د.شيرين أكرم سعيد

قسم الدراسات الإسلامية/ كلية الحكمة الجامعة/ بغداد – العراق

shereenalrawi89@gmail.com

009647702604217

الملخص يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على قاعدة من القواعد الفقهية المهمة وهي قاعدة الكفارات إذا اجتمعت تداخلت، من خلال بيان معناها، وأقوال العلماء فيها، وربطها مع تطبيقاتها الفقهية المبثوثة في مواضع مختلفة من أبواب الفقه، مع ذكر الصور التي تندرج تحت مفهوم القاعدة والتي لا تندرج فيها، وذلك لحاجة الناس الماسة والمستمرة الى معرفة حكم من وقع في محظور يستوجب عليه كفارة ثم وقع في محظور آخر ولم يكفر عن الأول، فهل يلزمه كفارة واحدة، أم عليه لكل محظور كفارة؟، كما واعتمد هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي المقارن، وذلك من خلال عرض مفردات القاعدة، وتصويرها وبيان معناها وصيغها بأسلوب علمي واضح مستخدما تنظيما معينا للوصول إلى الحقائق والنتائج، والتي من أهمها أن الفقهاء متفقون على أنه في حال كون المحظور الثاني من غير جنس المحظور الأول: يكون على الشخص كفارتان؛ كفارة للمحظور الأول، وكفارة ثانية للمحظور الثاني، أما أن كان المحظور الثاني من جنس المحظور الأول؛ فهذا الذي عليه مدار القاعدة وفيها اختلف الفقهاء في تحديد الصور التي تتداخل فيها الكفارات. الكلمات المفتاحية: القواعد الفقهية، مفهوم الكفارة، تداخل الكفارات، تكرار الوقوع في المحظور، العقوبات.  

Base the Expiations, if They Meet, Overlap and its Legal Applications

Ph. D. Shereen Akram Saeed

Department of Islamic Studies/ Al-Hikma University College/ Baghdad – Iraq

shereenalrawi89@gmail.com

009647702604217

Abstract:

This research aims to shed light on one of the important jurisprudential rules, which is the rule of atonements if they meet and overlap, by clarifying its meaning, and the sayings of scholars in it, and linking it with its jurisprudential applications transmitted in different places in the fields of jurisprudence, with mentioning the images that fall under the concept of the rule and which is included in it, and that is due to the people’s urgent and continuous need to know the ruling on someone who falls into a prohibited act that requires penance, then falls into another prohibited and did not atone for the first?. This research also relied on the comparative analytical descriptive approach, by presenting the vocabulary of the rule, depicting it and clarifying its meaning and formulas in a clear scientific manner using a specific organization to reach the facts and results, the most important of which is that the jurists agree that if the second prohibition is not of the type of the first prohibited; the person must have two expiations. Expiation for the first prohibited, and a second penance for the second prohibited. If the second prohibited is of the same type as the first prohibited; this is the one that has the orbit of the rule and in it, the jurists differed in determining the forms in which the expiations overlap

Keywords

jurisprudence rules, the concept of atonement, the overlap of atonements, the repetition of falling into prohibited matters, and penalties

  المقدمة أن قاعدة الكفارات اذا إجتمعت تداخلت هي من ضمن منظومة كبيرة من القواعد الفقهية، ولا شك أن دراسة القواعد الفقهية يسهل حفظ الفروع ويغني عن حفظ أكثر الجزئيات كما قال القرافي (د.ت): ” ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لإندراجها في الكليات” (ص.3). والفقهاء مختلفون في هذه القاعدة ويستدل القائلون بها كثيرا لا سيما في مجال الجنايات والعقوبات إلا أنها لم تبرز كغيرها من قواعد الفقه؛ فلم ينص على أدلتها، ولم يركز على مسائلها كما ركز على أدلة ومسائل بعض القواعد الفقهية التي هي مثلها في الأهمية، وعادة ما  يُمثل لها بمثالين أو ثلاثة – في الغالب – دون بيان معناها، أو تأصيلها الشرعي والأدلَّة التي تدلُّ عليها، ومع أنَّ هذه القاعدة من أكثر قواعد الفقه التي يسأل عنها الناس لكثرة الوقوع في المحظورات التي تستوجب كفارة عليها لاسيما إن تكرر منهم فعل المحظور ولم يكفروا عنه. وفي هذا البحث ربط بين القاعدة وبين تطبيقاتها الفقهية المبثوثة في مواضع مختلفة من أبواب الفقه. من خلال الاجابة عن الأسئلة الآتية:
  • ما معنى القاعدة، وهل لها صيغ أخرى عند الفقهاء؟
  • هل القاعدة متفق عليها بين الفقهاء أم مختلف فيها؟
  • ما أقوال العلماء فيمن ارتكب محظوراً ما يستوجب كفارة، وقبل أن يكفر عنه، تكرر منه فعل محظور آخر، فهل تكفيه كفارة واحدة عن الفعلين أم لا بد من كفارة لكل فعل؟
  • أهمية البحث:
يهتم البحث بالتعريف بقاعدة “الكفارات اذا اجتمعت داخلت” وبيان أهميتها بين القواعد الأخرى. فكم من قاعدة من القواعد الصغرى التي يظن بعض أهل العلم أنها تعالج مسائل فرعية محصورة، لكن عند دراسة مثل هذه القواعد فإن هذا التصور يختلف تماماً ؛ فيجدها قاعدة ذات طابع شمولي واسع.
  • أهداف البحث:
  • تسليط الضوء على هذه القاعدة وبيان أهميتها، وجمع أشتاتها عن طريق الربط بين هذه القاعدة وبين تطبيقاتها الفقهية المبثوثة في مواضع مختلفة من أبواب الفقه.
  • حاجة الناس الماسة والمستمرة الى معرفة حكم من وقع في محظور يستوجب عليه كفارة ثم وقع في آخر ولم يكفر عن الأول.
  • منهج البحث:
في هذه الدراسة استخدمت المنهج الوصفي التحليلي المقارن:
  • المنهج الوصفي: وذلك بعرض القاعدة، وتصويرها وبيان معناها وصيغها من المصادر والمراجع ذات العلاقة بالقواعد الفقهية والأحكام الشرعية.
  • المنهج التحليلي: وذلك بدراسة مفردات القاعدة بأسلوب علمي واضح مستخدما تنظيما معينا للوصول إلى الحقائق والنتائج.
  • المنهج المقارن: وذلك بالمقارنة بين أقوال الفقهاء وتأصيلهم، لاسيما وأن هذه القاعدة من القواعد المختلف فيها عند أهل العلم.
 
  • هيكلية البحث:
يتوزع  البحث على مقدمة وثلاثة مطالب وخاتمة ، يوضح المطلب الأول معنى القاعدة من خلال بيان معنى الكفارات وأنواعها، أما المطلب الثاني فيتضمن بيان الصيغ الاخرى للقاعدة وأقوال العلماء فيها مع الأدلة، في حين ركز المطلب الثالث على ذكر أهم التطبيقات الفقهية لهذه القاعدة، ثم الخاتمة تتضمن أبرز ما تم التوصل إليه في البحث. المطلب الأول معنى القاعدة الفرع الأول: تعريف الكفارات وأنواعها أولاً: تعريف الكفارات في اللغة: الكفارات جمع كفارة. وهي مأخوذة من الكفر “والْكَفْرُ فِي الْأَصْلِ السَّتْرُ يُقَالُ كَفَرَهُ وَكَفَّرَهُ إذَا سَتَرَهُ” (المطرزي،1979،ص.224). يقول ابن منظور (1414ه): “وسميت الكفارات كفارات؛ لأنها تكفر الذنوب؛ أي تسترها”(ص.95). أما اصطلاحاً: قال الكاساني(1986): “الكفارة في عرف الشرع: اسم للواجب” (ص.95). أي: ما أوجبه الله (عز وجل) على من أتى شيئاً منهياً عنه، أو قصر في مأمور به، وقال النووي (د.ت.) في تعريفها: “وأما الكفارة فأصلها من الكَفْرِ بفتح الكاف وهو الستر؛ لأنها تستر الذنب وتُذهبه، ثم استُعمِلت الكفارة فيما وجد فيه صورة مخالفة أو انتهاك وإن لم يكن فيه إثم، كالقاتل خطأ وغيره” (ص.333). وقال المناوي (1990): “ما وجب على الجاني جبراً لما منه وقع، وزجرا عن مثله” (ص.282). من تعاريف الفقهاء يرى الشيخ عبد القادر عوده (د.ت.) أن الكفارة دائرة بين العبادة والعقوبة، وإن كان الأصل هو العبادة، فهي إن فرضت على عمل لا يعد معصية: فهي عبادة خالصة ؛ لإشتراط النية فيها،كالإطعام بدلاً من الصوم لمن لا يطيق الصوم، قال تعالى:} وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين{ (القرآن الكريم،البقرة:184)، أما إذا فرضت على ما يعتبر معصية: فهي عقوبة، كالكفارة في القتل الخطأ، أو الظهار، أو الحنث في الإيمان، وهذا ما جعل بعض العلماء يسميها عقوبة تعبدية. وهذا الكلام فيه نظر؛ بل الكفارة عقوبة مقدرة على ما كان في مقابل معصية بقصد التكفير عن إتيانها، وأما ما كان في مقابل عمل لايعد معصية فهي فدية وليست كفارة، ذكر بدر الدين الزركشي (1985) في بيان الفرق بين الفدية والكفارة قائلا: “أن الكفارة لا تجب إلا عن ذنب تقدم، بخلافه الفدية” (ص.21). يقول الشامي (2018) تعقيباً على كلام الزركشي: فالكفارة ناشئة عن ارتكاب ممنوع سواء على سبيل القصد في سائر الكفارات، أو على سبيل الخطأ في قتل الخطأ؛ تعظيماً لشأن النفس الإنسانية، وعادة ما تكون الكفارة تالية لوقوع التصرف الممنوع، بخلاف الفدية فهي شرعت مقابل الإعفاء عن مطلوب شرعاً بحيث يُقبِل المكلف على البدل وفق إذن مسبق من الشارع، ليكون الفعل مشروعاً من أساسه. (ص.18)   ثانياً: أنواع الكفارات الكفارات التي فرضتها الشريعة الاسلامية أربع مثمثلة: بالعتق، والإطعام، والكسوة، والصيام (عوده، د.ت.)، لخمس محظورات هي: القتل الخطأ، والوطء في نهار رمضان، وفعل محظور من محظورات الحج، والظهار، والحنث في الأيمان، وبيان ذلك: أولاً: العتق:  أي تحرير أحد الأرقاء (العبيد)، والرق يجزأ في اسقاط أربع محظورات، والتي هي:
  • القتل الخطأ: قال الله تعالى:} وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا { (القرآن الكريم،النساء: 92).
  • الوطء في نهار رمضان: فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: “بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُول ُالله صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟” (مسلم، د.ت.، ص.781).
  • الظهار: قال الله تعالى: }وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا{ (القرآن الكريم،المجادلة: 3).
  • الحنث في الأيمان: قال الله تعالى: }لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ{ (القرآن الكريم، المائدة:89).
وقد اشترط الفقهاء في الرقيق المعتق شروط خاصة لا محل لذكرها هنا، واليوم وقد بطل الرق في العالم كله تقريباً، لاسيما بعد أن انضمت الدول الإسلامية لبقية دول العالم في تحرير الأرقاء، ومنع الرق، وانسجاماً مع مقاصد الإسلام العظيمة في تحرير الأرقاء، وفي منع استرقاق البشر بالطرق غير الشرعية كالسرقة والخطف، نجد أن أهل العلم المعاصرون مختلفون فيمن وجب عليه تحرير رقبة فوجد ثمنها ولم يجد الرقبة؛ هل يُعدُّ في حكم الواجد للرقبة أو لا؟ والذي رجحه الشيخ عبدالقادر عوده(د.ت.) أن من وجب عليه تحرير رقبة، فوجد ثمنها ولم يجد الرقبة يُعدُّ في حكم الواجد للرقبة، ويتصدق بثمنها على المساكين. ثانياً: الإطعام: والمقصود به إطعام المساكين، وكفارة الإطعام أما أن تكون لعشرة مساكين، أو ستين مسكيناً، أو ستة مساكين، أو مقدرة بقيمة الصيد، وذلك تبعاً لنوع المحظور الذي ارتكب:
  • فيكون الإطعام لعشرة مساكين في كفارة اليمين، قال الله تعالى: }لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ { (القرآن الكريم،المائدة:89).
  • أو يكون لستين مسكيناً في حالة العجز عن الكفارات الأخرى -كفارة عتق الرقبة وصيام شهرين متتابعين- في حالتين هما: إفساد الصوم والظهار، فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: “بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟”(مسلم، د.ت.، ص.781)، وفي الظهار قال تعالى:} وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا  فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا { (القرآن الكريم،المجادلة: 3-4).
  • أو يكون الإطعام لستة مساكين حال ارتكاب المحرم أحد هذه المحظورات؛حلق الشعر، وقص الأظافر، وتغطية الرجل رأسه بملاصق، ولبس الرجل ما خيط على هيئة البدن، واستعمال الطيب، وانتقاب المرأة ولبسها القفازين، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لِي، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: “أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟” قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:” فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً” (مسلم، د.ت.، ص.859)
  • أو يكون بحسب قيمة الصيد تعطى لإطعام المساكين في قتل الصيد حال الإحرام، قال تعالى: }يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ{ (القرآن الكريم، المائدة: 95). وقد اختلف الفقهاء في مقدار الطعام الذي يعطى لكل مسكين من المساكين بين المد والمدان، يقول ابن رشد (1975):
والسبب في اختلافهم في ذلك؛ اختلافهم في تأويل قوله تعالى }مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ{ (القرآن الكريم، المائدة: 89)، هل المراد بذلك أكلة واحدة، أو قوت اليوم، وهو غداء وعشاء؟ فمن قال: أكلة واحدة قال: المد وسط في الشبع. ومن قال: غداء وعشاء قال: نصف صاع. ولاختلافهم أيضا سبب آخر، وهو تردد هذه الكفارة بين كفارة الفطر متعمدا في رمضان وبين كفارة الأذى؛ فمن شبهها بكفارة الفطر قال: مد واحد، ومن شبهها بكفارة الأذى قال: نصف صاع. (ص.417) رابعاً: الكسوة: الكسوة تدخل في كفارة اليمين فقط، ولا يجزئ في الكفارة أقل من كسوة عشرة مساكين قال الله تعالى: }لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ { (القرآن الكريم، المائدة:89). يقول ابن رشد(1975): المجزئ من الكسوة فإن مالكا رأى أن الواجب في ذلك هو أن يكسي ما يجزئ فيه الصلاة، فإن كسا الرجل كسا ثوبا، وإن كسا النساء كسا ثوبين درعا وخمارا. وقال الشافعي وأبو حنيفة: يجزئ في ذلك أقل ما ينطلق عليه الاسم: إزار، أو قميص، أو سراويل، أو عمامة. وقال أبو يوسف: لا تجزي العمامة، ولا السراويل. وسبب اختلافهم هل الواجب الأخذ بأقل دلالة الاسم اللغوي أو المعنى الشرعي. (ص.418) خامساً: الصيام: والصوم لا يكون عادة إلا في حالة العجز عن الكفارات الأخرى، وتختلف مدة الصيام باختلاف المحظور التي يكفر عنها، فقد تكون ثلاثة أيام، أو شهرين متتابعين، أو الصيام بعدد المساكين الذين يمكن إطعامهم، وكما يلي:
  • ثلاثة أيام كما في كفارة اليمين، وحال ارتكاب المحرم أحد محظورات الحج عدا قتل الصيد، كحلق الشعر، وقص الأظافر، وغيرها، قال تعالى }فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ  ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ{ (القرآن الكريم، المائدة: 89)، وما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة رضي الله عنه ، قَالَ:” فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً” (مسلم، د.ت.، ص.859).
  • صيام شهرين في حالتين: القتل الخطأ، والظهار، والجماع في نهار رمضان، قال تعالى }فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ{(القرآن الكريم، النساء: 92)، وعن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: “بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ “(مسلم، د.ت.، ص.781)
  • الصيام بعدد المساكين الذين يمكن إطعامهم وذلك في حال قتل الصيد حال الإحرام، قال تعالى }مَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ{(القرآن الكريم، المائدة: 95).
الفرع الثاني: تعريف التداخل التداخل في اللغة: “تشابه الأمور والتباسها ودخول بعضها في بعض” (ابن منظور،1414ه،ص.239). وفي الاصطلاح: “ترتب أثر واحد عند اجتماع أمرين، أو أكثر، متفقين، أو مختلفين: من جنس واحد، أو من جنسين؛ لدليل شرعي” (منصور،1998،ص.18). فالتداخل كما نص عليه غير واحد من الفقهاء بأنه ليس هو الأصل في أحكام الشريعة، بل هو حالة استثنائية من الأصل، وخروج عن مقتضى القياس، يقول العز بن بعد السلام (1991): “التداخل على خلاف الأصل، والأصل تعدد الأحكام بتعدد الأسباب” (ص.252)، لأن الأصل تكرر الأحكام بتكرر موجباتها، ولكنه كما يعلله بعض الفقهاء يصار الى التداخل لمكان التوسعة ورفع  الحرج والمشقة عن المكلفين أجري الاستثناء تحقيقاً لمقصود الشارع في النظر في مآلات الأفعال، وهو واقع في الشريعة في العبادات والعقوبات والإتلافات، فيقع في الطهارة والصلاة والصيام والكفارات والحدود والأموال(منصور،1998)، يقول القرافي (1994): “يقع التداخل في الشريعة في ستة مواضع الأول:الطهارات… الثالث:الكفارات كما لو أفطر في رمضان في اليوم الواحد مراراً” (ص.310-311). غير أن التداخل الذي يصح إعماله قد قيده العلماء بقيدين لابد منهما جميعًا وإلا وجب البقاء على الأصل من عدم التداخل، وهما:
  • القيد الأول: اتحاد الجنس: يشترط لصحة التداخل أن يكون ذلك مع اتحاد الجنس؛ أي الفعل، كان يجامع زوجته اكثر من مرة في نهار رمضان، أما مع اختلاف الجنس فلا تداخل كما لو ارتكب المحرم محظورات مختلفة الأجناس كأن يلبس مخيطًا ويغطي رأسه ويتطيب؛ فالطيب وتغطية الرأس ولبس المخيط أجناس، فيلزمه ثلاث كفارات.
  • القيد الثاني: أن يكون ذلك قبل الأداء لا بعده: فإذا تعددت أسبابٌ الكفارة فإن من المشترط حتى يصح التداخل ويكفيَ الإتيانُ بموجَب السبب مرة واحدة أن لا يكون المكلف قد أتى بالكفارة قبل حدوث سبب آخر بعدها، فإذا حدث سبب آخر بعد اداء الكفارة وجب تكرار الأثر الذي أوجبه ذلك السبب مرة أخرى ولم يجز الحكم بالتداخل، وقد عبر عن هذا القيد قول الفقهاء: التداخل قبل الأداء لا بعده (السرخسي، 1993، ص.75).
وقد فرق الحنفية في تحديد محل التداخل في الأحكام الشرعية بين كل من العبادات والعقوبات؛ فقالوا أن الأليق في العبادات أن يكون التداخل في الأسباب، وفي العقوبات يكون في الأحكام؛ لأنه إذا كان التداخل في العبادات في الحكم أدى الى بطلان التداخل، ولأن التداخل إن كان في الحكم دون السبب كانت الأسباب باقية على تعددها، فيلزم وجود السبب الموجب للعبادة بدون العبادة، وفي ذلك ترك الإحتياط فيما يجب فيه الإحتياط، فقيل بتداخل الأسباب فيها. أما في العقوبات فإن الأليق فيها التداخل في الأحكام؛ لأنها ليس مما يحتاط فيها، بل في درئها احتياط (ابن عابدين،1992؛ الكاساني، 1986). في حين يرى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة أن محل التداخل يكون في الأسباب لا الأحكام (ابن قدامة، 1997؛ بدر الدين الزركشي، 1985؛ القرافي، د.ت). يقول منصور (1998): إن المؤثر في حصول التداخل ليس تكييف ماهية المحل وتحديده، سببا كان، أو حكماً، بل هو وجود أدلة خارجة عن نطاق المحل، ترجح جانب التداخل، وتكون قرينة على حصوله، وهي أسباب التداخل… فإذا اتحد مقصود الشرع من شرع الحكم، واتفقت المحال، واتحد المجلس مثلا، كان اجتماع هذه الثلاثة مسوغاً للتداخل. وإذا اختلف المقصود، والمحل، والمجلس، كان الحكم بالتعدد هو المتعين. وإذا اتحد المقصود، واختلفت المحال، نظر؛ فإن اتحد المجلس وهو من أسباب التداخل، كان اتحاد المجلس سببا في تقوية جانب التداخل، وإن اختلف المجلس، كان ذلك قرينة على إرادة التكرار والتعدد، وعدم حصول التداخل. (ص.55-56) وأسباب التداخل كثيرة، منها: النصوص الشرعية من القرأن والسنة التي جاءت مبينة لمشروعة التداخل، واتحاد المجلس، واتحاد السبب، واتحاد الجنس، والعذر الذي يلحق بتركه مشقة بالغة بالمكلف، والضرورة ( منصور، 1998).   الفرع الثالث: معنى تداخل الكفارات اجمالاً وأما التداخل في الكفارات فهو صورة من صور تداخل الأسباب؛ لأن التداخل في العقوبات يكون نتيجة أكثر من مخالفة، أي له أكثر من سبب فتتداخل عقوبتهما عليه، وتبعاً لذلك  فتداخل الكفارات: هو ايقاع عقوبة واحدة على تكرار نوع واحد من المحظورات، أو على محظورات متنوعة إذا اتحد الغرض الموضوع لأجله. أي  أنه في حالة تعدد الكفارات على الشخص يدخل بعضها في بعض بحيث فيعاقب على جميعها بكفارة واحدة (السعيدان، د.ت). المطلب الثاني صيغ القاعدة وأقوال العلماء فيها الفرع الأول: صيغ أخرى للقاعدة موضوع القاعدة هو هل تتدخل الكفارات إذا اجتمعت؛ أي  أنه في حالة تعدد الكفارات على الشخص هل يدخل بعضها في بعض بحيث فيعاقب على جميعها بكفارة واحدة؟ هذا هو محطّ الاستفهام ومورد السؤال الذي أتت به الصيغة المختارة للقاعدة لبيانه، ومنه يعلم أن القاعدة محل خلاف بين أهل العلم، وقد وردت الصيغ الأخرى للقاعدة تحت مجموعتين؛ مجموعة قررت القول بالتداخل, ومجموعة نصت على عدم التداخل أولاً: القائلين بالتداخل – موافق للقاعدة-: يورد الفقهاء رحمهم الله القائلين بها صيغ أخرى للقاعدة منها: بل جعلها البعض فرع وتطبيق لعدة قواعد منها:
  • قاعدة “العقوبات إذا اجتمعت تداخلت”(ابن مازة،2004، ص.357).
  • قاعدة “الأسباب إذا تساوت موجباتها اكتفي بأحدها “(ابن شاس،2003، ص.14).
  • قاعدة ” إذا اجتمع أمران من جنس واحد ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر غالباً” (ابن نجيم،1999،ص.112).
ثانياً: القائلين بعدم التداخل – خلاف القاعدة-:
  • قاعدة “الكفارات لا تتداخل” (السرخسي، 1993، ص.74).
  • قاعدة “لا تداخل في الكفارات” (ابن عبد السلام، 1991، ص.252).
الفرع الثاني: أقوال الفقهاء في القاعدة: هذه القاعدة من القواعد المختلف فيها بين الفقهاء رحمهم الله في هل تتداخل الكفارات اذا إجتمعت أم لا تتداخل، بتعبير آخر: إذا ارتكب شخص ما محظوراً يستوجب كفارة، وتكرر منه فعل المحظور قبل أن يكفر عن الفعل الأول، فهل تكفيه كفارة واحدة عن الفعلين أم لا بد من كفارة لكل فعل؟. أولاً: تحرير محل النزاع: وقبل بيان أقوال الفقهاء في المسألة لابد من تحرير محل النزاع؛ إذا فعل الإنسان محظورًا في ما مضى ثم فعل محظورًا آخر فلا يخلو من حالتين، إما أن يكون المحظور الثاني من جنس المحظور الأول أو لا:
  • فإن كان المحظور الثاني من غير جنس المحظور الأول: بأن فعل المحظور الثاني يوجب شيئًا جديدًا وهو أثره من الكفارة، فيكون على الشخص كفارتان؛ كفارة للمحظور الأول، وكفارة ثانية للمحظور الثاني، وذلك كمن جامع في نهار رمضان وحلق شعره وهو محرم وجب عليه كفارة الجماع، وكفارة الحلق، أو كمن يحلف بالله تعالى على شيء، ويظاهر من امرأته، فإن حنث في يمينه فعليه كفارة يمين وكفارة ظهار؛ لأن التداخل يكون مع اتحاد الجنس وهذا لا خلاف فيه بين الفقهاء (عبدالرحمن المقدسي، د.ت).
  • وأما أن يكون المحظور الثاني من جنس المحظور الأول فلا يخلو هذا من حالتين كذلك: إما أن يكون قد أخرج موجب الأول قبل فعل الثاني أو لا:
  • فإن كان قد أخرج موجب الأول قبل فعل المحظور الثاني: فإن فعل الآخر يوجب كفارة أخرى كذلك باتفاق الفقهاء (السرخسي، 1993؛ السعيدان، د.ت).
  • وأما إذا لم يخرج موجب الأول حتى فعل الثاني فإنه في هذه الحالة ذهب الفقهاء s فيها الى قولين كما يلي.
ثانيا: أقوال الفقهاء في المسألة: إذا ارتكب شخص محظوراً يستوجب كفارة، وقبل أن يكفر عنه، تكرر منه فعل نفس المحظور، فهل تكفيه كفارة واحدة عن الفعلين أم لا بد من كفارة لكل فعل؟، فقد ذهب الفقهاء s في ذلك على قولين: القول الاول: ذهب الحنفية وهو وجه عند الحنابلة إلى أن الكفارات إذا تراكمت تداخلت مادامت من جنس واحد، لذا فإن عليه كفارة واحدة عن الفعلين. (ابن مفلح،2003؛ السرخسي، 1993)، ووافقهم الزيدية والأباضية في ذلك (ابن مرتضى، د.ت؛ اطفيش، 1989). القول الثاني: ذهب المالكية، والشافعية، وهو الوجه الثاني عند الحنابلة إلى أن الكفارات لا تتداخل، وتبعاً لذلك فإنه عليه كفارتين (ابن عبد البر،1980؛ ابن مفلح،2003؛ النووي،1991)، ووافقهم الجعفرية في ذلك (الحلي،1969). وهنا نجد أن العمل بهذه القاعدة هو مذهب الحنفية، ووجه عند الحنابلة، وخالفهم الجمهور ؛ فلم يقولوا بتداخل الكفارات عند اتفاق الأسباب في موجَباتها؛ استدلالا منهم بأنه من الباطل أن يجزئ عمل واحد عن عملين أو أكثر. وهذا الإختلاف مبني على اختلافهم  في حقيقية مفهوم التداخل في الأحكام الشرعية، والتي بدورها تقودنا الى مسألة مهمة أشار إليها الأصولين وهي هل الأمر المطلق يقتضي المرة، أو التكرار؟، وبالوقوف على حقيقة هذه المسألة ورأي الأصولين فيها سنصل الى تأصيل وبيان مفهوم التداخل، وبالتالي الى مسألتنا في تداخل الكفارات التي تحن بصددها. ونظراً لكون المسألة قد بحثت من قبل المتقدمين والمتأخرين من الأصوليين، فسيكتفى ببيان الرأي الذي استقر عليه العلماء في أن الأمر المطلق لا يخلو من حالتين؛ الأولى: أن تدل القرينة على إرادة التكرار والتعدد وعدم التداخل، وهو الأصل في مسائل التعدد. والثانية: أن تدل القرينة على عدم التعدد وإرادة التداخل، وهذه القرينة هي ذاتها الأسباب الداعية للتداخل كاتحاد الجنس والمجلس وغيرها(منصور،1998). المطلب الثالث التطبيقات الفقهية لقاعدة الكفارات إذا اجتمعت تداخلت لقد جاءت الشريعة الإسلامية بإيجاب الكفارة على المكلف في حال ارتكاب احد المحظورات الخمس والمتمثلة بالجماع في نهار رمضان، وارتكاب محظور من محظورات الإحرام، والظهار، والقتل الخطأ، والحنث في اليمين. وفي هذا المطلب بيان للقاعدة من خلال تطبيقاتها الفقهية على التداخل في الكفارات:
  • الفرع الأول: التداخل في كفارة المجامع في نهار رمضان
لا خلاف عند الفقهاء في وجوب الكفارة على من أفسد صوم يوم من رمضان متعمداً بالجماع (ابن قدامة،1997)، وكفارة ذلك على الترتيب الآتي ؛ عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. والأصل في هذا حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: “بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ، وَالْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ (وعاء يشبه القفة)، قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ (أي ما بين طرفي المدينة) أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ”(مسلم، د.ت.، ص.781). ولا تخلو صور تكرار الشخص للجماع في يوم أو أيام من نهار رمضان اجتماع من أربع صور: الصورة الأولى: إذا جامع ولم يكفِّر حتى جامع مرة ثانية في نفس اليوم: اتفق الفقهاء على أن من جامع ولم يكفِّر حتى جامع مرة ثانية في نفس اليوم أن عليه كفارة واحدة؛ لأنه انتهك حرمة يوم واحد، فوجبت عليه كفارة واحدة، أما الجماع الثاني فلم يتضمن هتكاً للصوم، فهو في الحقيقة غير صائم، والكفارة تلزم في حال كونه أفسد صوماً صحيحاً (ابن رشد،1975؛ ابن قدامة،1997؛ السرخسي،1993؛ النووي،1991). الصورة الثانية: إذا جامع فكفّر ثم جامع مرة ثانية في يوم آخر: كذلك اتفق الفقهاء على أن من جامع فكفّر، ثم جامع مرة ثانية في يوم آخر أن عليه كفارتين (تعدد الكفارات)؛ لتعدد المقتضي للكفارة الجديدة وهو تكرار فعل الجماع؛ فالحكم يتكرر بتكرر سببه؛ ولأن التداخل وإن صح لا يكون إلا قبل التكفير الأول لا بعده، وهنا حصل التكفير قبل الجماع الثاني، فلا تتداخل كفاراتها (ابن رشد،1975؛ ابن قدامة،1997؛ السرخسي،1993؛ النووي،1991). الصورة الثالثة: إذا جامع ولم يكفِّر حتى جامع مرة ثانية في يوم آخر: اختلف الفقهاء في حكم من جامع ولم يكفِّر حتى جامع مرة ثانية في يوم آخر أو رمضان آخر هل عليه كفارتين، أم كفارة واحدة، على قولين:
  • القول الأول: ذهب الحنفية ووجه للحنابلة إلى أن عليه كفارة واحدة، فالكفارة تتداخل (ابن قدامة،1997؛ السرخسي،1993).
  • القول الثاني: ذهب المالكية والشافعية والوجه الآخر للحنابلة وأهل الظاهر إلى أن عليه كفارتان، ولا تداخل في الكفارة (ابن رشد،1975؛ النووي،1991).
والراجح والله أعلم: بإن جامع ولم يكفِّر حتى جامع مرة ثانية في يوم آخر أو رمضان آخر فإنه تلزمه كفارتان؛ ولأن القول بأنه تلزمه كفارة واحدة يفتح الطريق إلى إنتهاك حرمة أكثر من يوم بالجماع، ثم يكفر المجامع بعد ذلك كفارة واحدة، وهذا يتناقض مع مقصود الكفارة وهو الزجر عن انتهاك حرمة صوم يوم من أيام رمضان. الصورة الرابعة: إذا جامع وكفِّر ثم جامع مرة أخرى في نفس اليوم: اختلف الفقهاء في حكم من جامع وكفِّر ثم جامع مرة أخرى في نفس اليوم، هل عليه كفارتين، أم كفارة واحدة، على قولين:
  • القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية ووجه للحنابلة إلى أن عليه كفارة واحدة؛ وحكمه كحكم من جامع ولم يكفِّر حتى جامع مرة ثانية في نفس اليوم فكلاهما عليه كفارة واحدة؛ لأن الجماع الثاني فلم يتضمن هتكاً للصوم، فهو في الحقيقة غير صائم، والكفارة تلزم في حال كونه أفسد صوماً صحيحاً (ابن رشد،1975؛ ابن قدامة،1997؛ السرخسي،1993؛ النووي،1991).
  • القول الثاني: ذهب الحنابلة في قول لهم إلى أنه عليه كفارتان؛ لأن الجماع محرم لحرمة رمضان، فيتكرر الحكم بتكرره وهو وجوب كفارتين (ابن قدامة،1997).
والراجح والله أعلم: القول بالتداخل في الكفارة؛ لأن القول بالتعدد فيه زيادة عقوبة لم يطلبها المشرع من المكلف، ولأن في التعدد حرجاً ومشقة على المكلفين، فوجوب كفارة واحدة أقرب الى الرفق والتيسير.  
  • الفرع الثاني: التداخل في الظهار
يترتب على قول الرجل لزوجته (أنتِ علي كظهر أمي) أنها تحرم عليه تحريماً مؤقتاً، ولا تحل له حتى يكفر عن فعله (ابن رشد،1975)، ومعلوم أن كفارة الظهار هي عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يجد فإطعام ستين مسكيناً، والأصل في ذلك قوله تعالى :} وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا  فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا { (القرآن الكريم، المجادلة: 3-4). واختلف الفقهاء في مسألة تداخل الظهار  هل تتعد الكفارة فيها بتعدد الزوجات أم يتعدد الألفاظ، وعليه فلا تخلو صور تكرر الظهار من ثلاث صور: الصورة الأولى: من ظاهر نسائه بلفظ واحد: وصورة ذلك أن يكون للرجل أكثر من زوجة ثم يقول لهن جميهاً  (أنتن علي كظهر أمي)، فهل على الرجل كفارة واحدة، أم يلزمه كفارة لكل امرأة شملها الظهار؟ ذهب الفقهاء في ذلك إلى قولين:
  • القول الأول: ذهب المالكية، والشافعي في القديم، والحنابلة في المذهب إلى أن على أن عليه كفارة واحدة عن الجميع (مالك المدني، 1994؛ المرداوي، د.ت؛ النووي، د.ت).
  • القول الثاني: ذهب الحنفية، والشافعي في الجديد، والحنابلة في رواية إلى أن عليه كفارة لكل امرأة شملها الظهار (الزيلعي، 1313ه؛ المرداوي، د.ت؛ النووي، د.ت).
والراجح والله أعلم: القول بالتداخل في الكفارة، وأن عليه كفارة واحدة؛ لأنها بمنزلة الظهار الواحد، وهو الذي يوجب تحريما واحداً، وعوداً واحداً ولأن في التعدد حرجاً ومشقة على المكلفين، فوجوب كفارة واحدة أقرب الى الرفق والتيسير الصورة الثانية: من ظاهر نسائه بالفاظ متعددة: وصورة ذلك أن يقول لكل زوجة من زوجاته بلفظ منفصل عن الآخر (أنتِ علي كظهر أمي)، في هذه الحالة ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يلزمه لكل امراة كفارة، وتتعدد الكفارة في حقه(السرخسي، 1993؛ مالك المدني، 1994؛ المرداوي، د.ت؛ النووي، د.ت). الصورة الثالثة:  إذا كرر لفظ الظهار على زوجته: أما إذا كرر لفظ الظهار على زوجته، ولم يكفر عن الظهار الأول، سواء أكان في مجلس أم في مجلسين، أم كان في يوم أو في يومين، فقد ذهب الفقهاء في ذلك إلى قولين: القول الأول: أنه يلزمه كفارة واحدة عند تكرار لفظ الظهار على امراة واحدة إن نوى التأكيد، وهذا ما ذهب إليه عامة أهل العلم؛ لأن اليمين الثانية لم تؤثر تحريماً في الزوجة، فلا تجب بها كفارة الظهار كاليمين بالله تعالى ( ابن قدامة،1997). القول الثاني: أنه يلزمه كفارة مستقلة بكل لفظة ظهار إن لم يكن قد نوى من تكرارها التأكيد، وهو قول الحنفية والمذهب عند الشافعية  (السرخسي، 1993؛ النووي، د.ت). الراجح والله أعلم تداخل الكفارة وإن تعدد الظهار على امرأة واحدة، لأنه يلزمه في حال تكراره للظهار من امراة عود واحد ، وهو سبب وجوب الكفارة، ولم يتكرر العود، فوجب ألا تتكر الكفارة كذلك.
  • الفرع الثالث: التداخل في كفارة القتل
تجب كفارة القتل في حال كون القتل خطأ بالاتفاق لقوله تعالى:} وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا{ (القرآن الكريم، النساء: 92). وكذلك تجب عند القائلين بالقتل شبه العمد، وفي القتل العمد عند الشافعية خاصة، ورواية عند الحنابلة (ابن رشد، 1975؛ ابن قدامة، 1997؛ السرخسي، 1993؛ النووي، د.ت). ولا تخلو صور اجتماع أكثر من كفارة في القتل من صورتين: الصورة الأولى: إذا تعدد المقتول والقاتل واحد؛ لا خلاف بين أهل العلم في أنه إذا تعدد المقتول وكان القاتل واحداً في وجوب تعدد الكفارة في حقه، ويلزمه عن كل قتيل كفارة، سواء أوقع القتل في وقت واحد، أم في اوقات متفرقة؛ لأن الله تعالى قد رتب على من قتل خطأ دية مسلمة إلى أهله، فكلما تكرر القتل الخطأ تكررت الكفارة؛ لأنه الأصل، ولا يصرف عن الأصل إلا بدليل(ابن رشد،1975؛ ابن قدامة،1997؛ السرخسي،1993؛ النووي، د.ت). الصورة الثانية: إذا تعدد القاتل، وكان المقتول واحداً؛ وذلك في حال قتل جماعة من الناس رجلاً واحداً: وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن كفارة القتل لا تتداخل، ويجب على كل من جني أن يخرج كفارة مستقلة عن الآخر؛ لأن الكفارة لا تتبعض، وقياساً على تكرر القتل مع تكرر القصاص، بجامع أن كلا منهما حق مالي يتعلق به القتل. إلا ما روي من وجه ضعيف عند الشافعية ، ورواية للحنابلة أن الكفارة تتداخل، فيكفي كفارة واحدة(ابن رشد، 1975؛ ابن قدامة، 1997؛ السرخسي، 1993؛ النووي، د.ت). والراجح والله أعلم عدم التداخل؛ لأن الكفارة متعلقة بالفعل، والدية متعلقة بالعوض، والمتعلق بالفعل يتكرر بعدد الفاعلين، في حين أن المتعلق بالعوض يرتبط بالمفعول به.
  • الفرع الرابع: التداخل في كفارة ارتكاب محظور في الحج.
أو كما يعبر عنها بفدية الحج، والمتمثلة بالجزاء الذي يجب من جراء ارتكاب المُحرم شيئاً من محظورات الإحرام، والكفارة الواجبة بارتكاب المحظورات تختلف من محظور لآخر(النووي، د.ت)، وهذه المحظورات يمكن تقسيمها بحسب الكفارة إلى قسمين:
  • القسم الأول: كفارة قتل الصيد
ذهب الفقهاء إلى أن المحرم إذا قتل صيدأ فإنه يلزمه كفارة قتل الصيد وهي إحدى ثلاث؛ بين ذبح مثله والتصدق به على الفقراء والمساكين، وبين أن يقوّم الصيد ويشترى بقيمته طعاماً يوزع كذلك على المساكين، على خلاف عند الفقهاء بين المد والمدان، أو الصيام عن إطعام كل مدٍ يوماً (ابن قدامة، 1997)، والأصل في ذلك قال تعالى: }يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ{ (القرآن الكريم، المائدة: 95). فإذا قتل المحرم الصيد مرة بعد مرة ولم يكفر عن الأول فتجب عليه الكفارة كلما قتل، ولا تداخل في جزاء الصيد، وهو قول عامة الفقهاء(ابن رشد، 1975)، قال القرطبي (2003):” فالنهي دائم مستمر عليه ما دام محرما فمتى قتله فالجزاء لأجل ذلك لازم له” (ص.308). أما إذا قتل الصيد في الحرم وهو محرم، ففي هذه الحالة ترتب عليه جزاء واحد، وتداخلت الحرمتان في حقه، حرمة الحرم، وحرمة الإحرام؛ لأنهما من جنس واحد؛ لأن حرمة الإحرام أقوى من حرم الحرم، فاندرجت حرمة الحرم في حرمة الإحرام (ابن رشد، 1975؛ ابن قدامة،1997؛ ابن نجيم، 1999).
  • القسم الثاني: كفارة سائر المحظورات عدا الصيد
قد يرتكب المحرم محظورات أخرى حاله احرامه غير الصيد، وذلك كمن حلق شعره، أو قلم أظافره، أو تطيب، أو غطى رأسه، أو لبس المخيط، وهذه المحظورات يطلق عليها الفقهاء ” بمحظورات الترفُه”(النووي، د.ت). فإن فعلها بعذر فتعد فديه في حقه، وإن فعلها متعمداً فتسمى كفارة في حقه؛ “فعادة ما تكون الكفارة تالية لوقوع التصرف الممنوع، بخلاف الفدية فهي شرعت مقابل الإعفاء عن مطلوب شرعاً بحيث يُقبِل المكلف على البدل وفق إذن مسبق من الشارع، ليكون الفعل مشروعاً من أساسه” ( الشامي، 2018، ص.18). ومن ارتكب محظوراً من محظورات الترفه بعذر أو بقصد فإنه يلزمه فدية أو كفارة، فيخير بين: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاه، والأصل في ذلك قوله تعالى: }لَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ{ (القرآن الكريم، البقرة: 196). عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لِي، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: “أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟” قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:” فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً” (مسلم، د.ت.، ص.859) ولا تخلو صور تداخل الكفارة في محظورات الترفه من صورتين: الصورة الأولى: أن تكون المحظورات المتكررة كلها من جنس واحد؛ كأن تطيب مرة بعد مرة، أو قص أظافره مرة بعد مرة، ولم يكفر على الأول، ففي هذه الحالة ذهب الفقهاء في الجملة على أن الكفارة تتداخل، ويلزمه كفارة واحدة إن اتحد المجلس؛ لأن المحظورات من جنس واحد، ولأن الله تعالى عندما أوجب في حلق الرأس فدية واحدة لم يفرق بين ما وقع دفعة واحدة أو في دفعات، ولأن الكفارات كالحدود شرعت للزجر، فوجب أن تتداخل كالحدود (ابن رشد، 1975؛ ابن قدامة، 1997؛ السرخسي، 1993؛ النووي، د.ت). الصورة الثانية: أن تكون المحظورات المتكررة من أجناس مختلفة؛ كأن يتطيب ويلبس المخيط ويحلق، فإذا فعل ذلك فإنه يلزمه تعدد الكفارات بتعدد ارتكاب المحظورات عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، على خلاف بينهم في بعض التفاصيل، وقد بنوا قولهم بالتعدد على أن تعدد أجناس المحظورات هو بمنزلة اجتماع حدود مختلفة في الجنس. أما المالكية فذهبوا إلى التداخل في الكفارات من باب الرفق والتيسير على الحاج(ابن رشد، 1975؛ ابن قدامة، 1997؛ السرخسي، 1993؛ النووي، د.ت). والراجح والله أعلم هو تعدد الكفارة بتعدد المحظورات لاسيما مع اختلاف الأجناس؛ وذلك درءا لمفسدة الإستهانة بحرمة الإحرام.
  • الفرع الخامس: التداخل في الأيمان
ذهب الفقهاء إلى أن كفارة اليمين لا تجب إلا بالجنث في اليمين، أي ينقضه وعدم الوفاء بما حلف، وهذه الكفارة هي على أربعة خصال؛ إطعان عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، أو صيام ثلاثة أيام، والأصل في ذلك قوله تعالى }لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ  ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ{ (القرآن الكريم، المائدة:89). وهذه الخصال فيها تخيير وترتيب، فالتخير يكون بين الخصال الثلاث الأولى، حيث يخير بين أن يطعم عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة. أما الترتيب فيكون بين الخصال الثلاث وبين الصيام، أي من لم يجد أحد الخصال الثلاث انتقل الى صيام ثلاثة أيام (ابن قدامة، 1997؛ السرخسي، 1993). ولا تخلو صور تداخل الأيمان من أربع صور: الصورة الأولى: أن يحلف يميناً واحداً على أجناس مختلفة؛ بأن قال: والله لا شربت، ولا أكلت؛ فاليمين واحد ” الله” والمحلوف متعدد ” لا شربت، ولا أكلت”، وفي هذه الحاله فإن عليه كفارة واحدة، ولا تتكرر في حقه، وهذا قول جمهور الفقهاء، قال ابن قدامة (1997): “إذا حلف يمينا واحدة على أجناس مختلفة، فقال: والله لا أكلت، ولا شربت، ولا لبست. فحنث في الجميع، فكفارة واحدة. لا أعلم فيه خلافا؛ لأن اليمين واحدة، والحنث واحد، فإنه بفعل واحد من المحلوف عليه يحنث، وتنحل اليمين” (ص.474). الصورة الثانية: تكرار اليمين الواحد على أشياء مختلفة؛ وذلك بأن يكرر اليمين بلفظ واحد ويكون المحلوف عليه متعدد؛ كأن يقول: والله لا أدخل دار محمد، والله لا أسمع لعلي، والله لا أكلم زيد، قال ابن قدامة (1997): وإن حلف أيمانا على أجناس، فقال: والله لا أكلت، والله لا شربت، والله لا لبست. فحنث في واحدة منها، فعليه كفارة، فإن أخرجها ثم حنث في يمين أخرى، لزمته كفارة أخرى. لا نعلم في هذا أيضا خلافا؛ لأن الحنث في الثانية تجب به الكفارة بعد أن كفر عن الأولى، فأشبه ما لو وطئ في رمضان فكفر، ثم وطئ مرة أخرى. (ص.474) أما إن حنث فيها كلها ولم يكفر، ثم أراد التكفير، فهل تكفيه كفارة واحدة، أم يجب عليه لكل يمين كفارة مستقلة؟ هنا اختلف الفقهاء في هذه الصورة على قولين:
  • القول الأول: يلزمه كفارة واحدة عن كل الأيمان التي حنث فيها؛ لتداخل كفارة اليمين بعد الحنث، وهو قول أحمد، ومحمد بن الحسن من الحنفية، (ابن عابدين، 1992؛ ابن قدامة، 1997). ” لأنها كفارات من جنس، فتداخلت، كالحدود من جنس، وإن اختلفت محالها، بأن يسرق من جماعة، أو يزني بنساء” (ابن قدامة، 1997، ص474).
  • القول الثاني: يلزمه كفارة لكل يمين حنث به، لعدم تداخل الكفارات، وهذا مذهب الجمهور (ابن رشد، 1975؛ ابن عابدين، 1992؛ ابن قدامة، 1997؛ النووي، د.ت)؛ لأنها أيمان مختلفة لأفعال متغايرة، ولكل منها سبب، فيتكرر الحكم بتكرره؛ لأن كل يمين مستقل بنفسه، فيتطب كفارة خاصة به، فالحنث في أحدها لايعتبر حنثاً في الآخر، فيكون لكل يمين كفارة (ابن عابدين، 1992؛ ابن قدامة، 1997).
الصورة الثالثة: تكرار اليمين الواحد على شيء واحد؛ كأن يقول: والله لا أدخل دار محمد، والله لا أدخل دار محمد، والله لا أدخل دار محمد. ثم حنث فيها، وأراد أن يكفر، فهل تكفيه كفارة واحدة عن الجميع؟ للفقهاء في ذلك أربعة أقول:
  • القول الأول: ليس عليه إلا كفارة واحدة، وهو الصحيح في مذهب الشافعية، وقول للإمام مالك، والمذهب عند الحنابلة، وهو مروي عن ابن عمر، والأوزاعي، وعكرمة، والنخعي وغيرهم (ابن قدامة،1997؛ مالك المدني،1994؛ النووي،1991)
  • القول الثاني:عليه بكل يمين كفارة، سواء أكان ذلك في مجلس واحد، أو في مجالس متفرقة، وهو قول الحنفية، ووجه عند الشافعية ( الكاساني،1986؛ النووي،1991).
  • القول الثالث: ينظر الى المجلس؛ فإن كانت الأيمان في مجلس واحد فعليه كفارة واحدة، وإن كانت في مجالس فعليه بكل يمين كفارة، وهذا قول عمرو بن دينار (ابن قدامة، 1997).
  • القول الرابع: ينظر إلى نية الحالف ؛ فإن كان قصدته في التكرار هو التأكيد فعليه كفارة واحدة، أما إن كان قصده الإستئناف فعليه بكل يمين كفارة، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، ورواية عند المالكية، ووجه للشافعية (ابن رشد، 1975؛ ابن عابدين، 1992؛ النووي، 1991).
يقول ابن رشد (1975): “وسبب اختلافهم هل الموجب للتعدد هو تعدد الأيمان بالجنس أو بالعدد؟ فمن قال: اختلافها بالعدد قال: لكل يمين كفارة إذا كرر. ومن قال اختلافها بالجنس قال: في هذه المسألة يمين واحدة” (ص.182). الصورة الرابعة: تكرار أيمان متعددة على شيء واحد؛ وذلك بأن يحلف أيماناً يتعدد فيها المحلوف به، ويتحدف فيها المحلوف عليه مع تكرره، كأن يقول: والله لا أدخل دار علي، ورب العالمين لا أدخل دار علي، والذي رفع السماء بلا عمد لا أدخل دار علي، ثم حنث فيها، هل تكفيه كفارة واحدة عن الجميع؟ فللفقهاء في ذلك قولين:
  • القول الأول: يلزمه كفارة واحدة؛ لتداخل كفارة اليمين بعد الحنث، وهو قول المالكية الحنابلة، (ابن رشد، 1975؛ ابن قدامة، 1997).
  • القول الثاني: يلزمه كفارة لكل يمين حنث به، لعدم تداخل الكفارات، وهذا مذهب الحنفية والمالكية(ابن رشد، 1975؛ ابن عابدين)
يقول ابن رشد (1975): والسبب في اختلافهم: هل مراعاة الواحدة أو الكثرة في اليمين هو راجع إلى صيغة القول، أو إلى تعدد الأشياء التي يشتمل عليها القول الذي مخرجه مخرج يمين؟ فمن اعتبر الصيغة قال: كفارة واحدة. ومن اعتبر عدد ما تضمنته صيغة القول من الأشياء التي يمكن أن يقسم بكل واحد منها على انفراده، قال: الكفارة متعددة بتعددها. (ص.183) والراجح والله أعلم في صور تداخل الأيمان أن الكفارات تتداخل في معظم الصور إلا صورة واحدة وهي الصورة الثانية والتي تتمثل في تكرار اليمين الواحد على أشياء مختلفة؛ وذلك بأن يكرر اليمين بلفظ واحد ويكون المحلوف عليه متعدد؛ كأن يقول: والله لا أدخل دار محمد، والله لا أسمع لعلي، والله لا أكلم زيد؛ لأنها بمنزلة الأيمان مختلفة الكفارة، وذلك كمن حلف بالطلاق، وحلف بالنذر، فلا تداخل في الكفارة فيهما. يقول منصور (1998): أن التداخل في كفارة الأيمان يكون في الحالات التالية:
  • إذا كانت اليمين واحدة، والمحلوف عليه أشياء متعددة ] والله لا شربت، ولا أكلت[.
  • إذا تكرر اليمين مع اتحاد المحلوف به، والمحلوف عليه ] والله لا شربت، والله لا شربت .[
  • إذا تكرر اليمين مع اتحاد المحلوف عليه، واختلاف المحلوف به] والله لا شربت، ورب العالمين لا شربت .[
وعليه: فإن الأصل أن يترتب على كل يمين كفارة مستقلة، إذا وجد سببها، وهو الحنث، ولكنه عند اتحاد مقصود اليمينين… ترتب عليه أثر واحد، وهو تداخل في كفارة الأيمان، حيث اكتفينا بكفارة واحدة عند الحنث فيهما. (ص.203)   الخاتمة الحمدلله الذي بنعمه تتم الطالحات، وأشكره على ماانعم به من التوفيق، وبعد: في ختام هذه الدراسة لقاعدة تداخل الكفارات مع بيان صورها من خلال التطبيقات الفقهية، يمكن تسجيل أهم النتائج والتوصيات التي تم التوصل إليها على النحو التالي:
  • النتائج:
  • حرصت الشريعة الإسلامية على ايجاد ما يمحو عن العباد خطاياهم وسيئاتهم، فشرعت الكفارات، وبينت أهميتها وفضلها، وجعلتها واجبة ومأمور بأدائها عند ارتكاب ذنوب معينة، كمن جامع في نهار رمضان، أو ظاهر من زوجته، أو حلف على أمر وحنث به، أو قتل نفساً خطأ، أو ارتكب محظور من محظورات الإحرام.
  • إن مفهوم التداخل له صلة وثيقة بمقاصد الشريعة، بما يساهم في تحقيقها وتنميتها والمحافظة عليها، ومحله عند الجمهور هو الأسباب، أما عند الحنفية؛ فمحله في العبادات؛ الأسباب، وفي العقوبات؛ الأحكام، وأما أسبابه فكثيرة منها النصوص الشرعية، واتحاد المجلس، واتحاد السبب، واتحاد الجنس، والعذر الذي يلحق بتركه مشقة بالغة بالمكلف، والضرورة.
  • إن قاعدة الكفارات إذا اجتمعت تداخلت من القواعد المختلف فيها بين الفقهاءs، ومن قال بها هم الحنفية ووجه للحنابلة، وقد ذكرها الفقهاء بصيغ متعددة منها؛ الكفارات تتداخل، الكفارات زواجر فتتداخل، ومن كرر محظورا من جنس ولم يكفر عن الأول فكفارة واحدة، وهي لاتفهم على عمومها، بل التداخل الذي يقصده الفقهاء هو حال اتحاد الجنس بين المحظور الأول والثاني، ويكون قبل الاداء لا بعده، مع توافر الأسباب الأخرى الداعية للتداخل.
  • يقع التداخل في كفارة المجامع في نهار رمضان ويلزم المجامع كفارة واحدة في صورتين:
الصورة الأولى: إذا جامع مراراً في يوم واحد قبل أن يكفر عن الجماع الأول. الصورة الثانية: إذا جامع مراراً في يوم واحد بعد أن يكفر عن الجماع الأول.
  • يقع التداخل في كفارة الظهار ويلزم المظاهر كفارة واحدة في صورتين:
الصورة الأولى: إذا كرر الظهار، وكان المظاهر منهن أكثر من زوجة، واتحد لفظ الظهار. الصورة الثانية: إذا كرر الظهار، وكان المظاهر منها زوجة واحدة، وتعدد لفظ الظهار.
  • يقع التداخل في فدية الحج بحيث يلزم المخالف كفارة واحدة في صورتين:
الصورة الأولى: إذا قتل المحرم صيداً في الحرم، فإن حرمة الحرم تتداخل مع حرمة الإحرام. الصورة الثانية: إذا ارتكب المحرم محظور من محظورات الترفه وكانت من جنس واحد ومتحدة المجلس، أو تقارب وقت فعلها.
  • يقع التداخل في الأيمان ويلزم الحانث كفارة واحدة في ثلاث صور:
الصورة الأولى: إذا تكرر اليمين الواحد، والمحلوف عليه أشياء متعددة؛ كأن يقول: والله لا شربت، ولا أكلت. الصورة الثانية:إذا تكرر اليمين الواحد، والمحلوف عليه واحد؛ كأن يقول: والله لا شربت، والله لا شربت. الصورة الثالثة:إذا تكرر اليمين مع اتحاد المحلوف عليه، واختلاف المحلوف به؛ كأن يقول: والله لا شربت، ورب العالمين لا شربت.
  • التوصيات:
التركيز على دراسة القواعد الفقهية لاسيما الفرعية منها، فهي تساعد على استنباط الأحكام الفقهية من أقوال العلماء لأنها مصاغة بإسلوب علمي مختصر.  فهي لاتقل أهمية عن دراسة القواعد الأصولية في استنباط الأحكام الفقهية وتخريج الفروع عليها، وبقدر الأحاطة بها يكون قدر الفقيه. فهي تلم شتات الفروع المتناثرة في سلك واحد فيسهل على الفقيه والمريد للعلم استذكار ذلك بسهولة ويسر. المصادر والمراجع ابن رشد، محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الأندلسي. (1975). بداية المجتهد و نهاية المقتصد (ط.4، مج.1). مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ابن شاس، أبو محمد جلال الدين عبد الله بن نجم. (2003). عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة. دار الغرب الإسلامي. ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز. (1992). رد المحتار على الدر المختار (ط.2، مج.3). دار الفكر. ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي. (1980). الكافي في فقه أهل المدينة (ط.2). مكتبة الرياض الحديثة ابن عبد السلام، أبو محمد عز الدين عبد العزيز. (1991). قواعد الأحكام في مصالح الأنام (مج.1). مكتبة الكليات الأزهرية. ابن عثيمين، محمد بن صالح بن محمد. (1428ه). الشرح الممتع على زاد المستقنع (مج.13). دار ابن الجوزي. ابن قدامة، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد. (1997). المغني (ط.3، مج.4). عالم الكتب. ابن مازة، أبو المعالي برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز.(2004). المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه (مج.2). دار الكتب العلمية. ابن مرتضى، أحمد بن يحيى. (د.ت). البحر الزخار (د.ط، مج.5). دار الكتب العلمية. ابن مفلح، محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج.(2003). الفروع وتصحيح الفروع (مج.5). مؤسسة الرسالة. ابن منظور، محمد بن مكرم بن على. (1414ه). لسان العرب (ط.3، مج5). دار صادر. ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم بن محمد. (1999). الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان. دار الكتب العلمية اطفيش، محمد بن يوسف.(1989). شرح كتاب النيل وشفاء العليل (د.ط، مج.3). مكتبة الإرشاد. بدر الدين الزركشي، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر. (1985). المنثور في القواعد الفقهية (مج.3). وزارة الأوقاف الكويتية الحلي، جعفر بن الحسن.(1969). شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام (د.ط، مج.3). مطبعة الأداب. الزيلعي، عثمان بن علي بن محجن البارعي. (1313ه). تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ (مج.3). المطبعة الكبرى الأميرية. السرخسي، محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة.(1993). المبسوط (د.ط،مج.3). دار المعرفة. السعيدان، وليد بن راشد. (د.ت). تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية. الشامي، عبد الرقيب صالح محسن. (2018). الكفارات أحكام وضوابط. وزارة الأوقاف الكويتية. شمس الدين الزركشي، محمد بن عبد الله.(1993). شرح الزركشي على مختصر الخرقي (مج.2). دار العبيكان. عبد الرحمن المقدسي، عبد الرحمن بن محمد بن أحمد.(د.ت). الشرح الكبير على متن المقنع (د.ط، مج.11). دار الكتاب العربي. العز بن عبد السلام، عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقيّ.(1991). قواعد الأحكام في مصالح الأنام (مج.1). مكتبة الكليات الأزهرية. عودة، عبد القادر. (د.ت.). التشريع الجنائي الاسلامي مقارناً بالقانون الوضعي. دار الكتب العربي. القرافي، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي. (1994). الذخيرة (مج.1). دار الغرب الإسلامي. القرافي، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي. (د.ت). الفروق (د.ط، مج.2). عالم الكتب. القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح. (2003). الجامع لأحكام القرآن (د.ط، مج.6). دار عالم الكتب. الكاساني، علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد. (1986). بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (ط.2، مج.5). دار الكتب العلمية. مالك المدني، مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي. (1994). المدونة (مج.2). دار الكتب العلمية. مسلم، أبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. (د.ت.). صحيح مسلم (مج.2). دار إحياء التراث العربي. المطرزي، ناصر بن عبد السيد أبى المكارم ابن على. (1979). المغرب في ترتيب المعرب (مج.2). مكتبة أسامة بن زيد. المناوي، محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين. (1990). التوقيف على مهمات التعاريف. عالم الكتب 38 عبد الخالق ثروت. منصور، محمد خالد عبد العزيز.(1998). التداخل وأثره في الأحكام الفقهية. دار النفائس. النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف. (1991). روضة الطالبين وعمدة المفتين (ط.3، مج.6). المكتب الإسلامي. النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف. (د.ت.). المجموع شرح المهذب (د.ط. ، مج.6). دار الفكر.      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *