د: جلال صالح شيخ جعيم

اليمن/ أبين

gala22saleh22@gmail.com

00201022844791

الملخص

يتعلق البحث بدراسة حقوق أصل الإنسان ألا وهي النطفة، ومتى تبدأ المطالبة بتلك الحقوق، ويركز البحث على الجواب عن إشكالية هل للنطفة من حقوق، وماهي؟ وماهو الضرر العائد في التفريط فيها؟

ويتوزع البحث على مقدمة، ومحورين وخاتمة، تكلم المحور الأول على تعريف بالنطفة والطوار التي تمر بها، وحكمها من حيث الطهارة والنجاسة، وتكلم المحور الثاني على حقوق النطفة وهي سبعة.

ومن أهم النتائح التي توصل لها الباحث، أن للنطفة حقوقا على المكلف، تبدأ المطالبة بها من وقت البلوغ، وجريان قلم التكليف على الذكر والأنثى، وأن ترك حقٍّ من هذه الحقوق يورث خللا في مهمة هذه النطفة، وخللا في عمارة الأرض، وخللا في المجتمع.

وتضمن البحث عدة توصيات منها، الحرص على تأدية الحقوق المتعلقة بهذه النطفة، والاهتمام من قبل الدول بتوعية النشء، وتعريفه بمهمته في الحياة، ومهمة ما سخر الله فيه من نطف في مجال الإعمار، وذلك عبر التثقيف في المدارس، ومن خلال وسائل الإعلام، ومن خلال المطويات والكتيبات التي تدعو لهذا المقصد.

الكلمات المفتاحية: النطفة، حقوق، المكلف، حقوق النطفة، الشريعة الإسلامية.

 

Rights of Sperm in Islamic law

Dr. Galal Saleh Sheikh Juai

Yemen / Abyen

 

Abstract

The research is related to the study of the rights of human origin, namely sperm, and when the claim for those rights begins, and the research focuses on the answer to the problem of whether sperm has rights, and what are they. And what harm does it do in neglecting it?

The research is divided into an introduction, two axes and a conclusion. The first axis talked about the definition of sperm and the phases it is going through, the stages it goes through and its ruling in terms of purity and impurity, and the second axis talked about the rights of the sperm, which are seven.

One of the most important results that are reached by the researcher is that sperm has rights over the taxpayer, which begin to be claimed from the time of puberty, the flow of the assignment pen on the male and female. And leaving any one of these rights inherits a defect in the task of this sperm, a defect in the architecture of the land, and a defect or an imbalance in society.

The research included several recommendations, including ensuring the fulfilment of rights related to this sperm, the interest of States in educating young people, informing them of their mission in life, and the task of what God has mocked in the field of reconstruction through education in schools, through the media, and leaflets and brochures calling for this purpose.

Keywords: sperm, rights, taxpayer, sperm rights, Islamic law.

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أظهر خلق الإنسان من سلالة من طين، ثم جعله نطفة في قرار مكين، ثم خلق النطفة علقة سوداء للناظرين، ثم خلق العلقة مضغة وهي قطعة لحم بقدر مضغة الآكلين، ثم خلق المضغة عظاما مختلفة المقادير والأشكال والمنافع أساسا يقوم عليه هذا البناء المبين، ثم كسا العظام لحما هو لها كالثوب لللابسين، ثم أنشأه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين.

وبعد، فقد خلق الله الخلق لغاية عظيمة حميدة فقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56،]، وحتى تتحقق هذه الغاية الحميدة أمر الله سبحانه الإنس بعمارة الأرض، ونشر الصلاح فيها؛ ليتنسى لهم العيش، وعبادة ربهم فيها آمنين مطمئنين. وقد سخر الله – سبحانه وتعالى- الكون كله لهذه البشرية حتى تحقق هاتين الحكمتين.

وحتى يبقى النسل الإنساني ويتعاقب جيلا بعد جيل؛ ليحقق هاتين الغايتين؛ جرت سنة الله أن يودع في كلاالجنسين -الذكر والأنثى- الغريزة الجنسية التي تدفع كُلا منهما للالتقاء الجنسي المتولد منه الجنس البشري؛ فتخرج هذه النطفة مصحوبة برغبة ولذة من الجنسين، لا بكره وعناء، فسبحان من خلق، فأبدع وأتقن.

من المعلوم أن هذه النطفة هي أصل تكوين الإنسان كما قال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)} [الطارق: 5 – 7]، وقال سبحانه: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)} [السجدة: 8]، وقال: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20)} [المرسلات: 20]، إلا أن خروج هذه النطفة من الإنسان لم يكن كبقية الحيوانات، فقد كرم الله الآدمي وأعلى منزلته فقال سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)} [الإسراء: 70]، ومن ذلك فقد جعل لخروج هذه النطفة ضوابط وقوانين، فأباح لها الخروج في الحلال، ومنع عليها الخروج في الحرام؛ وهذا لحِكَمٍ عظيمة، ومنها ما ذكرناه سابقا للحفاظ على النوع البشري ليعمر هذه الأرض، وهذه العمارة مشروطة بالإصلاح؛ إذ الغرض من خلق الأرض عمارتها وإصلاحها بما تعنيه كلمة إصلاح، لا تخريبها ونشر الفساد فيها؛ ومن هنا فقد جاء سؤال الملائكة المشوب بالتعجب {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ} [البقرة: 30].

من هنا ندرك المهمة التي تنتظر هذه النطفة، لتشارك من كانت في أحشائه في هذه المهمة، بل ربما كانت أفضل منه، فيمضى المجتمع في سيره على أحسن حال؛ إذا وُجِّهت هذه النطفة، وأعدت الإعداد الصحيح، وحصلت حقوقها الكاملة.

ولما لم يتمايز أهل الكفر عن الحيوانات كما قال تعالى: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)} [الأعراف: 179]، ولم تكن لهم ضوابط ولا نظم  في الحياة الجنسية؛ طغى الفساد عليهم، وانحلت مجتمعاتهم، فكم نقرأ ونسمع من الشذوذ الجنسي، وحالات الزنا، والإجهاضات، والاغتصابات، وأبناء الزناء، أرقاما مهولة، ومخيفة، وعاصفة تضرب المجتمعات الغربية. (سلطان، صلاح الدين، 2005م، المودودي، 1964م، 108)

حيث علمت ما يترتب على هذه النطفة، من الصلاح والإصلاح، أو من الفساد والإفساد؛ فقد جعل الله لها حقوقا، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعطاء كل ذي حق حقه، فقد ثبت عن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- أنه قال لأبي ذر -رضي الله عنه-: “إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه”، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “صدق سلمان”. (البخاري، 1422هـ، 1968).

البحث:

قد علم أن الله شرع الشرائع لتحصيل ‌المصالح الخالصة أو الراجحة، أو ‌درء ‌المفاسد الخالصة أو الراجحة، وشرع حقوقا لتحقيق تلك المصالح، وبضياع تلك الحقوق تحل المفاسد التي أمر الشرع الحنيف باجتنابها، والمصالح كلها خيور نافعات حسنات، والمفاسد بأسرها شرور مضرات سيئات.

من هنا تنبثق هذه الإشكالية، وهي: هل جعل الشرع الحنيف حقوقا لهذه النطفة، ويعد القيام بها من المصالح التي أمر الله بها، وتضييعها، أو تضييع حق منها يعد من المفاسد التي منعها الشرع؟ ويتفرع عن هذا السؤال عدة أسئلة:

ماهي هذه الحقوق التي يطالب بها المكلف نحو نطفته؟

متى يطالب المكلف بهذه الحقوق؟

ما هي الآثار التي تترتب على تركها؟

أسباب اختيار الموضوع:

  • حاجة الموضوع للنقاش العلمي.
  • لم أجد من تطرق – على حسب علمي- لهذا.
  • الرغبة في الإضافة العلمية للمكتبة الإسلامية.

أهمية البحث:

يعتبر بيان حقوق النطفة من الأهمية بمكان؛ وذلك لأمور منها:

  • اهتمام الشرع بهذه النطفة، فعلى سبيل المثال نجده حرم أشياء تضر بهذه النطفة، فحرم زواج الحر من الأمة إلا بشرطين الخوف من الزنا، وعدم قدرة الحر على مهر الحرة، وذلك لأن النكاح بالأمة يوجب رقة أبنائها وبالتالي يجر هذه النكاح رق هذه النطفة، ومنع من النكاح بالمطلقة أو الأرملة حتى تكمل عدتها لكي لايختلط نسب هذه النطفة، فيسقي الثاني زرع غيره، الخ.
  • عدم وضوح هذه الحقوق لدى الكثير من الناس.
  • معرفة هذه الحقوق يعين على سير المجتمع السير الصحيح بعيدا عن الانحراف، والفساد الذي يورثه ضياع هذه الحقوق، وتضييع هذه الحقوق له انعكاسات على النوع البشري في مختلف المجالات.
  • بناء جيل محصن من الشيطان سائر على نهج أسلافه في تحقيق الحكمة من خلقه.

أهداف البحث:

تهدف هذه الدراسة المتواضعة إلى:

  • إبراز حقوق النطفة؛ لكي يعرفها المكلف فيقوم بأداء هذه الحقوق لهذه النطفة.
  • تحقيق المهمة السامية التي وجد الإنسان من أجلها، والتي تبدأ قصتها مع هذه النطفة.
  • توعية المجتمع من الانزلاق وراء الشهوات التي تعرقل سيرهم وطريقهم إلى العلو في الدارين.
  • إظهار مكانة هذه النطفة في الشرع الحنيف.
  • بيان سعة الشريعة واهتمامها بالحقوق الثابتة لكل مخلوق.

منهج البحث:

هذه الدراسة وصفية بالأساس لأنها تهدف لاستقراء النصوص الشرعية ولكلام أهل العلم.

الدراسات السابقة:

لم أجد دراسة سابقة؛ ـ حسب علمي – تناولت هذه القضية.

خطة البحث:

استهل هذا البحث بمقدمة، ثم محورين، وخاتمة.

المحور الأول: عرفت فيه النطفة، وبينت فيه الأطوار التي تمر بها النطفة، ثم ختمته بحكم النطفة من حيث الطهارة، والنجاسة.

وأما المحور الثاني، فذكرت فيه حقوق النطفة في الشريعة الإسلامية.

وأما الخاتمة، فكتبت فيها الاستنتاجات، والتوصيات.

وقد اتبعت في كتابة هذه الدراسة المنهج الآتي:

  • جمعت الحقوق المتعلقة بالنطفة من خلال تتبع النصوص الشرعية.
  • عرضت المسألة مدعمة بالأدلة الشرعية، وكلام أهل العلم في ذلك، بشيء من الإيجاز، والاختصار الذي يفي بالمقصود.
  • عند ذكري لمسألة خلافية أقتصرعلى ذكر الراجح مع ذكر أهم الأدلة التي ترجح هذا القول.
  • عزوت الآيات القرآنية إلى مواضعها بذكر السورة ورقم الآية.
  • خرجت الأحاديث وعزوتها لمصادرها.
  • كل ما أنقله من قول لأهل العلم أوثقه من مراجعه.
  • عرفت بالمصطلحات التي تحتاج إلى تعريف.

ولا أدعي لهذه الدراسة النضج فضلا عن الاحتراق، وإنما هي محاولة متواضعة أضعها بين يدي الباحثين، لا تخلو من القصور الطبعي الذي يرافق البشرية، فما كان صوابا فمن الله، وما كان خطأ فمني ومن الشيطان، والله المستعان وعليه التكلان. سائلا ربي  التوفيق والسداد، وأن يجعل لها القبول إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أولا: التعريف بالنطفة، ومعرفة الأطوار التي تمر بها، وحكمها من حيث الطهارة والنجاسة.

  • تعريف النطفة:

للنطفة في اللغة معان، ومنها:

  • الماء الصافي قل أو كثر. (الفراهيدي، 7/436)
  • الماء المجتمع القليل.( ابن منظور، 1414هـ، 9/335)

ثم كثر استعمال النطفة في المني حتى صار لا يعرف بإطلاقه غيره. (العسكري/311).

“فالنطفة ماء قليل، وسمي ما منه النسل نطفة بمعنى منطوف، أي: مصبوب. فماء الرجل مصبوب، وماء المرأة أيضا مصبوب، فإن ماء المرأة يخرج مع بويضة دقيقة تتسرب مع دم الحيض، وتستقر في كيس دقيق، فإذا باشر الذكر الأنثى انحدرت تلك البيضة من الأنثى، واختلطت مع ماء الذكر في قرارة الرحم.” (ابن عاشور، 1984م، 12/146).

وعرف المختصون النطفة بأنها: الإفرازات التي تفرزها الخصية والبروستاتا والحويصلة المنوية في جهاز الرجل التناسلي. (درويش، 1406هـ، 25)

وقد وردت النطفة في القرآن والسنة في مواضع كثيرة، وتكرر ذكر النطفة في القرآن الكريم في اثني عشر موضعا. منها: قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } [النحل: 4]،وقوله {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 13، 14]،و{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا} [فاطر:11].

  • الأطوار التي تمر بها النطفة:

يبدأ مصطلح النطفة من المني والبيضة وينتهي بطور الحرث (الانغراس)، وتمر النطفة خلال تكونها بالأطوار التالية:

الطور الأول: الماء الدافق.

قال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 5 – 7]. والمتأمل في هذه الآية يرى إسناد التدفق للماء نفسه. وقد أثبت العلم في العصر الحديث أن المنويات التي يحتويها ماء الرجل لا بد أن تكون حيوية متدفقة متحركة؛ حتى يتم الإخصاب.

ولا يقتصر هذا التدفق على ماء الرجل، فالآية عممت الحكم على الذكر والأنثى. (ابن القيم،1971م، 277). وهذا أيضا ما أثبته العلم في العصر الحديث أن ماء المرأة الذي يحمل البيضة يخرج متدفقا إلى قناة الرحم (فالوب)، وأن البيضة لا بد أن تكون حيوية متحركة لكي تتم عملية الإخصاب. (هيئة الإعجاز العلمي برابطة العلم الإسلامي، 33).

الطور الثاني: السلالة.

السلالة لغة: ما انسل من الشيء.( ابن منظور، 11/339)

قال أبو الهيثم: “السلالة: ما سل من صلب الرجل وترائب المرأة كما يسل الشيء سلا”. (الأزهري،2001م، 12/206)، وروي عن عكرمة أنه قال في السلالة: “إنه الماء يسل من الظهر سلا.” (الأزهري، 12/206)

ويقول علماء الأجنة: “إذ نظرنا إلى السائل المنوي فسنجده سلالة من ماء الرجل وهو على شكل السمكة الطويلة، ويستخرج برفق من الماء المهين، ويشير إلى ذلك القرآن في قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: 8]”.(هيئة الإعجاز العلمي برابطة العالم الإسلامي، 33).

فالسلالة هي خلاصة من المني، و”المني يتكون من السائل المنوي الذي يكون 99 بالمئة من مجموع المني، وهو إفرازات البروستاتا، والحويصلة المنوية وغدد كوبر وغيرها.

وتشكل الحيوانات المنوية التي تتكون في القنيات المنوية، ما بين نصف وواحد بالمئة من مجموع المني”، (البار، 1405هـ، 13) فهو جزء يسير من معدل المني.

وفي حالة الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البيضة في قناة فالوب، إلا أنه لا يصل من ماء الرجل إلا القليل فيخترق منوي واحد البيضة، ثم يحصل تغير سريع في غشاء البيضة يمنع دخول بقية المنويات، وبدخول السائل المنوي في البيضة تتكون النطفة الأمشاج، (المرجع السابق)، ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من كل الماء يكون الولد” (مسلم، 1438)،فنجد أن الذي قام بمهمة الإخصاب هو حيوان منوي واحد، ومن هنا، ندرك حجم هذه العملية، والمعاناة التي تجدها الحيوانات في تلقيح البيضة.

الطور الثالث: الأمشاج.

الأمشاج لغة: المشج الخلط. (ابن منظور، 2/376)

وأكثر المفسرين على أن الأمشاج: اختلاط ماء الرجل، وماء المرأة. الطبري، 1420ه، 24/89)، (ابن كثير،1424ه، 8/285).فتمكث النطفة أربعين يوما، لتنتقل بعد ذلك إلى العلقة، ثم المضغة، ثم ينفخ فيها الروح، لتصبح جنينا مستعدا للخروج بعد إكماله التسعة أشهر في بطن أمه.قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [الحج: 5].

  • حكم النطفة من حيث الطهارة وعدمها:

اختلف أهل العلم في مني الإنسان هل هو طاهر أم نجس؟ على قولين:

فذهبت الحنفية، والمالكيةإلى نجاسته. (المرغيناني،1/36، الدسوقي، 1/56)

بينما ذهبت الشافعية، والحنابلة إلى طهارة المني، (النووي، 2/553، الحصني، 1994م، 66، ابن قدامة، 1968م، 2/68)، وهذا هو القول الصحيح الذي تعضده الأدلة، ومنها:

  • عن عبد الله بن شهاب الخولاني، قال: “كنت نازلا على عائشة – رضي الله عنها- فاحتلمت في ثوبيّ فغمستهما في الماء، فرأتني جارية لعائشة فأخبرتها فبعثت إلي عائشة فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبيك؟ قال قلت: رأيت ما يرى النائم في منامه، قالت: هل رأيت فيهما شيئا؟ قلت: لا، قالت: “فلو رأيت شيئا غسلته لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسا بظفري.” (مسلم، 288).
  • الأصل في الأعيان الطهارة، ولا يقال بنجاسة شيء حتى يأتي دليل صحيح صريح سالم من المعارضة، ولا دليل على نجاسة المني، مع أن المني مما تعم به البلوى والحكم والبيان فيه مطلوب.
  • أنه أصل حيوان طاهر، وطهارة الإنسان هي من طهارة أصله.

ثانيا: حقوق النطفة

تبدأ المطالبة بالحقوق الآتي ذكرها من حين بلوغ العبد سن التكليف، فمن أول ما يصل العبد سن البلوغ، وتصبح هذه النطفة جاهزة للخروج في أي وقت، يصير مطالبا بهذه الحقوق، وكل حق  له وقته، فمن الحقوق ما يكون قبل خروجها من المكلف، ومنها ما يكون مع الخروج، ومنها ما يكون بعد الخروج، كما سيأتي بيانه.

وعليه، فليحذر العبد من ضياع هذه الحقوق، وليعلم مدى أهمية هذه النطفة، وأن هذه النطفة معدة للقيام بعبادة الله -سبحانه تعالى- وعمارة الأرض الحسية والمعنوية، فالتفريط في حق من حقوقها يعني إلغاءها، وعدم الاعتراف بقيمتها، وقطع المهمة التي هيئت لها.

ولما كانت هذه الحقوق مرتبطة ببلوغ العبد سن التكليف؛ بدأتُ بالحقوق التي تعتريه قبل النكاح الشرعي، حتى يدرك المكلف ما عليه من حق تجاه هذه النطفة التي تكتنفها أحشاؤه، فيسخرها حيث أباح الله له.

ولخروج هذه النطفة من المكلف حالتان:

الحال الأولى: خروجها عن طريق علاقة جنسية دائمة، ومشروعة، ومنظمة، وذلك عن طريق النكاح الشرعي، أو التسري، (التسري الاستمتاع بالأمة) قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [المؤمنون: 5، 6]، وهذا القسم رخصت فيه الشريعة الإسلامية، وأثنت على أهله، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1]، ثم ذكر من صفاتهم، {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [المؤمنون: 5، 6]. ورغب الشرع في النكاح بقوله: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء”، مسلم، مصدر سابق، 1400)، ورتب الأجر والثواب في وضعها في الحلال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: “أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر. (مسلم، مصدر سابق، 1006)

الحال الثانية: خروجها عن طريق الفوضى والانحلال والتفسخ، وهو ما يعرف بالشذوذ الجنسي، وهو المعني بقوله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7]، فيشمل الزنا، واللواط، والسحاق، وإتيان البهيمة، والاستمناء، وهذا القسم وصف الله سبحانه أصحابه بأنهم {هم العادون} أي: المعتدون. (ابن كثير، مرجع سابق، 5/462)، المجاوزون الحد، من عدا أي جاوز الحد وجازه. ( القرطبي، 1384هـ، 12/107)،ومن عدوانهم أنهم اعتدوا على هذه النطفة، فحرموها من حق الحياة، وحق المهمة التي هيئت لها.

وهذه جملة من الحقوق التي تيسر لي جمعها باستقراء النصوص الشرعية وهي:

  • الحق الأول: المنع من إراقتها في الزنا.

حرم الله –تعالى- الزنا فقال: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [الإسراء: 32]، وإذا تأملنا هذه الآية وجدناها تدل على شناعة الزنا، وما يسببه من أضرار، ومن هذه الأضرار ضياع هذه النطفة، وذلك:

  • أن الآية جاءت بعد قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: 31]، وقبل قوله تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الإسراء: 33]، ووضع النطفة في الفرج الحرام، يفضي بصاحبة ذلك الفرج إلى التخلص ممن سيعود عليها بالعار، أو ممن تتعب في تربيته؛ لأنها لا تريد تربية ابن زنا.

فيا لله كم كانت صناديق النفايات موضعا لاستقبال أولئك الأولاد! والمجاري هي التي تحتضن تلك الأجنة وتستقبل خروجها! وأنياب الكلاب هي الثدي الذي يقرّب الجنين فمه إليها ظانا أنها ثدي أمه الحنون في نظره!

لقد ذهبت تلك النطفة في فرج حرام، فذهبت مكانتها، وذهبت حياتها، وذهبت مهمتها في الإعمار، وفنيت من الوجود، لتقول للزاني والزانية ولكل البشرية: بأي ذنب قتلتُ ؟!

  • قوله سبحانه وتعالى:{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [الإسراء: 32]. “أي بئس طريقاً طريقه، طريق مؤد إلى شرور ومفاسد كثيرة في الدنيا، وعذاب عظيم في الأخرى، فهو طريق إلى هلاك الأبدان، وفساد الأعراض، وضياع الأموال، وخراب البيوت، وانقطاع الأنساب، وفساد المجتمع وانقراضه.” (ابن باديس، 1416ه،92).

فالزنا “إراقة للنطفة، وسفح لها في غير محلها، فلو كان منها ولد لكان مقطوع النسب، مقطوع الصلة، ساقط الحق”. (المرجع السابق) فابن الزنا محروم النسب، لا يرث الزاني، ولا يحمل اسم أبيه، فمن أول ما ينطرح جسده على هذه البسيطة يظل يعيّر بأنه ابن زنا! و”النّسَب أحد الأمور الَّتي جُبل على المحافظة عليها الْبشر، فلن ترى إنسانا فِي إقليم من الأقاليم الصَّالحة لنشء النَّاس إِلا وهو يحب أَن ينسب إِلى أَبيه وجده، وَيكره أَن يقدح فِي نسبته إِليهما”، (الدهلوي، 1426ه، 2/222)، ومن تسبب في وجود هذا الابن على هذه الحالة فكأنه قتله؛ لأنه سبب لوجوده غير المشروع. (ابن باديس، مرجع سابق، 91) فهي حياة لا معنى لها عند الابن.

فبأي ذنب قتلت هذه النفس من قبل مجرمين قضيا شهوتهما في برهة زمن؛ ليدمرا حياة آدمي، لا يفتخر الابن بهذا اللقاء الجنسي، ويراه سكينا ذبح به، فلا يحب أن يسمع كلمة ابن زنا، بل يعتريه القهر والحسرة، ويرى أنه ظلم في بداية حياته. فإن سلم من قتلهما له، فلا يسلم من العيش في الملاجئ، أو في الشوارع، أو في بيت الأملكن مع ضياع وتفسخ، وسوء عيشة وسيرة!. (ذكرت

دائرة الإحصاءات الأمريكية أن في أمريكا 10.4، أسرة تعليها الأم

. https://www.census.gov/newsroom/releases/archives/families_households/)

فنبقى أمام جيل حاقد على المجتمع، إذ الزنا: “توليد نسمة عالة على المجتمع فاقدة أحضان الأبوين، وحنانهما، ومتجردة من كل القيم والأخلاق الحاصلة من آثار رعايتهما.” السعدي، 1989، 1/153).

فكم من انتحار اختطف هؤلاء الأبناء؟! وكم من أمراض نفسية صحبتهم؟! بسبب من كل هذا؟ كل هذا بسبب لحظات عابرة يفرغ فيها جانٍ شهوته في عرض امرأة كان مستورا فباعته، وشرف كان مصونا فأهدرته! بسبب مجرمين خالفا شرع الله ولم يقوما بحق هذه النطفة، التي أعطاهما الله إياها ليسخراها في الحلال.

  • المشي في طريق الزنا هدم للبيوت المسلمة، وإفساد للنطف المستقرة في الأرحام، فيسقي المجرم ماءه زرع غيره، وقد جاء في الحديث: “لا يحل لامرئ، يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره.” ابن حنبل، 1421هـ،16990).
  • فيه الإعراض عن النكاح الشرعي، فيعيش الزاني والزانية في وحل الرذيلة، هاجرين الطريق الشرعي مكتفيين بلذة الحرام المؤقتة، فتصرف هذه النطف في غير محلها، وتُضيَّع عن مهمتها، وتحرم البشرية من نفوس كانت ستساعد في الإعمار.

فلو أُخبِرنا ـ مثلا- أن روضة من رياض الأطفال في بلد ما، يدرس فيها ألف طفل قد سقطت الأبنية على رؤوسهم، فصاروا أثرا بعد عين، لرأيت الحزن يعم تلك المدينة، ولأصبحت هذه المصيبة حديث الإعلام، بيد أننا لا نجد أنفسنا في حسرة حينما نرى نطفا تقتل في بداية حياتها، وتوضع في فروج محرمة، إذ لو وضعت في حلال لأصبح معنا أكثر من ألف طفل في السنة، فكم من أطفال حرموا من الظهور للوجود بسبب الانحراف الأخلاقي.

فليراع كل بالغ من ذكر أو أنثى هذا الحق العظيم لهذه النطفة، وعليه أن يستحضر قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [الإسراء: 32]. فالعاقل “إذا علم أن ماءه يضيع بالزنا يتحرز عن فعل الزنا”. ( السرخسي، 1414هـ، 2/207).

الحق الثاني: المنع من إخراجها عبر ما يسمى بالشذوذ الجنسي، ويشمل اللواط، والسحاق، وإتيان البهيمة، والاستمناء.

الشذوذ الجنسي مع ما فيه من قلب الفطرة، وخساسة الفعلة، نجد أيضا فيه ضررا كبيرا على النطفة؛ إذ لا يمنع الشرع من شيء إلا وفيه الضرر والأذية على المكلف. وقد وصف الله تعالى مَن يضعون النطفة في غير موضعها الصحيح بالعادين.

وعليه، فلا شك أن الضرر حاصل وواقع، والضرر الواقع من الشذوذ الجنسي على النطفة من جهتين:

  • من حيث الأمراض المعدية التي تنتج بسبب هذا الشذوذ، كالإيدز، (هو عبارة عن مجموعة من الأعراض المرضية والتي يدل ظهورها على أن المصاب يعاني من نقصان المناعة. البار، 1406هـ، 133، وينتقل فيروس الإيدز عبر العلميات الجنسية مع المصابين، أو نقل دم مصاب بالمرض. ينظر: خميس 1987م، 18).وغيره من الأمراض الجنسية التي تنتقل عبر هذا اللقاء الجنسي.( البار، مرجع سابق).

أن فيه إزهاقا لحياة النطف التي ينبغي أن يكون مصيرها العيش في الوجود؛ حيث يدمن الفاعل أو المفعول على هذا الشذوذ، فلا يحب المعاشرة الزوجية، وبالتالي فإننا نفقد الكثير من النطف التي لم توضع في محلها الصحيح. ومن أكبر الأمثلة على ذلك أن الناظر للدول الكافرةيرى قلة عدد الإنجاب فيها؛(سلطان، 2005م،ذكر الكاتب في كتابه إحصائيات عن المجتمع الغربي من حيث نسبة عزوفهم عن الزواج، ونسب ابناء الزنا، ونسب حالات الزنا… الخ) لأسباب عدة ومن أهمها أنه حينما خرجت النطف  في غير موضعها الصحيح، وحصل الاستمتاع من قبل الجنسين عن طريق الشذوذ الجنسي، وضيع المقصود من الإعمار والحفاظ على النسل، استغنت المرأة بعشيقتها عن الزوج، واستغنى الذكر بعشيقه، ولا يجد مدمن العادة السرية لذة الجماع مع زوجته، والمرأة كذلك، ناهيك عمّا تجده البنت من تشوه في الفرج مما يضعها في لحظة حرجة إن فكرت في الزواج، فتبقى تصارع هذه المعضلة مع صراعها لكابوس العزوبية، كل ذلك بسبب الانسلاخ من الفطرة والشذوذ الجنسي. وكم نسمع من امرأة طلبت الطلاق من زوجها؛ لترجع للعيش مع عشيقتها، وكم من امرأة أبت الزواج حتى لا تستبدل ما تراه لذة في حياتها، ناهيك عن الرجل المفعول فيه، فماذا ينتظر منه أصلا؟

من هنا فنحن أمام حق تطالب به هذه النطف التي تكون سببا في حياة الآدمي وهي النواة الأولى، فأين تذهب؟ وبأي ذنب قتلت!

الحق الثالث: الحفاظ عليها من الأمراض التي تضرها.

قطعت شريعتنا الغراء بتحريم كل ما يضر الإنسان، أو يسبب له الأذى، ومنعت من تعاطي ذلك؛ حفاظا على هذه النفس، حتى تكمل مهمتها في العبودية لله سبحانه وتعالى، وعمارة الأرض، فقال سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } [النساء: 29]، وقال: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : “لا ضرر ولا ضرار”. (ابن حنبل، مصدر سابق، 5/55)

وعليه، فهذه النطفة لها مهمة عظيمة في الحفاظ على النوع البشري، فإصابتها بأي مرض يضرها، ويتلف عملها المطلوب، ضياع لحقها -سواء كان هذا المرض ينتقل للطرف الثاني، أو لا ينتقل- فكل ما يضر النطفة يصير محرما للأدلة المتقدمة، فهو من الضرر، والضرر يزال.

وأما المرض الذي ينتقل عن طريق النطفة، فلا شك أن معناه الحرمان من المعاشرة الزوجية، وتعطيل دور هذه النطفة؛ حيث تصبح هذه النطفة نطفة ملوثة بالمرض، قاتلة يجب اجتنابها، وبالتالي يصير المريض ممنوعا من الجماع مع زوجته؛ لأن في نطفته المرض المتيقن، بل ربما انسد مجرى المني فيؤول إلى العقم بسبب هذا المرض كما يحصل من مرض الزهري. (السعدي،مرجع سابق،1/330)

وهذه الأمراض غالبا ما يكون سببها المعاشرة المحرمة، كالإيدز، وغيره من الأمراض الجنسية (البار، مرجع سابق) التي تدمر حياة الإنسان وتدمر قرينه في الحياة، وربما تدمر الذرية التي ربما انتقل لها المرض عن طريق الدم أثناء الولادة؛ هذا من جهة إذا كانت النطفة مصابة وتم وضعها في الحلال، أما إذا وضعت هذه النطفة في الحرام؛ فتصير هذه النطفة نطفة هدم وبث للأمراض، ولا يقف الحد عند شخص أو شخصين، بل ربما التقى الشخص المصاب بالمئات، فتتغير مهمة النطفة من نطفة تُكوّن روحا تعمر البسيطة، وتحقق معنى الخلافة في الأرض إلى نطفة مدمرة تنقل الوباء من فرج لآخر.

فالجدير بالعاقل أن يبتعد عن كل ما يعيق نمو هذه النطفة، ولا يلقي بنطفته إلى التهلكة، فيصير ممن صدق عليه قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ } [البقرة: 205].

الحق الرابع: اختيار الحرث المناسب لوضعها فيه.

سمى الله تعالى المرأة حرثا فقال: { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أي: مزرع ومنبت للولد (الواحدي، 1415هـ، 1/329)، فهي مزرعة يحرث فيها الرجل بذره، (الطبري، 4/397)، وقد جاء في الحديث: “لا يحل لامرئ، يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره…” (ابن حنبل، مصدر سابق،16990).

فهذه النطفة هي البذرة المزروعة في هذه المرأة، فصلاح الزرع من صلاح الأرض، وفساد الزرع من فساد الأرض، {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} [الأعراف: 58].

وعليه، فمن حق هذه النطفة حتى تهنأ بعيشها وتسعد في الدارين وضعها في المزرعة الصالحة، وقد جاء في الحديث: “تخيروا لنطفكم، فانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم”، (ابن ماجه، 1968، السلسلة الصحيحة، 1415ه، 3/56) أي: اطلبوا لها ما هو خير المناكح وأزكاها وأبعدها من الخبث والفجور.

والمطلوب في الزوجة: الدين، والعقل، والعفة، والحياء فهذه أصول الصفات المطلوبة. فاختيار المرأة الصالحة حق من حقوق هذه النطفة التي ستعيش بين أحشائها، فتحسن إليها، وتراعي حقوقها وتخاف عليها حتى تضعها، ثم تحسن تربيتها.

وإنه من العقوق لهذه النطفة أن ترمى في رحم امرأة لا تحسن تربيتها والاهتمام بها، بل تنشئها على الطريق المنحرف، فتنتجُ للمجتمع مولودا يفسد ولا يصلح، ويعيث في الأرض فسادا، حالها كحال الصحراء التي تنبت الشوك، فلا ظل يستظل به، ولا ثمرَ يأكل منه الآكلون، وإنما شوك يشوك الأجساد ويجرحها. فكم ترى من تفسخ في الأبناء كان سببه فساد الأم! وكل إناء بما فيه ينضح.

فمن المؤسف أن تذهب رؤية الرجل لاختيار الجمال فقط دون النظر إلى حق هذه النطفة، ومن هي الأحق بحملها وتربيتها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “فاظفر بذات الدين، تربت يداك”.(البخاري، مصدر سابق، 1466).

فـ”ينبغي للرجل أن يقصد بالتزوج حفظ النسل والتحصين ونظام المنزل وحفظ المال لا مجرد نحو شهوة” (المناوي، 1356هـ، 3/237).

الحق الخامس: التسمية عند وضع هذه النطفة في الحلال والدعاء بتجنيبها الشيطان.

جاء في الحديث: “لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد لم يضره”. البخاري، مصدر سابق، 141، مسلم، مصدر سابق، 1434).

“قيل المراد بأنه لا يضره أنه لا يصرعه شيطان، وقيل لا يطعن فيه الشيطان عند ولادته بخلاف غيره”، (النووي، 1392هـ،10/5)، وقيل: لا يكفر، فيبقى على إيمانه، القاري، 1422هـ، 4/1676) وهذا أحد الأسباب التي تعين على الثبات، وقيل: لا يصيبه ضرر لا في دينه ولا في جسده. (المناوي، 1408هـ، 2/304)، “ولا يلزم عليه عصمة الولد من الذنب؛ لأن المراد من نفي الأضرار كونه مصونا من إغوائه بالنسبة للولد الحاصل بلا تسمية أو لمشاركة أبيه في جماع أمه، والمراد لم يضره الشيطان في أصل التوحيد وفيه بشارة عظمى أن المولود الذي يسمى عليه عند الجماع الذي قضى بسببه يموت على التوحيد”.(المناوي، 1356هـ، 5/207).

فـ “دل الحديث أيضاً على أن التسمية والدعاء المذكور سبب للاعتصام من الشيطان، وسبب لدفع ضرره عن المولود، بل دل على أن ذكر الله مطلقاً سبب عظيم لطرد الشيطان وكف شره”. (السفيري/ 1425هـ، 2/306) .

فهذه العصمة من الشيطان لهذه النطفة حق من حقوقها تُطالِب به الأبَ حين إرادة قذفها في القرار المكين، فليتنبه المكلف لهذا الإرشاد النبوي من الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن فيه الخير والبركة؛ إذ الذكر يعتبر الحصن الأول للوقاية من الشيطان، إلا أن هذا الحصن معرض للهجوم من قبل شياطين الإنس والجن، وهنا يأتي دور التربية الصالحة بعد خروج هذه النطفة لميدان الحياة، حتى إذا وصل العبد إلى سن التكليف استعد لمعركة أكبر، فيبادر إلى فعل الواجبات وترك المحرمات؛ لتقوية هذا الحصن، فيلقى ربه وهو راض عنه محققا {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 82].

الحق السادس: المنع من إجهاضها:

عرف الأطباء الإجهاض بأنه: خروج محتويات الرحم قبل عشرين أسبوعا، ويعتبر نزول محتويات الرحم في الفترة ما بين 2- 38 أسبوعا ولادة قبل الأوان، ويشبه الولادة إذ تنفجر الأغشية أولا وينزل منها الدم. (رحيم، 1423هـ، 83).

وعرفه أهل الشريعة: بأنه: إخراج من الرحم في غير موعده الطبيعي، عمدا وبلا ضرورة بأي وسيلة من الوسائل.(جاد الله، 1403هـ، 1440).

ويمر الحمل بمراحل أربع، وأول هذه المراحل هو النطفة، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ” إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح”.(مسلم، مصدر سابق، 2643)

–             فإذا وصلت النطفة إلى الرحم، فقد استقرت في القرار المكين، فكان هذا الرحم حافظا لما أُودِع فيه من الماء، ومتى وصلت النطفة فلا يجوز انتهاكها إلا لحاجة دعت إلى ذلك، فهي نطفة تم خلطها بين ماء الرجل وماء المرأة مهيأة لأن تكون بشرا سويا، وعليه فلا يجوز إسقاطها إلا للحاجة، وهذا مذهب المالكية، وقال به بعض الحنفية، وقال به الغزالي، والعز بن عبد السلام، وابن العماد، وابن حجر الهيتمي من الشافعية، وابن الجوزي، وابن تيمية، وابن رجب من الحنابلة، وهو مذهب الظاهرية. (الشرواني، 8/ 241، 9/ 41، الرملي، 1414هـ، 8/ 443، ابن الجوزي،104، ابن مفلح،1405هـ، 1/ 281، ابن تيمية، 1412هـ، 34/ 160، ابن رجب، 42، ابن حزم، 1352هـ، 11/33).

ومن أدلتهم:

  • عموم قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9]، والإجهاض يدخل في الوأد.
  • عموم قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ } [الإسراء: 31] فيشمل المولود، والجنين. (ابن تيمية، مرجع سابق، 24/160).
  • إذا وصل الماء إلى الرحم فقد استقر وتمكن، وهو المقصود في قوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المرسلات: 20، 21]، وعليه فمآل هذا الماء الحياة، فيكون له حكم الحياة باعتبار المآل. (السرخسي، مرجع سابق، 30/51).

4-4- موضوع النكاح لطلب الولد، وليس من كل الماء يحصل الولد، فإذا تكون فقد حصل المقصود، فتعمد إسقاطه مخالفة لمراد الحكمة. (ابن الجوزي، مرجع سابق، 104).

  • المنع من قيام الحد على الحامل لهذه النطفة، فلو كان الإجهاض للنطفة جائزا؛ لأجهضت وأقيم على الأم الحد، فدل على أن قرارها في الرحم أعطاها المكانة والحصانة في عدم الاعتداء عليها.

الحق السابع: عدم إقامة الحد على حاملة النطفة.

لا خلاف بين أهل العلم في تأجيل الحد على الحامل سواء كان هذا الحمل من زنا، أو من غيره، وسواء كان هذا الحد رجما، أو قصاصا، أو جلدا … فكل ما يضر بحملها يؤجل حتى تضعه.

قال ابن المنذر: “أجمع أهل العلم على أن المرأة إذا اعترفت بالزنى، وهي حامل: أنها لا ترجم حتى تضع حملها”. (ابن المنذر، 1425هـ،7/662).

وقال ابن قدامة: “ولا يقام الحد على حامل حتى تضع، سواء كان الحمل من زنى أو غيره. لا نعلم في هذا خلافا”. (ابن قدامة، مرجع سابق، 9/46).

وقال ابن القطان: “واتفقوا أن الحد لا يقام على الزانية وهي حبلى”. (ابن القطان، 1424هـ، 2/254).

وقد جاء في صحيح مسلم من حديث بريدة رضي الله عنه أن امرأة غامدية أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: “يا رسول الله، إني قد زنيت فطهرني، وإنه ردها، فلما كان الغد، قالت: يا رسول الله، لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزا، فو الله إني لحبلى، قال: «إما لا فاذهبي حتى تلدي»، فلما ولدت أتته بالصبيّ في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: «اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه»، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين…”. (مسلم، مصدر سابق، 1695)

ولم يفرق الفقهاء بين حمل النطفة ولا حمل العلقة أو المضغة، فما دام أن المرأة قد حملت؛ فقد تنزل عليها حكم تأجيل الحد.

فلحرمة هذه النطفة التي  لها حق الحياة، ولا ذنب لها بالعقوبة وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]،  تؤجل إقامة الحد على الحامل لهذه النطفة حتى يكتمل خلقها ويقوى عظمها، وتستغني عن الضروريات التي تحتاجها من أمها.

الخاتمة:

لوحظ مدى اهتمام الشرع الحنيف بهذه النطفة في جميع مراحلها، سواء قبل خروجها من المكلف، أو بعد خروجها، أوفي حالة استقرارها في رحم المرأة.

ومن أهم النتائج التي توصل لها الباحث:

  • أن هذه النطفة لها مشروع وغاية في الحياة وهي عبادة الله سبحانه وتعالى وعمارة الأرض الحسية والمعنوية.
  • أن الشريعة الإسلامية الغراء جعلت لهذه النطفة حقوقا يطالب المكلفبأدائها.
  • أن هذه الحقوق تبدأ المطالبة بها من وقت البلوغ، وجريان قلم التكليف على الذكر والأنثى.
  • ترك حقٍّ من هذه الحقوق يورث خللا في مهمة هذه النطفة، وخللا في عمارة الأرض، وخللا في المجتمع.
  • العزوف عن الزواج ورمي النطف في غير محلها هو هدم للإنسانية، ونشر للفساد في البسيطة، ووأد لأنفس متهيئة للخروج لعمارة الأرض.

ومما يوصي به الباحث:

  • الاهتمام من قبل الدول بتوعية النشء، وتعريفه بمهمته في الحياة، ومهمة ما سخر الله فيه من نطف في مجال الإعمار، وذلك عبر التثقيف في المدارس، ومن خلال وسائل الإعلام، ومن خلال المطويات والكتيبات التي تدعو لهذا المقصد.
  • يجب على الآباء توعية الأبناء، والحفاظ عليهم من السير في الطريق المنحرف الذي يكلف المجتمع من الدمار ما لا تكلفه الحروب.
  • تحذير الشباب من العلاقات المحرمة، والحث على إعفاف أنفسهم بالنكاح الشرعي، لتكثير نسل هذه الأمة، وتهيئة جيل محصن بالعقيدة يعيد للأمة مجدها.
  • عقد المؤتمرات، والندوات لبيان حقوق النطفة، والحفاظ على الجنس البشري.
  • ربط النشء بالعقيدة الصحيحة، والخوف من الله، فهو خير وسيلة لخروجه عن الطابع الحيواني، فينتقل بقلبه للعالم السماوي، ويسير بجسد العالم الأرضي فيبني الأرض بروح سامية سماوية عالية، وقوة وصلابة أرضية.
  • مساعدة الدول والأغنياءللشباب على الزواج، وتيسير السبل لهم في ذلك، ويكون ذلك للشاب الذي من صفته الصلاح والعقل والعفة والعلم.
  • العودة بالنفس إلى الأرضية السوية وتخليصها من شحنات الرذيلة التي حجزتها عن الطريق السوي.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

مراجع ومصادر البحث:

  • ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، أحكام النساء، دار نوبار، مكتبة التراث الإسلامي، مصر.
  • ابن القيم، محمد بن أبي بكر. (1971م)، تحفة المودود بأحكام المولود، مكتبة دار البيان، دمشق.
  • ابن باديس، عبد الحميد بن محمد. (1416ه).في مجالس التذكير من كلام الحكيم، تحقيق: أحمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • ابن تيمية، أحمد بن عبدالحليم. (1412هـ).مجموع الفتاوى، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد ابن القاسم وابنه، عالم الكتب، الرياض.
  • ابن حزم، محمد بن علي،المحلى، إدارة الطباعة المنيرية، مصر.
  • ابن رجب، عبد الرحمن بن شهاب، جامع العلوم والحكم، رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض.
  • ابن قدامة، موفق الدين عبد الله بن أحمد، (1968م)، المغني، مكتبة، القاهرة.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، (1424هـ). تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة، الرياض.
  • ابن ماجه، محمد بن يزيد،سنن ابن ماجه ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي،دار إحياء الكتب العربية، القاهرة.
  • ابن مفلح، محمد بن مفلح، (1405هـ). الفروع، عالم الكتب، بيروت.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم، (1414هـ)،لسان العرب، دار صادر، بيروت.
  • الأزهري،محمد بن أحمد، (2001م)،تهذيب اللغة، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث، بيروت.
  • الألباني، محمد بن نوح، (1415هـ)، سلسلةالأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، مكتبة المعارف، الرياض.
  • البار، محمد علي، (1406هـ)، الأمراض الجنسية، دار المنارة، جدة.
  • البار،محمد علي، (1405هـ)، الوجيز في علم الأجنة القرآني، الدار السعودية للنشر، السعودية.
  • البخاري، محمد إسماعيل، (1422هـ)، صحيح البخاري، دار طوق النجاة، بيروت.
  • ابن عاشور،محمد الطاهر بن محمد، (1984هـ)،التحرير والتنوير، الدار التونسية، تونس.
  • الحصني، أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن، (1994م)، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار، تحقيق: علي عبد الحميد بلطجي، ومحمد وهبي سليمان، دار الخير، دمشق.
  • خميس، فاروق، (1987م)، قاموس الإيدز الطبي، إعداد: محمد رفعت، دار ومكتبة الهلال، بيروت.
  • درويش، كمال. (1406هـ).الإعجاز الإلهي في مراحل خلق الجنين ، القاهرة، دار الصحوة.
  • الدسوقي، محمد بن احمد، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، دار الفكر، بيروت.
  • الدسوقي،محمد عرفة، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، دار الفكر،بيروت.
  • الدهلوي، أحمد بن عبدالرحيم، (1426هـ)،حجة الله البالغة، تحقيق: السيد سابق، درا الجيل، بيروت.
  • رحيم،ابراهيم بن محمد، (1423هـ)، أحكام الإجهاض في الشريعة الإسلامية، الحكمة، بريطانيا.
  • الرملي، محمد بن أبي العباس، (1414هـ)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، دار الكتب العليمة، بيروت.
  • السرخسي، محمد بن أحمد، المبسوط، بيروت، درا المعرفة.
  • السعدي، عبدالملك، (1989م)، العلاقات الجنسية غير الشرعية وعقوبتها في الشريعة والقانون، دار الأنبار، بغداد.
  • السفيري، محمد بن عمر، (1425هـ)، المجالس الوعظية في شرح أحاديث البرية من صحيح البخاري، تحقيق: أحمد فتحي عبدالرحمن، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • سلطان، صلاح الدين، (2005م)، الحياة الزوجية في الواقع المعاصر، دار سلطان، مصر.
  • الشرواني، عبد الحميد. العبادي،وأحمد بن قاسم.حواشي الشرواني، وابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج، مصر: دار الكتاب العربي، مصر.
  • ابن حنبل، أحمد بن حنبل، (1421هـ)، مسند أحمد، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  • الطبري،محمد بن جرير، (1420هـ)، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  • العسكري، الحسن بن عبدالله. الفروق اللغوية، تحقيق: محمد إبراهيم سليم،دار العلم والثقافة، القاهرة.
  • الغزالي، محمد بن محمد، إحياء علوم الدين، دار المعرفة، بيروت.
  • الفراهيدي،الخليل بن أحمد. العين، تحقيق: مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، بيروت.
  • القاري، علي بن سلطان،(1422هـ)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، دار الفكر، بيروت.
  • القرافي،أحمد بن إدريس،(1994م)، الذخيرة،تحقيق: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت.
  • القرطبي، محمد بن احمد. (1384ه). الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني، وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية، القاهرة.
  • القشيري،مسلم بن الحجاج. صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي،دار إحياء التراث، بيروت.
  • القطان،علي بن محمد، (1424هـ)، الإقناع في مسائل الإجماع، تحقيق: حسن فوزي الصعيدي، الفاروق الحديثة، القاهرة.
  • الماوردي، علي بن محمد، (1419هـ)، الحاوي الكبير، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الواحد، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • المرغيناني،علي بن أبي بكر، الهداية في شرح بداية المبتدي، تحقيق: طلال يوسف، دار أحياء التراث العربي، بيروت.
  • المناوي، زين الدين محمد عبدالرؤوف بن تاج العارفين، (1356هـ)، فيض القدير شرح الجامع الصغير،المكتبة التجارية الكبرى، مصر.
  • المناوي،محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين. (1408هـ)،التيسير بشرح الجامع الصغير، مكتبة الإمام الشافعي، الرياض.
  • المنذر، أبوبكر محمد بن إبراهيم، (1425هـ)،الإشراف على مذاهب العلماء، تحقيق: أحمد الأنصاري، مكتبة مكة الثقافية، رأس الخيمة.
  • المودودي، (1964م)، الحجاب، تعريب: محمد كاظم السباق،دار الفكر، دمشق.
  • النووي، محيى الدين بن شرف، (1392م)،المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
  • النووي، محيي الدين يحيى بن شرف، (1352هـ)،المجموع، ، درا الفكر، بيروت.
  • هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي،علم الأجنة، مطابع رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة.
  • الواحدي، علي بن أحمد، (1415هـ)،الوسيط في القرآن المجيد، دار الكتب العلمية، بيروت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *