نصيرة بوبعاية

شهرزاد الوافي

طالبة دكتوراه، جامعة قسنطينة 2 (الجزائر)

مخبر الدراسات والبحوث التسويقية

nassira.boubaya@univ-constantine2.dz

chahrazed.louafi@univ-constantine2.dz

الملخص:

         أصبحت اقتصاديات اليوم قائمة على المعرفة والتكنولوجيات الحديثة، التي تعمل على تغيير كيفية قيام الشركات بأعمالها وتعريضها للعديد من المخاطر والفرص الجديدة، هذا وبمرور الوقت ومع تزايد اعتماد الشركات على هذه التقنيات تجد العديد من الوظائف والمهن نفسها أمام حتمية مواكبة هذه المستجدات التكنولوجية، فمجال التدقيق اليوم أصبح مطالبا بضرورة تحديث الأدوات وتقنيات المستخدمة لتزويد الشركات بمستويات أعلى من التأكيد للبقاء في مستوى تطلعاتهم. تنبع أهمية هذه الدراسة من أهمية الفرص والتحديات التي تفرضها التكنولوجيات الحديثة على مجال التدقيق، وتدور إشكالية الدراسة حول مستقبل التدقيق في ظل الفرص والتحديات التي تفرضها التكنولوجيات الحديثة؟، وهدفتإلى إبراز مستقبل التدقيق في ظل فرص وتحديات التطور التكنولوجي، مناقشة التطورات الحالية في التقنيات الحديثة وتأثيرها المحتمل على إجراءات التدقيق، إلى جانب تحديد الدور الجديد للمدققين في ظل وجودها، ووجود كم هائل من التحليلات المتقدمة، وهذا بالاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي، وأسفرت نتائج الدراسة إلى أن استخدام التقنيات الحديثة في التدقيق تجلب العديد من الفرص كتسهيل إجراءات التدقيق، وزيادة دقتها، موثوقيتها، وتحسين تغطيتها وتحديد المخاطر المرتبطة بالعميل والتركيز عليها وكشف الثغرات والعيوب الأمنية في أنظمة المؤسسة، ومساعدتها على حماية بياناتها بطريقة فعالة، أما بالنسبة لأهم التحديات التي تواجه التدقيق مستقبلا فتتمثل في تكاليف اكتساب ودمج التكنولوجيات الحديثة في إجراءات التدقيق وتدريب المدققين على استخدامها، كما خلصت الدراسة إلى جملة من التوصيات منها ضرورة قيام المدققين برصد ومراقبة التطورات في التكنولوجيات الحديثة والإلمام بأساسياتها نظرا لتأثيرها على أنظمة تكنولوجيا المعلومات، ووظائف المؤسسة، نظام الرقابة الداخلية، وكيفية إعداد التقارير المالية، إلى جانب العمل مع الخبراء لمراجعة التقنيات المعقدة، والمخاطر المرتبطة بها، وفهم كيفية تغيير التكنولوجيات الحديثة لعملية وإجراءات التدقيق.

الكلمات المفتاحية: التدقيق، التكنولوجيات الحديثة. تصنيفات JEL: M42، 31O.

The future of auditing in light of the opportunities and challenges of modern technologies

Nasira Boubaa’a PhD student, University of Constantine 2 (Algeria)

Scheherazade Al-Wafi Marketing studies and research lab

 

Abstract:

 Today’s economics is based on knowledge and Modern Technologies, which are changing how companies do business and exposing them to many new risks and Opportunities. Over time, as companies become increasingly dependent on these technologies, many jobs and professions find themselves faced with the imperative of keeping up with these technological developments, The field of Auditing today Demands to update the tools and techniques used to provide companies with higher levels of confirmation to stay up to date with their aspirations, The importance of this study stems from the importance of the Opportunities and Challenges posed by Modern Technologies for scrutiny, The problem of the study is the future of scrutiny in the light of the Opportunities and Challenges posed by Modern Technologies. This study aims at highlighting the Future of Auditing in the light of the Opportunities and Challenges of Modern Technologies, based on the analytical descriptive approach, and the results of the study have resulted in the use of New Techniques in Auditing that bring many Opportunities such as facilitating Auditing procedures, increasing their accuracy, reliability, and Improving their coverage, identifying and focusing on risks associated with the customer, exposing gaps and security deficiencies in the organization’s systems, helping them to protect their data effectively, As for the most important Challenges facing Auditing in the Future, are the costs of acquiring and integrating New Technologies into Audit procedures and training auditors in their use, The study also concluded with a set of recommendations, including the need for auditors to monitor and control developments in Modern Technologies, And know their basics, due to their impact on information technology systems, and the functions of the organization, the internal control system, how to prepare financial reports, working with experts to review complex technologies, the risks associated with them, and understanding how to change New Technologies for Auditing processes and procedures.

Keywords: Audit,  Modern Technologies.

JEL Classification Codes: M42, O31.

المقدمة:

         في ظل البيئة المتطورة القائمة على المعرفة والتكنولوجيات الرقمية التي يشهدها العالم اليوم، أصبحت التقنيات الحديثة التي تستخدم في مختلف المجالات من ذكاء اصطناعيArtificial Intelligence ، بلوكتشين Blockchain، أمن سيبراني Cyber Secrity، وبيانات ضخمة  Big Dataتفرض العديد من الفرص والتحديات التي يجب أخذها بعين الاعتبار خاصة في مجال المال والأعمال الذي يمر بمرحلة تحول جد مهمة، لذلك يجب على المحاسبين، والمدققين، ولجان التدقيق، والإدارة أن يكون لديهم فهم قوي للأدوار والمسؤوليات الجديدة مع زيادة استخدام التقنيات الناشئة في المؤسسات، نظرا لما لها من قدرة على تغيير الطريقة التي تتم بها عمليات التسجيل المحاسبي، وإعداد التقارير المالية، مما يعني تلقائيا تغير في طريقة تدقيق العمليات والقوائم المالية، ففي سابق كانت إجراءات وعمليات التدقيق تستند في إعداد التقارير النهائية على البيانات التاريخية فقط، وقد نتج عن ذلك عدم الوصول في الوقت المناسب إلى البيانات وتصحيحها واستخدامها للحصول على معلومة مفيدة يستند إليها أصحاب المصلحة في عملية اتخاذ القرارات، لهذا فالحاجة إلى منهجية إستباقية في التدقيق والوصول في الوقت المناسب إلى البيانات وتصحيحها أصبح واضحا، فإدخال التكنولوجيات الحديثة في الممارسات العملية للتدقيق يمكن أن تقلل من الحواجز التي يواجهها المدقق كتكرار أخذ العينات الذي يستغرق وقتا طويلا، ومساعدة المؤسسات ومستخدمي القوائم المالية على تأكيد البيانات المالية في الوقت الحقيقي، وتلبية متطلبات الامتثال والتأكد من أن أنظمة المعلومات تضيف قيمة إلى المؤسسة، وتأكد من سلامة نظام رقابتها الداخلية، وأن موظفيها يمتثلون لجميع الضوابط والقوانين الموضوعة داخلها، ليس هذا فحسب بل توفر التكنولوجيا للمستخدمين عددا كبيرا من مصادر المعلومات بخلاف البيانات المالية التقليدية، باختصار يمكن القول أن مجال التدقيق يواجه فرصا وتحديات تفرضها التكنولوجيات الحديثة، وبالأخص في ظل الزيادة الهائلة في حجم البيانات المتاحة، لذلك يحتاج التدقيق إلى مواكبة التكنولوجيات الحديثة، والتي ستكون المحرك والدافع الرئيسي للتغيير طريقة تأدية المدققين لمهامهم لتلبية احتياجات مستخدمي المعلومات بشكل فعال، ومن خلال ما سبق تتبلور معالم الإشكالية التالية:

ما هو مستقبل التدقيق في ظل الفرص والتحديات التي تفرضها التكنولوجيات الحديثة؟

وللإجابة على إشكالية الدراسة سنحاول الإجابة على مجموعة من التساؤلات الفرعية التالية:

– ما هي أهم التكنولوجيات الحديثة؟، وفيما تتمثل خصائصها؟

– فيما تتمثل الفرص المتاحة أمام التدقيق عند استعمال التكنولوجيات الحديثة؟

– ما هي أهم التحديات التي تفرضها التكنولوجيات الحديثة على مجال التدقيق؟

أهمية الدراسة: تكمن أهمية الدراسة في أهمية مواكبة مجال التدقيق لمستجدات التكنولوجيات الحديثة، نظرا للفرص العديدة التي توفرها للمؤسسات بصفة عامة وللمدققين بصفة خاصة، والتي من بينها إتاحة التكنولوجيا الجديدة للمدققين تحليل كميات ضخمة من البيانات المالية للمؤسسة واختبار 100 % من معاملاتها بدلاً من الاعتماد على الطريقة التقليدية التي تستند على اختبار عينة فحسب، إذ تمكن الأدوات المتطورة المدققين من إجراء تحليلات متقدمة لاكتساب رؤية أعمق للعمليات وهو ما تعمل تحليلات البيانات الضخمة تحقيقه للمؤسسات، إلى جانب أتمتة العمليات وجعل التدقيق آلي باستخدام فروع الذكاء الاصطناعي، وحماية البيانات المؤسسات باستخدام أدوات الأمن السيبراني، وتسهيل عمليات التدقيق واكتشاف الأخطاء والغش والاحتيال باعتماد تقنية البلوكتشين.

أهداف الدراسة: تسعى هذه الدراسة لتحقيق عدة أهداف أهمها:

– التعريف بالتكنولوجيات الحديثة، وأهم تقنيات الحديثة المستخدمة؛

– تحديد الدور الجديد للمدققين في ظل وجود التكنولوجيات الحديثة، وكم هائل من التحليلات المتقدمة؛

– التعرف على مختلف الفرص التي توفرها التكنولوجيات الحديثة لمهنة التدقيق؛

– إبراز أهم التحديات التي تواجه مهنة التدقيق في ظل وجود واستعمال التكنولوجيات الحديثة؛

– مناقشة التطورات الحالية في التقنيات الناشئة وتأثيرها المحتمل على إجراءات التدقيق.

منهج الدراسة والأدوات المستخدمة: لتحقيق أهداف الدراسة، تم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي عند عرض مختلف التعاريف والمفاهيم المتعلقة بالموضوع كمفهوم التكنولوجيات الحديثة، الذكاء الاصطناعي، البلوكتشين، الأمن السبيراني، البيانات الضخمة، التدقيق، … وغيرها من المفاهيم التي تساعد على فهم الموضوع بصورة أفضل، وعند توضيح مختلف الفرص والتحديات التي تفرضها التكنولوجيات الحديثة على مهنة التدقيق، أما فيما يخص الأدوات المستخدمة فقد تم الإطلاع على مجموعة من الكتب، المجلات والتقارير، إلى جانب المواقع الرسمية عبر الانترنت لإيجاد بعض الحلول لإشكالية الدراسة.

محاور الدراسة: تم تقسيم الدراسة إلى ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في:

المحور الأول: الإطار المفاهيمي للتكنولوجيات الحديثة؛

المحور الثاني: الإطار النظري للتدقيق؛

المحور الثالث: الفرص والتحديات التي تواجه التدقيق في ظل التكنولوجيات الحديثة؛

وصولا إلى الخاتمة وما ستحتويه من نتائج الدراسة والتوصيات اللازمة.

المحور الأول: الإطار المفاهيمي للتكنولوجيات الحديثة

         يعود تاريخ تطور التكنولوجيا إلى تاريخ الإنسانية عبر مراحلها المختلفة، حيث بدأت علاقة الإنسان بالتكنولوجيا عند استخدامه للأدوات المحيطة به في الطبيعة من أجل الحصول على الطعام وحماية نفسه، وقد ساعدته هذه الأدوات في التطوير من نفسه، وزيادة قدرته على أداء الأعمال بسهولة، ومن ثم القدرة على تطوير الأدوات البدائية بالنسبة لنا، وقد كانت بداية التكنولوجيا كما نعرفها بمفهومها الحديث وهو استخدام الأجهزة الكهربائية، أما حاليا فقد غزت التّكنولوجيا الحديثة حياة جميع الناس، فقد أصبحت ترافق الأشخاص في جميع الأوقات سواء كان ذلك عن طريق الهواتف الذكية، أو الحواسيب، أو وسائل التكنولوجيا التي دخلت في جميع الصناعات والسلع كالسيارات والطائرات وغيرها، ورغم الجوانب السلبية التي نتجت عن سوء استعمال التكنولوجيا والتي يعارضها كثير من الناس، إلا أنها بلا شك قد جلبت النفع الكبير لحياة الإنسان، وأسهمت بشكل كبير في تطوره.

أولا- تعريف التكنولوجيات الحديثة:

         توجد عدة تعريفات للتكنولوجيات حيث تعرف على أنها “نظام تم إنشاؤه من قبل البشر الذين يستخدمون المعرفة والتنظيم لإنتاج الأشياء والتقنيات من أجل تحقيق أهداف معينة”(La Shun, 2017, P. 07)، ويمكن تعريفها أيضا على أنها “مجموعة من المعارف والمهارات والخبرات المتراكمة والمتاحة والأدوات والوسائل المادية والتنظيمية والإدارية التي يستخدمها الإنسان لاستغلال موارد البيئة وتطويع ما فيها من موارد وطاقات لخدمته في أداء عمل أو وظيفة ما في مجال حياته اليومية لإشباع الحاجات المادية والمعنوية سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، أي أنها تمثل علاقة تفاعل بين ثلاثة أضلاع لمثلث واحد وهي: الإنسان، المواد والأدوات”(أحمد، 2007، ص. 185)، في حين أن تعريف جامعة Oxford للتكنولوجيات الحديثة هو أنها “مجموعة من التقنيات الإنتاجية التي توفر تحسناً كبيراً (سواء تم قياس هذا التحسن من حيث زيادة الناتج أو تخفيض التكاليف) على التكنولوجيا القائمة لعملية معينة في سياق تاريخي محدد ” (Oxford University Press, 2020)، وفي تعريف آخر التكنولوجيات الحديثة هي “تقدم التكنولوجيا القديمة بإضافات وتعديلات جديدة”.(Muhammed, 2020)

         ومن خلال ما سبق يمكن تعريف التكنولوجيات الحديثة على أنها مجموعة من التقنيات والأجهزة الإلكترونية التي تم تطويرها مع مرور الزمن، قائمة على الكفاءة والسرعة العالية في تنفيذ المهام التي يحتاج إليها المستخدم، فيصبح قادرًا على الوصول إلى أهدافه بمختلف الطرق بأسرع وقت وبأعلى درجات الكفاءة، كما أنها طريقة مثالية للوصول إلى مصدر موثوق للحصول على الخدمة أو المعلومة القيّمة.

ثانيا- خصائص التكنولوجيات الحديثة:

         تتميز التكنولوجيا الحديثة بعدة خصائص أهمها:( (https://technology.tki.org

– التكنولوجيا الحديثة مصممة لتعزيز قدرات الناس وتوسيع الإمكانيات البشرية، ولها تأثيرات إيجابية وسلبية على العالم الاجتماعي والطبيعي؛

– تستخدم التكنولوجيات الحديثة المعرفة التكنولوجية وتنتجها، وتؤيد المجتمعات المعرفة التكنولوجية عندما يثبت أنها تدعم التطوير الناجح للنتائج التكنولوجية؛

– جميع التقنيات موجودة في السياق التاريخي، تتأثر وتؤثر في المجتمع والثقافة؛

– الممارسة التكنولوجية متعددة التخصصات، حيث تعتمد أكثر من أي وقت مضى على التعاون بين مجتمع التكنولوجيا والأشخاص من التخصصات الأخرى.

ثالثا- أهم التكنولوجيات الحديثة:

         حسب تقرير معهد المحاسبة الإدارية وجمعية المحاسبين المعتمدين والخبراء والباحثين فإن أهم التكنولوجيات الحديثة العشرة تتمثل في الحوسبة السحابية Cloud Computing، الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence، والروبوتات Robots، الموبيل Mobil، الأمن السيبراني Cyber Secrity، التعليم Educational، أنظمة الدفع الإلكترونيE-Payment ، الواقع الافتراضيVirtual Reality ، وتوصيل الخدمة الرقمية والتواصل الاجتماعي، والبيانات الضخمةBig Data ، إلا أن تركيزنا سيكون منصب على أربعة تقنيات فقط نظرا لأهميتها وتأثيرها المحتمل على كيفية ممارسة تدقيق الحسابات في المستقبل والمتمثلة في: (The Institute of Chartered Accountants, 2017, p. 06)

– الذكاء الاصطناعيArtificial Intelligence : يشير الذكاء الاصطناعي (AI) إلى الآلات التي تقوم بمهام تتطلب نوعًا من “الذكاء”، والتي تشير عادةً إلى التعلم، والمعرفة، والاستشعار، والتفكير، وإنشاء وتحقيق الأهداف، وتوليد وفهم اللغة، والتقدم الذي تم إحرازه مؤخراً في الذكاء الاصطناعي مستند إلى تقنيات مثل التعلم الآلي والتعلم العميق، حيث تتعلم الخوارزميات كيفية القيام بأشياء، مثل تصنيف الأشياء أو التنبؤ بالقيم، من خلال التحليل الإحصائي لكميات كبيرة من البيانات؛

– البلوكتشين Blockchain: تقوم تقنية البلوكتشين بتغيير أساسي في كيفية إنشاء السجلات وحفظها وتحديثها، فبدلاً من مسك السجلات من قبل شخص واحد، يتم توزيع سجلات  Blockchainعلى جميع المستخدمين، أي انتشار نسخة واحدة متفق عليها إلى كل مستخدم كجزء من سجل دائم، وتتم مشاركة إدخال واحد بشكل متطابق ودائم مع كل مشارك، والذي من شأنه خلق نوع من “المسك الشامل للدفاتر”؛

– الأمن السيبراني Cyber Secrity: ويسمى أيضا بالأمن الالكتروني فهو يغطي التدابير التي تحمي الشبكات والأنظمة والأجهزة والبيانات من الهجمات أو الوصول غير المصرح به أو التلف، كما تغطي الممارسات الجيدة فيه أيضًا مجموعة واسعة من الأنشطة لمراقبة بيئات تكنولوجيا المعلومات، واكتشاف الاختراقات أو الانتهاكات والاستجابة لحالات الفشل الأمني، فالمؤسسات حاليا تواجه العديد من التحديات في بناء إدارة فعالة للمخاطر حول هذا الأمن، بما في ذلك انتشار المخاطر الإلكترونية عبر جميع الأنشطة التنظيمية، والطبيعة الخارجية للعديد من التهديدات، وسرعة التغير في المخاطر؛

– البيانات الضخمة Big Data: تشكل البيانات جوهر كل الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك مهنة المحاسبة، وتشمل التحسينات الحديثة القائمة على التكنولوجيا لقدرات البيانات الوصول إلى كميات كبيرة جدًا من البيانات، ومصادر جديدة للبيانات، وخاصة البيانات غير المهيكلة مثل النصوص والصور، وزيادة التركيز على البيانات السريعة في الوقت الفعلي، وتبرز الاستخدامات المختلفة للبيانات وأدوات التحليل المرتبطة بها الجوانب المختلفة لهذه الخصائص، فالقدرة على معالجة كميات كبيرة من البيانات تتيح تحليل مجموعات كاملة من البيانات، بدلاً من العينات، أو فحص المزيد من البيانات بدقة أكبر، ومن الممكن أن يوفر الربط بين البيانات من أنظمة مختلفة، أو البيانات الجديدة من جهات خارجية، رؤى جديدة.

رابعا- أهمية التكنولوجيات الحديثة:

         أصبح تصور الحياة بدون التكنولوجيا أمرا صعب وهذا بسبب أهميتها ومدى اعتمادنا عليها، وفيما يلي سنقوم بذكر أهمية التكنولوجيات الحديثة في بعض المجالات:

الاتصال: أحد المجالات التي تعتبر فيها التكنولوجيا الحديثة أكثر أهمية هو مجال الاتصالات، إذ اختصرت الانترنت المسافات الطويلة، مما سمح للمستخدمين بالتواصل مع الأشخاص على الجانب الآخر من الكوكب في لحظة، كما زادت التكنولوجيا أيضًا من اتصالاتنا، حيث توفر الهواتف المحمولة والأجهزة الأخرى ارتباطًا دائمًا بشبكة الاتصالات العالمية؛

– التعليم: أصبحت أجهزة الكمبيوتر والانترنت مهمة للغاية في مجال التعليم، إذ يمكن لأجهزة الكمبيوتر تخزين كميات كبيرة من البيانات في مساحة صغيرة جدًا، كتخزين مئات الألعاب التعليمية والدروس الصوتية والمرئية بالإضافة إلى توفير الوصول إلى ثروة من المعرفة للطلاب، كما يمكن أن تحل اللوحات البيضاء الافتراضية محل السبورات، مما يسمح للمدرسين بتوفير محتوى تفاعلي للطلاب وتشغيل الأفلام التعليمية دون الحاجة إلى إعداد جهاز عرض، هذا وتقوم الانترنت بربط المواقع المعلوماتية التي تسمح للأشخاص بالبحث عن أي موضوع يمكن تخيله تقريبا؛

– الإنتاجية: أدت التكنولوجيا أيضًا إلى زيادة الإنتاجية بشكل كبير، حيث تتيح قدرة أجهزة الكمبيوتر على حل المعادلات الرياضية المعقدة، وتسريع أي مهمة تتطلب قياسًا أو حسابات أخرى، كما يمكن أن توفر النمذجة الحاسوبية للمهندسين القدرة على محاكاة الهياكل أو المركبات أو المواد لتوفير البيانات الأولية عن الأداء قبل النماذج الأولية، كما تؤدي قدرة أجهزة الكمبيوتر المتصلة بالشبكة على مشاركة البيانات ومعالجتها، وتسريع مجموعة متنوعة من المهام، مما يسمح للموظفين بالعمل معًا بكفاءة لتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية؛ (Milton)

– الرعاية الصحة: سمحت التكنولوجيا الحديثة بإحداث تطورات كبيرة في مجال الرعاية الصحية وربطت المرضى بالأطباء في جميع أنحاء العالم، من خلال رقمنة السجلات الصحية، حيث أصبح بإمكان الممرضات والفنيين الوصول إلى سجلات المرضى في أي منشأة، هذا يعني أنه إذا قمت بزيارة أخصائي بدلاً من طبيبك المعتاد، فستكون سجلاتك على بعد نقرة واحدة، ولا يعد هذا مفيدًا للمريض فحسب، بل إنه يساعد متخصصي الرعاية الصحية في اكتشاف تفشي البكتيريا والفيروسات ووضع تدابير وقائية في مكانها الصحيح، كما ساعد ظهور الأجهزة المحمولة إلى زيادة رعاية المرضى، إذ يمكن للممارسين زيارة المواقع البعيدة وتقديم العلاج للأشخاص الذين قد يكافحون للحصول عليه(Mariel, 2018)، فالتطور التكنولوجي في المعدات والأدوات الطبية يساعد على التحديد والتشخيص المبكر للأمراض، وبالتالي المساهمة في العلاج المبكر وزيادة فرص إنقاذ الأرواح وإطالة العمر وتحسين نوعية الحياة للناس في جميع أنحاء العالم.

         على ضوء ما سبق يمكن القول أن التكنولوجيات الحديثة أحدثت ثورة في العالم بتأثيرها في المجتمعات من حيث تنمية الاقتصاديات المتقدمة، وتحسين نوعية الحياة وتغيرها بشكل عميق، إذ أصبح لوجود التكنولوجيا دور مهم في العديد من المجالات التي من بينها تدقيق الحسابات.

المحور الثاني: الإطار النظري للتدقيق

         يعود أصل التدقيق إلى العصور الوسطى، أما التدقيق الحديث فيعود إلى عصر دخول المؤسسات الصناعية الكبرى إلى حيز الوجود، والفصل بين ملكية المشروع وإدارته، فالغرض من التدقيق هو تعزيز درجة ثقة مستخدمي البيانات المالية والتي يتم تحقيقها من خلال جمع المدقق لأدلة تدقيق كافية ومناسبة من أجل إبداء رأيه حول ما إذا كانت البيانات المالية خالية من الأخطاء الجوهرية وإعطاء حكم عن مدى صدق وعدالة القوائم المالية لمؤسسة معينة.

أولا- تعريف التدقيق:

         من بين أهم التعاريف التي قدمت لتدقيق تعريف جمعية المحاسبة الأمريكية (AAA) التدقيق بأنه عملية منتظمة وموضوعية للحصول على القرائن المرتبطة بالعناصر الدالة على الأحداث الاقتصادية وتقديمها بطريقة موضوعية لغرض التأكد من درجة مسايرة هذه العناصر للمعايير الموضوعية ثم توصيل نتائج ذلك إلى الأطراف المعنية (أحمد، 2015، ص. 09)، هذا وينص التعريفالوارد في معيار التدقيق الدولي 200ISA  على أن “الهدف من تدقيق البيانات المالية هو تمكين المدقق من إبداء رأي حول ما إذا كانت البيانات المالية معدة وفقًا للإطار المحدد لإعداد التقارير المالية”( Rick & al, 2005, p. 10)، في حين أن تعريف المنظمة الدولية للمعايير (ISO) للتدقيق في معيار إرشادات لتدقيق نظم الإدارة (19011:2018ISO ) بأنه “عملية منهجية مستقلة وموثقة، تتم للحصول على أدلة التدقيق موضوعية، وتقييمها بشكل موضوعي للتأكد من استيفاء معايير التدقيق”(https://www.iso.org)، كما يمكن تعريفه بأنه “فحص انتقادي يسمح بتحديد المعلومات المقدمة من طرف المؤسسة والحكم على العمليات التي جرت والنظم المقامة التي أنتجت تلك المعلومات”.(محمد، 2008، ص. 11)

         ومما سبق يمكن القول أن التدقيق عملية منظمة ومنهجية تعتمد على خطة مسبقة، يقوم بها شخص مؤهل محايد ومستقل، يفحص من خلالها الدفاتر والسجلات والقوائم المالية ونظام الرقابة الداخلية للوحدة بكل دقة وشمولية، للتأكد عن مدى صحة ومصداقية القوائم المالية والحسابات الختامية التي أعدتها، ومدى توافقها مع المعايير الموضوعة، وإبلاغ نتائج الفحص عن طريق تقديم تقرير للمستخدمين المهتمين.

         وللتدقيق أنواع متعددة بحسب وجهات نظر مختلفة، أو بالأحرى يختلف تصنيف التدقيق باختلاف المعيار المستخدم وفق الزاوية التي ينظر إليه من خلالها، فمثلا حسب معيار طبيعة الأشخاص القائمين بالتدقيق نجد التدقيق الداخلي، والتدقيق الخارجي.

ثانيا- أهمية التدقيق:

         تنبع أهمية التدقيق من كونه وسيلة لا غاية تهدف إلى خدمة عدة فئات سواء كانت داخل أو خارج المؤسسة وتربطهم علاقة بها، حيث تعتمد هذه الفئات على التقرير النهائي لعملية التدقيق في اتخاذ القرارات ورسم السياسات ووضع الخطط المستقبلية لها، ومن هذه الفئات ما يلي:(رزق، 2015، ص. 39)

– إدارة المشروع التي تعتمد اعتمادا كليا على البيانات المحاسبية المدققة (من قبل جهة محايدة) في عملية التخطيط ومراقبة الأداء وتقييمه؛

– المستثمرون الذين يعتمدون على القوائم المالية المدققة في اتخاذ القرارات التي تستخدم لتوجيه مدخراتهم واستثماراتهم بحيث تحقق لهم أكبر عائد ممكن؛

– الجهات الحكومية التي تعتمد على القوائم المدققة في أغراض كثيرة، منها التخطيط والرقابة وفرض الضرائب وغير ذلك؛

– المقرضون والبنوك الذين يعتمدون على القوائم المالية المدققة من قبل هيئة فنية محايدة، بحيث تساعدهم في التعرف على الوضع المالي للمنشآت التي تقوم بتقديم قروض أو تسهيلات ائتمانية لهم.

ثالثا- أهداف التدقيق:

         يمكن بوجه الإجمال حصر الأهداف التقليدية للتدقيق فيما يلي:(مصطفى، 2014، ص. 22)

– التأكد من دقة وصحة البيانات المحاسبية المثبة في دفاتر المشروع وسجلاته، وتقرير مدى الاعتماد عليها؛

– الحصول على رأي فني محايد حول مطابقة القوائم المالية لما هو مفيد بالدفتر والسجلات؛

– اكتشاف ما قد يوجد بالدفتر من أخطاء أو غش؛

– تقليل فرص الأخطاء والغش عن طريق زيارات المدقق المفاجئة للمشروع وتدعيم أنظمة الرقابة الداخلية المستخدمة لديه.

         أما اليوم، فقد تعدت عملية التدقيق هذه الأهداف إلى أهداف وأغراض أخرى أهمها: (خالد، 2014، ص. 09)

– مراقبة الخطط الموضوعة ومتابعة تنفيذها؛

– تقييم نتائج أعمال المشروع بالنسبة إلى الأهداف المرسومة؛

– تحقيق أقصى قدر ممكن من الكفاية الإنتاجية عن طريق محو الإسراف في جميع نواحي نشاط المشروع؛

– تحقيق أقصى قدر ممكن من الرفاهية لأفراد المجتمع الذي يعمل فيه المشروع. ويأتي هذا الهدف الأخير نتيجة التحول الذي طرأ على أهداف المشاريع بصورة عامة حيث لم يعد “تحقيق أكبر قدر من الربح” الهدف الأهم بل شاركته في الأهمية أهداف أخرى منها: “العمل على رفاهية المجتمع الذي يعمل فيه المشروع”.

رابعا- أهمية التكنولوجيات الحديثة في التدقيق:

         إن استخدام التكنولوجيات الحديثة في ممارسات التدقيق يعمل على تحقيق ما يلي: (lutz, 2017)

1- تحسين كفاءة التدقيق: من المتوقع أن تسهل التكنولوجيات الحديثة العمل الميداني للتدقيق من خلال أتمتة المهام اليدوية، والمهام التي تستغرق وقتا طويلا، فعلى سبيل المثال يمكن لأنظمة الكمبيوتر في شركات المحاسبة والتدقيق الآن التفاعل مع أنظمة العملاء لنقل البيانات وتجميعها تلقائيا، حيث تستخدم بعض الشركات أيضًا طائرات بدون طيار لمراقبة عمليات الجرد المادي، ففي السابق كانت هذه العمليات تتم يدويًا؛

2- تحسين الاختبار باستخدام تحليل البيانات الضخمة: تتيح التكنولوجيا الحديثة للمدققين تحليل كميات ضخمة من البيانات المالية للمؤسسة واختبار 100 % من معاملاتها بدلا من اختبار عينة فقط، إذ تمكن الأدوات المتطورة المدققين من إجراء تحليلات متقدمة لاكتساب رؤية أعمق لعمليات المؤسسة، كما تسمح أيضا تحليلات البيانات للمدققين بتتبع وتحليل اتجاهات عملائهم ومخاطرهم بشكل أفضل مقابل مجموعات البيانات الصناعية أو الجغرافية، مما يؤدي إلى تقييمات أفضل طوال عملية التدقيق، مما يؤدي إلى توفير المدققين المزيد من الوقت لفحص المجالات المعقدة والتي تحتوي على مخاطر عالية، وتقديمهم لمستوى أعلى من التأكيد من خلال المراقبة المستمرة لقدرتهم للوصول إلى بيانات العميل في الوقت المناسب؛

3- تغييرات في الموظفين: مستقبلا يمكن أن تؤدي زيادة الأتمتة واستخدام الذكاء الاصطناعي إلى قيام الشركات بتوظيف عدد أقل من المدققين المبتدئين الذين يقومون بمهام يدوية سابقا، فبعض الشركات تخشى أن يؤدي هذا إلى نقص في عدد المدققين المهرة، مما يؤدي إلى زيادة الرواتب لجذب موظفين ذوي خبرة عالية المستوى؛

4- منافسة شركات المحاسبة والتدقيق لشركات التكنولوجيا: يمكن لشركات المحاسبة أن تجد نفسها تتنافس مع شركات التكنولوجيا مثل Apple، Facebook، وGoogle لجذب الموظفين لتصميم الخوارزميات.

المحور الثالث: الفرص والتحديات التي تواجه التدقيق في ظل التكنولوجيات الحديثة

         تجلب التكنولوجيات الحديثة فرص وتحديات لمهنة التدقيق، لذلك تستثمر العديد من شركات التدقيق باستمرار في التكنولوجيا الجديدة لتسهيل عملها، وذلك بتجربة برامج جديدة وأجهزة تقنية، لكن وبرغم قوة هذه الأدوات إلا أنها لن تصبح بديلا عن معرفة المدقق وحكمه وممارسته للشك المهني، عموما يمكن القول أن مثل هذه التطورات تبشر ببدء عصر التحول في مهنة التدقيق، من خلال هذا المحور سنتطرق إلى أهم الفرص والتحديات التي تواجه المهنة.

أولا- فرص استعمال التكنولوجيات الحديثة في التدقيق:

         فيما يلي نستعرض أهم الفرص المتاحة أمام التدقيق عند استخدام التكنولوجيات الحديثة في الممارسة.

1- التطبيقات الحالية والمستقبلية للذكاء الاصطناعي في التدقيق: تتضمن بعض التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي في تحديد مجالات التدقيق ذات المخاطر العالية، ومراجعة جميع المعاملات من أجل تحديد الأكثر خطورة للاختبار، وتحليل جميع الإدخالات في دفتر الأستاذ العام للكشف عن الحالات الشاذة، ويستخدم الذكاء الاصطناعي أيضًا لإجراء تحليلات لتحديد الأخطاء المالية أو حتى الاحتيال، حيث أبلغت إحدى شركات التدقيق الأربع الكبرى عن استخدام الأتمتة المحسّنة باستخدام مجموعة من التقنيات لإنشاء “أوراق عمل جاهزة للتدقيق”، كما قامت جميع الشركات الأربع الكبرىBig Four باستخدام الذكاء الاصطناعي لتقييم ضوابط المخزون من خلال استخدام الطائرات بدون طيار التي تقوم بعمليات التفتيش، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعلم العلاقات بين المتغيرات المستقلة/النسب المالية لتحديد الوضعية المالية للمؤسسة، ويتوقع خلال العامين المقبلين استخدام محتمل آخر للذكاء الاصطناعي في التدقيق هو مراقبة الضوابط الداخلية الآلية للعملاء، كما يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التعرف على الكلام والوجه أن تمكن الذكاء الاصطناعي من إجراء المقابلات، فقد تم الاستنتاج من الأدبيات السابقة أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي بنجاح لاكتشاف الخداع في الكلام أو العصبية في أنماط الوجه، إذ يمكن أن تكون هذه القدرة مفيدة في مقابلات الاحتيال، فعلى سبيل المثال تستخدم شركة “Deloitte” استراتيجية التدقيق المعرفي “Cognitive Audit”، والتي تتضمن توحيد عملية التدقيق أولاً، وبعد ذلك يتم رقمنة العمليات الموحدة، ثم تتم أتمتة المهام الرقمية، متبوعة باستخدام التحليلات المتقدمة للتدقيق، وفي الأخير يتم استخدام التكنولوجيا المعرفية (المعززة) لتحويل عملية التدقيق.((Ivy & al, 2020, pp. 211-213

2– تقنية البلوكتشين Blockchain لتسهيل إجراء عمليات تدقيق (أتمتة العمليات): تعتبر تكنولوجيا البلوكتشين Blockchain هي الترجمة المباشرة لمفهوم شبكة إنشاء القيمة (Value Creation Network)، فهذه التقنية تقدم مفهوما جديدا لإثبات أي نوع من المعاملات التي تتطلب حركة مالية أو تنقل أصل مادي أو معنوي أو إجراءات الطلب وما يتبعها من موافقات، ولا تكتفي Blockchain بتقديم حلول سريعة وميسرة لهذه المعاملات فقط، ولكنه يتعداها ليمنح تلك المعاملات موثوقية ومعايير أمنية يتعذر إنكارها أو التحايل عليها (علي، 2020، ص. 239)، فعلى المدى القصير سنرى اعتماد المؤسسات لتقنية Blockchain على نطاق واسع وبشكل متكرر كوسيلة للتحقق من المعاملات، إذ يقوم دفتر الأستاذ الموزع على Blockchain بالتقاط المعلومات المالية في نقطة زمنية معينة، ولا يمكن تغييرها بعد وقوع الحدث، مما يعني أنه يمكن أن يصبح المعيار الذهبي للمدققين الذين يتطلعون للتحقق من الموارد المالية للمؤسسة، ويعمل Blockchain على توفير الوقت بشكل كبير، حيث يستغرق الأمر ساعة واحدة فقط للتحقق من 6 مجموعات من السجلات المالية، في حين يستغرق الأمر شهرا واحدا لمعالجة نفس العدد من المعاملات باستخدام بروتوكولات التدقيق المألوفة، وهذا ما سيجعل المدققون يبدؤون في البحث عن الاستفادة من هذه التقنية لتحقيق جودة عالية، ومعرفة مختلف الأخطاء الموجودة، والمعاملات الاحتيالية خصوصا في ظل تزداد صعوبة كشفها (Nathan, 2019)، ونظرًا لكونه دفتر أستاذ رقمي في الوقت الفعلي تقريبًا وموزع، فإن Blockchain لديه العديد من الخصائص الفريدة والقيمة التي يمكن بمرور الوقت تحويل مجموعة واسعة من المجالات، وهذه الخصائص تتمثل في:AICPA, 2017, p. 04))

– تسوية قريبة في الوقت الفعلي: يتيح  Blockchain تسوية المعاملات في الوقت الفعلي تقريبًا، وبالتالي تقليل مخاطر عدم السداد من قبل طرف واحد في المعاملة؛

– دفتر الأستاذ الموزع: تحتوي الشبكة الموزعة من نظير إلى نظير على تاريخ عام للمعاملات، يتم توزيع Blockchain وإتاحته بشكل كبير ويحتفظ بسجل آمن لإثبات حدوث المعاملة؛

– اللارجعة: يحتوي Blockchain على سجل يمكن التحقق منه لكل معاملة فردية تم إجراؤها على Blockchain، هذا يمنع الإنفاق المزدوج للعنصر الذي يتم تتبعه بواسطة Blockchain؛

– مقاومة الرقابة: توفر القواعد الاقتصادية المتضمنة في نموذج Blockchain حوافز مالية للمشاركين المستقلين لمواصلة التحقق من صحة الكتل الجديدة، هذا يعني أن Blockchain يستمر في النمو بدون “مالك”، كما أن الرقابة مكلفة.

3- فوائد التحكم في الأمن السيبراني: تعد الجريمة الإلكترونية في تزايد وبقوة، من خلال زيادة حوادث الأمن السيبراني، كزيادة حدوث برامج الفدية الضارة، وتزايد النضج والتأهيل المهني لمجرمي الانترنت، فمن خلال تتبع تطور نماذج أعمال الجريمة الإلكترونية، حيث بلغت في 2013 حوالي 100 مليار دولار، لتعرف ارتفاع في 2015 وتبلغ حوالي 400 مليار دولار، وتصل إلى 1 تريليون دولار سنة 2017، وتشير التوقعات بتكلفة الجريمة الالكترونية لسنة 2021 على مستوى العالم هو 6 تريليون دولار.

ومع الزيادة السريعة في جرائم الانترنت تتعرض المؤسسات بشكل منتظم للاختراق من قبل المتسللين لاستخراج قيمة (أموال، معلومات، … إلخ) من المؤسسة، أو إتلاف بياناتها وتعطيل عملياتها التجارية، ولا تؤثر حوادث الأمن السيبراني على الأعمال فحسب بل تؤثر أيضًا على مهنة التدقيق، حيث يجب على المدقق التحقق من صحة الأرقام المالية كما هي معروضة في التقرير السنوي، تمامًا مثل ما تقوم به المؤسسة، والتأكد من استمرارية وموثوقية المعالجة الآلية للبيانات (البيانات المحوسبة)، كما يجب على المدققين الماليين ومدققي تكنولوجيا المعلومات مراعاة مخاطر الأمن السيبراني ذات الصلة وتحديد تأثيرها على البيانات المالية(Veen, 2016, p. 53)، ويعتمد تدقيق الأمن السيبراني في الحصول على الأدوات ذات الصلة التي تغطي التهديدات للعمليات، حيث تساعد هذه الأدوات في حل المشكلات دون تصعيدها إلى مستوى أعلى من الدعم، وتنتشر أدوات الأمن السيبراني في مجالات مختلفة من الإجراءات المضادة للحاسوب والتصدي للهجمات، ويتم تنفيذ بعض الأدوات في الشبكات والتطبيقات، وأنظمة التشغيل، والتطبيقات المستندة إلى الويب، ويمكن شرح أهمية استخدام أدوات الأمن السيبراني من قبل مدققي نظم المعلومات في أربع مهام في خطوات متسلسلة لضمان وتحقيق عمليات المؤسسة، في أول مهمة جمع المعلومات، حيث يجب جمع المعلومات لتوضيح اتجاه المؤسسات وتقييم إمكانية الهجمات، وهناك الكثير من الأدوات في عملية جمع المعلومات، بعد ذلك تكتسب مهمة المسح ضعف المنافذ المستهدفة التي تعزز الصورة الكاملة للمدقق من خلال تحديد الثغرات التي تحدث في العمليات اليومية، وتساعد مهمة الاختبارات مدقق نظم المعلومات على تكوين وعي لتوقع المخاطر وإيجاد الخطوات اللازمة لوضع العمليات في الجانب الآمن والوضع المقبول، أخيرًا  مهمة التحقيقات الشرعية وتجميع الأدلة، حيث يتم إلتقاط المصدر والتفاصيل الرئيسية للهجوم لتقديم تقرير موجز عن الوضع الحالي للمؤسسة في حالة تلقي تهديدات خارجية أو داخلية، بالإضافة إلى هذا تساعد الأدوات المختارة مدقق نظم المعلومات على تقييم المخاطر والتهديدات في المؤسسات من الداخل أو الخارج عن طريق التحقق من الخطوات السابقة، ويؤدي التحقيق إلى استخدام أمن المعلومات كأداة تدقيق للتحليل والإبلاغ عن نقاط القوة والضعف والاحتياجات في المؤسسة.(Osamah & al, 2018, p. 04)

4- مزايا وفوائد دمج تحليلات البيانات الضخمة في التدقيق: حسب جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية (ACCA) يجب أن تؤدي زيادة الوصول إلى البيانات ومعالجتها، واتساق تطبيق أدوات تحليل البيانات إلى زيادة جودة وكفاءة التدقيق من خلال(ACCA, https://www.accaglobal.com)

– زيادة فهم الأعمال من خلال تحليل أكثر شمولاً لبيانات العميل واستخدام المخرجات المرئية مثل شاشات لوحة القيادة بدلاً من النص أو المعلومات الرقمية يسمح للمدققين بفهم اتجاهات وأنماط العمل بشكل أفضل ويسهل تحديد الانحرافات أو القيم المتطرفة؛

– التركيز بشكل أفضل على المخاطر: تساعد هذه الزيادة في الفهم على تحديد المخاطر المرتبطة بالعميل، مما يتيح توجيه الاختبار بشكل أفضل إلى تلك المناطق، يتم تعزيز ذلك بشكل أكبر من خلال تحرير وقت المدقق من تحليل البيانات الروتينية بحيث يمكن قضاء المزيد من الوقت في مجالات المخاطر؛

– زيادة الاتساق عبر عمليات تدقيق المجموعة حيث يستخدم جميع المدققين نفس التكنولوجيا والعملية، مما يمكّن مدقق المجموعة من توجيه أدوات محددة لاستخدامها في عمليات تدقيق المكونات وتنفيذ الاختبارات عبر المجموعة، قد يتطلب ذلك موافقة مناسبة من جميع المؤسسات المكونة، ولكن إذا تم منحه فإنه يتيح رؤية أكثر شمولية للمجموعة التي يتعين القيام بها؛

– زيادة الكفاءة من خلال استخدام برامج الكمبيوتر لأداء معالجة سريعة جدًا لأحجام كبيرة من البيانات وتقديم التحليل للمدققين ليؤسسوا استنتاجهم على أساسه، مما يوفر الوقت في التدقيق ويسمح بالتركيز بشكل أفضل على مجالات الحكم والمخاطر، على سبيل المثال يمكن اختبار عينات أكبر بكثير، وغالبًا ما يكون الاختبار ممكنًا بنسبة 100 % باستخدام تحليلات البيانات، وتحسين تغطية إجراءات التدقيق وتقليل مخاطر أخذ العينات أو القضاء عليها؛

– يمكن للمدقق التلاعب بالبيانات بسهولة أكبر كجزء من اختبار التدقيق، على سبيل المثال إجراء تحليل الحساسية على افتراضات الإدارة؛

– زيادة اكتشاف الاحتيال من خلال القدرة على استجواب جميع البيانات واختبار الفصل بين المهام، ويمكن مشاركة المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال تحليلات البيانات مع العميل، مما يضيف قيمة إلى التدقيق ويوفر فائدة حقيقية للإدارة حيث يتم تزويدهم بمعلومات مفيدة ربما من منظور مختلف.            

ثانيا- التحديات التي تواجه التدقيق في ظل وجود التكنولوجيات الحديثة:

         تحقق التقنيات الناشئة فوائد جمة، لكنها قد تجلب بالموازاة مجموعة متنوعة من المخاطر، أين يبرز الدور الأساسي لمهنة التدقيق في تقييم المخاطر والضوابط وبالأخص في ظل وجود مخاطر التكنولوجيا، فيما يلي نعرض أهم التحديات التي تواجه مهنة التدقيق في ظل وجود التكنولوجيات الحديثة.

1- التوقعات بعد اعتماد الذكاء الاصطناعي في ممارسات التدقيق: حسب تقرير شركة “PWC” في الصادر في 2017 فإن 5%  فقط من المؤسسات تعتبر نفسها ناضجة في استخدامها للذكاء الاصطناعي و15 % في استخدامها لتقنية RPA، مما يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحله المبكرة من التبني، فاعتماد التقنية على نطاق واسع مرتبط جزئيًا بالتكاليف، ونقص المهارات داخل المؤسسات، لذا من الضروري مراعاة مجموعات RPA وAI الأكثر ملائمة للمؤسسة، حيث قدرت “PWC” أنه يمكن أتمتة 45 % من أنشطة العمل وأن هذا سيوفر 2 تريليون دولار من تكاليف القوى العاملة العالمية سنويًا، يوضح هذا مدى استفادة المؤسسات من التنفيذ الفعال لتقنية الذكاء الاصطناعي، لذا من المهم استراتيجيًا أن تبدأ المؤسسات الاستثمار في الابتكار، حيث يتم اعتماد الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، والمؤسسات التي تنجح في تنفيذه ستحقق مكاسب إنتاجية ضخمة في عملها. هذا وستؤدي الأتمتة من خلال AI وRPA إلى إحداث تغييرات كبيرة في مجال المحاسبة والتدقيق، فمثلا المهام العادية والمتكررة التي يقوم بها عادةً الموظفون المبتدئون ستقوم بها الروبوتات، وبدلاً من ذلك سوف تبرز الحاجة إلى الخبرة البشرية على مستوى أعلى لاتخاذ القرارات التي تتطلب الحكم.(Max & al, 2020, pp. 91-92)

         لا يزال الطريق طويل للوصول إلى النقطة التي يمكن أن يحل فيها الذكاء الاصطناعي محل الحكم البشري أو الشك أو التجربة الشخصية، ولكن من الواضح أنه سيكون هناك تغيير مستمر في نماذج الأعمال الحالية ومن المحتمل أن يغير الطريقة التي تعمل بها المؤسسات، سيعمل الذكاء الاصطناعي على استدعاء مختلف الأشخاص والملفات الشخصية لدعم تنفيذ التكنولوجيا، فضلاً عن تطوير مهارات الأشخاص الحاليين، سيكون التحليل والتفسير المنطقي الذي يتم تقديره دائمًا أكثر قيمة من أي وقت مضى، مما يستدعي الأمر بالمدققين لتقديم نطاق أوسع من الخبرة والمعرفة وإعادة بناء المهارات، كما سيكتسب التخصص أهمية كبيرة، وبروز الحاجة إلى فرق تدقيق ذات تنوع أكبر في وجهات النظر والخلفيات، كما سينتقل العديد من متخصصي التدقيق إلى دور مستشار أعمال موثوق به، لتقديم رؤى استراتيجية باستخدام الأدوات المتاحة لهم، وهذا سيساعد العملاء على تحديد المخاطر والفرص المستقبلية، ليس هذا فحسب حيث ستبرز للمدققين مهام جديدة مثل تطوير استراتيجيات التدقيق لأنظمة التكنولوجيا المعقدة مثل Blockchain، وكما هو الحال مع أي ابتكار جديد هناك بعض الاعتبارات العملية التي يجب مراعاتها عند التخطيط لمستقبل “الذكاء الاصطناعي” على سبيل المثال مع زيادة حجم العمل الذي تقوم به الروبوتات البرمجية، سيحتاج المدققين إلى الثقة في أن التكنولوجيا تعمل بشكل صحيح وآمن في جميع الأوقات وضمن حدود الإطار التنظيمي المعقد ومعايير الإبلاغ والامتثال الحالية، في الأخير يمكن القول أن أحد المكونات الأساسية لنجاح الذكاء الاصطناعي هو ضمان جودة البيانات، ولا يمكن للمؤسسات جني الفوائد الكاملة للذكاء الاصطناعي إلا إذا عملت جميع الأطراف المعنية لضمان الاتساق في جودة البيانات التي يتم إدخالها في محرك الذكاء الاصطناعي من أجل تحقيق الدقة في المستوى الصحيح، فاشتقاق القيمة من الذكاء الاصطناعي مرهون بالاستثمار الصحيح والمهارات وتطوير ثقافة منفتحة على الابتكار.(FEI, 2017)

2-  Blockchainيفرض أعمالًا جديدة للمدققين: على مستوى التطبيق تجلب التقنية أعمالًا جديدة للمدققين، مثل مراجعة معاملات معينة والتحقق من وجود الأصول الرقمية، وإثبات الاتساق بين المعلومات الموجودة على Blockchain وفي العالم المادي، قد تكون هذه المهام الجديدة صعبة، لا سيما في حالة عدم وجود سلطات مركزية على Blockchain، لذا يحتاج المدققين إلى الاستفادة من خبرتهم في عمليات تدقيق أنظمة تكنولوجيا المعلومات لابتكار طرق جديدة لإنجاز التحقق من الملكية(Manlu & al, 2019, p. 25)، يمكن القول أن التقنية ستغير بشكل أساسي عملية التدقيق، نظرًا لأنه يتم تخزين سجل كامل للمعاملات عليها فلن يحتاج المدققين بعد الآن إلى طلب وانتظار الأطراف التجارية لتقديم البيانات والمستندات، بالإضافة إلى ذلك ستتجاوز التقنية عملية أخذ عينات التدقيق التقليدية، ويسمح بالتدقيق المستمر لأي معاملات “على السلسلة” في أي فترة محددة، وسيؤدي إلى تحرير الموارد التي تم إنفاقها سابقًا على جمع الأدلة والتحقق منها(Manlu & al, p. 26)، علاوة على ذلك فإن العديد من المعاملات المسجلة في البيانات المالية تعكس قيمًا تقديرية تختلف عن التكلفة التاريخية، سيظل المدققين بحاجة إلى النظر في إجراءات التدقيق وتنفيذها بشأن تقديرات الإدارة، حتى لو تم تسجيل المعاملات الأساسية فيها، وقد يؤدي اعتمادها على نطاق واسع إلى تمكين المواقع المركزية من الحصول على بيانات التدقيق، ومن المحتمل أن يقوم المدققين بتطوير إجراءات للحصول على أدلة تدقيق مباشرة منها، إلى جانب هذا يحتاج المدقق إلى النظر في مخاطر عدم دقة المعلومات بسبب الخطأ أو الاحتيال كتحدي جديد لأنه من المحتمل ألا يتحكم الكيان الذي يتم تدقيقه في Blockchain، أو النظر في مدى موثوقية البيانات المستخرجة منه قد تشمل هذه العملية النظر في الضوابط العامة لتكنولوجيا المعلومات (GITCs) المتعلقة ببيئة الـتقنية، كما يتطلب أيضًا من المدقق فهم وتقييم مصداقية بروتوكول الإجماع للـ Blockchain المحدد، لنظر فيما إذا كان يمكن التلاعب بالبروتوكول، كما يجب على مدققين أن يكونوا على دراية بالتأثير المحتمل الذي قد يحدثه استخدامه على عمليات التدقيق كمصدر جديد للمعلومات الخاصة بالبيانات المالية، سيحتاجون كذلك إلى تقييم السياسات المحاسبية للإدارة للأصول والالتزامات الرقمية، والتي لا يتم تناولها حاليًا بشكل مباشر في معايير التقارير المالية الدولية أو في مبادئ المحاسبة المقبولة عمومًا في الولايات المتحدة، إلى جانب حاجتهم إلى التفكير في كيفية تصميم إجراءات التدقيق للاستفادة من مزايا Blockchain وكذلك معالجة المخاطر المتزايدة.(AICPA, p. 10)

3- استخدام الأمن السيبراني في إدارة مخاطر فقدان البيانات: يعد التحدي الرئيسي الذي يواجه المؤسسات هو إدارة مخاطر فقدان البيانات، لذا يوجد طلب كبير على خدمات الأمن السيبراني، فشركات التدقيق تحتاج إلى إدراك تغير مخاطر العملاء، لذا فهي بحاجة إلى تقديم خدمات وحلول متطورة باستمرار لتلبية احتياجات العملاء (The Institute of Chartered Accountants, p. 09)، لذلك على المدققين استخدام مجموعة واسعة من برامج الأمن الالكتروني مثل أجهزة الكشف عن الثغرات الأمنية القادرة على توفير قدر هائل من المعرفة من أجل العثور على الثغرات والعيوب الأمنية في أنظمة المؤسسة.(https://mofeeed.com)

4- تحديات استخدام تحليلات البيانات الضخمة في التدقيق: حسب جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية (ACCA) هناك العديد من التحديات التي تواجه إدخال تحليلات البيانات الضخمة في شركات التدقيق، إلا أن أهمها عدم وجود لائحة أو إرشادات محددة تغطي جميع استخدامات تحليلات البيانات في عملية التدقيق، ينتج عن هذا صعوبة في وضع إرشادات الجودة، وهذا يعني أيضًا أن الشركات التي لديها الموارد اللازمة لتطوير أدوات تحليل البيانات الخاصة بها قد تتمتع بميزة تنافسية في السوق مما يؤدي بشكل فعال إلى زيادة الفجوة بين الشركات الكبرى والصغرى، وبتالي تقليل المنافسة الفعالة في مجال التدقيق، وتشمل المشاكل الأخرى التي يمكن أن تنشأ مع إدخال تحليلات البيانات كأداة تدقيق ما يلي:( (ACCA, https://www.accaglobal.com

– خصوصية البيانات والسرية: قد يؤدي نسخ وتخزين بيانات العميل إلى انتهاك قوانين السرية وحماية البيانات حيث تقوم شركة التدقيق الآن بتخزين نسخة من كميات كبيرة من بيانات العميل التفصيلية، وقد يتم إساءة استخدام هذه البيانات من قبل الشركات أو الوصول غير القانوني الذي يتم الحصول عليه إذا كان أمن بيانات المؤسسة ضعيفًا أو تم اختراقه مما قد يؤدي إلى عواقب قانونية وخيمة على السمعة، كما يمكن أن تكون خصوصية البيانات وسريتها سبب في تعطيل الأعمال، فقد يكون عميل التدقيق مترددًا في السماح لشركة التدقيق بالوصول الكافي إلى أنظمتها لإجراء تحليلات بيانات التدقيق؛

– عدم ضمان اكتمال وسلامة بيانات العميل المستخرجة: غالبًا ما يُطلب من المتخصصين استخراج البيانات، وقد تكون هناك عدة قيود على استخراجها كعدم امتلاك الشركة للأدوات المناسبة، أو عدم فهم بيانات العميل لضمان جمع جميع البيانات، استخدام العميل لأنظمة بيانات متعددة، وإتاحته للوصول إلى بيانات محددة فقط، أو سماحه بمعالجة بيانات متاحة للاستخراج؛

– قد تؤدي مشكلات التوافق مع أنظمة العميل إلى جعل الاختبارات القياسية غير فعالة إذا لم تكن البيانات متوفرة في التنسيقات المتوقعة؛

– قد يكون المدققين غير مؤهلين لفهم الطبيعة الدقيقة للبيانات والمخرجات لاستخلاص الاستنتاجات المناسبة، وسيتعين توفير التدريب الذي قد يكون مكلفًا؛

– يتم الاحتفاظ بالأدلة غير الكافية أو غير المناسبة في الملف بسبب عدم فهم أو عدم توثيق الإجراءات والمدخلات بشكل كامل؛

– تنشأ قضايا إدارة الممارسات المتعلقة بتخزين البيانات وإمكانية الوصول إليها طوال فترة الاحتفاظ المطلوبة لأدلة التدقيق، ويجب الاحتفاظ بالبيانات التي تم الحصول عليها لعدة سنوات في شكل يمكن إعادة اختباره، وبما أن هناك حاجة إلى كميات كبيرة من البيانات، فقد تحتاج المؤسسات إلى الاستثمار في الأجهزة لدعم تخزين البيانات أو الاستعانة بمصادر خارجية لتخزينها، مما يضاعف من مخاطر فقدان البيانات أو مشاكل الخصوصية؛

– الفجوة في التوقعات حيث يعتقد أصحاب المصلحة أن المدقق يختبر 100 % من المعاملات في منطقة معينة.

         في الأخير يمكن القول أن التكنولوجيات الحديثة تجلب تحديات وفرص جديدة لمجال التدقيق، كما أنها ستأثر على الطريقة التي يقوم بها المدققين لمهامهم، إلا أن خدمات التدقيق والتأكيد التقليدية ستظل مهمة، كما سيحتاج المدققين لتوسيع مجموعات مهاراتهم ومعارفهم لتلبية المتطلبات المتوقعة للأعمال.

الخاتمة:      

         من الواضح أن آفاق التكنولوجيات الحديثة واعدة للغاية بالنسبة لمجال التدقيق، وسيبدأ دور المدققين في الظهور بشكل مختلف مع نضوج هذه التقنيات الحديثة، حيث ستنجذب أدوارهم أكثر نحو دور المحلل أو عالم البيانات، كما سيكونون بحاجة ماسة لتعرف على هذه التقنيات خاصة الأمن السيبراني إلى جانب معرفتهم للأنواع الأخرى من التهديدات الحديثة التي قد تكون ذات صلة بالتدقيق، حيث يمكن للتكنولوجيات الحديثة زيادة الكفاءات، وتوفير رؤية أعمق للعمليات التجارية، وخلق مزايا تنافسية للمستخدمين، ومع ذلك هناك بعض المخاوف الأخلاقية المتعلقة بالتكنولوجيا راجعة إلى تغلغل التكنولوجيات الحديثة وتجذرها في المجتمع من خلال زيادة عدد المستخدمين والاستخدامات، لذا ينبغي توقع المزيد من القضايا الأخلاقية، والتي إذا تركت دون حل يمكن أن تلغي الفوائد المتوقعة، ويبدو أيضًا أنه ستكون هناك حاجة إلى الحدس البشري في مجال التدقيق لفترة طويلة قادمة، حتى مع التقنيات التي تجعل المهام الأكثر تكرارًا أقل عبئًا. في النهاية يتعلق تبني التكنولوجيات الحديثة بأخذ المخاطر الجديدة بعين الاعتبار إلى جانب تحدي صعوبات ومشاكل التطبيق، وسيتحدد مدى نجاح دمج هذه التكنولوجيات في عمليات التدقيق من خلال الطريقة التي تجمع بها المؤسسات بين الإبداع وحجم البيانات المتاحة الآن.

نتائج الدراسة: توصلت هذه الدراسة إلى جملة من النتائج نوردها فيما يلي:

1- يساعد الذكاء الاصطناعي (AI) في تحديد الأخطاء المالية، الاحتيال، ومجالات التدقيق ذات المخاطر العالية من خلال مراجعة جميع المعاملات، وإجراء التحليلات لجميع الإدخالات في دفتر الأستاذ العام، بالإضافة إلى تقييم ضوابط المخزون كاستخدام الطائرات بدون طيار التي تقوم بعمليات التفتيش، كما يمكنه تحديد الوضعية المالية للمؤسسة، إلا أن اعتماد الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع مرتبط بتكاليف التبني، والخبرة، والمعارف والمهارات داخل المؤسسة أو في شركات التدقيق وموظفيها؛

2- تقنية Blockchain تسهل عمليات التدقيق فهي وسيلة للتحقق من المعاملات، والموارد المالية، يساعد على اكتشاف الأخطاء، والمعاملات الاحتيالية، وتوفير الوقت بشكل كبير، وهذا بفضل الخصائص الفريدة التي يتميز بها، إلا أن تقنية Blockchain تجلب أعمالا جديدة للمدققين التي قد تكون صعبة خاصة في حالة عدم فهم التقنية وعدم توفر الخبرات اللازمة في عمليات تدقيق أنظمة تكنولوجيا المعلومات، كما سيحتاج المدققين إلى النظر في مخاطر عدم دقة المعلومات بسبب الخطأ أو الاحتيال وهذا يمثل تحدي جديد لأنه من المحتمل ألا يتحكم الكيان الذي يتم تدقيقه في تطبيق الـ  Blockchain في المحاسبة، أو النظر في مدى موثوقية البيانات المستخرجة من Blockchain، كما سيحتاجون إلى فهم آثار استخدام هذه التقنية في المؤسسات على عمليات التدقيق التي يقومون بها؛

3- في ظل تزايد حوادث الأمن السيبراني في الأعمال، وتطور الجريمة الالكترونية التي أصبحت أكثر تهديدًا، فأكبر تحدي يمكن أن يواجهه المؤسسات هو المساس بأمن وخصوصية البيانات أو فقدانها، لذا يجب على المدققين التأكد من صحة الأرقام المالية والتأكد من استمرارية وموثوقية المعالجة الآلية لبيانات المؤسسة، مع مراعاة مخاطر الأمن السيبراني ذات الصلة وتحديد تأثيرها على البيانات المالية، إلى جانب استخدام مجموعة واسعة من أدوات وبرامج الأمن السيبراني في عملية التدقيق التي تعمل على كشف الثغرات والعيوب الأمنية في أنظمة المؤسسة، ومساعدتها على حماية بياناتها بطريقة فعالة، كما يحتاج المدققين إلى رفع مستوى أدائهم من خلال اعتماد هذا النهج القائم على المعلومات الاستخبارية؛

4- استخدام البيانات الضخمة (BD) وأدوات تحليل البيانات في التدقيق يزيد من جودته وكفاءته، ويصبح أكثر دقة وموثوقية، وذلك بمساعدة المدققين على زيادة فهم أعمال العملاء وأنماط واتجاه العمل، التركيز بشكل أفضل على المخاطر المرتبطة بالعميل، وزيادة فهمها وتحديدها، إلى جانب تحرير وقت المدقق وبتالي قضاء المزيد من الوقت في مجالات الحكم والمخاطر، كما تمنحه رؤية أكثر شمولية عند قيامه بعمليات التدقيق، ومساعدته على كشف الاحتيال، وتحسين تغطية إجراءات التدقيق وتقليل مخاطر أخذ العينات أو القضاء عليها من خلال اختبار عينات أكبر بكثير، وغالبًا ما يكون الاختبار ممكنًا بنسبة 100 % باستخدام تحليلات البيانات، وبالتالي توفير فائدة حقيقية للإدارة حيث يتم تزويدهم بمعلومات مفيدة ربما من منظور مختلف، إلا أن أهم تحدي يواجه استخدام التحليلات البيانات الضخمة في التدقيق وجود فجوة بين الشركات الكبرى المتحكمة في استخدام التقنية والشركات الصغيرة التي تفتقر إلى الموارد وبتالي تقليل المنافسة الفعالة في مجال التدقيق، كما يمكن أن تواجه المؤسسات المزيد من المشاكل المتعلقة بانتهاك قوانين السرية وحماية البيانات، وإساءة استخدامها، كما يواجه المدققين مشكل عدم ضمان اكتمال، وسلامة، وكفاية، ودقة بيانات العميل المستخرجة، إلى جانب عدم وجود موظفين مؤهلين لاستخدام تحليلات البيانات الضخمة، وتخصيص موارد كافية لدعم مهام التدقيق.

توصيات الدراسة: من خلال كل ما سبق نوصي بما يلي:

1- تطبيق التكنولوجيات الحديثة في التدقيق والمؤسسات يحتاج إلى توظيف خبراء وباحثين في مجال التكنولوجيات الحديثة وعلوم البيانات حتى يتم التحكم فيها والاستفادة منها بشكل الصحيح؛

2- على المدققين رصد ومراقبة التطورات في التكنولوجيات الحديثة نظرا لتأثيرها على أنظمة تكنولوجيا المعلومات، كما يجب عليهم الإلمام بأساسيات التقنيات الناشئة، والعمل مع الخبراء لمراجعة التقنيات المعقدة، والمخاطر المرتبطة بها؛

3- على المدققين القيام بفهم كيفية تغيير التكنولوجيات الحديثة لعملية التدقيق، وتأثيرها على وظائف المؤسسة، نظام الرقابة الداخلية، الضوابط الداخلية، وكيفية إعداد التقارير المالية، ليتمكنوا من أداء مهامهم وتنفيذ إجراءات التدقيق في ظل التكنولوجيات الحديثة؛

4- مع انتقال العمليات إلى التقنيات الحديثة يحتاج المدققين أن يكونوا على دراية بالفرص والتحديات التي تفرضها التكنولوجيات الحديثة وهذا لتحسين جمع البيانات أثناء التدقيق، وإنشاء إجراءات تدقيق آلية، وتنفيذ هذه التقنيات بطريقة تسمح بتوفير مسار تدقيق مناسب؛

5- يجب القيام بمزيد من الدراسات حول أخلاقيات استخدام التكنولوجيات الحديثة وهذا لتجنب انتهاكات أمن وخصوصية البيانات والمعلومات عند استخدام التقنيات الناشئة.

قائمة المصادر والمراجع:

– أبو اليزيد الرسول أحمد. (2007). التنمية المتواصلة: الأبعاد والمنهج. (مكتبة بستان المعرفة لطباعة ونشر وتوزيع الكتب).

– أبو زيد الشحنة رزق. (2015). تدقيق الحسابات مدخل معاصر وفقا لمعايير التدقيق الدولية (الإطار النظري) (الإصدار الطبعة الأولى). (دار وائل للنشر والتوزيع). عمان، الأردن.

– أمين عبد الله خالد. (2014). تدقيق الحسابات (الإصدار الطبعة الأولى). القاهرة، مصر: الشركة العربية المتحدة للتسويق والتوريدات.

– بوتين محمد. (2008). المراجعة ومراقبة الحسابات من النظرية إلى التطبيق (الإصدار الطبعة الثالثة). (ديوان المطبوعات الجامعية). الجزائر.

– قايد نور الدين أحمد. (2015). التدقيق المحاسبي وفقا للمعايير الدولية (الإصدار الطبعة الأولى). عمان، الأردن: دار الجنان للنشر والتوزيع .

– محمد الخوري علي. (2020). الإقتصاد العالمي الجديد ما بين الإقتصاد المعرفي ومفاهيمه الحديثة والإقتصاد الرقمي والإبتكارات التكنولوجية المتسارعة -الجزء الأول- (الإصدار الطبعة الأولى). القاهرة، جمهورية مصر العربية: مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بجامعة الدول العربية.

– يوسف كافي مصطفى. (2014). تدقيق الحسابات في ظل البيئة الالكترونية وإقتصاد المعرفة (الإصدار الطبعة الأولى). عمان، الأردن: مكتبة المجمع العربي للنشر والتوزيع.

-ACCA, https://www.accaglobal.com. British Association of Chartered Certified Accountants (ACCA), Data analytics and the auditor.

– AICPA. (2017). Blockchain Technology and Its Potential Impact on the Audit and Assurance Profession.

– FEI, D. S. (2017, Sep 19). What Impact Will AI Have on the Audit?

– https://mofeeed.com/conduct-cybersecurity-audit/

-https://technology.tki.org.nz/Technology-in-the-NZC/Nature-of-technology/Characteristics-of-technology.

– https://www.iso.org/obp/ui/#iso:std:iso:19011:ed-3:v1:fr

– Ivy, M., & Brown-Liburd H  L. & Miklos V. (2020). The Ethical Implications of Using Artificial Intelligence in Auditing. volume 167.

– La Shun, L. C. (2017). A Comprehensive Definition of Technology from an Ethological Perspective. (S. Sciences, Éd.)

– lutz. (2017, Jun 1). The Future Of Auditing: Technology Brings Opportunities And Challenges.

– Manlu, L., & Kean W. & Jennifer J X. (2019). How Will Blockchain Technology Impact Auditing and Accounting: Permissionless versus Permissioned Blockchain. Vol 13(No 2).

– Mariel, L. (2018, October 27). The Importance of Modern Technology.

– Max, G., & Dan K., & Okyanus P., & Cornelius S. (2020). Current State and Challenges in the Implementation of Smart Robotic Process Automation in Accounting and Auditing.

-Milton, K. The Importance of Modern Technology. https://itstillworks.com/importance-modern-technology-2077.html.

– Muhammed, S. (2020). modern technology Definition and Examples.

– Nathan, S. (2019, May 23 ). The Future Of Auditing: The Opportunities and Challenges Of Technology.

– Osamah, A., & Iman M. A. H., & Sherif M., & Sherif E. (2018). Cybersecurity Tools for IS Auditing.

– Oxford University Press. (2020, Nov 05). New Technology.

– Rick, H., & Roger D., & Arnold S., & Philip W. (2005). Principles of Auditing An Introduction to International Standards on Auditing (éd. Second Edition ). prentice Hall Financial Times.

– The Institute of Chartered Accountants. (2017, Dec 13 ). The Institute of Chartered Accountants in England and Wales, Dubai Financial Services Authority, Understanding the impact of technology in audit and finance. – Veen, M. v. (2016). MSc RE CISA CISSP CRISC Cyber Security: A Paradigm Shift in IT Auditing How to Deal with Cyber Security Risks in the Financial Statement Audit, Compact.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *