م.م. /  سلام كاظم سليم عبيد الزبيدي

متوسطة الارتقاء للبنين، المديرية العامة لتربية الرصافة الثالثة

:Wafaa.kadem@uomustansiriyah.edu.iq

0096477367891

الملخص :

يذكر لنا التاريخ أن اليمن لم تستنزف بكل قبائلها في قبول الدعوة الإسلامية عُشر الجهد الذي بذله الرسول (صلى الله عليه وآله) في سبيل إقناع القبائل العدنانية بدعوته، ومن هذه القبائل التي استجابت للدعوة الإسلامية هي قبيلة زبيد، فكانت لهم مواقف ذكرها المؤرخون تدعو الى الفخر والاعتزاز بإيمانهم وبلائهم في الحروب، ويأتي في مقدمتهم فارس العرب المشهور عمرو بن معد يكرب الزبيدي الذي سيأتي ذكره في البحث.وانتشرت هذه القبيلة في اثناء الفتح الاسلامي في العراق والشام ومصر، وامتدت فيما بعد الى شمال افريقيا والاندلس، واستوطنت هذه الاماكن التي دخلتها مع الفتوحات. ومن المعروف أن كل قبيلة من قبائل العرب لها ايامها ووقائعها التي تفخر بها وتؤرخ بها احياناً، ولا تختلف قبيلة زبيد عن غيرها من القبائل العربية في هذا الشأن، فلها ايامها ووقائعها ومفاخرها في هذه الوقائع، وممن لهم شأن أيضاً في الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية، وقد اورد هذا البحث عدداً منهم على سبيل المثال لا الحصر.جاء بحثي هذا في مبحثين، المبحث الاول بعنوان قبيلة زبيد اصلها ونسبها ومواطنها، تناولت فيه اربعة مطالب، اشار المطلب الاول الى أصل قبيلة زبيد ونسبها، أما المطلب الثاني فتضمن الموطن الاصلي لقبيلة زبيد، في حين تناول المطلب الثالث أهم البطون القديمة لقبيلة زبيد، وذكرت في المطلب الرابع ايام قبيلة زبيد ووقائعها، أما المبحث الثاني فقد جاء بعنوان نشاط قبيلة زبيد في صدر الاسلام، وقسمته على اربعة مطالب، تضمن المطلب الاول دخول قبيلة زبيد في الإسلام، واشار المطلب الثاني الى هجرة قبيلة زبيد مع الفتوحات الإسلامية، واحتوى المطلب الثالث على أهم المدن التي استوطنتها قبيلة زبيد في الاسلام، أما المطلب الرابع فقد ذكرت فيه اشهر رجالات قبيلة زبيد، وانهيت بحثي بخاتمة موجزة، اذكر منها: أن قبيلة زبيد من أكبر القبائل العربية في الوطن العربي ، وهي من القبائل القحطانية اصلها من اليمن، لها وقائع في العصر الجاهلي مع بني عامر وغيرهم، وشاركت هذه القبيلة في الفتوحات الإسلامية الاولى ،فشوهد لهم الاثر المحمود في تلك الفتوحات، ووقائعهم مدونة. ولا يزال يردد المؤرخون أخبارهم، وخدماتهم للإسلام في فتوحاته عبر الصفحات التاريخية المجيدة.وانهيت البحثبثبت المصادر والمراجع التي عدت إليها لتوثيق هذا البحث.

 

The tribe of Zabid, its political and social history in the pre-Islamic eras and the beginning of Islam

Assistant teacher.Salam Kazem Salim Obaid Al-Zubaidi

Al-Irtiqaa Intermediate School for Boys, General Directorate of Education, Rusafa Third

 

Abstract:

History reminds us that Yemen did not exhaust all its tribes in accepting the Islamic invitation a tenth of the effort that the Messenger (may God bless him and his family) made to convince the Adnanite tribes of his invitation. And to be proud of their faith and their affliction in wars, and at the forefront of this comes, the famous Arab knight Amr bin Maad afflicts Al-Zubaidi, who will be mentioned in the research.

This tribe spread during the Islamic conquest in Iraq, the Levant and Egypt, and later spread to North Africa and Andalusia, and settled in these places that it entered with the conquests. It is known that every Arab tribe has its days and facts that it is proud of and sometimes chronicles, and the Zabid tribe does not differ from other Arab tribes in this regard. This research mentioned a number of them as an example but not limited.

This research came in two sections, the first topic was entitled the tribe of Zabid, its origin, lineage, and its citizens, in which I dealt with four demands. In the fourth demand, the days of the Zabid tribe and its facts. The second topic came under the title of the activity of the Zabid tribe in the early days of Islam and was divided into four demands. The first requirement included the entry of the Zabid tribe into Islam. The most important cities settled by the Zabid tribe in Islam As for the fourth requirement, in it, I mentioned the most famous men of the Zabid tribe, and I ended my research with a brief conclusion, from which I mention: The Zabid tribe is one of the largest Arab tribes in the Arab world, and it is one of the Qahtaniyah tribes, its origin is from Yemen, it has facts in the pre-Islamic era with Bani Amer and others, and I shared this The tribe in the first Islamic conquests, the praiseworthy impact of those conquests was seen, and their facts are recorded. Historians are still repeating their news and services to Islam in its conquests through the glorious historical pages. I ended the research by confirming the sources and references I returned to document this research.

المبحث الاول

قبيلة زبيد اصلها ونسبها موطنها

المطلب الاول

أصل قبيلة زبيد ونسبها

زُبَيْدقبيلة عربية من قبائل مذحج الكهلانية القحطانية قبيلة كبيرة تعد من إحدى أكبر القبائل العربية في الوطن العربي( القرطبي،1990م، ص80) ( القلقشندي، 1402هـ – 1982 م، ص90)، ويرجع النسابون قبائل اليمن كلها الى شعبين عظيمين، هما: بنو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وبنو كهلان بن سبأ. وعلى الرغم من أن قبائل كهلان كانت أكثر عدداً، إلا أن ملك اليمن كان بيد بني حمير، بينما تملك الكهلانيون أطراف بلاد العرب كالشام ونجد والعراق. وقد أولد كهلان: زيداً، وأولد زيد: مالكاً، وعريباً (ابن حزم،1403هـ – 1983م،2/410)،ومنهما تفرعت قبائل كهلان، وقبيلة زبيد ترجع في أصولها الى (مَذحِج) أحدى قبائل كهلان، فبنو زبيد، هم: بنو منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك (مَذحِج) بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، ويسمى زبيد الأكبر، ويعود قسم منهم في نسبهم الى أحد ولده، وهو: منبه بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد، وهو زبيد الأصغر (السمعاني،1382 هـ – 1962 م، 6/364)،واشتقاق كلمة زبيد كما اوردها ابن دريد(ت321ه) بقوله:( ومنهم: بنو أَوْدٍ، ومنبّه، وهو زُبَيد. وزُبَيد: تصغير زَبْد، والزَّبْد: العطية. زبدته أَزْبِدُهُ زَبْداً. وإنما قال: مَن يَزْبِدُني رِفْدَه؟ فسمى زُبَيْداً. والزُّبد معروف. والزُّباد: ضربٌ من النَّبت) (ابن دريد،1411 هـ – 1991 م، ص411).وله قول آخر في تسميتهم:( وَإِنَّمَا سمي زبيداً لِأَنَّهُ قَالَ: من يزبدني رفده أَي من يحالفني واسْمه عصم، وَقدسمت الْعَرَب زبدا وزبيداً وزابداً ومزبدا)(ابن دريد،1990 م، 1/297). ، وقال ابن سعد(ت230ه) في طبقاته سبب تلقيبهم بزبيد:(لما كثر عمومته، وبنو عمه، قال: من يزبدني نصره؟ يعني يعطيني نصره على بني أود. فأجابوه، فسموا كلهم زبيداً)(ابن سعد،1410 هـ – 1990 م 4/198)، وقال ابن حزم(ت456ه): في سبب تلقيب جدهم الأعلى بسعد العشيرة: (لأنه كان يركب في ولده من صلبه في ثلاثمائة فارس)(ابن حزم،1403هـ – 1983م، 2/410) لكن ابن الأثير(630ه) في كتابه نسب هذا القول لزبيد الأكبر منبه بن صعب، قال: ((واسم زبيد، منبه بن صعب بن سعد العشيرة … وإنما قيل له زبيد؛ لأنه قال: من يزبدني رفده؟ فأجابه أعمامه. فقيل لهم جميعاً: زبيد، وينسب إليها خلق كثير من الصحابة، ومن بعدهم من العلماء….) (ابن الاثير،(ب-ت)،2/60).

المطلب الثاني

الموطن الاصلي لقبيلة زبيد

المعروف أن مواطن زبيد كانت مع القبيلة الأم مذحج، وديار مذحج كانت في القرن السادس الميلادي بين عدن وحضرموت في اليمن(الحموي، 1995م،1/73) ، كما أن بعض المناطق في اليمن كانت خالصة لأبناء قبيلة زبيد الحصيبكما ذكر اليعقوبي (اليعقوبي،1422هـ، ص156) ،وكان بعض الدياريسكن ما بين نجران متجها الى الشمال الشرقي، حتى أطراف وادي تثليث ووادي الدواسر، وقال البكري(487ه):(تثليث على ثلاث مراحل ونصف من نجران وقال: وتثليث لبني زبيد وهم فيها إلى اليوم وبها مسكن عمرو بن معدي كرب الزبيدي) ( ابن البكري،1403ه، 1/305)، ومن ديارهم أيضاً: بلاغ ومريع وميثب والحواضر ووادي تبالة والخصاصة وغيرها من الحجاز( الهمداني، 1415ه، ص358) ،وذكر الحموي(626ه) في تحديد بلاد العرب من نجد والعروض وتهامة:(ومن بلاد مذحج تثليث وما دونها إلى ناحية فيد حجازا، والعرب تسميه نجدا وجلسا وحجازا، والحجاز يجمع ذلك كله)(الحموي، 1995م،2/219) ، ويعني ذلك أن بلاد مذحج كانت تقع جنوب الحجاز، وقال ابن خلدون(ت808ه) في تاريخه:بلاد مذحج: موالي جهات الجُنْد من الجبال، وينزلها من مذحج عنس وزبيد ومراد ومن عنس بإفريقية فرقة، وبرية مع ظواعن أهلها، ومنزبيد بالحجاز بنو حرب بين مكة والمدينة، وتمتد ديار زبيد قديماً في الحجاز من نجران الى وادي الدواسر ( ابن خلدون،1408 هـ – 1988 م، 4/268).

وذكرت المصادر التاريخية أن أثر حادثة انهيار سد العرم (سد مأرب) هاجرت الكثير من القبائل منها قبيلة زبيد من اليمن إلى نجد، واستقروا في نجد مدة طويله حتى طفحت نجد بهم وبمن معهم من القبائل الأخرى(ابن عبد البر،1405ه – 1985م، ص108).

ومما يدل على سكن قبيلة زبيد في العراق قبل الفتح الإسلامي بعهد بعيد، ما ذكره الحموي(ت626ه)، إذ قال:(قدم خالد الزبيدي في ناس معه من زبيد إلى سنجار، ومعه ابنا عم له يقال لأحدهما صابي)(الحموي، 1995م،3/262)

ما نريد تثبيته هنا هو: أن عمر هذه القبيلة وفق معطيات التاريخ المذكورة آنفا لا يقل عن عشرين قرناً من الزمن وربما أكثر، فهي من القبائل الموغلة في القدم، كما حافظت زبيد على اسمها منذ ذلك اليوم حتى الآن، وهو أمر يكاد يكون نادراً لا يتحقق إلا لبعض القبائل، إذ غالبا ما تتبدَّل أسماء القبائل بتقادم الزمن.

المطلب الثالث

البطون القديمة لقبيلة زبيد

تشير المصادر التاريخية وكتب الانساب الى أن لقبيلة زبيد بطوناً عديدة، منها:

  • الأغلوق: بطن من زبيد كانوا يسكنون وادي بلاع.
  • حبيش: بطن من زبيد ( الهمداني، 1984م، ص116).
  • قُطيعة: وهم بنو الحارث بن ربيعة بن منبه (السمعاني،1382 هـ – 1962 م، 7/355).
  • بنو عصم أو عاصم: بطن من زبيد الأصغر انحدر منه عمرو بن معد يكرب الزبيدي (الحموي، 2004م، 1/412).
  • مالك بن سلمة: بطن من زبيد، وهم: بنو مالك بن سلمة ابن مازن بن ربيعة بن منبه(ابن حزم،1403هـ – 1983م، 2/410).

المطلب الرابع

ايام قبيلة زبيد ووقائعها

من المعروف أن كل قبيلة من قبائل العرب لها ايامها ووقائعها التي تفخر بها وتؤرخ بها احياناً، وتعد هذه الايام من ايام بطولات هذه القبائل، ففيها يبرز الفرسان ويفخر ابناؤها ببطولات المقاتلين الشجعان في قبيلتهم، ولا تختلف قبيلة زبيد عن غيرها من القبائل العربية في هذا الشأن، فلها ايامها ووقائعها ومفاخرها في هذه الوقائع، ومن ابرز هذه الايام:

اولاً: يوم الارنب: واقعة كانت لبني زبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب، من رهط عبد المدان، وهذا البيت لعمرو بن معد يكرب، ثم قال عمرو:

عجت نساء بني زياد عجة             كعجيج نسوتنا غداة الأرنب    (الطبري،1387ه،5/446)

قال البكري(487ه) في كتابه: فلما كثرت بطون جرم ونهد في جبال السراة، تقاتلوا ووقع الشر بينهم، فلحقت بنو نهد -بن زيد بن ليث، بطن من قضاعة- ببني الحارث بن كعب، فحالفوهم وجامعوهم، ولحقت جرم بن ربان – بطن من قضاعة أيضاً- ببني زبيد، فحالفوهم وصاروا معهم، فنسبت كل قبيلة مع حلفائها، يغزون معهم، ويحاربون من حاربهم، حتى تحاربت بنو الحارث وبنو زبيد في الحرب التي كانت بينهم، فالتقوا وعلى بني الحارث عبد الله بن عبد المدان، وعلى بني زبيد عمرو بن معد يكرب الزبيدي، فتعبّى القوم، فعبيت جرم لنهد، وتواقع الفريقان، فاقتتلوا، فكانت الدّبرة يومئذ على بني زبيد، وفرّتِ جرم من حلفائها من زبيد. فقال عمرو بن معد يكرب فى ذلك، وهو يذكر جرما وفرارها عن زبيد:

لحا الله جرما كلّما ذرّ شارق                  وجوه كلاب هارشت فازبأرّت

ظللت كأنّى للرماح دريّة                         أقاتل عن أبناء جرم وفرّت    (البكري، 1403ه،1/46)

ثانياً: يوم تثليث:غزت بنو سليم مرادا، فجمع لهم عمرو بن معد يكرب فالتقوا بتثليث من أرض اليمن، فاقتتلوا قتالاً شديداً فقتل من كبار مراد ستة، وقتل من بني سليم رجلان، وصبر الفريقان حتى كره كل واحد منهما صاحبه (البغدادي، 1418 هـ – 1997 م،8/323)، ويوم تثليث من أيام العرب المعروفة بين قبيلة سليم بزعامة عباس بن مرداس ومراد بقيادة عمرو بن معد يكرب ، إذ يقول عمرو :

أعباس لو كانت شيار جيادنا                          بتثليث ما ناصيت بعدي الاحامسا (البكري، 1403ه،1/304)

ثالثاً: يوم فيف الريح: أحد أيام العرب التي وقعت وقت بعثة النبيّ محمد بمكة، وقعة فيف الريح وهي وقعة كانت بالحجاز بين مذحج وقيس، وكانت على قيس. ذكر ابن الاثير في تاريخه:(فيف الريحهو بين بني عامر بن صعصعة (وهم مجموعة كبيرة من القبائل العدنانية من قبيلة هوازن القيسية المضرية على الرغم من أنها شكلت بحد ذاتها مجموعة مستقلة عن هوازن. وديار بني عامر الأصلية في نجد، وشرق الحجاز وانتشرت فروعهم في نواحي نجد وإقليم البحرين والعراق وسلطنة عُمان والمغرب العربي وغيرها)( العصيمي، (ب-ت)،ص65)، والحارث بن كعب (ويقال لهم (بني الديان) أو (بالحارث) بطن من مَذْحِج، سكنوا في منطقة نجران، وأقام في جوارهم من بني نصر بن الأزد، واقتسموا الرياسة، فنجران معهم، وكان من بني الحارث هؤلاء المذحجيين، بنو الديان، وهم بيت مذحج وملوك نجران) (الهمداني، 1984م ص117)، وكان خبره ان بني عامر كانت تطلب بني الحرث بن كعب بأوتار كثيرة فجمع لهم الحصينبن يزيد بن شداد بن قنان الحارثي وهو ذو الغصة واستعان بجعفي زبيد وقبائل سعد العشيرة وغيرهم، ثم أقبلوا يريدون بني عامر وهم منتجعون مكانا يقال له فيف الريح….. فالتقوا فاقتتلوا قتالاً شديداً ثلاثة أيام يغادونهم القتال بفيف الريح….) (ابن الاثير،1417هـ – 1997م، 1/565).

رابعاً: يوم شجوة: وشجوة واد بتهامة يصب من جبل يقال له فحل، جرت فيه معركة بين زبيد وبني مراد(الحموي، 1995م،3/362).

خامساً: حربهم مع الأزد: وتقاتلت مذحج ومعها زبيد مع الأزد، قال حاجز الأزدي:

فجاءت خثعم وبنو زبيد                ومذحج كلّها وابنا صحار

فلم نشعر بهم حتى أناخوا               كأنّهم ربيعة فى الجمار     (البكري،1403ه، 1/31)

 

المبحث الثاني

نشاط قبيلة زبيد في صدر الاسلام

المطلب الاول

دخول قبيلة زبيد في الاسلام

كانت القبائل اليمانيةأكثر تحضراً من الآخرين وتقبلاً للأفكار الوافدة، كما كانوا أكثر طاعة للقادة لتعودهم على طاعة الملوك، ويذكر لنا التاريخ أن اليمن لم تستنزف بكل قبائلها في قبول الدعوة الإسلامية عُشر الجهد الذي بذله الرسول (صلى الله عليه وآله) في سبيل إقناع القبائل العدنانية بدعوته (الكوراني، 1431ه – 2010م، ص30)، ومن الاوائل الذين دخلوا الاسلام من قبيلة زبيد هما محمية بن جزء الزبيدي، وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، فكانا من اصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهاجر محمية بن جزء الى ارض الحبشة في الهجرة الثانية، وشارك في غزوة بني المصطلق (وهي غزوة جرت أحداثها في شعبان سنة(6ه)ـ، عندما سمع النبي محمد (صلى الله عليه وآله) باجتماع قبيلة بني المصطلق استعدادها للإغارة على المدينة، فما كان منه (صلى الله عليه وآله) إلا أن جمع المسلمين وانطلق إليهم لرد شرهم، قبل أن يشكلوا خطراً على المدينة (ابن الخياط ، 1397ه، 1/80)، استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على مقسم الخمس (ابن سعد،1410ه- 1990م،4/198).

وفيما يخص قبيلة مذحج ومنها زبيد، فقد قال ابن سعد(ت230ه) في طبقاته: (…ثم سرية علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى اليمن، يقال مرتين: إحداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجر (رسول الله صلى الله عليه وآله) قالوا بعث رسول الله علياً إلى اليمن، وعقد له لواء وعممه بيده، وقال: امض ولا تلتفت فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك! فخرج في ثلاثمائة فارس، وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد وهي بلاد مذحج … فلقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، ورموا بالنبل والحجارة، فصف أصحابه، ودفع لواءه إلى مسعود بنسنان السلمي(وهو بن الاسود الانصاري، صحابي من الانصار، وحليف بني سلمة ،شارك في بعض الفتوحات الإسلامية، واستشهد يوم اليمامة(ابن الاثير، 1415هـ – 1994م، 4/386) ،ثم حمل عليهم علي (عليه السلام) بأصحابه، فقتل منهم عشرين رجلا، فتفرقوا وانهزموا فكف عن طلبهم، ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا، وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام، وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله تعالى) (ابن سعد،1410ه-1990م،2/128).

وانضمكثير من وفود القبائل العربية الى الاسلام بشكل فردي أو جماعي، وكان بعضها يمثل قبيلته، وبعضها الآخر قدم عن طواعية دون أن يمثل القبيلة، فجاءوا على شكل وفود واعلنوا ولاءهم للنبي(صلى الله عليه وآله)، وكانوا نواة للتبشير في قبائلهم، ومن هذه الوفود بعض ابناء قبيلة زبيد، إذ قدم على النبي (صلى الله عليه واله) عمرو بن معد يكرب فِي أناس من بنى زبيد، فاسلم، وكان عمرو بن معد يكرب، قد قال لقيس بن مكشوح (وهو ابن هبيرة الملقب بمكشوح ابن هلال البجلي صحابي، ولد سنة(37ه)، من الشجعان الأبطال الشعراء. كان كنيته أبو شداد. له مواقف في الفتوحات والغزوات ،وهو ابن أخت عمرو بن معد يكرب (الزركلي، 2004م،5/209) ، حين انتهى اليهم امر رسول الله (صلى الله عليه واله) يا قيس، إنك سيد قومك اليوم، وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول، إني نبي، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبياً كما يقول، فإنه لا يخفى عليك. إذا لقيناه اتبعناه، وإن كان غير ذلك علمنا علمه، فأبى عليه ذلك قيس بن مكشوح وسفه رأيه، فركب عمرو بْن معد يكرب حتى قدم على رسول الله (صلى الله عليه واله) فصدقه وآمن به (الطبري، 1387 هـ، 3/133)، وانصرف الى بلاده، فأقام مع قومه على الاسلام،ولكن ارتد عن الاسلام بعد أن استعمل الرسول(صلى الله عليه واله) فروة بن مسيك(هو أبو عمر بن الحارث بن سلمة، توفي حوالي (30ه)، صحابي وشاعر من الولاة من اليمن، وتعلم القرآن وفرائض الاسلام وشرائعه، وقاتل أهل الردة، واستعمله الرسول(صلى الله عليه واله) على مراد ومذحج وزبيد وسكن الكوفة في أواخر أعوامه( الزركلي،2004م،5/143)، على مذحج ومراد وزبيد، ثم رجع عمرو الى الاسلام وشارك في الغزوات والفتوحات الإسلامية (ابن سعد،1410ه-1990م،1/148)، وفي رواية أخرى في اسلام عمرو بن معد يكرب مع وفد زبيد، حين قدم المدينة يريد لقاء الرسول(صلى الله عليه واله)، رآه وهو قادم من تبوك ، ولما اراد الاقتراب منه، حال من دون ذلك من كان مقربة من الرسول(صلى الله عليه واله)، ولكن الرسول(صلى الله عليه واله) طلب استقباله ودعاه الى الاسلام، فأسلم (ابن زيدون ،1383ه- 1964م،ص444).

ومن الوفود ايضاً ما روى عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي (هو يزيد بن مالك بن عبد الله بن ذويب بن سلمة، صحابي عاش في الكوفة، ولد سنة(10ه) قبل الهجرة، من الفرسان الشجعان ، وشهد بعض الفتوحات الإسلامية، وتوفي سنة(80ه) (ابن السائب، 1408هـ – 1988م، 1/309)، قال: لما سمعوا بخروج النبي (صلى الله عليه وآله) وثب ذباب ـ رجل من بني أنس الله بن سعد العشيرة إلى صنم كان لسعد العشيرة يقال له: فرَّاض، فحطمه، ثم وفد إلى النبي (صلى الله عليه وآله)فاسلم(ابن سعد،1410ه-1990م،1/142)، وتتابعت وفود القبائل إلى المدينة في سنتي تسع وعشر للهجرة، وقد ذكر أهل المغازي والسير منها وفود قبيلة زبيد من أهل اليمن لإعلان اسلامها، وهذا يدل على مدى ما نالت الدعوة الإسلامية من القبول التام (الحميري، 1420هـ ، 1/598) (المباركفوري (ب-ت)، ص416).

 

المطلب الثاني

هجرة قبيلة زبيد مع الفتوحات الاسلامية

زبيد من القبائل المعروفة بكثرتها وانتشارها ومكانتها، وهي من القبائل القحطانية. منتشرة في مواطن عديدة وتاريخ ورودها إلى العراق يرجع إلى أوائل الفتح الإسلامي. وكان لها الاثر البليغ في الفتح على يد رجالها. توالت في ورودها ولم تنقطع. ولا تزال بعض أصولها أو عشائرها في جزيرة العرب. وانتشرت في الاقطار الاخرى في بلاد الشام وفلسطين ونجد ومصر. وفي الغالب نرى العشيرة وفروعها الكبيرة منتشرة في نجد والعراق ومواطن أخرى من الاقطار العربية. جاءت مع الفاتحين الاولين، وبقيت منها بقايا في مواطنها الاصلية، أو أمكنة قريبة أو بعيدة بحكم مقتضيات حياتها من اقتصادية أو اجتماعية، فركنوا إلى اخوانهم في الاقطار القريبة. ورأوا من جراء الصلات القومية ترحيباً كما كانوا قوة مناصرة، فشوهد لهم الاثر المحمود في الفتوح الإسلامية الاولى، ووقائعهم مدونة في المصادر القديمة. وهذه العشائر لحقتها تطورات عديدة، وبطول الزمن تبدلت فأصابتها تحولات لا تحصى، فاكتسبت أسماءجديدة أو ذابت في المدن. ويهمنا منها (عشائر زبيد) الحاضرة إذ لم تعرف اليوم بجيلة ولا مذحج.وحين توجه الجيش الاسلامي الى الفتوحات خارج جزيرة العرب كان ابناء قبيلة زبيد مع جيش الفاتحين، في المعارك التي حصلت في الشام والعراق ومصر، ونذكر منها بإيجاز:

اولاً: قبيلة زبيد في فتوح الشام:

تحدث الواقدي(ت207هـ) عن اليوم الأول من معركة اليرموك، وعن دور قبيلة زبيد في المعركة، فقال: (حملت الروم على ميمنة المسلمين، وكان فيها الأزد ومذحج وحضرموتوخولان فحملت عليهم الروم حملة منكرة، فصبروا لهم صبر الكرام، وقاتلوا قتالاًشديداً، وثبتوا ثباتاً حسناً، وحملت عليهم كتيبة ثانية، فصبروا صبراً جميلاً، وحملت عليهم كتيبة ثالثة فأزالوا المسلمين عن الميمنة، فابتدر منهم عمرو بن معد يكرب الزبيدي وهو المقدم على زبيد والأمير عليهم، وهم يعظمونه لما سبق من شجاعته في الجاهلية، وكان يوم اليرموك قد مر له من العمر مائة وعشرون سنة إلا أنه همته الشجاعة، فلما نظر إلى قومه وقد انكشفوا صاح في قومه: يا آل زبيد، يا آل زبيد تفرون من الأعداء، وتفزعون من شرب كأس الردى،أترضون لأنفسكم بالعار والمذلة، فما هذا الانزعاج من كلاب الأعلاج، أما علمتم أن الله مطلع عليكم، وعلى المجاهدين والصابرين، فإذا نظر إليهم وقد لزموا الصبر في مرضاته، وثبتوا لقضائه، أمدهم بنصره، وأيدهم بصبره، فأين تهربون من الجنة؟ أرضيتم بالعار، ودخول النار، وغضب الجبار؟ قال: فلما سمعت زبيد كلام سيدهم عمرو بن معد يكرب، رجعوا إليه، وعطفوا عليه عطفة الإبل على أولادها، فاجتمعوا حوله زهاء من خمسمائة فارس وراجل، وشدوا على القوم شدة واحدة، وحملت معهم حمير وحضرموت وخولان وحملوا حملة صعبة فأزالوا الروم عن أماكنهم) (الواقدي ، 1417هـ – 1997م، 1/195).

ثانياً: قبيلة زبيد في معركة القادسية:

تشير المصادر التاريخية إلى مشاركة قبيلة زبيد في معركة القادسية ضد الفرس سنة(14ه)، وكان فارس القبيلة عمر بن معد يكرب الزبيدي (ابن الاعثم ، 1411 هـ – 1991 م، 1/154)، لتحرير العراق من السيطرة الفارسية، وكتب عمر بن الخطاب الى سعد بن ابي وقاص بان يبعث وفداً الى كسرى الفرس(يزدجر) يدعوه الى الاسلام، فوجه عمرو بن معد يكرب الزبيدي، والأشعث بن قيس الكندي في جماعة، فمروا برستم فأتى بهم، فقال: أين تريدون؟ قالوا: صاحبكم. فجرى بينهم كلام كثير حتى قالوا: إن نبينا قد وعدنا أن نغلب على أرضكم. فدعا بزبيل من تراب فقال: هذا لكم من أرضنا. فقام عمرو بن معد يكرب مبادرا فبسط رداءه، وأخذ من ذلك التراب فيه وانصرف. فقيل له: ما دعاك إلى ما صنعت؟ قال: تفاءلت بأن أرضهم تصير إلينا ونغلب عليها. ثم أتوا الملك ودعوه إلى الإسلام فغضب وأمرهم بالانصراف، وقال: لولا أنكم رسل لقتلتكم (اليعقوبي، 1422ه،ص253)،ثم أقبل يزدجر على وزيره الأكبر رستم، فقال له: إن الشتاء قد انحسر عنا وعن هؤلاء القوم، والأرض قد أعشبت والأشجار قد أينعت، فسر إليهم بخيلك ورجلك وجاهدهم أبدا حتى تردهم على أدبارهم من حيث جاءونا. قال: فعندها عرض رستم من كان بحضرته من الفرس، فكانوا عشرين ومائة ألف فارس وثلاثين ألف راجل، فسار هؤلاء القوم حتى نزلوا بإزاء المسلمين بأرض القادسية، وكتب يزدجر إلى البلادالتي كانت في يده فاستنهضهم إلى حرب المسلمين، فأجابوه على كل صعب وذلول(ابن الاعثم ، 1411 هـ – 1991 م، 1/158)،وعبأ سعد بن ابي وقاص قواته، البالغ عددهم ما بين السبعة والثمانية آلاف مقاتل (الذهبي ، 1413هـ – 1993م،3/142) ،وكان على الميمنةمن قبيلة زبيد الفارس عمرو بن معد يكرب، وجرير بن عبد الله البجلي (يكنى ابا عمرو، صحابي جليل من صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومن أحبهم إليه، كان جرير سيد قومه بجيلة، كان خطيباً وشاعراً ومحدثاً، توفى سنة (51هـ)، وكان له في القادسية أثر عظيم (ابن الاثير،1415ه- 1994م،1/529) .فلما كان من غد دنا القوم بعضهم من بعض وهذا يوم السواد، وقدمت الفرس الفيلة عن أيمانها وعن شمائلها وبين أيديهم، ونظرت خيل المسلمين إلى الفيلة ففزعت لذلك فزعاً شديداً وتراجعت إلى ورائها، فلما نظر المسلمون إلى ذلك نزلوا عن الخيل، وأصلتوا السيوف ومضوا نحو الفيلة رجالة واشتبكت الحرب، وجعل المسلمون يحملون على الفيلة فيضربون مشافرها بالسيوف حتى أفنوها عن آخرها (ابن الاعثم ، 1411 هـ – 1991 م، 1/158)، وتقدم رجل من كبار الفرس وساداتها يقال له شاهنشاه حتى وقف بين الجمعين على فرس له على رأسه تاج من ذهب وعليه جوشن من ذهب فسأل البراز، فخرج إليه رجل من المسلمين فقتله شاهنشاه، ثم خرج إليه آخر فقتله، فلم يزل كذلك حتى قتل أربعة من فرسان المسلمين، فصاح المسلمون بعمرو بن معد يكرب الزبيدي فقالوا: يا أبا ثور هل فيك بقية من غنى فتكفينا أمر هذا الأعجمي؟ فقال فتى من تميم يقال له عبد الله بن حابس: وأي بقية تكون في مثله وهو شيخ كبير على ما ترون؟ فقال له عمرو: يا ابن أخي! إن بقيتي على ضعفي خير من شباب مثلك. قال: فأقبل على عمرو من كان من قومه وعشيرته، فقالوا: سألناك يا أبا ثور ألا كفيتنا أمر هذا الأعجمي إن علمت أنك تقوم به، قال: نعم، آتوني براحلة، فقالوا: تريد أن تقاتل على راحلة؟ فقال: ائتوني ولا تسألوني، قال: فأتوه بناقة عليها رحلها فأبركها بين يديه ثم ركبها، وقال: يا بني أخي! أصلحوا على عمكم ثيابه، قال: فأدخلوا أيديهم تحته ليصلحوا ثيابه فقعد على أيديهم وأثار الراحلة فبقي القوم معلقين بأيديهم فصاحوا: يا عم! أيدينا أيدينا، فتجافى عمرو عن الراحلة فسقطوا إلى الأرض، فقال: يا بني أخي! ما بقي من قوة عمكم إلا ما ترون. ثم أقبل على بني عمه فقال: إن فرسي هذه لست منها في شيء ولكن ائتوني بحصان…. ثم قال: يا بني زبيد! اعلموا أني حامل على هذا الأعجمي، فإن بدرته بالصمصامة،  (والصمصامة: تعني السيف القاطع أو الصارم الذي لا ينثني، والجمع صماصم، والصمصامة اسم سيف عمرو بن معد يكرب(ابن منظور، 1414ه،12/347).فهي نفسه لا شك في ذلك، وإن بدرني بسيفه فصرعني عن فرسي فلا عليكم، ذروني وإياه فإنه لا يصل إلي حتى أقتله على كل حال. قال: ثم استوى على الفرس، وخرج نحو الأعجمي فنظر إليه شاهنشاه فحمل عليه، والتقيا بضربتين وقعت ضربة شاهنشاه في درقة عمرو، ووقعت ضربة عمرو في رأس شاهنشاه فقطع تاجه مع هامته فجدله قتيلا. قال: ثم نزل إليه عمرو فسلبه تاجه، وما كان عليه من ثيابه وسلاحه، ثم استوى على فرسه (ابن الاعثم ، 1411 هـ – 1991 م، 1/158).

واشار المؤرخون الى مكانة الفارس عمرو بن معد يكرب عندما بين أن شجاعته دفعت الخليفة عمر بن الخطاب الى الايعاز، لتحويله من الجيش الاسلامي في الشام الى الجيش الاسلامي  الذي كان يقاتل في العراق في معركة القادسية تعزيزاً لهم، ورفعةً لمعنوياتهم بوجودهبينهم، فقد جاء ذكره في القول الآتي:(فنفع اللَّه به الإِسلام وأَهله، وأَبلى بلاءً حسناً يوم القادسية، وكان فارساً بطلاً ضخماً عظيماً)(الذهبي، 1413هـ – 1993م،4/99)(ابن كثير،1408ه- 1988م،7/134)، انتهتْ المعركة بعدَ قتال شديد بين المسلمين والفُرْس، دام أربعةَ أيام وثلاثَ ليال بنصرٍ حاسِم للمسلمين، وقد ترتَّب على انتصار المسلمين في القادسية نتائجُ مهمَّة على مجريات الأحداث السياسية والعسكرية في المنطقة، وعلى سَيْر الدعوة الإسلامية فيها، وتُعدُّ هذه المعركة من المعارك الفاصِلة في تاريخ الشَّرْق، فقد نَتَج عن انتصار المسلمين في المعركة نتائجُ مهمَّة على جوانب الحياة السياسية والدينية والمدنية في تاريخ الشَّرْق بصورة عامة، وفي تاريخ الفُرْس على وجه الخصوص، فقد تقلَّص نفوذ آل ساسان عن العِراق، فباتَ إحدى الوحدات السياسية والجغرافية لخريطة الدولة الإسلامية(غوستاف، 1399هـ – 1979م، ص169).

ثالثاً: قبيلة زبيد في معركة جلولاء(فتح الفتوح):

من الفتوحات الإسلامية المهمة في فتح العراق كانت معركة جلولاء، التي حدثت سنة(16ه) بعد فتح المدائن،لما سار كسرى، وهو: يزدجر بن شهريار من المدائن هاربا إلى حلوان، شرع في أثناء الطريق في جمع رجال وأعوان وجنود، من البلدان التي هناك، فاجتمع إليه خلق كثير، وجم غفير من الفرس، وأمر على الجميع مهران، وسار كسرى إلى حلوان فأقام الجمع الذي جمعه بينه،وبين المسلمين في جلولاء، واحتفروا خندقاً عظيماً حولها، وأقاموا بها في العَدد والعُدد وآلات الحصار(ابن كثير،1408ه- 1988م،7/79).

ذكر المؤرخون إن عدد المسلمين في هذه الواقعة قد بلغ أكثر اربعة وعشرين الفاً، وطلبت الفرس الحرب مع المسلمين، وكتب سعد بن أبي وقاص إلى ابن أخيه هاشم بن عتبة(ابن الاعثم ، 1411 هـ – 1991 م، 1/200)، فجعله أمير المسلمين، وأمر أصحابه بمحاربة الفرس، فعندها وثب هاشم بن عتبة فعبأ أصحابه ، ودنا القوم بعضهم من بعض، فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يقتتلوا في موطن بمثله من مواطنهم التي سلفت ، وذلك أنهم رموا بالسهام حتى أنفدوها ، وتطاعنوا بالرماح حتى قصفوها ، ثم صاروا إلى السيوف والعمد فاقتتلوا بها من وقت الضحى إلى وقت العصر،ولم يكن للمسلمين فيه صلاه الا إيماء والتكبير(الدينوري، 1960م،ص127)،وبينما المسلمون في أشد ما يكون من الحرب وذلك في وقت العصر، إذا هم بكتيبة للفرس جامة حسناء قد خرجت إليهم ، فكأن الناس هالتهم تلك الكتيبة فاتقوها، فقال عمرو بن معدي كرب : يا معشر المسلمين ! لعله قد هالتكم هذه الكتيبة؟ قالوا: نعم والله يا أبا ثور لقد هالتنا ! وذلك أنك تعلم أنا نقاتل هؤلاء القوم من وقت بزوغ الشمس إلى وقتنا هذا، فقد تعبنا وكلت أيدينا ودوابنا وكاعت رجالنا، وقد والله خشينا أن نعجز عن هذه الكتيبة، إلا أن يأتينا الله بغياث من عنده، أو نرزق عليهم قوة ونصراً، فقال عمرو: يا هؤلاء! إنكم إنما تقاتلونعن دينكم، وتذبون عن حريمكم، وتدفعون عن حوزة الإسلام، فصفوا خيولكم بعضها إلى بعض وانزلوا عنها والزموا الأرض، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، فإنكم بحمد الله صُبراء في اللقاء ، ليوثٌ عند الوغى، وهذا يوم كبعض أيامكم التي سلفت، والله إني لأرجو أن يعز الله بكم دينه ويكبت بكم عدوه . ثم نزل عمرو عن فرسه ونزل معه زهاء ألف رجل من قبائل اليمن ، ما فيهم إلا فارس مذكور،ثم تقدم عمرو حتى وقف أمام المسلمين شاهراً صمصامته ، وقد وضعها على عاتقه، وحملت تلك الكتيبة الحامَّة على عمرو بن معد ي كرب الزبيدي وأصحابه، فلم يطمعوا منهم في شيء .وحمل جرير بن عبد اللهالجبليمن الميمنة، وحجر بن عدي(وهو ابن جبلةَ بن عدي بن ربيعة ويسمى حجر الخير: صح أبي شجاع، من المقدمين، وفد على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وشهد القادسية. ثم كان من أصحاب علي وشهد معه وقعتي الجمل وصفّين، وسكن الكوفة(ابن سعد،1410ه-1990م،6/241) من الميسرة، وعمرو بن معد يكرب من القلب، وصدقوهم الحملة فولّوا مدبرين ، ووضع المسلمون فيهم السيف، فقتل منهم من قتل، وانهزم الباقون حتى صاروا إلى بلدة خانقين، وأمسى المسلمون فلم يتبعوهم، لكنهم أقاموا في موضعهم حتى أصبحوا وأقبلوا حتى دخلوا جلولاء(ابن الاعثم ، 1411 هـ – 1991 م، 1/214).

رابعاً: قبيلة زبيد في فتح مصر:

من اوائل المشاركين في فتح مصر سنة(20ه)مع الجيش الاسلامي هو عبدالله بن الحارث، وحومل الذي بارز البطريق الرومي وقتله وغيرهم،فكانوا نواة لقبيلة زبيد في مصر(ابن الخياط،1397ه،ص142).

وذكر احد المؤرخين القدماء القول:(وكانت الروم قد جعلت صفوفا خلف صفوف، وبرز يومئذ بطريق ممن جاء من أرض الروم على فرس له، عليه سلاح مذهب، فدعا إلى البراز فبرز إليه رجل من زبيد، يقال له حومل يكنى أبا مذحج، فاقتتلا طويلاً برمحين يتطاردان، ثم ألقى البطريق الرمح وأخذ السيف، وألقى حومل رمحه وأخذ سيفه، وكان يعرف بالنجدة، …. والناس على شاطئ النيل في البر على تعبئتهم وصفوفهم فتجاولا ساعة بالسيفين، ثم حمل عليه البطريق فاحتمله، وكان نحيفا، واخترط حومل خنجرا كان في منطقته أو في ذراعه، فضرب به نحر العلج أو ترقوته فأثبته، ووقع عليه فأخذ سلبه، ثم مات حومل بعد ذلك بأيام) (المصري ،1415هـ، ص203)(السيوطي ، 1387هـ – 1967م، 1/161).

 

خامساً: قبيلة زبيد في معركة نهاوند:

معركة نهاوند هي إحدى أهمّ المعارك التي خاضَها المسلمون، فكما أن معركة القادسية فتحت لهم العراق كانت معركة نهاوند كذلك، فلم تقم بعد هذه المعركة للفرس قائمة، فقد أنهت حكم الإمبراطورية الساسانية في إيران التي دام حكمها مدة (416) سنة، وقعت المعركة في المناطق التابعة للدولة الفارسية وتحديداً في منطقة نهاوند، وقعت في خلافة عمر بن الخطابفي عام (21هـ)، بعد الهزائم المتتالية التي الحقت بالفرس، اجتمع يزدجر مع الجموع من السند وحلوان والباب بنهاوند بنية مقاتلة المسلمين وعيّن ذا الحاجب ـوقيل أن اسمه الفيرزان قائداً،فأوصل الخبرَ عمارُ بن ياسر إلى عمر بن الخطاب، فاستشار عمر المسلمين، واستقروا على إرسال المدد، وقال عمر: أما والله لأولين أمرهم رجلًا ليكونن أول الأسنة ،أي أول من يقابل الرماح بوجهه إذا لقيها غداً، فقيل: من يا أمير المؤمنين؟ فقال: النعمان بن مقرن المزني، فقالوا: هو لها، وسار من الكوفة جمع، ومن البصرة جمع، ومن المدينة جمع (الدينوري، 1960م،ص134)، ،والتقت الجموع في نهاوند، وساروا حتى وجدوا مدينة نهاوند محصّنة بحسك الحديد الذي يغرز في حوافر الخيول مما يعيق حركتها، فاقتضت المشورة بين المسلمين، بأن يظهروا للفرس بأنهم هاربين من تلك الحسك، فيخرج الفرس لاحقين بهم، ومن ثم أخذ الجيش بمشورة طليحة بن خويلد الأسدي بأن تخرج فرقة بالخيول فتنشب قتالًا يستفز الفرس فيخرجوا من الحصون، وتكون هناك ثلاث فرقمترجلّة وخيالة بانتظارهم مفاجئة إياهم (الذهبي، 1413هـ – 1993م،3/224).

ويذكر المؤرخون أن هذه المعركة سميت بفتح الفتوح، لأنها كانت خاتمة الفتوحات التي قام بها المسلمون في بلاد فارس والعراق، وأنهت الدولة الساسانية الفارسية كما ذكرنا، وهذه المعركة كانت شديدة بل الأكثر شدة بين ما سبقها من معارك مثل معركة القادسيّة وتستر وجلولاء، فظهر جيش المسلمون فاشتدت الحرب بينهم ودارت معركة من أشرس المعارك ، وأبلى عمر بن معد يكرب الزبيدي بلاءً حسناً ، وقيل: أنه قاتليومئذ حتى كان الفتح فأثبتَتْه لجراحات يومئذٍ، فحمل فمات بقرية من قرى نهاوند يقال لها روذة ، فقال بعض شعرائهم:

 

لقد عادت الرّكبان حين تحمّلوا  بروذة شخصا لا جبانا ولا غمر

فقل لزبيد بل لمذحج كلّها    رزئتم أبا ثور قريع الوغى عمرا (ابن عبد البر، 1412 هـ – 1992م،3/1201)

 

المطلب الثالث

أهم المدن التي استوطنتها قبيلة زبيد في الاسلام

انتشرت قبيلة زبيد عند مجيء الاسلام في مناطق متفرقة بفعل حركة الجيش الاسلامي، إذ إن هذه القبيلة شأنها شأن القبائل العربية تحركت مع الفتوحات الإسلامية في أوائل تحرك الجيش الاسلامي، إذ شاركت في فتوحات العراق والشام ومصر وحتى في الجزيرة العربية، فكانت هذه المواطن فيما بعد مستوطنات للقبيلة وغيرها من القبائل التي خرجت للجهاد، بل تكاد تكون في طليعة القبائل التي دخلت في الاسلام وانخرطت مع الجيوش الإسلامية، وسكنت في المناطق المذكورة وغيرها، فكونت لها محلات خاصة بها، كما كان يجري في الفتح الاسلامي، عند سكن القبائل في المناطق المفتوحة والاستيطان بها.فمن المناطق التي هاجرت إليها واستوطنت فيها منطقة تثليث وهي وادٍ في نجد(البكري،1403ه، 1/305)،واستوطنت قبيلة زبيد في هذه المنطقة وما زالوا الى هذا اليوم، وبها كان مسكن عمرو بن معد يكرب الزبيدي(البشاري، 1411ه- 1991م، ص92)،كما هاجرت الى الكوفة واستوطنوا فيها(السمعاني،1382ه- 1962،6/263)،كان محمية بن جزء الزبيدي حليفاً لبني سهم بمكة قديماً وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ، واستعمله على الأخماس ثم تحول إلى مصر فنزلها (الأصبهاني،1419 هـ – 1998م،2/1085).أما عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي الصحابي العالم المعمر شيخ المصريين أبو الحارث الزبيدي المصري، فقد شهد فتح مصر وسكنها فكان آخر الصحابة بها موتا له(ابن الاثير،1415ه- 1994م، 5/113) (البري، 1992م،ص221).

المطلب الرابع

أشهر رجالات قبيلة زبيد

كل قبيلة لها رجالها الذين ينافحون عنها ويرفعون من شأنها بين القبائل العربية، ويسير ذكرهم بين تلك القبائل جراء المواقف الشجاعة التي يبدونها في الحروب والوقائع والغزوات، كما إن هذا الذكر لا يقتصر على جانب الشجاعة وحدها واحياناً يرتفع اسم القبيلة، بسبب حكمة ودراية ومعرفة بعض اشخاصها في حسن ادارة شؤون القبيلة، أو حسن تصرف بعض الرجال في ايجاد الحلول السليمة لدفع الشر عن القبيلة، واحياناً ترتفع مكانة القبيلة بمواقع رجالها وأهميتهم في الأحداث التي تجري في عصورهم والمناصب التي يشغلونها، من ذلك ما وجدناه في المكانة الطيبة العالية لبعض رجال القبائل حين تبوؤا مكانة في الاسلام.

ولم تكن قبيلة زبيد بعيدة عن ذلك، فكان لها رجالها في الحروب والوقائع، وفي حسن التصرف الاداري، وفي الصيت والمنزلة بين القبائل، وفي السبق الى الاسلام، والمشاركة في الغزوات والفتوحات والمعارك التي خاضها المسلمون ضد اعدائهم، ومن هؤلاء الرجال الذين ذاع صيتهم وكانوا مفخرة للقبيلة في الحقبة التي سبقت الاسلام ، وفي عهد الاسلام نفرٌ كثير، لكننا سنقف على ابرزهم من الذين اشارت إليهم المصادر بكثرة وهم:

1- عمرو بن معد يكرب الزبيدي: من أمراء قبيلة زبيد، ومشاهير رجالاتها، ورجالات العرب عامة، فارس اشتهر بالشجاعة حتى لقب ب(فارس العرب)(ابن سعد،1410ه-1990م، 6/58) (علي، 1422ه – 2001م،7/187). وخاض غمار الحروب فيالجاهلية والإسلام، وتميَّز بالقوة البدنية الهائلة، وقد شارك في معارك الفتح الإسلامي في الشام والعراق ،وشهد معركة اليرموك والقادسية، وكان أشد الناس قتالاً فيها(ابن كثير،1408ه-1988م،7/119)، ذكر الواقدي في كتابه: (وأبلى في تلك المعارك بلاءً حسناً، وتبوأ في الجيش الإسلامي مناصب قيادية كان هو أهلا لها، لشجاعته، وقوته، وشدة بأسه، ولخبرته الطويلة في ممارسة الحروب، فكان أميرا على قبيلته (زبيد) يوم فتح اليرموك، وقد أصيبت بها عينه) (الواقدي،1417ه- 1997م، 1/180)، وعرف عمرو بالإقدام، وكثرة الغزو، وعدم مهابة أحد، لما عاد رسول الله صلى الله عليه وآله من تبوك إلى المدنية قدم إليه عمرو، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): (أسلم يا عمرو يؤمنك الله من الفزع الأكبر، قال: يا محمد وما الفزع الأكبر؟ فإني لا أفزع فقال: يا عمرو إنه ليس كما تظن وتحسب، إن الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت إلا نشر ولا حي إلا مات إلا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة أخرى فينشر من مات ويصفون جميعا، وتنشق السماء، وتهد الأرض، وتخر الجبال هدا، وترمى النار بمثل الجبال شررا فلا يبقى ذو روح إلا انخلع قلبه وذكر دينه و شغل بنفسه إلا ما شاء الله، فأين أنت يا عمرو من هذا؟ قال: ألا إني أسمع أمراً عظيماً.، فآمن بالله ورسوله، وآمن معه من قومه ناس ورجعوا إلى قومهم) (الشيخ المفيد، 1989م،ص84)،في قصة غزوة بني زبيد: (فأقبل في جماعة من قومه فلما دنا منهما. قال: دعوني حتى آتى هؤلاء القوم، فإني لم أسم لأحد قط إلا هابني! فلما دنا منهما نادى: أنا أبو ثور، أنا عمرو بن معد يكرب فابتدره علي وخالد وكلاهما يقول لصاحبه خلني وإياه ويفديه بأبيه وأمه، فقال عمرو إذ سمع قولهما: العرب تفزع مني، وأراني لهؤلاء جزرا فانصرف عنهما) (ابن الاثير، 1415ه- 1994م،3/771).

استشهد عمرو بن معد يكرب سنة إحدى وعشرين للهجرةفيمعركة نهاوند، وكان مع النعمان بن مقرن(وهو أبو عمرو النعمان بن عمرو بن مُقَرِّن ابن عائذ المزني، صحابي جليل من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سكن البصرة ثم تحول الكوفة، شارك في الفتوحات الإسلامية ، واستشهد في معركة نهاوند سنة(21ه) ،وشهد فتحها، وقاتل يومئذ حتى كان الفتح، وأثبتته الجراحات يومئذ، فحمل، فمات بقرية من قرى نهاوند يقال لها روذة(العسقلاني ،1415 هـ، 6/357).

2- محمية بن جزء الزبيدي: هو بن عبد يعوث بن عويج بن عمرو بن زبيد الأصغر،من الصحابة، هاجر إلى الحبشة فكان فيها عامل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الاخماس، وهو عم عبد الله بن الحارث بن جزء، وكان قديم الإسلام، وهو من مهاجرة الحبشة، وتأخر عوده منها (ابن سعد،1410ه-1990م، 4/198)وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعتمد عليه ويحب أن يكرمه حتى إنه استوهب من أبى قتادة جارية وضيئة ووهبها اليه، وكان حليفاً لبني سهم،وشهد بعض الغزوات والوقائع منها بني المصطلق وبدراً، وفتح مصر وسكنها، توفي في مصر سنة(25ه)(ابن الاثير،1415ه- 1994م،7/173).

3- عبد الله بن الحارث الزبيدي: هو ابن جزء بن معد يكرب بن عمرو بن عسم بن عمرو بن عويج بن عمرو بن زبيد الزبيدي،الصحابي العالم المعمر شيخ المصريين أبو الحارث الزبيدي المصري ،شهد فتح مصر وسكنها(ابن سعد،1410ه-1990م، 7/345)وروى عنه المصريون أحاديث، صحبه فيها عدد من التابعين كان آخرهم يزيد بن أبي حبيب(البغوي ، 1421 هـ – 2000م، 4/160)،مات بقرية سفط أبي تراب والتي تسمى حاليا بصفط تراب من أسفل مصر في سنة ست وثمانين ، وقد طال عمره، وعمى بصره. آخر من بقي من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) بمصر هو عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي (ابن عبد البر،1412 هـ – 1992م،3/388).

3- ابو كثير الزبيدي: اسمه زهير بْن الأقمر، كوفي، محدث، تابعي ثقة، روى عن علي بن ابي طالب والحسن بْن علي بْن أَبي طالب (عليهما السلام) ، وابن مسعود، وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وغيرهم(المزي، 1400ه – 1980م، 4/219).

4– رجاء بن ربيعة الزبيدي: كوفي، تابعي، ثقة، محدث(الكوفي ، 1405ه – 1985م، ص360).روى عن علي(عليه السلام)، وأبي سعيد الخدري، والحسن بن علي(عليه السلام)، والبراء بن عازب وآخرين، وصحب الامام الحسن(عليه السلام)(الهيثمي ، 1414هـ، 1994م، 9/176).

5-يزيد بن عميرة الزبيدي:ادرك الجاهلية، ثقة من كبار التابعين، من اصحاب معاذ بن جبل، وروى عن معاذ، وابن مسعود، وغيرهما، سكن حمص (العسقلاني،1415ه،6/551).

خاتمة البحث

وفي الختام يبّن الباحث خلاصة ما مر في هذا البحث:

1-قبيلة زبيد من أكبر القبائل العربية في الوطن العربي ، وهي من القبائل القحطانية اصلها من اليمن، لها وقائع في العصر الجاهلي مع بني عامر وغيرهم.

2-شاركت قبيلة زبيد في الفتوحات الإسلامية الاولى ،فشوهد لهم الاثر المحمود في تلك الفتوحات، ووقائعهم مدونة. ولا يزال يردد المؤرخون أخبارهم، وخدماتهم للإسلام في فتوحاته عبر الصفحات التاريخية المجيدة.

3-انتشرت قبيلة زبيد في بلاد الشام وفلسطين ونجد ومصر، وفي الغالب نرى القبيلة وفروعها الكبيرة منتشرة في نجد والعراق ومواطن أخرى من الاقطار العربية، فقد جاءت مع الفاتحين الاولين، وبقيت منها بقايا في مواطنها الاصلية.

4-من الاوائل الذين دخلوا الاسلام من قبيلة زبيد هما محمية بن جزء الزبيدي، وقد هاجر محمية مع المسلمين إلى الحبشة بأمر الرسول(صلى الله عليه وآله). في الهجرة الثانية، وهذا يدل على قدمه في الاسلام، وفارسهم عمرو بن معد يكربالذي قدم إلى النبي(صلى الله عليه وآله)، واسلم على يديه ثم التحق بقومه في اليمن.

5-كان لقبيلة زبيد رجال شجعانشاركوا في الحروب والوقائع ضد الاعداء منهم الفارس المشهور عمرو بن معد يكرب الذي ابلى بلاءً حسناً في اليرموك والقادسية ،وكذلك تميزوابحسن التصرف الاداري، وذاع صيتهم وكانوا مفخرة بين القبائل الاخرى.

المصادر والمراجع

  • الابن الاثير، أبو الحسن عز الدين علي ابن الأثير (ت630هـ)، أسد الغابة في معرفة الصحابة، تحقيق علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ – 1994م.
  • الكامل في التاريخ ،تحقيق عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1417هـ – 1997م.
  • اللباب في تهذيب الأنساب، دار صادر، بيروت،(ب-ت).
  • ابن الاعثم ،أبو محمد أحمد بن محمد بن علي (ت 314هـ)، الفتوح، تحقيق علي شيري، دار الأضواء، بيروت،ط1، 1411هـ – 1991م.
  • ابن حزم ، أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الاندلسي(ت456هـ)، جمهرة أنساب العرب ،دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1، 1403هـ – 1983م.
  • ابن خلدون، ابو زيد عبد الرحمن بن محمد (ت 808هـ)، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، تحقيق خليل شحادة، دار الفكر، بيروت، ط2، 1408هـ – 1988م.
  • ابن الخياط ،أبو عمرو خليفة بن خياط بن خليفة الشيباني(ت240ه)، تاريخ خليفة بن الخياط ،تحقيق اكرم ضياء العمري، دار القلم، دمشق، ط2، 1397ه.
  • ابن دريد، أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت321هـ)، الاشتقاق، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت، ط1، 1411هـ – 1991م.
  • جمهرة اللغة ،تحقيق رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين ،بيروت، ط1، 1987م.
  • ابن عبد البر، ابو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد القرطبي(ت463ه)، الانباه على قبائل الرواة ، تحقيق ابراهيم الايباري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1405ه – 1985م.
  • الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقق علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت،ط1، 1412 هـ – 1992م.
  • ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر (ت774هـ)، البداية والنهاية، تحقيق علي شيري، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1408هـ – 1988م.
  • ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (ت711ه)، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط3، 1414ه.
  • ابن نباتة، جمال الدين بن نباتة المصري، سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون ،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر، القاهرة ،1383ه- 1964م.
  • الاصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد (ت 430هـ)، معرفة الصحابة، تحقيق عادل بن يوسف العزازي، دار الوطن للنشر، الرياض،ط1، 1419 هـ – 1998م.
  • البري، عبد الله خورشيد، القبائل العربية في مصر في القرون الثلاثة الاولى للهجرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992م.
  • البشاري، أبو عبد الله محمد بن أحمد ،أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ، دار صادر، بيروت،ط3، 1411ه- 1991م.
  • البغدادي، أبو عبد الله محمد بن سعد البغدادي(ت230هـ)، الطبقات الكبرى، تحقيق محمد عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية ،بيروت،ط1، 1410هـ – 1990م.
  • البغدادي، عبد القادر بن عمر (ت1093هـ)، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط4، 1418هـ – 1997م.
  • البغوي، أبو القاسم عبد الله بن محمد (ت317ه)، معجم الصحابة، تحقيق محمد الأمين بن محمد الجكني، مكتبة دار البيان، الكويت، ط1، 1421 هـ – 2000م.
  • البكري، أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز الأندلسي (ت 487هـ)، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع ،عالم الكتب، بيروت،ط3، 1403ه.
  • الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله (ت 626هـ)، معجم البلدان، دار صادر، بيروت، ط2، 1995م.
  • الحموي، تقي الدين أبو بكر بن علي (ت837هـ)، خزانة الأدب وغاية الأرب، تحقيق عصام شقيو، دار ومكتبة الهلال، بيروت، 2004م.
  • الحميري،ابو الربيع سليمان بن موسى(ت634ه)، الاكتفاء بما يتضمنه من مغازي رسول الله(صلى الله عليه وسلم)، دار الكتب، بيروت، ط1، 1420ه.
  • الدينوري،، أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري (ت282هـ)، الأخبار الطوال ،تحقيق عبد المنعم عامر، دار إحياء الكتب العربي، القاهرة، ط1، 1960م.
  • الذهبي، أبو عبد الله شمس الدين محمد (ت748هـ)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ،تحقيق عمر عبد السلام التدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1413هـ – 1993م.
  • الزركلي،، خير الدين بن محمود بن محمد الزركلي(ت1396هـ)، الأعلام ، دار العلم للملايين، 2004م.
  • السمعاني ، ابو سعد عبد الكريم بن محمد (ت 562هـ)،الأنساب، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي،ط1، 1382هـ – 1962م.
  • السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن (ت911هـ)، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب ،مصر، ط1، 1387هـ – 1967م.
  • الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير (ت310هـ)، تاريخ الرسل والملوك ،دار التراث ، بيروت، ط2، 1387 هـ.
  • العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر (ت 852هـ)، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيقعادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية ، بيروت، 1415هـ.
  • العصيمي، عباس، قبيلة هوازن نسبها و دورها الاجتماعي في عهد الدولة الاموية، الرياض،(ب-ت).
  • علي، جواد (ت1408هـ)، المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام ،دار الساقي، ط4، 1422ه – 2001م.
  • غوستاف، لوبون ، حضارة الإسلام، ترجمة عادل زعيتر، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3، 1399هـ – 1979م.
  • القرطبي ، أبو الحسن احمد بن محمد بن ابراهيم ، التعريف بالأنساب والتنويه بذوي الأحساب، تحقيق سعد عبد المقصود مظلوم، دار المنار، 1990م.
  • القلقشندي، أبو العباس أحمد بن علي(ت 821هـ)، قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان ، دار الكتب الاسلامية ،القاهرة ، ط2، 1402هـ – 1982م.
  • الكوفي، أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح (ت261هـ)، تاريخ الثقات،  تحقيق عبد العليم عبد العظيم ، مكتبة الدار، السعودية، ط1،  1405ه – 1985م.
  • الكوراني، علي العاملي، سلسلة القبائل العربية في العراق،ط1، 1431ه – 2010م.
  • المباركفوري، صفي الرحمن(1427ه)، الرحيق المختوم، دار الهلال، بيروت،(ب-ت).
  • المزي، أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن (742ه)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال ،تحقيق بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة ، بيروت، ط1، 1400ه – 1980م.
  • المصري، أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله (ت 257هـ)، فتوح مصر والمغرب ،مكتبة الثقافة الدينية ،1415هـ.
  • الهمداني، أبو بكر زين الدين محمد بن موسى الهمداني(ت 584هـ)، الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة، تحقيق حمد بن محمد الجاسر، دار اليمامة ، السعودية، 1415ه.
  • الهمداني أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني (ت334هـ)، صفة جزيرة العرب، مطبعة بريل ، ليدن، 1984م.
  • الهيثمي،أبو الحسن نور الدين علي(ت 807هـ)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق حسام الدين القدسي، مكتبة القدسي، القاهرة، 1414هـ، 1994م.
  • الواقدي، أبو عبد الله محمد بن عمر (ت207هـ)، فتوح الشام، دار الكتب العلمية، ط1، 1417هـ – 1997م.
  • اليعقوبي أحمد بن إسحاق بن جعفر (ت292هـ)، فتوح البلدان، دار الكتب العلمية، بيروت،ط1، 1422هـ.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *