عبد الإله لخزاز

جامعة محمد الخامس، كلية علوم التربية، الرباط.

lakhzaz.abdelilah1992@gmail.com

الملخص

عرف العالم، بعد انتشار كوفيد-19، مجموعة من التغييرات التي أثرت على تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها حضوريا. خصوصا وأن المتعلمين القادمين من الدول الأوروبية والأمريكية والأسوية إلى البلدان العربية، لتعلم اللغة، تم إجلاؤهم إلى مواطنهم الأصلية. وقد خلف هذا الوضع توقف العديد من برامج تعليم اللغة العربية في العديد من المعاهد والمراكز والجامعات، العالمية بصفة عامة والعربية بصفة خاصة. وقد كان لزاما على كل المراكز والمعاهد والجامعات التي لم تنه برامج تعليم اللغة العربية التي بدأتها حضوريا أن تسترسل في إتمامها عن بعد (Online)، باستعال تطبيقات ومنصات ومواقع إلكترونية مختلفة، منها ما هو خاص ومنها ما هو حكومي. لكن الواقع الذي باتت فيه أغلب المراكز والمعاهد التي تعتمد التعليم الحضوري فقط، هي افتقارها للتجربة في مجال التعليم عن بعد. وأن أغلب مدرسيها ليس لديهم تكوين في مجال التعليم الإلكتروني من ذي قبل، كما لا تتوفر على الوسائل الإلكترونية المناسبة. الشيئ الذي وضعهم أمام تجربة جديد، تختلف فيها آليات التفاعل اللغوي ووسائل وطرائق التدريس واستراتيجيات التعلم وغيرها من الجوانب البيداغويجية التي اعتادوها في التدريس الحضوري. وأمام هذه الإشكاليات، يبقى السؤال الذي يقتضي منا المعالجة هو ما مستقبل تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد، ما بعد كوفيد-19؟ وبناء على معالجتنا لإشكالية البحث، وجدنا أن مستقبل تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بعد كوفيد-19 لن يبق سجين التعليم الحضوري وإنما ستتبنى أغلب الهيئات المصدرة للمتعلمين إلى البلدان العربية آلية التعلم عن بعد، بشكل كبير، خصوصا في المراحل المتوسطة والمتقدمة وستتقلص أغلب البرامج الموجهة للمؤسسات.

الكلمات المفاتيح: مستقبل – اللغة العربية لغة ثانية- كوفيد-19

The Future Of Teaching Arabic As A Foreign Language After Covid- 19

Lakhzaz Abdelilah

Virus Covid-19 led to the closure of institutions in most countries of the world, especially Arab countries. This has resulted in incomplete programs for teaching Arabic to non-native speakers. To complete the programs, these institutes have created online classes. But the problem is that these institutes have no experience in the field of online teaching. Also, teachers have no training in e-teaching, and institutions do not have good techniques to activate online teaching. But she got into the experiment. We have concluded through research that the future of Arabic language teaching for non-native speakers will be based on online teaching. In contrast, programs will shrink

Keywords: Future – Arabic is a foreign language – Covid-19

مقدمة

عرف العالم، بعد انتشار فايروس كوفيد 19 المستجد، مجموعة من التغييرات التي أثرت على تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها حضوريا. خصوصا وأن المتعلمين القادمين من الدول الأجنبية إلى البلاد العربية، لتعلم اللغة، تم إجلاؤهم إلى مواطنهم الأصلية. وقد خلف هذا الوضع توقف العديد من برامج تعليم اللغة العربية، في العديد من المعاهد والمراكز والجامعات العالمية. وقد كان لزاما على كل المؤسسات، التي لم تنه برامج تعليم اللغة العربية، التي بدأتها حضوريا، أن تسترسل في إتمامها، بصيغة تتوافق مع المستجدات التي خلفها الفايروس. وهكذا، تم اللجوء إلى التعليم عن بعد (Online)، من خلال استعمال تطبيقات ومنصات ومواقع إلكترونية مختلفة، منها ما هو خاص ومنها ما هو حكومي.

ومن المؤكد أن عملية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد، كانت منتشرة بشكل لا بأس به قبل الحالة الوبائية المستحدثة، إذ تقوم مجموعة من المواقع الإلكترونية والشركات والمؤسسات، بتنظيم برامج تعليم اللغة العربية عن بعد، بشكل يمكن المتعلمين من تتبع الدروس والتفاعل مع المدريسن. وكان لزاما على هذه تلك المؤسسات أن تتوفر على مدرسين معتمدين لهذا النوع من التعليم. لكن أغلب المراكز والمعاهد التي تعتمد التعليم الحضوري، تفتقر إلى هذه الآلية. وأن أغلب مدرسيها ليس لديهم تكوين في مجال التعليم الإلكتروني من ذي قبل. الشيئ الذي وضعهم أمام تجربة جديد، تختلف فيها آليات التفاعل اللغوي ووسائل وطرائق التدريس واستراتيجيات التعلم وغيرها من الجوانب البيداغويجية التي اعتادوها في التدريس التقليدي الحضوري. وأمام هذه الإشكاليات، يبقى السؤال الذي يقتضي منا المعالجة هو إلى أي حد يمكن للتعليم عن بعد أن يساهم في تحقيق أهداف التعلم، في ظل تفشي كوفيد 19؟

وقد جاء المقال منظما على الشكل الآتي: حاولنا في المحور الأول أن نبين واقع تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد، قبل جائحة كوفيد 19، حيث فصلنا في أهم التحديات والإشكالات التي كان يعانيها هذا النواع من التعليم، سواء من حيث البنى التحتية للشابكة أم من حيث التدريب الكافي للمدرس أو من حيث إعداد المواد والمستندات…إلخ. وقد خصصنا المحور الثاني، لبيان أهمية اعتماد المرونة في التعليم عن بعد، لتحقيق أهداف التعلم. أما المحور الثالث، فقد حددنا فيه مواصفات ومعايير التفاعل اللغوي التواصلي لمتعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها، حسب مقياس الإطار المرجعي الأوروبي المشترك للغات. ولم نقف عند هذا الحد، بقدرما قمنا في المحور الرابع بعرض تجربتين دوليتين ناجحتين، حققا أهداف التعلم من خلال اعتماد التعلم عن بعد، هما الصين وجورجيا. لنختم بحثنا بمحور خامس، قدمنا فيه تصورنا لمستقبل تعليم اللغة العربية عن بعد، في ضوء المستجدات التي ستترتب عن انتشار كوفيد19.

1. واقع تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد، قبل كوفيد 19

من الواضح أن عملية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، عن بعد (online)، ليست عملية جديدة فرضتها جائحة كوفيد 19، وإنما هي عملية منتشرة في جميع بقاع العالم، قبل الجائحة بكثير. حيث يتعلم الطلاب اللغة العربية والدين الإسلامي، عبر الشابكة. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن التعليم الإلكتروني للغة العربية منتشرا بالكيفية التي انتشر بها التعليم الإلكتروني للغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات العالمية. كما أن هذا النواع من التعليم، اقتصر، فقط، على بعض الشركات والمعاهد أو المواقع الإلكترونية، في حين نجد أن أغلب الجامعات والمراكز التي تدرس اللغة العربية للناطقين بغيرها، لا تفعل هذا النوع من التعليم. وقد بينت دراسة زكي (2013)، أنه يوجد ضعف كبير في مجال تعليم اللغة العربية عن بعد، وذلك راجع لعدة تحديات، منها ماهو بشري، حيث تفتقد أغلب المعاهد والمدارس والجامعات إلى مدرسين لهم تكوين في مجال التعليم الإلكتروني، ومنها ما هو تكنولوجي، يتمثل في الافتقار إلى أبسط الواسائل التكنولوجية الضرورية. ومما لا شك فيه، أن عملية التعليم عن بعد، تقتضي أن يكون المدرس والمتعلم ملمين بالوسائل التكنولوجية الحديثة. كما يجب أن تكون مراكز ومعاهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها مجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية، مثل الكامرات وأجهزة الصوت وصبيب جيد من الشابكة…إلخ.

وقد استنتجت كل من بوسيف وروابح (2018) من خلال دراسهما، تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في العصر الرقمي، أنه توجد جهود محمودة قد بذلت في هذا المجال، لكنها تبقى متخلفة في جانب الفهم العميق للأسس النظرية للسانيات التطبيقية ولمعايير ومواصفات التعليم الإلكتروني التقنية والفنية والتعليمية. وهكذا، فإن تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، لم يصل بعد إلى الفاعلية المرجوة منه، ولايزال في أمس الحاجة إلى استراتيجية منهجية وإلى أسس ودعامات علمية موجهة (بوسويف وروابح، 2018). والحقيقة، أن التعليم عن بعد ليس عملية عشوائية، كما يتخل لكثير من الناس، وإنما هو عملية واعية، تتم وفق برامج مسطرة، وينتهج فيها المدرس استراتيجيات وطرائق معينة، تختلف عن تلك المستعملة في التعليم الحضوري. ولعل ما ساهم في إضعاف تعليم اللغة العربية الناطقين بغيرها عن بعد، هو التكلفة المرتفعة، إذ من الصعب أن يدرس مدرس واحد قسما مؤلفا من مجموعة غير متجانسة من الطلاب. وإنما في الغالب، يكون التعليم عن بعد، بشكل أفضل مع طالب أو طالبين. بالإضافة إلى أن الأخذ بفكر الإغماس اللغوي للمتعلمين في بيئة تتحدث العربية، قد شجع، بكثير، الطلبة على القدوم إلى البلدان العربية لتعلم اللغة ومخاطة أهلها. لكن الواقع والحال، أنه رغم قدوم الطلبة إلى البلدان العربية لممارسة اللغة أكثر مع أهلها، يجدون أنفسهم أمام عاميات عربية مختلفة، قد تكون متعددة في البلد الواحد. وهكذا، نجد أن فكرة الإغماس اللغوي، لا تتعدى حجرة الدرس أو من خلال الزيارات والخرجات الميدانية، برفقة المرافقين اللغويين. وأظن، أن فكرة الإغماس اللغوي في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، يمكن أن تكون عن بعد، كذلك. عن طريق، خلق بيئة صفية إلكترونية، تفاعلية، إما التفاعل بين المدرس وباقي المتعلمين، أو تفاعل الطلاب مع البرمجيات الإلكترونية.

إن البيداغوجيات التي تنظم تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد، ليست تلك التي تنظم العملية التعليمية الحضورية. وما نراه اليوم من تعليم عن بعد، خصوصا في ظل كوفيد 19، لا يتأسس على رؤية عليمية، وإنما هي حركة ارتجالية، لإتمام البرامج التعليمية التي بدأت حضوريا. ونؤكد أنه لا يمكن لمدرس اللغة العربية للناطقين بغيرها، أن يدرس المستويات المبتدئة، دون معرفته باللغة الأم للمتعلمين. وما يؤكد ذلك، أن من بين الشروط التي تضعها أغلب الجهات التي تود التعاقد مع مدرسي اللغة العربية والقرآن، هي أن يكون المدرس ملما باللغة الأم للمتعلمين. كما أن هذا النوع من التدريس، يحتاج تصميم كتب وأنشطة وتمارين لغوية تواصلية إلكترونية، بشكل يمكن المدرس من مساعدة المتعلم على التعلم وفق نهج استراتيجيات خاصة. وتؤكد إرشادات أكتفل (2017) أن تدريس اللغة عن بعد، لا يجب أن يكون ارتجاليا، وإنما يجب أن يكون حيا وتفاعليا بين المدرس والمتعلمين. كا يجب على المدرس أن يكون مسؤولا عن التخطيط المسبق للدروس، وتدبير التدريس بشكل جيد، باستعمال طرائق واستراتيجيات، تخدم المدخل التواصلي لتعليم اللغة، ثم تقييم أداء المتعلمين، سواء بشكل تكويني أو بشكل إجمالي، للتحقق من مدى تحقيق الأهداف (ACTFL، 2017). وهكذا، فلا يعتقد أحد أن التعليم عن بعد يعني ترك المتعلمين مع برمجيات أعدت سلفا، ثم تقييم مدى استفادتهم منها، بل التعليم عن بعد يحتاج نفس التفاعل الذي تخلقه البيئة الصفية.  وتأتي الوسائل التكنولوجية والبرمجيات المعدة سلفا، كوسائل مساعدة للتعلم عن بعد. والشابكة هي وسيلة للاتصال، بحيث يعيش المتعلم والمدرس التواصل اللغوي، بشكل متزامن أو يتابع المتعلم بعض الملفات الجاهزة، بشكل مستقل عن المدرس. ويمكن من خلال ذلك التدرب على المهارات اللغوية (الصرامي، 2013، ص 37). وهنا نفرق بين عمليتين في التعليم عن بعد، الأولى يكون فيها التفاعل مباشرا مع المتعلمين، بشكل يمكنهم من التفاعل فيما بينهم ومع المدرس، أما الثانية ففيها تفاعل المتعلم مع التسجيلات والمقاطع المصورة.

2. التعلم عن بعد المرن، وسيلة للاستمرارية البيداغوجية في ظل كوفيد19

ندرج التعلم عن بعد ضمن خانة ما يعرف بالتعلم المرن (flexible learning)، الذي ظهرت أهميته وقيمته الحقيقة في ظل انتشار كوفيد 19. وعادة ما يمكن التعلم المرن المتعلمين من التحكم في مسار تعلمهم، من خلال أنماط متعددة من التفاعلات. ويعرف كل من لي وماكلوين Lee and McLoughlin (2010) التعلم المرن بأنه مجموعة من المقاربات والأنظمة التربوية، التي تهتم بمنح المتعلمين خيارات تعلمية متعددة، تتناسب مع ميلولاتهم واحتياجاتهم الشخصية. وتشمل الخيارات التي يمنحها التعلم المرن المكان والزمان وكيفية إجراء التعلم، ذلك باستعمال العديد من التقنيات لدعم عملية التدريس والتعلم معا (Lee and McLoughlin، 2010، ص 28).  والواقع، أن طبيعة الفصول التي يدرس فيها متعلموا اللغة العربية الناطقون بغيرها، حضوريا، غير متجانسة، فيما يتعلق بجنسات المتعلمين وأعمارهم وظروفهم الخاصة. وهذا يفرض على المؤسسات التي انخرطت في مسار إتمام عملية التعليم عن بعد، أن توفر لهم تعليما مرنا يتكيف مع ظروفهم وحاجياتهم. وهكذا نجد أن مفهوم التعلم المرن الذي تبنته الصين لتحقيق الاستمرارية البيداغوجية، جعل المتعلم في قلب العملية التعليمية التعلمية، من خلال توفير الأبعاد الرئيسية للدراسة، مثل زمان ومكان التعلم والموارد التعليمية التعلمية والمناهج والأنشطة وخطط الدعم (Huang, et al، 2020، ص 2).  ويرى هيل (2006) Hill   أن هناك عبارتان تصفان المقصود بالمرونة في التعليم عن بعد. الأولى هي المرونة في الوصول (Flexible delivery)، وترتكز على المرونة في الخيارات المرتبطة بكيفية وصول المتعلمين إلى التعلم عن بعد، وبهذا، نطرح أسئلة من قبيل، ماذا يتعلم المتعلمون؟ وأين يتعلمون؟ ومتى يتعلمون؟ وهكذا نجد أن المرونة في الوصول إلى التعلم تعنى في مقام أول، تحديد المحتوى الذي يتعلمه المتعلمون وتوفير سبل الوصول إلى ذلك المحتوى. أما العبارة الثانية فهي التعلم المرن (flexible learning)، الذي يركز على الخيارات المرتبطة بكيفية حدوث التعلم. وهنا يهتم التعلم المرن، في المقام الأول، بتسهيل عملية التعلم، من خلال توفير الخصائص الشخصية للمتعلمين وأساليب التعلم ومراعاة ظروفهم الشخصية (Hill، 2006، ص 189). وهكذا، نجد أنه لا يمكن تحقيق التعلم عن بعد، دون النظر إلى مجموعة من الخصائص التي تؤطر العملية ككل. منها ماهو مرتبط بإجراءات ربط التواصل بين مصادر التعلم والمتعلم ومنها ماهو مرتبط بالمادة وكيفية التفاعل معها والظروف الخاصة بالمتعلم، خصوصا في ظل كوفيد 19. وعادة ما يتميز التعلم عن بعد، المرن، بعدة خصائص ومميزات، ذكر منها هوانج وآخرون (2020) التالي:

  • يقدم خيارات متعددة للمتعلمين وأبعاد متعددة للدراسة.
  • إنه يعمل وفق مبادئ النظرية البنائية التي تجعل المتعلم في قلب العملية التعليمية التعلمية وتحمله مسؤولية التعلم.
  • يتطلب التعلم الذاتي أن يكون المتعلمون أكثر مهارة في التنظيم الذاتي من حيث تحديد الأهداف والمراقبة الذاتية.
  • يفرض على المدرس أن يعمل وفق استراتيجيات التعلم النشط، التي تجعل من التعلم عملية جذابة وفعالة.

1.2. أبعاد التعلم عن بعد، المرن

يمكن تحديد أبعاد التعلم عن بعد، المرن، المرتبطة بعمليتي التعليم والتعلم في ثمانية أبعاد، كما هي واردة في هوانج وآخرون (2020). وهي على الشكل التالي:

  • زمان ومكان التعلم: ويرتبط هذا البعد بالنظر إلى زمان ومكان حدوث فعل التعلم عن بعد. ومن المؤكد أن زمن التعلم عن بعد يعني بداية ونهاية الزمن المحدد للدرس. وكما نعلم أن متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها، ينتمون إلى مجتمعات مختلفة من حيث الزمن. لذلك، يقتضي التعلم عن بعد أن يكون مرنا في زمن الدروس، بحيث يتطابق أكثر مع ظروف المتعلمين وحاجياتهم. ويرى كوليس وآخرون (1997) أن التعليم المرن يمكن المتعلمين من تحديد الوقت الذي يرغبون فيه بالتفاعل مع الآخرين، والوقت الذي يريدون فيه الدراسة بمفردهم. كما يمكن للمتعلمين متابعة الدروس عن بعد من أي مكان وفي أي وقت، باستخدام أجهزة إلكترونية محمولة (Collis et al، 1997).  
  • المحتوى وطريقة تنظيمه: هذا البعد مرتبط بالطريقة التي سينظم بها المتعلمون محتوى تعلماتهم. ويسمح التعلم عن بعد، المرن، للمتعلمين تحديد الأقسام وتسلسل المحتوى، وفقا لرغباتهم ومسارات تعلمهم. وهنا يجب على المدرس أو المؤسسة التي يدرس فيها المتعلمون، أن تقدم لهم دورات تدريبية عن كيفية اختيار المحتويات وتنظيمها. حيث يثم اختيار المحتويات التي تتناسب مع مستوياتهم المرجعية العامة، التي لا تخلق لهم أي تشويش لمسار تعلمهم، أو تلك التي لا تشكل لهم نفورا من التعلم. إذ من الممكن أن يصل المتعلمون إلى محتويات غير جيدة، أو لا تتناسب مع مستوياتهم اللغوية، مما يضاعف سلبيات التعلم. وقد أوردت التجربة الصينية في ظل كوفيد 19، نموذجا ناجحا في تحقيق المرونة في التعلم عن بعد، وفق هذا المبدأ. حيث قدمت مدرسة غوانشو الإعدادية Guangzhou International Middle School دورة تدريبية دولية للاستفسار الذاتي، تبين للمتعلمين كيفية اختيار الموضوعات، بناء على اهتماماتهم وميولاتهم الشخصية. وبعد ذلك يمكنهم إنتاج أنماط إبداعية مختلفة بالكيفية التي يحبونها، في مواضيع تعالج مشكل انتشار كوفيد-19 في العالم (Huang, et al، 2020، ص 3).
  • طريقة وصول المتعلمين إلى المحتويات: يمكننا التعليم عن بعد، المرن من نقل المحتويات إلى المتعلمين بطرائق مختلفة، بشكل يمكنهم من الوصول إليها من المكان الذي يناسبهم. وذلك من خلال استعمال العديد من التطبيقات والمواقع الإلكترونية. لكن التحدي الذي يواجه متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها هو ضعف تأليف البرامج والمواقع الإلكترونية التي تبث محتويات جيدة للمتعلمين.
  • استراتيجيات تنظيم أنشطة التعلم: يمنح التعليم عن بعد، المرن، للمتعليمن فرصة اختيار استراتيجيات تدبير الأنشطة التعليمية التعلمية، مثل المحاضرات المباشرة أو المحاضرة التفاعلية أو المناقشة أو التعلم التعاوني أو التعلم بالمهام أو التفاعل بين المجموعات…إلخ.  وأفترض أن أغلب المؤسسات التي عملت على تفعيل التعلم عن بعد في فترة كوفيد 19 لإتمام البرامج الأولية، استعملت استراتيجيات التدريس المباشر، نظرا لعدم كفاءة طرفي التعلم في استعمال المنصات أو البرامج الإلكترونية. اللهم إذا استثنينا بعض المعاهد والمؤسسات التي استطاعت بفضل خبرتها أن تتجاوز المشاكل التقنية واستعملت الاستراتيجيات التي يفضلها المتعلم في تدريس مكونات ومهارات اللغة العربية.
  • مصادر التعلم التي يجب توفيرها للمتعلمين: بالنسبة للموارد التي يجب أن توفرها المؤسسات التعليمية للمتعليمن، يقوم بإعدادها المدرس في أغلب الحالات. ويجب أن تكون مختلفة وجذابة، مثل المقاطع والمستندات والألعاب وغيرها.ويمكن للمدرس أن يرشد المتعلمين للولج إلى العديد من الموارد الرقمية، ذات الجودة العالية. ونعيد التأكيد على أن مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها يعرف شحا في الموارد الرقمية المفتوحة التي يمكن للمتعلمين الولوج إليها بمرونة من بقاع العالم.
  • الوسائل التكنولوجية المفيدة لمتعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها:يتم استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في خلق التفاعل بين المدرس والمتعلمين وبين المتعلمين فيما بينهم وبين المحتويات. وقد لعبت الهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية دورا فعالا في تمكين المتعلمين عبر العالم من تتبع الدراسة عن بعد في ظل انغلاق المدارس بسبب كوفيد 19. ويمكن التعلم المرن من سهولة استعمال المتعلمين لمجموعة من التطبيقات الإلكترونية التي تتيح فرصة التفاعل الفردي أو الجماعي، كما تتيح فرصة مشاركة المقاطع والمستندات وغيرها من المحتويات المفيدة، نذكر منها: WhatsApp, Zoom, Classroom and Microsoft Teams…إلخ. كما لعبت المواقع والمنصات المتخصصة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها دورا هاما في تحقيق المرونة في التعلم عن بعد.
  • طريقة ومرحلة التقييم عن بعد:يتيح لنا التعلم عن بعد المرن، قياس وتقويم جود التعلم وكذا فعالية التطبيقات والمنصات والمواقع والأجهزة الإلكترونية المستعملة والبرامج التعليمية التعلمية. ومن المؤكد أن هناك مجموعة من الاختبارات الإلكترونية التي يمكن للمدرس اعتمادها في تقييم وقياس مدى تمكن المتعلمين من أهداف الدرس، ومدى تطور كفاءتهم اللغوية العامة. كما يمكن أن يكون القياس والتقييم آنيا، حيث يعمل المدرس على التفاعل مع المتعلمين شفهيا، من خلال اعتماد شبكات التقيم وغيرها من الأدوات، أو يمكن أن يكون من خلال المهام والأنشطة…إلخ.
  • أنواع الخدمات والدعم الذي يجب أن نوفرها للمدرس والمتعلم: يمكن التعلم المرن المتعلمين من أنواع مختلفة من الدعم، وذلك إما من خلال إجراء جلسات الدعم والتقوية بين المدرسين والمتعلمين المتعثرين أو من خلال تقديم المدرس مجموعة من الإرشادات للمتعلمين. ويراعى في عملية الدعم، النظر إلى خصوصية تعلم المتعلمين، والعمل على انتقاء البرامج التعليمية التي تناسبه وتحقق الهدف بشكل أفضل. كما يمكن لأنظمة التعلم الذكية أن تقدم دعما آنيا للمتعلمين، يتوافق مع خصوصياتهم وظروفهم الشخصية. وهذا متاح بشكل كبير بالنسبة لتعليم اللغات الأجنبية، أما فيما يخص تعليم اللغة العربية، فيكون الجهد مضاعفا في ظل شح مثل هذه المواقع الذكية التي تقدم للمتعلمين دعما شخصيا يفيدهم في بناء الكفاءة اللغوية. وهذا رهان يفرض على العاملين في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها أن يؤسسوا لتعليم إلكتروني مرن، يستفيد أكثر مما وصلت إليه التكنولوجية العالمية من تطورات.

3. معايير ومواصفات التفاعل اللغوي التواصلي عن بعد

لكل مجال دستوره التنظيمي الخاص، والدساتير التنظيمية الخاصة بتعليم اللغات الثانية والأجنبية، هي الأطر المرجعية العامة. وانبراء بالدور الأساسي التي تلعبه الأطر المرجعية في تقنين تعليم اللغات، انكب الخبراء والمختصون على صياغة أطر مرجعية خاصة بتدريس اللغات الثانية والأجنبية. ولعل أهمية هذه الأطر تظهر في تقديم اللبنات الأساسية المشتركة لتأليف المناهج وإعداد البرامج التعليمية، وتقديم سلمية دقيقة لوصف مستويات المتعلمين وما يتناسب مع حاجياتهم. فضلا عن تقديم صورة واضحة عما يجب أن يتعلمه متعلم اللغة، وما يجب أن ينميه من مهارات وقدرات ومعارف لاكتساب الكفاية التواصلية.

وقد حدد واضعوا الإطار الأوروبي المشترك للغات معايير ومواصفات التفاعل اللغوي للمتعلمين عبر الشابكة، واعتبروا أن هذا النوع من التواصل يمكن أن يشبه إلى حد كبير التواصل وجها لوجه، إلا أنه توجد مجموعة من المتغيرات التي تتشكل أثناء التوصل عبر الشابكة، قد لا نجدها في التواصل التقليدي. على سبيل المثال، توجد العديد من المصادر والموارد المتاحة التي من الممكن مشاركتها بشكل تزامني، أثناء التواصل. أضف إلى ذلك أنه يمكن أن يتولد سوء فهم لا يتم رصده وتصحيحه في الآن ذاته (CEFR، 2018، ص 96). وهكذا، حدد واضعوا الإطار مجموعة من العناصر التي يجب أخذها بعين الاعتبار لإنجاح التواصل عن بعد من خلال الشابكة، يمكن تحديدها في النقاط التالية:

  • المتكلم دائما في حاجة إلى الإطناب في الرسائل التي يبثها
  • التحقق من أن المخاطب قد فهم القصد من الرسالة
  • يجب أن تكون للمتكلم القدرة على إعادة الصياغة والتبسيط، بمساعدة المخاطب على الفهم
  • قدرة المتكلم على تدبير سوء فهم المخاطب للرسالة
  • القدرة على التعامل مع ردود الفعل العاطفي

إن ما يرتكز عليه الإطار الأوروبي لتحديد معايير ومواصفات التواصل عن بعد، هو وصف طريقة المتعلمين في التواصل عبر الشابكة، هل يتم بشكل تفاعلي مباشر أم يتم بشكل غير مباشر، من خلال التفاعل مع الوسائط السمعية البصرية؟ كما يهتم بوصف المواضيع التي يستطيع المتعلم مناقشتها في كل مستوى مرجعي وطريقة التفاعل في النقاش…إلخ. ولا يقتصر الإطار الأوروبي على وصف تلك القدرات في التفاعل اللغوي الشفهي فقط وإنما يشمل المهارات اللغوية الأربع. ولمزيد من التوضيح، نأخذ الجدول في (1)، الذي يشكل مقياسا متدرجا لوصف التفاعل والنقاش اللغويان عن بعد.

(1)

المستويات التفاعل والنقاش عن بعد
    المتقدم الثاني يمكنه التعبير عن نفسه بوضوح ودقة في المناقشة عبر الإنترنت بشكل تزامني، وتعديل اللغة بمرونة وحساسية وفقًا للسياق، بما في ذلك الاستخدام العاطفي والترميزي والفكاهي. يمكنه توقع سوء الفهم المحتمل والتعامل معه بشكل فعال (بما في ذلك المشكلات الثقافية) وقضايا الاتصال وردود الفعل العاطفية التي تحدث في مناقشة عبر الشابكة. يمكن بسهولة وسرعة تكييف سجله وأسلوبه ليتناسب مع البيئات المختلفة عبر الشابكة وأغراض الاتصال وأفعال الكلام.
      المتقدم الأول يمكنه الانخراط في النقاش عبر الشابكة في الوقت الحقيقي مع العديد من المشاركين، وفهم المقصدية التواصلية والآثار الثقافية لمختلف المساهمات.–   يمكنه أن يشارك، بشكل فعال، في المناقشة المهنية أو الأكاديمية عبر الشابكة مباشرة. وأن يطلب المزيد من التوضيح للقضايا المعقدة والمجردة ومنحها مزيدًا من التوضيح.يمكنه تعديل سجله وفقًا لسياق التفاعل عبر الشابكة، والانتقال من سجل إلى آخر في نفس التبادل، إذا لزم الأمر. يمكنه تقييم الحجج في الحالة المهنية للمحادثة والنقاش المباشر عبر الشابكة أو أكاديميا.
        المتوسط الثاني يمكنه الانخراط في التبادلات عبر الإنترنت، وربط مساهماته / مساهماتها بالمساهمات السابقة في الموضوع، وفهم الآثار الثقافية والرد بشكل مناسب.
يمكنه المشاركة بنشاط في مناقشة عبر الشابكة، ويصرح ويستجيب للآراء حول الموضوعات ذات الأهمية، إلى حد ما، بشرط أن يتجنب المساهمون لغة غير معتادة أو معقدة ويتيحون الوقت للردود. يمكنه الانخراط في التبادل عبر الشابكة بين العديد من المشاركين، وربط مساهماته / مساهماتها بفاعلية بالمساهمات السابقة في سلسلة المحادثات، شريطة أن يساعد المشرف في إدارة المناقشة. يمكنه تحديد سوء الفهم والخلافات التي تنشأ في التفاعل عبر الشابكة ويمكن التعامل معها، شريطة أن يكون المحاور (الوسطاء) على استعداد للتعاون.
      المتوسط الأول يمكنه الانخراط في التبادل عبر الشابكة في الوقت الفعلي مع أكثر من مشارك واحد، مع الاعتراف بالمقصدية التواصلية لكل مساهم، ولكن قد لا يفهم التفاصيل أو الآثار دون مزيد من التوضيح.  يمكنه نشر حسابات عبر الشابكة  للأحداث والتجارب والأنشطة الاجتماعية التي تشير إلى الروابط والوسائط المدمجة ومشاركة المشاعر الشخصية.
يمكنه نشر مساهمة مفهومة في مناقشة عبر الشابكة، حول موضوع مألوف ذي أهمية، شريطة أن يتمكن من إعداد النص مسبقًا واستخدام الأدوات عبر الإنترنت لسد الفجوات في اللغة والتحقق من الدقة.–   يمكنه أن ينشر منشورات شخصية عبر الشابكة، حول التجارب والمشاعر والأحداث والرد بشكل فردي على تعليقات الآخرين ببعض التفاصيل، على الرغم من أن القيود المعجمية تسبب أحيانًا التكرار والصياغة غير اللائقة.
        المبتدئ الثاني يمكنه تقديم نفسه / إدارة التبادل البسيط عبر الشابكة، وطرح الأسئلة والإجابة عنها وتبادل الأفكار حول الموضوعات اليومية التي يمكن تخمينها، بشرط إتاحة وقت كافٍ لصياغة الردود، وأنه يتفاعل مع محاور واحد في كل مرة. يمكن أن يقدم منشورات وصفية قصيرة عبر الشابكة حول الأمور اليومية والأنشطة الاجتماعية والمشاعر، مع تفاصيل رئيسية بسيطة.يمكنه التعليق على منشورات الأشخاص الآخرين عبر الشابكة، شريطة أن تكون مكتوبة بلغة بسيطة، وتتفاعل مع الوسائط المضمنة من خلال التعبير عن مشاعر المفاجأة والاهتمام واللامبالاة بطريقة بسيطة.
يمكنه الانخراط في التواصل الاجتماعي الأساسي عبر الشابكة(على سبيل المثال كتابة رسالة بسيطة على بطاقة افتراضية لمناسبة خاصة، ومشاركة الأخبار واتخاذ / تأكيد الترتيبات للاجتماع). يمكنه تقديم تعليقات إيجابية أو سلبية موجزة عبر الشابكة، حول الروابط والوسائط المضمنة باستخدام مجموعة من اللغات الأساسية، على الرغم من أنه سيتعين عليه عمومًا الرجوع إلى أداة الترجمة عبر الشابكة والموارد الأخرى.
المبتدئ الأول يمكنه كتابة رسائل بسيطة للغاية ومنشورات شخصية عبر الشابكة، كسلسلة من الجمل القصيرة للغاية حول الهوايات، الإعجابات / عدم الإعجاب… إلخ، بالاعتماد على أداة الترجمة.يمكنه استخدام التعبيرات المعيارية ومجموعة من الكلمات البسيطة لنشر ردود فعل إيجابية وسلبية قصيرة على النشرات البسيطة عبر الشابكة وروابطها ووسائطها المضمنة، ويمكنها الرد على مزيد من التعليقات بتعبيرات قياسية من الشكر والاعتذار.
  قبل المبتدئ يمكنه نشر تحيات بسيطة عبر الشابكة، باستخدام التعبيرات الأساسية والرموز. يمكنه نشر بيانات بسيطة وقصيرة عنه، عبر الشابكة، (مثل حالة العلاقة والجنسية والمهنة)، شريطة أن يتمكن من تحديدها من القائمة و / أو الرجوع إلى أداة الترجمة عبر الإنترنت.

المصدر: (CEFR، 2018، ص 97).

4. تجارب دولية ناجحة في التعليم عن بعد أثناء كوفيد 19

من التحديات التي واجهت جميع الدول العالمية التي تفشى فيها كوفيد 19، هي مسألة الحفاظ على الاستمرارية البيداغوجية للتعلم. وقد عملت اليونيسكو على مساعدة البلدان المتضررة من الجائحة في خلق بيئة افتراضية تضمن استمرارية عملية التعلم. وقد صرح المدير العام لليونيسكو أودري أزولاي قائلا: “إننا ندخل في منطقة مجهولة، ونعمل مع البلدان المتضررة لإيجاد حلول عالية التقنية ومنخفضة التكلفة، تضمن الاستمرارية البيداغوجية للتعليم” (Huang, et al، 2020). وهكذا فقد عملت جميع الدول على ضمان استمرارية التعليم عن بعد في فترة الحجر الصحي، الذي فرضته أغلب الحكومات العالمية، كاستراتيجية للحد من انتشار كوفيد 19. وقد برزت خلال مدة الحجر الصحي، تجارب عالمية ناجحة في التعليم عن بعد، حققت، تقريبا، نفس النتائج التي كان يحققها التعليم الحضوري. وهكذا، سنحاول في الفقرتين التاليتين أن نتحدث عن تجربتين رفيعتين في هذا المجال، تجربة الصين وتجربة جورجيا. واقتصارنا على هاتين التجربتين لا يعني، بحال من الأحوال، أن باقي التجارب الدولة فاشلة أو غير مناسبة، وإنما راجع إلى أن ما وجدناه متاحا، من مراجع، أثناء بحثنا عن التجارب الدولية في التعليم عن بعد، خلال تفشي فايروس كورونا، هو هاتين التجربتين. والأكيد أن أكثر الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا والدول السكندنافية وبعض الدول الأسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية والصين…إلخ، لها خبرات جد متقدمة في التعليم عن بعد، قبل كوفيد 19، ستسخرها لتحقيق الاستمرارية البيداغوجية خلال تفشي هذا الوباء.

1.4. التجربة الصينية

عقب انتشار كوفيد 19 من بؤرته العالمية، مدينة يوهان الصينية، عملت الدولة على إغلاق مختلف المؤسسات التعليمية، وفرضت الحجر الصحي على كافة الشعب الصيني، خصوصا المناطق التي كانت تشهد انتشارا للفيروس. وضمانا لاستمرارية التعلم، أطلقت وزارة التعليم الصينية مبادرة للتعليم عن بعد، أسمتها ” فصول ممزقة وتعليم مستمر” إشارة منها إلى أنه رغم انقطاع التعلم الحضوري إلا أن عملية التعلم لاتزال مستمرة لأكثر من 270 مليون طالب، يتابعون دراستهم من منازلهم (Huang, et al، 2020). وتضع الصين، بشراكة مع اليونسكو وبعض المنظمات العالمية، تجربتها في التعليم عن بعد، قصد الاستفادة العامة ومن أجل تطوير سبل المرونة التعليمية ما بعد كوفيد-19. وهكذا، سنحاول، تحليل النموذج الصيني لتدبير التعليم عن بعد، للوقوف عند أهم الاستراتيجيات التي انتهجتها الصين لإنجاح هذه العملية.

لقد انبنت التجربة الصينية في التعليم عن بعد، إبان كوفيد 19 على ستة أبعاد أساسية. شمل البعد الأول البنيات الأساسية وارتكز البعد الثاني على أدوات التعلم التكنولوجية والبعد الثالث على مصادر التعلم، فيما ارتكز البعد الرابع على طرائق واستراتيجيات التعليم والتعلم وهم الخامس خدمات المدرسين والمتعلمين، في حين خص البعد الأخير النظر إلى التعاون بين الحكومة والشركات والمدارس. والحقيقة أن الصين تعد الرائدة عالميا في مجال التعليم عن بعد، قبل وأثناء كوفيد 19، إذ صرحت وزارة التربية والتعليم الصينية أنه توفر لديها سنة 2018 ما يقارب 518،800 مدرسة في جميع المستويات التعليمية، تضم حوالي 276 مليون طالبا، يشرف على تربيتهم وتعليمهم حوالي 16،728،500 مدرسة ومدرس، يعملون بدوام كامل. وهكذا، تعد الصين أول دولة عالمية تقدم تعليما عن بعد لملايين الطلاب، خلال تفشي فايروس كوفيد 19 (Huang, et al، 2020، ص 14). ولعل ما ساعد الصين في تربع عرش الدول الأكثر نجاحا في تحقيق الاستمرارية البيداغوجية، أثناء تفشي كوفيد 19، ليس احتواؤها على كم هائل من المدارس والمدرسين والطلاب، وإنما سياستها الممنهجة في تدبير الموارد الرقمية والبشرية، والتعاون المنظم بين الحكومة والمدارس وجمعيات المجتمع المدني. وذلك من خلال سبعة عناصر أساسية هي:

  • توفرها على بنية تحتية قوية للاتصالات
  • توفرها على موارد رقمية تعليمية ذات جودة عالية
  • توفرها على وسائل ديداكتيكية ذات تصميم رائعة تناسب ميولات المتعلمين
  • نهجها طرائق تدريسية ذات فاعلية
  • التعاون مع المنظمات التعليمية
  • تقديم الدعم اللازم للمدرسين والمتعلمين
  • خلق تعاون بين الحكومة والشركات والمدارس، لتوفير الحاجيات الأساسية في إطار ما يعرف بتعاون (GES).

والحقيقة أن كل هذه العناصر يمكن أن ننظمها في إطار ثلاثة أنواع من الخدمات المترابطة، تعمل على تسييرها الحكومة الصينية والمدرسة ثم جمعيات المجتمع المدني. ومن المؤكد أن تعامل هذه الأخيرة مع تلك العناصر يتم بشكل مختلف حسب الأولويات وحسب المجتمع والثقافة (Huang, et al، 2020، ص 14). وهكذا يمكننا القول، إن الصين الشعبية قد استطاعت تحقيق استمرارية بيداغوجيات لأبنائها المتعلمين، في ظل انتشار كوفيد 19، لا تختلف جودته عن التعليم الحضوري. وقد ساعدها في تحقيق ذلك التميز، التنسيق المحكم بين الحكومة، المتمثلة في الوزارات واللجان والكليات والمدارس، وجمعيات المجتمع المدني والشركات. وقد مكن هذا التنسيق المحكم من ضمان عناصر العملية التعليمية كافة التعلمة وتوفير العدة البيداغوجية اللازمة لضمان التعلم عن بعد. كما عملت الحكومة على تنسيق البرامج الوطنية مع مؤسسات التعليم الإلكتروني، لتوفير الموارد والوسائل التعليمية، عبر قنوات متعددة، بشكل يمكن المتعلمين من استخدامها، بناء على احتياجاتهم الخاصة. ناهيك عن قيام الحكومة الصينية بالتعاون مع المدارس الحكومية والخاصة على كيفية استغلال الوسائط الرقمية التعليمية التعلمية واختيار مصادر التعلم المناسبة…إلخ. وبالفعل لم يكن العمل ناجحا، إلا بانخراط الخبراء والتقنين والباحثين في مختلف المجالات والمستويات التعليمية، و تم تقديم مساعدة فورية للمدرسين والمتعلمين وأولياء الأمور، تمثلت في تدريبهم وتوجيههم إلى كيفية استخدام الوسائل التكنولوجية والمنصات الرقمية التي يمكن الإفادة منها، للانخراط في عملية التعليم والتعلم عن بعد.

2.4. تجربة جورجيا

لم تكن جورجيا في معزل عن الدول التي أغلقت مدارسها بسبب تفشي فايروس كوفيد 19، المستجد. فبعد أن وصل عدد المصابين إلى 211 حالة محلية وأكثر من 1.5 مليون حالة عالمية في حدود 8 أبريل 2020، بادرت الحكومة إلى إغلاق جميع المدارس الحكومية والخاصة، على حد سواء. وتم إيقاف جميع الدروس الحضورية في جميع المدارس والمعاهد والجامعات ابتداء من 2 مارس  (The government of Georgia، 2020). ولتحقيق الاستمرارية البيداغوجية و ضمان الحق الدستوري للمتعلمين في التعلم، اعتمدت الحكومة الجورجية التعليم عن بعد، عبر الشابكة، باستعمال مجموعة من البوابات الإلكترونية، مثل TV School وفرق Microsoft للمدارس العامة والبدائل، مثل Zoom و Slack و Google Meet ومنصة EduPage التي يمكن استخدامها للتعليم عبر الشابكة والاتصال المباشر.

وقد جاء في موقع جريدة (Geostat) أن وزارة التعليم الجورجية قد صرحت بأن عدد المتمدرسين المسجلين في المدارس الجورجية لسنة 2020، قد بلغ حوالي 592900 متعلما، يتابعون دراستهم في 2313 مدرسة، منها 2086 مدرسة حكومية و227 مدرسة خاصة (Geostat، 2020). وأمام هذا الكم الكبير من المتمدريسن، يصبح التحول من التعليم التقليدي الحضوري إلى التعليم عن بعد، رهينا بتوفر البلاد على بنية تحتية قوية، من حيث الربط الشبكي للأنترنت وحيازة كل أطراف العملية التعليمية التعلمية على وسائل إلكترونية جيدة…إلخ. وبالعودة إلى البيانات التي أصدرها المكتب الوطني للإحصاء في جورجيا، تبين أن نسبة %79.3 من المنازل لها ربط بالشابكة. وأن نسبة  %62  من مجموع السكان لديهم حاسوب واحد على الأقل في كل منزل (Geostat، 2019). ورغم معرفتنا لهذه الأرقام التي تبين أن جورجيا لها من البنى التحتية ما يمكنها من تفعيل التعليم عن بعد، أثناء تفشي كوفيد 19، إلا أنها لم تصل إلى درجة تعميمه على كافة المتمدرسين، إذ نرى أن العالم القروي يعاني من ضعف البنية التحتية فيما يخص الربط الشبكي وتوفر السكان على الحواسيب.

وقد عملت وزارة التعليم والعلوم والثقافة والرياضة على استغلال فرق مايكروسفت، إذ أنشأت حسابات جديد للمدرسين والمتعلمين، من أجل خلق أقسام افتراضية، يتم فيها تدريب المتعلمين وتدريسهم وعقد اللقاءات بين مختلف المتدخلين التربوين، على مستوى المدارس والمؤسسات والجامعات…إلخ. وقد بلغ عدد الحسابات الشخصية التي استحدثتها الوزراة الوصية على قطاع التعليم والثقافة والرياضة ما يفوق 55000 حساب جديد على مايكروسوفت للمدرسين وحوالي 530100 حساب جديد للمتعلمين (Basilaia & Kvavadze ، 2020، ص 8). ولم تقف الحكومة الجورجية عند هذا الحد، وإنما واكبت عملية التعليم عن بعد من خلال عقد شراكات مع قنوات التلفزة الوطنية، ضمن مشروع يحمل اسم (teleskola)، الذي يعني التلفزيون المدرسي (UNESCO، 2020). زد إلى ذلك أن أغلب المدارس الجورجية، تمكنت من الحصول على دعم من قبل أغلب الشركات العالمية لمواقع التواصل، منها زووم ومايكروسوفت وجوجل وسلاك…إلخ.

ويؤكد كل من Basilaia & Kvavadze (2020) من خلال دراستهما ” انتقال المدارس الجورجية من التعليم الحضوري إلى التعليم عن بعد، خلال تفشي فايروس كوفيد 19، أن انتقال جورجيا إلى التعليم عن بعد، إبان تفشي فايروس كوفيد 19،كان ناجحا، حيث حقق الأهداف نفسها التي كان يحققها التعليم الحضوري. ومن الواضح أن الخبرة التي اكتسبها المتعلمون والمدرسون والأطر الإدارية والتربوية، بخصوص التعامل مع البرامج والمواقع الإلكترونية وتحضير المواد والوسائل الإلكترونية الحديثة، سيقوي مؤهلاتهم ومهاراتهم في هذا المجال، كما سيكون مفيدا جدا، بعد كوفيد-19. وهكذا، على الرغم من انتشار كوفيد-19 وخطورته والسلبيات التي راكمها خلال هذه الفترة، إلا أنه ساهم بشكل مباشر في تغيير مسار التعليم في العديد من الدول. وتعد جورجيا من بين الدول التي استفادت من الموارد الإلكترونية المجانية والمتاحة، لنقل كل ما يرتبط بالتعليم التقليدي إلى العالم الرقمي. وأظن أن ما ستتجه إليه جورجيا وباقي دول العالم، التي عرفت التجربة نفسها، هي تطوير سبل الانتقال من الورقي إلى الرقمي، لتحقيق الجودة الشاملة في التعليم.

5. مستقبل تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد، ما بعد كوفيد 19

رأينا أن تعليم اللغات عموما، وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها خاصة، عن بعد، كان معمولا به، قبل تفشي كوفيد 19. ومع تفشي الوباء، أصبح التعليم عن بعد هو السائد في العالم، بعد أن توقف التعليم الحضوري، في المدارس والجامعات والمعاهد، العالمية…إلخ. وقد أعلنت اليونسكو، منذ بداية انتشار كوفيد 19، إلى حدود 4 مارس من العام 2020، أن عدد متعلمي المستويات الأولى والابتدائية والإعدادية والثانوية، الذين حرموا من التعليم الحظوري، بلغ حوالي 1,268,164,088 متعلم حول العالم، بنسبة %74 من إجمالي متعلمي العالم (UNESCO، 2020). ولتغطية الفجوات التعليمية التي أحدثتها جائحة كوفيد 19، دعمت اليونسكو التعليم عن بعد، كخطوة بديلة للاستمرارية البيداغوجية لعملية التعليم. وأوصت بضرورة الاستفادة من المنصات والتطبيقات التعليمية المفتوحة، تلك التي يمكن للمؤسسات التعليمية أن تستفيد منها، بشكل يساعد جميع المتعلمين من تحصيل التعليم عن بعد. وهو الشيء عينه الذي سارت على منواله، مجمل برامج تعليم اللغة العربية الناطقين بغيرها.

ومن المؤكد أن تجربة تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد، التي ساهمت في ترسيخها، جائحة كوفيد 19، قد بينت أهمية هذا النواع من التعليم، وكيف يمكننا تطويره وتقنينه، بما يساهم في تحقيق أهداف التعلم، بأقل كلفة. وأفترض أن التحول إلى اعتماد التعليم عن بعد، في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، سيزداد، بشكل كبير، بعد جائحة كوفيد 19. خصوصا بعد أن اكتشفت المؤسسات التعليمية، المزايات التي يتيحها هذا النوع من التعليم، سواء من حيث التعليم أو التقييم أو الاختصار في الوقت والجهد والتكلفة…إلخ. وأفترض كذلك، أنه سيتم إنتاج المزيد من المواقع والمنصات والتطبيقات التي تساعد في تعلم اللغة العربية عن بعد. وترى وين كي (2017)Wen Qi  من خلال دراستها: تقييم البيئة التعاونية الافتراضية للتعليم والتعلم عن بعد، دراسة حالة (Evaluating a Virtual Collaborative Environment for Interactive Distance Teaching and Learning: A Case Study) أن البيئة التعليمية الافتراضية تمكن المتعلمين من الاستفادة من توجيهات ودعم المدرس، طوال مرحلة التعلم. وأن اعتماد ( Open Wonderland) كبيئة افتراضية تعاونية للتعليم والتعلم، قد حقق نجاحا مهما في خلق التفاعل بين أطراف العملية التعليمية التعلمية، وتمكين المتعلمين من التعلم في أوقات خاصة وفي الأماكن التي يختارون فيها القراءة والمشاهدة والاستماع إلى المواد المقدمة (Wen Qi ، 2017، ص 11). ولا شك أن الإيجابيات التي تتيحها البيئة الافتراضية، في تعليم وتعلم الغات، سيكون لها دور مهم في اعتماد المؤسسات التعليمية هذا النوع من التعليم في المستقبل القريب.

خلاصة

سعينا، من خلال هذا البحث، إلى بيان الدور الذي لعبته التكنولوجيا في تدبير التعلم عن بعد، في ظل انتشار كوفيد 19. وكما نعلم أن انتشار ذلك الوباء، قد أدى إلى إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات في أكثر من 200 دولة عالمية. والعالم العربي، بعدّه القبلة الأولى التي يحج إليها المتعلمون من كل العالم، لتعلم اللغة والثقافة العربية، قد عرف الوضع ذاته، إذ أغلقت الجامعات والمعاهد والمؤسسات، وعلقت البرامج التعليمية التي تم بدؤها حضوريا. وهكذا، أصبحت جل المعاهد والجامعات التي لم تنه البرامج الحضورية، ملزمة بإتمامها بأي صيغت كانت، أو إرجاع الأموال لأصحابها. وأمام هذا الوضع، عملت تلك المؤسسات على إحداث أقسام افتراضية، باستثمار التطبيقات والمواقع الإلكترونية المجانية، مثل جوجل ميت وكلاسروم وزوم وجوجل تيمس…إلخ. ورغم ذلك، لم تحقق هذه النقلة الفجائية من التعليم الحضوري إلى التعليم عبر الشابكة أهداف التعلم المرجوة، نظرا لعدة متغيرات، منها ضعف تكوين المدريسن في المجال التكنولوجي وضعف البنى التحتية لأغلب المعاهد والجامعات، فيما يخص الموارد التعليمية الرقمية المناسبة والتوصيل بالشابكة والتجهيزات الإلكترونية الضرورية…إلخ. ولعل المشاكل التي تخبطت فيها جل تلك المعاهد والجامعات، جعلها تفكر في إحداث بنية تعليمية افتراضية قوية، يمكنها تحقيق أهداف التعلم، خصوصا بعد كوفيد 19، حيث سيصبح التعليم عن بعد، عبر الشابكة، هو الأكثر انتشارا، نظرا للأزمات المالية التي سترافق أغلب الحكومات العالمية المصدرة لمتعلمي اللغة العربية إلى العالم العربي…إلخ.

إن قولنا بأن الإنتقال من التعليم التقليدي الحضوري إلى التعليم الرقمي في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، قد رافقه فشل على مستوى إنتاج الموارد الرقمية المناسبة وتكوين المدرسين وضعف البنية التحتية، لا يعني أن هذا الأمر منطبق على جميع الدول، وإنما توجد دول لها سبق في مجال التعليم عن بعد، قبل كوفيد 19، تمكنت من إحراز نتائج إيجابية من خلال تطبيق هذا النوع من التعليم، أثناء فترة الحجر الصحي. وقد تحدثنا في فصول البحث عن تجربتين فريدتين، التجربة الصينية والتجربة الجورجية، فالصين باعتبارها القوة العالمية الأولى في مجال التعليم عن بعد، استطاعت أن تحقق الاستمرارية البيداغوجية بكل احترافية، من خلال العمل المشترك بين الحكومة والمدارس وجمعيات المجتمع المدني. وإن جورجيا، استطاعت أن تحقق نتائج جد إيجابية، نظرا لتوفرها على بنية تكنولوجية قوية وعملها وفقا على نظام سياسي تضامني وتفاعلي.

لائحة المراجع

بالعربية

  • زكي، أسامة. (2013). “تحديات استخدم التعليم الإلكتروني لدى أعضاء هيئة التدريس بمعاهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بالمملكة العربية السعودية”. معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
  • بوسيف، مريم، وروابح، خديجة. (2019). “تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في العصر الرقمي”. المجلة العربية مداد. ع 5. الجزائر.
  • الصيرمي، عبد الرحمان. (2013). “تقييم مواقع تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها على الشبكة العالمية في ضوء المهارات اللغوية”. رسالة ماجستير. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. المملكة العربية السعودية.
  • ACTFL .(2017). THE ROLE OF TECHNOLOGY IN LANGUAGE LEARNING: https://www.actfl.org/news/positionstatements/the-role-technology-language-learning.
  • Basilaia, G., & Kvavadze, D. (2020). “Transition to Online Education in Schools during a SARS-CoV-2 Coronavirus (COVID-19) Pandemic in Georgia”. Pedagogical Research, 5 (4), em0060. https://doi.org/10.29333/pr/7937.
  • UNESCO. (2020). “290 million students out of school due to COVID-19: UNESCO releases first global numbers and mobilizes response”.https://en.unesco.org/news/290-million-students-out-school-due-covid-19-unesco-releases-first-global-numbers-and-mobilizes.
  • Wen, Qi. (2017). Evaluating a Virtual Collaborative Environment for Interactive Distance Teaching and Learning: A Case Study. Netherlands: Springer International Publishing.    
  • Huang, R.H., Liu, D.J., Tlili, A., Yang, J.F., Wang, H.H., et al. (2020). “Handbook on Facilitating Flexible Learning During Educational Disruption: The Chinese Experience in Maintaining Undisrupted Learning in COVID-19 Outbreak”. Beijing: Smart Learning Institute of Beijing Normal University.
  • Geostat. (2019). “Share of households with internet access’, National statistics office of Georgia”. Retrieved on 1 April 2020 from https://www.geostat.ge/en/modules/categories/106/information-and-communication-technologies-usage-in-households
  • Geostat. (2019). “Share of households with computer access, National statistics office of Georgia”. Retrieved on 1 April 2020 from https://www.geostat.ge/en/modules/categories/106/information-and-communication-technologies-usage-in-households
  • Geostat. (2019). “Share of population aged 6 and older who uses mobile phone”. National statistics office of Georgia. Retrieved on 1 April 2020 from https://www.geostat.ge/en/modules/categories/106/information-and-communication-technologies-usage-in-households.
  • The Government of Georgia. (2020). “List of Actions Restricted and Permitted under the Government Resolution during the State of Emergency Enforced on the Territory of Georgia”. Retrieved on 1 April 2020 from http://gov.ge/index.php?lang_id=ENG&sec_id=288&info_id=75732.
  • Collis, B., Moonen, J. and Vingerhoets, J. (1997). “Flexibility as a Key Construct in European Training: Experiences from the TeleScopia Project. British Journal of Educational Technology.” 28: 199-217. doi:10.1111/1467-8535.00026.
  • Lee, M. J. W., & McLoughlin, C. (2010). “Beyond distance and time constraints: Applying social networking tools and Web 2.0 approaches to distance learning”. In G. Veletsianos (Ed.), Emerging technologies in distance education(pp. 61–87). Edmonton, AB: Athabasca University Press.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *