أ.م.د. فرح غانم صالح

 قسم اللغة العربية -كلية التربية للبنات–  جامعة بغداد

farouha_a76@yahoo.com

07730882376

الملخص

مع مطلع القرن العشرين كان هناك اهتمام من لدن بعض المؤسسات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بقضية المرأة، فظهرت دعوات الى الاصلاح الإجتماعي وتحرير المرأة وتفعيل مشاركتها في المجتمع، وظهرت كتب عديدة تناولت إنجازات المرأة وحقوقها ومكانتها في المجتمع، واثرها في النضال الوطني، وحاولت هذه المؤسسات الكشف عن دور المرأة العربية في تقدم المجتمع حضاريا، إذ أدرك المتنورون مكانتها في نهوض المجتمع، فشجعوها على التعلم والمشاركة في النشاطات الاجتماعية والثقافية، كما أسهمت هذه الدعوات بعدئذٍ في دعم نتاجها الأدبي، إذ إزداد نشر المرأة لنتاجها الأدبي فظهر الاهتمام بالأدب النسوي، وهذا الأدب تميز بخاصيته المعبرة عن ذات المرأة الكاتبة لقضاياها وخفايا حسها في البيئات النسائية، إذ يصف معاناة المرأة في المجتمع  ومشاكلها النفسية والامها الناتجة عن صراعها الداخلي بين تحقيق ذاتها  والطاعة لمقاييس اجتماعية تهضم حقوقها الإنسانية ولا بد من الاشارة إلى أنَّ ظروف المجتمع السياسية والاقتصادية والثقافية تؤثر وتقيد تفكير وابداع المرأة، إذ تعرضت لحرمانها من التعليم والحرمان من الفرص المتكافئة لنشر نتاجاتها الادبية وهذا يُؤثر في نفسية النساء وفي ابداعها الإنساني، وفي العراق بقيت المرأة بعيدة عن ميادين التعليم حقبة طويلة إلى أن جاء العصر الحديث بقفزاته العلمية والثقافية الكبيرة والتي سمحت للمرأة بالدخول في مجالات العلم والمعرفة.

فظهرت اسماء لامعة لناقدات وشاعرات عراقيات نسجن أروع القصائد الهادفة والخادمة لذات الانثى ولقضايا المجتمع الذي يفرض القيود التي تُقيد كتاباتها الابداعية، لكنها تتواصل لتكتب المرأة الشاعرة العراقية اليوم في الأدب لتحلق في فضاء الابداع الشعري، فميدان بحثنا ذكر اسماء شواعر عراقيات كتبن في القضايا الوطنية والقومية والاجتماعية والفلسفية وفي الغزل والطبيعة فضلا عن كتابتها في القصة والدراما والآسطورة والرمز والموسيقى ولقد أخترت نماذج لقصائد شاعرات عراقيات معاصرات لديهن ابداعات يُشار لها بالبنان في فضاءات ثقافية.

الكلمات المفتاحية

المرأة الشاعرة , الوعي , الحرية , الطبيعة , الغزل

Empowering the poetic woman

 A.M.Dr. Farah Ghanim Saleh

Workplace/ University of Baghdad, College of Education for Girls

At the beginning of the twentieth century, there was interest from some social, cultural and economic institutions in the issue of women, so there were calls for social reform, the liberation of women, and the activation of their participation in society, and many books appeared dealing with women’s achievements, rights and status in society, and their impact on the national struggle, and these institutions tried to uncover On the role of Arab women in the civilized progress of society, as the enlightened realized her position in the advancement of society, so they encouraged her to learn and participate in social and cultural activities. These calls subsequently contributed to supporting her literary production, as women’s dissemination of their literary production increased, and interest in feminist literature appeared, and this literature was distinguished by its characteristic of Expressing the same woman who writes about her issues and the secrets of her sense of women’s environments, as he describes the suffering of women in society and her psychological problems and pain resulting from her internal struggle between self-realization and obedience to social standards that digest her human rights. It must be noted that the political, economic and cultural conditions of society affect and restrict women’s thinking and creativity She was deprived of education and deprived of equal opportunities to publish her literary productions Which affects the psyche of women and their human creativity.

 In Iraq, women remained far from the fields of education for a long period until the modern era came with its great scientific leaps, which allowed women to enter the fields of science and knowledge. Brilliant names of Iraqi critics and poets appeared, we imprisoned the most wonderful poems of purpose and female servants and the issues of society that impose restrictions restrict their creative writings, but they continue For the Iraqi woman poet today to write in literature to fly in the space of poetic creativity, the field of our research mentioned the names of Iraqi poets who wrote on national, national, social and philosophical issues and in yarn and nature as well as writing them in story, drama, legend, symbol and music. in cultural spaces.

key words

Poet woman, awareness, freedom, nature, spinning

مقدمة البحث

مع مطلع القرن  القرن العشرين كان هناك اهتمام من لدن بعض المؤسسات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بقضية المرأة , فظهرت دعوات الى الاصلاح الإجتماعي وتحرير المرأة وتفعيل مشاركتها في المجتمع , وظهرت كتب عديدة تناولت إنجازات المرأة وحقوقها ومكانتها في المجتمع ,واثرها في النضال الوطني , وحاولت هذه المؤسسات الكشف عن دور المرأة العربية في تقدم المجتمع حضارياً , إذ أدرك المتنورون مكانتها في نهوض المجتمع , فشجعوها على التعلم والمشاركة في النشاطات الاجتماعية والثقافية , كما أسهمت هذه الدعوات بعدئذ في دعم نتاجها الأدبي حيث إزداد نشر المرأة لنتاجها الأدبي فظهر الاهتمام بالأدب النسوي , وهذا الأدب تميز بخاصيته المعبرة عن ذات المرأة الكاتبة لقضاياها وخفايا حسها  البيئات النسائية , إذ يصف معاناة المرأة في المجتمع ومشاكلها النفسية وآلامها الناتجة عن صراعها الداخلي بين تحقيق ذاتها والطاعة لمقاييس اجتماعية تهضم حقوقها الإنسانية ولا بد من الاشارة إلى أنّ ظروف المجتمع السياسية والاقتصادية والثقافية تؤثر وتقيد تفكير وابداع المرأة , إذ تعرضت لحرمانها من التعليم والحرمان من الفرص المتكافئة لنشر نتاجاتها الأدبية وهذا يؤثر في نفسية النساء وفي ابداعها الانساني .

 وفي العراق بقيت المرأة بعيدة عن ميادين التعليم حقبة طويلة إلى أن جاء العصر الحديث بقفزاته العلمية  الكبيرة والتي سمحت للمرأة بالدخول في مجالات العلم والمعرفة , فظهرت أسماء لامعة لناقدات وشاعرات عراقيات نسجن أروع القصائد الهادفة والخادمة  الانثى ولقضايا المجتمع الذي يفرض القيود  تقيد كتاباتها الابداعية , لكنها تتواصل لتكتب المرأة الشاعرة العراقية اليوم في الأدب لتحلق في فضاء الابداع الشعري , فميدان بحثنا ذكر اسماء شواعر عراقيات كتبن في القضايا الوطنية والقومية والاجتماعية والفلسفية وفي الغزل والطبيعة فضلاً عن كتابتها في القصة والدراما والأسطورة والرمز والموسيقى ولقد أخترت نماذج لقصائد شاعرات عراقيات معاصرات لديهن ابداعات يُشار لها  بالبنان في فضاءات ثقافية .  

مشكلة البحث

من المشاكل التي نعرضها بشكل أدبي قضية صراع وعي الشاعرة العراقية مع المجتمعات الشرقية  فلقد ادركت المرأة العراقية وضعها في ظل الوعي الفكري الذي شمل الحياة كلها، والذي جاء نتيجة منطقية للوعي القومي الذي وصلت اليه البلاد العربية بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث كان حافزاً لإنطلاقها الأدبي ، وأذابت قضايا الوطن بخصوصيتها كأنثى ، فأصبحت هي الوطن ذاته ، تدعو إلى النضال وإلى تحرر المرأة واثبات ذاتها عن طريق شعرها ( البيرماني ,2010 , ص30 ) ولقد عبرت الكثير من (( الشاعرات العراقيات عما يختلج في صدورهن من هموم الوطن ومشاكله وآلامه وعبث الاجنبي بمقدراته )) ( طبانة ,1947 , ص53 ) ونتيجة لهذا التناغم بين الذات والوطن فتحولت (( قضية الوطن الى تجربة ذاتية )) ( المسعودي , 2007 ,ص37 ) . لكونها تتعامل مع قضايا وطنها وقضايا الوطن العربي من منطلق عالمها الملون بإحساسها الانثوي ، لذلك كانت قصائدها مفعمة بالرومانسية من جهة أنوثتها ورقتها من جهة ، متمازجة مع رسالتها الوطنية من جهة ثانية .

أهمية البحث

تكمن في دور الشاعرة العراقية بعرض نتاجها الأُنثوي الأدبي

أ- صور الحرب والوطن

ففي قصيدة الحرب مثلا لاتهتم الشاعرة بذكر التفاصيل وصور الحرب لإنها في كل وقت تخشى فقدان الأب أو الأخ أو الزوج أو الحبيب ( البيرماني , 2010 , ص31 ) ، ومن فيض المشاعر الوطنية في نفوس الشاعرات العراقيات المعاصرات حنين وطنها الجميل ، لتقول لميعة عباس عمارة في قصيدتها (بغداد هواي)…

كانَ وهماً

شواطئ البحر تقصينا فأنساه،

كان وهماً فِراري

كنتُ أمشي

بلا حياةٍ بلا روحٍ

يحُسُ الجمالُ حولي إحتضاري

صامتُ كلَّ ما أراهُ

من الوحشةٍ منحوت

وما زالتْ بتَوقيت بغدادَ ساعَتي

أرصُد فيها

نهارَهُ

لانهارَهُ

                                     لانهاري . ( عمارة ,1972 ,ص47-48 )

وتصل عاتكة الخزرجي إلى مرحلة التوحد الوجداني مع وطنها ، لتقول في قصيدتها (وطني العراق) :

  وطني العراقُ فديتهُ                   ووقيتهُ إنْ عزَّ واقِ

     وطني فداه دمي وأهـ                   ــلي والاعَّزةُ من رفاقي

                                     أنا أنتَ يا وطني كلا                       نا واحدٌ رهن اتفاق

                                     أنا إنْ ذهبتُ فأنت يا                  وطني على الأيام باقِ (الخزرجي ,1986 ,ص40 )

ولقد كتبت الشاعرات العراقيات في الحرب والبطولة والشهيد وفي القضايا القومية التي تضمنت الدعوة الى الوحدة العربية والفخر بأمجاد الامة العربية فضلا عن القضية الفلسطينية ، والقضايا الاجتماعية التي حُظيت بإهتمام شاعرات العراق ونلحظ في النصف الثاني من القرن العشرين كيف ((أثبتت المرأة العراقية جدارة في ميادين الثقافة كاف ، الشعر ، القصة ، الفنون التشكيلية ، السينما ، المسرح ، الاذاعة والتلفزيون ، وعلى الرغم من التطور الهائل الذي حصل في المرأة العراقية  إلا أنه لم يكن تطوراً شاملاً.. لأنَّ تطور الواقع لم يكن تطوراً شاملاً ، كما أنَّ المرأة التي بلغت مستوى من الرقي ما زالت تحتفظ في اعماقها بكل رواسب العصور السابقة وكأنها تعيش تاريخها وتستحضر عالمها المغلق في القرن التاسع عشر)) ( البصري , 1971 , ص266-267 )

ب- صور اجتماعية متلونة

عبرت الشاعرة العراقية عن حريتها الاجتماعية والعاطفية من خلال تلك الصور الشعرية المتدفقة من رغباتها المكبوتة ، لذلك انشدت الشاعرة صبرية الحسو في قصيدتها (الشعب ثار) :

اختاهُ لا تتعجلي ثرنا على كل القيود

ورأيت إصراراً وعزماً منك يحلق ما يريد

ورأيت نغمتك المريرية فانثنيت لها أزيد

                          الشعب بركان يثور وانتِ مأمله الوحيد (الحسو ,1959 ,ص7 )

وكتبت الشاعرات العراقيات في الامومة لتنشد الشاعرة صابرة العزي في قصيدتها الأُم وهي تقدم الشكر لوالدتها حاملة لهمومها

                      هي تلك أمي ما حييتُ أَجلُّها

                                                   وأذيبُ وحشتها بطيب تلاقِ

                      هي تلك أمي إن ذكرتُ صفاتها

                                                    لم أحصُهنَّ وتنتهي أوراقي

                      ولأجلها أهوى شهادة شاعر

                                                     مترنم بمكارم الأخلاقِ ( العزي , 1985 , ص196 )

ووظفت الشاعرة نجاة عبد الله الارقام في شعرها التوحي تجاه مسألة الخيانة التي تمس عالم المرأة حيث رمزت في قصيدتها (( الجمال والسلام والرقة المتناهية والهدوء )) إذ يبحث هذا الطائر الملون عن الحرية كما تبحث المرأة عن حريتها.

(واحد ÷ واحد) = خائن

تندلعُ الدموع

قبلَ الفراشات

حين يخون المطر

                            قبعة العاشق (عبد الله , 1996 , ص91 )

وقولها في عملية حسابية :

(واحد × واحد = محبة)

أرسم الخيانة

بلامنقار

لتبني الحصى

                                عضة من صديق ( عبدالله ,1996 ,ص 92 )

ورصدنا جانب الغيرة في شعرها المرأة العراقية لتتقول عاتكة الخزرجي في (غَيْرة)…

أني اغارُ عليكِ يامولاي من خَفقِ السَّنيمْ

وأخاف من وهج الضحى          إن مسَّ وجهك والأديمْ

                                 وأغار من  لحظ العيون العيونِ      على محُيَّاك الوسيم

                              وأودُّ يامولاي لو أني خَبَأتك في الصميم ( الخزرجي ,1986 ,ص188 )

ج- صور فلسفية

ولقد خاضت الشاعرة العراقية في الجوانب الفكرية والتأملية ، متسائلة عن سر الوجود ورحلة العودة إلى الدار الآخرة والإنسان           ( البيرماني ,2010 ,ص135 ) (( منذ أن استخلفه الله في هذه الأرض وهو يتأمل هذا الكون وما فيه من مظاهر طبيعية لا حصر لها.. واسرار مغلقة تستعصي على فهمه وتتأبى على إدراكه.. فراح يتساءل : ممَّ وجد؟ ولماذا وجد؟ ))( سمرين , 1990 ,ص296 )

إذ تبحث لميعة عباس عمارة في قصيدتها (الزائر المتوقع) عن المجهول وترقب ساعة الموت لتتزين وتلبس أجمل ما عندها وكأنها تتحدى خوفها وتثبت لنفسها مدى شجاعتها في استقبال ما يُهدد حياتها ، لتقول :

لو أعرفها الساعةَ

ساعة موتي

لتزيّنتُ

لَبستُ أميرة ،

لأُقابلَ مجهولاً

خافت منهُ الناسُ

وما خفتُ

تجربةُ أخرى

هذا الموتُ

مذ كنت

                           الحالمة الحيرى (عمارة ,1958 , ص18 )

وتعقد الشاعرة نهال العبيدي صورة مقارنة بين قساوة البركان والإنسان لتقول في قصيدتها ( لسعة ظلم )..

يا هذه الجبالُ والسهولُ والوديان

لو تعلمينَ ما سببهُ البركانُ

                         من الأسى ، أخف من قساوة الانسان (العبيدي ,1975 , ص44 )

د- صور الغزل والطبيعة

ومثلما نلحظ تأثير الاتجاه الوجداني في نتاج الشعراء العرقيين ، نلمس كذلك تأثيره في الشعر النسوي العراقي بشكل كبير ، ويرجع السبب في ذلك لما له من صلة مباشرة تتوافق مع طبيعة المرأة وإيغالها في الذاتية وعمق عاطفتها وإطلاق العنان لخيالها ، ويؤشر الباحث الدكتور سمير كاظم الخليل إلى ندرة الغزل في الشعر النسوي في العراق وكونه لا يُشكل ظاهرة في الشعر العراقي الحديث ، ويُعلل الأمر بطبيعة المجتمع العراقي والتزامه بالقيم الاخلاقية ، فضلا عن أنّ الشعر العربي عامة كان شعر رجال وأعرافه المتوارثة ذات صلة بالفحولة والرجولة والنظرة إلى المرأة من زاوية تمثيلها الجانب السلبي في العلاقة العاطفية. ( الخليل , 1987 , ص36 ) .

إذ تنقلنا الشاعرة حياة جاسم إلى صورة من الصور الرومانسية التي رسمها قلبها النابض باسم الحب ، فهي تصور عناق الحروق في قصيدتها (الحرفين ) :

هل يلتقي الحرفان في كلمة؟!

يتعانقان

فتذوب اوهام الدخان

في ذروة سكرى ، وفي صمت القرار

في ذروة سكرى ، وفي صمت القرار يتوحدان

                             فلا زمان ولا مكان ( جاسم , 1970 , ص37 )

أما لميعة عباس عمارة وصفت جيبها ( بالنبي الوديع ) في قصيدتها (شهرزاد) قائلة:

لعينيك أنتَ يلذّ العذابْ

ويستعذب القلبُ مُرَّ الشراب

ففيك عرفتُ النبيَّ الوديع

                                     وما كنتُ أعرفُ إلاّ ذئاب (عمارة , 1958 , ص11 )

واهتمت شاعراتنا العرقيات بالطبيعة ، حيث وجدن في الطبيعة مجالاً رحباً للتعبير عن تجارتهن الشعورية بعذوبة ، فأتخذن منها رموزاً للتعبير عما يختلج في نفوسهن من حزن وسرور وألم وحسرة وحرمان عاطفي ، فبحثت الشاعرة عن متنفس لها تعبر بوساطته عن احساسها المتفاعل مع مظاهر الطبيعة التي يتجلى فيها جمال المرأة وانوثتها ، وما التصوير إلا وسيلة لمحاكاة الطبيعة والتعامل معها ، ولهذا نجد بين الشعراء من كان يضفي على الطبيعة (( من ذاته مشاعر وإنسانية فستحيل في نظره إلى كائنات تفكر وتنطق وتتألم وتلتذ وتحب وتبغض )) ( القيسي , 1970 , ص245 )

لتقول لميعة في قصيدتها (لو انبأني العراف) :

لو أنبأني العّراف

انَّ حبيبي في الليلِ الثلجيَّ

سيأتيني بيديه الشمسْ

لم تَجمُدْ رئتايَ

                            ولم تكُبرْ عينيَّ همومُ الأمس  ( عمارة , 1980 , ص8 )                  

وفي صورة تؤسر المتلقي تصور الشاعرة ضوية عبد الباقي لتصف نفسها نجمة حائرة تبتسم شجوب وتنتظر نظرة حنون من حبيبها متخذة من الطبيعة ذريعة لتشكي همها فتقول :

يوم تركتني خلفتني في ضباب الذكرى

نجمة حائرة

خلفتني خلف جدار الليل

ابتسم بشجوب

انتظر نظرة باسمة ( عبد الباقي , 1986 , ص77 )

هـ- صور فنية

ولابد من الاشارة الى أنَّ التجربة الشعرية في أساسها تجربة لغة من خلالها (( يفصح الشاعر عن حالته النفسية ، وانفعالاته الداهلية بصورة مؤثرة ، ويخلق بينه وبين المتلقي ما يشبه العدوى في تبادل الأحاسيس والعواطف مما يزيد من جمال الاحساس بالمتعة عند قراءة النصوص الشعرية )) ( الكبيسي , 1982 , ص85 )

فضلا عن تنويع تكرار الخطاب الشعري الذي تفننت به الشاعرة العراقية في تأكيد مضمون أفكارها المتألقة بوساطة تكرار الحرف والاسم والفعل والعبارة ، لتقول الشاعرة وداد الجوراني في (كوراث الحروب) إذ كررت التأوه واستخدام الفعل (تقطعني) :

آهٍ تقطعني كوارث الحروب

آهٍ ، تقطعني كوارث ما بعدَ الحروب

آهٍ ، وآهٍ ، من مصطلحات كل الحروب

شظاياها تُعبّد الطريق إلى فمي

                                  ويختفي غبارها  ( الجوراني , 1995 , ص37 )

وابعدت المرأة في تكثيف الصورة الشعرية لتقول نجاة عبدالله :

أكتم إني أُحّبك ،

وأكتفي بحزن البحرين :

الأبيض على الميت

                                  والآخر لأنه أكثر سواداً( عبد الله , 1996 , ص58 )

خاتمة البحث

وفي خاتمة بحثنا نرصد قدرة الشاعرة العراقية المعاصرة في كتابة القصيدة المعبرة عن رؤية المرأة لذاتها ، وقضاياها الاجتماعية والنفسية والإنسانية ، حيث اثبتت الشاعرة العراقية هويتها النسوية في مجال الشعر وكرست قيم الأنوثة في أرض الشعر من خلال رؤيتها النسوية التي طبقتها في المشهد الشعري، لذلك كتبت في موضوعات متعددة تخص عالمها ، فرسمت لوحات شعرية مؤثرة في نفس المتلقي لتُخلد في الذاكرة الدواوين الشعرية.

التوصيات

1-تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في دعم نشاط المرأة الأدبية التي تعبر عن قضاياها المتنوعة ( الاجتماعية –النفسية –الانسانية )

2- تفعيل قانون حماية المرأة الأديبة من اجل حرية نشر حرية أفكارها وطبع مؤلفاتها في مجال الأدب دون تقييد من قبل المؤسسات الثقافية وتمييزها عن صوت الرجل الكاتب لتؤكد على الجندرية ومبدأ أن الأدب يحكمه الابداع وليس الجنس .

3- تأسيس مكتبات في دول العالم كافة في المدارس والجامعات وبكل اللغات لاحتضان مؤلفات المرأة الكاتبة في مجال الشعر , النشر , الرواية , المسرح فضلاً عن الاكثار من الندوات والورش والمؤتمرات التي ستقرأ دور المرأة تاريخياً في العلوم الانسانية والاجتماعية كافة , وتكريم المرأة المبدعة في المحافل الدولية والمحلية .

قائمة المصادر والمراجع

  • أدب المرأة العراقية في القرن العشرين , د. بدوي طبانة , بيروت – لبنان ,ط2, 1947 .
  • اول الطريق الى النهضة النسوية في العراق , صبيحة الشيخ داود , مطبعة الرابطة , بغداد ,1958 .
  • الطبيعة في الشعر الجاهلي , د. نوري حمودي القيسي , دار الارشاد , بيروت – لبنان , 1970 .
  • شعر المرأة العربية المعاصرة , د. رجا سمرين , دار الحداثة للطباعة , بيروت – لبنان , ط1 , 1990 .
  • لغة الشعر العراقي المعاصر , عمران خضير الكبيسي , باشراف د. سهير القلماوي , الكويت ,ط1 ,1982 .
  • نازك الملائكة ( الشعر والنظرية ) , عبد الجبار داود البصري , دار الحرية للطباعة , بغداد , 1971 .

الدواوين الشعرية

  • أحد عشر وتراً  في القيثارة السومرية , وداد الجوراني , وزارة الثقافة والاعلام , دار الشؤون العامة , بغداد , 1995 .
  • الزاوية الخالية , لميعة عباس عمارة , مطبعة الرابطة , بغداد , 1958 .
  • سيزيف يتمرد , حياة جاسم , مطبعة الامة , بغداد ,1970 .
  • شيء آخر للحب , نهال حسن العبيدي , مطبعة حداد , البصرة , 1975 .
  • قيد ولحن , صبرية الحسو , مطبعة الوفاء , بغداد , 1959 .
  • قيامة استفهام , نجاة عبد الله , مطبعة بغداد , ط1 ,1996 .
  • لو أنبأني العرّاف , لميعة عباس عمارة , المؤسسة العربية للدراسات والنشر , بيروت – لبنان , ط1 ,1980 .
  • المجموعة الشعرية الكاملة ( ستة دواوين ومسرحية ) , عاتكة الخزرجي , مطبعة الكويت , 1986 .
  • نهر الحنان والاحزان , ضوية عبد الباقي , مطبعة واوفسيت , بغداد , 1986 .
  • نسائم السحر , صابرة محمود العزي , راجحة خالد العزي , مطبعة الامة , بغداد , 1985 .
  • سيمونة الحب , لميعة عباس عمارة , بيروت , 1972 .

اطاريح الدكتوراه الجامعية

  • اتجاهات الغزل في الشعر العراقي الحديث (1945-1967 ) , سمير كاظم الخليل , اطروحة دكتوراه , جامعة بغداد , كلية الآداب , 1987 .
  • الشعر النسوي في العراق , دراسة موضوعية وفنية , فرح غانم صالح البيرماني , اطروحة دكتوراه , جامعة بغداد ,كلية التربية للبنات , 2010 .
  • الوطن في شعر السياب , كريم مهدي المسعودي , اطروحة دكتوراه , كلية الآداب , 2007 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *