مدرس مساعد زينب صبري محمد الخزاعي

جامعة القادسية- كلية القانون – العراق

zainab.sabri@qu.edu.iq

009647821619251

الملخص

أن التأديب هو من الضرورات التي تقوم عليها المجتمعات المنظمة كافة ويحظى هذا النظام بأهمية خاصة في نطاق الوظيفة العامة باعتباره ضمانا” لحسن سير المرافق العامة وحفظ النظام العام في مكان العمل وتحقيق أهداف الإدارة ومكافحة الفساد المستشري فيها ونظرا” لتكييف النقابات المهنية احدى المظاهر الرئيسية للحريات التي يمارسها الموظف العام ونوعا” من أنواع المرافق العامة تتمتع بمقتضى قوانين أنشائها لسلطة تنظيمية هدفها تحقيق الغرض الذي قامت من أجله كما تتمتع بالشخصية المعنوية على اعتبار أنها منظمة إدارية عامة لها شخصيتها القانونية واستقلالها المالي والإداري ولها سلطة انضباطية ورقابية تمارسها على العاملين فيها نتيجة إخلالهم بواجباتهم المهنية وارتكابهم للجرائم التأديبية مع خضوعها للوصاية الإدارية من قبل السلطة التنفيذية ، ولأهمية ذلك ارتأينا البحث في النظام التأديبي لأعضاء النقابات المهنية وفقا” للتشريعات العراقية وبيان ماهية الجريمة التأديبية والجزاءات المفروضة عليها ومدى كفايتها وشرعيتها ومدى التزام السلطة المختصة بذلك وماهي الإجراءات التأديبية الواجب اتباعها وكيفية التوازن فيها بين الضمان والفعالية وماهي اهم الضمانات الممنوحة لأعضاء النقابات المهنية وسبل تطبيقها في مرحلة التحقيق والاتهام والطعن ، وإبراز ملامح دور القضاء الإداري في الرقابة على تأديب أعضاء النقابات المهنية ، أما مشكلة البحث فتتمثل بالإجابة على العديد من التساؤلات واهمها هل ينطبق وصف الموظف العام على العاملين في النقابات المهنية ؟ وهل للنقابات المهنية امتيازات السلطة العامة وهل يحق لأعضاء النقابات المهنية الطعن بالقرارات التأديبية الصادرة بحقهم؟ وما هو السند القانوني للطعن؟ وهل أن هذه الجزاءات كافية لردع العضو المخالف وزجره وفقا” للأنظمة الخاصة بالنقابات؟ وقد اتبعنا منهج يتماشى مع طبيعة الموضوع ومعالجته وهو البحث الوصفي والتحليلي لنصوص القوانين لتحديد المفاهيم والمصطلحات القانونية وتجميع المعلومات واستخلاصها من التشريعات ذات العلاقة والكتب والدراسات ولبيان أوجه القصور في التشريعات النقابية للوصول الى النتائج والمقترحات التي تحقق الهدف من هذه الدراسة. وقد تم تقسيم الدراسة ألي مبحث تمهيدي نتكلم فيه عن ماهية تأديب أعضاء النقابات المهنية وبمطلبين الأول عن مفهوم عضو النقابات المهنية وعلاقته بالنقابة  والثاني مفهوم العقوبة التأديبية وعناصرها وثلاثة مباحث رئيسية نتناول في الأول منها مفهوم الجريمة التأديبية والجزاءات المترتبة عليها وبمطلبين أيضا” نتناول في المطلب الأول الأركان العامة للجريمة التأديبية وفي المطلب الثاني الجزاءات المترتبة عليها والسلطة المختصة بفرضها وفي المبحث الثاني الضمانات القانونية لأعضاء النقابات المهنية تجاه الإجراءات التأديبية وبمطلبين نبين في الأول منه الضمانات السابقة لفرض العقوبة والثاني نتكلم فيه عن الضمانات اللاحقة لفرض العقوبة التأديبية والمبحث الثالث رقابة القضاء على القرارات التأديبية النقابية من خلال دعوى الغاء القرار التأديبي وأسباب الدعوى وأثارها  ومن ثم نخلص الى جملة من النتائج والتوصيات التي نامل بان تجد لها حيزا” من التطبيق .

الكلمات المفتاحية: النقابات المهنية، العقوبات التأديبية، الموظف العام، الجريمة التأديبية، الضمانات القانونية.

 

The legal system for disciplining trade union members in Iraq

Assistant – lecture Zainab Sabri Mohammed alkozai

Al-Qadissiya University – Faculty of Law – Iraq

Abstract

Discipline is a necessity on which all organized societies are based and this system is particularly important within the public service as a guarantee of the proper functioning of public facilities, the maintenance of public order in the workplace, the achievement of the objectives of the administration and the fight against widespread corruption, and the adaptation of trade unions as one of the main manifestations of freedoms exercised by the public servant and a type of public utility that, under the laws of its establishment, has a regulatory authority aimed at achieving its purpose and moral personality. It is a general administrative organization with its legal personality and financial and administrative independence and has a disciplinary and supervisory authority to exercise on its employees as a result of violating their professional duties and committing disciplinary crimes while subjecting them to administrative guardianship by the executive branch, Because of the importance of this, we decided to look into the disciplinary system of members of trade unions in accordance with “Iraqi legislation and to show what disciplinary crime and sanctions are imposed on it, the extent to which it is sufficient and legitimate, the extent to which the competent authority is committed to this, what disciplinary procedures to follow and how to balance it between guarantee and effectiveness, what are the most important guarantees granted to members of trade unions and ways to apply them at the stage of investigation, accusation and appeal, and highlight the role of administrative justice in controlling the discipline of members of professional unions, while the problem of research is to answer the answer to the question of the role of administrative justice in controlling the discipline of members of professional unions.  Many questions, the most important of which is whether the description of the public servant applies to workers in trade unions? Do trade unions have the privileges of public authority and are members of trade unions entitled to appeal their disciplinary decisions? What is the legal basis for the appeal? Are these sanctions sufficient to deter and force the offending member by the union regulations? We have taken an approach in line with the nature and treatment of the subject, namely, descriptive and analytical research of the texts of the laws to identify legal concepts and terminology and to collect and extract information from relevant legislation, books and studies, and to demonstrate the shortcomings of trade union legislation to reach the results and proposals that achieve the objective of this study. The study was divided into preliminary research in which we talk about what is the discipline of members of trade unions and two demands the first is about the concept of the member of trade unions and its relationship with the union, the second is about the concept of disciplinary punishment and its elements and three main investigations, the first of which we address the concept of disciplinary crime and its sanctions and two demands.  After the imposition of disciplinary punishment and the third research control the elimination of union disciplinary decisions through the case to overturn the disciplinary decision and the reasons for the case and raise it and then conclude several results and recommendations that we hope will find space” from the application.

Keywords: trade unions, disciplinary sanctions, public servant, disciplinary crime, legal guarantees.

 

المقدمة

بعد التطور الذي شهدته الدولة في تغير وظيفتها من كونها دولة حارسة إلى محتكرة لبعض الأنشطة والمهن الحرة، بحيث كان لابد من وجود تنظيم قانوني يحكمها وهو ما تجسد في ظهور المنظمات المهنية بحيث تقوم بدور التنظيم التسيير للمهنة باعتبارها تنظيمات مستقلة بكيانها القانوني تشرف وتأطر نشاطات مهنية معينة، فظهور هذه المنظمات وبروزها للوجود أدى الى طرح عدة تساؤلات حول ماهية هذه المنظمات وطبيعة نشاطها وأعمالها والقرارات التي تصدر عنها. ولقد تعددت هذه المنظمات وتنوعت بتعدد الدور الذي تقوم به في مسايرة التطورات الاقتصادية والاجتماعية للدولة، فمنها ما هو ذو طابع قانوني، كمهنة كالمحاماة و منها ما هو ذو طابع تقني فني كالطب والهندسة والصيدلة على سبيل المثال،  فتنظيم المهن دفع بالدولة لإعطاء أهمية كبيرة لهذه المنظمات وتأطيرها بقواعد قانونية متنوعة نظرا” لما  تتمتع به  هذه المنظمات باختصاصات وصلاحيات واسعة، كحقها في وضع نظامها الداخلي وقبول ترشيحات الانضمام للمهنة، وذلك بموجب قرارات تتسم بالطابع الإداري، مما يعني أن هذه القرارات تكون قابلة للطعن فيها أمام مجلس الدولة، بالإضافة أيضا للنظر في تأديب أعضاءها وتوقيع عقوبات تأديبية على المخالفين والرقابة عليهم وتأمين الانضباط داخل المنظمة عن طريق هيئات مكلفة بذلك. وتخضع تلك الأنشطة إلى نظام قانوني خصوصي

يمكن حصره في تقنية تسيير أو تنفيذ المرافق العامة كفكرة شاملة تشمل كل المرافق ومنها المرافق العامة المهنية كمرفق عمومي كمفهوم شامل ينحدر منه مفهوم المنظمات المهنية بمختلف تخصصاتها الحرفية أو المهنية لاشتراكها في تحقيق هدف واحد وهو الخدمة العمومية مما يجعلها تختلف عن بعض التنظيمات المشابهة لها كالنقابات العمالية من حيث نظامها القانوني هذه الأخيرة

التي تخضع للقانون الخاص هو قانون العمل على عكس المنظمات المهنية التي تتميز بطابع تركيبي تتقاطع فيه قواعد القانون العام والخاص جعلها المحتكر الوحيد لتأطير ورعاية ممارسة العديد من الأنشطة والمهن بعد تنازل الدولة عنها لفائدة الأفراد. وتكمن أهمية البحث من خلال الأهمية العلمية للموضوع في أن المنظمات المهنية تعد من أهم المواضيع التي تطرح إشكالات واسعة إلا أنها لم تحظ ببحوث ودرا سات معمقة، وهو ما جعل أحكامها القانونية محل جدل فقهي وقانوني لتحديد معالم هذه المنظمات وما يترتب عليها من آثار قانونية حول مختلف تصرفاتها وأعمالها، نظر لأهميتها في الحياة الاجتماعية في وقتنا الحاضر من خلال تنظيمها لمهن مهمة تمثل مرافق عامة أساسية للمجتمع. أما الأهمية العملية فتكمن في الدور الذي تلعبه المنظمات المهنية على الصعيد العملي وكيفية تنظيمها وأدارتها لشؤون المهنة التي ترعاها وسعيها لتحقيق الغرض المرجو منها والذي وجدت من أجله، وأيضا في سعي هذه المنظمات إلى تحقيق المصلحة العامة بالإضافة إلى الرقابة التي تخضع لها نشاطات هذه المنظمة سواء كانت رقابة إدارية أم رقابة قضائية. ولأهمية ذلك ارتأينا  أيضا” البحث في النظام التأديبي لأعضاء النقابات المهنية وفقا” للتشريعات العراقية وبيان ماهية الجريمة التأديبية والجزاءات المفروضة عليها ومدى كفايتها وشرعيتها ومدى التزام السلطة المختصة بذلك وماهي الإجراءات التأديبية الواجب اتباعها وكيفية التوازن فيها بين الضمان والفعالية وماهي اهم الضمانات الممنوحة لأعضاء النقابات المهنية وسبل تطبيقها في مرحلة التحقيق والاتهام والطعن ، وإبراز ملامح دور القضاء الإداري في الرقابة على تأديب أعضاء النقابات المهنية وتقييم عمل ونشاط هذه المنظمات بالنظر إلى القوانين التي تحكمها إضافة الى دراسة النظام القانوني لبعض هذه المنظمات و أن تكون هذه الدراسة الأكاديمية مصدر يمكن الاستفادة منه ولفت الانتباه إلى نقاط الضعف والقوة في النظام القانوني للمنظمات المهنية في التشريع العراقي ، مع محاولة تسليط الضوء على بعض الجوانب المتعلقة بنشاط المنظمات المهنية خاصة ما يتعلق بالقرارات التي تصدر عنها، وكيفية الرقابة عليها من قبل الجهات المختصة بذلك..

أما مشكلة الدراسة فتتمثل بالإجابة على العديد من التساؤلات واهمها هل ينطبق وصف الموظف العام على العاملين في النقابات المهنية؟ وهل للنقابات المهنية امتيازات السلطة العامة وهل يحق لأعضاء النقابات المهنية الطعن بالقرارات التأديبية الصادرة بحقهم؟ وما هو السند القانوني للطعن؟ وهل أن هذه الجزاءات كافية لردع العضو المخالف وزجره وفقا” للأنظمة الخاصة بالنقابات؟

وتتمثل الصعوبات التي واجهتنا من خلال هذا البحث كخطوة أولى في التداخل الكبير بين مصطلح المنظمات المهنية والنقابات العمالية خاصة وأن الكثير من المصار تتناول بدراستها النقابات العمالية دون المنظمات المهنية وهو موضوع بحثنا. إضافة إلى عدم توفر المراجع المتخصصة على مستوى المكتبة والتي تتناول موضوع المنظمات المهنية بشكل مفصل، أما منهجية البحث فقد اتبعنا منهج يتماشى مع طبيعة الموضوع ومعالجته وهو البحث الوصفي والتحليلي لنصوص القوانين لتحديد المفاهيم والمصطلحات القانونية وتجميع المعلومات واستخلاصها من التشريعات ذات العلاقة والكتب والدراسات ولبيان أوجه القصور في التشريعات النقابية للوصول الى النتائج والمقترحات التي تحقق الهدف من هذه الدراسة. أما الية الدراسة فقد تم تقسيم الدراسة ألي مبحث تمهيدي نتكلم فيه عن ماهية تأديب أعضاء النقابات المهنية وبمطلبين الأول عن مفهوم عضو النقابات المهنية وعلاقته بالنقابة  والثاني مفهوم العقوبة التأديبية وعناصرها وثلاثة مباحث رئيسية نتناول في الأول منها مفهوم الجريمة التأديبية والجزاءات المترتبة عليها وبمطلبين أيضا” نتناول في المطلب الأول الأركان العامة للجريمة التأديبية وفي المطلب الثاني الجزاءات المترتبة عليها والسلطة المختصة بفرضها وفي المبحث الثاني الضمانات القانونية لأعضاء النقابات المهنية تجاه الإجراءات التأديبية وبمطلبين نبين في الأول منه الضمانات السابقة لفرض العقوبة والثاني نتكلم فيه عن الضمانات اللاحقة لفرض العقوبة التأديبية والمبحث الثالث رقابة القضاء على القرارات التأديبية النقابية من خلال دعوى الغاء القرار التأديبي وأسباب الدعوى وأثارها  ومن ثم نخلص الى جملة من النتائج والتوصيات التي نامل بان تجد لها حيزا” من التطبيق.

 

المبحث التمهيدي

ماهية تأديب أعضاء النقابات المهنية

تختلف النظم التأديبية من دولة الى أخرى ومن شريحة وظيفية الى أخرى ، ألا أن القواعد العامة للتأديب تتفق جميعا” في مبادئها وأهدافها وان وجود النظام الانضباطي امر ضروري كونه ينطلق من وجوب حماية الوظيفة العامة من الخلل الذي قد يتسبب به الموظف العام عند إخلاله بواجبات وظيفته التي يتطلب القانون القيام بها من اجل ضمان حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد وعلى اكمل وجه (ملوخية، 2012،ص 14) ويرتبط ذلك بوجود الأشخاص الذين يقومون بتسيير الجهاز الإداري ومرافق الدولة العامة ولا يشترط أن يكون جميعهم من الموظفين فقد تختلف الفئات كالأجراء والعمال والمستخدمين وكذلك أعضاء النقابات المهنية والمنظمات والتي اختلفت الدول في تحديد مفهومهم فمنها من اعتبرتهم ضمن تصنيف الموظفين ومنها من أخرجتهم من ذلك (مصطفى،1982،ص 133) لذا لابد من تحديد مفهوم عضو النقابات المهنية وتكيفهم القانوني إضافة الى بحث علاقته بالمنظمة أو النقابة التي ينتمي اليها ومن ثم تحديد مفهوم العقوبات التأديبية وعناصرها وذلك بمطلبين وكالاتي :

المطلب الأول/ مفهوم عضو النقابات المهنية وعلاقته بالنقابة

يقصد بالتنظيمات النقابية أو المهنية أنها هيئة قانونية تتكون من مجموعة من الأفراد الذين يزاولون مهنة واحدة أو مهن متقاربة أو هي تجمع ينشأ لغرض أجراء المفاوضات الجماعية من اجل حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها بمواجهة الحكومات وهيئاتها العامة. وعرفها البعض بانها المنظمة أو التجمع الذي يضم مجموعة من الأفراد يمارسون مهنة أو حرفة واحدة فهي تمثل الجماعات المدافعة عن أصحابها (الروسان، 2015، ص 27). وقد تطرق المشرع العراقي الى تعريف النقابات المهنية بانها منظمة عامة حرة يكفلها النظام الاجتماعي للدولة ولها شخصية معنوية وتتمتع باستقلال مالي وأداري من اجل تحقيق أغراضها ممثلة برئيسها. وقد أنشئت النقابات بقوانين خاصة والزم الأعضاء بالاشتراك فيها ومنحت جملة من المزايا والصلاحيات منذ أوائل ظهورها في عام 1929 بتأسيس جمعية أصحاب الصنائع العراقية وصدر بعدها الكثير من النقابات استنادا” الى قانون العمال المرقم 72 لسنة 1936 ورقم 1 لسنة 1958 والذي الغي بصدور القانون 151 لسنة 1970 لحين صدور قانون التنظيم النقابي المرقم 52 لسنة 1987 (العابد،1989،ص 167) وان الانتساب لهذه المنظمات اختياري من حيث المبدأ ألا انه اصبح ضروريا” من اجل مزاولة المهنة وتخضع لتشريعات تتولى تنظيمها وتأسيسها ويقتصر دورها على تنظيم العلاقة بأعضائها ودوائر الدولة وحماية حقوقهم الوظيفية (سوادي، 1998،ص 29) . ومن اجل بيان العلاقة بين عضو النقابة المهنية والمنظمة التي ينتمي لها لابد من تسليط الضوء على تكييفها وتنظيمها القانوني إذ تعد التنظيمات النقابية من منظور القانون الإداري من المرافق العامة المهنية التي يتركز نشاطها في رقابة وتوجيه نشاط مهني معين ويعهد بإدارتها الى الهيئات المهنية المنتخبة من أبناء المهنة أنفسهم استنادا” الى إجراءات وقواعد محددة كنقابة المحامين والأطباء والصيادلة وثار بشأنها خلاف فقهي وقانوني حول تكييفها القانوني هل هي من أشخاص القانون العام أم الخاص. فذهبت بعض التشريعات الى اعتبارها من أشخاص القانون العام كفرنسا ومصر لما تتمتع به من امتيازات وواجبات (عمر،2004،ص 18) أما في العراق فقد ذهب اتجاه الى اعتبارها منظمات مهنية من أشخاص القانون الخاص ( الشيخلي،1994،ص 62) في حين اتجه البعض الأخر الى اعتبارها من أشخاص القانون العام وان لم تعد مؤسسات عامة لما تتمتع به من امتيازات السلطة العامة ولحجم المهام الملقاة عليها (فيصل، 1985،ص 85) ومن اهم الامتيازات الممنوحة للنقابات المهنية اعتبار أعضائها موظفين عموميين إضافة الى سلطاتها الانضباطية المفروضة على من يرتكبون الأخطاء التي تتعارض مع نظامها الداخلي أو مع شرف المهنة . وان معظم موظفي المنظمات المهنية في العراق هم موظفون يتمتعون بامتيازات الموظف العام ومنسبون للعمل في هذه المنظمات وبالتالي تنطبق عليهم ما تنطبق على الموظف العام من قوانين لذا لابد من تحديد مفهوم الموظف العام في التشريع العراقي وفق قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 بانه (( كل شخص عهدت اليه وظيفة دائمة داخلة في الملاك الخاص بالموظفين )) أما قانون انضباط موظفي الدولة  والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل فقد عرف الموظف في المادة الأولى منه بانه(( كل شخص عهدت اليه وظيفة في داخل ملاك الوزارة أو الجهة غير المرتبطة بوزارة )) ( الشمري،2009،ص 28) كما قدم الفقه العراقي تعاريف كثيرة للموظف العام اشتملت على عنصر الديمومة في اطار مرفق عام في الدولة وان يكون التعيين قانونيا” وفق الشروط الخاصة بالتوظيف وان يصدر الأمر من السلطة المختصة بذلك وتتقرر له بموجب ذلك جملة من الحقوق والواجبات بناء على العلاقة التي تربطه بدائرته وكذلك الحال بالنسبة لعضو النقابات المهنية فهو يرتبط بعلاقة تنظيمية مع المنظمة بمجرد انتمائه اليها ويجب أن يتقيد كالموظف العام بالأحكام القانونية الواردة في نظامها الداخلي على اعتبار أنها هيئة أوكل اليها إدارة مرفق عام وانها تنظيم إجباري لا يمكن لاي شخص مزاولة المهنة ألا بعد أن يتم تسجيل قيده فيها ولها بمقابل ذلك سلطة إصدار واتخاذ كافة الإجراءات الفردية من قبول العضوية ورفضها أو الغائها وكذلك سلطة اتخاذ القرارات التأديبية بحق المخالفين منهم ( القباني،1962، ص 115) وهي سلطة من سلطات القانون العام المخولة لنقابات المهن على أساس العلاقة القانونية بين الأعضاء والنقابة والتي يحددها القانون الخاص بها .

المطلب الثاني/ مفهوم العقوبة التأديبية وعناصرها

لم تعّرف معظم التشريعات القانونية العقوبة التأديبية وإنما اكتفت بذكرها على سبيل الحصر كالمشرع الفرنسي والمصري والعراقي وعلى اثر ذلك تكفل الفقه والقضاء بتحديد مفهوم العقوبة الانضباطية بانها جزاء تفرضه السلطة الإدارية على موظف عام بمناسبة ارتكابه لمخالفة تأديبية أثناء الخدمة أو بسببها كما عرفت بانها ( جزاء يوقع على الموظف الذي يثبت مسؤوليته عن جريمة تأديبية ) ( الملط،1962، ص297) أو ( جزاء أدبي ومادي يلحق بالموظف ليس في حياته وشرفه أو ماله أو حريته شان العقوبات الجنائية وإنما في وضعه الوظيفي فقط فيؤدي الى حرمانه من المزايا والحصانات الوظيفية التي يتمتع بها أو من الوظيفة التي يشغلها سواء كان بصفة مؤقتة أو نهائية) ( عفيفي،        ،ص 28) أما فقهاء القانون في العراق فكان لهم تعريفات أخرى للعقوبة التأديبية إذ عرفها الدكتور غازي فيصل مهدي بانها ( عقوبة تفرض على الموظف الذي اخل بواجبات الوظيفة العامة ) كما عرفها الدكتور عبد القادر الشيخلي بانها ( العقوبة المهنية التي توقع على من اخل بواجبه الوظيفي أو خرج على مقتضيات الوظيفة ومس كرامتها ) .ومن خلال ذلك يتبين أن العقوبة التأديبية هي أداة بيد السلطة الإدارية تستخدمها وفق القانون ضد مرتكبي المخالفات الإدارية من اجل المحافظة على الاحترام الواجب للقواعد المطبقة في المرافق العامة وبما أن النقابات المهنية ماهي ألا إدارات تنظيمية منحت الشخصية المعنوية والعديد من الامتيازات من اجل إدارة المرفق العام ولها في سبيل ذلك سلطة إيقاع الجزاءات التأديبية على أعضائها وتقسم العقوبات التأديبية الى قسمين معنوية ومادية تهدف الى إيلام الموظف معنويا” وإنذاره وتوجيهه من اجل السلوك القويم مستقبلا” والابتعاد عن تكرار المخالفة مرة ثانية والا ستكون العقوبة اشد مستقبلا” دون أن يكون لها اثر مادي والنوع الثاني العقوبات المادية التي يكون لها اثر مادي ومعنوي قد يصل الى الحرمان من الوظيفة بشكل نهائي أو لوقت محدد . ومتى ماتاكد أخلال الموظف بواجباته أو خروجه عن مقتضيات ذلك توقع عليه العقوبة الانضباطية المناسبة جزاء” له على فعله المنحرف (الطائي،2015،ص 232) ، ويختلف تكييف الأساس القانوني للسلطة التأديبية الممنوحة للدولة حسب الفترات الزمنية ومدى تطور الطبيعة القانونية للدولة وفلسفتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما ظهرت العديد من النظريات التي تفسر ذلك ألا أنها تتفق بان العقوبة الانضباطية تمثل جزاء” إداريا” ينبع من التنظيم الوظيفي لأنها تصيب الموظف العام بمركزه الوظيفي ووسيلة الإدارة لتسيير المرافق العامة بانتظام من قبل موظفيها كما أنها حافزا” لضمان عدم وقوع الموظف بالخطأ أو المخالفة وتكرارها لذا تمتاز العقوبة الانضباطية بانها ذات طبيعة إدارية ووظيفية وقانونية كونها لا تقرر ألا بموجب النصوص القانونية ولا تنشا ألا بمقتضى أداة قانونية ( الجهمي،2009، ص47) . وتقوم العقوبات التأديبية على مبادئ عامة يتقيد بها المشرع والإدارة عند فرضها ومنها مبدأ الشرعية أي أن العقوبات لا تكون صحيحة ومشروعة ألا إذا كانت من بين العقوبات التي نص عليها القانون فتطبق الجزاء في مجاله متى قام موجبه واستوفى أوضاعه وشرائطه. ومتى مااقدمت الإدارة على فرض عقوبة غير منصوص عليها تعتبر غير مشروعة وتنم عن انحراف خطير في استعمال السلطة يجب تقويمه ونصت على ذلك المادة 19 من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 بان (لا جريمة ولا عقوبة ألا بنص، ولا عقوبة ألا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة ولا يجوز تطبيق العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة).

ومن المبادئ أيضا” مبدأ وحدة العقوبة التأديبية أي لا يجوز تعددها ومعاقبة الموظف عن الفعل الواحد مرتين متى ما توفرت شروطه من وحدة المخالفة التأديبية ووحدة النظام القانوني الذي يحكم المخالفين ووحدة السلطة التأديبية التي توقع الجزاء إضافة الى استنفاذ العقوبة للإجراءات القانونية بحيث تصبح تامة ونهائية. (كنعان، 2010، ص187)

كذلك مبدأ شخصية العقوبة إذ لا يمكن فرضها ألا على المسؤول قانونا” عن ذلك وبالتالي ارتباط العقوبة بشخصية الفاعل ودون أن يسال غيره عنها ألا إذا كان شريكا” معه (عصفور،1963، ص 80) ويعد مبدأ تناسب العقوبة مع المخالفة من المبادئ المهمة التي تحكم العقوبة الانضباطية كونه من الضمانات المقررة للموظف العام حيث يجب تقدير العقوبة على أساس التدرج وفقا” لجسامة وخطورة الخطأ الإداري المرتكب بالقدر اللازم لردع المخالف وزجر غيره من الموظفين. وأخيرا” مبدأ عدم الرجعية في العقاب أي لا يمكن انسحاب التجريم على سلوك تحقق في الماضي أو تطبيق عقوبة جديدة على فعل تم تجريمه سابقا” متى ما كانت اشد من العقوبة الأولى، فلا يمكن تطبيق القانون الجديد أن وجد إذا كان ذلك يسبب ضررا” بالموظف بالمقارنة بالقانون السابق (أبو العينين،1999، ص561). أما عناصر العقوبة التأديبية فهي السبب والمحل والمضمون والأداة الإجرائية، فيتمثل السبب بالجريمة التأديبية أو الخطأ الإداري على اختلاف المصطلحات وهو مخالفة الموظف لواجبات وظيفته وعمدت الكثير من التشريعات الى الابتعاد عن تعريفها لان اعتماد ذلك قد يؤدي الى خروج بعض الجرائم من طائلة العقاب كون مخالفة الواجبات الوظيفية متعددة ومتباينة لا يمكن حصرها وكما سنتناوله بشيء من التفصيل في المبحث الأول من بحثنا هذا. أما محل الجريمة التأديبية فهو الموظف العام وكل من يدخل في هذا المفهوم من تعهد اليه وظيفة داخلة في ملاك الدولة بصفة دائمة أو مؤقته ومضمونها هم عنصر الإيلام والردع والزجر الذي تبغي السلطات الإدارية تحقيقه من خلال فرض العقوبة الانضباطية والإيلام يكون مادي ومعنوي أو معنوي فقط ولايمس حرية الموظف أو حياته إضافة الى الأداة الإجرائية والمتمثلة بالحكم الذي يصدر على مرتكب المخالفة التأديبية ويتمثل بالقرار الإداري الصادر بالعقوبة المنصوص عليها وفق القانون مشتمله على كافة المبادئ القانونية التي تم ذكرها سابقا” .

 

المبحث الأول/مفهوم الجريمة التأديبية والجزاءات المترتبة عليها

التأديب من شانه المحافظة على الوظيفة العامة وحسن سيرها بانتظام واطراد والقانون التأديبي مستقل رسالته الإصلاح والتقويم ورفع كفاءة الأداء (كنعان،2008، ص 11) ولاتختلف مصادر القانون التأديبي عن مصادر القانون وهي التشريع والعرف والقضاء والمبادئ العامة للقانون. ويستمد أساسه القانوني من طبيعة العلاقة بين الموظف العام والدولة والمراحل التي مرت بها إضافة الى النظريات التي تناولت ذلك وكان لها الأثر الأكبر في تبرير الأساس القانوني لحق العقاب التأديبي ومدى تطور السلطة المختصة بذلك كالنظرية العقدية والتنظيمية ونظرية سلطة الدولة ولم يضع المشرع تعريفا” محددا” للجريمة التأديبية كما هو الحال في الجريمة الجنائية واكتفى بإيراد الواجبات والمحظورات وعلى كل موظف أن يلتزم بها ويمتنع عن ما يخل بغير ذلك (راضي،2020،ص 48) لذا أورد الفقه والقضاء تعاريف عدة منها أن الجريمة التأديبية تكمن في ” كل تصرف يصدر عن العامل أثناء أداء الوظيفة أو خارجها ويؤثر فيها بصورة تحول دون قيام المرفق بنشاطه على الوجه الأكمل وذلك متى ارتكب هذا التصرف عن إرادة أثمة” ( حسن،1964، ص 79) وراي أخر اعتبر أن الجريمة التأديبية تقع عند أخلال شخص ينتمي الى هيئة بالواجبات التي يلقيها على عاتقه انتمائه اليها ، فهي كل فعل أو امتناع ينسب الى العامل ويجافي واجبات منصبه ( الطماوي،1995،ص 41) أما الدكتور محمود أبو السعود فعرف الجريمة التأديبية بانها كل فعل أو امتناع يصدر عن الموظف العام عن عمد أو غير عمد أثناء أداء الوظيفة أو في حياته الخاصة من شانه الأخلال بواجبات الوظيفة أو المساس بكرامتها (خليفة،2009،ص 35) أما الفقه العراقي فقد عرفها (( كل فعل أو امتناع يصدر عن الموظف أثناء الوظيفة أو خارجها يخل بواجبات الوظيفة ويؤثر على حسن سير المرفق العام)) (الحديثي،1975،ص 129) أما القضاء الإداري فقد استقر في تحديده للجريمة التأديبية بان قوامها مخالفة الموظف لواجبات وظيفته والخروج على مقتضياتها وما يجب أن يتحلى به الموظف العام من الأمانة والثقة والسلوك القويم( المحكمة الإدارية العليا،2002، طعن 7688) وقد اكد مجلس الانضباط العام على أن المخالفة التأديبية قوامها مخالفة الموظف لواجبات وظيفته ومقتضياتها . ألا أن المفهوم الدقيق للجريمة التأديبية يجب أن يشتمل على جميع أركانها وعناصرها المادية والمعنوية والشرعية إضافة الى ركن الصفة نظرا” لطبيعتها الخاصة ويقوم الركن المادي على أخلال الموظف بواجباته الوظيفية وخروجه على مقتضياتها أما الركن المعنوي فيوجب توافر عنصر نفسي وإرادة أثمة إيجابا” أو سلبا” لارتكاب الفعل أو الامتناع عنه أما الركن الشرعي فيقصد به خضوع الفعل للتجريم على الرغم من حصر العقوبات التأديبية وعدم تحديد عقوبة معينة لها وترك ذلك للسلطة التأديبية تحت رقابة وأشراف السلطة القضائية. فلا تملك السلطة الإدارية الحق في توقيع جزاء غير منصوص عليه قانونا” وان كان ملائما” اكثر للمخالفة الإدارية أو توقيع جزاء اشد أو اخف من ذلك المقرر قانونا” وإنما يجب التقيد فيما نص عليه القانون من عقوبات تأديبية إضافة الى وجوب التقيد بالعقوبة ذاتها متى ما حدد المشرع ذلك (سعد،2014،ص 38) لذا اتسمت فكرة الجريمة التأديبية بالمرونة وفقا” لمقتضيات المصلحة العامة وتغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية ولأهمية ذلك سنتناول أركان الجريمة التأديبية بشيء من التفصيل في المطلب الأول من هذا المبحث ثم نبين الجزاءات التأديبية والسلطة المختصة في فرضها وفقا” للقوانين الخاصة بالنقابات المهنية وعلى النحو الاتي:-

المطلب الأول / أركان الجريمة التأديبية

اختلفت الآراء حول الأركان المكونة لهذه الجريمة، فذهب بعض الفقهاء إلى أنها تقوم على ركنين مادي ومعنوي، إلا أن هذا الرأي قد أعيب عليه إغفال الركن الشرعي وركن الصفة (صفة الموظف العام)، وبعض الفقهاء اعتبر أن الجريمة التأديبية تقوم على عنصرين

هما الموظف والخطأ أو الذنب الإداري، وقد أعيب على هذا الرأي أنه اعتبر الموظف عنصرًا في الجريمة، وأنه وسع في العنصر الثاني بحيث يشمل عناصر أخرى كما أغفل أيضًا ركن الصفة وذهب رأي ثالث إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ثلاثة أركان أو عناصر هي الركن المادي والركن المعنوي وركن الصفة، ويؤخذ على هذا الرأي إغفاله للركن الشرعي. والرأي الراجح أن الجريمة التأديبية تشتمل على الأركان نفسها التي تشتملها الجريمة الجنائية، وهي الركن الشرعي والركن المادي والركن المعنوي لكن يضاف إليها ركن آخر هو ركن الصفة (صفة الموظف العام) (عبد الفتاح،1964، ص50)

أولا”/ الركن المادي للجريمة التأديبية هو المظهر الخارجي المكون لها، ويتمثل في الفعل أو الامتناع أي السلوك الإيجابي أو السلوك السلبي الذي يرتكبه الموظف إخلالا “بواجبات وظيفته، والنتيجة الجرمية المترتبة على ارتكاب السلوك المجرم وينجم عنه عرقلة سير العمل في المرفق العام، وبالتالي تتعطل مصالح المستفيدين من خدماته، ويختلف السلوك المكون للجريمة التأديبية عن السلوك المكون للجريمة الجنائية، وهو ما ذهب إليه الاجتهاد القضائي المصري في العديد من أحكامه حيث أشارت إليه المحكمة الإدارية العليا

المصرية في حكم لها صادر بهذا الخصوص بقولها:” إن الجريمة التأديبية قوامها مخالفة الموظف لواجبات الوظيفة ومقتضياتها أو كرامة الوظيفة واعتبارها، بينما الجريمة الجنائية هي خروج المتهم على المجتمع فيما ينهى عنه قانون العقوبات والقوانين الجنائية أو تأمر به فالاستقلال حتمًا قائم ولو كان ثمة ارتباط بين الجريمتين” إذًا فإن الركن المادي للجريمة التأديبية يتمثل عادة، بصورة الفعل المتمثل في السلوك الخاطئ، سواء السلوك الإيجابي كقيام الموظف بالاعتداء على رؤسائه، أو الامتناع أو السلوك السلبي كالامتناع عن أداء الواجب، ويجب أن يتمثل الركن المادي للجريمة التأديبية في تصرف محدد ثبت ارتكابه، أما الأوصاف العامة كسوء السيرة والسلوك، ورداءة السمعة، فلا تصلح ركنًا ماديًا للجريمة التأديبية. وكذلك فإن الشروع في ارتكاب جريمة تأديبية يعد جريمة يعاقب عليها الموظف، وفعل الشروع يعني البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جريمة ولم يحدث أثره أو نتيجته لسبب خارج عن إرادة الفاعل، أي لا دخل لإرادة الفاعل فيه. أما الأعمال التحضيرية التي تتمثل في إعداد وسائل تنفيذ الجريمة الأصل فيها أن لا عقاب عليها، ولكنها قد تعتبر في حد ذاتها جريمة تأديبية مستقلة. وأما مجرد تفكير الموظف العام في ارتكاب جريمة تأديبية فلا عقاب عليه، ما دام لم يخرج من خبايا النفس إلى حيز الوجود (الحلو، 1994، ص345) وقد نصت القوانين الخاصة بتنظيم المهن كقانون نقابة الأطباء والمهندسين والمحامين والصحفيين والأطباء البيطريين وغيرها من القوانين على الأفعال التي تشكل الركن المادي للجريمة التأديبية إذ نصت ألمادة 22 من قانون نقابة الأطباء رقم 81 لسنة 1984 على أن تعتبر الأعمال التالية ممنوعة لأغراض هذا القانون. ومنها أولا – مخالفة القوانين والأنظمة والتعليمات والأوامر وقواعد السلوك المهني وخاصة اجتذاب المرضى بوسائل الدعاية والترغيب أو باستخدام الوسطاء وثانيا” الإساءة إلى سمعة المهنة وممتهنيها والخط من منزلتهم العلمية والأدبية.
ثالثا – انتحال ما يوحي بأن العضو دو اختصاص خلافا للحقيقة ورابعا – استخدام غير المجازين من ذوي المهن العلمية.

كما نصت المادة 23 منه بان كل عضو يخل بواجبات المهنة أو يقوم بإحدى الأعمال الممنوعة أو يتصرف تصرفا يحط من قدر المهنة أو يمتنع عن تنفيذ مقررات النقابة حسب أحكام هذا القانون يعرض نقسه للعقوبات الواردة فيه مع عدم الإخلال بما قد يتخذ ضده من إجراءات حسب القوانين الأخرى. كما أشارت مادة 42من قانون نقابة المهندسين رقم 51 لسنة 1979على الأعمال التي تشكل مخالفة تستوجب معاقبة العضو وهي أ – إهمال أو عرقلة تطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة بالنقابة والتعليمات التي تصدرها. ب – مزاولة المهنة من دون تجديد الاشتراك، بموجب هذا القانون. جـ – عدم مراعاة السلوك المهني أو السلوك العام والإساءة الى سمعة المهنة، حسب القواعد المنصوص عليها في النظام الداخلي. د – استخدام أية واسطة أو أسلوب بقصد الربح غير المشروع.

هـ – انتحال لقب علمي أو صفة مهنية غير صحيحة أو غير مصادق عليها، وفق القوانين والأنظمة المرعية والإعلان عن ذلك بأية طريقة كانت. و – تجاوز حدود مزاولة المهنة، حسب ما نص عليه النظام الداخلي أو التعليمات التي تصدرها النقابة. ز- ارتكاب خطأ فني جسيم نتيجة إهمال يسبب خسارة لذوي العلاقة. ح – الإتيان بعمل يلحق ضرراً بالاقتصاد الوطني. وقد نص قانون نقابة الصحفيين رقم 178 لسنة 1969 في المادة 25 منه على جملة من المحظورات والواجبات التي يجب على العضو الالتزام بها وبخلافه يتعرض للعقاب وهي مخالفة أو عرقلة تطبيق قانون النقابة ونظامها الداخلي والتعليمات الصادرة بموجبها أو مزاولة المهنة دون تجديد اشتراك العضوية في النقابة بموجب هذا القانون ، استخدام أية واسطة أو أسلوب بقصد الربح غير المشروع والإساءة الى سمعة المهنة وإفشاء أسرارها أو تجريح أعضاء أسرة الصحافة رؤساء أو مرؤوسين أو الحيلولة دون حق أدبي أو مادي تقرره القوانين أو تقاليد المهنة لهم أو تكليفهم بأمور خاصة أو عامة تقلل من شأنهم أو تعرضهم لمخالفة هذا القانون ، تهديد المواطنين بأية وسيلة أو أسلوب من أساليب الصحافة و التصريح أو التلميح الثابت بما من شأنه أن يفيد جهة معادية على حساب الوطن و زعزعة الثقة بالبلاد سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر ، استغلال وسائل النشر الصحفي للوشاية أو التشهير أو اتهام المواطنين بغير حق أو طعنهم بلا مبرر وطني أو قانوني أو استغلال الكلمة المكتوبة أو المرسومة استغلالا خاصا لمنفعة شخصية ضارة بالغير أو انتحال صفة أو فكرة أو عمل للغير و إثارة غرائز الجمهور بأية وسيلة من وسائل الأثارة التي تتعارض مع الفن الصحفي ومصلحة المجتمع أو قيامه بمس الحريات الخاصة والعامة التي نص عليها القانون بالوسائل الصحفية أم تضليل الجمهور بالمعلومات غير الصحيحة وتصوير الوقائع تصويرا غير أمين ونشر الوقائع غير المؤكدة ما لم يشر الى أنها غير مؤكدة و ترجيح جانب على آخر في قضية من القضايا التي لم يصدر فيها حكم السلطات المختصة بالوسائل الصحفية إضافة الى نشر المعلومات أو البيانات المغلوطة وتجاهل تصحيحها فور الاطلاع على الحقيقة تأكيدا لاعتبار حق الرد حقا مقدسا وأخيرا” اقتباس أي أثر من آثار الغير دون النص على اسم صاحبه أو ذكر مصدره . وقد سارت على هذا النهج العديد من القوانين الخاصة بالنقابات المهنية ماعدا قانون نقابة الأكاديميين العراقيين رقم 61 لسنة 2017 لم يشر الى المخالفات التأديبية على اعتبار أن العضو يتعرض للمحاسبة التأديبية في الوظيفة العامة ولا مجال لتعدد العقوبة الانضباطية. وبشكل عام يجب أن يكون السلوك ملموسا” وظاهرا” محددا” (جعفر،2001، ص 302) إذ لابد من وقوع الفعل لإمكان مسائلة العضو تأديبيا”. والمظاهر المادية للجريمة التأديبية لا يمكن حصرها في نصوص قانونية، وتأتي على سبيل المثال لا الحصر وتبدو جلية في القواعد العامة، والعبرة هنا في الأفعال التي تعرقل سير النشاط العادي للمرافق والمؤسسات العامة، التي لا تؤثر سلبًا على وظيفة الدولة، ومهما كان وصف الفعل المرتكب فإن السلطة التأديبية هي التي تحدد وتكيف الفعل أو السلوك فيما إذا كان خطأ أم لا. وأيضا” يلزم لقيام الركن المادي توافر صفة معينة في الجاني أي أن يكون منتميا” الى احدى النقابات المهنية تجعله محلا” للمساءلة التأديبية وان تتوافر هذه الصفة أثناء ارتكاب السلوك الإيجابي أو السلبي ولا مجال للمساءلة عن واقعة ارتكبها الشخص قبل اكتسابه هذه الصفة، أما النتيجة الجرمية للفعل في الجريمة التأديبية تتمثل في الاعتداء على متطلبات الوظيفة العامة أو مقتضياتها. إلا أن لهذه النتيجة مدلولين: الأول مادي أي ظهور أو ملاحظة التغير في محيط العمل كأثر للفعل، والثاني قانوني وهو مخالفة النص القانوني الناظم لمتطلبات الوظيفة، وهذا يفترض تكييفًا قانونيًا يعبر عن المخالفة أو فعل الاعتداء من خلال القانون التأديبي لتحديد مضمون متطلبات الوظيفة أو مقتضياتها. على الرغم من أنها لا تكون بنفس درجة الوضوح في الجرائم الجنائية وذلك بسبب عدم تحديد الأفعال التي تشكل جريمة في مجال التأديب (جوخدار،1981، ص 126).

ثانيا”/ الركن المعنوي يمكن تعريف الركن المعنوي للجريمة التأديبية بأنه الإرادة الآثمة أو غير المشروعة للموظف أو عضو النقابة المهنية في اقتراف الفعل أو الامتناع المكون للركن المادي للجريمة. ويشترط توافر الركن المعنوي إضافة للركن المادي وذلك لقيام الجريمة التأديبية، فإذا تخلف أحدهما فلا وجود للجريمة، ولا بد لكي يسأل الموظف أن يكون عالمًا عند ارتكابه للفعل المجرم بحقيقة ما يفعله، وبأنه بارتكابه لهذا الفعل إنما يرتكب جرمًا تأديبيًا، وأنه يقدم على ارتكاب الفعل بإرادة حرة، أما إذا انعدمت إرادة الموظف أثناء ارتكابه للركن المادي للجريمة التأديبية بسبب قوة قاهرة كحالة الحرب أو المرض، أو إكراه مادي أو معنوي، أو أمر مكتوب من الرئيس الإداري رغم تنبيه الموظف لهذا الرئيس كتابة على المخالفة، فهنا لا نكون أمام جريمة مسلكية يعاقب عليها الموظف، نظرًا لفقدان إرادته للفعل بسبب القوة القاهرة، أو بسبب الإكراه، حيث إن إرادة الموظف هي التي  يتشكل منها الركن المعنوي للجريمة التأديبية (حلمي،1970،ص 280)  وإذا كان تأثير الظروف في إرادة مرتكب الخطأ التأديبي طفيفًا دون أن يؤدي إلى انعدامها، فإن ذلك لا يؤدي إلى انتفاء المسؤولية التأديبية عن الموظف، كحالة زيادة عبء العمل على طاقة الموظف العادي قد تؤدي إلى التخفيف من حجم أو حدة العقوبة التي يتعرض لها ويرى بعض الفقهاء عدم وجود الركن المعنوي في الجريمة التأديبية، وذلك لأن الإرادة الآثمة للموظف الذي يراد تأديبه تعني ارتكابه للفعل أو امتناعه دون عذر شرعي، سواء كان يدرك أنه يرتكب فعلا خاطئًا أو لا يدرك، أو كانت نيته حسنة أو غير حسنه. ويؤخذ بالمعيار الموضوعي لقياس درجة الخطأ التأديبي الذي يقوم على أساس سلوك الشخص العادي، فالخطأ يمثل الانحراف عن سلوك الرجل العادي مع إدراك هذا الانحراف ولا يؤخذ بالمعيار الشخصي أو الذاتي الذي يتركز على سلوك الشخص المتهم ولا يشترط في الخطأ أن يكون جسيمًا حتى ولو تعلق الأمر بأعمال فنية دقيقة، بل يكفي أن يكون الخطأ يسيرًا” خاصة بالنسبة للمتخصصين، وعليه فإن سلوك الشخص العادي الذي يراعى عند قياس الخطأ هو سلوك شخصي من نفس فئة التخصص لمرتكب الخطأ سواء كان متخصصًا أم غير متخصص.

 

ثالثا”/ عنصر الضرر تقوم المسؤولية التأديبية على أساس ثبوت ارتكاب الفعل أو الامتناع المعاقب عليه بصرف النظر عن ترتب ضرر مادي أو أدبي جراء الواقعة، إذ أن الضرر لا يدخل ضمن أركان أو عناصر المسئولية التأديبية فيكفي ثبوت وقوع الخطأ التأديبي ولو لم يثبت وقوع ضرر ما (عبد الباسط،2005، ص 97)، كما لا تتحقق المسؤولية التأديبية رغم وقوع ضرر أصاب الإرادة فقد يتحقق الضرر نتيجة اعتبارات خارجة عن أرادة الموظف وبالتالي لا تترتب مسؤوليته كما يمكن أن يعد عدم حصول الضرر مبررا” لتخفيف العقوبة أو الغائها. وقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في العراق بحكم لها انه لا يصح النظر الى خطأ الموظف بمعزل عن أخطاء الموظفين الأخرين التي ساهمت بتخفيف المخالفة (المحكمة الإدارية العليا، 2014، رقم 591).

رابعا”/ الركن الشرعي يقصد به خضوع الفعل للتجريم وتعلق صفة عدم المشروعية به والأفعال غير محددة على سبيل الحصر وإنما كل أخلال بالواجبات ومقتضياتها يمثل مخالفة انضباطية بدون تحديد عقوبة لكل مخالفة بعينها (راضي،2020، ص 66) وترك للسلطة الإدارية مسالة تقدير العقوبة التأديبية ومدى تناسبها مع المخالفة وجسامتها وذلك لا يعني عدم خضوعها لمبدأ المشروعية فالمشروعية لا تقتصر على النص القانوني وإنما تلعب فيها أحكام القضاء الإداري دور كبير لتقرير هذا المبدأ ووفق لما سنبينه في المبحث الثالث من بحثنا هذا.

المطلب الثاني/ الجزاءات التأديبية والسلطة المختصة بفرضها

بينا سابقا” مفهوم العقوبات التأديبية أو الجزاءات المفروضة على الجرائم التأديبية إضافة الى اهم القواعد التي تحكمها أما اهم أنواعها فقد وردت في القوانين على سبيل الحصر وهي أما أن تكون صريحة أو مقنعة فالعقوبات التأديبية الصريحة هي تلك العقوبات الواردة حصرًا في القانون التي يتم توقيعها بحق مرتكب الذنب أو الجرم التأديبي. وتنقسم هذه العقوبات إلى عقوبات تأديبية أصلية وعقوبات تأديبية تبعية.

أو لا”/ العقوبات التأديبية الأصلية : هي تلك العقوبات التي يلزم لتطبيقها ووجودها أن يتم ذكرها وتحديدها في القرار الصادر بخصوصها، وإلا شاب هذا القرار البطلان  وهذه العقوبات هي:- أ. الجزاءات المعنوية: وتنقسم هذه العقوبات إلى عقوبات تحذيرية يتم إيقاعها على الموظف في حالة ارتكابه لخطأ تأديبي بسيط ،حيث تنبهه الإدارة إلى خطئه، وأنه يجب عليه الابتعاد عن هكذا سلوك فتقوم الإدارة بمعاقبته بجزاء معنوي تحذيري كلفت النظر والإنذار والتوبيخ أو ب- عقوبات مالية مباشرة أو غير مباشرة أو ج- العقوبات التي يترتب عليها أنهاء الخدمة بصورة مؤقتة أو دائميه . أما العقوبات التأديبية المقنعة وهي تلك العقوبات التي لم ترد حصرًا بنص المشرع كعقوبة تأديبية بل تقوم الإدارة فيها باتخاذ إجراءات تأديبية معينة بحق الموظف بشكل لا يتفق والأصول المتبعة قانونًا ،ولا تهدف الإدارة من وراء هذا الإجراء تحقيق المصلحة العامة، إنما يكون الهدف من إيقاع هذه العقوبة المقنعة هو إيذاء الموظف ومجازاته لأغراض شخصية وعندما يثبت هذا الأمر فإن قرار الإدارة يكون قد شابه عيب إساءة استخدام السلطة وصار حريًا بالإلغاء ومن أمثلة هذه العقوبات نقل الموظف إلى مكان بعيد لأسباب شخصية بعيدة عن تحقيق المصلحة

العامة، ندب الموظف من وظيفة درجتها عالية إلى وظيفة أقل بالدرجة. ومن اهم الخصائص المميزة للعقوبات التأديبية أنها ذات طابع غير بدني وخصصت لسلوكيات مجرمة حديثا” اقتضتها تطورات اقتصادية واجتماعية وسياسية في المجتمع وتصدر من جانب الإدارة وحدها بشكل قرار أداري وذلك عند مزاولتها لنشاطها (الشوا،1996، ص 42)، وأنها ردعية عامة لكل سلوك سواء كان إيجابي أم سلبي يمس مصلحة بعينها. وبالرجوع الى القوانين الخاصة المنظمة للنقابات المهنية نجد أن كل قانون حدد العقوبات التأديبية على سبيل الحصر ولايوجد لسلطة الانضباط المختصة الحكم بغيرها والا اصبح قرارها معيب وقابل للطعن فيه أمام الجهات المختصة ، فقد نص قانون نقابة المحامين العراقيين رقم 173 لسنة 1966 في المادة مادة 108منه بانه  كل محام اخل بواجب من واجبات المحاماة أو تصرف تصرفا يحط من قدرها أو قام بعمل يمس كرامة المحامين أو خالف حكما من أحكام هذا القانون يحاكم تأديبيا .أما المادة 109 فذكرت على سبيل الحصر العقوبات التأديبية التي يجوز الحكم بها على المحامي وهي :

ا – التنبيه: ويكون بكتاب يوجه للمحامي يلفت فيه نظره الى ما وقع منه ويطلب منه عدم تكراره مستقبلا.

ب – المنع من ممارسة المحاماة لمدة لا تزيد عن سنة واحدة اعتبارا من تاريخ تبليغ المحامي بالحكم النهائي الصادر عنه.

ج – رفع الاسم من جداول المحامين ويترتب عليه فصل المحامي من عضوية النقابة وحرمانه من ممارسة المحاماة اعتبارا من تاريخ تبليغه بالحكم النهائي الصادر ضده. أما المادة 23 من قانون نقابة الأطباء فقد نصت على أن “كل عضو يخل بواجبات المهنة أو يقوم بإحدى الأعمال الممنوعة أو يتصرف تصرفا يحط من قدر المهنة أو يمتنع عن تنفيذ مقررات النقابة حسب أحكام هذا القانون يعرض نقسه للعقوبات الواردة فيه مع عدم الإخلال بما قد يتخذ ضده من إجراءات حسب القوانين الأخرى.” وبينت المادة 25منه العقوبات التي تحكم بها لجنة الانضباط على العضو وهي أولا – التنبيه – ويكون بكتاب إلى المخالف ينبه فيه إلى عدم الارتياح من تصرفه. ثانيا – الإنذار – ويكون بكتاب يعلن فيه الاستياء من تصرفات المخالف لذنب معين ويطلب منه عدم تكرار الفعل وبعكسه ستطبق بحقه عقوبة أشد. ثالثا – الغرامة بمبلغ لا يتجاوز ألف دينار وعند عدم الدفع منعه من الممارسة الخاصة مدة لا تتجاوز سنة واحدة وإذا عاد لارتكاب المخالفة خلال ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة السابقة فتكون الغرامة مبلغا لا يزيد على ألفي دينار وعند عدم الدفع منعه من الممارسة الخاصة مدة لا تتجاوز السنة. رابعا – المنع من الممارسة الخاصة للمهنة لمدة لا تتجاوز سنتين. خامسا – الغرامة والمنع من الممارسة معا في حدود البندين ثالثا ورابعا من هذه المادة. كما أشارت المادة 47من قانون نقابة المهندسين العراقيين الى العقوبات التأديبية بقولها (أولا – للجنة الضبط الفات نظر المهندس أو إصدار أي من العقوبات الآتية: – أ – الإنذار – ويكون بإرسال كتاب الى العضو يذكر فيه الذنب الذي ارتكبه، وان هناك من الأسباب ما يجعل سلوكه المهني غير مرضي ويطلب اليه عدم تكراره. ب – المنع من مزاولة المهنة، لمدة لا تتجاوز (ستة أشهر)، وبالنسبة للموظف يقتصر المنع من مزاولة المهنة على العمل خارج أوقات الدوام الرسمي، ولمدة لا تتجاوز (السنة الواحدة) وتبلغ دائرته بالقرار، ويتبع ذلك حجب كافة المخصصات الهندسية بكافة أنواعها للمدة التي يمنع فيها من مزاولة المهنة. جـ – رفع توصية للمجلس بشديد العقوبة، وفقاً لأحكام الفقرة (ش) من البند (أولا) من المادة (19) من هذا القانون. ثانياً – أن عقوبة الإنذار تؤخر ترقية المهندس، الى مرتبة اعلى لمدة (ستة أشهر)، وعقوبة المنع من مزاولة المهنة تؤخر ترقيته، الى مرتبة اعلى بما يساوي ضعف المدة التي منع فيها من ممارسة المهنة). وأيضا” أشارت المادة 26 من قانون نقابة الصحفيين العراقيين رقم 178 لسنة 1969 الى العقوبات التي توجه الى العضو المخالف وهي الفات النظر والإنذار والمنع والفصل من عضوية النقابة.  ومن خلال ما تقدم يتبين لنا أن العقوبات التأديبية واردة على سبيل الحصر وقد راعت كافة القوانين الخاصة بتنظيم النقابات المهنية المبادئ العامة التي جاء بها قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل وأنواع العقوبات الواردة فيه كما أشارت الى ذلك صراحة المادة 29/ رابعا” من قانون نقابة الأطباء رقم 81 لسنة 1984 بان تسري القواعد المقررة في قانون انضباط موظفي الدولة وقانون أصول المحاكمات الجزائية في الأمور التي لم يرد بها نص في هذا القانون وكذلك المادة 28/ ثالثا” من قانون نقابة أطباء الأسنان رقم 46 لسنة 1987 بان تسري القواعد المقررة في قانون انضباط موظفي الدولة وقانون أصول المحاكمات الجزائية في الأمور التي لم يرد بها نص في هذا القانون كما أشارت المادة 45 من قانون نقابة المهندسين العراقية لمضمون مشابه لما تقدم في أعلاه إذ نصت على تتبع في لجان الضبط القواعد المذكورة في قانون أصول المحاكمات الجزائية الخاصة بالتبليغ وإحضار المدعي والمدعى عليه والشهود وسماع الإفادات وأجراء المرافعة وتوجيه المخالفة وفرض العقوبات المنصوص عليها في القانون . أما بالنسبة للسلطة المختصة في فرض العقوبات التأديبية فقد أوكلت المنظمات المهنية امر التحقيق وفرض العقوبات على الأعضاء المخالفين قوانينها الى لجان الانضباط المشكلة فيها وفقا” لتلك القوانين أو الى مجالس النقابات ، كما أن العقوبات تتدرج بحسب نوع المخالفة وجسامتها وتتألف لجان الضبط من ثلاث أعضاء أو خمسة حسب ما نص عليه في القوانين الخاصة بالنقابة ويتبع فيها ما يتبع في القوانين الانضباطية والإجرائية النافذة كما سبق ذكره وتمارس لجان الانضباط صلاحيات واسعة ولها إحالة القضايا التي تكون جريمة، الى المحاكم المختصة مع كافة ما له علاقة بالتحقيق الذي تولته، ولا يمنع صدور الحكم بالبراءة من أن تصدر اللجنة القرارات الانضباطية ضد المتهم، وفق القانون.  ونذكر على سبيل المثال لا الحصر المادة 110 من قانون نقابة المحامين العراقية والتي أشارت الى أن يكون تأديب المحامي من اختصاص مجلس يشكل في كل محكمة استئناف برئاسة رئيسها أو نائبه وعضوية اثنين من المحامين يختارهما مجلس النقابة من غير أعضائه ممن توافرت فيهم شروط العضوية فيه و يعين مجلس النقابة في بدء كل عام قضائي محاميين أصليين وآخرين احتياطيين لكل مجلس واذا غابوا جميعا ندب مجلس النقابة غيرهم كما لا يجوز أن ترفع الدعوى التأديبية على المحامي ألا بقرار من مجلس النقابة أو من رئيس الادعاء العام وان ترفع الدعوى أمام مجلس التأديب بمنطقة محكمة الاستئناف التي يقع مكتب المحامي في دائرة اختصاصها يتبع المجلس في نظر الدعوى والحكم فيها الأحكام المقررة في قانون أصول المحاكمات الجزائية ما لم تتعارض صراحة أو دلالة مع أحكام هذا القانون .بينما بينت المادة 113 منه إجراءات العقوبة التأديبية بان تنظر الدعوى التأديبية في جلسة سرية بعد سماع دفاع المحامي أو من يوكله للدفاع عنه من المحامين . ولخصمه أو يوكل محاميا للدفاع عن حقوقه. ويصدر الحكم بالأكثرية ويجب أن يكون مسببا وان تتلى أسبابه مع منطوقة في جلسة سرية ويكون للمجلس ما للمحكمة من الاختصاصات فيما يتعلق بنظام الجلسة وما يقع أمامه من جرائم وكذلك فيما يتعلق بدعوى الشهود وتخلفهم عن الحضور أو امتناعهم عند أداء الشهادة أو الشهادة زوراً كما للمجلس أجراء التحقيقات التي يراها لازمة لإظهار الحقيقة، تبلغ مذكرات الدعوى والأوراق القضائية والأحكام بواسطة أحد مستخدمي النقابة وفق الطرق المقررة قانونا. للمجلس أن ينظر الدعوى ويحكم فيها ولو غاب طرفاها أو أحداهما. وليس للمحكوم عليه غيابيا حق الاعتراض على الحكم الغيابي. وأيضا” ما بينته المواد 43 من قانون نقابة المهندسين بان تؤلف لجنة الضبط من (خمسة أعضاء)، ينتخب المؤتمر العام للنقابة ثلاثة منهم في الاجتماع الاعتيادي العام، لمدة سنتين من مرتبة مهندس مجاز على الأقل، وينتخب هؤلاء من بينهم رئيساً، أما العضوان الآخران فهما مؤقتان يعينهما المجلس، على أن يكون أحدهما عضواً في القسم الذي ينتمي اليه العضو المحال الى اللجنة، والآخر ممن ترشحه أو توافق عليه الجهة ذات العلاقة أن وجدت، والا فيترك امر تعيينه للمجلس.  والمادة 44بان تقوم لجنة الضبط بالتحقيق من الشكوى التي يحيلها اليها المجلس، ولها أن تكلف بعض أعضائها بإجراء التحقيق وتقديم تقرير بذلك اليها. وفي قانون نقابة المحاسبين والمدققين رقم 185 لسنة 1969 وضحت المادة 27 السلطة المختصة بفرض العقوبات التأديبية وهي لجنة الضبط التي تتألف من خمسة أعضاء ممن مارسوا المهنة مدة لا تقل عن عشر سنوات بعد التخرج ويكون رئيسا للجنة الضبط من حاز من أعضائها على أكثرية الأصوات في الانتخابات كما أشارت المادة 28 منه على اختصاصاتها المتمثلة بالنظر في جميع المخالفات المنصوص عليها في هذا القانون وتقوم بالتحقيق في الشكاوى المحالة اليها من المجلس ولها أن تكلف بعض أعضائها بأجراء التحقيق في تلك القضايا وتقديم تقرير بذلك ، تقوم لجنة الضبط بإحالة القضايا الى المحاكم المختصة مع كافة الأوراق التحقيقية المتيسرة لديها اذا رأت بأن تلك المخالفات تشكل جريمة ولا يمنع صدور الحكم بالبراءة اللجنة من إصدار قراراتها الانضباطية وتطبق لجنة الضبط في أعمالها القواعد الواردة في قانون أصول المرافعات الجزائية مع إمكانية الطعن بقراراتها  لدى محكمة تمييز العراق خلال ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ بالقرار ولا تنقذ ألا بعد اكتسابها الدرجة القطعية و يجوز رد أعضاء اللجنة اذا قام سبب من أسباب رد الحكام وينظر المجلس في طلب الرد ويفصل فيه على وجه الاستعجال ويحق لها  الاتصال بالدوائر والجهات الرسمية وشبه الرسمية وغيرها فيما يتعلق بالقضايا المعروضة عليها كما تكون جلساتها سرية .

المبحث الثاني/ الضمانات القانونية لأعضاء النقابات المهنية تجاه الإجراءات التأديبية

أن إصدار العقوبات التأديبية بمواجهة أعضاء النقابات المهنية هي سلطة استخدمتها الإدارة لضمان قيامهم بما يلقى على عاتقهم من واجبات ولضمان قيام الإدارة بمسؤولياتها ويتضمن هذا الأجراء بنفس الوقت ضمانات تحميه من التعسف ، لذا كان لابد من وضع اليات تحول دون إساءة استعمال هذه السلطة وان عملية اتخاذ القرارات التأديبية تمر بمجموعة إجراءات قانونية تؤثر في مدى شرعية القرارات التأديبية متى ما تخلفت هذه الإجراءات التي نص عليها القانون عند إصدارها لذا وضعت العديد من الضمانات للموظف بشكل عام خلال خضوعه للإجراءات التأديبية ومنها حقه في مناقشة القرار التأديبي (الحفناوي، 2007، ص 80) ولما كان التأديب يمر بمراحل مختلفة فيجب أن تحاط كل مرحلة بضمانات معينة يكفلها المشرع من اجل مواجهة تعسف الإدارة من خلال تقييد النصوص القانونية المتعلقة بحق التأديب بوسائل فاعلة سابقة على توقيعها ومزامنة لها وضعت من اجل تطبيق القوانين الموضوعية . وتتمثل هذه الأليات بمجموعة الأليات الإدارية والتي تعني مجمل الإجراءات التي يمارسها الموظف إداريا” والقضائية من خلال الطعن بقرارات السلطة التأديبية وبمعنى أخر الضمانات السابقة لفرض العقوبة التأديبية والضمانات اللاحقة لفرضها والتي سنحاول بحثها من خلال المطلبين التاليين مع بيان اهم الضمانات الممنوحة لأعضاء النقابات المهنية في مواجهة السلطات التأديبية.

المطلب الأول/ الضمانات السابقة على فرض العقوبة التأديبية

ويقصد بها الضمانات التي تسبق قيام اللجنة بالتحقيق الإداري وهذه الضمانات تتمثل بعدم جواز أجراء أي تحقيق أداري مع المخالف بدون أن يصدر القرار الخاص بتشكيل اللجنة التحقيقية إضافة الى ضرورة تبليغ المحال للتحقيق الإداري قبل مدة مناسبة وان يكون التبليغ مكتوبا” ليتسنى حضوره بالموعد المحدد والا تكون إجراءات التحقيق الإداري عرضة للبطلان (عبود،2011، ص 48). وان قانون انضباط موظفي الدولة النافذ لم ينص على الأخطار بالرغم من أن معظم القوانين  أشارت الى أهميته باعتباره من الضمانات الأساسية التي يحصل عليها الموظف قبل الدخول في صلب التحقيق الإداري ، كما أن هناك ضمانات يجب مراعاتها أثناء التحقيق الإداري وهي إحاطة الموظف المخالف بالمخالفة وماهي الأدلة المقدمة ضده ويجب معاملته باحترام وبما يليق بمكانته ويضمن كرامته وإعطائه الحق في الإجابة عن الأسئلة والدفاع عما نسب اليه من مخالفة كما له الاستعانة بالشهود وأية قرائن أو ادله تؤيد سلامة موقفه وعدم ارتكابه للمخالفة وان تكون أفادته مدونة ولم يرد في قانون الانضباط المشار اليه نصا” صريحا” يجيز للموظف الاطلاع على الأوراق التحقيقية أو الحصول على نسخة منها لتقديمها عند التظلم من القرار التأديبي أو الطعن فيه لدى الجهة المختصة كما لم يتضمن نصا” يجيز للموظف المخالف الاستعانة بمحامي ولكن بالرجوع الى المادة 19/ رابعا” من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 نجد أن حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة . ومن الضمانات أيضا” استقلال وحيدة المحقق فالحياد وعدم الانحياز من اهم الضمانات في التحقيق (الصروح، 1984، ص 309) ومن اهم وسائله الرد والتنحي والتي لم ينص عليها قانون انضباط موظفي الدولة النافذ. وضمانة عدم تحليف الموظف المخالف اليمين القانونية والتي حرمت المادة 37 من الدستور كافة أشكال التعذيب والمعاملة غير الإنسانية وان تصان حرية الأنسان وكرامته وأيضا” أشارت اليها المادة 126 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، أذن بشكل عام اشتملت الإجراءات التأديبية بمجموعة من الضمانات الموضوعية السابقة على قرار فرض العقوبة ولكن التساؤل الذي يثار هنا، هل يحظى عضو النقابات المهنية بنفس تلك الضمانات المشار اليها سابقا”؟ للإجابة على ذلك يجب الرجوع الى القوانين الخاصة بتنظيم النقابات المهنية لبيان ذلك منها المادة 113 من قانون نقابة المحامين بقولها (تنظر الدعوى التأديبية في جلسة سرية بعد سماع دفاع المحامي أو من يوكله للدفاع عنه من المحامين. ولخصمه أو يوكل محاميا للدفاع عن حقوقه. ويصدر الحكم بالأكثرية ويجب أن يكون مسببا وان تتلى أسبابه مع منطوقة في جلسة سرية). والمادة 114التي أشارت الى أن :1 – يكون للمجلس ما للمحكمة من الاختصاصات فيما يتعلق بنظام الجلسة وما يقع أمامه من جرائم وكذلك فيما يتعلق بدعوى الشهود وتخلفهم عن الحضور أو امتناعهم عند أداء الشهادة أو الشهادة زوراً. 2 – للمجلس أجراء التحقيقات التي يراها لازمة لإظهار الحقيقية، والمادة 115التي أشارت الى ضرورة أن يتم تبلغ مذكرات الدعوى والأوراق القضائية والأحكام بواسطة أحد مستخدمي النقابة وفق الطرق المقررة قانونا. ومن خلال هذه النصوص يتبين انه تم منح العضو المخالف الضمانات الموضوعية كافة والسابقة على فرض العقوبة الانضباطية من حق الدفاع والاستعانة بالشهود وتوكيل محام والقيام بالتبليغات والإخطارات. بينما لم يشر قانون نقابة الأطباء صراحة الى ذلك واكتفت المادة 45من قانون نقابة المهندسين بالإشارة الى أن تتبع في لجان الضبط، القواعد الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية الخاصة بالتبليغ وإحضار المدعي عليه والشهود وسماع الإفادات وأجراء المرافعة وتوجيه المخالفة وفرض العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون، على أن تقوم لجنة الضبط بتبليغ المجلس بالعقوبات التي تفرضها على المدعى عليه.  لذا ندعو المشرع الى ضرورة إعادة النظر بتوحيد القوانين التأديبية الخاصة بالنقابات والاتحادات المهنية بقانون واحد لضمان حماية العضو المخالف من تعسف الإدارة وحصوله على كافة الضمانات الموضوعية والإجرائية السابقة لقرار فرض العقوبة واللاحقة لها.

المطلب الثاني/ الضمانات اللاحقة لفرض العقوبة التأديبية

بعد انتهاء التحقيق الإداري مع الموظف ترفع اللجنة التحقيقية توصياتها الى الرئيس الإداري المباشر ألا أن هذه التوصيات غير ملزمة له مما يعني انه يستطيع الأخذ بها أو تركها ومن ثم اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا ولذلك نلاحظ أن التوصية غير الملزمة للرئيس الإداري تقلل من أهمية التحقيق الإداري وتضعف هذه الضمانة للموظف لأن الأخير سيظل مهددا وغير مطمئن الى ما تصل اليه اللجنة التحقيقية من نتائج طالما أنها غير ملزمة وان السلطات الرئاسية في العراق تجمع بين سلطة الحكم وسلطة الاتهام. ومن الضمانات اللاحقة لفرض العقوبة التنفيذية هو التظلم من قرار فرض العقوبة وكذلك الطعن بالقرار لدى السلطات القضائية المختصة. فالتظلم الإداري هو حق من الحقوق المقررة قانونا” يمكن للموظف اللجوء اليه لدفع الإدارة العدول عن قرارها أو إعادة النظر فيه ( المولى،  2001، ص 209) ويكون على عدة أنواع أما رئاسي يقدم للرئيس الأعلى أو ولائي يقدم للجهة التي أصدرته أو يقدم الى جهات متخصصة أو لجان يوكل لها مهمة الفصل في التظلمات دون الرجوع الى الرئيس الإداري والأصل في التظلم انه اختياري يترك للفرد حرية الأخذ به من عدمه ولايخضع الى مواعيد أو قواعد عامة ولكن في بعض الأحيان يشترط القانون أن يكون التظلم وجوبيا” ويفترض النص عليه صراحة قبل الطعن به أمام الجهة القضائية ( بركات،  1979  ،ص 246) ويعتبر التظلم من الأساليب التي تخفف العبء عن القضاء ولكن من اجل قبول هذا التظلم يجب أن يشتمل على مجموعة من العناصر أو الشروط لضمان صحته فيشترط أن يقدم من قبل ذوي الشأن أو من ينوب عنه وان يقدم للجهة التي أصدرته أولا”- التظلم الولائي_ وان يكون مجديا” أي تمتلك السلطة الإدارية إمكانية تعديله أو الغائه وان يكون الطعن على قرار بات ونهائي صادر بشكل رسمي وليس مجرد أعمال تحضيرية تسبق صدور القرار ( مسكوني، 1974،ص 380) . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل أن (يشترط قبل تقديم الطعن لدى مجلس الانضباط العام على القرار الصادر بفرض العقوبة التظلم من القرار لدى الجهة التي أصدرته وذلك خلال ثلاثين يوم من تاريخ تقديمه وعند عدم البت فيه رغم انتهاء هذه المدة يعتبر  رفضا” للتظلم) كما اختصت محاكم قضاء الموظفين استنادا” الى التعديل الخامس لقانون مجلس الدولة بالنظر في الدعاوى التي يقيمها الموظف على دوائر الدولة والقطاع العام للطعن بالعقوبات الانضباطية ألا أن هذا الحق يسقط بمضي مدة 30 يوما” من تاريخ التبليغ بقرار العقوبة اذا كان داخل العراق و60 يوما” اذا كان خارجه وبذلك يفهم أن التظلم وجوبيا” لقبول دعوى الإلغاء أمام المحاكم الإدارية . أذن الضمانة الثانية واللاحقة لفرض العقوبة هي الطعن القضائي حيث يعتبر حق التقاضي من الحقوق العامة التي اعترفت بها الدساتير للأفراد ومنها الدستور العراقي الذي أقر في المادة 91 البند ثالثا منه بأن التقاضي حق مصون ومكفول للجميع، وحق الطعن القضائي من أهم ضمانات الموظف العام في مواجهة سلطة التأديب، ذلك لأن القضاء بما يتصف به من حيده ونزاهة ينظر نظرة فاحصة عادلة إلى قرار فرض العقوبة التأديبية ويحسن فحص ما يدعيه الموظف من وجود عدم مشروعيه قد تلحق بقرار فرض الجزاء. وقد اشرنا الى اختصاص محكمة قضاء الموظفين بالنظر في مثل هذه الطعون  استنادا” الى الفقرة تاسعا” من المادة السابعة من القانون رقم 17 لسنة 2013 ألا أن هناك شروط شكلية وموضوعية واجب توافرها لقبوله ، والمقصود بشروط قبول الطعن ,الشروط الواجب توافرها حتى تستطيع المحكمة قبول الدعوى ومن ثم البحث في موضوع الطعن , فإذا كان الطعن مفتقراً لأي من هذه الشروط حكمت المحكمة برده دون التطرق إلى البحث في موضوعه , حتى لو كان الطعن مرفوع بالفعل ضد قرار إداري أو حكم قضائي مخالف للقانون , ومن ناحية أخرى فأن قبول الطعن إذا توافرت شروطه لا يعني الأمر إجابة الطاعن لطلباته , إذ يتوقف ذلك على قانونية القرار أو الحكم. ومن ثم تحكم المحكمة بطلبات المدعي أذا ثبت مخالفة القرار أو الحكم المطعون فيه للقانون، والا حكمت المحكمة برفض الدعوى أو ردها. ويعتبر الطعن بإلغاء القرار أو الحكم التأديبي من الوسائل الهامة لحماية مبدأ المشروعية وضمانة أساسية لحماية الموظف من أخطاء السلطات التأديبية وتعسفها ألا أن لهذا الطعن شروط ينبغي احترامها لضمان قبول الطعن وعدم رده , ومن هذه الشروط أن يكون لمقدم الطعن مصلحة في تقديمه , وأن يقدم الطعن في المواعيد المقررة قانوناً .(عياش ،2007، ص 82) أما خصائص القرار التأديبي يجب أن يكون صادر من سلطة مختصة وصدوره بالإرادة المنفردة للإدارة وان يرتب إثارا” قانونية وان يكون نهائيا” أما أسباب الطعن فقد أشارت اليها الفقرة خامسا” من المادة السابعة من القانون أعلاه وتتمثل بان يتضمن الأمر أو القرار خرقا” أو مخالفة للقانون أو الأنظمة أو التعليمات أو الأنظمة الداخلية أو أن يكون الأمر أو القرار قد صدر خلافا” لقواعد الاختصاص أو معيبا” في شكله أو في الإجراءات أو في محله أو سببه وان يتضمن الأمر أو القرار خطأ في تطبيق القوانين أو الأنظمة أو التعليمات أو الأنظمة الداخلية أو في تفسيرها أو فيه إساءة أو تعسف في استعمال السلطة أو الانحراف عنه.(راضي،2020،ص 452)

وبالرجوع الى نصوص القوانين الخاصة بالنقابات المهنية نجد أن بعضها كقانون نقابة المهندسين قد بين في المادة 48 منه بانه يعترض على قرارات لجنة الضبط والقرارات الصادرة من المجلس، لدى محكمة التمييز خلال شهر واحد من تاريخ التبلغ بالقرار، ولا تنفذ القرارات، ألا بعد اكتسابها الدرجة القطعية.  ولم يشر فيه الى حق التظلم من القرار لدى الجهة التي أصدرته والذي يعتبر من الضمانات القانونية المهمة ، وكذلك قانون نقابة الصيادلة رقم 112 لسنة 1966 إذ أشار في المادة 32 منه على  تميز القرارات الصادرة من لجنة الانضباط من قبل احد طرفي النزاع أو مجلس النقابة أو وزارة الصحة لدى محكمة تمييز العراق خلال خمسة عشرة يوما من تاريخ تبليغ ذوي العلاقة بقرار الحكم ويكون قرارها قطعيا ، ولا يتم  تنفيذ قرارات لجنة الانضباط بمنع ممارسة المهنة ألا بعد اكتسابها الدرجة القطعية .فيما أشارت المادة 28 الفقرة رابعا” من قانون نقابة المحاسبين والمدققين على أن  تكون قرارات لجنة الضبط قابلة للطعن لدى محكمة تمييز العراق خلال ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ بالقرار ولا تنقذ ألا بعد اكتسابها الدرجة القطعية وهو نص مشابه لماجاءت به المادة 30 من قانون نقابة الأطباء بان للوزير وللنقيب ولأطراف القضية الطعن في قرارات لجنة الانضباط لدى مجلس الانضباط العام خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الحكم الوجاهي ومن تاريخ التبلغ به من المحكوم عليه غيابيا أو الوزير أو النقيب. والمادة 167 من قانون نقابة المحامين لرئيس الادعاء العام ولمجلس النقابة وللمحامي صاحب المصلحة الطعن في القرارات الصادرة من مجلس التأديب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها بحق الحاضر ومن تاريخ التبليغ بها بحق الغائب ومن تاريخ وصولها الى نقابة المحامين ورئيس الادعاء العام. والمادة 168 بان يقدم الطعن الى محكمة التمييز متضمنا الأسباب الموجبة لنقض القرار المطعون فيه في الميعاد المنصوص عليه في المواد السابقة والا كان الطعن غير مقبول شكلا وتفصل في الطعن هيئة مؤلفة من رئيس محكمة التمييز أو أحد نوابه وعضوية أربعة من حكامها ويكون قرارها قطعيا. ويتبين لنا من النصوص أعلاه أن القوانين المنظمة للنقابات المهنية لم يذكر فيها صراحة الحق في التظلم وان نصت اغلبها على تطبيق قانون الانضباط فيما لم يرد نص بشان ألا أن ذلك يكون عرضه للتفسير والاجتهاد والتأويل كما  تباينت في تحديد الاختصاص فبعضها أوكل المهمة الى محاكم القضاء الإداري على اعتبار أن القرارات الصادرة من النقابات المهنية هو قرار أداري وهو الراي الراجح الذي نؤيده بينما البعض منها اختص محكمة التمييز بذلك على اعتبار أنها قرارات عادية صادرة من هيئات تابعة للقانون الخاص وليس القانون العام ، كما أغفلت النصوص الانضباطية التعديلات الأخيرة في قانون مجلس الدولة والتي الغي بموجبها مجلس الانضباط العام وحلت محله محكمة قضاء الموظفين والتي تختص بالنظر في صحة الأوامر والقرارات الصادرة من الهيئات في الدولة والمتعلقة بشؤون الخدمة أو بالعقوبات الانضباطية وكما اسلفنا . لذا الأولى بالمشرع أن يعدل القوانين الخاصة بتشكيل النقابات وتنظيمها لتتوافق مع التعديلات الأخيرة للقوانين المرتبطة بها أو أن يقر قانون جديد خاص بالعقوبات الانضباطية والمخالفات الإدارية أشبه بقانون الانضباط النافذ يتم العمل به النقابات والاتحادات المهنية لضمان حصول الأعضاء على كافة الضمانات القانونية السابقة واللاحقة لفرض العقوبة الانضباطية وكذلك تحديد مرجع واحد للطعن في تلك القرارات على أن تختص محاكم القضاء الإداري بذلك وحسم جدلية تكييف النقابات والاتحادات المهنية واعتبارها من أشخاص القانون العام وتسري عليها ما يسري على هذه الفئة من قوانين وتنظيمات .

 

المبحث الثالث

رقابة القضاء على القرارات التأديبية النقابية

تمتاز الرقابة القضائية على القرارات التأديبية الصادرة من النقابات المهنية بانها ضمانة أساسية من الضمانات الممنوحة للعضو المخالف لما يتمتع به القضاء من استقلال وحياد والتي تهدف الى ضمان مشروعية وسلامة القانون المطبق ولما يتمتع به من حجية وقوة يلتزم الكافة بتنفيذها واحترامها (الاعرج،2012، ص 100) ويمارس القاضي الإداري الرقابة على وجود الوقائع وتكييفها وملائمة القرار للوقائع ولأهمية ذلك سنبحث ذلك بمطلبين نتكلم في الأول عن دعوى الغاء القرار التأديبي النقابي وشروطها وفي المطلب الثاني أسباب دعوى الغاء القرار التأديبي النقابي وأثارها

المطلب الأول / دعوى الغاء القرار التأديبي النقابي وشروطها

تخضع القرارات التأديبية الصادرة عن المجالس التأديبية في النقابات المهنية للطعن أمام المحكمة الإدارية من قبل العضو المخالف بدعوى تسمى دعوى الإلغاء وهي دعوى قضائية ترفع من ذوي العلاقة يطلب فيها إعدام القرار الإداري المخالف للقانون وتتمتع بكافة الأثار القانونية المترتبة على الدعاوى القضائية ومن اجل ضمان سيادة مبدأ الشرعية لابد أن تمارس السلطات القضائية رقابة على المنظمات والمؤسسات المهنية على اعتبار أنها اهم أنواع الرقابة وأكثرها فاعلية لحياد القضاء واستقلاله وبما أن مفهوم الرقابة القضائية يندرج ضمن نطاق شمول ولاية القضاء على جميع الأشخاص سواء كانت معنوية أم طبيعية وهي من أساليب المدنيات الحديثة التي تقوم بها سلطة القضاء من خلال قضاتها الذين يتمتعون بالجدارة والموضوعية على خلاف الرقابة الإدارية وتصدر أحكامها التي تتمتع بالحجية المطلقة وهي حجية الأمر أو الشيء المقضي فيه في مواجهة الأفراد والإدارة على حد سواء .( جواد، بدون سنة طبع، ص 7) وهذه الرقابة أما تكون على أعمال المؤسسات المهنية بشكل مباشر على اعتبار أنها تخضع لولايتها العامة بحكم القانون المنظم لها وكذلك الرقابة على ما يتخذ ضد هذه المؤسسات أو المنظمات من قرارات صادرة من جهات حكومية أخرى .

وقد اخذ المشرع الفرنسي والمصري بنظام الرقابة القضائية على المؤسسات المهنية من ناحية تأسيسها ومنح المعونات والمساعدات المالية لها وحق الاطلاع على نظمها الداخلية وحل المؤسسات فانه يخضع للطعن علية أمام القضاء الإداري ويكون عرضة للإلغاء .( الوكيل ، 2007، ص 1285) أما القضاء المصري فقد خلق حلقة وسط بين الرقابة الإدارية والقضائية بحيث انشأ لجان خاصة بفض المنازعات بين المنظمات والجهات الإدارية لتسويتها بالطرق الودية قبل اللجوء الى القضاء وهذه المحكمة هي محكمة القضاء الإداري استنادا” الى المادة  الثانية من قرار إصدار الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002كما يحق لهذه المنظمات الطعن بقرارات الجهات الإدارية أمام القضاء في حالة رفض طلب التأسيس أو اتخاذ احد الإجراءات بحقها وكذلك قرارات الحل وإلغاء التصرفات أو عزل مجلس الإدارة .

أما رقابة القضاء الإداري العراقي على المنظمات والمؤسسات المهنية فقد حدد أن القرارات المتعلقة بتأسيس المنظمات يكون قابلا” للطعن لدى محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية وفقا” المادة 8 / الفقرة 7 من القانون رقم 12 لسنة 2010 على الرغم من أن اختصاصات محكمة الاستئناف محددة في قانون المرافعات المدنية على سبيل الحصر ولكون القرار هو قرار أداري تكتمل فيه جميع عناصر وأركان القرار الإداري وعليه لابد أن يكون الطعن أمام محكمة القضاء الإداري وقد تلافى المشرع العراقي  في مشروع القانون الجديد قانون النقابات والاتحادات المهنية لسنة 2017 والذي لازال قيد المراجعات ولم يصدر لحد الإن هذا القصور التشريعي إذ نصت المادة 6 في الفقرة خامسا” على الطعن بقرار رفض التأسيس أمام محكمة القضاء الإداري خلال 30 يوم من تاريخ التبليغ به على اعتبار أنها من الدعاوى المستعجلة وفيما يتعلق بحل المؤسسة المهنية فلم يجعل المشرع العراقي للإدارة أي سلطة في إصدار قرار الحل وإنما من سلطة القضاء ومنح جهة الإدارة رخصة طلب إصدار قرار الحل من القضاء وذلك بناء على أسباب محددة وهنا أيضا” لم يحدد المشرع المحكمة المختصة بإصدار قرار الحل والأولى أن تكون محكمة البداءة في ضوء الاختصاص المكاني وقد نصت المادة 18 من مشروع قانون النقابات المهنية والاتحادات على حل النقابة أو الاتحاد ويحدد القانون أو النظام الداخلي إجراءات حل النقابة أو الاتحاد دون ذكر المحكمة المختصة بإصدار الحكم القضائي وأيضا” عدم وضوح القانون هل هو مشروع القانون نفسه أم قانون أخر ينظم هذه المواد . أما فيما يتعلق بالقرارات التأديبية فقد تباينت القوانين النقابية اذا وكل بعضها كنقابة الأطباء اختصاص النظر بالطعون الى القضاء الإداري بينما نصت باقي القوانين الأخرى على اختصاص محكمة التمييز للنظر بالطعون وهذا يعتبر قصور تشريعي يجب أن يتم تلافيه وإناطة النظر بالطعون للقضاء الإداري كونه الأقدر على بحث صحة القرارات التأديبية الصادرة من النقابات المهنية والاتحادات كونه الجهة القضائية المختصة بنظر القرارات والأوامر الصادرة عن الهيئات العامة في الدولة استنادا” الى قانون مجلس الدولة العراقي رقم 71 لسنة 2017 وينبغي لرفع هذه الدعوى توافر شروط معينة واهمها من المبادئ المستقرة في فقه القانون وفي مجال التقاضي أنه لا دعوى بغير مصلحة . فالمصلحة هي مبرر وجود الدعوى بالنسبة لصاحبها. وقد استقرت أحكام القضاء وكذلك التشريعات المختلفة سواء المدنية والتجارية أو الإدارية على ألا تقبل الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم مصلحة شخصية. فالمشرع المصري في قانون المرافعات في المادة الرابعة يقرر “لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه مصلحة قائمة يقرها القانون.. ” وهي القاعدة ذاتها المقررة في الفقرة الثانية من المادة (91) من قانون مجلس الدولة المصري والتي تمنع قبول الطلبات ” المقدمة من أشخاص ليست لهم مصلحة شخصية “. وتنص المادة (6) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 80 لسنة 9161 المعدل على أنه ” يشترط في الدعوى أن يكون المدعي له مصلحة معلومة وحاله وممكنة ومحققة ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي إن كان هناك ما يدعو إلى التخوف من إلحاق الضرر بذوي الشأن ويجوز كذلك الادعاء بحق مؤجل على أن يراعى الأجل عند الحكم به وفي هذه الحالة يتحمل المدعي مصاريف الدعوى”. أما قانون مجلس شورى الدولة العراقي رقم 65 لسنة 1979 المعدل بقانون رقم 106 لسنة 1989 فقد أشترط في المادة السابعة منه، أن يكون الطعن المقدم إلى محكمة القضاء الإداري من ” ذي مصلحة معلومة وحالة وممكنة ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي أن كان هناك ما يدعو إلى التخوف من إلحاق الضرر بذي الشأن”. ويبدو من هذه النصوص أن المصلحة شرط أساسي لقبول جميع الدعاوى سواءً رفعت إلى المحاكم القضائية المدنية أو إلى القضاء الإداري. وهذه المصلحة باعتبارها مناط الدعوى وأساس قبولها لا يتعين أن تتوافر عند رفع الدعوى فحسب، بل ينبغي استمرار قيامها ما بقيت الدعوى قائمة ولحين الفصل فيها نهائيا” (جبير، 2012، ص 253). ودعا الكثير من الفقهاء الى ضرورة اشتراط المصلحة وقت رفع الدعوى فقط دون أن يتطلب استمرارها حتى انتهاء الدعوى تماشيا” مع طبيعة دعوى الإلغاء والأحكام الصادرة فيها ، كما يشترط في الطاعن الأهلية لمباشرة الدعوى والا يتعين على القاضي رد الدعوى  ومن الشروط الواجب مراعاتها أيضا” المواعيد المقررة للطعن فقد اختلفت المدد القانونية اللازمة للطعن في القوانين النقابية فمنها من اشترط أن يقدم الطعن خلال 15 يوما” ومنها من أوجب الطعن خلال مدة 30 يوما” من تاريخ التبلغ بالطعن والأولى بالمشرع النص على ذلك بشكل صريح بان يتم الطعن في القرار المتضمن العقوبة الانضباطية خلال 30 من تاريخ رفض التظلم الصريح أو الضمني ويكون قرار محكمة الموظفين غير المطعون فيه وقرار المحكمة الإدارية العليا الصادر نتيجة للطعن باتا” وملزما” . وعلى الرغم من أن القانون اشترط ميعادا” للطعن ألا أن هناك حالات معينة يمكن أن تقطعه أو تعمل على إطالته ومن اهم هذه الحالات أو العوامل هي القوة القاهرة وعدم اختصاص المحكمة وطلب المساعدة القضائية ، فقد تحول القوة القاهرة بين المدعي أو العضو المخالف وبين إمكانية رفع الدعوى من قبله ويقصد بها كل عذر شرعي غير متوقع لم يساهم بخطئه في أحداثه ويترتب عليه وقف سريان ميعاد الدعوى أو تجميده ويعاد احتساب المدة السابقة بعد زوالها (جمال الدين،1984، ص199) وهي مسالة تقديرية تخضع لسلطة القاضي في تحديدها وقد اعتبر مجلس الدولة العراقي في حكم صادر له بتاريخ 12/7/2004 بان الحرب وعدم استتباب الأمن عذر يقطع مدة الطعن ( مجلس شورى الدولة،2004، أداري 15) .

كما جرى في القضاءين الإداري الفرنسي والمصري أن رفع الطعن أمام جهة غير مختصة قد يقطع ميعاد الطعن على أن يكون قد تم رفع الدعوى في الميعاد الواجب لرفعها أي بمعنى أخر تطبيق الشرط الأول. ويعتبر أيضا” طلب المعونة أو المساعدة القضائية حالة يمكن بها قطع أو إيقاف المدة القانونية اللازمة للطعن ويلجأ اليها في حالة عدم تمكن الطاعن أو العضو الذي وجهت له عقوبة تأديبية من تحمل مصاريف الدعوى فيتقدم بطلب لإعفائه من الرسوم القضائية ويقطع الميعاد لحين البت في طلبه.

أما اذا انتهى ميعاد الطعن ولم يتقدم صاحب الشأن بدعواه فهنا يصبح القرار الخاص بالعقوبة باتا” وملزما” ولو كان غير مشروع وذلك من اجل استقرار الأوضاع القانونية ماعدا القرارات المقيدة للحرية والقرار المنعدم والذي يصدر من فرد عادي أو من جهة غير مختصة والقرارات السلبية والمستمرة كسكوت الإدارة عن  الإفصاح عن أرادتها أو اتخاذها لقرار معين إضافة الى القرارات المبنية على سلطة مقيدة وهي التي تصدر بناء على سلطة مقيدة لا يترك للإدارة حرية التقدير فيها مثلا” تحديد حالات معينة يلزم معها توجيه عقوبة ، كعقوبة العزل التي أوجب المشرع على الإدارة الحكم بها متى ما ثبت أن بقاء الموظف في وظيفته مضرا” بالمصلحة العامة أو حكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته أو ارتكبها بصفته الرسمية أو اذا عوقب بالفصل وأعيد توظيفه ثم ارتكب فعلا” يستوجب الفصل مرة أخرى .

المطلب الثاني / أسباب دعوى الغاء القرار التأديبي وأثارها

من اجل الطعن بالقرار التأديبي لابد من أن عيب يصيب أحد أركانه الخمسة أو أكثر وهي الاختصاص والشكل والمحل والسبب والهدف. فعيب الاختصاص هو عدم القدرة على مباشرة عمل قانوني كونه من اختصاص جهة أخرى منحها المشرع ذلك (الزعبي،1993، ص 65) ويعد التشريع المصدر الرئيسي لقواعد الاختصاص إضافة الى المبادئ العامة للقانون ومنها قاعدة توازي الاختصاص والتي تعني أن من يملك حق إصدار القرار التأديبي له الحق في تعديله أو الغائه ألا إذا نص القانون على خلاف ذلك (عبد الوهاب، 2014، ص 138). وقد يمنح القانون للسلطة الإدارية الاختصاص من خلال التفويض والإنابة والحلول وتعتبر مصادر غير مباشرة للاختصاص ، وعيب عدم الاختصاص الذي يوجب الطعن قد يكون جسيم كان يصدر من فرد عادي أو هيئة غير مختصة أو من خلال اعتداء السلطة التنفيذية على اختصاص السلطة التشريعية أو القضائية أو يصدر نتيجة اعتداء جهة إدارية على أخرى لا تمت لها بصلة أما البسيط فيتمثل بعدم الاختصاص الزماني أو المكاني أو من حيث الموضوع من خلال تجاوز النطاق الجغرافي أو الإقليمي أو الزمني أو من خلال اعتداء جهة إدارية على أخرى موازية لها أو جهة دنيا على جهة اعلى منها أو العكس أو اعتداء السلطة المركزية على اختصاص السلطات اللامركزية . كما يعد عيب الشكل من أسباب الطعن بالإلغاء متى ما اشترط القانون شكلا معينا” لإصداره أي يجب أن تصدر العقوبة التأديبية بالشكل الذي نص عليه القانون وبعكسه تعد باطلة وتستوجب الإلغاء إضافة الى ضرورة تسبيب القرار التأديبي من اجل تمكين القضاء من مراقبة مشروعيته من خلال ذكر الأسباب الصريحة والتي استوجبت العقوبة وان تكون كافية وواضحة لبيان مبررات إصدار القرار ولها اصل موجود في الأوليات والأوراق الخاصة بالتحقيق كما اشتراط المشرع لشكلية وإجراءات معينة قبل إصدار العقوبة توجب مراعاتها واهمها ضمانة التحقيق الإداري وان عدم اكتماله يعد سببا” للطعن في القرارات الانضباطية وهذا ما قضت به المحكمة الإدارية العليا في العراق بكثير من أحكامها . ويعد عيب المحل بصوره المختلفة سببا” لدعوى الإلغاء فقد تكون المخالفة المباشرة لقاعدة قانونية أو الخطأ في تفسيرها أو تطبيقها  ، ويجب أن يكون للقرار الإداري التأديبي سببا” يبرره ويدفع لإصداره كونه الحالة الواقعية والقانونية التي تدفع الإدارة لاتخاذ قرارها وان يكون موجودا” ومشروعا” من اجل أن تمارس السلطة القضائية الرقابة على وجود الوقائع وتكييفها وملائمتها كونه شرط من شروط المشروعية ( البرزنجي، 1971، ص 160) والسبب الأخير هو عيب الانحراف بالسلطة متى ما كان بعيد عن المصلحة العامة أو مخالف لقاعدة تخصيص الأهداف من اجل الحاق عقاب سريع بالموظف بعيدا” عن الإجراءات والضمانات التأديبية (ياقوت، 2006، ص 281) أو يكون بصورة إساءة استعمال الإجراءات من اجل التهرب من الإجراءات المطولة أو الشكليات المعقدة ويتم أثبات عيب الانحراف بالسلطة باي صورة من صوره بكل طرق الأثبات والدلالة من خلال طريقة إصدار القرار أو تنفيذه أو الظروف المحيطة به . وبعد أن بينا مفهوم دعوى الإلغاء وشروطها وأسبابها لابد من تحديد الأثار المترتبة عليها إذ يسعى رافع الدعوى الى الغاء القرار التأديبي أو تعديله ولمحكمة قضاء الموظفين أن تصدر مجموعة من الأحكام بهذا الشأن أما ترد الطعن من الناحية الشكلية كعدم التظلم أو مضي المدد الخاصة بالطعن أو تصادق على قرار الإدارة التأديبي كونه صحيح وموافق للقانون أو تخفض العقوبة متى ما كانت لا تتناسب مع جسامة الفعل المرتكب أو الخطأ الإداري أو تحكم بإلغاء العقوبة اذا وجد أن القرار المطعون فيه به عيب من العيوب التي تم بيانها سابقا” على أن يصدر من المحكمة المشكلة بصورة صحيحة وفقا” لماورد في المادة السابعة من قانون مجلس الدولة رقم 17 لسنة 2013 وان يكون القاضي أو المستشار صالحا” للحكم بالدعوى وبعد مداولات قانونية دون الإفتاء فيها وان يتم النطق بالحكم بجلسة علنية وذلك استنادا” الى القواعد العامة ولما جاء في المادة 223/أ من قانون أصول المحاكمات الجزائية . ومتى ماصدر الحكم بتصديق القرار أو الغاء العقوبة يجب أن يستند الى أسانيد قانونية صحيحة في ظل القانون العام وتحكمه روابطه (أبو سمهدانة،2012، ص 90) إضافة الى تحرير الأسانيد والحجج المبنى عليها الحكم من حيث الواقع والقانون مما يسهل رقابة المحكمة الإدارية العليا عند الطعن لديها.

ويكون الأثر المترتب على الحكم أما لسبب موضوعي أو شكلي فمتى ما كان لسبب موضوعي يحوز القرار حجية الحكم بإلغاء العقوبة بان يكون هناك قرارا” قضائيا” قطعي ثبتت الحجيه لمنطوقه دون أسبابه باتحاد الخصوم والموضوع والسبب (الجرف،1984، ص 329)، وقد يزيل الإلغاء القرار الإداري بأكمله وأثاره أو يتناول بعض أجزاء القرار دون بعضها الأخر فنكون هنا أمام الإلغاء الجزئي. وقد تتخذ محكمة قضاء الموظفين حكما” بتعديل القرار الخاص بالعقوبة دون الغاؤه على اعتبار أن المشرع العراقي لم يحدد ويقيد سلطات المحكمة إذ نصت المادة (سابعا”) الفقرة الثامنة/ أ من قانون مجلس الدولة العراقي على أن (تبت محكمة قضاء الإداري في الطعن المقدم اليها ولها أن تقرر رد الطعن أو الغاء أو تعديل الأمر أو القرار المطعون فيه مع الحكم بالتعويض أن كان له مقتضى بناعلي طلب المدعي). ومتى ما تقرر الغاء القرار فيجب على الإدارة إعادة الوضع الى ما كان عليه قبل صدور القرار الملغي وهدم كافة القرارات والأعمال القانونية التي استندت عليها.

أما إذا كان الإلغاء لعيب شكلي أو إجرائي فقد سار القضاء الإداري في العراق بنهج جديد مفاده تذكير الإدارة بواجبها من اجل تحقيق المصلحة العامة والخروج عن الدور التقليدي في الرقابة كتوجيها بإعادة التحقيق أو استخدام بدائل أخرى لإصدار القرار أو اتباع قواعد الاختصاص وإصدار قرار أخر كحكم المحكمة الإدارية العليا رقم 904/2019 في 27/6/2019 بإمكانية إعادة فرض العقوبة بتوقيع الوزير وتصحيح الإجراءات القانونية اللازمة لفرضها (راضي،2020، ص 603).

مما تقدم نخلص الى أن القرار التأديبي النقابي يخضع لرقابة القضاء من حيث مشروعيته وسلامة الإجراءات التأديبية استنادا” الى قانون انضباط موظفي الدولة وقانون أصول المحاكمات الجزائية والقوانين الخاصة بالنقابات والاتحادات المهنية وهناك أسباب متعددة لإلغاء القرار التأديبي اعتمادا” على القواعد العامة كونها لم ترد في نص قوانين النقابات المهنية ويرتب الحكم بالإلغاء أثرا” يختلف فيما إذا كان لسبب موضوعي أو لسبب إجرائي أو شكلي.

الخاتمة

وقد توصلنا في نهاية بحثنا الى جملة من الاستنتاجات والمقترحات والتي نأمل أن تجد حيزها في التطبيق وكالاتي: –

الاستنتاجات

1- تتمتع النقابات المهنية بسلطات تنظيمية تساعد على تحقيق الأهداف والأغراض التي أنشئت من أجلها ومن أهمها سلطة التأديب لأعضائها والتي تخضع للوصاية الإدارية من قبل السلطات التنفيذية كونها تسهم في إدارة المرفق العام.

2- اختلفت الآراء الفقهية والقانونية حول التكييف القانوني الصحيح للنقابات المهنية وللأعضاء المنتمين لها ألا أن الراي الراجح أنها من أشخاص القانون العام نظرا” لما يصدر عنها من قرارات إدارية قابلة للطعن فيها بدعوى الإلغاء ولما تتمتع به من مقومات أشخاص القانون العام ولجسامة المهام الملقاة على عاتقها.

3- تسعى النقابات المهنية الى تمثيل شؤون الوظيفة العامة ومصالح الموظفين والدفاع عنها لدى السلطات العامة ويتمتع بذلك عضو النقابة المهنية بجملة من الحقوق والامتيازات المقررة لموظفي الدولة إضافة الى الالتزام بالقوانين والأنظمة والتعليمات.

4- تباينت الآراء القانونية حول طبيعة القرارات الصادرة عن النقابات المهنية وخاصة ما يتعلق بالاختصاص الانضباطي نظرا” للتفاوت في قرارات مجلس الدولة العراقي إذ اعتبرت النقابات من أشخاص القانون الخاص ألا أنها أوكلت مهمة الفصل في النزاعات للقضاء الإداري العراقي بموجب القانون رقم 17 لسنة 2013.

5- يتحمل عضو النقابة المهنية عند قيامه بالانحراف عن السلوك القويم من خلال القيام بعمل أو الامتناع عنه مقرر بموجب القانون من شانه الحاق الضرر بالمؤسسة المهنية أو الأخلال بمصلحتها وبتحقق ركنيها المادي والمعنوي واتجاه أرادته الى أحداثها.

6- تنص قوانين الكثير من النقابات المهنية على سريان القواعد المقررة في قانون انضباط موظفي الدولة على العاملين فيها والعقوبات المقررة فيه كما أوكلت امر التحقيق وفرض العقوبات الى لجان خاصة مشكلة وفقا” لقوانينها مما يثير مسؤولية العضو سواء كانت مدنية أم جنائية.

7- يتمتع العضو بجملة من الضمانات القانونية السابقة واللاحقة لفرض الجزاءات التأديبية منها التحقيق الإداري ومشروعيته وتسبيب القرار الإداري التأديبي وكذلك حق الدفاع كما يتمتع بالضمانات اللاحقة لفرض العقوبة التأديبية كحق التظلم أمام السلطات المختصة وكذلك الطعن أمام القضاء المختص.

8- تعتبر الرقابة القضائية على القرار التأديبي النقابي اهم ضمانة للعضو المخالف، نظرا” لما يتمتع به القضاء من صفتي الحياد والاستقلال لضمان سلامة تطبيق القانون وتحقيق مبدأ المشروعية من حيث اختصاص السلطة المختصة بالتأديب وصحة الإجراءات المتبعة من قبلها شكلا” وموضوعا”.

المقترحات/

1- ندعو المشرع العراقي الى ضرورة تحديد الطبيعة القانونية للنقابات المهنية كونها من أشخاص القانون العام وبالتالي إخضاع كافة القرارات الصادرة منها الى رقابة القضاء الإداري.

2- ندعو المشرع العراقي الى ضرورة النص بشكل صريح وواضح على اختصاص محكمة القضاء الإداري بالفصل في صحة القرارات والأوامر الفردية والتنظيمية الصادرة من النقابات المهنية والتي لم يعين مرجع للطعن فيها.

3- ندعو المشرع العراقي الى توحيد العقوبات المهنية والجزاءات المترتبة عليها وكذلك الإجراءات المتبعة في فرضها بقانون موحد مماثل لقانون انضباط موظفي الدولة تحت مسمى (قانون الانضباط المهني) لضمان الالتزام به وتطبيقه من كافة المنظمات والنقابات المهنية مما يشكل ضمانة حقيقية للعضو المخالف وتحقيق مبدأ المشروعية.

4- ضرورة تحقيق الضمانات كافة للعضو المخالف من الحق في معرفة الخطأ التأديبي والاطلاع على ملف التحقيق والحق في الدفاع والاستعانة في الشهود ومناقشتهم وكذلك توكيل محامي ينوب عنه وكافة الحقوق والضمانات المقررة له.

5- ضرورة توحيد الجهات واللجان المختصة بإجراءات المساءلة التأديبية لمنع تعرض العضو المخالف للابتزاز وان يكون على اطلاع بوضعه القانوني سواء كان مدان أم تثبت براءته مما نسب اليه من مخالفة تأديبية.

6- أن يمنح العضو المخالف صلاحية الطلب بتغيير لجان التحقيق أو الجهة التي تتولى توجيه الاتهام له في حالة ثبوت عدم نزاهتها وحيادها الى جهة معينة.

7- ضرورة إقامة دورات وورش تثقيفية لأعضاء النقابات المهنية حول ماهية الواجبات والالتزامات المترتبة عليهم وماهي المخالفات التي تشكل خرقا” لقواعد المهنة أو التنظيم لاسيما من المنتمين حديثا” لهذه النقابات مع بيان اهم الجزاءات المترتبة على ذلك والضمانات الممنوحة لمواجهة الإجراءات التأديبية ولعدم الاحتجاج بقاعدة الجهل بالقانون.

8- ومن جانب أخر ندعو المشرع العراقي ألي إعادة النظر بالعقوبات التأديبية المفروضة في قوانين النقابات المهنية وضرورة تناسبها مع المخالفة المرتكبة مما يشكل عامل ردع وزجر للأفراد من جانب وعدم تحولها ألي أدوات للانتقام من جانب أخر من خلال النص عليها على سبيل الحصر وعدم المغالاة بمبدأ لا جريمة والعقوبة في المسؤولية التأديبية.

 

المراجع/

1- أبو العينين، محمد ماهر، 1999، التاديب في الوظيفة العامة، دار أبو المجد للطباعة.

2- أبو سمهدانة، عبد الناصر عبد الله،2012، مبادئ الخصومة الإدارية، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة.

3- الأعرج، ميسون جريس،2012، اثار الغاء القرار الإداري دار وائل للنشر، ط1.

4- البرزنجي، عصام عبد الوهاب،1971، السلطة التقديرية للإدارة والرقابة القضائية، دار النهضة العربية، القاهرة.

5- الجرف، طعيمة،1984، رقابة القضاء على أعمال الإدارة – قضاء الإلغاء، القاهرة.

6- الجهمي، خليفة سالم ،2009، الرقابة القضائية على التناسب بين العقوبة والجريمة في مجال التأديب، دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية.

7- الحفناوي، احمد محمد إبراهيم،2007، البطلان الإجرائي وأثره على الدعوى التأديبية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية.

8- الروسان، محمد،2015، شرح قانون التنظيم النقابي، دار الثقافة والنشر والتوزيع، عمان.

9- الزعبي، خالد سماره،1993، القرار الإداري، عمان، ط1.

10- الشمري، عامر إبراهيم، 2009، العقوبات الوظيفية، دراسة مقارنة، منشورات زين الحقوقية، ط1.

11- الشوا، محمد سامي،1996، القانون الإداري الجنائي، دار النهضة العربية، القاهرة.

12- الشيخلي، عبد القادر،1994، القانون الإداري، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان.

13- الصروح، مليكة،1984، سلطة التأديب في الوظيفة العامة بين الإدارة والقضاء، دراسة مقارنة، بدون دار نشر، ط1.

14- الطائي، حسان عبد الله يونس،2015، التطورات القضائية في الرقابة على مبدأ التناسب في القرارات التأديبية، المكتب الجامعي الحديث، ط1.

15- العابد، عدنان،1989، قانون العمل، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، ط2، بغداد.

16- القباني، محمد بكر، 1964، نظرية المؤسسة العامة المهنية في القانون الإداري، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة.

17- المولى، خالد محمد مصطفى،2001، السلطة المختصة في فرض العقوبة الانضباطية على الموظف العام في العراق، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة الموصل.

18- بركات، عمرو فؤاد احمد،1979، السلطة بركات عمرو النهضة المصرية، القاهرة.

19- جعفر، محمد انس قاسم، 2001، الدعاوى الإدارية، دار النهضة العربية، القاهرة.

20- جمال الدين، سامي،1984، المنازعات الإدارية، منشاة المعارف، الإسكندرية.

21- جو خدار، حسن، 1981، أصول المحاكمات الجزائية، ج1، مطبعة الأنشاء، دمشق.

22- حلمي، محمود،1970، نظام العاملين بالجهاز الإداري والقطاع العام، القاهرة.

23- خليفة، عبد العزيز عبد المنعم، 2009، المسئولية التأديبية في الوظيفة العامة، منشاة المعارف، الإسكندرية.

24- راضي، مازن ليلو،2020، النظام التأديبي، دار المسلة للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، ط1.

25- سوادي، زينب كريم، 1998، الاحكام القانونية للراتب، رسالة ماجستير مقدمة ألي كلية الحقوق، جامعة النهرين.

26- عبد الوهاب، محمد رفعت،2014، أصول القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة.

27- عصفور، محمد، 1963، ضوابط التأديب في نطاق الوظيفة العامة، مجلة العلوم الإدارية، ع1، س5.

28- عمر، خالد علي،2004، النقابات المهنية محاولة للفهم، مركز هشام مبارك للقانون، القاهرة.

29- عياش، احمد جهاد نافع2007، ضمانات المساءلة التأديبية للموظف العام، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية.

30- فيصل، غازي،1985، الشخصية المعنوية وتطبيقاتها في التشريع العراقي، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد.

31- كنعان، نواف، 2010، القانون الإداري، دار الثقافة للنشر والتوزيع.

32- مسكوني، صبيح بشير،1974، القضاء الإداري في الجمهورية الليبية، منشورات جامعة بنغازي، كلية الحقوق.

33- مصطفى، علي عبد القدر،1982، الوظيفة العامة في النظام الإسلامي وفي النظم الحديثة، ط1، مطبعة السعادة، القاهرة.

34- ملوخية، عماد، 2012، الضمانات التأديبية للموظف العام في النظام الإداري والإسلامي المقارن، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية.

35- ياقوت، محمد ماجد،2006، شرح القانون التأديبي للوظيفة العامة، منشاة المعارف، الإسكندرية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *