الدكتور يوسف محمد فالح بني يونس

الاكاديمية الامريكية الدولية للتعليم العالي والتدريب

banijor@maqeilsalih

00962790190219

الملخص

   تعد مجاعة الشام 1915 م من المواضيع الحيوية والهامة التي تشغل الباحثين في العالم بشكل عام ، والعالم العربي والإسلامي بشكل خاص ، لما لها من دور كبير وفاعل في الدراسة والبحث ، وانها وقعت إبان حكم الدولة العثمانية للبلاد العربية وبلاد الشام ، وأثناء قيام الحرب العالمية الأولى 1914-1918 م ، فكان لها دور كبير في حدوث المجاعة ، وترتب على ذلك  قيام جمال باشا السفاح والي سوريا ، وممثل الدولة العثمانية ، والحصار البري  لسوريا ولبنان ، ومصادرة الأملاك والمحاصيل الزراعية لخدمة المجهود الحربي  للدولة العثمانية ، وفرار الكثير من المزارعين الشباب من أراضيهم ،  مما أدى إلى نقص المواد والمحاصيل وارتفاع الأسعار ، كما كان لمجاعة الشام أسباب أخرى تمثلت في ، التجنيد الإجباري ، والخدمة العسكرية ، وظهور أسراب كبيرة من الجراد ، والحصار الذي فرضته الأساطيل البريطانية والفرنسية على الموانئ السورية والفلسطينية واللبنانية لمنع وصول الإمدادات الخارجية إلى القوات العثمانية في الشام ، فأدى ذلك الى وفاة أعداد كبيرة من السكان ، وحوّلت المجاعة سكان الشام  أصحاب أكبر تجربة اقتصادية ناجحة إلى جماعة من المشردين الجائعين .

الكلمات المفتاحية : المجاعة ، الحصار ، الجراد ، التجنيد الإجباري ، السخرة ، الكوارث الطبيعية .

The Levant Famine 1915 AD

Dr. Youssef Mohamed Faleh Bani Younes

American International Academy of Higher Education and Training

Abstract

   The Levant famine of 1915 AD is one of the vital and important topics that occupy researchers in the world in general, and the Arab and Islamic world in particular, because of its large and active role in study and research, and that it occurred during the rule of the Ottoman Empire for the Arab countries and the Levant, and during the outbreak of the First World War 1914 -1918, and it had a major role in the occurrence of famine, and as a result, Jamal Pasha, the butcher, the governor of Syria, and the representative of the Ottoman Empire, laid siege to Suya and Lebanon, and confiscated property and crops to serve the war effort of the Ottoman state, and many young farmers fled from their lands, which led to The shortage of materials and crops and the rise in prices, as well as the famine of Levant for other reasons, such as forced conscription, military service, the emergence of large swarms of locusts, and the siege imposed by the British and French fleets on the Syrian, Palestinian and Lebanese ports to prevent supplies from reaching the Ottoman forces in the Levant. The death of large numbers of the population, and the famine turned the residents of the Levant, the owners of the largest successful economic experience, into a group of hungry homeless.

Keywords: famine, siege, locusts, forced conscription, forced labor, natural disasters

المقدمة

     قال الله تعالى في محكم التنزيل : (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) ، سورة قريش ، الآية (4) ، بدأت مجاعة الشام بدخول الدولة العثمانيين الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا في 29 تشرين اول من العام 1914م ، حيث بدأ القادة الأتراك في أعقاب ذلك التاريخ في تنفيذ سياسة واسعة تقوم على التجنيد الإجباري للعرب في ولاية الشام وبيروت وغيرها من الولايات العثمانية ، وحشدهم للعمل بالأعمال المختلفة ومنها “السخرة “، والسيطرة على مواردهم الاقتصادية ، وخاصة الزراعية لخدمة الجيوش العثمانية وإطعامها ، وكان لحصار الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا سواحل لبنان وفلسطين وسوريا على البحر الأبيض المتوسط  من الجهة الغربية لبلاد الشام دور كبير في هذه المجاعة ، وكان لحصار جمال باشا الى الشام وبيروت من الجهة الشرقية نفس الدور في حدوث المجاعة  ، كما كان لأسراب الجراد التي اجتاحت بلاد الشام نفس  الدور  في حدوث المجاعة .

مشكلة البحث

تنطلق مشكلة البحث في أن مجاعة الشام واجهت قصوراً كبيراً من كافة الأطراف والجهات ذات العلاقة على المستوى العالمي والعربي والإسلامي  ، والمؤسسات البحثية في  كشف حقيقة هذه المجاعة ، وتحّمل أهل الشام وحدهم تبعات هذه المجاعة  ، وجاءت للاجابة على الاسئلة التالية : ما المجاعة كيف حدثت ؟ وهل هي  أكبر المجاعات في التاريخ، وهل حصلت في دول عربية أخرى؟ ما أسبابها ونتائجها ؟

أهمية البحث

تكمن أهمية البحث في أنه دراسة حيوية تعالج مسألة بحثية تشغل المجتمع العربي والجامعات والمؤسسات البحثية في العالم ، وتوثق مرحلة تاريخية حاسمة في تاريخ العرب وحدوث  المجاعات ، كما تكمن أهميتها في الآثار والأحداث وعدد الوفيات والقتلى التي رافقت المجاعة .

أهداف البحث

     يهدف البحث إلى إعطاء صورة واضحة عن الدراسات العلمية والاكاديمية السابقة  ، كي يصل الباحثون الى حقائق ونتائج جديدة  تخدم الجميع ، ويهدف إلى إعطاء صورة واضحة عن هذه المجاعة  في إتمام الدراسات العلمية والوصول الى نتائج ، وإبراز هذا الموضوع على شكل دراسة علمية هادفة ، وتقديم الخدمات الأساسية والعلمية للباحثين  في هذا المجال ، والكشف عن الأسباب الكامنة وراء هذه المجاعة التي كانت وما زالت تورق الباحثين بالدراسة والبحث ، ولما لها من دور كبير في اثراء الدراسات العلمية والأكاديمية في الجامعات وانعكاس ذلك بشكل إيجابي على المجتمع ، وتجلى ذلك في الدراسات والبحوث العلمية  التي قدمها المؤرخون والباحثون عن تلك الحقبة الزمنية  ، والتي ما زالت آثارها شاهدة عيان في العالم ، ومصدر بحث ودراسة للأجيال القادمة وحتى يومنا هذا

حدود البحث

1918-1914 م

فروض البحث 

لمجاعة الشام دور سلبي على أهل الشام 

لمجاعة الشام دور ايجابي على أهل الشام

الدراسات السابقة

1. دراسة سعيدي امين مزيان: علاقة الدولة العثمانية بالعرب في بلاد الشام أثناء الحرب العالمية الأولى وانعكاساتها (1914-1918 م ) ، عام 2014م ، وتهدف الدراسة الى ابراز دور القطيعة بين العرب والدولة العثمانية ضمن الفترة الزمنية المصاحبة لمجاعة الشام ، وابراز دور جمال باشا السفاح في الحصار البري لسوريا ولبنان ، أثناء حكمه لولاية سوريا ، ودوره في حدوث المجاعة ، وإبراز دور الحلفاء بريطانيا وفرنسا في الحصار البحري و حدوث المجاعة.

2. دراسة مسعود ضاهر عبدالله:  تاريخ لبنان الاجتماعي( 1914-1926م) ،  عام 2015 م، تهدف الدراسة الى الكشف عن الحقائق التاريخية لمجاعة الشام ، والكشف عن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجاعة ، وتحليل المعطيات والحقائق التاريخية ، وابراز دور اللبنانيين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي اثناء المجاعة ، وإبراز الحالة المأساوية للبنانيين خلال مجاعة الشام ، وابراز دور الطوائف المسيحية ورجال الدين والسياسين خلال الحقبة الزمنية المصاحبة للمجاعة ، وإبراز منهجية التاريخ الاجتماعي للبنان في مجاعة الشام.

3. دراسة هيام يوسف احمد: مأساة سفر برلك بين الرواية العربية والتركية في الحرب العالمية الأولى ، 2018م تهدف الدراسة الى ابراز الروايات العربية في مصر والعراق وسوريا ولبنان، والروايات التركية ، كما تهدف الدراسة الى توضيح صورة تلك الحرب بين الأدبين العربي والتركي، والمقارنة والوقوف على أوجه التشابه والاختلاف بينهما ، كما تهدف الدراسة الى ابراز دور الروايات العالمية التي تناولت الحرب سواء التي ظهرت في عشرينيات إلى ثلاثينيات القرن الماضي، أو في وقتنا الحالي.

4 . دراسة علجية زعيتر: النشاط السياسي والعسكري لجمال باشا في الدولة العثمانية( 1908-1918 م ) ، عام 2019م وتهدف الدراسة إلى معرفة النشاط السياسي والعسكري لجمال باشا في الدولة العثمانية خلال الفترة من (1908-1918 م ) ، وكذلك معرفة الأحداث والوقائع خلال فترة ضعف الدولة العثمانية.

أدوات البحث

تتمثل أدوات البحث  والدراسة في الاستبانة والمقابلة والملاحظة والاختبار والعينة  ، لكن طبيعة البحث والدراسة كما يرى الباحث ، لا تتطلب استخدام اي من الادوات المذكورة ، كونها لا تخدم البحث ، ضمن هذه المنهجية العلمية لتناول الدراسة . 

منهج البحث

اتبع الباحث الطرق العلمية والبحثية في الدراسة والتحليل والرجوع إلى المصادر والمراجع العلمية الموثوقة التي تناولت هذا الموضوع ، واستخدم الباحث المنهج التاريخي  والوصفي التحليلي لاتمام الدراسة والبحث . 

متن البحث

تم تناول بحث مجاعة الشام خلال الفترة من العام ( 1914-1918 م ) ، وتم تقسيم البحث إلى ملخص ، ومقدمة  ، وتم تقسيم البحث الى خمسة مباحث ، ففي المبحث الأول تم تناول التقسيمات الادارية للدولة العثمانية ، بما يتناسب مع عنوان البحث ، وفي المبحث الثاني تم تناول المفاهيم المتعلقة بمجاعة الشام ، أما المبحث الثالث فتناول أحداث مجاعة الشام حسب السنوات من العام 1914 م وحتى العام 1918م ، وفي المبحث الرابع تم تناول أسباب المجاعة وآثارها، وفي المبحث الخامس تم تناول دور الحصار البري والبحري لسوريا ولبنان أثناء المجاعة ، ودور جمال باشا السفاح ، وتم ختامة البحث بالنتائج والمقترحات والتوصيات والمراجع .

المبحث الأول : التقسيمات الإدارية في الدولة العثمانية

  شهدت الدولة العثمانية في أواخر أيامها ضعفاً كبيراً ، وتدهور في نظام الحكم لديها ، مما شهدت تزايداً في النفوذ الأوروبي داخلها وهذا ما دفعها أن تصلح من أنظمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، حيث قامت الدولة العثمانية بجملة من الإصلاحات أو كما يعرف بالتنظيمات والتشكيلات الجديدة و خلق هيكل جديد من الإدارة والقوانين المدنية ،  أما بالنسبة لبلاد الشام في تلك الفترة فقد قسمت إداريا  إلى ثلاثة ولايات هي حلب وسوريا وبيروت  ، كما ضمت منطقة الشام ثلاثة متصرفيات هي متصرفية القدس الشريف متصرفية جبل لبنان  ، بالإضافة الى متصرفية دير الزور.( المختار ، 2020 )

   كانت ولايات بلاد الشام والعراق العثمانية أواخر القرن التاسع عشر ، تُشكل سوريا العثمانية والتي ضُمت فيما بعد لتُشكل المملكة العربية السورية ، ويطلق عليها سوريا العثمانية أو سوريا في العهد العثماني ، أو (بلاد الشام) ، وكانت تحت حكم الدولة العثمانية ، وقد دامت هذه الفترة سحابة أربعة قرون منذ أن انتصر السلطان سليم الأول على جيش المماليك في معركة مرج دابق شمال حلب عام 1516 م ، وبعدها ملك مدن البلاد العربية سلمًا ، وعلى رأسها دمشق في نفس العام ، وبقي بها حتى انسحاب العثمانيين منها في أعقاب الثورة العربية الكبرى والحرب العالمية الأولى في أكتوبر 1918م . (حسين و الموسوي ، 2015)

ولاية عثمانية : هي الولاية (Vilayet،) في التقسيم الإداري العثماني كانت تشكل المستوى الإداري الأولي (الأعلى) بعد إلغاء نظام الولايات عام 1864م ، وان ولاية سوريا أو ولاية الشام هي ولاية عثمانية كانت تضم المنطقة الداخلية لسوريا الممتدة من جنوب معرة النعمان (الواقعة في جنوب ولاية حلب) إلى البحر الأحمر وحدود سيناء ومنطقة تبوك في الحجاز جنوباً. ( حاطوم ، 1994)

جبل لبنان : هي منطقة جبلية تمتد على طول لبنان بشكل يوازي البحر الأبيض المتوسط لمسافة 160 كم ويعرف الجزء الشرقي منها والذي يقع بأكمله في سوريا بسلسلة جبال القلمون ، والمتصرفية (محافظة) لبنان جبل لبنان يقع غرب ولاية سوريا ، ويشترك في حدوده مع ولايتي سوريا وبيروت ، وكانت هذه التقسيمات الإدارية لمتصرفية من العام 1892 – 1902 م ، مكونة من عدة .  (حسين و الموسوي ، 2015)

ولاية بيروت : هي ولاية عثمانية أنشئت عام 1888 تضم المنطقة الساحلية من سوريا الممتدة من اللاذقية حتى شمال يافا . ( موسوعة ، يونيو بيديا)

      متصرفية جبل لبنان :بالتركية : Cebel-I Lübnan Mutasarrıflığı) هو نظام حكم أقرته الدولة العثمانية وعُمل به من عام 1860م ، وحتى عام 1918م ، وقد جعل هذا النظام جبل لبنان منفصلاً من الناحية الإدارية عن باقي بلاد الشام ، تحت حكم متصرف أجنبي مسيحي عثماني غير تركي ، وغير لبناني تعينه الدولة العثمانية بموافقة الدول الأوروبية العظمى الست : بريطانيا وفرنسا وبروسيا وروسيا والنمسا وإيطاليا. ( محي الدين ، 1979)

المبحث الثاني : مفاهيم مجاعة الشام

     المجاعة هي حالة تحدث في منطقة فيها أعداد كبيرة من الناس في بلد أو منطقة لديها القليل من الإمدادات الغذائية الكافية أو منعدمة ، ضربت مجاعة الشام مناطق واسعة من سوريا التي كانت تشمل ولاية حلب وولاية بيروت ، متصرفية جبل لبنان وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى في العام   1914م.( رضى ، 2009)

المجاعة Famine ، هي فترة تنقطع فيها موارد الغذاء أو تشحُّ كثيرا ، ويترتّب على ذلك نقص شديد في الطعام لمدة طويلة ، ويؤدي هذا النقص الحاد في الطعام إلى انتشار المجاعة ، ومن ثَمَّ الموت ، وظلت المجاعات تتفشى عبر العصور ، ومن منطقة لأخرى كُلّ عدَّة سنوات. (www.marefh.org)

     مجاعة  1915م ، وهي المجاعة التي ضربت مناطق واسعة من سوريا العثمانية ، تشمل ولاية سوريا ، وولاية حلب ، وولاية بيروت ، متصرفية جبل لبنان ، خلال الحرب العالمية الأولى (1914) م ، مدعومة بإهمال جمال باشا السفّاح الحاكم العسكري على سوريا ، نتيجة مصادرة المحاصيل والأملاك لخدمة المجهود الحربي ، وهروب الشباب من الأراضي الزراعية في الريف إلى الخارج هربًا من التجنيد الإجباري ، وظهور أسراب وأعداد كبيرة من الجراد  . ( الكاطع ، 2018)

الدولة العثمانية : هي الدَّوْلَةُ العُثمَانِيَّة، أو الدَّوْلَةُ العَلِيَّةُ العُثمَانِيَّة (بالتركية العثمانية: هي دَوْلَة عَلِيّهٔ عُثمَانِيّه؛ بالتركية الحديثة: Yüce Osmanlı Devleti)  أو الخِلَافَةُ العُثمَانِيَّة ، هي إمبراطورية إسلامية أسسها عثمان الأول بن أرطغرل ، واستمرت قائمة لما يقرب من 600 عام ، من 1299م حتى 1923م. ( موسوعة ويكيبيديا الحرة )

لبنان : هي إحدى الدول العربية الواقعة في الشرق الأوسط في غرب القارة الآسيوية ، تحدها سوريا من الشمال والشرق ، وفلسطين المحتلة ، إسرائيل تفضل السلطات اللبنانية استخدام اسم فلسطين لعدم اعترافها بدولة إسرائيل ، من الجنوب ، وتطل من جهة الغرب على البحر الأبيض المتوسط ، هو بلد ديمقراطي جمهوري طوائفي غني بتعدد ثقافاته وتنوع حضاراته ، وان معظم سكانه من العرب المسلمين والمسيحيين ، وبخلاف بقية الدول العربية هناك وجود فعال للمسيحيين في الحياة العامة والسياسية. ( زين ، 1971)

الحرب العالمية الأولى هي حرب عالمية نشبت بين القوى الأوروبية في 28 تموز 1914 م ، وانتهت في 11  تشرين الثاني من عام 1918م .

بلاد الشام :يطلق عليها الشام سورية ، أو سورية الطبيعية ، او سورية التاريخية frameless المنطقة التي شكلت بلاد الشام تاريخيًا تظهر باللون الأحمر بلاد الشام أو سوريا التاريخية ، أو سورية الطبيعية (من اليونانية: Σύρια؛ واللاتينية: Syria؛ نقحرة)، هو اسم تاريخي لجزء من المشرق العربي يمتد على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلى حدود بلاد الرافدين. ( المعجم الوسيط )

النفير العام: هو عملية إستنفار لعامة الناس من أجل القيام بقتال العدو أينما وجد ولا تقتصر هذه العملية على فئة معينة بل تشمل عامة الشعب للتأهب و النفير لمهاجمة و قتال العدو بوسائل مختلفة ، ومنها المجاعة المعروفة “سفر برلك”، وهى تعنى التعبئة العسكرية للحرب أو النفير، وهو فرمان أصدره السلطان العثمانى فى الحرب العالمية الأولى ينص على التجنيد كل من فوق السادسة عشر من عمره ، ولمن يعيش على أراضي الدولة العثمانية من المسلمين وغير المسلمين ، حيث ألزم الأفراد على تقديم أنفسهم للخدمة العسكرية خلال مجاعة الشام 1915م. ( يوسف  ، 2018)

جمال باشا : هو أحمد جمال باشا ، ولد وتوفي خلال هذه الفترة الزمنية  (1873 – 1922) م ، وهو ضابط عثماني وأحد زعماء جمعية الاتحاد والترقي (الباشاوات الثلاثة) اشترك في الثورة تركيا الفتاة عام 1908 م ، والتي أطاحت بالسلطان عبد الحميد الثاني ثم شارك في الانقلاب العسكري العثماني 1913م . ( موسوعة ، يونيو بيديا)

    يطلق على النفير العام والتأهب للحرب ، بالتركية (Seferberlik)  ، وهو فرمان أصدره السلطان العثماني محمد رشاد بتاريخ الثالث من آب 1914 م ، ويعتبر كل شخص من مواليد ما بين ( 1882- 1869) في أراضي الدولة العثمانية من المسلمين وغير المسلمين، مطلوباً للخدمة العسكرية ، ويجب عليهم الالتحاق بـ شعب تجنيدهم من تلقاء أنفسهم دون انتظارهم التبليغات ، ويحق للمواطنين العثمانيين غير المسلمين دفع (30 ليرة ذهبية) بدلاً ، مقابل الإعفاء من الخدمة العسكرية ، فهو دعوة إلى الرجال الذين بلغت أعمارهم بين ( 15 – 45)  عام من رعايا الدولة العثمانية ، ومن بينهم رعايا البلاد العربية إلى الإلتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية ، وأطلق البغداديون عليها أيام الضيم والهلاك.(موسوعة يونيو بيديا) 

المبحث الثالث : احداث المجاعة

احداث المجاعة عام 1914م

     حدثت الحرب العالمية الأولى في 28 تشرين الأول 1914م ، عقب اغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانز فرديناند وزوجته في زيارة لعاصمة البوسنة والهرسك سراييفو، وانقسم العالم إلى قسمين قوات الحلفاء والمحور ، وانضمت الدولة العثمانية إلى القوى المركزية في الحرب العالمية الأولى ، وقد خصصت الحكومة العثمانية جميع خدمات السكك الحديدية التابعة للدولة العثمانية للاستخدام العسكري ، مما أدى إلى تعطيل وصول المحاصيل إلى أجزاء من الدولة ،  وكانت بيروت من أولى واكثر المدن التي تضررت من نقص الحبوب خلال مجاعة الشام .( موسوعة المعرفة )

   بدأت مجاعة الشام بدخول العثمانيين الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا في العام 1914م ، حيث بدأ القادة الأتراك في أعقاب ذلك التاريخ في تنفيذ سياسة واسعة تقوم على التجنيد الإجباري للعرب في الولايات العربية ، وحشد الناس في الولايات العربية للعمل بالسخرة في الأراضي الزراعية ، والسيطرة على مواردهم الاقتصادية ، وخاصة الزراعية وذلك لخدمة الجيوش العثمانية وإطعامها في هذه الحرب ، وكان نصيب الشام من تلك السياسة كبيرا ، فقد خضع أبنائه مثل باقي الولايات العربية لحادث النفير العام ، أو “سفر برلك” ، والذي اقتيد خلاله الآلاف من أبناء الولايات العربية  للمشاركة في معارك العثمانيين ضد أعدائهم من دول الحلفاء ، ومصادرة جمال باشا السفاح ، قائد الجيش الرابع العثماني في سوريا لمحاصيل الشام الزراعية ، خاصة القمح ، كي يصنع إمدادا غذائيا للجنود المحاربين.  (عواد ، 2015 ) .

وأعلنت تركيا النفير أو ما يعرف بـ”سفر برلك”  وأخذ الشباب العربي قسرا وقهرا لجبهات القتال ، وكانت الجبهات الرئيسية للحرب العالمية الأولى التى خاضتها تركيا هي جبهة القوقاز ، وجبهة الموصل ، وجبهة الدردنيل ، و جبهة سيناء ، وقد كان دخول تركيا في الحرب يرمى لقطع طرق المواصلات بين روسيا وحلفائها ، وتعذر تقديم مساعدات للروس من سلاح ومؤن ، وقد تعرضت للخطر عدة مرافق مهمة في الوطن العربي والشرق الأوسط ، منها قناة السويس ، وحقول نفط إيران ؛ ما أدى لقيام بريطانيا بإنزال قواتها فى البصرة واحتلالها المدينة ، وتم الإعلان لوقوع مصر تحت الحماية البريطانية في بداية الحرب ، ورفع السلطان العثماني كعادة العثمانيين الأتراك في كل عصر ، شعار الجهاد لجذب العرب للدخول في الحرب العالمية الأولى ، واستجاب بعض العرب ، وأن بعض العرب رفضوا الانصياع للأوامر التركية ، رفضا لسياسة التتريك التى اتخذتها الدولة العثمانية للدول العربية فى سوريا ولبنان ،. ( يوسف ،  2018)

      في 13 تشرين الثاني عام 1914م ،  وبعد أسبوعين من انضمام الدولة العثمانية إلى الحرب العالمية الأولى ، اقتحمت مجموعة من المواطنين بلدية بيروت لتحذير مجلس البلدية من النقص الحاد في القمح والدقيق في المدينة ، ولم تعد عربات القطارات تنقل الحبوب بانتظام من حلب وكانت رفوف المخابز فارغة ، وقام المواطنون الثائر بنهب المخابز من المخزون الاحتياطي من الدقيق والحبوب التي تركوها ، وأرسل مجلس البلدية رسالة إلى والي بيروت ، بكير سامي كوندوه الذي قام بدوره بطلب المؤن من حاكم حلب فيلايت وحث أيضًا السلطات العثمانية على إعطاء أولوية شحن الحبوب إلى بيروت ، وكان الحصول على عربات القطارات لنقل أي شيء إلى ولاية بيروت أمرًا مستحيلاً دون دفع رشاوى كبيرة للقادة العسكريين وسلطات السكك الحديدية ، وبدأت أسعار الحبوب في الارتفاع ، مما دفع رئيس بلدية بيروت آنذاك ، أحمد مختار إلى حل مشكلة نقص الحبوب بنفسه. ( موسوعة المعرفة )

     في 14 تشرين الثاني عام 1914م ،  ذهب أحمد مختار إلى مدينة حلب ، وقام بالتفاوض مع السلطات  العثمانية هناك ، وقام بتأمين عربات شحن الحبوب من الجيش الرابع العثماني ، ودفع ثمن القمح من خزينة البلدية ، ثم وصلت شحنات الحبوب إلى بيروت في 19 تشرين الثاني 1914 م ، لإغاثة المواطنين في لبنان ، ومع ذلك، استمرت الأزمة في التفاقم حيث أشارت تقارير المسؤولين العثمانيين ومراسلات موظفي الكلية السورية البروتستانتية إلى أن نقص الغذاء أصبح حدثًا يوميًّا اعتبارًا من تشرين الثاني 1914م ، ازدادت قسوة مع اندلاع الحرب. ( موسوعة المعرفة )

 احداث المجاعة عام1915م

في هذا العام 1915 م ، أصابت المجاعة هذه ولاية سوريا ولبنان ، وهي المناطق التي كانت تابعة للدولة العثمانية آنذاك ، إضافة إلى ظهور أسراب كبيرة من الجراد ،  كل تلك العوامل تسببت بوفاة الكثير من السكان في سوريا ولبنان ، بل زاد من حجم المصيبة فوق رؤوسهم هجوم الجراد الشامل على الأراضي السورية في نيسان من العام 1915م ، إذ أكل الجراد ما تبقى من المحاصيل التي لم تصادر ، وقضى على الزرع في أضنة وحلب ودمشق ودير الزور وبيروت.( معجم المعاني )

   ان عام 1915 م هو عام صادم للسكان في بلاد الشام ، وعند تناول المجاعة التي بدأت بأعداد كبيرة  من الجراد وصلت “والتهمت كل شيء” وجعلت اللبنانيين يطلقون على 1915 م ، اسم “عام الجراد” الذي كانت مكافحته مستحيلة ، فاستوطن الجوع ومعه مسببات المرض في كل مكان . (عبدالله ، 2015)

      إن دور العثمانيين خلال الحرب كان مصادرة المحاصيل ، والحيوانات التي كانت تستخدم في النقل “ولم يقتصر الأمر على الجوع ، لأن قرى بأكملها خلت بعد وقوعها فريسة أمراض التيفوئيد والكوليرا التي انتشرت بفعل حصار مزدوج ، الأول فرضته الحرب والثاني فرضه الجراد ، إلى أن الوضع ازداد سوءاً بعد حصار بحري فرضه الحلفاء على البحر الأبيض المتوسط لقطع الإمدادات عن العثمانيين ، لأن الحاكم العسكري العثماني على لبنان جمال باشا ، رد بحصار بري “خنق فيه سكان منطقة جبل لبنان” ، متصرفية جبل لبنان المحمي سكانها المسيحيين من فرنسا.(  توتل ،  ويتوك ،2013 ) 

   ان بعض منتجات الحبوب ، هي حبوب مصرية تمثل جزءًا من المحاصيل الحقلية ، وحبوب دمشق هي محاصيل الحبوب أو الغلة وهي أعشاب تمت زراعتها في الغالب لاستخدام حبوبها كغذاء ، ان مشهد المرأة اللبنانية البائس ، كان لوحة من عدة لوحات مأساوية شكلت سويا ما عرف تاريخيا بمجاعة الشام ، والتي تسببت الدولة العثمانية والبريطانيون والفرنسيون وغيرهم  في وقوعها خلال الحرب العالمية الأولى 1914م ، وضربت كامل ولاية الدولة العثمانية ، من حلب ودمشق إلى بيروت وجبل لبنان ، وسقط خلالها ما يقرب من 500 ألف عربي من أهل الشام. (عواد ، 2015م )   

احداث المجاعة 1916م

 انخفض الإنتاج الزراعي للشام عام 1916م ،  بنسبة 25% ، كما ارتفع سعر القمح اللازم لصنع الخبز بصورة كبيرة ، و إمعانا في البؤس والعوز ، فإن الأساطيل البريطانية والفرنسية فرضت حصارا خانقا على الموانئ السورية والفلسطينية واللبنانية لمنع وصول الإمدادات إلى القوات العثمانية في الشام ، كما فرض جمال باشا السفاح حصارا في نفس الوقت من البر على جبل لبنان لمنع دخول القمح إليه ، بسبب مخاوفه من التعاون العسكري بين اللبنانيين والفرنسيين ، وهو ما أدى إلى تجويع كامل سكان المنطقة ، خاصة أن الجبل لم يكن إنتاجها من المحاصيل الزراعية كافية لإطعام سكانه إلا أربعة أو خمسة أشهر بالعام. (عواد ، 2015 ) .

   ومن الأحداث التاريخية في هذا العام ، قيام  الثورة العربية الكبرى ، على يد الشريف حسين بن علي ، والذي  وقف الى جانب بريطانيا وفرنسا في هذه الحرب ، وافشل الجهاد المقدس ، الذي أعلنته الدولة العثمانية ، وأعلن الثورة في 5 حزيران 1916م ، ووقف القوميين العرب بجانب الحلفاء لتحقيق هدفهم القومي من التحرر من الاستعمار التركي ، وفى ذات الوقت بقيت غالبية من العرب على ولائها للدولة العثمانية . ( يوسف ، 2018 ) ، ومن الأحداث التاريخية في هذا العام هو عقد اتفاقية سايكس بيكو 1916 م ، والتي تنص على وضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي ، والأردن والعراق تحت الانتداب البريطاني ، وفلسطين تحت الوصاية الدولية وبريطانيا  .(انطونيوس ، 2018 )

احداث المجاعة عام 1917م

    تميز هذا العام ضمن أحداث مجاعة الشام والحرب العالمية الاولى التي رافقت هذه المجاعة  ، وكان لها دور كبير في حدوث هذه المجاعة ومن بين الأحداث في هذا العام ، هو انسحاب روسيا من الحرب ودخول الولايات المتحدة الأمريكية ، واستمرار الحصار البري ،  والحصار البحري للأسطول البريطاني والفرنسي لسواحل البحر الأبيض المتوسط مقابل سواحل لبنان وسوريا وفلسطين ، وحدوث حرب الغواصات  ، وحرب الخنادق ، وتوقيع وعد بلفور عام 1917م ، والأمطار الغزيرة التي اجتاحت بلاد الشام و الوحل والطمي ، حيث كان لهذه الأحداث الأثر السلبي لأهل الشام وزيادة العنف في سوريا ولبنان ، وزيادة امر المجاعة سؤاً . ( المولى ، 1920 )

أن الناس كانوا بفعل الجوع والأمراض”ينهارون على الأرض يتقيؤون دماً  ، وكانت جثث الأطفال ترمى بين أكوام النفايات” وفي العام 1917 م ، وجد أحد الكهان أرملة ميتة منذ 3 أيام مع طفلها البالغ 10 سنوات “والفئران قضمت اذنيهما ووجنتيها ، وكان بطن الطفل مفتوحاً” ، حالات أكل لحوم بشر ، منها رجل “قتل طفليه البالغين 8 و10 سنوات ليقتات منهما”، في إشارة إلى أنه كان يأكل من لحمها كل يوم.( المقدسي ، 1921)

احداث المجاعة 1918م

       أن الحرب العالمية الأولى 1914م ، خلفت خسائر بشرية واقتصادية كبيرة ، تمثلت في كثرة القتلى ، ووقعت الدول الأوربية في أزمة مالية حادة ، أدت إلى اقتراضها من أمريكا ، وقامت تركيا والدول الأوروبية باستنزاف الدول العربية ،  ومن الناحية الاجتماعية فقد تزايد عدد العاطلين عن العمل وانتشرت الدعارة ، وخرجت المرأة مجبورة للعمل وانتشرت العصابات والجريمة ، ومن النتائج السياسية هزيمة ألمانيا ، وتحمل تركيا عواقب الهزيمة واحتلال اسطنبول ، وأصبح السلطان العثماني دمية في أيدي قوات الحلفاء ، وقد نتج عنها تغير خريطة أوربا كاملة ، وكذلك تغير خريطة الوطن العربي ، وتأثرت مصر، وسوريا ، ولبنان ، والعراق ، ودول الشمال الإفريقي بويلات الحرب العالمية الأولى ، تلك الحرب التي خلفت 10 ملايين من القتلى ، وأدت لتفشي الأمراض  والأوبئة والمجاعات والفقر الشديد ، وتركت تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية خطيرة على العالم والبلاد العربية .( الدسوقي ، 2021)

      كان من نتائج الحرب العالمية الأولى التي انتهت عام 1918م ، سقوط الدولة العثمانية ، وتقسيم البلاد العربية وإخضاعها للدول الاستعمارية بما يُعرف باتفاقية “سايكس بيكو” 1916م ، ووضعت سوريا ولبنان ، تحت الاستعمار الفرنسي وضعت الأردن وفلسطين والعراق تحت الاستعمار البريطاني ، أما مصر فقد قامت بريطانيا بوضع الحماية عليها ، وتم إحضار الآف الفلاحين قسرا وقهرا للمشاركة على جبهات القتال على الجبهات الأوروبية . ( يوسف ، 2018)

المبحث الرابع : أسباب المجاعة وآثارها 

     تُعتبر المجاعة واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية على وجه الأرض ، والمتمثلة بالزلازل والفيضانات مثلاً بإمكانها أنّ تدمر مدناً وبلدات بأكملها في غضون ساعات قليلة ، أمّا المجاعة فتتميز بالموت البطيء والمؤلم وغالباً ما تصيب الأطفال وكبار السن ، ويعد ذلك من آثارها الواسعة الانتشار وضررها الذي يمكن أن يستمر لأشهر أو سنوات ، وان مأساة العرب  لم تتوقف عند ذلك الحد من التسخير ومصادرة المزروعات ، بل زاد من حجم المجاعة  هجوم الجراد الشامل والكبير على الأراضي السورية في نيسان من العام 1915م ، إذ أكل الجراد ما تبقى من المحاصيل التي لم تصادر، وقضى على المزروعات في أضنة وحلب ودمشق ودير الزور وبيروت وغيرها من الولايات في بلاد الشام .

( حميد ، 2014)

المطلب الأول : أسباب المجاعة

تمثلت أسباب المجاعة في غزو الجراد في العام 1915م  ، لبلاد الشام ، والذي أكل المحاصيل ، ويدمر الأراضي الزراعية ، وكان الحصار البحري الذي ضربه وفرضة الحلفاء بريطانيا وفرنسا  على لبنان  ، في البحر الأبيض المتوسط وقبالة السواحل العربية ، دور كبير في تفاقم المجاعة ، ومنع دخول السلع القادمة من مصر والولايات العثمانية  ،  وكان الحلفاء يخشون من وقوعها في أيدي القوات العثمانية أو الألمانية التي كانت متواجدة هناك ، ولكن السبب الرئيس وراء هذه المجاعة كان الحصار البري الذي فرضه الحاكم العثماني جمال باشا السفاح ، ومنع دخول القمح تحديدا إلى لبنان وجبل لبنان ، ما أدى إلى تجويع كامل سكان المنطقة ، وخاصة أن هذه المنطقة الجبلية لم يكن إنتاجها من المحاصيل الزراعية كافية لإطعام سكانها إلا لفترة قصيرة من العام ، وأن سياسة جمال باشا السفاح أدت إلى ترك آثار كبيرة على أهل الشام .( سعيد ، 2003)

 لقد اختارت لبنان تسليط الضوء على تاريخ 6 أيار لأنه في حد ذاته رمز على وحدة لبنان لأنه اليوم الذي أعدم فيه وطنيون لبنانيون مسلمون ومسيحيون ،  على يد جمال باشا السفاح ، ولا تزال الدولة تحتفل به رغم أن الأحداث والحرب الأهلية أثبتت أن هذه الوحدة كانت وهما ، وهناك أيضا يوم الشهداء الذي يحتفي بموت أشخاص من أهل الشام  تحت التعذيب أبان حكم الدولة العثمانية بلاد الشام  ، أما ذكرى وفاة 200 ألف شخص فلا تلقى تكريما يذكر ، وكانت الدولة اللبنانية تبحث عن ذكرى تعيد بناء نسيجها مع عنصرها الإسلامي وتكشف عن وحدة مكونات الدولة ، أما هذه المجاعة الكبرى فهي تاريخ يزيد من انقسام البلاد لأن ضحاياها كانوا من المسيحيين بالدرجة الأولى فمعظم المناطق التي ضربتها المجاعة ، مثل جبل لبنان ،الذي كان معظم سكانه من المسيحيون . ( مزيان ، 2014)

ان التاريخ المنسي للمجاعة سوف يكون مصيره دائما البقاء على الهامش فهو حدث مقســِّم أكثر من كونه موحدا ، وإن الدولة العثمانية كان لها دور مباشر في تجويع المسلمين من اهل بلاد الشام ،  وهي أقوال تحي وتنفث في نيران الانقسامات والتوترات في بلد مثل لبنان ، حيث لا يزال الناس يحاولون محو الذكريات السيئة التي عاشتها الطوائف المسيحية فيما بينها ، ويعتبر الوقت مناسبا للحديث عن مجاعة الشام في مثل هذه الدراسات العلمية والاكاديمية ، للوقوف على حقيقة المجاعة والاحداث التي رافقتها ، رغم أنه لا أمل من التذكير بهذه الأحداث منذ ما يقرب من عقد من الزمن ،  إلا  أن الناس  يتذكرون هذه المجاعة وما زالت عالقة باذهانهم  . (عواد ، 2015 )

ساهم ثالوث “البيئة والحصار والتجويع” في القضاء على نصف سكان جبال لبنان ، بأن المجاعة حساسة طبقياً ، تصيب الفقراء ويعفى منها الأغنياء ، وسجل التاريخ منذ فجر التدوين ، العديد من المجاعات التي حصدت مئات الملايين من الأرواح البشرية ، وأن ضحايا المجاعات التي حصلت في التاريخ سجلت رقماً كبيراً جداً قد يفوق جميع ضحايا حروب الإنسان المفتعلة ، وتحصل المجاعة عادة في حالة ندرة الغذاء ، التي تكون مصحوبة بسوء تخطيط إداري من قبل برامج الحكومات ، أو نتيجة للأحوال البيئية والجوية غير المتوقعة ، مثل الجفاف والفيضانات أو ربما نتيجة قمع الحكومات لشعوبها و انتهاجها سياسات التجويع .( تروبار ، 2018 )

    وقد تكون المجاعات نتيجة لكل ما سبق من الأسباب مجتمعة ، من (التجويع والحصار والظروف البيئية)  ، إلا في حالات نادرة سجل التاريخ واحدة منها في جبل لبنان عام 1915م ، ودخلت التاريخ من اوسع ابوابة لاختلافها عن المجاعات الأخرى ، ومن المجاعات التي حدثت في البلاد العربية عبر العصور ، وقد تعرض الوطن العربي خلال الحقب الزمنية الماضية ، الى عدد من المجاعات  المختلفة ، والتي تركت آثارها على سكان البلاد العربية الى يومنا هذا ، ومن هذه المجاعات ،  مجاعة العرب الكبرى في مصر وبغداد والشام ومكة ، ومجاعة الجزائر ، ومجاعة المغرب ، ومجاعة السودان ، مجاعة اليمن ، ومجاعة مدغشقر ، ومجاعة الصومال ، ومجاعة بن مرارة في الجزيرة العربية ، واخيراً مجاعة الشام وهي موضوع دراستنا هذه . (الكاطع ، 2016).

      أن دخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا كان له ثمن دفعه سكان بيروت وجبل لبنان ، وحوّلت المجاعة شعباً كان صاحب أكبر تجربة اقتصادية ناجحة في بلاد الشام ، إلى جماعة من المشردين الجائعين ، وهرب العديد من الناس إلى خارج البلاد بحثاً عن الطعام والمأوى ولقي العديد منهم حتفهم على الطريق ، وضربت مجاعة الشام مناطق واسعة من سوريا التي كانت تشمل ولاية حلب وولاية بيروت ، متصرفية جبل لبنان وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى في العام ( 1918 -1914 م ، ( اكارالي ، 1998) .

أسباب المجاعات  بشكل عام

  1. أسباب طبيعية

       إن المجاعات تحدث نتيجة كارثة طبيعية مثل الجفاف لفترات طويلة أو الفيضانات التي تدمر المحاصيل أو البرودة الشديدة أو الأعاصير أو تفشي الحشرات أو الأمراض التي تصيب النباتات.( National Geographic)

       ترتبط هذه الأسباب بقرارات الحكومة بشأن كيفية الاستجابة للكارثة في اتخاذ قرارات صحيحة قد يجنِّب البلاد دخول المجاعة ، أما اتخاذ قرارات سيئة فقد يضخم من عواقب المجاعة مثلما فعلت كوريا الشمالية في تسعينيات القرن الماضي عندما أدى سوء إدارة الحكومة للإمدادات الغذائية وسياسة الحصص غير العادلة إلى مجاعة أودت بحياة أكثر من مليوني شخص .( موقع عثمانلي )

2. أسباب بشرية

أما الأسباب الأخرى التي قد تؤدي للمجاعة فهي أحداث بشرية مثل الحروب التي تتسبب بإتلاف المحاصيل إما عن قصد أو نتيجة للقتال ، بالإضافة إلى ذلك يتم قطع خطوط الإمداد والطرق ، ولا يمكن توزيع الطعام أو قد يتم منعه من التوزيع من قبل المقاتلين ، والتجويع القسري لأسباب سياسية هو سبب آخر للمجاعة ، ويمكن اضافة الأسباب السياسية والبيئية كأسباب لهذه المجاعة .

  أسباب اخرى للمجاعة 

      اندلعت الحرب العالمية الأولى في أوروبا ، ودخلت الدولة العثمانية الحرب الكبرى إلى جانب ألمانيا في نهاية عام 1914 م ، نتيجة للانقسام الأوروبي الجديد أصبح من السهل على حكومة “الباشاوات الثلاث”، (إسماعيل – طلعت – وجمال) باشا ،  واعتبار جميع البلاد التي تتمتع بحكم ذاتي وحماية أوروبية جزءاً لا يتجزأ من المجهود الحربي للبلاد ، فدخلت الجيوش العثمانية المتصرفية قادمة من دمشق عبر زحلة ، وأعلن جمال باشا السفاح وزير البحرية وقائد الجيش الرابع الأحكام العرفية ، فأوقف العمل بالنظام الأساسي واستبدل المتصرف المسيحي بآخر مسلم ، ونتيجة لهذه التطورات أصبحت المتصرفية خاضعة لظروف الحرب وأحوالها ، كانت ردة الفعل العثمانية عنيفة تجاه سكان الجبل الذين أسسوا حركات سرية هدفها الحصول على دعم الحلفاء للتخلص من الحكم العثماني ، في فرض التجنيد الإجباري والسخرة على السكان ، واعتبروا المسيحيين الذين يشكلون 79% من سكان لبنان ، غير موالين للدولة العثمانية  ، بل كانوا أكثر ميلاً للفرنسيين ، وهو السبب الرئيسي في منع الدولة العثمانية من التدخل في الشؤون الداخلية لمتصرفية ، وكان التجنيد الإجباري هو طريقة لاختيار الرجال ، وفي بعض الأحيان النساء ، للخدمة العسكرية الإلزامية.( اتفاقية السخرة ، 1932م)

 3.   بدأت سنوات الجوع في الشام بداية العام 1914 م ، والتي أهلكت عشرات الآلاف من العرب ، واليوم  لا تحتفظ الذاكرة التاريخية السورية بأعداد ضحايا تلك المجاعة ، وإن كان حصر لضحاياها في سوريا  وحدها ما  بين 60-80 ألف شخص من الضحايا ، أما لبنان، فكانت أكثر حظا في توثيق أعداد ضحاياها خلال تلك المجاعة ، حيث يصل هذا العدد إلى نحو 200 ألف، أي ثلث التعداد السكاني للبنان في ذلك الوقت. 

     كما أن اللبنانيين احتفظوا  احتفظوا بذاكرة المجاعة كذلك ، على عكس السوريين بصور المآسي التي صاحبت المجاعة ، والفضل في ذلك يرجع أولا إلى الذاكرة الثاقبة لأهل جبل لبنان والتي نقلت تلك الأحداث من جيل الى جيل ، ثم إلى التوثيق الفوتوغرافي الذي قام به اللبنانيون ، والذي صور لقطات للجوعى والقتلى من أبناء بلده دون علم السلطات التركية ، والتي لعبت دورا مهما في الإبقاء على مجاعة لبنان حية طازجة في ذاكرة النخبة المثقفة اللبنانية. ( نعوم ، 2014)

المطلب الثاني : آثار المجاعة 

     كان الجوع بطبيعة الحال أول صور المأساة التي عاشها اللبنانيون نتيجة السياسات العثمانية ، أنّ “المجاعة المُمَنْهجة لا تزال تفعل فعلها ، ويبيع الأتراك رطل الطحين بـ 12 فرنكا ، لكن اذا قرّر أحد شراءه ، يستشعر الأتراك توفّر المال على الفور فيطلبون 30 فرنكا” ، وكان الرغيف المخبوز المباع لأهل الجبل لونه أسود ومتيبس لا يصلح للأكل ، ولذا فإن نساء بلدة رياق البقاعية تظاهرن يوما ضد جمال باشا السفاح ورشْقن سيارته بتلك الأرغفة.( سالوت ، 1916)

 إن اللبنانيين كانوا “يتضورون جوعا ولم يكن بمقدورهم فعل شيء كما لم يقوى على المقاومة ، وخرجوا يهذون في الشوارع بطونهم المنتفخة”. وبلغ بهم الجوع إلى حد أكل حيوانات الشوارع من الكلاب والقطط ، بل أكل بعضهم لحوم البشر . (معوض يوسف ، 2015)

    ومن الآثار السلبية لمجاعة الشام  ، انه على النساء اللبنانيات المسير لمسافات طويلة بحثا عن أي طعام لأبنائهن ، ومغادرة أماكن سكنهم ، وفقدان الأطفال وتركه على قارعة الطريق للبحث عن خبز على مسيرة ثلاثة أيام سيرا على الأقدام لتطعمه ، وإنهن قدمن الخدمات الجنسية للضباط الأتراك مقابل الطعام ، وأنّ عاملات الحرير كنّ يستخدمن معامل حل شرانق الحرير أمكنة لتسليم أجسادهن لقاء ما لا يكفي لسد الرمق ، ومن هنا صارت مفردة “كارخانة” (معمل بالتركية والفارسية) تعني المبغى العمومي في التعبير اللبناني الدارج. (معوض جوزيف ، 2015)

     مات اللبنانيون في مجاعة ،  بسبب الإهمال الشديد والقاسي من قبل الدولة العثمانية  ، والحصار البري  الذي فرضه جمال باشا السفاح من سوريا شرقاً باتجاه لبنان غرباً ، وعلى إثر ذلك ارتفعت أسعار كل شيء ، وكان الناس يهربون بأرواحهم وأجسامهم عابرين الحدود للمدن القريبة ليلاقوا حتفهم على الطريق أو من التسول في هذه المدن سواء أكانت دمشق أم طرابلس أو غيرهما”.( معوض يوسف ، 2015)

    وبعد انتهاء الأزمة بانتهاء الحرب في العام 1918 وفك الحصار بعد هزيمة العثمانيين أمام الحلفاء ، فإن وتيرة سقوط الضحايا في جبل لبنان لم تنحسر ، إذ مات نحو 50 ألف شخص بفعل الأمراض و الأوبئة مثل التيفوئيد والكوليرا.( عبدالله ، 2015) ، هذه هي بعض التفاصيل الباقية عن مجاعة الشام وتداعياتها الثقيلة على الإنسان العربي في الشام ، وهي سواء في حجم الضحايا ، أو في صور المآسي المصاحبة لها تتشابه كثيرا مع الجوع والتشرد التي ارتكبها العثمانيون الأتراك خلال نفس الفترة، ضد أهل الشام ، وهي كلها فضائع وأعمال ، لا تزال إلى اليوم في انتظار الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي ، والدولة العثمانية ، ومن ثم فرض توقيع العقوبات على أحفاد مرتكبيها من الأتراك المعاصرين في تركيا الآن .( هواش  ، 2009 )

بعلبك مدينة لبنانية تقع في قلب سهل البقاع الذي اشتهر بغناه ، ووفرة محاصيله الزراعية لامتداد أراضيه وغزارة مياه نهر الليطاني الذي يروي أراضيه ، وواجهت بلاد الشام ، وخاصة متصرفية جبل لبنان ، أثناء الحرب العالمية الأولى مجاعة عامة ضربت أجزاء كبيرة من أقاليم وولايات الدولة العثمانية ، والتي وصفها  المؤرخين بحرب إبادة ، لما تثيره من جدل ونقاش كبيرين اليوم ، احتفالا بمرور مئة عام على اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914م ، أو ما يسمى في فرنسا بالحرب العظمى.( شبارو ، 2016 )

     أن مجاعة الشام التي ضربت جبل لبنان بين العامين( 1914 و 1918م) ، ووفقا لما تذكره الأرقام كما مر بنا سابقاً ، فإن 200 ألف لبناني ضحية في أربع سنوات ، أي ثلث عدد السكان آنذاك ، قد قضوا في هذه المجاعة ، هذه الحلقة من تاريخ هذه الحرب والتي ضرب عليها ستار من النسيان ، رغم الآثار الكبيرة التي خلفتها مجاعة الشام وتثير الجدل لدى المؤرخين .( عواد ، 2015) .

المبحث الخامس : الحصار البري والبحري لسوريا ولبنان


1.المطلب الأول : دور الحملة البريطانية والفرنسية
     كانت ردة الفعل الأولى من  دول الحلفاء في فترة الحرب العالمية الأولى (1914-1918 م) بريطانيا ، وايرلندا، ، وفرنسا والإمبراطورية الروسية ، على الدخول العثماني الحرب إلى جانب ألمانيا ، بضرب حصار بحري محكم على الطرق التجارية البحرية الدولية كافة والموانئ العثمانية ،  من قبل الأسطول البحري البريطاني مدعومة  بالبحرية الفرنسية في البحر الأبيض المتوسط  ، من أجل قطع طريق الإمداد عن الجيوش العثمانية والألمانية ، ومنع دخول السلع القادمة من مصر وتحويلات المغتربين الى لبنان وسوريا  ، ولمواجهة الطوق البحري قامت الدولة العثمانية بتبني سياسة احتكار الموادّ الغذائية ومنع إدخال القمح والحبوب إلى الجبال بل جعلها أولوية لإطعام الجنود العثمانيين ، كما قام جمال باشا السفاح بمنع دخول الموادّ الغذائية التي كانت تأتي من البقاع ودمشق إلى جبل لبنان خدمة للمجهود الحربي ، فتأثرت أراضي الجبل لأن أراضيه لا تؤمّن الغذاء إلا لـ 4 أشهر في السنة ، وأن المسؤولية مشتركة عن مجاعة الشام بين الدولة العثمانية ممثلة بجمال باشا والي الشام ، الذي فرض حصاراً برياً على جميع مناطق  لبنان و حوران وسهل البقاع ، وبين البريطانيين والفرنسيين ، الذين فرضوا الحصار البحري على لبنان وسوريا . ( زعيتر ،  2019 ) ، وادى ذلك الى  رفع  سعر القمح والحبوب والطحين ورغيف الخبز ، والتي تشكل غذاء الفقراء الرئيسي في تلك السنوات ، وانخفاض القدرة الشرائية للأهالي وذلك من خلال وقف تصدير الحرير للخارج ، وتوقف وصول تحويلات المغتربين المالية إلى أهلهم عبر بيروت ،  وأن مجاعة الحرب العالمية الأولى اشتملت على أكل لحوم الحيوانات والبشر ، بالإضافة إلى انتشار البغاء الموثق في الأدب والشعر ، وأن عاملات الحرير كن يستخدمن معامل حل شرانق الحرير أمكنة لتسليم أجسادهن لقاء ما لا يكفي لسد الحاجة ، وصارت مفردة “كارخانه”(معمل بالتركية والفارسية) تعني المبغي العمومي في التعبير اللبناني الدارج.(معوض جوزيف ، 2018 )
وتمثلت أسباب الحصار ايضاً ، بالحصار العثماني البري والحصار الأوروبي البحري ، وكان للجراد دور مماثل في هذه المجاعة ، حيث غزت سماء لبنان وسوريا في العام 1915م  أسراب هائلة من  الجراد قضت على المحاصيل الزراعية سوريا ولبنان ، ورافق كل هذه الإجراءات عمليات التبادل في السوق السوداء ، وبرزت شبكات تجارية احتكارية فارتفعت الأسعار بشكل كبير ، وأصبح الحصول على القمح والحبوب والطحين من الصعوبة بمكان  ، لأنه كان يحوَل للقوات العثمانية المشاركة بالحرب ، ومع الحصار البرّي العثماني وسياسة منع دخول الموادّ الغذائية إلى لبنان وبيروت ، وقطع طريق الإمداد ، التي كانت تسد رمق السكان في ظل الحصار والاحتكار ومصادرة الحيوانات التي كانت تستخدم في النقل والمحاصيل ، وقد تكاثرت أسراب الجراد بفعل عدم استخدام ورشّ المبيدات الكفيلة بالقضاء عليها مما ساهم في تكاثرها ، وأن مجاعة الشام ، كانت  مؤامرة عثمانية للتخلص من المسيحيين ومن الحجج المسوقة لذلك الحصار البحري المفروض على السواحل ، كما أن الحصار كان إجراء حربياً فرضه الأسطول البريطاني ، بدعم فرنسي ، ضد السلطنة العثمانية. (الحفار ، 2017)

     ونتيجة لما سبق من الأسباب لمجاعة الشام ، فقد حلّت الكارثة ، وضربت المجاعة ، وبدأ شبح الموت يحصد الأرواح ، وقتل الآف  من سكان جبل لبنان ، أغلبهم من المسيحيين ، وفي المناطق التي تشهد انتشاراً مسيحياً أكثر والواقعة شمال طريق بيروت ، دمشق ، ويقدّر عدد الضحايا بـ 200 ألف نسمة. (الصليب الأحمر الأميركي ، 1917 ) .

2 . المطلب الثاني : دور جمال باشا السفاح

     وُلد في إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية ، وانتسب إلى المدرسة الحربية وتخرج فيها ضابطاً في 1895م ، عُيّن في الجيش الثالث المرابط في (سالونيك) اليونانية ، وفي هذه المدينة بدأ جمال نشاطه السياسي وتعرّف عدداً من أعضاء جمعية الاتحاد والترقي التركية التي كانت تضم بين صفوفها عدداً من اليهود البارزين وصار عضواً فيها عام 1906م ، ولم يكن يومئذٍ واحداً من أعضاء عصبة (تركيا الفتاة) التي كانت قلب جمعية الاتحاد وعقلها المفكر، بل كان مناصراً للدعوة الإسلامية ، مخالفاً للدعوة الطورانية ويجاهر بمزايا القومية العثمانية المبنية على التضامن الإسلامي ومستقبلها ، وتسارع تقدّم جمال إلى موقع الصدارة في جمعية الاتحاد والترقي إلى جانب طلعت وأنور بعد اشتراكه في الثورة العسكرية في 1908م . ( باشا ،  2011 ) ، على السلطان عبد الحميد الثاني ، وقد أذعن السلطان مُكرهاً لطلبات الثائرين فأعاد العمل بدستور مدحت باشا عام  1876، وأمر بإلغاء الرقابة ، وأطلق سراح المعتقلين ، وأُجريت انتخابات أول مجلس نيابي في ظل الدستور ،  وأن السلطان وأنصاره حاولوا التخلص من الجمعية وأعضائها ، فقاموا بثورة مضادة عام 1909م ، وكان من بين ضحاياها النائب العربي الأمير محمد أرسلان  ، وتصدى الاتحاديون لهذه الثورة ، وتمكنت قواتهم بقيادة محمود شوكت باشا الفاروقي من التغلب على أنصار السلطان بعد قتال مرير ، ودخلت العاصمة في 24 نيسان من تفس العام ، وعقد مجلسا النواب والأعيان اجتماعاً في 27 نيسان ، تقرر فيه خلع السلطان عبد الحميد وتنصيب شقيقه محمد رشاد بدلاً منه باسم السلطان محمد الخامس ، ومنذ ذلك التاريخ غدت جمعية الاتحاد والترقي صاحبة السلطة في البلاد وتحكمت بمقاليد الأمور طوال المدة التي سبقت الحرب العالمية الأولى وإبّانها ، وأقامت حكماً استبدادياً كان أقطابه أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا السفاح ، وكان من أوائل أعمال الجمعية حلّ جميع الجمعيات التي أسسها أفراد غير أتراك ، مما دفع القيادات العربية إلى اللجوء إلى العمل السرّي في داخل الدولة وخارجها .( سلطان ، 198)

     تولى جمال باشا بعد الثورة العسكرية مناصب مهمة كثيرة ، ففي عام 1909 م ، وعُيّن حاكماً عسكرياً على اسكودار، ثم صار والياً على أضنة فوالياً على بغداد  1911 م ، قائد الاحتياط في قونية 19012 م ، وشارك في حروب البلقان (1912-1913) م ، ثم عُيِّن حاكماً عسكرياً ووالياً على اسطنبول في يناير 1913م ، إلى أن دخل مجلس الوزراء في نهاية ذلك العام بصفة وزير للأشغال العامة  ، وفي 1914م ، تولىّ جمال باشا وزارة البحرية فعمل على تطوير الأسطول وتحديثه ورفع مستوى التدريب ، وكان يميل في السياسة إلى فرنسا التي زارها في 1914م ،  ويكره ألمانية ، لكنه تحولّ بعد وقت قصير إلى دعم سياسة أنور باشا الرامية إلى إقامة تحالف مع ألمانيا ، وكان اغتيال الصدر الاعظم محمود شوكت في ظرف دقيق في حزيران 1913 م ، الحدث الأهم الذي هزه، وترك أبعد الأثر فيه لأنه كان الرجل الذي يوليه جمال التقدير العالي والمودة الخالصة. (عبد النبي ، 2017 )

     تولى جمال باشا في 1914 م ، قيادة الجيش الثاني في منطقة بحر إيجه مدة قصيرة ، نُقل بعدها قائداً للجيش الرابع وحاكماً عاماً على سورية وفلسطين والحجاز ، وشغل هذا المنصب طوال المدة من 1914 – 1917م ، ومُنح من السلطات بحكم القانون العسكري  وأصبح  رئيساً للحكومة في بلاد الشام إضافة إلى قيادة الجيش. (موسوعة المعرفة )

    بدء جمال باشا السفاح سياسة البطش والإرهاب التي استفحل شرها إلى درجة مذهلة حيث لقب بالسفاح لما سفك من دماء ثم ألقى القبض على طائفة أخرى من الزعماء العرب أكثر عدد من سابقتها وبينهم أشهر الرجال وأوسعها نفوذاً في بلاد الشام واحالته الى المحكمة في عاليه بلبنان بعد أن لاقوا من إساءة وتعذيب وتنكيل وأيدت المحكمة بقسوة شديدة متعمدة وتدخل الشريف حسين ابن علي فأرسل البرقيات إلى جمال باشا إلى السلطان وإلى الصدر الأعظم ولكن دون جدوى ، وقال في أحد برقيات مهدداً بأن الدماء سوف تستثير الدماء وتدخل الأمير فيصل بن الحسين ، وقابل جمال باشا ثلاث مرات محاولاً إنقاذ الزعماء لكن جمال باشا السفاح قرر المضي في مخططه الإجرامي حتى النهاية.(موسوعة ويكيبيديا الحرة )

      أضعفت الثورة العربية مركز الجيش الرابع التركي في سوريا وزعزعة وضعه العسكري ، ازدادت الأحوال سوءاً بعد قيام الجيش البريطاني بقيادة الجنرال (اللمبي) بالهجوم على فلسطين في مطلع 1917، وحين اسُتدعي جمال باشا إلى اسطنبول في أواخر كانون الأول 1917 كانت قواته في الجبهة الشامية تتقهقر أمام القوات البريطانية المدعومة من الثائرين العرب ، كان جمال باشا لدى استدعائه ، إلى اصطنبول مُحبطاً فاقد النفوذ ، في وقت كانت فيه هزائم الأتراك تتوالى ، استقالت حكومة طلعت باشا في   1918، ولاذ الثلاثي أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا بالفرار، بمساعدة الألمان متقهقرين ، عبر البحر الأسود إلى أوديسا ومنها إلى برلين ثم إلى سويسرا ، وفي هذه الأثناء حاكمت السلطة العثمانية الجديدة في اسطنبول جمال باشا أمام محكمة عسكرية وحكمت عليه غيابياً بالطرد من الجيش والإعدام. .(اللمبي ، 1918 )

عمل جمال باشا في العام 1914م ، على سحب الامتيازات الأجنبية “التبشير” هو مصطلح مسيحي يقصد به نشر تعاليم الأنجيل  والمسيحية بين مجموعة من الناس في لبنان ، بمحاولة لتنصيرهم ، وقام بافتعال المجاعة في بيروت وجبل لبنان ، وقيام الحلفاء بمحاصرة سوريا ولبنان ، وظهور أزمة اقتصادية  في المنطقة . ( شبارو ، 2016 )

      ضربت مجاعة 1915م ، مناطق واسعة من سوريا العثمانية ، تشمل ولاية سوريا ، وولاية حلب ، وولاية بيروت ، متصرفية جبل لبنان ، خلال الحرب العالمية الأولى ، مدعومة بإهمال جمال باشا السفّاح الحاكم العسكري على سوريا ، بنتيجة مصادرة المحاصيل والأملاك لخدمة المجهود الحربي ، وهروب الشباب من الأراضي الزراعية في الريف إلى المغترب هربًا من التجنيد الإجباري ، وظهور أسراب الجراد “، وراح ضحيتها “لقي عشرات الآلاف حتفهم جوعًا ، وفي حلب وحدها لقي 60-80 ألفًا حتفهم بالمجاعة”، أما في جبل لبنان فمات ثلث السكان بالمجاعة.( الاتاسي ، 1918م)

      كان نصيب الشام من تلك السياسة كبيرا ، فقد خضع أبنائه مثل باقي الولايات العربية لحادث النفير العام ، والذي اقتيد خلاله الآلاف من أبنائه إلى الأناضول للمشاركة في معارك العثمانيين ضد أعدائهم من دول الحلفاء ، وأضيفت إلى ذلك مصادرة جمال باشا السفاح ، قائد الجيش الرابع العثماني في سوريا لمحاصيل الشام الزراعية ، خاصة القمح ، كي يصنع إمداداً غذائياً لجنوده المحاربين ،  وهو قائد جيش عثماني ، عسكري وسياسي وهو أحد الباشوات الثلاثة: أنور وطلعت وجمال باشا ، وهو من زعماء تركيا الفتاة وجمعية الاتحاد  والترقي ، وقد عين في سوريا عام 1915م ، وفرض سلطانه على بلاد الشام وأصبح الحاكم المطلق فيها ، واشترك في الانقلاب على السلطان عبد الحميد ، وشغل منصب وزير الأشغال العامة 1913م ، ثم قائداً للبحرية العثمانية عام 1914 ، وعُرف باسم (جمال الكبير) تمييزاً له من قادة عسكريين أتراك يحملون اسم جمال.(موسوعة المعرفة ).

النتائج

     توصل الباحث الى النتائج المتمثلة في ان هذه المجاعة وقعت إبان حكم الدولة العثمانية إلى بلاد الشام ، وأثناء قيام الحرب العالمية الأولى( 1914-1918م ) ، وانحصارها في هذه الفترة الزمنية ، وفي ولاية الشام وبيروت ، ومصادرة الأملاك والمحاصيل من قبل الدولة العثمانية من أجل خدمة المجهود الحربي، وفرار الكثير من المزارعين الشباب من أراضيهم ، والخدمة العسكرية والتجنيد الإجباري ، إضافة إلى ظهور أسراب كبيرة من الجراد ، والحصار البحري الذي فرضته الأساطيل البريطانية والفرنسية على الموانئ السورية والفلسطينية واللبنانية لمنع وصول الإمدادات إلى القوات العثمانية في الشام ، والحصار البري الذي فرضه جمال باشا السفاح على لبنان وسوريا ، وأدى الى نقص المحاصيل الزراعية ، إلى وفاة أعداد كبيرة من السكان ، وحوّلت المجاعة سكان الشام  أصحاب أكبر تجربة اقتصادية ناجحة إلى جماعة من المشردين الجائعين ، وإن أكثر الولايات تضراراً بالمجاعة ، ولاية سوريا ولبنان ، اختلاف المصادر التاريخية في تحديد أعداد الذين توفوا في المجاعة . 

المقترحات

     من خلال تتبع الباحث لمجريات مجاعة الشام توصل الباحث الى مجموعة من المقترحات تمثلت بما يلي :

1.أصابت المجاعة هذه المناطق بسبب مصادرة الأملاك والمحاصيل من قبل الحكومة من أجل خدمة المجهود الحربي ، وأيضاً فرار الكثير من المزارعين الشباب من أراضيهم هرباً من أداء الخدمة العسكرية خلال الحرب ، إضافة إلى ظهور أسراب كبيرة من الجراد.

2.تُعتبر المجاعة واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية على وجه الأرض ، بالزلازل والفيضانات مثلاً بإمكانها أنّ تدمر مدناً وبلدات بأكملها في غضون ساعات قليلة ، أمّا المجاعة فتتميز بالموت البطيء والمؤلم وغالباً ما تصيب الأطفال وكبار السن.

3.المجاعة هي حالة من الجوع والنقص والعوز تحدث في بلدان ومناطق فيها أعداد كبيرة من الناس في بلد أو منطقة لديها القليل من الإمدادات الغذائية الكافية أو منعدمة.

4.يعتقد الكثير من الناس أن المجاعات تحدث فقط نتيجة نقص في الغذاء الناتج عن نقص الإنتاج ولكنها أيضاً تحدث نتيجة أسباب أخرى كثيرة .

التوصيات

يم خلال دراسة موضوع وبحث مجاعة الشام استخلص الباحث مجموعة من التوصيات تمثلت بما يلي :

1 ـ الإفراج عن الوثائق والمخطوطات السالنامات والمصادر العثمانية المتعلقة بمجاعة الشام 1915م ، والموجودة في المكتبات التركية ، ويصعب الوصول إليها ،  لتصبح في متناول المؤرخين والباحثين .

2 ـ ترجمة الوثائق العثمانية والإنجليزية المتعلقة بمجاعة الشام إلى اللغة العربية. 

3 ـ تشجيع الباحثين على إجراء دراسات علمية واكاديمية مماثلة تتعلق بمجاعة الشام إبان الحكم العثماني للوقوف على حقيقة وطبيعة هذه المجاعة. 

4.تعزيز البحث العلمي والدراسات العليا لأنها مفتاح المعرفة ، والطريق الى التطور والتقدم  القائم على أسس علمية .

5.تكرار عقد المؤتمرات والندوات والملتقيات العلمية المعنية بتاريخ العرب ، والمجاعات .

6.رفع كفاءة وقدرات العاملين  في مجال البحث العلمي ، وتهيئة البيئة المناسبة للارتقاء بمستوى ادائهم ، وبناء مهاراتهم البحثية .

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

الموسوعات

.1 موسوعة ويكيبيديا الحرة

.2 موسوعة يونيو بيديا الدلالية

.3 موسوعة المعرفة 

المعاجم

معجم المعاني

معجم الوسيط

الكتب العربية

1. جورج انطونيوس ، يقظة العرب ، مطبعة الترقي ، مكة ، السعودية ، 2018 ص 590-591 .

2. جرجس الخوري المقدسي ، اعظم حرب في التاريخ وكيف مرت أيامها ، المطبعة الادبية ، بيروت ، 1921م .

3. زين نور الدين زين ، الصراع الدولي في الشرق الاوسط ، دار زيندار النهار للنشر، بيروت ، 1971.

4. محمد المختار ، ابن كروش ، الادارة العثمانية في بلاد الشام خلال الحرب العالمية الأولى 1914-1918، (ب .د.ن) ،2020 .

5. مسعود ضاهر عبدالله ، استراتيجية الحصار والتجويع ضد جبل لبنان ، 1914-1918 ، دار النشر العربية للدراسات والتوثيق ، لبنان ، 2002 .

6. نورالدين محمد حاطوم ،  دمشق في الحرب العالمية الأولى 1914-1918 ، اتحاد الكتاب العرب ، سوريا ، 1994.

7. سامي ناظم حسين وعادل مدلول علي الموسوي ، متصرفية جبل لبنان في تقسيماتها الادارية وسلطاتها التنفيذية والتشريعية 1892-1902 م ، مجلد 18 ، العدد 4 ، مجلة العلوم الإنسانية القادسية ، 2015.

8. عبدالقادر حميد ، العرب ايام الحرب 1914-1918 ، وزارة الإعلام ، قطر ، 2014 .

9. علي سلطان ، تاريخ سوريا ، ( 1908-1918م) ، دار الوراقين ، 1987م.

10. فدوة محي الدين ، تاريخ لبنان 1914-1918 ، دار النشر العربية للدراسات والتوثيق ، لبنان ، 1979 .

11. رضا احمد ، مذكرات للتاريخ ، حوادث جيل عامل 1914-1922 ، دار النهار للنشر ، 2009.

الرسالة الجامعية

1.هيام يوسف احمد ، مأساة سفربرلك بين الرواية العربية والتركية خلال الحرب العالمية الأولى ، رسالة دكتوراه ، مدرس اللغة التركية بجامعة سوهاج ، 2018.

2.محمود صالح سعيد ، عبدالله ، السياسة العثمانية تجاه متصرفية جبل لبنان ، 1861-1920، الموصل ، 2003.

الدراسات

1. سعيدي امين مزيان: علاقة الدولة العثمانية بالعرب في بلاد الشام أثناء الحرب العالمية الأولى وانعكاساتها 1914-1918 ، المدرسة العليا للأساتذة ، بوزريعة ، 2014.

2. علجية زعيتر: النشاط السياسي والعسكري لجمال باشا في الدولة العثمانية 1908-1918 ، (ب. د. ن) عام 2019 .

3. مسعود ضاهر عبدالله ، تاريخ لبنان الاجتماعي 1914-1926، دار الفارابي ، بيروت،لبنان ، ط1، 2015.

الاتفاقيات والمنظمات

1.اتفاقية السخرة ، الاتفاقية (رقم 29) الخاصة بالسخرة ، اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية.
في دورته الرابعة عشرة ، حزيران ، 1930 ، تاريخ بدء النفاذ: أيار 1932.

2. منظمة الصليب الأحمر الأميركي ، إحصاء عدد ضحايا الجوع في جبل لبنان ، عام 1917.

مذكرات 

1.مذكرات الجنرال اللمبي ، حول حصار الحملة الفرنسية والبريطانية سواحل لبنان وسوريا ، 2 تشرين الثاني ، 1918.

وثائق

1. ابراهيم كنعان نعوم ، التوثيق الفوتوغرافي ، المدير المسؤول عن المساعدات الحكومية العثمانية في جبل لبنان، بيروت ، الارشيف الخاص ، 2014.

 2. أحمد جمال باشا ، اكتشف سوريا ، وثائق الأرشيف العثماني ، أحداث تاريخ سوريا المعاصر حسب السنوات 1914- 1918 ، 2011  .

3. انفين اكارالي ، وثائق من الأرشيف التركي حول جبل لبنان في عهد المتصرفية ، 1861-1918 ، المجلة التاريخية المغاربية ، مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات ، تونس ، 1983.

4. اسامه مهدي الحفار ، وثائق الأرشيف العثماني ، أحداث تاريخ سوريا المعاصر حسب السنوات 1914- 1918، 2017.

5. سارلوت  “الأب” ، وثائق ورسائل ،  رئيس مدرسة عينطورة العازاريّة ، بلبنان ، 1916م.

6. سليمان عبدالنبي ، وثائق الأرشيف العثماني ، أحداث تاريخ سوريا المعاصر حسب السنوات 1914- 1918،  2017.

7 . عزيز  اسماعيل هواش  ، سوريا ولبنان في الحرب العالمية الأولى ، وثائق الأرشيف العثماني ، أحداث تاريخ سوريا المعاصر حسب السنوات 1914- 1918 ، 2009. 

8. مهند الكاطع ، إضاءات تاريخية ، وثائق الأرشيف العثماني ، أحداث تاريخ سوريا المعاصر حسب السنوات 1914- 1918،   ، أرشيف رقم 1271 ،   2016.

9.مهند الكاطع ، مجاعة الشام ، وثائق الأرشيف العثماني ، أحداث تاريخ سوريا المعاصر حسب السنوات 1914- 1918،  ،  أرشيف رقم 1271 ،  2018.

المواقع الإلكترونية والفيديو

  1. ar.wikibedia.org .
    1. http// www.twsas .org.
    1. https://m.youtube.com/wach?v=jYRVmUdlIA08 

المقالات

1.جوزيف معوض ، مجاعة اللبنانيين في الحرب العالمية الأولى ، مقال ، مجلة بدايات ، 2015 .

2. يوسف حميد معوض ، ذاكرة الحرب العظمى ام حبل المشنقة ، مقال ، مجلة بدايات ، الناشر مجلة بدايات ، 2015.

3. كريستيان توتل ، و القسيس بيار ويتوك ، مقال ، الشعب اللبناني ومآسي الحرب العالمية الأولى ،2013 . 

4. محمود الدسوقي ، ذاكرة التاريخ ، مقال ، وقائع مأساة سفر برلك ، مجلة الأهرام ، 2021.

5. ستيفاني ترويا ، قرن على المجاعة أودت بثلث سكان لبنان في الحرب العالمية الأولى ، مقال ، مجلة اللواء ، 2018.

6. عصام خليفة، ، افتعال المجاعة في بيروت ، مقالة ، مؤرخ لبناني وأستاذ جامعي ، بيروت ، 2015. 

7. عصام خليفة ، قرن على مجاعة أودت بثلث سكان لبنان خلال العهد العثماني ، مقالة ، مؤرخ لبناني وأستاذ جامعي ، بيروت ، 2016. 

8. سعود المولى ، الأمير شكيب أرسلان والحرب العالمية الأولى(1890-1916) ، مقال ، Academia.edu.

9. توفيق يوسف عواد ،  رواية الخبز ، “شهادة فريدة عن الحرب العالمية الأولى وآثارها الوخيمة على سكان جبل لبنان ،  دار نشر سندباد ، نشرت النسخة الأصلية من الكتاب العام 1939 تحت عنوان “الرغيف”، عام  2015 م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *