الدكتور/ فؤاد الصيد المغربي

المعهد العالي للعلوم والتقنيات الطبية القره بوللي – ليبيا

Foad.emg@gmail.com

00218913749450

الملخص

يهدف البحث إلى أبراز دور ثقافة الترويح  في استثمار أوقات الفراغ للاسرة ولقد تم تطبيق الدراسة على عينة البحث بالطريقة العشوائية من أسر تلاميذ المرحلة الثانية من التعليم الأساسي بإجمالي (120) أسرة من أسر مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية. وتوصل الباحث إلى أن ترتيب المهارات والأنشطة الترويحية التي تقوم بها الأسرة في وقت الفراغ كالاتي الأنشطة الترويحية الرياضية والخلوية في المرتبة الأولى، واالترويحية الاجتماعية في المرتبة الثانية، الترويحية الثقافية في المرتبة الثالثة، الترويحية الفنية في المرتبة الأخيرة. أفضل أماكن ممارسة الانشطة للأسرة كانت المنزل لعدم توافر الإمكانات لممارسة الأنشطة الترويحية ، أفضل أوقات تنوعت بين وقت الفراغ اليومي وأجازة آخر العام. القيم المكتسبة من ممارسة الانشطة الترويحية وقت الفراغ (الشجاعة، التحية، الأمانة) كقيم خلقية، (التعاون، الصداقة، حب الآخرين) كقيم اجتماعية، (النظافة، النظام، حب الجمال) كقيم جمالية. ويوصي الباحث حث طلاب المرحلة الثانوية على ممارسة الأنشطة الترويحية، توفير الإمكانات اللازمة لممارسة الأنشطة الثقافية والفنية والفنون اليدوية والهويات الخاصة، تفعيل دور الانشطة الترويحية لتعديل سلوك الطلاب.

الكلمات المفتاحبة: الترويح – وقت الفراغ- المهارات الاجتماعبة- الانشطة الترويحية

The role of the culture of recreation in dealing with the psychological problems of youth, an analytical study 1980-2010

Dr. Foaad Essied El Maghrabyi

Higher Institute of Medical Sciences and Technologies – Garabolli – Libya

Summary

The research aims to highlight the role of the culture of recreation in investing leisure time for the family. The study was applied to the research sample randomly from the families of students in the second stage of basic education with a total of (120) families from the families of the city of Mahalla al-Kubra in Gharbia Governorate. The researcher concluded that the order of the recreational skills and activities carried out by the family in their spare time are as follows: sports and cellular recreational activities in the first place, social recreation in the second place, cultural recreation in the third place, and artistic recreation in the last place. The best places for family activities were the home, due to the lack of possibilities to practice recreational activities. The best times varied between daily free time and vacation at the end of the year. Values acquired from leisure activities (courage, greeting, honesty) as moral values, (cooperation, friendship, love of others) as social values, (cleanliness, order, love of beauty) as aesthetic values. The researcher recommends urging secondary school students to practice recreational activities, providing the necessary capabilities to practice cultural and artistic activities, handicrafts and special identities, and activating the role of recreational activities to modify students’ behaviour.

Keywords: recreation – leisure time – social skills – recreational activities

مقدمه الدراسه:

إن تقدم المجتمعات لا تقاس بما تملكة من ثروات فحسب ، بل بما تملكة من عقول مفكرة وأيد ماهرة وطاقات متجددة ويمثل الشباب تلك الطاقات، فهو وسيلته لتحقيق أهدافه، والنجاح فى الكشف عن تلك الطاقات وإستثمارها وصقلها والحفاظ عليها من أهم ركائز التقدم والتطور .وتمثل المرحلة الثانوية خطورة كبيرة وذلك بما تملكه من طاقات بناءة أوهدامة والتى تتشكل تبعا لما يهيأ لها من مناخ أسرى وبيئى ومجتمعى . وقد أجمعت المراجع والدراسات السابقه على أن هذة المرحلة تعد من أهم وأخطر المراحل ، بل هى بداية ظهور المشكلات فى حياة الشباب .

ومن خلال البحث المنهجى لمقررات المرحلة الثانوية بمختلف أنواعها  ( العام ,والخاص ,صناعي, وتجاري ) يتضح لنا أن المدرسه قد أخذت على عاتقها تعليم أساسيات اللغات والعلوم الأكاديميه والتطبيقيه وذلك بالقدر الذى أصبحت به تلك العلوم عبئاً ثقيلاً على كاهل كل من الطالب، والأسرة ، والمدرسة ، بحيث أصبح من الصعب أن تمضى الأسرة يوماً خارج المنزل للتنزة أو لزيارة الأصدقاء أو لممارسة أى نوع من أنواع الرياضة ،وأيضاً على الطالب حيث أصبح مطالبأً بالحصول على أعلى الدرجات دون النظر إلى القدرات والمهارات التى يجب تنميتها ، مما وضعهم فى قوالب جامدة بعيدة كل البعد عن الإبتكار والإبداع  ، هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى فان  لعدم الوعى باهمية وقيمة وقت الفراغ دورا هاما فى فقد الاهتمام بالأنشطه الترويحيه ، الأمر الذي ادعى الى اصابة بعض الطلاب بالفتور والضيق ، نتيجة للإفتقار الى البرامج التى تستثير دوافع وحماس الطلاب كالحفلات والندوات واللقاءات والمسابقات والرحلات والمعسكرات ، مما ادى الى فقد التواصل بين الطالب والمعلم ، كما  كان لظهور الدروس الخصوصية على الساحة بسلبياتها المتعددة ، والتى افقدت المعلم للدور الذي يجب ان يقوم به ، كما افقدت الطالب للصفات التى يجب ان يتحلى بها داخل وخارج المدرسة .وكان نتيجة لذلك ان طاقات الشباب لم تجد القنوات الشرعية التى تعبر من خلالها ، فانطلقت بطريقة تتنافى مع عاداتنا ومبادئنا  وقيمنا ، قد يرجع ذلك ايضا إلى اننا لم نعود ابنائنا منذ الصغر على كيفيه  إستثمار أوقات الفراغ فى اكتساب العديد من الهوايات والمهارات والخبرات والقيم التى تساعد على تنمية الشخصية بشكل متكامل ، ومع تقدم  المرحلة السنية ووصول الطفل إلى المرحلة الثانوية تظهر لنا قوى بشرية معطلة ، غير موجهة ، بلا هدف أو خطة مستقبلية ، غير مدركة لأهمية وقيمة الوقت.

مشكلة الدراسة

تتضح مشكلة الدراسه فى جهل شبابنا بقيمة وأهميته الوقت وكيفية استثماره الأمر الذى أدى إلى فقد العديد من القيم التربوية التى يجب أن يتحلى بها شبابنا والتى أثرت سلبا على الفرد والمجتمع .وبهذا يمكننا أن نعتبر أن حسن استثمار وقت الفراغ فى أنشطة إيجابية هادفة، هي صمام الأمان الواقى من الشعور بالضجر والسأم والملل والذي يحافظ على التوازن بين الصحة الجسمانية والنفسية.

أهداف الدراسة

تهدف الدراسه الى التعرف على:

1- مفهوم وحجم وقت الفراغ واهميتة لدى طلاب المرحلة الثانوية (العام,الخاص ,الصناعي ,تجاري).

  • الانشطة الترويحية التى يمارسها طلاب المرحلة الثانوية فى أوقات الفراغ ( العام، الخاص , الصناعى ,التجارى).

4- العلاقة بين وقت الفراغ ومؤشرات السلوك لطلاب المرحلة الثانوية ” قيد البحث”.

 فروض الدراسة:

1-   يختلف مفهوم وحجم وقت الفراغ واهميتة لدى طلاب المرحلة الثانوية ( العام,الخاص , الصناعى , التجارى).

2-   تختلف  الانشطة الترويحية التى يمارسها طلاب المرحلة الثانوية فى أوقات الفراغ (العام, الخاص , الصناعى , التجارى).

  • هناك علاقة بين وقت الفراغ ومؤشرات السلوك لطلاب المرحلة الثانوية ” قيد البحث”.

منهج الدراسة:

تم استخدام المنهج الوصفى المسحى ، من 2/11/2019 إلى 10/12/2019 واختارت العينة بالطريقة الطبقية العشوائية من بين طلاب الصفين الثانى والثالث للمرحلة الثانوية بليبيا بأنواعها ” عام – خاص- صناعى – تجارى ” بحجم عينة  837 طالباً ، حيث مثلت كل مرحله كما يلى :- المجموعة الأولى:-

مدارس الثانوي العام حيث مثلت بعدد 231 طالب .المجموعة الثانية مدارس الثانوي الخاص حيث مثلت بعدد 192 طالب . المجموعة الثالثة مدارس الثانوي الصناعي حيث مثلت بعدد 227 طالب .المجموعة الرابعة  مدارس الثانوي التجاري حيث  مثلت بعدد 187 طالب، ومن ثم تما تصميم استبيان يستند إلى النظرياتالاجتماعية و الاقتصادية والدراسات العلمية المنشورة، واستخدام في تحليله الطرق وإلاختبارات التحليل القياسي المناسبة الوسط الحسابى. الانحراف المعيارى. معامل الارتباط. النسب المئوية. القيم التقديرية مربع كا.

الدراسات السابقة :

دراسة إيمان عبد العزيز عبد الوهاب بعنوان وقت الفراغ مشكلاته في المجتمع وكانت النتائج أن وقت الفراغ يعتبر هو التحدي الذي يواجه أي مجتمع، حيث أن سياسة وقت الفراغ تعتمد على مبدأ إنساني يطمح إلى تحويل وقت الفراغ إلى وقت ممارسة الأنشطة التي تتناسب مع قيم ومعتقدات وعمر وجنس الفرد، حيث أن لوقت الفراغ أهمية خاصة في هذا المجتمع المتغير ومصدر هذه الأهمية تتمثل في الوظيفة الاجتماعية الحيوية التي يتوقع أن يؤديها وقت الفراغ في تحديد الخطوط التي توجه السلوك الإنساني للغايات المعقولة في عصر كادت الحياة الإنسانية تفقد معناها ومغزاها الاجتماعي.

دراسة  وتهاني عبد السلام (2001) بعنوان وقت الفراغ ومشكلاته وكيفية استثماره أن وقت الفراغ لا يمثل شيئاً عارضاً في حياتنا وإنما جزء متكامل من الحياة الإنسانية والاجتماعية لإنسان هذا العصر في مجتمع متغير حيث يتأثر الإنسان ببعض العوامل التي تتبلور من خلال شخصيته والتي قد تؤثر بالإيجاب أو السلب على اتجاهاته وأنماط سلوكه في حياته اليومية ومن أهمها وقت الفراغ، لذا اهتمت المؤسسات المختلفة السياسية، والتربوية، والاجتماعية، والدينية.

دراسة كمال السمنودي (2003) نقلاً عن رابطة العالم للفراغ والترويح World Leisure and Recreation Association بضرورة وضع ميثاق للفراغ والترويح، ولقد أوضحت تلك الرابطة أن طريقة استخدام وقت الفراغ تمثل أهمية عظمى في حياة الإنسان، حيث يعد وقت الفراغ هو الوقت المتبقي للفرد بعد انتهائه من أعماله ومسئولياته، والذي يكون للفرد فيه حرية استخدامه.

دراسة محمد علي (1985) أن مع ازدياد معدلات وقت الفراغ يتزايد القلق حول كيفية استخدامه، ويصبح خطراً عندما لا يدرك الأفراد كيف يستخدمونه، فوقت الفراغ إذا لم نحسن تنظيمه واستثماره يوفر مناخاً مناسباً لممارسات سلبية خاطئة، فالفراغ في أي شكل من أشكاله إذا لم يوجه نحو عمل نافع يصبح مدعاة للفساد، ومن وجهة نظر علماء الاجتماع وعلماء التربية أصبح وقت الفراغ مشكلة تتطلب المواجهة بأسلوب وخطة عملية متكاملة، حتى يتمكن كل مجتمع من الاستقرار واستثمار هذا الوقت بصورة بناءه وتجنب العواقب الوخيمة التي قد تحدث من عدم استغلال هذا الوقت في الأنشطة التي تعود على الأفراد بالنفـع.

دراسة محمد الحماحمي وعايدة عبد العزيز (1998) أن وقت الفراغ أصبح في القرن المعاصر يرتبط بحرية استخدام الفرد لهذا الوقت ، وأن هناك ثلاث طرق أساسية لتعريف وقت الفراغ فالطريقة الأولى تتناول الأربع والعشرين ساعة التي تكون مجمل اليوم مخصوماً منها الفترات غير المخصصة لوقت الفراغ كوقت تناول الوجبات الغذائية والعمل وإشباع الحاجات الفسيولوجية والنوم، والطريقة الثانية تعني اندماج الفرد في القيام بعمل معين وقف طبيعة نشاطه وحيويته، ومن ثم فإن هذه الطريقة تركز على أن تكون الأهمية للكيف وليس للكم، والطريقة الثالثة تجمع بين الطريقتين السابقتين “الفائض والأهمية النسبية” ومن هنا يمكن تعريف وقت الفراغ بأنه عدد من المناشط التي ينغمس فيها الفرد بمحض إرادته أما للراحلة أو التسلية أو زيادة معلوماته أو تحسين مهاراته أو زيادة مشاركته في الوسط المحيط وذلك بعد استيفاء واجباته الوظيفية والأسرية والاجتماعية.

دراسة كامل عمران (1995) أن لكل شخص حق في الراحة وأوقات الفراغ، ويرتبط وقت الفراغ واستثماره بالبناء الاجتماعي السائد، وبمستوى التقدم الحضاري، ودرجة تعقد النظم الاجتماعية وتقنياتها، كما يعتمد وقت الفراغ على العلاقات الاجتماعية ويخضع للقوانين التي يفرضها المجتمع، لذا تختلف أنشطة وقت الفراغ باختلاف الثقافات والمجتمعات بل تختلف باختلاف الأفراد والجماعات في المجتمع الواحد، وقد يرجع ذلك إلى تباين واختلاف القيم والاتجاهات والأنماط السلوكية والاجتماعية السائدة في المجتمع.

دراسة إسماعيل غولي ومروان إبراهيم (2001) أن أنشطة وقت الفراغ تشكل جزءاً أساسياً من واقعنا الثقافي والاجتماعي والتربوي، وتعكس جانباً هاماً من حياتنا وينعكس من خلال ممارستها الترابط الثقافي والاجتماعي الذي يعطي طابعاً مميزاً للحياة داخل هذا المجتمع.

دراسة دونالد ويسكوف Donald Weiskoph (1975) أن الترويح هو “الخبرة التي يكتسبها الشخص عن رضا حيث يحصل على الارتياح المباشر أو الفردي وأن القصد الأساسي من فكرة الترويح هي تجديد طاقات الفرد حتى يعود الفرد لعمله نشيطاً ومبتكراً”.

دراسة بوث روزيل Puth Russel (1982) أن “الترويح في الأساس ظاهرة شخصية ولكن يجب أن نفهم أن الترويح هو عنصر مهم في حياتنا الاجتماعية، كما أنه مجال هام لاقتصادنا المعاصر”.

دراسة رومني Rommey (1998) الترويح على أنه نشاط ومشاعر ورد فعل عاطفي وسلوك وطريقة لتفهم الحياة، وهو تلك الأوجه من النشاط أو الخبرات التي تنتج عن وقت الفراغ والتي يتم اختيارها وفقاً لإرادة الفرد وذلك بغرض تحقيق السرور والمتعة لذاته واكتساب العديد من القيم الشخصية والاجتماعية.

دراسة دونالد ويسكوف Donald Weiskoph (1975) أن الترويح هو “الخبرة التي يكتسبها الشخص عن رضا حيث يحصل على الارتياح المباشر أو الفردي وأن القصد الأساسي من فكرة الترويح هي تجديد طاقات الفرد حتى يعود الفرد لعمله نشيطاً ومبتكراً”.

دراسة بوث روزيل Puth Russel (1982) أن “الترويح في الأساس ظاهرة شخصية ولكن يجب أن نفهم أن الترويح هو عنصر مهم في حياتنا الاجتماعية، كما أنه مجال هام لاقتصادنا المعاصر”.

دراسة خليفة بهبهاني (2004) أن الترويح يرتبط بالدافعية إذ يقترن بميول واتجاهات وحاجات الأفراد والجماعات، كما أنه يتصل بالهوايات، ومن ثم يتضح دور المؤسسات التعليمية وكذلك الأسرة في تعليم أبنائها للمهارات والهوايات وتنمية مواهبهم، كما يتضح دور وسائل الاتصال في ترسيخ مفهوم الترويح لدى أفراد المجتمع ودفعهم نحو ممارسة المناشط الترويحية من خلال تقديم البرامج المسموعة والمرئية والمقروءة التي توضح مفهوم الترويح وتنمي ثقافتهم، من خلال إسهام تلك البرامج في تعلم الأفراد للمهارات والهوايات.

دراسة Maslow (1990) أن الترويح يسهم في إشباع حاجات الفرد وتتحدد هذه الحاجات في خمس مستويات تتمثل في الحاجات الفسيولوجية والأمنية والاجتماعية وتقدير وتحقيق الذات.

دراسة دونالد Donald (1975) أن الترويح يتضمن صفات أساسية وهي أن اختيار النشاط الترويحي يكون عن رضا، ويحدث أثناء وقت الفراغ إلى جانب أنه يمد الإنسان بالمتعة والتجدد في اختيار خطواته.

دراسة حسين رشوان (2005) أن الترويح له وظائف وأهداف أساسية في حياة الإنسان، أهمها الإعداد للحياة المستقبلية ونفسياً، وتحقيق التوازن بين قوى الفرد المختلفة، والتنفيس عن بعض الغرائز، ومن الأنظمة الترويحية ما يهدف إلى تنظيم أوقات الفراغ والاستفادة منها في النهوض بالشباب من النواحي الجسمية والعقلية والروحية، ومنها ما يهدف إلى إيقاظ الوعي الاجتماعي وتنشيطه، فعن طريق ممارسات الفرد لنشاط الترويحي يشعر بالحاجة إلى التعاون مع الغير، ويتعود على الخضوع للقانون وطاعة الرؤساء وإيثار المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، والتضحية في سبيل الجماعة التي ينتمي إليها.

الجانب النظري:

عرف الإنسان وقت الفراغ في جميع العصور، وفي ظل مختلف الحضارات، فقد نشأ وقت الفراغ منذ بداية الإنسان البدائي، ولم يعتبر أي عصر من العصور بحق الأفراد على اختلاف طبقاتهم بالتمتع بوقت فراغهم مثلما اعترف به العصر الحديث، وذلك نظراً لعدم ظهور فلسفة وقت الفراغ إلا في القرن العشرين في عصر الثورة العلمية والتكنولوجية، ولقد أصبح التحدي الذي يواجه كل مجتمع هو كيفية الاستثمار في وقت الفراغ، فلقد أصبح الإنسان يعيش في عصر يحكم أن يطلق عليه عصر وقت الفراغ. ولقد أكد جورج سول George Soule على ذلك بقوله “لأول مرة في تاريخ الإنسان نجد عائقاًعلى الطريق لا يتمثل في الحضارة ذاتها ولكن في حضارة تتميز بوقت فراغ غير عادي”.

وتعبير وقت الفراغ مشتق من الأصل اللاتيني لكلمة Licere وهي تعني التحرر من قيود العمل ومن الارتباطات ويرتبط أيضاً بجدية استخدام الفرد لهذا الوقت بطرق متعددة ولا نهائية ولا يكون إجباري أو إلزامي. (   : 22)

ويصطلح وقت الفراغ باللغة الإنجليزية Leisure Time (   : 2) يعد مؤشراً قوياً لتغير النظرة إلى مفهومه واعتباره وقت الترويح واكتساب القيم والمهارات. (  : 25)

وقد أوضح كارل ولجوس Carle Willgoose أن وقت الفراغ يعني “حرية إتاحة الفرصة أو مناسبتها لفعل شيء” ويدون إعطاء الأهمية وإشباع الكافي لأنشطة وقت الفراغ يتميز العمل بالملل والرتابة”، وهذا ما أكدت عليه الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان (مادة 24) لكل شخص الحق في الراحة ووقت الفراغ، ويشمل ذلك تحديداً معقولاً لساعات العمل وعطلات دورية مدفوعة الأجر. (   : 325)

ولقد جاء في قاموس ويبستر Webster أن وقت الفراغ ليس مجرد الوقت الذي يتحرر فيه الإنسان من الأعمال الرسمية، ذلك لأن الوقت المتبقي من الأعمال الرسمية لا يمثل كله فراغاً لدى الإنسان، فالإنسان يشغل جزءاً كبيراً من هذا الوقت في إشباع الحاجات البيولوجية والفسيولوجية الضرورية للحياة كالنوم وتناول الطعام وغيره من أعمال الحاجات البيولوجية.. ومن ثم فإنه يعرف وقت الفراغ بأنه “ذلك الوقت الذي يتحرر فيه الإنسان من العمل والواجبات والخدمات المختلفة مضافاً لذلك وقت إشباع الحاجات البيولوجية”. (   : 1201)

وتعرفه تهاني عبد السلام محمد (2001) بأنه “ذلك الوقت الحر المتبقي من الأنشطة الضرورية كالعمل والنوم والأكل ويكون الإحساس والشعور بالمسئولية أدناه، ويعرف الفراغ بأنه كمية من الوقت، أي بما يتوافر ولا يعرف بكيفية قضائه”. (   : 122)

كما يشير محمد الحماحمي وعايدة عبد العزيز مصطفى (2006) أنه يتفق مع كل من سيبستان Sebastian، وهانهارت Hanhart، ناش Nash مع ويبستر Webster في أن وقت الفراغ هو ذلك الوقت الباقي من الأربع والعشرين ساعة بعد تأدية العمل وإشباع الحاجات البيولوجية والفسيولوجية كالنوم والمأكل والمشرب والعناية بالصحة الشخصية، كما يذكر عن الحماحمي نقلاً عن هربرت ريد Harbart Red أن “وقت الفراغ هو ذلك الوقت الذي يدخره الفرد للراحة والتأمل والترويح، حيث يكون الإحساس والشعور فيه بالمسئولية في أدنى درجة ممكنة”. (   : 24)

ويرى الباحث أن وقت الفراغ هو ذلك الوقت المتبقي من الأربع والعشرين ساعة بعد قضاء الإنسان لأعماله الوظيفية وإشباعه لحاجاته البيولوجية والفسيولوجية، وترجع أهمية وقت الفراغ إلى أنه يعد وقت اكتساب المهارات والقيم والخبرات والميول، وكذلك تنمية الموهبة والابتكار والإبداع وتحقيق التوازن النفسي، كما أن استثمار وقت الفراغ إنما يعبر عن قدرة الفرد أو الجماعة أو المجتمع في التعبير عن الذات.

العوامل المؤثرة في شغل وقت الفراغ:

هناك العديد من العوامل الاجتماعية التي تؤثر على الاستعداد لخدمات وقت الفراغ هذه العوامل تشتمل على تغيرات الدراسات الإحصائية للسكان (من حيث المواليد، الوفيات، الصحة، الزواج وغيرها)، الأسرة، نوع العمل، القلق البيئي والاقتصادي، بالإضافة إلى القوانين، المسئولية الاجتماعية، والخدمات البشرية التي ركزت على التغيرات الهامة في هذا المجال. (   : 319)

ويذكر فورست ماكدويل Forrest Mcdwell أن وقت الفراغ يتأثر بالبيئة الاجتماعية والثقافية، كما أن وقت الفراغ مرتبط بالوقت، النشاط، الهدف، الأمنيات، الأحاسيس، المال، المنافسة، المكافآت وغيرها. (   : 71)

وقد أضاف مارتن نيوماير M. Neumeyer الموقع الجغرافي، العلاقة بين الإنسان والبيئة، الصحة الجسمية والعقلية، كثافة السكان، مدى التقدم العلمي والتكنولوجي والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، النظام السياسي والنظام التربوي في المجتمع . (   : 211)

ويشير محمد الحماحمي وعايدة عبد العزيز مصطفى (2006) نقلاً عن ماكس كابلن Max Kaplan “أن وقت الفراغ يعد عملية ديناميكية ترتكز على أربع مكونات رئيسية متداخلة تتمثل في المعنى، الوظيفة، الحالة أو الظروف، الاختبار.

فالمعنى يشير إلى مدى وضوح مفهوم وقت الفراغ لدى الأفراد ومدى إدراكهم لأهمية ممارسة مناشطه، وكذلك مدى إلمامهم بالبنية المعرفية المرتبطة بنظريات وفلسفة وقت الفراغ.

والوظيفة تتحدد في ضوء وضوح معنى ومفهوم وقت الفراغ لدى الأفراد، فمن خلال تفهم الأفراد لمعنى وقت الفراغ يتم إدراكهم للأهداف التي يمكن أن تنبثق ونتضح من المعنى، ومن ثم يمكن استنباط وظيفة وقت الفراغ، ويحدد دومازيدي Dumazedier الوظائف الرئيسية لوقت الفراغ وفقاً لما يلي: الاسترخاء، التسلية، تطوير الشخصية.

وبالنسبة إلى الحالة أو الظروف فهي حالة الأفراد وظروفهم أثناء وقت الفراغ فتباين الفروق الأسرية والعائلية، الخصائص النفسية للفرد، ونوع ودرجة التعليم وطبيعة وحجم العمل وإتقان الفرد للمهارات واهتمامه بالهوايات.

أما الاختيار فيرتبط اختيار الأنشطة الترويحية بحالة الأفراد وظروفهم، وبتأثر العديد من العوامل الخارجية كطبيعة البيئة الجغرافية والبيئة المناخية وظروف العمل. (   : 29)

أهمية وقت الفراغ:

يعتبر الاستثمار في وقت الفراغ من الأسباب الهامة التي تؤثر على تطوير ونمو الشخصية، كما يعتبر من المشاكل الهامة التي توليها المؤسسات والهيئات الاجتماعية القدر الكبير من العناية، فوقت الفراغ ضروري للراحة والاسترخاء من أعباء العمل اليومي، وأن حسن استثماره وتنظيمه بما يحتاج إليه الفرد يؤدي إلى الراحة النفسية وزيادة الإنتاج ويقضي على التعب والملل.

فالاستثمار الجيد لأوقات الفراغ يسهم في تنمية شخصية متكاملة فتلك الشخصية هي التي تتعدد اهتماماتهم وقدراتها، وتعرف كيف توازن بين متطلبات العمل، وبين الحاجة إلى الترويح، كما تستفيد من أوقات فراغها بما يعود عليها بالنفع من جميع النواحي. (  : 28)

ولقد ركزت العديد من الدراسات مثل أيزو أهولا Iso Ahola وكيلي Kelly، جودبي God Bey، هيل Hull، يي Yi على العلاقة الإيجابية بين وقت الفراغ والرضا الحياتي ووفقاً لكيلي Kelly فالرضا الحياتي يشتمل على التعبير عن الذات، الصحة، العلاقات الاجتماعية، الراحة والاسترخاء، الخبرات الطبيعية، مقابلة الأفراد الجدد والعلاقـات الأسريـة. (   : 10)

وقد تم الاهتمام بوقت الفراغ منذ القدم وذلك نظراً لأهميته فلقد روى الحاكم والبهقي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال “اغتنم خمساً” قبل خمس: حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك. (  : 132)

وتأكيداً على ما سبق ذكره فوقت الفراغ يقدم للإنسان ثلاثة وظائف هي:

  • الاسترخاء: حيث يمكن اعتباره فترة راحة لاستعادة القوة الحيوية والنشاط بعد انتهاء الأعباء اليومية.
  • التغيير وزيادة المعلومات: حيث تعد أنشطة وقت الفراغ علاجاً ناجحاً للملل وفرصة لتحديد الاهتمامات والمعلومات.
  • تنمية شخصية الفرد: حيث ينمي الفرد شخصيته في وقت الفراغ حيث يختار وبحرية ما ينمي به مختلف الجوانب السلوكية لشخصيته. ( : 81)

ولكن إذا لم يتم إعداد الفرد للاستثمار في وقت الفراغ بأسلوب جيد، فسوف يؤدي إلى الانحراف عن الطرق السوية التي تنهي عنها الشرائع والسنن، وبالتالي فسوف يتصف الفراغ بالخطورة ويعود بالأذى على الفرد والمجتمع. (   : 46)

في هذا السياق يجب ذكر مستويات المشاركة في أنشطة وقت الفراغ كما أوضحها نموذج التدرج الهرمي لناش Nash كما في الشكل التال

 

 

يوضح الرسم السابق مستويات المشاركة في أنشطة وقت الفراغ وهذا النموذج ينقسم إلى جزئين، جزء بناء (ويشمل الابتكاري، الإيجابي، العاطفي والسلبي) وجزء غير بناء (ويشتمل على إيذاء الفرد، وبالتالي إيذاء المجتمع لأن الفرد جزء من المجتمع، ولكي يتم استثمار وقت الفراغ استثمار إيجابي بناء ويقود تقدم وتطور المجتمع نحو المستقبل فلابد من ممارسة الأنشطة الترويحية أثناء وقت الفراغ التي تثري حياة الفرد وتقوم بتطوير شخصيته من جمعي الجوانب.

ويرى الباحث أن المجتمع يستفيد أكبر فائدة إذا أتاح لأفراده أن يجنوا فوائد إيجابية من وقت فراغهم، مما يؤدي إلى النهوض المستمر بالفرد والمجتمع، أما إذا اقتصر على منحهم أكبر قدر من وقت الفراغ دون أن يعد لهم الوسائل لحسن استثماره، فسوف يؤدي ذلك إلى انهيار المجتمع حيث تنتشر الجرائم وتتدهور الأخلاق.

ويجب هنا أن نفرق بين الترفيه والترويح والسياحة فمن مصطلحات الترفيه، اللعب، اللهو، والتسلية ووقت الفراغ وقد اختلف المتخصصون في تعريف تلك المصطلحات، ولأن أوجه الشبه متقاربة في الهدف منها عدا مصطلح وقت الفراغ الذي يعني الوقت الذي يفرغ منه الفرد من عمله وارتباطاته المهنية والوظيفية حيث عرف ذلك أرسطو وقت الفراغ بأنه حالة وجود يمارس فيه بنو الإنسان النشاطات لذاتها. (د. فريال الهاجري)

أما الفرق بين مفهوم الترويح والسياحة وأنهما يشتركان في إشغال وقت الفراغ أو جزء منه بالمتعة بعد العمل، وتعد مدة البقاء في المكان المقصود المعيار الرئيسي لتمييز بينهما، بحيث إذا زاد عن 24 ساعة عدت سياحة كما يمكن التمييز بين ظاهرتي السياحة والترويح وفقاً لمعايير أخرى، وهي الغرض من الرحلة، ووسيلة النقل المستخدمة، وطول المسافة بين محل الإقامة والمكان المقصود. (محمد خميس الزوكة 1998)

أما الترويح وشغل وقت الفراغ فإنه ينوع حسب مفهوم وعادات وتقاليد كل أمة، وقد حذر الدين الإسلامي من آفات وقت الفراغ، في حين أنها نعمة من النعم لو تم استغلالها بالطريقة الشرعية الصحيحة ولذا نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).

أما بالنسبة للمفهوم الإسلامي لوقت الفراغ من الناحية الحسية، فيمكن توزيعه إلى ثلاثة أنواع هي:

  • الفراغ العقلي: قال تعالى (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) (22) سورة الأنفال، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال (أصل الرجل عقله وحسبه، ومرؤة خلقه).
  • الفراغ القلبي: قال تعالى (ولكن حبب الله إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم) (75) سورة الحجرات، وقال صلى الله عليه وسلم (ألا أن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
  • الفراغ النفسي: قال تعالى (قد أفلح من زكاها – وقد خاب من دساها) (9، 10) سورة الشمس.

إن من الضروري الربط بين الحاضر والماضي، القديم والحديث، لأن لابد من إبراز الصور التاريخية الحية لأوجه ومفهوم الترفيه في حياة كل فرد من أفراد المجتمع المدني خاصة.

ولكون الترفيه المشروع أحد أهم الوسائل التي اهتم بها المجتمع الإسلامي، لذا كان لزاماً أن تتنوع هذه الوسائل، وتتعدد السبل من أجل إتاحة الفرصة للفرد لاختيار ما يناسب مع إمكانياته وقدراته، فيلبي النشاط رغباته وفن نظام اجتماعي، وتقاليد عريقة. ويعرف فيلن (1952) Veblen: بأنه ذلك الوقت الذي لا ينتج فيه الإنسان ويعتبر العمل غير منتج في حالتين: الأولى: عدم وجود عمل له قيمة. الثانية: خلو ذلك الوقت من العائد الذي يمنح القدرة على شراء مستلزمات الحياة. اما ويس Weis: يعرفه بأنه ذلك الجزء من اليوم الذي لا يستخدمه الإنسان في تدبير متطلبات الحياة.

أدوات قياس الوقت:

  • استمارة التسجيل الذاتي للوقت أو ما يسمى (ميزانية الوقت) -الاستبانة.

العوامل المؤثرة في كمية وقت الفراغ:

  • الجنس- السن- المهنة- الحالة الاجتماعية- المستوى الاقتصادي.

الاثار الايجابية لوقت الفراغ:

  • إشباع الحاجات الجسمية للفرد.
  • إشباع الحاجات الاجتماعية للفرد.
  • إشباع الحاجات العلمية والعقلية للفرد.
  • إشباع الحاجات الانفعالية للفرد.
  • تساعد أنشطة وقت الفراغ على التكيف والاستقرار.
  • قد تكون عاملاً مساعداً في رسم مهنة المستقبل.
  • تساعد على اكتشاف العديد من السجايا والأخلاق التي يحملها الفرد.
  • قد تكون منشطة للحركة الاقتصادية وذلك بجعلها موارد بشرية.
  • تساعد على إحداث مزيد من الترابط الأسري.
  • تؤدي إلى زيادة الإنتاجية إذا أحسن الإنسان استثمارها.

الآثار السلبية:

  • يرى الكثير من الباحثين أو وقت الفراغ عامل رئيسي في انحراف الأحداث.
  • يؤدي إلى حالة من الملل في حياة الفرد.
  • وجود وقت فراغ كبير غير مستغل يدفع بالمجتمع إلى وضع استهلاكي ضار بالمجتمع.
  • بعض الأنشطة الترويحية تؤدي إلى تغيرات اجتماعية ذات صبغة سالبة.

وفي ضوء ما سبق وعلاقته بأطفال الشوارع فإن الباحث يتبنى المستوى الخامس والسادس من مستويات المشاركة في أنشطة وقت الفراغ لما لهما من ارتباط كبير بأطفال الشوارع وأنهم نتيجة للظروف التي يتعرضون لها فإنهم يتورطون في العديد من الأفعال والتصرفات التي تلحق الأذى سواء كان هذا الأذى يعود على الفرد مثل تعاطي المخدرات ولعب الميسر وارتكاب أفعال غير تربوية، أو أن يعود الأذى على المجتمع من خلال المشاركة الضارة كارتكاب الجرائم والتطرف وأعمال العنف، ويتضح مما سبق أيضاً ضرورة الاهتمام بأنشطة وقت الفراغ الهادفة، بحيث يسهم في النمو المتكامل للفرد وإثراء شخصيته والارتقاء بها في كافة الجوانب البدنية والعقلية والوجدانية والاجتماعية.

أهم مشكلات وقت الفراغ:

أن غاية القيم الأخلاقية في عالم كعالمنا هذا هو توفير السعادة لغالبية البشر، يمتلك الإنسان سمات ترتفع عن بقية الكائنات التي تكيف حياتهم دوافع مرنة ولكن بسبب مرونة نزعاته وميوله، ومن المعلومات التي استوعبها من خلال قوة الإدراك والمفهوم الذي عمل الإنسان على تنميتها من الممكن للإنسان أن يضع لنفسه نظاماً وطريقة لمعيشته ويعتبر هذا النظام “أسلوب الحياة” ويجمع بين أسلوب حياة الفرد وحده وحياته في المجتمع. (  : 49)

ويذكر زينونج ودافيد كانميز Zenong & David (1999) أن هناك ارتباط بين ارتفاع نسبة جنوح المراهقين وبين المشاركة في أنشطة وقت الفراغ سوية والتي غالباً ما تمارس مع الأصدقاء، وتناقص المشاركة في أنشطة وقت الفراغ المنظمة. (  : 25)

في حين تشير إحسان الحسن (1986) أن النظرية الاجتماعية المعاصرة تهتم بمسألة الفراغ وكيفية استثماره وذلك لما لها من أهمية كبرى في تطوير الإنسان وزيادة طاقاته الإنتاجية ودفع عجلة المجتمع نحو التقدم والنهوض بحيث يستطيع تحقيق أهدافه وطموحاته، وتدرس هذه النظرية نشوء ونمو وتوزيع أوقات الفراغ للفئات والجماعات الاجتماعية والمهنية التي يتكون منها المجتمع، إضافة إلى اهتماماتها بمسائل تنظيم الفراغ وأهدافه ووسائله والظروف التي تساعد أبناء المجتمع على استثماره والاستفادة منه في سد الحاجات وانجاز الطموحات ولذلك لا يمكن اعتبار الفراغ في الوقت الحاضر من المسائل الثانوية الغير هامة.

وفي هذا الصدد يوضح كمال درويش ومحمد الحماحمي (1997) أن وسائل الإعلام لها دور هام جداً في توعية المجتمع وذلك بأن تعمل في نطاق اجتماعي، ويؤكد المهتمون بعلم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي أن التليفزيون يعمل في نطاق اجتماعي، ولذا فإنه منوط برسالة يؤديها نحو هذا النظام كتقديمه لهذه النوعية من الأفلام، ويؤكدون على أن التليفزيون في تصويره للعنف والانحراف عن المسار التربوي إنما يؤدي وظيفة رقابية واجتماعية حيث يكون الهدف من ذلك هو التأثير في مشاهديه لانتقاد العنف بسبب ما يثيره من اضطرابات ومخاوف وتكهنات حول نمط السلوك المنحرف أو العنف والعدوان.

وتذكر رجاء الحسن (1996) أن شغل أوقات الفراغ تعد مسئولية عامة لكل من الأسرة والمدرسة وهيئات رعاية الشباب ووسائل الإعلام والمكتبات بما تقدمه من أنشطة هادفة والتي تعد عاملاً هاماً في التربية، وحتى لا يلجأ النشء الأكثر فراغاً لممارسة الأفعال الجانحة ومناشط اللهو بسبب عجزه عن شغل وقت فراغه لأنشطة بناءه، وهناك علاقة مباشرة بين انحراف الصغار وبين تركهم لرغباتهم دون توجيه في وقت الفراغ ويمثل مجتمع النواصي لشلل الشباب دليل على الفشل في تربية الشباب على الاستفادة من أوقات فراغهم ومن هنا تظهر أهمية تدريب الأطفال على الاستخدام المفيد لوقت الفراغ سواء في الأسرة أو المنزل أو جماعات اللعب، أو في المدارس والنوادي مما يتيح له الفرصة لتعلم كيف يمارسون أنواعاً من هذه الأنشطة والتي تحتاج إلى خبرات سابقة.

في حين يشير كمال درويش ومحمد الحماحمي (1997) أن للأسرة أهمية تربوية تجاه أبنائها ووظائف تؤديها نحو تربيتهم إلى جانب كونها هي المسئولة عن عملية التنشئة الاجتماعية ومن أهم تلك الوظائف هي إشباع حاجات الطفل البدنية والفسيولوجية والنفسية والاجتماعية وتنمية الشعور لديه بالانتماء والولاء لأسرته، إلى جانب اكتساب الطفل لأول خبرة اجتماعية في حياته من أسرته من خلال عملية التفاعل الاجتماعي عن طريق الخبرة، وأن الطفل يبدأ في تكوين صورة لذاته في نطاق أسرته وذلك من خلال التأثر بالانطباع الذي يحدثه الوالدين والأخوة في العديد من أنماط سلوكه وانفعالاته، والأسرة تمثل الجماعة المرجعية ذات التأثير المباشر على الطفل وسلوكه، إلى جانب أن الطفل يكتسب من أسرته العديد من القيم والمعتقدات والخبرات وكذلك العديد من العادات والاتجاهات وأنماط السلوك، علاوة على إتاحة الفرص أمام الطفل لاكتساب ميوله واستعداداته وقدراته، وتوجيه الطفل نحو الاستثمار الأمثل لوقت فراغه، وتدعيم الروابط بين أفراد الأسرة وذلك من خلال توفير فرص المشاركة في مناشط الترويح، وكذلك تنظيم الأسرة للعديد من مناشط الترويح التي تتم خارج نطاق الأسرة، ويضيف نقلاً عن محمد علي محمد أن هناك علاقة بين الأسرة وبين قضاء الأطفال لوقت الفراغ ويتضح ذلك من أن الأبناء يتأثرون باتجاهات الأسرة نحو مفهومها عن وقت الفراغ وأسلوبها في قضائه، وكذلك أبناء الأسر ذات المناشط الاجتماعية يتاح لهم فرصاً أكبر للاستمتاع بأوقات الفراغ من خلال ممارسة أوجه النشاط الاجتماعي أو الرياضي في الأندية التي تنتمي إلى عضويتها تلك الأسر، وأن قلة الموارد الاقتصادية من أهم العقبات التي تحول دون قدرة الأسرة على الاشتراك في عضوية الأندية، بالإضافة إلى أن للأسرة دور هام في توجيه أبنائها نحو استثمار وقت الفراغ في مناشط ذات فائدة ومنفعة في حياتهم، وأن قضاء وقت الفراغ يختلف باختلاف طبيعة عمل الآباء ومستواهم الاجتماعي والاقتصادي ومستواهم التعليمي أو الثقافي.

بينما يرى كامل عويضة (2001) أن ما أصاب أسلوب الحياة من تغيرات كبيرة وسريعة في السنوات الأخيرة، قد انعكس أثره على وجود العلاقات داخل الأسرة، فالأساس في معظم الاضطرابات النفسية التي تصيب الأطفال هو شعورهم بعدم الطمأنينة، ثم الأسلوب الذي يحاولون بواسطة التخفيف من هذا الشعور، ومن الواضح أن شعور الأطفال بعدم الطمأنينة، يرجع إلى خطأ ما في العلاقة بين أفراد الأسرة أو إلى الطريقة التي تتبع في تنشئة الصغار.

الترويح والبرامج الترويحية:

وللترويح تعريفات كثيرة ومتعددة، فتذكر عطيات محمد خطاب نقلاً عن برايت Brait (1990) أن الترويح هو “مزاولة أي نشاط في وقت الفراغ بهدف إدخال السرور على النفس دون انتظار أي مكافأة”. إن الحاجة إلى الترويح حاجة إنسانية لها أهميتها، وعادة ما نضع الترويح والنشاط الترويحي جانباً من حياتنا ولا نعطيه من الأهمية شيئاً، ويتوقف ذلك على الوعي الترويحي لدى الفرد، وما يدركه عن أهمية الترويح للفرد والمجتمع، فالترويح مظهر من مظاهر النشاط الإنساني يتميز باتجاه يحقق السعادة للبشر، فالفرد الذي يقود حياة غنية بغرض الترويح يتميز بالصحة والاتزان، والصحة هنا بمعناها الواسع الذي يشمل الصحة الجسمانية والعقلية والعاطفية وليس فقط خلو الجسم من الضعف والمرض. وقد اهتمت الدول المتقدمة بالترويح لإدراكها بأنه يعد أفضل استثمار لوقت الفراغ، حيث توجد علاقة وثيقة بين وقت الفراغ والترويح فكلما زاد كم وقت الفراغ زادت الحاجة إلى الترويح.

المعالجة الاحصائية وعرض النتائج

جدول رقم (1)

جدول يوضح التكرار والنسبة المئوية والدلالات الإحصائية الخاصة باستجابات طلاب الثانوي العام على عبارات المحور الأول  : مفهوم وقت الفراغ     n=231

رقم ومحتوى العبارة

نعم الى حد ما لا مربع كاى المتوسط الحسابي

الكلية%

تكرار

% تكرار % تكرار

%

1.هو وقت ضائع ليس له فائدة

75 32.47 97 41.99 59 25.54 *9.45 1.32 66.23
2.هو الوقت المتبقي بعد الانتهاء من الوجبات المدرسية 215 93.07 9 3.9 7 3.03 *371.01 1.93

96.54

3.هو ذلك القدر من الوقت الذي يتم فيه إشباع الحاجات الأساسية (كالأكل والنوم)

44 19.05 63 27.27 124 53.68 *45.38 1.19 59.52
4.هو عدد من الساعات الضائعة يستسلم فيها الطالب لوساوس الشيطان 15 6.49 18 7.79 198 85.71 *285.27 1.06

53.25

5.هو الوقت الذي يكون فيه الشعور بالمسئولية أدناه

163 70.56 51 22.08 17 7.36 *151.58 1.71 85.28
6.هو الوقت الذي أوفره للراحة والتأمل والاسترخاء 155 67.1 74 32.03 2 0.87 *152.18 1.67

83.55

7.هو الوقت الذي اوفره للتسلية والبعد عن روتين اليوم الدراسي

145 62.77 52 22.51 34 14.72 *92.18 1.63 81.39
8.هو وقت أمارس فيه أي نشاط أختاره بكامل حريتي 194 83.98 36 15.58 1 0.43 *274.62 1.84

91.99

9.هو وقت أمارس فيه نشاط ايجابي جيد

178 77.06 33 14.29 20 8.66 *199.82 1.77 88.53
10.هو الوقت الذى أفعل فيه ماأشاء نافع او ضار 37 16.02 64 27.71 130 56.28 *59.45 1.16

58.01

 *مربع كاى معنوى عند مستوى 0.05 = 5.99

يتضح من جدول (1) والخاص بالتكرار والنسبة المئوية والدلالات الإحصائية الخاصة باستجابات مجموعة طلاب الثانوي العام على عبارات المحور الأول  : مفهوم وقت الفراغ  ،  وجود فروق بين إجابات عبارات المحور الأول: مفهوم وقت الفراغ  حيث بلغت  قيمة مربع كاى مابين  (9.45  إلى285.27) وهذه القيمة معنوية عندى مستوى 0.05

شكل (1)

شكل يوضح النسبة المئوية للموافقة الكلية لمجموعات البحث الاربعة على عبارات المحور الأول  : مفهوم وقت الفراغ

جدول رقم (2)

جدول يوضح دلالة الفروق بين المجموعات الأربعة في نسبة الموافقة الكلية على عبارات
 المحور الخامس  : سلوك الطالب          4 – التفاعل الاسرى

رقم ومحتوى العبارة

النسبة المئوية  لمدى انطباق العبارة على فئات العينة مربع كاى
ثانوي عام ثانوي خاص ثانوي صناعي

ثانوي تجارى

44.تسأل اسرتى عنى فى المدرسة فى حالة غيابى

66.88 75 68.72 32.16 *18.48
45.تتابع اسرتى مستواى الدراسى 69.26 60.68 62.3 17.62

*31.65

546تهتم اسرتى بالانذارات المرسلة من المدرسة

70.13 17.71 67.91 37 *39.94
47.تشجعنى اسرتى على الاعتذار لزملائى او مدرسي في حالة إرتكابى أي خطأ 62.12 62.24 66.58 40.31

7.29

48.تتدخل الاسرة و تتعاون مع المدرسة لحل أي مشكلات قد تعترضنى .

69.26 73.7 47.33 54.41 7.52
49.تشجعنى أسرتى للاشتراك في الانشطة الترويحية بالمدرسة 88.74 83.85 67.65 68.72

4.41

50.تشجعنى أسرتى على التصرفات الحميدة

92.86 86.72 61.5 49.34 *17.55
51.والدى يحترمون ادارة المدرسة والمدرسين 87.66 68.23 88.5 56.61

* 9.65

52.تتميز أسرتى بالسمعة الحسنة

78.79 73.96 64.17 69.38 1.64
53.أسرتى على مستوى تعليمي وثقافي مقبول 68.61 62.76 61.5 44.93

5.21

54.تهتم أسرتى بميولى ورغباتى

81.39 57.55 72.99 56.61 6.55
55.تحرص اسرتى على تقويمى و مواجهتى بأخطائى 83.77 62.24 56.42 71.81

6.26

جدول يوضح دلالة الفروق بين المجموعات الأربعة في نسبة الموافقة الكلية على عبارات المحور الخامس  : سلوك الطالب   4 – التفاعل الاسرى ، وجود فروق بين الإجابات فى المحور الخامس  : سلوك الطالب   حيث بلغت قيمة مربع كاى ما بين  (9.65 إلى 39.94) وهذه القيمة معنوية عندى مستوى 0.05

شكل (2)

يوضح النسبة المئوية للموافقة الكلية لمجموعات البحث الاربعة على عبارات المحور الخامس  : سلوك الطالب          4 – التفاعل الاسرى

النتائج:

  • يرتبط وعي الأسرة للمفاهيم الأساسية للترويح والأنشطة الترويحية وكذلك للمعلومات والمعارف المرتبطة بأنشطة وقت الفراغ والترويح بالممارسة الفعلية للأنشطة الترويحية أثناء أوقات الفراغ من قبل الأسرة.
  • جاءت المهارات والأنشطة الترويحية التي تقوم بها الأسرة في وقت الفراغ على الترتيب الأنشطة الترويحية الرياضية والخلوية في المرتبة الأولى، وجاءت الأنشطة الترويحية الاجتماعية في المرتبة الثانية، وجاءت الأنشطة الترويحية الثقافية في المرتبة الثالثة، والأنشطة الترويحية الفنية في المرتبة الأخيرة.
  • أفضل أماكن ممارسة أنشطة وقت الفراغ للأسرة كانت المنزل، أفضل أوقات ممارسة أنشطة أوقات الفراغ للأسرة تنوعت بين وقت الفراغ اليومي وأجازة آخر العام.
  • دوافع الممارسة للأنشطة الترويحية تنحصر في الشعور بالسعادة، ولشغل أوقات الفراغ، وللاكتساب العديد من القيم سواء الأخلاقية والاجتماعية والجمالية.
  • دوافع عدم الممارسة للأنشطة الترويحية كان نظام الدراسة والجدول الدراسي، وعدم اهتمام المدرسة بممارسة الأنشطة الترويحية، والانشغال بالمذاكرة والعمل لا يتيح المشاركة بالأنشطة الترويحية، وعدم توافر الإمكانات لممارسة الأنشطة الترويحية.
  • المهارات الاجتماعية المكتسبة لممارسة الأنشطة الترويحية كانت الاستمتاع بالوجود في الحفلات والاحتفالات الترويحية، والاستمتاع بحفلات التعارف على الآخرين، وانتعاش أي حفلة وإدخال عاملي المرح والسرور، القيم المكتسبة لممارسة أنشطة وقت الفراغ (الشجاعة، التحية، الأمانة) كقيم خلقية، (التعاون، الصداقة، حب الآخرين) كقيم اجتماعية، (النظافة، النظام، حب الجمال) كقيم جمالية.

التوصيات:

  • حث طلاب المرحلة الثانوية على ممارسة الأنشطة الترويحية.
  • توفير الانشطة الاجتماعية لطلاب المرحلة الثانوية.
  • الإمكانات اللازمة لممارسة الأنشطة الثقافية والفنية والفنون اليدوية والهويات الخاصة .
  • تفعيل دور الانشطة الترويحية لتعديل سلوك الطلاب.

المراجع

  • أنيسة علي محمد: دراسة تحليلية لبعض العوامل المؤثرة على عدم اشتراك تلميذات المرحلة الثانوية بدولة قطر في درس التربية الرياضية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية الرياضية، جامعة الإسكندرية2002.
  • إيمان محمد السيد: الفراغ والترويح وعلاقته بالتوافق النفسي “دراسة نفسية اجتماعية لطلبة جامعة الإسكندرية”، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية الرياضية، جامعة الإسكندرية، 1993.
  • حلمي حسين محمود، محمد عبد العزيز سلامة: دراسة ميدانية لتحديد أكثر المظاهر السلبية للسلوك شيوعاً في المجال الرياضي التنافسي بدولة قطر، مركز البحوث التربوية، جامعة قطر، 1990.
  • حنان علي حسنين: قياس ثقافة التربية للحياة الأسرية لتلاميذ المرحلة الثانوية في محافظة القاهرة، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة حلوان، 1993.
  • زكي محمد محمد حسن، عماد أبو القاسم: الاتجاهات نحو النشاط الرياضي وعلاقتها بالعادات والسلوكيات الصحية لتلاميذ الصف الأول الثانوي، المؤتمر العلمي الدولي “إستراتيجيات انتقاء وإعداد المواهب الرياضية في ضوء التطوير التكنولوجي والثورة المعلوماتية”، في الفترة من 30 أكتوبر حتى 1 نوفمبر 2002، جمهورية مصر العربية.
  • رائد مجدي محمود: اتجاهات قضاء وقت الفراغ لدى جنود قوات حرس الحدود، رسالة ماجستير، كلية التربية الرياضية للبنين، جامعة القاهرة، 1996.
  • سوسن يوسف عبده: دور بعض عوامل التنشئة الاجتماعية في توجيه سلوك وقت الفراغ للمرحلة السنية من (12 – 15) سنة بمحافظة الإسكندرية، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية الرياضية، جامعة الإسكندرية، 2005.
  • سوزان مصطفى متولي: مؤتمر علمي دولي، إستراتيجيات انتقاء وإعداد المواهب الرياضية في ضوء التطوير التكنولوجي والثورة المعلوماتية في الفترة من 30 أكتوبر حتى 1 نوفمبر 2002، جمهورية مصر العربية، الإسكندرية.
  • محمد القطب أنيس: دور الأسرة في تكوين الوعي الثقافي الترويحي على استثمار أوقات الفراغ، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية الرياضية، جامعة طنطا، 2006.
  • هديل عبده عبده: تأثير برنامج كشفي على السلوك التوافقي للأطفال المعاقين ذهنياً (القابلين للتعلم)، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية الرياضية، جامعة الإسكندرية، 2009.
  • Willkins: Attitude to wards physical activity, 11 G. S. P, 1984.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *