنصر العمل كمورد، دخل الفرد ، مستوى معيشة الأسرة لعنصر العمل ، الإنفاق على تعليم أفراد الأسرة ، توازن سوق العمل …. إلخ.

   إذ دخول عنصر العمل في البطالة ذلك يعني عدم إستخدام ذلك المورد في العملية الإنتاجية ، وكذلك ضياع دخله مصدر الإنفاق على أسرته. الأمر الذي يصاحبه تدني مستوى معيشة أفراد الأسرة والخدمات التعليمية والصحية التي كانوا يحصلون عليها، إضافة إلى إختلال توازن سوق العمل وآثاره السلبية التي تتحقق على مستوى الإقتصاد الكلي، وهو ما يدل على أن مؤشر معدل البطالة تزداد أهميته في إيضاح مدى قدرة الدولة على السير نحو التنمية المستدامة.     

    ويتم إحتساب معدل البطالة رياضياً بقسمة عدد الأفراد العاطلين على إجمالي القوى العاملة( العاملين + العاطلين ) 

   ( نسيبة،2007)، وعند زيادة معدل البطالة يعني زيادة نسبة الأفراد الذين لا يحصلون على فرصة عمل ، رغم قدرتهم على العمل وهم في سن العمل، وهذا من شأنه أن يؤثر سلباً على التنمية المستدامة.

   وتزداد الآثار السلبية لإرتفاع معدل البطالة في إقتصاديات الدول النامية في عدة حالات ، والتي يمكن إستنتاجها من الواقع الإقتصادي المُعاش وحصرها في بعض النقاط التالية:

1-عندما يكون العاطل ذو مؤهل علمي ومهارة وخبرة ، حيث تحملت الدولة الإنفاق عليه خلال فترة زمنية طويلة لإعداده ليتمكن مستقبلاً من الدخول في العملية الإنتاجية.

2- عدم الحصول على فرصة عمل في كثير من الحالات تؤدي إلى هجرة عنصر العمل إلى الخارج، مما يحرم الدولة المرسلة من الإستفادة منه مستقبلاً.

3- حالة تميز الإقتصاد المحلي بالندرة النسبية لعنصر العمل ( نقص عنصر العمل )، وفي نفس الوقت يرتفع فيه معدل البطالة، وهو يؤكد عدم قدرة الدولة بسياستها المتبعة من إستغلال المورد البشري في العملية الإنتاجية ، وهو ما يشير إلى سياسة توظيف غير مدروسة ، الأمر الذي يصاحبه تزايد معدل البطالة.

4-تزداد الآثار السلبية لإرتفاع معدل البطالة عندما يزداد الإستخدام للعمالة الأجنبية، وفي نفس الوقت يتميز الواقع الإقتصادي بندرة نسبية لعنصر العمل، وهو ما يعني تناقضات تدل على سوء الإستخدام لمورد عنصر العمل وعدم إعداده بالشكل الذي يمكنه من الدخول لسوق العمل والمشاركة في العملية الإنتاجية    .

    وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحالات السابقة تبرز بوضوح ضعف السياسات والبرامج التي ترسمها الدولة خاصة سياسة التوظف، والتي من نتائجها هدر المورد البشري الذي يُعد الركيزة الأساسية للتطور والبناء، وهذا بدوره ينعكس سلباً على سياسة التوجه نحو تنمية مستدامة تضمن حقوق أفراد المجتمع والمحافظة على الموارد بما يضمن حقوق الأجيال المستقبلية          .

  • معدل الإعالة.

 يلعب التركيب العمري للسكان دوراً مهماً في النشاط الإقتصادي، وهو يختلف من دولة لأخرى ، حيث بعض الدول تتميز بأن النسية الأكثر من السكان في سن العمل وضمن قوة العمل ،في حين دول أخرى نجد النسبة الأكثر من السكان صغار السن وكبار السن ، أي نسبة أكبر من السكان خارج قوة العمل، الأمر الذي يؤثر سلباً على النشاط الإقتصادي كنتيجة للدور الفعّال والحاسم لعنصر العمل في العملية التنموية.

    ومن هنا يلاحظ عندما يكون النسبة الأكبر من السكان خارج قوة العمل ، ذلك يزيد من العبء الإقتصادي على الدولة في تنفيد المشروعات التنموية، حيث جزء قليل من السكان يشارك في العملية الإنتاجية، في حين الجزء الأخر خارج القوى العاملة والذي يفسر وجود عدد قليل من القوى العاملة يعول عدد أكبر من السكان ، وهو ما يعبّر عنه بمعدل

الإعالة. حيث يعرّف معدل الإعالة بأنه العدد الكلي للأشخاص الصغار جداُ و الأشخاص الكبار جداًفي العمر مقسوماً على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ( 15-64) . ( www. Arageek.com/: 1 )والشكل الرياضي لذلك المعدل يأخذ الصيغة التالية :       

معدل الإعالة = عدد السكان صغار السن ( أقل من 15) + عدد السكان كبار السن ( 65 فما فوق)

                               إجمالي القوى العاملة ( عاملون + عاطلون)

ويلاحظ من الصيغة الرياضية لدرجة الإعالة أن المحدد الرئيسي لها هو الفئة العمرية للسكان، فكلما كانت نسبة السكان في سن العمل أكبر كلما قلت درجة الإعالة كنتيجة لزيادة الطاقة البشرية للدولة والمشاركة الأكثر للسكان في النشاط الإقتصادي.

   والعكس من ذلك عند وجود ظاهرة الفتوة السكانية بالمجتمع وتزايد عدد كبار السن، الأمر الذي يزيد العبء الإقتصادي على الدولة كنتيجة لضعف مشاركة السكان في العملية الإنتاجية التي ركيزتها الأساسية العنصر البشري، وهو ما يدفع بالدولة في كثير من الحالات إلى الإعتماد على العمالة الوافدة في تنفيد كثير من المشروعات التنموية، وهذا الحال يُعد من خصائص العديد من الدول النامية التي تعاني من ظاهرة الفتوة السكانية و الإنفجار السكان

المبحث الثاني-واقع مؤشرات التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي في المدة  ( 1990-2018) ومتطلباتها.

أولاً : مؤشرات التنمية المستدامة في ليبيا خلال فترة الدراسة.

        وبعد التطرق النظري لبعض مؤشرات التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة والتي تُعد من أبرز المؤشرات التي يمكن دراستها على واقع الإقتصاد الليبي في ضوء البيانات الإحصائية المنشورة ، الأمر الذي يمكن أن يعطينا مؤشراً على مدى تماشي  ( أو تعارض) توجه الدولة مع مفهوم التنمية المستدامة في واقع الإقتصاد الليبي ، وهو ما يتم دراسته في الفقرة الآتية :-

1 -الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإقتصاد الليبي في المدة ( 1990-2018).

  يعد الإقتصاد الليبي من الإقتصاديات النفطية، فهو يعتمد على قطاع النفط كمصدر أساسي ووحيد للدخل، الأمر الذي جعل الإنفاق الحكومي يرتبط بدرجة كبيرة بحجم الإيرادات النفطية، وهذا يوضح أن نمو الإقتصاد الليبي وتطوره يعتمد أساساً على ذلك المصدر ، الذي يتعرض للتذبذب من مدة لأخرى كنتيجة للتقلبات في أسعار النفط ، مما يجعل توجه الدولة للتنمية المستدامة ومدى نجاحها يرتبط أيضاً بواقع حالة الإنتاج النفطي وأسعاره. ولمعرفة مدى التغيرات والتذبذبات في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المؤشر للتنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي يستوجب تحليل الجدول الآتي :

جدول رقم ( 1 )

تطور الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الإقتصاد الليبي في المدة (1990-2018) م.د.ل

المصدر : مصرف ليبيا المركزي ، إدارة البحوث والإحصاء ، النشرة الإقتصادية لسنوات متعددة.

    ولتبسيط تحليل  الجدول السابق للوصول إلى أفضل النتائج المعبّرة عن الواقع الإقتصادي ، يتطلب تقسيم السلسة الزمنية إلى ثلاثة فترات والتي منها يمكن إستنتاج ما يلي :

  • خلال الفترة ( 1990-1999) نلاحظ وجود معدلات نمو سنوية ذو قيم موجبة وسالبة ، الأمر الذي يوضح التذبذب في حجم الناتج المحلي الإجمالي في الإقتصاد الليبي، الأمر الذي يصاحبه آثار سلبية على العديد من المتغيرات الأخرى ( دخل الفرد ، الإنفاق ، الإستثمار ، الخدمات ….إلخ) والذي يُعزى بالأساس إلى إستمرارية الإقتصاد الليبي أُحادي القطاع رغم السياسات التي أتبعتها الدولة المتبلورة في وضع العديد من الخطط التنموية، والتي هدفت جميعها إلى تقليل الإعتماد على النفط مع تنمية الأنشطة الإقتصادية الإنتاجية والخدمية الأخرى، وهو يعني أن الدولة أستمرت في إستنزاف مورد النفط كمصدر أساسي للدخل دون تحقيق تنمية مستدامة تذكر بتنمية الأنشطة الإقتصادية على مستوى الإقتصاد الكلي.

و يلاحظ في المدة( 1990-1999) أن حجم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ 44257.1 م.د.ل للعام 1990 في حين بلغ 47336.9 م.د.ل للعام 1999 محققاً مدل نمو متوسط للمدة ( 1990-1999) بلغ مقداره 0.869 % وهو يُعد منخفض ، مما يبرز تدني الإستفادة من الإيرادات النفطية في الرفع من معدلات النمو الإقتصادي في الأنشطة الإنتاجية والخدمية وإخفاق السياسات الإقتصادية في تقليل الإعتماد على مورد النفط.

  • في المدة ( 2000-2010) نلاحظ إستمرارية التذبذب في حجم الناتج والتي تعكسه معدلات النمو السنوية التي تتغير قيمتها بالزيادة والإنخفاض، الأمر الذي يؤكد إستمرارية الإقتصاد الليبي بسياساته المختلفة على نفس الوتيرة للفترة   ( 1990-1999) رغم تمتعه بالإستقرار الأمني وتحسن أسعار النفط العالمية لبعض السنوات خلال الفترتين، والتي يُفترض أن تحقق آثار إيجابية على مستوى الإقتصاد الكلي بما يخدم مصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية.

    كما يتبين من الجدول في المدة ( 2000-2010) تزايد حجم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 49454.9 م.د.ل للعام 2000 إلى 76191.5 م.د.ل للعام 2010 محقق معدل نمو متوسط للمدة ( 2000-2010) بلغ قدره 4%، مما يعكس رغم التذبذب إلا أن هناك تحقق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي والذي يُعزى للعديد من العوامل منها ( أبوخريص ،2010-2011: 138)زيادة الصادرات النفطية وتسوية الأزمات السياسية للدولة مع الخارج وإنتهاء العقوبات الإقتصادية المفروضة على الدولة.

  • ج‌-    في المدة  ( 2011 -2018 ) يلاحظ حدوث إنخفاض في حجم الناتج المحلي الإجمالي ، إذ  بلغ 27287.4 م.د.ل للعام 2011 بمعدل نمو سنوي (-)64% مقارنة بالعام 2010، والذي يرجع إلى الأحداث التي شهدتها الدولة في عام 2011 وما تبعها من عدم إستقرار سياسي وأمني وتوقف إنتاج النفط في العديد من الحقول النفطية, والذي آثر سلباً على حجم الناتج المحلي الإجمالي وبشكل ملحوظ  في المدة (2011-2018).

     ومما سبق يمكن أن نصل إلى نتيجة مفادها حدوث تدني في حجم الناتج المحلي الإجمالي وتذبذبه من مدة لأخرى ، الذي يمكن توضيحه  بشكل أكثر بإستخدام البرنامج الإحصائي Eviews 9  عن طريق الرسم البياني التالي.                   

شكل رقم ( 1 )

تطور الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الإقتصاد الليبي في المدة (1990-2018)

    يتبين من الشكل وبوضوح التذبذب في الناتج المحلي الإجمالي مع الإنخفاض الحاد في الفترة الأخيرة  ( 2011-2018)، وهو ما يعكس تدني الأداء الإقتصادي للدولة ، الأمر الذي لا يتماشى مع توجه الدولة لتحقيق التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي بما يخدم الأجيال الحاضرة والمستقبلية.

2 – تطور نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الإقتصاد الليبي في المدة (1990-2018).

   هدفت الدولة الليبية  من خلال السياسات و الإستراتيجيات المختلفة  إلى ضمان دخل للفرد يضمن له حياة كريمة، ويكون قادراً على توفير متطلبات الحياة الكريمة لأفراد أسرته، وهو ما يعكس رغبة الدولة في التوجه للتنمية المستدامة . إلا أن تحقيق ذلك الهدف كان معتمداً على مورد ناضب ( النفط ) الذي يتأثر بالتقلبات الخارجية ، الأمر الذي صاحبه تأثر متوسط دخل الفرد بواقعه، ولمعرفة مدى إرتباط نصيب الفرد من الناتج بالتغيرات الحاصلة فيه نقدم الجدول الأتي:-

جدول رقم ( 2 )تطور نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الإقتصاد الليبي في المدة (1990-2018

المصدر : – مصرف ليبيا المركزي ، إدارة البحوث والإحصاء ، النشرة الإقتصادية لسنوات متعددة

  • مصرف ليبيا المركزي ، التقرير السنوي لسنوات متعددة.

ومن الجدول السابق يمكن التوصل إلى الحقائق الآتية  :

  • في المدة  ( 1990-1999 ) تذبذب متوسط دخل الفرد بين الزيادة والإنخفاض ، إذ  بلغ 913.68 دينار للعام 1990 وفي العام 1999 بلغ 874.08 دينار، الأمر الذي جعل معدل النمو المتوسط للمدة ( 1990-1999) ذو قيمة سالبة بلغ ( – ) 0.27% وهذا يعكس تدني المستوى المعيشي لأفراد المجتمع كنتيجة لإنعكاسات التقلبات في الناتج المحلي الإجمالي المصاحبة للتقلبات في إنتاج  وصادرات النفط.
  • ب‌-  عبر المدة ( 2000-2010 ) نلاحظ التطور النسبي في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مع تعرضه للتذبذب أيضاً، والذي يتبين من القيم السالبة للمعدلات النمو السنوية على الرغم من زيادة نصيب الفرد من الناتج والذي بلغ 1249 دينار للعام 2010.

نلاحظ  في المدة ( 2011-2018 ) حدوث إنخفاض في نصيب الفرد من الناتج ، إذ  بلغ 705.95 دينار للعام 2018 مسجلاً إنخفاض بنسبة ( – ) 22% مقارنة بالعام 1990، وهذا يبرز بوضوح تأثر الإقتصاد الليبي بتوقف إنتاج النفط  نتيجة للأزمة التي تعيشها الدولة الليبية، وهذا يعطي مؤشرا على تدني واقع التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي، ويمكن بيان التغيرات الحاصلة في نصيب الفرد من الناتج  بالرسم البياني الأتي :

شكل رقم ( 2 )

تطور نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الإقتصاد الليبي في المدة  (1990-2018)

  ونلاحظ أن الرسم البياني يعكس بوضوح التذبذب الحاصل في نصيب الفرد من الناتج لاسيما في المدة  ( 2011-2018 ) وهو ما يتفق مع التغيرات الحاصلة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي التي سبق الإشارة لها، مما جعل هذا الشكل البياني يكاد يقترب من التطابق التام مع الشكل رقم (1)، مما يعكس الأثار السلبية والخطيرة في حالة إستمرارية الإقتصاد الليبي أُحادي القطاع.

    ولهذا يتطلب من الدولة أن تضع السياسات التي من شأنها أن تقلل من التقلبات في الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بالتوجه إلى نمو الأنشطة الإقتصادية والإنتاجية والخدمية و الإعتماد على الموارد المتجددة ، بما يضمن تنمية مستدامة تلبي إحتياجات أفراد المجتمع دون المساس بحقوق الأجيال المستقبلية.

3-النمو السكاني في الإقتصاد الليبي في المدة ( 1990-2018 )

     يتمتع الإقتصاد الليبي بخاصية الندرة النسبية لعنصر العمل ، الأمر الذي جعله يزيد من إعتماده على العمالة الأجنبية في تنفيد المشروعات التنموية، مما دفع بالدولة إلى الإهتمام بوضع السياسات والبرامج التي من شأنها أن تسهم في الرفع من معدل نمو السكان الليبيين، إلا أن الواقع عكس ذلك، حيث تؤكد البيانات الرسمية حدوث إنخفاض في معدل النمو للسكان الليبيين.، إذ بلغ النمو للسكان الليبيين بين تعدادي ( 1984-1995) ما مقداره 2.8% الذي إنخفض إلى 1.78% بين تعدادي        ( 1995-2006) ( التوثيق والمعلومات،2010)

    والجدير بالإشارة هنا ولغرض المقارنة بمعدل النمو للسكان الليبيين قبل فترة الدراسة الحالية تؤكد البيانات المنشورة أن بين تعدادي ( 1973-1984) كان معدل النمو للسكان اللبيين 4.21% وهو يُعد أعلى معدلات النمو في العالم (الفيتوري، 2002: 17)، وهذا يؤكد أن معدل النمو للسكان الليبيين خلال فترة الدراسة يأخذ شكل تنازلي يمكن توضيحه بالرسم البياني الآتي:-

شكل قم ( 3 )

معدل النمو للسكان الليبيين

   ويؤكد الرسم البياني الوضع التنازلي لمعدل النمو للسكان الليبيين والذي يتوقع أن يكون الإنخفاض أكبر من ذلك في المدة    ( 2011-2018)، كنتيجة للأزمة التي تعيشها البلاد و إنعكاساتها من حروب وجرائم قتل وسوء الأحوال المعيشية و الإقتصادية وعدم الإستقرار السياسي، وكل ذلك لا يتماشى مع التوجه نحو تنمية مستدامة على مستوى الإقتصاد الكلي.

4 – معدل التضخم في الإقتصاد الليبي في المدة  ( 1990-2018)

  أولت الدولة الليبية إهتماماً ملحوظاً بطاهرة التضخم إدراكاً منها لما لها من آثار سلبية على المستوى المعيشي لأفراد المجتمع، وتبلور ذلك الإهتمام بوضع البرامج والسياسات للحد من إرتفاع الأسعار ، إلا أن ظاهرة التضخم كثيراً ما تكون إجبارية الحدوث دون جدوى ، حيث يختلف واقعها من إقتصاد لأخر من حيث حجمها ومدى إستمراريتها ، ولمعرفة مدى التغيرات الحاصلة في المستوى العام للأسعار في الإقتصاد الليبي نعرض الجدول الأتي:    

جدول رقم ( 3 )   

تطور معدل التضخم في الإقتصاد الليبي في المدة  ( 1990-2018)

                    المصدر : مصرف ليبيا المركزي ، إدارة البحوث والإحصاء ، النشرة الإقتصادية لسنوات متعددة

  ومن الجدول السابق يمكن أن نستنتج ما يأتي:

  • يتبين من الجدول في المدة  ( 1990-1999) إرتفاع معدل التضخم حيث بلغ أقصى معدل له 14.5% للعام 1994 ، وهو ما يؤثر سلباً على أفراد المجتمع ، خاصة ذوي الدخل المحدود والبعض يرى أن سبب ذلك يرجع للضغوطات الخارجية والعقوبات الإقتصادية المفروضة على الإقتصاد الليبي بقرار مجلس الأمن رقم 748 لسنة 1992   ( الزني ، 1423م: 2)
  • ب‌-  في المدة  ( 2000-2010) والتي شهدت إنفراج في السياسة الخارجية وتحسن العلاقات مع الخارج ، نلاحظ حدوث تدني في معدلات التضخم مقارنة بالفترة السابقة ، وهو ما يسهم في تحقيق آثار إيجابية على أفراد المجتمع ومستوى الإقتصاد الكلي ، رغم إرتفاعه عام 2008 ، حيث بلغ 10% المصاحب للأزمة المالية العالمية.

ج- يلاحظ في المدة  ( 2011-2018) والتي يفتقر فيها الإقتصاد الليبي للأمن والإستقرار السياسي تفاقم مشكلة التضخم، حيث بلغ دروته بمعدل 28.5%. الأمر الذي يؤشر على تدني الأوضاع الإقتصادية وسوء معيشة أفراد المجتمع ، خاصة ذوي الدخل المحدود ومن لا دخل لهم مما يجعلهم يعيشون تحت خط الفقر.

   وبشكل عام يمكن أن نصل إلى أن معدل التضخم عبر  مدة  الدراسة ( 1990-2018) يزيد عن الحد الذي يمكن قبوله والسماح بع في الإقتصاد، وهو ما يؤشر على سوء حال التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي ، ويمكن توضيح الإرتفاع والتذبذب في معدلات التضخم في الإقتصاد الليبي بالرسم البياني الآتي:

شكل رقم (4)

يوضح تطور معدلات التضخم في الإقتصاد الليبي للمدة (1990-2018)

   والشكل البياني يعكس وبشكل واضح الإرتفاع الحاد لمعدل التضخم في الفترة الأخيرة من الدراسة ، مما يؤكد تدهور واقع التنمية المستدامة في ليبيا ، الأمر الذي يتطلب من الدولة وضع السياسات اللازمة للحد من ظاهرة التضخم.

5- معدل البطالة في الإقتصاد الليبي للسنوات ( 1998-2018)(*)

    تُعد ظاهرة البطالة عالمية موجودة في كافة الإقتصاديات ، إلا أن نوعها ومعدلها يختلف من دولة لأخرى ، نتيجة للعديد من العوامل ووجودها في الإقتصاد الليبي وبمعدل عالٍ من المتناقضات، نظراً لخاصية الندرة النسبية في الإقتصاد الليبي مع التوسع في إستخدام العمالة الوافدة . ولمعرفة واقع البطالة في الإقتصاد الليبي إستناداً على ما توفر من إحصائيات منشورة نعرض الجدول التالي

جدول رقم ( 4)

معدل البطالة في الإقتصاد الليبي في المدة  ( 1990-2018 )


(*)  نتيجة لعدم توفر إحصائيات عن معدل البطالة في الإقتصاد الليبي قبل العام 1998 وهو ما جعل الإعتماد على  المدة ( 1998-2018) التي تتوفر عنها بيانات منشورة من الجهات الرسمية.

المصدر- منظمة الدول الإسلامية / ليبيا بالأرقام ) فئة الحسابات القومية/ العمل / التمويل / مالية.                    .                                                                 – الموقع الإلكتروني التالي: Data.alban;aldawli.org/indicator

 وإعتماداً على الجدول السابق يمكن معرفة واقع البطالة وتطورها في الإقتصاد الليبي على النحو الأتي:

  • أخذ معدل البطالة في الإقتصاد الليبي إتجاه متزايد ( تصاعدي ) ، حيث بلغ 5.4%للعام 1998، والذي قفز إلى معدلات تتراوح بين 18% إلى 20% لباقي سنوات الدراسة، وهو يزيد بكثير عن المعدل المسموح به في الإقتصاد      ( 4%) وهو ما يزيد من خطورة مشكلة البطالة لما يصاحبها من آثار سلبية على مستوى معيشة شريحة من المجتمع ، والذي ينعكس سلباً على واقع التنمية المستدامة في ليبيا.
  • ب‌-  يزداد بروز مشكلة البطالة في الإقتصاد الليبي وبشكل أكبر عند المقارنة بمعدلات البطالة في إقتصاديات أخرى ، حيث بلغ معدل البطالة على سبيل المثال في ( السعودية ،مصر ، الجزائر ، فرنسا، النرويج ، بريطانيا) على التوالي ما مقداره    ( 5.6% ، 9% ، 9.8% ، 9.9% ، 3.1% ، 7.2%) ( الأمم المتحدة،2014)، وذلك للفترة 2004-2013 وهو ما يبرهن أن الإقتصاد الليبي يعاني من تفاقم مشكلة البطالة وما تحمله في طياتها من دلالات سلبية تعكس إخفاق الدولة بسياساتها المختلفة عن الإلحاق بركب الدولة المتوجه نحو التنمية المستدامة، التي تضمن حياة كريمة لأفراد المجتمع دون إستنزاف الموارد والتأثير على مصلحة الأجيال المستقبلية.

6- معدل الإعالة في الإقتصاد الليبي خلال الفترة ( 1990-2018)

   يتسم هيكل السكان في الإقتصاد الليبي بظاهرة الفتوة السكانية ، حيث تصل نسبة السكان صغار السن (   42.3 %) ( وزارة التخطيط،2012)للعام 2012، وهو ما يبرز تزايد العبء الإقتصادي على السكان النشيطين إقتصادياً ( قوة العمل) .

    وبعبارة أخرى السكان الذين ضمن قوة العمل يعولون جزء أكبر من السكان ، وهو ما يعني إرتفاع معدل الإعالة في الإقتصاد الليبي. ولمعرفة مدى العبء الإقتصادي وتغيراته من فترة لأخرى نعتمد على البيانات الرسمية في الجدول التالي :

جدول رقم ( 5)معدل الإعالة في الإقتصاد الليبي  في المدة ( 1990-2018)

المصدر الموقع الإلكتروني التالي: Data.alban;aldawli.org/indicator

  ومن الجدول السابق يمكن إستنتاج ما يأتي.

  • بلغ معدل الإعالة في الإقتصاد الليبي 81.36% للعام 1990 وهو ما يعني تزايد العبء الإقتصادي على قوة العمل، حيث كل عامل من القوى العاملة يعول 81 فرد من السكان الذين خارج قوة العمل ، ونتيجة للحركة العمرية للسكان نلاحظ إنخفاض معدل الإعالة إلى 62.16% للعام 1999، إلا أنه يُعد مرتفعاً، الأمر الذي دفع بالدولة إلى زيادة الإعتماد على العمالة الأجنبية لتعويض النقص في سوق العمل الليبي، إذ بلغ إستخدام العمالة 179.9الف عامل لتلك الفترة ( مجلس التخطيط ، 2001: 82-83).
  • ب‌-  إستمرار معدل الإعالة في الإنخفاض إذ بلغ 49.09% للعام 2010، 48.61% للعام 2018، الأمر الذي يبرز أن معدل الإعالة في الإقتصاد الليبي خلال الفترة الكلية للدراسة (1990-2018) أخذ إتجاه تنازلي ، إلا أنه يعتبر مازال مرتفعاً مما يعكس حقيقة العبء الإقتصادي على شريحة السكان النشيطين إقتصادياً، وذلك الوضع يتبين بوضوح عند مقارنته بإقتصاديات أخرى فمثلاً معدل الإعالة في كل من (  تونس ، مصر ، الكويت، فرنسا، بريطانيا) بلغ على التوالي (31.2 ، 25.8 ، 29.7 ، 41.0 ، 27.4 ) ( الأمم المتحدة ، 2014).

ومما سبق يمكن أن نصل إلى أن معدل الإعالة في الإقتصاد الليبي يُعد مرتفعاً ، الأمر الذي يتطلب من الدولة وضع سياسات سكانية مناسبة تكون في خدمة التوجه نحو التنمية المستدامة.

7- نسبة الإنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي في الإقتصاد الليبي.

   يعتبر مؤشر الإنفاق على التعليم و الإهتمام به هو الفارق الجوهري والكبير بين الدول النامية والمتقدمة، حيث يُعزى التطور الحاصل في الدول المتقدمة إلى إهتمامها المتزايد والملحوظ بالتعليم إدراكاً منها بدوره الفعّال في الرفع من معدلات النمو وتحقيق التنمية المستدامة، ولمعرفة مدى واقعية ذلك المؤشر في الإقتصاد الليبي و بالإعتماد على ما توفر من بيانات نعرض الجدول التالي:-

جدول رقم ( 6 )نسبة الإنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي في الإقتصاد الليبي للسنوات  (1990-2007)

السنوات نسبة الإنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي السنوات نسبة الإنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي
1990 0.14 1999 0.22
1991 0.15 2000 0.52
1992 0.11 2001 0.36
1993 0.04 2002 1.3
1994 0.07 2003 0.5
1995 0.11 2004 0.7
1996 0.14 2005 0.9
1997 0.10 2004 0.7
1998 0.12 2007 1.15

المصدر: مجلة البحوث العلمية / جامعة افريقيا للعلوم الإنسانية والتطبيقية ، طرابلس ، ليبيا، العدد الثالث ، 2017 ، ص 144-145.

  ومن واقع البيانات الإحصائية التي أمكن توفيرها للسنوات ( 1990-2007) عن الإنفاق على قطاع التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في الإقتصاد الليبي ، نلاحظ أن جُل السنوات منها تبين أن حجم الإنفاق على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أقل من 1%، وهو يعتبر منخفض جداً عند المقارنة بواقع الإنفاق على التعليم في دول أخرى ، فمثلاً كان في  ( السعودية ، تونس، فرنسا، النرويج، بريطانيا) على التوالي ما نسبته( 5.6% ، 6.2% ، 5.9% ، 6.9% ، 5.6%) للفترة ( 2005-2012) ( الأمم المتحدة ، 2014)، وذلك الحال يبرز تدني الإهتمام بإعداد العنصر البشري في الإقتصاد الليبي ، وهو مؤشر يتعارض وبشدة مع التوجه نحو التنمية المستدامة.

  والجدير بالذكر هنا أن إهتمام الدول بزيادة الإنفاق على التعليم سوف تجني ثمار ذلك رغم طول فترة التفريخ لذلك الإستثمار، وهو ما تعيشه الآن الدول المتقدمة من قفزات في نموها وتطورها في حين الدول التي أهملت قطاع التعليم بمراحله المختلفة تعاني من تدني إنتاجها وتخلفها عن الركب المتقدم في إتجاه التنمية المستدامة، مما ينذر بواقع إقتصادي سيئ لأفراد مجتمعاتها متمثل في سوء الخدمات الصحية والتعليمية وإنخفاض مستوى الدخل ومستوى الرفاهية ، مع التوسع في إستنزاف الموارد دون تحقيق الجدوى الإقتصادية منها. الأمر الذي يلحق الضرر حتى بالأجيال المستقبلية.

ثانياً – متطلبات التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي.

  نظراً لضيق المساحة ومحدوديتها للورقة البحثية نكتفي بالتركيز على الجوانب الرئيسية التي تُعد العمود الفقري لإنجاح عملية التوجه نحو التنمية المستدامة، والتي يمكن حصرها في النقاط التالية:

  • توفير الأمن و الإستقرار السياسي على مستوى الدولة ودستور يلزم النُخب السياسية بإحترام وتقدير حرية الشعب دون اللجوء إلى الفوضى الفكرية والأخلاقية المقننة في كثير من الحالات.
  • ب‌-  آلية لإيجاد إرادة سياسية صادقة وفعًالة للتوجه إلى البناء الحقيقي للإقتصاد الليبي بما يساعد في التوجه نحو التنمية المستدامة.
  • ج‌-    توعية أفراد المجتمع وإحياء رغبتهم في التوجه نحو العمل التنموي واللحاق بركب المجتمعات المتطورة.
  • د‌-      تكوين رأس المال البشري اللازم كمدخل أساسي للعملية التنموية المستدامة.

ونظراً للأهمية البالغة للجوانب الأربعة السابقة الذكر في التوجه نحو التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي ، تم حصرهم من قِبل الباحثين فيما أطلقا عليه بمصفوفة التنمية المستدامة على النحو الآتي.

          المصدر: من إعداد الباحثين                     الشكل رقم (5)

متطلبات التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي

     وتجدر الإشارة هنا إلى أن غياب أحد العناصر في المربع السابق ذلك يجعل هدف تحقيق التنمية المستدامة بعيد المنال في الإقتصاد الليبي ، ويُعزى ذلك إلى حقيقة الواقع الذي ندركه ونعيشه في بلادنا، لذا تدعوا الحاجة الضرورية إلى الحرص التام من قِبل الدولة ومؤسساتها على توفير تلك العناصر حتى يمكن التوجه نحو التنمية المستدامة في ضوء الموارد المتاحة التي تسمح بذلك في حالة إستخدامها بشكل رشيد وعقلاني وبما يخدم الأجيال الحالية دون الضرر بالأجيال المستقبلية.

الخاتمة:

   وبعد دراسة واقع التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي في مدة الدراسة (1990-2018) إعتماداً على البيانات الرسمية المنشورة التي إستخدمت في قياس بعض المؤشرات ، مع التوضيح بالرسم البياني عند الضرورة باستخدام البرنامج الإحصائي Eviews ، يمكن ختام هذه الورقة البحثية بمجموعة من النتائج والتوصيات :

أولاً : النتائج

1- التدني الواضح في حجم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وتذبذبه في مدة لأخرى، مما يعكس تدني الأداء الإقتصادي للدولة وهو لا يتماشى مع التوجه لتحقيق التنمية المستدامة بما يخدم الأجيال الحاضرة والمستقبلية.

2-الإنخفاض والتذبذب في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يبرز تأثر الإقتصاد الليبي بتوقف إنتاج النفط في السنوات الأخيرة والذي ينعكس سلباً على مستوى معيشة أفراد المجتمع الليبي وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، مما يعطي مؤشراً على تدني واقع التنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي.

3- إنخفاض معدل النمو للسكان اللبيين من 4.21% إلى 1.78% لفترة الدراسة.

4- إرتفاع معدل التضخم الذي بلغ 28.5% للعام 2017م.، مما يؤكد إنخفاض الدخل الحقيقي للمواطن وتدني قدرته الشرائية ومستوى رفاهيته .

5- معدل البطالة أخد إتجاه تصاعدي ، إذ تتراوح معدلاته من 18 % إلى 20% خلال سنوات الدراسة ، وهو يزيد عن المعدل المسموح به في الإقتصاد ، وهو ما يعكس هدر المورد البشري الذي يُعد أحد المدخلات الرئيسية في العملية التنموية.

  1. ارتفاع معدل الإعالة في الإقتصاد الليبي والذي تتراوح نسبته بين 50% إلى 80%، الأمر الذي يزيد العبء الإقتصادي على الدولة وإنخفاض الإنتاج.

ثانياً: التوصيات.

   بناءً على ما تم التوصل إليه من نتائج واقعية للتنمية المستدامة في الإقتصاد الليبي ، وإسهاماً من الباحتين في النهوض بالإقتصاد الليبي للتوجه نحو التنمية المستدامة أسوة بالدول الأخرى نقدم عدد من التوصيات من أبرزها ما يأتي:

1- العمل على توفير الأمن و الإستقرار السياسي للدولة لما له من أهمية بالغة لتحقيق التنمية المستدامة.

2- ضرورة التعاون والشراكة بين إقتصاديات الدول العربية للإسراع في نجاح التنمية المستدامة ومواجهة زمن التكتلات الإقتصادية.

3-العمل على تطبيق التشريعات القانونية التي تضمن وتنظم الشراكة مع المستثمرين الأجانب بما يحقق المصالح المتبادلة للطرفين.

4- ضرورة التوجه السريع لتكوين رأس المال البشري اللازم للعملية التنموية عن طريق  إعطاء أولوية لقطاع التعليم.

المراجع :

أولاً: الكتب

  1. أحمد ، السيد محمد أحمد (2009). التجارة الخارجية .الإسكندرية: الدار الجامعية.
  2. أمين ، عبد الوهاب ( 2000) . التنمية الإقتصادية . الرياض : دار الحافظ.
  3. الدجيلي ، قاسم عبد الرضا- الفرجاني ،علي عبد العاطي (2001).الإقتصاد الكلي   النظرية والتحليل : منشورات ELGA مالطا.
  4. الوزاني، خالد واصف – الرفاعي ، أحمد حسين (2005). مبادئ الإقتصاد الكلي . ( ط 7).عمان، الأردن: دار وائل للنشر.
  5. القريشي، مدحت ( 2007). إقتصاديات العمل . (ط1 ). عمان ، الأردن : دار وائل للنشر.
  6. القريشي ،مدحت (2007). التنمية الإقتصادية   نظريات وسياسات وموضوعات. عمان ، الأردن : داروائل للنشر.
  7. النسور، إياد عبد الفتاح ( 2013). المفاهيم والنظريات الإقتصادية الحديثة – التحليل الإقتصادي الجزئي والكلي. (ط1). عمان، الأردن : دار صفاء للنشر والتوزيع.
  8. بوديان ،سليمان ( 1996 ).  إقتصاديات النقود والبنوك . ( ط1 ). بيروت : المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.
  9. حلاوة ،جمال – صالح، علي ( 2009) . مدخل إلى علم التنمية . عمان ، الأردن : دار الشروق للنشر والتوزيع.
  10. شعباني، إسماعيل( بدون سنة نشر). نظريات التنمية   نظريات التنمية والنمو – إستراتيجيات التنمية .( ط2 ).الجزائر : دار هومة.
  11. قانة، إسماعيل محمد (2012). إقتصاد التنمية  نماذج ، إستراتيجيات . عمان ، الأردن: دار أسامة للنشر والتوزيع.
  12. نسيبة ، حازم( 2007).  السياسة الإقتصادية .( ط1 ). معهد كيتو: الأهلية للنشر والتوزيع بالتعاون مع مصباح الحرية.

ثانياً : الدوريات

  1. أبوخريص، هدى محمد ( 2010/2011 ) . الإنفاق الحكومي على رأس المال البشري وأثره على النمو الإقتصادي في ليبيا .  أطروحة دكتوراه ( غير منشورة): جامعة دمشق ، سوريا.
  2. الأمم المتحدة ( 2014 ). تقرير التنمية البشرية . جدول رقم 11.
  3. الزني، عبد الباري شوشان( 1423ه) . قياس اتجاهات التضخم في الإقتصاد الليبي خلال الفترة (1964-1992) . طرابلس ،ليبيا: أمانة اللجنة الشعبية العامة للتخطيط والمالية ( سابقاً).
  4. الهيئة العامة للمعلومات (2010 ).الكتاب الإحصائي . الهيئة العامة للمعلومات . طرابلس ليبيا.
  5. جمعة، صلاح الدين إنبيه ( 2017). التنمية البشرية في الإقتصاد الليبي خلال الفترة (1990-2007)، ( العدد الثالث). السنة الثانية . جامعة أفريقيا للعلوم الإنسانية والتطبيقية: مجلة البحوث العلمية.
  6. 6.      مصرف ليبيا المركزي ( 2000) . النشرة الإقتصادية.  إدارة البحوث والإحصاء : (المجلد 40).طرابلس ، ليبيا.
  7. مصرف ليبيا المركزي ( 2002) . النشرة الإقتصادية .  إدارة البحوث والإحصاء: (المجلد 42 ) .طرابلس ، ليبيا.
  8. 8.      مصرف ليبيا المركزي ( 2005) . النشرة الإقتصادية .  إدارة البحوث والإحصاء : (المجلد  45). طرابلس ، ليبيا.
  9. مصرف ليبيا المركزي ( 2010) . النشرة الإقتصادية . إدارة البحوث والإحصاء : (المجلد50 ). طرابلس ، ليبيا.
  10. مصرف ليبيا المركزي ( 2012) .النشرة الإقتصادية . إدارة البحوث والإحصاء :(المجلد 52 ). طرابلس ، ليبيا.
  11. مصرف ليبيا المركزي ( 2019) .النشرة الإقتصادية . إدارة البحوث والإحصاء :(المجلد59 ). طرابلس ، ليبيا.
  12. مصرف ليبيا المركزي  ( 1999 ) . التقرير السنوي  الثالث والأربعون . إدارة البحوث والإحصاء. طرابلس ، ليبيا.
  13. مصرف ليبيا المركزي  ( 2002 ) . التقرير السنوي  السادس والأربعون . إدارة البحوث والإحصاء. طرابلس ، ليبيا.
  14. مصرف ليبيا المركزي  ( 2004 ) . التقرير السنوي  الثامن والأربعون . إدارة البحوث والإحصاء. طرابلس ، ليبيا.
  15. مصرف ليبيا المركزي  ( 2010) . التقرير السنوي  الرابع والخمسون . إدارة البحوث والإحصاء. طرابلس ، ليبيا.
  16. مصرف ليبيا المركزي  ( 2013) . التقرير السنوي  السابع والخمسون . إدارة البحوث والإحصاء. طرابلس ، ليبيا.
  17. مصرف ليبيا المركزي  ( 2014 ) . التقرير السنوي  الثامن والخمسون . إدارة البحوث والإحصاء. طرابلس ، ليبيا.
  18. منظمة الدول الإسلامية / ليبيا بالأرقام ) فئة الحسابات القومية/ العمل / التمويل / مالية.
  19. مجلس التخطيط العام ( 2001 ) . الحسابات القومية ، ( 1986-1999) . إدارة شؤون الخطط والبرامج . طرابلس ، ليبيا. منشورات .
  20. وزارة التخطيط ، مصلحة الإحصاء والتعداد ( 2012) . مسح التشغيل والبطالة للعام 2012. طرابلس ، ليبيا.

ثالثاً: المواقع الإلكترونية

1-الموقع الإلكتروني التالي: Data.alban;aldawli.org/indicator

2-المصدر الموقع الإلكتروني التالي: Data.alban;aldawli.org/indicator

3-ما المقصود بمعدل الإعالة https: // www. Arageek.com// p1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *