الباحثة / هاروش جميلة

أستاذة باحثة في سلك الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الانسانية بالمحمدية

إطار متصرف تربوي بمسلك الإدارة التربوية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الدارالبيضاء-سطات

Yasmineharouche1979@gmail.com

00212700708189

الملخص

تهدف هذه الورقة العلمية إلى الوقوف على أهمية القيم البيئية في الخطاب الرسمي والاستراتيجي للمنظومة التعليمية بالمغرب، والمسطر عبر مجموعة من المواثيق المؤطرة للفعل التربوي التعليمي (الدستور المغربي، الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الكتاب الأبيض، البرنامج الاستعجالي و الرؤية الاستراتيجية للإصلاح). كما تستشرف الدراسة العمل على رصد مدى تنزيل تلك الاستراتيجية القيمية على أرض الواقع عبر مختلف الآليات المسطرة ضمن منهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي. فضلا عن، تحديد الأهداف والغايات التعْليمية والتعَلُمية التي سطرت ضمن بنية التربية على القيم البيئية في مفهومها العام والخاص معا. وتروم الدراسة أيضا، إلى تحديد خصائص وتصنيفات ومستويات القيم البيئية، وتتبع نتائجها من خلال الأبعاد التربوية الذاتية والجماعية المساهمة في الحفاظ على البيئة الطبيعية والاجتماعية والمادية، ورسم معالم انعكاس ذلك على صحة المتعلم النفسية والجسدية. زد على ذلك، العمل على رصد طبيعة الصلات القائمة ما بين التربية على القيم البيئية لدى الناشئة في علاقتها بالرقي بالقيم الجمالية.

فالواضح، أن الأهداف الجوهرية التي تسعى إليها الورقة العلمية، تصب في دراسة إشكالية القيم من زاوية علاقاتها بالمنظومة التربوية، وذلك عبر الإجابة على أسئلة محورية تتمثل بالأساس في البحث عن ماهية التربية على القيم ضمن المواثيق الرسمية المعتمدة في المغرب، مع تتبع تلك الأهداف المسطرة ضمن الكتب المدرسية، وذلك باتخاذ  القيم البيئية أنموذجا ومدى تصريفه داخل منهاج اللغة العربية  بالسلك الابتدائي فكرا واصطلاحا وصورة نمطية في مرحلة التعليم الابتدائي مع تحليل مضمون محتواها وأبعادها التربوية، مع تسليط الضوء على التربية البيئية كدعامة أساس لبلورة سلوك المتعلمين داخل الحياة المدرسية، ومدى تسطيرها ضمن أولويات مشروع المؤسسة المندمج الذي أصبح رهان الإصلاح التعليمي بالمغرب.

وهكذا، ستعمد هذه الدراسة منهجيا، إلى إعداد قائمة بأهم القيم البيئية المتضمنة في منهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي عبر منهاج دراسة المحتوى، وتضمينها استبيانات موزعة على  مجالات محددة، مع البحث عن مدى مراعاتها لهذا التصنيف، وهو ما سيمكن من  تحليل  لغة وأفكار مقررات اللغة العربية المدرسية في المرحلة الابتدائية في ضوء قائمة القيم البيئية المعمول بها ضمن المستويات التعليمية الخاصة بالناشئة، مع العمل على جمع البيانات وتحليلها إحصائيا، ومقارنة كل مستوى  تعليمي على حدة ومدى وجود تكامل بين الأهداف المتوخاة من وراء تعزيز القيم بين المستويات التعليمية، ومدى مساهمة التربية على القيم البيئية في النهوض بالحياة المدرسية في المؤسسات التعليمية المغربية خاصة في السلك الابتدائي، للبلوغ إلى خلاصات معرفية تدفع إلى بلورة منظور مميز لأهمية القيم في العملية التعليمية التعلمية بشكل عام، وذلك من خلال ثلاث محاور تؤطر الموضوع بشكل عام ممثلة في:

المحور الأول: القيم في الخطاب الرسمي بين التنظير والواقع المحور الثاني: القيم البيئية في كتب اللغة العربية بالسلك الابتدائي

المحور الثالث: القيم البيئية دعامة أساس للحياة المدرسية

معطيات لا شك أنها تفتح الأبواب من الناحية الفكرية والدراسية لوضع مقترحات وتوصيات ومخرجات حول مفهوم تدريس التربية البيئية في المنهاج المغربي في صلته المعرفية والإجرائية ببقية مناهج التدريس التربية على القيم بشكل عام، مع إبراز أهمية تفعيل الأندية البيئية داخل المؤسسات التعليمية، وخلق شبكة “علاقاتية” مع شركاء مهتمين بالحفاظ على البيئة، وتعزيز مشاريع المؤسسات المندمجة، وفق خطة ممنهجة تروم إذكاء القيم البيئية لدى المتعلمين بغية خلق المواطن الصالح المؤمن بقيمة القيم البيئية في صلتها بنظرية القيم في المجتمع.

الكلمات المفتاحية::

التربية على القيم، القيم البيئية، الخطاب الرسمي، المنهاج الدراسي، تحليل المحتوى، الناشئة، الطفولة، الحياة المدرسية، مشروع المؤسسة المندمج، السلوكيات البيئية.

 

Values between formal discourse and applied curriculum

Environmental values in the Arabic language curriculum in the primary school as a model

Researcher / Harouche Jamila

Regional Center for Education and Training Professions, Casablanca-Settat

Abstract

This scientific paper aims to highlight the importance of environmental values in the official and strategic discourse of the educational system in Morocco. This discourse is organized through a series of charters framing the educational act (the Moroccan Constitution, the National Charter for Education and Training, the White Paper, the emergency programme and the Strategic Vision for Reform). The study also looks forward to monitoring the implementation of this valuable strategy through the various mechanisms in the Arabic curriculum of the primary school; as well as identifying the teaching and learning goals and objectives of the environmental values that were incorporated within the structure of education in both their public and private concepts. The study also aims to define the characteristics, classifications and levels of environmental values and track their results through the individual and collective educational dimensions that contribute to the preservation of the natural, social and physical environment and to assess their impact on the learner’s psychological and physical health. Furthermore, to stand on the nature of the linkages between education on environmental values among young people about the promotion of aesthetic values.

The fundamental goals pursued by the scientific paper are to examine the problematic values in terms of their relations with the educational system by answering pivotal questions, represented mainly in the search for education values concept within the official charters adopted in Morocco. To achieve the objectives set out in the school books, by adopting environmental values as a model and to what extent of their incorporation within the Arabic curriculum in the primary school through thought, terminology and a stereotyped image with an analysis of its content and its educational dimensions, while highlighting environmental education as a foundation for shaping learners’ behaviour within school life and to what extent it’s considered as one of the priorities of the integrated enterprise project, which has become the bet of Morocco’s educational reform.

Thus, this study will methodically draw up a list of the most important environmental values contained in the Arabic curriculum in primary school through the content study curriculum. It will include questionnaires disaggregated on specific fields while exploring to what extent they take into account. This classification will enable  an analysis of the language and ideas of the Arabic curriculum language at the primary level, in the light of the list of environmental values adopted within the educational levels of young people while collecting and analyzing data statistically, comparing educational levels separately and the complementarity of the objectives envisaged for promoting values between educational levels, and to what extent the education on environmental values contributes to the advancement of school life in Moroccan educational institutions, especially in primary school to reach knowledge conclusions that lead to a distinctive perspective on the importance of values in the learning process in general, Through three themes, the topic is broadly framed by:

–              First theme: Values in the official discourse between theoretician and reality.

–              Second theme: Environmental Values in Arabic Language Books in Primary school.

–              Third theme: Environmental values are a foundation for school life.

   There is no doubt that these data allow an opening in the intellectual and academic approaches to develop proposals, recommendations and outputs on the concept of teaching environmental education in the Moroccan curriculum in its cognitive and procedural connection to the rest of the teaching curriculum on values in general. while highlighting the importance of activating environmental clubs within educational institutions and creating a “relationships” network with partners interested in preserving the environment and promoting integrated enterprise projects according to a systematic plan aimed at raising environmental values among learners to create a good citizen who believes in the environmental values about the theory of values in society

Keywords:

Education on values, environmental values, official discourse, scholar curriculum, content analysis, emerging, childhood, school life, integrated enterprise project, environmental behaviours.

 

يكتسي موضوع القيم عموما أهمية كبرى داخل المنظومة المجتمعية بكل بنياتها، باعتباره المرجع المحدد لهويتها وقضية أساس في

(Jordan, Silvanus, Taylor, 2008. pp.116-127.) المنظمة التربوية لكونه يستهدف ذلك المتعلم المنشود والمرغوب فيه، والذي يراهن عليه المجتمع مستقبلا كمواطن صالح قادر على حمل مشعل ركب التقدم لوطنه بين الأمم(Arweck, Nesbitt, 2004, pp.245-26) لذلك كان الرهان على استحضار البعد القيمي في المنظومة التعليمية كإطار لابد منه لاكتساب المعارف وترسيخ المعلومات، والتدريب على المهارات الحياتية والتعليمية.

لقد عرف العالم في الآونة الاخيرة اهتماما كبيرا بالتربية على القيم البيئية، وذلك نظرا لما أصبحت تشهده المنظومة البيئية من تحولات سلبية وكارثية باتت تهدد حياة الانسانية جمعاء، وهو ما دفع بالمنظومة التعليمية العالمية إلى الانخراط في عملية إنقاذ جميع المكونات البيئية من خلال إعطاءها مكانة مميزة في المناهج الدراسية[1]. بل أصبح فعل دراسة القيم البيئية في المناهج الدراسية يمثل آلية من آليات البحث المنهجي المرتبط بعدد من الإشكالات والفروع المعرفية المتداخلة والمتكاملة فيما بينها في آن واحد، وتعرف القيم البيئية (( Les valeurs enverenmentales، على أنها الأحكام العقلية الانفعالية المتعلقة بمكونات البيئة الطبيعية والإنسانية ذات الصلة المباشرة بعناصر البيئة الطبيعية، الموجهة لسلوك التلاميذ بيئيا، وهي معايير السلوك الفردي والجماعي نحو البيئة(شقير، زينب حسن، 2006، ص.519)، كما تعرف أيضا بأنها الأحكام التي يصدرها الفرد بالتفضيل أو عدم التفضيل إزاء المواضيع البيئية وذلك تقييمه وتقديره لهذه المواضيع البيئية، وتتم هذه العملية من خلال التفاعل بين الأفراد بمعارفه وخبراته وبين ممثلي الإطار الفكري الحضاري الذي يعيش فيه واكتسب من خلالها هذه الخبرات والمعارف.( خليفة،1992، ص. 59).

بناء عليه، تتحد المعالم والأهداف المسطرة لهذه الورقة العلمية في بعدها الإشكالي في رصد مفهوم القيم في سياقه الشامل ضمن الخطاب الرسمي التعليمي المغربي، باعتباره من الدعائم التي تقوم عليها الاستراتيجية التربوية التعليمية بالمغرب. كما تسعى الدراسة المعنية إلى رصد مدى توافق التوجهات الرسمية للخطاب القيمي البيئي في المجال التعليمي ضمن عينة الدراسة المعتمدة مع الطابع الإجرائي والعملي لها على مستوى تنزيلها على أرض الواقع. وذلك من خلال تتبع مدى حضور القيم البيئية كجزء من المنظومة التربوية والتعليمية في منهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي، وتحديد أهم الأهداف التي سطرت لتنزيل مضامين تلك القيم في الكتب المدرسية المعنية، مع تحليل محتواها وأبعادها التربوية. فضلا عن، تتبع مدى نجاح مجالات وآليات تطويرها انسجاما مع منظومة القيم في المجتمع المغربي بشكل عام. فالقيم تشكل أساس التربية الذهنية للفرد الإيجابي(1993, Brwon).

واقع الحال، أن دراسة المجال القيمي تقتضي منهجيا العمل على تتبع أهمية القيم البيئية في تحقيق النتائج المفضية إلى الحفاظ على البيئة الطبيعية والاجتماعية والمادية، وهو ما ينعكس إيجابا على صحة الإنسان النفسية والجسدية، ويرتقي بالقيم الجمالية لديه، ويحقق له السعادة المنشودة. معطيات تدفع بالدراسة المعنية إلى مقاربة مفهوم تدريس التربية البيئية في الخطاب الرسمي المغربي في علاقته أيضا بمختلف الأنشطة التربوية ضمن الحياة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية، وذلك انطلاقا من البحث عن تجليات خلق شبكات من العلاقات التفاعلية ما بين المنظومة التعليمية في العينة موضع الدراسة ومختلف الشركاء والمهتمين بالحفاظ على البيئة ضمن مكونات المجتمع المدني، مع رسم معالم وحدود نجاح مشاريع  دعم القيم البيئية لدى المؤسسات التعليمية في إطار عملها المشترك مع فعاليات المجتمع المدني في تحقيق غائية  دعم القيم البيئية لدى المتعلمين.

وهكذا، ستعمد هذه الورقة العلمية إلى إعداد قائمة بأهم القيم البيئية المتضمنة في منهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي، وتضمينها داخل استبيانات موزعة على مجالات محددة، مع التأكد من مدى مراعاتها لهذا التصنيف، وذلك بغية تحقيق هدف منهجي ودراسي حولها، ممثل في تحليل كتب اللغة العربية المدرسية في المرحلة الابتدائية في ضوء قائمة القيم البيئية، وجمع البيانات وتحليلها إحصائيا. هذا فضلا عن، القيام بتوظيف المنهاج المقارن في تحديد وتصنيف البعد القيمي ضمن كل مستوى تعليمي على حدة، والبحث عن شروط التكامل المعرفي والبيداغوجي لمجال القيم البيئية بين مختلف المستويات انسجاما مع المطلب المعرفي لدى المتعلمين، والذي يقتضي تحقيق شروط المنظومة التربوية التسلسلية في تحقيق المعارف لدى الناشئة من مستوى تعلمي إلى آخر، حسب التسلسل الزمني والتدرج العلمي للمتعلم في مختلف المستويات الدراسية في التعليم الابتدائي المغربي.

كان لزاما لمباشرة الموضوع، الاعتماد على بناء فكري يطمح إلى الإجابة على عدد من التساؤلات المعرفية أبرزها ممثلة في:

  • ما مدى استحضار التربية على القيم في المرجعيات والتوجيهات الرسمية؟
  • ما هي حدود الانسجام القائمة ما بين التوجيهات التربوية بما تحمله من تصورات حول القيم والنصوص القرائية المقترحة في كتب اللغة العربية بالسلك الابتدائي؟
  • كيف يتم استحضار القيم في مواد اللغة العربية بالتعليم الابتدائي (القيم البيئية أنموذجا)؟
  • كيف استطاعت المقررات الدراسية الخاصة باللغة العربية تنزيل توجيهات الخطاب الرسمي فيما
  • يخص التربية على القيم؟
  • هل تم تنزيل القيم البيئية وتصريفها بمقررات اللغة العربية بالسلك الابتدائي بشكل تكاملي ومنسجم ونسقي متوافق مع بنية المعارف للمتعلمين؟
  • كيف يمكن جعل أنشطة الحياة المدرسية ومشروع المؤسسة المندمج في خدمة التربية على القيم، وخاصة القيم البيئية لدى المتعلمين؟
  • كيف يمكن التوفيق بين ما سطر في الوثائق الرسمية على مستوى رسم السياسة التربوية للمنظومة التعليمية بالمغرب باعتبارها أدوات لتصريف المنهاج وبين ممارسة القيم ضمن الحياة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية المعنية بالدراسة؟

وهكذا، تستند هذه المساهمة العلمية على ثلاث محاور أساس، تروم مباشرة للإجابة عن إشكالية الموضوع في علاقتها بالسياق المعرفي والدلالي والقيمي، وتتمثل في المحاور التالية:

المحور الأول: القيم في الخطاب الرسمي بين التنظير والواقع

المحور الثاني: القيم البيئية في كتب اللغة العربية بالسلك الابتدائي

            المحور الثالث: القيم البيئية دعامة أساس للحياة المدرسية ومشروع المؤسسة المندمج

أهمية الدراسة

تكمن أهمية الدراسة في:

  • الارتقاء بالتربية على القيم بالمدرسة المغربية خاصة القيم البيئية والإسهام في إيجاد حلول عملية لبعض الاختلالات التي تعرقل التنزيل الناجح لها. في ظل الأخذ بتجارب غربية في المجال على مستوى المبدأ أساسا Arthur, 2011).)
  • ترجمة التربية على القيم إلى برامج عمل، والمساهمة في تذليل الصعاب أمام الفاعلين الميدانيين في هذا المجال.
  • جعل المدرسة في وفاق مع المجتمع، قادرة على التفاعل معه باعتبارها مجالا حقيقيا لترسيخ القيم.
  • الكشف عن الاختلالات المنهجية والتربوية الواردة في الوثائق الرسمية فيما يخص التربية على القيم.
  • استثمار نتائج البحث التربوي في تطوير برامج التكوين الأساس والمستمر لمختلف الفاعلين التربويين وكذا في مراجعة وتنقيح الكتب المدرسية للسلك الابتدائي.
  • المساهمة في إثراء مجال البحث في موضوع التربية على القيم خصوصا ما تعلق منه بمعالجة إشكالات التنزيل والممارسة الميدانية.
  • ابراز إشكالية تنزيل القيم في المحيط المدرسي من خلال تفعيل الحياة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية العمومية.

 

  • حدود البحث:

حدد مجال البحث في الاشتغال على مواضيع وأهداف التربية على القيم ضمن النصوص الرسمية المتعلقة بالمنظومة التعليمية الوطنية، وتحديدا في الميثاق الوطني للتربية والتعليم، وضمن نصوص الكتاب الأبيض، ومضمون الرؤية الاستراتيجية للإصلاح الممتدة ما بين سنتي 2015/2030، والمنهاج الدراسي للتعليم الابتدائي الخاص باللغة العربية بالسلك الابتدائي بمستوياته المعتمدة الست، مع العمل على الكشف عن الاختلالات التي تشوب تنزيل القيم، وخاصة القيم البيئية منها، وذلك باعتماد منهاج استقراء عينة من الكتب المدرسية الخاصة باللغة العربية بالسلك الابتدائي، والتي حددت في خمسة عشر كتابا. وبالتالي، تم تجاوز الأطر الفلسفية للقيم ضمن أهداف الدراسة.

  • أدوات البحث:
  • تتبنى هذه الدراسة مجموعة من الأدوات المنهجية المستندة على وضع الفرضيات وتمحيصها، وتحليل النتائج المحصل عليها مع بناء الخلاصات المعرفية الموجبة لذلك وهي:
  • قراءة الوثيقة، للتعرف على مدى حضور مضامين التربية على القيم في المرجعيات التربوية الرسمية.
  • تحليل المضمون، بهدف فحص مدى ترويج عينة من كتب اللغة العربية للمستويات الست بالسلك الابتدائي للقيم المنصوص عليها في المنهاج الدراسي، ومن ضمنها التربية على القيم البيئية.
  • توظيف الاستمارة الالكترونية من خلال توزيعها على عينة من مدراء ومديرات التعليم الابتدائي العمومي، وعلى المسيرين للمؤسسات الابتدائية، سعيا إلى الوقوف على أساليب هؤلاء الفاعلين التربويين في تنزيل التربية على القيم في الوسط المدرسي، من خلال مختلف الأنشطة المبرمجة، وبالأساس المعنية منها بمجال التربية على القيم البيئية، بما في ذلك تنشيط الحياة المدرسية وجعلها من آليات مشروع المؤسسة المندمج المعتمد من قبل المؤسسة.
  • منهجية البحث:

تم الاعتماد في هذه الدراسة على الجانبين النظري والتطبيقي التحليلي معا، إذ خصص المحور الأول لدراسة التربية على القيم نظريا، وذلك من خلال القيام بقراءة مكروسكوبية للخطب الرسمية المؤطرة للمنظومة التعليمية المغربية، وخاصة تلك المرتبطة بالمجال القيمي، والصادرة عن الوزارة الوصية. هذا، مع العمل على فحص مدى حضور التربية على القيم في الأدبيات التربوية والبيداغوجية الرسمية انطلاقا من الميثاق الوطني للتربية والتكوين وصولا إلى الصيغة النهائية والكاملة للمنهاج الدراسي للتعليم الابتدائي في يوليوز 2021، من دون إغفال لأهم ما صدر خلال الفترة الزمنية المعنية بالدراسة من مذكرات وزارية.  ثم تحليل مضمون عينة محددة من كتب اللغة العربية بالسلك الابتدائي، والتي بلغت خمسة عشر كتابا، موزعة على ست مستويات تعليمية بالسلك الابتدائي.

وبناء عليه، سيتم المزج بين المنهجين الوصفي التحليلي وتحليل مضامين الوثائق الرسمية والكتب المدرسية لمادة اللغة العربية، ووصف وتفكيك النصوص التي تخص التربية البيئية والمتضمنة في كتب اللغة العربية بالسلك التعليمي الابتدائي.

عينات البحث:

هي عينة عشوائية مكونة من أربعين مديرا ومديرة بمؤسسات تعليمية ابتدائية بأكاديمية الدارالبيضاء سطات بالمغرب، وذلك برسم الموسم الدراسي 2022 – 2023، وموزعين على ثلاث مجالات: المجال الحضري، المجال شبه حضري والمجال القروي. كما تم توزيع استمارات الكترونية على هذه العينة بطريقة “جوجل فروم” (Google Furm)، بهدف العمل على رصد مدى تنزيل الاستراتيجيات الخاصة بالتربية على القيم، وخاصة التربية على القيم البيئية، داخل فضاء الحياة المدرسية بالمؤسسات التعليمية التي يشرف عليها الإطار التربوي للعينة موضع الدراسة.

 

    المحور الأول: القيم في الخطاب الرسمي بين التنظير والواقع

تعد التربية على القيم بمثابة عملية متكاملة ومتجانسة لتنشئة الأفراد على أسس ومعايير تجعل منهم مواطنين صالحين وفاعلين في مجتمعاتهم، ومتشبعين بقيم العدل والسلم والمساواة، واحترام الاختلاف والتعايش مع الآخر، وغيرها من القيم التي تساهم في بناء الإنسان الذي يعتبر اللبنة الأساس في بناء المجتمع. وهكذا، اعتبرت التربية على القيم من المداخل الأساس للتربية والتكوين.

فمن المؤكد أن التربية على القيم ليست مسؤولية المدرسة وحدها، بل تشترك في ذلك مع بقية المكونات المجتمعية المعنية بمجال التربية على القيم، وإن كانت المدرسة تتحمل المسؤولية العظمى في ذلك، باعتبارها المسؤولة عن إعداد المتعلم ضمن مراحل فاصلة من مراحل تكوين شخصيته ومبادئه وقيمه، وهي القيم التي تعد مكونا من مكونات القيم الإنسانية السامية بشكل عام.

وهكذا، فإن التربية على القيم، لا تكتفي بحشد الذهن بمعلومات حول الكرامة والحرية والمساواة والاختلاف، وغير ذلك من الحقوق، بل تقوم على أساس ممارسة المتعلم لتلك الحقوق، وإيمانه بها وجدانيا واعترافه بها كحقوق مشتركة مع الأخر. ومن ثمة، العمل على احترامها كمبادئ ذات قيمة سامية. فالقيم ليست تربية معارف للتعلم فقط، وإنما هي تربية قيم للحياة والمعيش. (الانتصار عبد المجيد، 2001، ص. 107-124)، تلك التربية على القيم التي تقتضي في مباشرتها والبحث عن مضانها على مستوى التنزيل الإجرائي لها ضمن البرامج التعليمية المباشرة، التساؤل مسبقا ومبدئيا عن مكانة التربية على القيم ضمن الخطابات الرسمية للمنظومة التعليمية بالمغرب.

 

1 منزلة القيم في دستور المملكة وفي الخطب الملكية

لقد أولى الدستور المغربي لعام 2011[2]، لمنظومة القيم المشتركة عناية خاصة، سواء في ديباجته أم في العديد من فصوله. كما دعا عبر مضان نصوصه مختلف مكونات الأمة المغربية إلى التشبع بها، والتحلي بفضائلها وفي مقدمتها:

  • ارتكاز الحياة الاجتماعية على قيم الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية والكرامة والمساواة بين الجنسين والمواطنة المسؤولة.
  • تبوء الدين الإسلامي مكانه الصدارة في الهوية المغربية.
  • التشبث بالوحدة الوطنية والترابية، وتلاحم مقومات هويتها المتعددة المكونات والمتنوعة الروافد بقيم الانفتاح والاعتدال والوسطية والتسامح والإبداع والحوار والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية.

يتضح أن مجال القيم ينطلق من مبدأ سياسي يهم الشأن العام للدولة وجميع المواطنين، عبر التنصيص عليه ضمن دستور البلاد، إلى مصاف إجرائية تقتضي العمل على تحقيق المنظومة الحقوقية للمواطن في التربية على مبدأ القيم السامية، بجميع مكوناتها، والتي لا تنفصل عنها قيم الحفاظ على بيئته ومحيطه حفاظا سليما يضمن له كنه الحياة السليمة والآمنة. بل تزداد تلك القيم المنصوص عليها دستوريا، بأجرأتها على مستوى تربية الأجيال، بدءا من المستويات التعليمية الأولى وصولا إلى المستويات العليا، وهي المستويات التي تؤشر على النتائج في التربية عموما( Tobbell, 2003)، والتي تزداد فيها مسؤولية الفرد دستوريا واجتماعيا وحقوقيا. تلك هي العناصر التي تتأسس على ضوئها المنظومة التربية للمواطن الصالح الذي يعيش في كنف دستوري سوي، أساسه القيم الفاضلة، التي لا تنفصم عن القيم الكونية في مجال الحقوق والواجبات (Lickona, 1983).

واقع الحال، إن تلك الأسس السامية ذات الصلة بالمجال القيمي، تم تفعيلها على مستوى التوصيات عبر الخطب الملكية السامية، التي ما فتئت بدورها تؤكد في أكثر من مناسبة على الأهمية القصوى لمنظومة القيم، باعتبارها أبرز آلية لترسيخ ثوابت دولة الحق والقانون، وبناء الهيكلة المؤسساتية الفعالة للدولة الحديثة، مع ضمان التلازم القائم ما بين الديموقراطية والتنمية البشرية والبيئية وتعزيز قيم السلوك المدني، في  استحضار دائم للدور  المنوط بالمدرسة في تنمية التربية على القيم في شكلها العام الذي لا تنفصم عنه القيم البيئية. وهي المنظومة التي لا يمكن استجلاء عناصرها دون الوقوف على معطياتها ضمن نص الميثاق الوطني للتربية والتكوين.

2-سؤال القيم من الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى الرؤية الاستراتيجية

* التربية على القيم في الميثاق الوطني للتربية والتكوين

يعد الميثاق الوطني للتربية والتكوين الوثيقة المنهاجية الرئيسة والفلسفة المؤطرة للفعل التربوي وللمنظومة التربوية المغربية، فرغم صدور مجموعة من الوثائق المنهاجية الأخرى، إلا أنه ظل الميثاق الإطار المعبر عن المنهاج التربوي المغربي بالشكل الرسمي. فقد كان واضعوه على وعي تام بأهمية اكتساب القيم للناشئة، وأن هذه العملية هي من أهم وظائف النظام التربوي المغربي. كما تشهد مقدمة غاياته، على أن الحرص على الاهتمام بالقيم اعتبر من المرتكزات الثابتة للميثاق، إذ يؤكد عبر نصه على دور القيم في توجيه المنظومة التربوية، وذلك حرصا على ترسيخ الثوابت القيمية والحضارية للمغرب، وانفتاحا على القيم الكونية التي تجعل المتعلمين قادرين على تحقيق الانخراط الإيجابي في روح العصر، وهو ما يظهر جليا في الدعامات التالية:

  • يهتدي نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية، وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح، المتسم بالاعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم والمعرفة في أرحب آفاقهما والمتوقد للاطلاع والإبداع، والمطبوع بروح المبادرة الإيجابية والإنتاج النافع. (الميثاق الوطني للتربية والتكوين، 2000، ص. 9.)
  • في المجال الثاني والذي يهم التنظيم البيداغوجي جاء الحديث عن القيم بشكل صريح خاصة بالسلك الاولي والابتدائي “التشبع بالقيم الدينية والخلقية والوطنية والإنسانية ليصبحوا مواطنين معتزين بهويتهم وبتراثهم وواعين بتاريخهم ومندمجين فاعلين في مجتمعهم. ( الميثاق الوطني للتربية والتكوين،2000، ص. 24).
  • يلتحم النظام التربوي للمملكة المغربية، بكيانها العريق القائم على ثوابت ومقدسات يجليها الإيمان بحب الله وحب الوطن والتمسك بالملكية الدستورية، عليها يربي المواطنون متشبعين بالرغبة في المشاركة الإيجابية في الشأن العام والخاص، وهم واعون أتم الوعي بواجباتهم وحقوقهم، متشبعون بروح الحوار وقبول الاختلاف، وتبني الممارسة الديمقراطية في ظل دولة الحق والقانون.
  • يتأصل النظام التربوي في التراث الحضاري والثقافي للبلاد، بتنوع روافده الجهوية المتفاعلة والمتكاملة؛ يندرج النظام التربوي في حيوية نهضة البلاد الشاملة، القائمة على التوفيق الإيجابي بين الوفاء للأصالة والتطلع الدائم للمعاصر(الميثاق الوطني للتربية والتكوين،2000، ص. 109). كما تم في المرتكز الثاني من الميثاق، تحديد مواصفات المتعلم في: “(…)متشبعون بروح الحوار وقبول الاختلاف وتبني الممارسة الديمقراطية في ظل دولة الحق والقانون(…)”( الميثاق الوطني للتربية والتكوين،2000، ص. 8).

وبالتالي،  فالغايات الكبرى المتوخاة من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، باعتباره منطلقا لأي مناهج تعليمية، من اعتماد التربية على القيم وتنمية وتطوير الكفايات التربوية، والتربية على الاختيار واعتبار المدرسة مجالا حقيقيا لترسيخها، هو  جعل المتعلم متشبثا بهويته المغربية، ومنفتحا على الحضارة الإنسانية، مع عمل الميثاق على ترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية والتسامح وحب المعرفة والعلوم، والارتقاء بالذوق الجمالي للفرد، وغيرها من القيم التي تؤدي بالمتعلم إلى الاعتزاز بذاته وهويته المغربية، في انسجام وتكامل مع القيم الكونية والقيم الإنسانية النبيلة.

ورغم أن الميثاق قد ضم مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالقيم التي على المتعلم اكتسابها، ومنها حقوق الانسان والمواطنة، إلا أن المعرفة (Le savoir )، تظل فقط بمثابة المرحلة الأولى للاكتساب Acquisition)  (والتمثل القيمي.  عناصر لم يتم الاقتصار فيها على نصوص الميثاق الوطني للتربية والتكوين، بل تم استحضارها على مستوى الكتاب الأبيض أيضا. وهو ما يدفع إلى تحديد تجليات ومعاني ذلك الحضور وفق آلياته النصية المباشرة؟

* القيم في الكتاب الأبيض(Le livre Blanc)( تجري في دولة تونس عملية إصلاح تربوي منذ شهر ماي من سنة 2016 تحت الاسم الكتاب الأبيض، ولعل الأمر مقتبس بدوره من التجربة الفرنسية التي بدورها تعتمد الكتاب الأبيض).

يعد الكتاب الأبيض الأجرة العملية لتوجهات واختيارات الميثاق الوطني للتربية والتكوين (لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي ،2002.)، إذ عمل على تدقيق ما سُطر في الميثاق من حيث المناهج الدراسية، وما تم من رسم للهندسة البيداغوجية للمواد الدراسية بالأسلاك الثلاث، كما حدد الكتاب الأبيض الأغلفة الزمنية للمواد المدرسة. والأهم من كل ذلك، أنه تم انتقاء واختيار المحتويات الملائمة لتحقيق المخرجات المسطرة للمنهاج، وهو يقع في ثمانية أجزاء وأزيد من ألف وتسع مائة وثلاثين صفحة. قامت بالاشتغال عليها لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية مركزيا وجهويا.

تصدر موضوع القيم الجزء الأول من الكتاب الأبيض ضمن المحور الخاص بالاختيارات والتوجهات التربوية، وتم التفصيل فيه بشكل واضح، حيث صرح بــ ضرورة ” اعتماد التربية على القيم وتنمية وتطوير الكفايات التربوية، والتربية على الاختيار كمدخل بيداغوجي لمراجعة مناهج التربية والتكوين”(الكتاب الأبيض، 2002.). واعتبر الكتاب الأبيض، “المدرسة مجالا حقيقيا لترسيخ القيم الأخلاقية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديموقراطية”(الكتاب الأبيض، يونيو 2002.) وقد حدد اختيارات وتوجهات في مجال القيم انطلاقا من القيم التي تم إعلانها كمرتكزات ثابتة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والمتمثلة في:

  • قيم العقيدة الإسلامية.
  • قيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية.
  • قيم المواطنة.
  • قيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية.

كما ذكر الكتاب الأبيض سيرا على نفس المبادئ التأطيرية للفعل التربوي في شأن القيم: “وانسجاما مع هذه القيم، يخضع نظام التربية والتكوين للحاجات المتجددة للمجتمع المغربي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي من جهة، وللحاجات الشخصية الدينية والروحية للمتعلمين من جهة أخرى” (الكتاب الأبيض، 2002.).

يتضح بناء على ذلك، أن النظام التربوي المغربي، سعى من خلال الكتاب الأبيض دائما إلى تحقيق الحاجات المتجددة للمجتمع المغربي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى مستوى الحاجات الشخصية الدينية والروحية للمتعلمين أيضا،  والتي تكسب أفراد المجتمع المعارف والمهارات التي تؤهلهم للاندماج في الحياة العملية والاجتماعية، ومواصلة التعلم على مدى الحياة، وتزويد المجتمع فرص تكوين الكفاءات من المؤهلين والمواطنين القادرين على الإسهام المتواصل في بناء  الوطن، وذلك بالارتكاز على قيم العقيدة الإسلامية والهوية الحضارية المغربية، والوعي بتنوع وتفاعل وتكامل روافدها  وحب الوطن وتعزيز الرغبة في خدمته، وصون قيم حقوق الانسان في شموليتها، والتشبع بالحوار والتسامح والانفتاح على الآخر، وترسيخ قيم المعاصرة والحداثة، وتنمية الذوق الجمالي، وتحقيق الثقة بالنفس والاستقلالية والتفاعل الايجابي مع المحيط.

لقد رغب المشرفون على المنظومة التعليمية في إقرارهم لأهمية التنصيص على تعلم القيم، بما فيها القيم البيئية، إلى البلوغ بالفرد إلى مستوى ممارسة النقد وإعمال العقل، وتقدير العمل والمثابرة والمبادرة والابتكار والاجتهاد والتنافس الإيجابي، والوعي بأهمية الزمن والوقت واحترام المنظومة البيئية باعتبارها مطلبا كونيا. فأولى الكتاب الأبيض في المدخل المخصص للتربية على القيم البيئية أهمية بالغة، مشيرا إلى ضرورة احترام البيئة الطبيعية، ومقرا بضرورة التعامل الإيجابي مع الثقافة الشعبية والموروث الثقافي والحضاري المغربي الموجبة لتحقيق تلك الغايات (الكتاب الأبيض، 2002، ص.ص. 11-12.)، وهي الغايات التي يشترك في مضمونها ويغنيها أيضا البرنامج الاستعجالي. فماهي سمات تلك الإضافات القيمية وأهميتها في تحقيق التربية على القيم لدى المتعلمين.

* البرنامج الاستعجالي والقيم البيئية

جاء البرنامج الاستعجالي بمثابة برنامج تقييم ورصد للخلل الذي أبانت عنه التوجهات الرسمية السابقة في تبنيها لاستراتيجية واضحة لإصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب، لذلك وجه البرنامج الاستعجالي نقدا للوضع الذي آلت إليه المدرسة المغربية في العقود الأخيرة، إذ أصبحت فضاء لسلوكيات غير أخلاقية، وازدادت ظاهرة العنف في صفوف المتعلمين، وأصبح جسر الاحترام بين المتعلمين والمدرسين يعرف تصدعا بين الفينة والأخرى. كما تفاقمت ظاهرة الهدر المدرسي رغم مجهودات الوزارة الوصية للحد منه. فجاء البرنامج الاستعجالي بمجموعة من التدابير الواعدة على الصعيدين المحلي والجهوي، لترسيخ ثقافة الاحترام داخل المؤسسات التعليمية، حيث شملت هذه التدابير أساسا ما يلي:

  • وضع ميثاق يتضمن حقوق وواجبات كل الأطراف داخل كل مؤسسة على حدة، وتكمن الغاية من هذا الميثاق إبراز مسؤوليات كل الفاعلين في المنظومة التربوية. حيث يكون لتكوين المؤطرين دور أساسا في الرفع من قيمة التأهيل الخاص بالتربية على القيم Revell, Arthur, 2007)).
  • إحداث آلية للوساطة للمساهمة بالاستماع والحوار قصد التخفيف من حدة التوترات القائمة في الوسط التربوي، والتقليل من حجم السلوك العدواني به.
  • ترسيخ السلوك المهني بواسطة التكوين لإعطاء التلاميذ صورة عن الصرامة النموذجية والانسجام مع المبادئ المعلنة للمدرسة، علاوة على عقد شراكة مع السلطات المعنية (الأمن الوطني والقوات المساعدة والدرك والعدل)، لتنظيم حملات تواصلية وحملات للقضاء على العنف، وخاصة العنف المدرسي منه.

وبهذا، شكل البرنامج الاستعجالي إطارا إضافيا في ترسيخ القيم لدى المتعلمين، عبر تنويع آليات الشراكة، ودعم خصائص الفاعلين، وتحقيق تكامل تربوي موجه بدقة نحو تحديد مواطن الخلل في المنظومة التعليمية والتربوية، وهادف إلى الرفع من قيمة التربية القيمية السمحة، والتي تنتظم في صورة شمولية لمعاني القيم من تأصيل لشروط التعايش ونبذ العنف تجاه المحيط والبيئة والمجال بشكل عام. مع رسم معالم التربية على القيم في بعد استراتيجي زمني يؤمن بمبدأ التراكم التربوي المنسجم مع التسلسل المعرفي والتحصيل البيداغوجي من المستويات التعليمية الأولى إلى المستويات العليا (Grisay, 1997). وهو البناء الذي لا يمكن فهمه من دون استكمال عناصر المعرفة ومجالات التنزيل المنهجي لمبادئ التربية على القيم، بما في ذلك القيم البيئية، ضمن الرؤية الاستراتيجية للإصلاح لسنتي 2015-2030.

 

* التربية على القيم في الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030

انخرطت المدرسة المغربية حديثا في حركة تجديد استراتيجي لامست مداخل متعددة، وذلك باستنادها لرؤية واضحة المعالم تمتد على مدى زمني ما بين سنتي 2015/2030. فبالرغم من أهمية المكتسبات، التي تحسب للميثاق الوطني للتربية والتكوين، فإن المدرسة المغربية لازالت تعاني من بعض الاختلالات، لذلك بادر المجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى بلورة رؤية استراتيجية جديدة للإصلاح التربوي، تلك الرؤيا التي تبتغي الوصول لمدرسة الانصاف والجودة وتكافؤ الفرص. فجاء تجديد الكتاب المدرسي استجابة لتلك الرؤية الاستراتيجية، خصوصا وأن الكتاب المدرسي بما يحمله من مضامين وقيم وأفكار، ملزم بأن يضم الفلسفة التي تستند لها الرؤية الاستراتيجية، إذ لا يمكن أن تمرر للمتعلم تلك الرؤية الجديدة بكتب مدرسية بنيت وفق مرجعيات نظرية وفلسفية تم تجاوزها معرفيا وزمنيا.

لقد هدفت الرؤية الاستراتيجية للإصلاح إلى إرساء مدرسة حديثة قوامها:

  • الإنصاف وتكافؤ الفرص
  • الجودة للجميع
  • الارتقاء بالفرد والمجتمع. (المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، 2015، ص. 11.)

وجاءت الرافعة الثامنة عشرة من الرؤية الاستراتيجية (2015-2030) أيضا بما يلي:

“(…)اعتبارا لكون التربية والتعليم والتكوين، والتنشئة الاجتماعية والتربية على القيم، والاسهام في الترقي الاجتماعي، تعد من الوظائف الأساسية للمدرسة، فهي بذلك تقوم بوظيفة أفقية تهم مختلف الأسلاك والأطوار، ومقوما أساسيا من مقومات المناهج والبرامج التربوية والتكوينية، وأحد مؤشرات تقييم جودتها.

على الرغم من الاهتمام الذي أولته المدرسة المغربية للتربية على القيم وحقوق الإنسان وثقافة المساواة بين الرجال والنساء وقيم التسامح، استمرت السلوكات اللامدنية في الانتشار، كالغش والعنف والإضرار بالبيئة وبالملك العام داخل المؤسسات التعليمية والتكوينية وفي محيطها(…)”

يتعين من هذا المنطلق، جعل التربية على القيم الديموقراطية والمواطنة الفاعلة وفضائل السلوك المدني، والنهوض بالمساواة ومحاربة كل أشكال التمييز خيارا استراتيجيا لا محيد عنه، يتم تصريفه على المستويات الأربع التالية:

  • مستوى المنهج التربوي.
  • مستوى البنيات التربوية والآليات المؤسساتية.
  • مستوى الفاعلين التربويين.
  • مستوى علاقة المؤسسة التربوية بالمحيط.

واقع الحال، أن مجال دعم التربية على القيم، قد بني وفق تكامل منهجي وتطبيقي على مستوى التفعيل المنهجي، والبنيات التربوية والآليات المؤسساتية الموجبة للشروط النجاح، فضلا عن إعطاء الأهمية للفاعلين التربويين باعتبارهم حلقة الوصل الحركية المباشرة مع المتعلم، دون إغفال علاقة المؤسسة التربوية بمحيطها المجتمعي، وهو المحيط الذي ينطلق من صور البيئة المشتركة مع الفضاء الجغرافي الذي يعمها في مختلف المستويات والمواقع الحضرية والقروية على حد سواء. والتي تختلف ضمنها الأولويات وتتدرج حسب شروط نجاحها وتفعيلها قبل كل شيء.

* حضور التربية على القيم في التدابير ذات الأولوية

تعتبر التدابير ذات الأولوية من الإجراءات العملية المقدمة على غيرها لإصلاح المنظومة التعليمية، وقد تم تخصيص التدبير رقم 20 المرتبط بالنزاهة والقيم من أجل الارتقاء بالجانب القيمي في المدرسة المغربية. حيث يهدف التدبير المذكور سلفا، إلى تخليق الحياة المدرسية (وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، المذكرة الإطار في شان التنزيل الأولى للرؤية الاستراتيجية 2015-2030، 2015.) من خلال نشر وترسيخ قيم المواطنة وثقافة الحق والواجب، وتنمية السلوكيات الحضارية كالتسامح والاحترام والجد، مع الحد من الظواهر السلبية والسلوكيات المشينة، كالعنف والغش والدروس الخصوصية المؤدى عنها.

كما تهدف التدابير ذات الأولية لإصلاح المنظومة التعليمية، إلى تحسيس المتعلمين بأهمية الحفاظ على الفضاء المدرسي والتنصيص على مختلف الآليات التربوية العملية الكفيلة بتعويد المتعلمين على صيانة وتحسين فضاءات التعلم. وتتمحور هذه الآليات حول أنشطة الحياة المدرسية والتي تتضمن كلا من: الأندية التربوية، الجمعيات بما فيها الخاصة بالمؤسسة، تعاونية الفصل والمدرسة وغيرها من المرافق التي تشكل فضاءات المجال التربوي والتعليمي.

وقد تمت الإشارة صراحة في هذا الإطار إلى ضرورة اعتماد المقاربات التربوية المنسجمة ومقتضيات الارتقاء بالحياة المدرسية من خلال الإجراءات التالية:

  • إدماج الأخلاقيات في المناهج الدراسية وفي الأنشطة الموازية.
  • إعداد ميثاق القيم من طرف المتعلمين سنويا.
  • القيام بمبادرة وطنية لتخليق المدرسة.
  • وضع إجراءات لمحاربة العنف بالمدرسة. ( وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، عرض التدابير ذات الأولوية، مارس 2015، ص. 52.) حيث حللت مضامينها وصاغتها على شكل أسس ومرتكزات توضح الجوانب الإجرائية الممكن اعتمادها لترسيخ القيم.

 

* التربية على القيم في المنهاج الدراسي للتعليم الابتدائي

الاختيارات الوطنية في مجال التربية على القيم(المنهاج الدراسي للتعليم الابتدائي، الصيغة النهائية الكاملة، الصفحتان 26 و27)

تتحدد المرتكزات الثابتة في مجال القيم ضمن منظومة التربية والتكوين الوطنية فيما يأتي:

  • قيم العقيدة الإسلامية.
  • قيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية.
  • قيم المواطنة.
  • قيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية.

يتوخى نظام التربية والتكوين انسجاما مع هذه القيم، واعتبارا للحاجات المتجددة للمجتمع المغربي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وللحاجات الشخصية للمتعلمات والمتعلمين، تحقيق الأهداف الآتية عبر مستويين:

  • على المستوى المجتمعي العام
  • على المستوى الشخصي للمتعلم(ة)

* التربية على القيم في دفتر التحملات الإطار المتعلق بتأليف وإنتاج الكتب المدرسية للتعليم الابتدائي:

يعد الكتاب المدرسي الأداة الرئيسة لتصريف المنهاج التربوي، بل يعتبر آلية من أهم الآليات في العملية التَعليمية التعلمية.  فقد عرفه “رونالد ليجوندر” (Renald Legendre) بأنه: ” (…)كتاب مطبوع موجه الى التلميذ وقد تصاحبه بعض الوثائق السمعية-البصرية أو وسائل أخرى بيداغوجية تعالج مجموع العناصر الهامة في مقرر دراسي للسنة او لمجموع السنوات”(Dictionnaire actuel de l’éducation , 2005.)، أما أحمد اوزي فيعرفه قائلا:” يطلق مصطلح الكتاب المدرسي على نوع خاص من الكتب أعدت خصيصا لتكون في متناول المتعلمين. كما تدل على ذلك لفظة “مانويل” Manuel)) بالفرنسية، وهو يتناول ما يمكن معرفته حول موضوع أو مجموعة مواضيع أو مادة معينة يقدمها بطريقة ميسرة للمتعلم  (أوزي، 2016، ص. 347.). ويبقى الكتاب المدرسي هو القناة الرئيسة لتصريف المنهاج الدراسي، ويعد بمثابة تعاقد بين المدرس والمتعلمين وفق التوجهات الرسمية للوزارة.

وبالتالي فالكتاب المدرسي هو الأساس الفلسفي لقيم المجتمع،  فلإخراج كتب مدرسية في مستوى تطلعات الفاعلين التربويين، وضعت دفاتر تحملات تراعي مجموعة من الضوابط البيداغوجية والفنية والتربوية،  وذلك وفق مجموعة من المداخل منها : مدخل التربية على القيم، كما نص عليها المنهاج الدراسي، معتبرا كتاب أو كراسة التلميذ والتلميذة دعامة أساس في تفعيل وإعمال مقتضيات القيم والمبادئ والاختيارات التربوية العامة التي نص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والتي أكدتها وثيقة الاختيارات والتوجهات التربوية العامة، حيث أشارت المادة السادسة من الفصل الثاني إضافة إلى ما سبق أنه:

  • ينبغي أن يتضمن كتاب أو كراسة التلميذ صيغا ملائمة لإعمال مبادئ التفكير العقلي، ولترسيخ القيم التربوية التي حددتها فلسفة إصلاح المنظومة التربوية (دفتر التحملات الإطار المتعلق بتأليف وإنتاج الكتب المدرسية للتعليم الابتدائي، 2011.)
  • يجب أن تتحرر محتويات كتاب أو كراسة التلميذ(ة) من الصور النمطية الاختزالية والصيغ الجاهزة التي تعوق إسهام المنظومة التعليمية في تحديث بنيات المجتمع.
  • يجب أن يخلو كتاب أو كراسة التلميذ(ة) من كل أشكال الميز أو ما يوحي إلى تكريسه.
  • يجب أن يكرس كتاب أو كراسة التلميذ(ة) الانفتاح على القيم الكونية المشتركة؛ وأن يرسخ قيم المواطنة وتحمل المسؤولية.
  • التزام كتاب أو كراسة التلميذ(ة) بمبادئ الدين الاسلامي والثوابت المغربية المتمثلة في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، وإمارة المؤمنين.( دفتر التحملات الإطار المتعلق بتأليف وإنتاج الكتب المدرسية للتعليم الابتدائي، 2011).

* التوجهات العامة لوزارة التربية الوطنية من خلال المذكرات الوزارية

تجسد هذه التوجهات مجموعة من المذكرات الوزارية واتفاقيات الشراكة، من بينها:

  • المذكرة: رقم 177 الصادرة في 25 أكتوبر من العام 2002، في شأن تعميم منهاج التربية على حقوق الإنسان. وتنص على ما يلي:
  • دعم نشر وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان عبر المناهج التعليمية.
  • تشجيع التلاميذ على اتخاذ مواقف وسلوكيات تعبر عن وعيهم بحقوقهم والدفاع عن حقوق الغير.
  • تعزيز الممارسات التربوية الديمقراطية التي ينبغي أن تنعكس بشكل أكثر إيجابية على طرائق التدريس، وعلى العلاقات التربوية بين مختلف مكونات الوسط التربوي.
  • مساعدة المتعلمات والمتعلمين على تجاوز العوائق الذاتية إزاء ثقافة حقوق الإنسان، والانفتاح العقلي والوجداني على مبادئها وقيمها.
  • مراعاة خصوصيات منهاج التربية على حقوق الإنسان بوصفه منهاجا مندمجا يقوم على أساس منطق إكساب الكفايات وتنمية القدرات.
  • المذكرات: رقم 42 الصادرة في 12 أبريل سنة 2001، المتعلقة بتفعيل الأندية التربوية، ورقم 158 الصادرة بتاريخ 06 دجنبر لسنة 2001، والمذكرة 10.137 الصادرة يوم 25 أكتوبر لسنة 2002.
  • المذكرة: رقم 15 الصادرة في 01 فبراير سنة 2001، المتعلقة بمحاربة الرشوة، والمذكرة 167 الصادرة بتاريخ 31 دجنبر في الموضوع نفسه.
  • الوثائق الصادرة عن الوزارة المتعلقة بتفعيل الحياة المدرسية
  • المذكرات المتعلقة بالاحتفال بالأيام العالمية المتعلقة ب: حقوق الإنسان، المرأة، الطفل، البيئة… إلخ. كما تدعو الوزارة إلى تفعيل الاختيارات والتوجهات التربوية في مجال التربية على القيم داخل المنظومة التربوية من خلال تأسيس مراصد للقيم وطنيا وجهويا ومحليا، وتأهيل فضاء المؤسسات التعليمية لتكون مجالا خصبا لتكريس المظـاهر السلوكية الإيجابية، وتدعيم وتعزيز القيم في البرامج والكتب المدرسية، ورصد الظواهر والسلوكيات المرتبطة بهـا وتتبعهـا وتقويمها، ومعالجة كل أشكال السلوكيات غير المدنية. (الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي، 2009)

* تقييم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لواقع التربية على القيم في المدرسة المغربية

الإشكاليات المرصودة من خلال تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين

الإشكالية الأولى: ضعف الانسجام في تعامل المدرسة مع قضايا القيم والتربية عليها ويتجلى ذلك في الهوة المتنامية بين الخطاب حول القيم والحقوق والواجبات، وبين الممارسة الفعلية لها (الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي، 2009.) ، إذ يتبين أن الخطاب النظري المعبر عنه في التوجيهات الرسمية والوثائق المرجعية المعتمدة يشغل موقعا كبيرا، مقابل ممارسات بيداغوجية وتعليمية محدودة الأثر على السلوكيات المتوخاة من التربية على القيم. يشهد على ذلك استفحال السلوكيات المخلة بالقيم داخل المدرسة وفي محيطها (الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي، 2009).

علاوة على ذلك، فإن تزايد حالات الاستعمال المنافي للقيم والأخلاقيات داخل الشبكات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، يعرض الأطفال لمخاطر الاستغلال والتغرير والابتزاز والشحن بالأفكار المتعصبة وغيرها.

الإشكالية الثانية: ضعف تكوين الفاعلين التربويين الأساس والمستمر في مجال القيم والتربية عليها، وآثاره على ممارساتهم التربوية وانخراطهم في إنجاح الإصلاحات ذات الصلة(المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وثيقة التربية على القيم، 2017.)،  ذلك أن المنظومة القيمية المدرسية لا تستهدف المتعلمين والمتعلمات وحدهم، بل الفاعل التربوي أيضا، فالمدرس مثلا معني بالقيم ليس فقط لأن من مهامه الاطلاع بالتربية على القيم من خلال الإمكانات التي توفرها له المدرسة وبيئتها التربوية، بل أيضا باعتباره قدوة في تمثل القيم المدرسية والمهنية وحاملا لها، ومؤثرا من خلال ممارساته التربوية وعلاقاته مع المتعلمين والمتعلمات وباقي الفاعلين داخل المؤسسة التعليمية. وبذلك، يظل دور الفاعل التربوي محوريا في التربية على القيم، خصوصا وأن السلوك والمواقف والأفكار وطرق التدريس والتلقين التي يحملها الفاعل التربوي هي أمور حاسمة في التلقين. فكل فعل تربوي هو إنتاج وتأويل للخطاب التربوي، يترك فيه المدرس بصماته.

الإشكالية الثالثة: رهان مؤسساتي قوي على برامج كبرى للتربية على القيم، مقابل ندرة أو شبه غياب التقييمات المنتظمة لهذه البرامج، مما يضعف مسار الإصلاح، ويكون سببا في هدر الطاقات والإمكانيات.

الإشكالية الرابعة: محدودية قدرة المدرسة المغربية على تنمية الشراكات بخصوص التربية على القيم، وتنمية أدوار الحياة المدرسية وفضاءاتها في هذا الشأن، في علاقة بمشروع المؤسسة في تنمية الحياة المدرسية ككل (المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، التربية على القيم بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، تقرير رقم 1/17، يناير، 2017.) ويشكل مشروعه المؤسسة في هذا السياق، آلية أساس من شأنها ضمان تفاعل مثمر للمدرسة مع شركائها، وترسيخ قيم العمل الجماعي التشاركي المندمج محليا وجهويا.

وارتباطا بذلك، لا بد من التذكير بدعوة الرؤية الاستراتيجية لسنتي 2015/2030، إلى بناء شراكات تعاقدية بين المدرسة والفاعلين في المحيط، خصوصا المؤسسات والجمعيات المدنية ذات الصلة بالتربية والتكوين (الرافعة 15)، والاستفادة من مختلف الخبرات الخارجية التي توفرها المؤسسات الاجتماعية، كالأسرة والجمعيات المدنية والحقوقية، والمؤسسات الإعلامية والثقافية والتأطيرية قصد إشراكها في بلورة مشاريع المؤسسة (الرافعة 18).

* توصيات المجلس الأعلى

وبناء على الاختلالات التي تمس المنظومة التربوية، أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين، جملة من التوصيات، من بينها:

  • إيلاء التربية القيمية العناية المستحقة في بناء المناهج والبرامج
  • الاستثمار الأمثل للوسائط المتعددة والفضاء الرقمي
  • ملائمة الإيقاعات الدراسية، والزمن المدرسي، بشكل يسهم في تحقيق أهداف التربية القيمية
  • تعزيز مناهج التكوين الأساس للفاعلين التربويين (المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وثيقة التربية على القيم، 2017، ص. 17)

خلاصات واستنتاجات خاصة بالمحور الأول:

من خلال تحليل “ميكروسكوبي” لأهم ما جاءت به الخطابات الرسمية الخاصة بمنظومة القيم، يتضح أن جوهر الإشكال لا يكمن في النصوص المؤطرة للمنظومة التربوية، رغم بعض الاختلال الذي ما يزال يشوبها على مستوى انسجام منظومة القيم المدرسية ووضوح أهدافها، بل الأمر مرتبط بالأساس باختيار البيداغوجيات الملائمة لبناء تلك القيم والتدريب على تفعيلها في الوضعيات التعليمية التعلمية الفعلية. فقد تكون المرجعيات النظرية التي تؤطر الحقل التربوي متضمنة لمصفوفة قيم كفيلة بتكوين “المواطن المتصف بالاستقامة والنزاهة، المتسم بالاعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم والمعرفة، والمتوقد للاطلاع والابداع، والمطبوع بروح المسؤولية والمبادرة الإيجابية والإنتاج النافع”  ، إلا أن تحقيق تلك الغايات يكون قد اصطدم واقعيا بضعف على مستوى أحد جوانب ترويج القيم في الكتاب المدرسي أو على مستوى التنزيل من قبل المدرس الذي سيسهر على تطبيقه في الواقع المدرسي، والذي يفترض به أن يكون قادرا على الفصل أثناء التدريس بين كيفيات نقل المعارف وكيفيات بناء المواقف لدى المتعلمين.

تلك هي المعطيات والإشكاليات التي ستتم مقاربتها في المحور الثاني ضمن هذه الورقة العلمية، وذلك عبر منهج تحليل الخطاب لكتب اللغة العربية بالسلك الابتدائي، مع البحث عن مدى تقيدها بإنزال مضامين الخطابات الرسمية الخاصة بمنظومة القيم، على أساس الأخذ بالقيم البيئية أنموذجا لذلك.

   المحور الثاني: القيم البيئية في كتب اللغة العربية بالسلك الابتدائي

يقوم هذا المحور على مباشرة نتائج تحليل محتوى برنامج التربية على القيم البيئية في مقررات اللغة العربية بالسلك الابتدائي، وذلك عبر اعتماد عدد من النقط المتسلسلة منهاجا ومضمونا.

  • مواضيع التربية على القيم البيئية في ست مستويات بالسلك الابتدائي المغربي

تنتظم مواضيع التربية على القيم البيئية ضمن المستويات الست طبقا لما ورد في المنهاج الدراسي للغة العربية بالسلك الابتدائي على الشكل التالي:

 

2. نتائج تحليل محتوى التربية على القيم البيئية بمنهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي، بالاعتماد على خمسة عشر كتاب للغة العربية بالأسلاك الست بالابتدائي “

مبيان رقم 2: توزيع ظهور القيم البيئية حسب الأسناد المستعملة في دروس اللغة العربية بالمستويات الست بالسلك الابتدائي

2. تكرار قيم التربية البيئية في مقررات اللغة العربية بالمستويات الست بالسلك الابتدائي

جدول رقم 3 يبين تكرار قيم التربية البيئية في مقررات اللغة العربية بالمستويات الست بالسلك الابتدائي

خلاصة الدراسة المعتمدة على تحليل المحتوى لكتب اللغة العربية بالأسلاك الست للابتدائي

يتضح من خلال دراسة المحتوى للكتب اللغة العربية المقررة بالمستويات الست بالسلك الابتدائي، أنه رغم الحضور البارز لمضامين التربية على القيم في المرجعيات الرسمية المتعلقة بالمنظومة التربوية الوطنية إلا أنه تم رصد مجموعة من الاختلالات على مستوى تنزيلها، وذلك لمجموعة من الاعتبارات:

  • أن هناك هوة واقعية بين الخطاب التربوي حول القيم وبين الممارسة الفعلية لها على مستوى تنزيلها في المقررات اللغة العربيةـ ويمكن تفسير تلك الهوة الحاصلة بين التنظير والممارسة في مجال التربية على القيم خاصة التربية على القيم في عدم وجود آليات ديداكتيكية تنقل القيم بصفة عامة والبيئية بصفة خاصة من التنظير إلى الأجرأة على مستوى الكتب المدرسية، وهو ما يخلق صعوبات ومعيقات تواجه المدرسين والمدرسات على مستوى تنزيل التربية على القيم.
  • أن الإشكال لا يكمن في النصوص المقترحة في كتب اللغة العربية بالسلك الابتدائي فيما يخص القيم البيئية، لكن الأمر مرتبط بالأساس باختيار البيداغوجيات والأساليب الديداكتيكية الملائمة لبناء تلك القيم، والتدريب على تفعيلها في الوضعيات التعليمية التعلمية الفعلية.
  • يمكن للكتاب المدرسي أن يستوفي جميع الشروط التربوية الضرورية في إعداده وإنتاجه، إلا أن تحقيق الأهداف المتوخاة منه يمكن أن يصطدم بضعف أو انعدام التمكن من نوعية البيداغوجيات وطرق التنشيط التي تسهل التعلم في وضعية اكتساب القيم.
  • لا مناص من الاعتراف بأن التربية على القيم البيئية لا يمكن مقاربتها بمنأى عما يشهده العالم من تحولات متسارعة فيما يخص منظومة القيم البيئية، ويبدومن خلال تصفح محتوى وثيقة المنهاج الدراسي للتعليم الابتدائي المتضمنة لما تحتويه الكتب المدرسية من قيم، أن تلك الكتب غنية فعلا بالقيم التي يتوخى المنهاج تنميتها لدى المتعلمين في سياقات تربوية متنوعة.

المحور الثالث: القيم البيئية دعامة أساس للحياة المدرسية

تعد الحياة المدرسية (La Vie Scolaire) بتعدد فاعليها، مجالا خصبا وفسيحا لغرس القيم النبيلة في نفوس الناشئة، ولتنشيطها يمكن اقتراح بعض الإجراءات العملية لتمرير القيم المسطرة في المنهاج التربوي، وتحقيق تدبير ديداكتيكي ناجح للتربية على القيم في المدرسة الابتدائية وتخطي جملة من الصعوبات التي تعيق تنزيلها، حيث اعتمدت هذه الورقة على معطيات تضمنتها أربعون استمارة الكترونية (نموذج 1)، وزعت على مدراء ومديرات مؤسسات تعليمية ابتدائية تابعة لأكاديمية الدارالبيضاء-سطات. وقد تم جمع عدد من المعطيات التي أبانت عدم تفعيل التوجهات الرسمية الخاصة بالتربية على القيم البيئية داخل المؤسسات التعليمية عينة الدراسة، ويقدم الجدول التالي نتائج الاستبانة الخاص بالاستمارة الالكترونية:

النسبة من عينة الدراسة

المعطيات
80%

نسبة المؤسسات التي تتوفر على حديقة ومساحات خضراء من عينة الدراسة

85%

نسبة المؤسسات التي تتوفر النوادي المفعلة من عينة الدراسة
60%

نسبة المؤسسات التي تتوفر النادي البيئي من عينة الدراسة

75%

نسبة المؤسسات التي تتوفر على مشرف واحد على النادي البيئي
70%

نسبة المؤسسات التي تتوفر على منخرطين أقل من عشرة في النادي البيئي

65%

نسبة المؤسسات التي لم تستطع أن تعقد أي شراكة خارجية لفائدة النادي البيئي
80%

نسبة المؤسسات التي تقتصر نواديها البيئية على اكساب المتعلمين معارف ومعلومات حول المنظومة البيئية أكثر من تركيزها على أنشطة تهم تعزيز سلوكيات من أجل بيئة سليمة

30%

نسبة المؤسسات التي شاركت من خلال نواديها البيئية في مسابقات محلية ووطنية
25%

نسبة المؤسسات التعليمية التي أعطت للتربية البيئية الأولوية ضمن مشروع المؤسسة المندمج الخاص بها

 

لقد اقتضت المعطيات السالفة إلى تقديم مجموعة من الخلاصات والتوصيات حول ما تم تجميعه، وفي مقدمتها:

  • إعادة الاعتبار للحياة المدرسية ولاسيما عبر تفعيل الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية.
  • جعلها في صلب مشروع المؤسسة، باختيار مصفوفة قيم محددة كل سنة دراسية، ووضع برنامج عمل مندمج، وتنفيذه وتتبعه وتقويمه، مع توفير الموارد الضرورية لذلك.
  • إدراج مقتضيات التربية على القيم البيئية ضمن العمليات التربوية والتوجيهية المتعلقة ببلورة المشروع الشخصي للمتعلم(ة).
  • إشراك المتعلمين في الأنشطة الموازية واستثمارها للتحسيس بأهمية القيم خاصة القيم البيئية ودورها في بناء شخصية التلميذ.
  • إنشاء نواد خاصة بالقيم البيئية داخل المؤسسات التعليمية تتمحور أنشطتها حول المجال المعرفي الذي يخص البيئة والجانب السلوكي في تعزيز ثقافة المحافظة على البيئة، حتى يشعر المتعلم بكونه عنصر لا يتجزأ من المنظومة البيئية.
  • تنظيم مباريات بين المؤسسات التربوية بمختلف الأسلاك على مستوى المديريات الإقليمية والأكاديمية الجهوية، تدخل ضمن حقل العناية بالبيئة وتنظيم المؤسسة وتشكيل مساحات خضراء فيما يعرف بالمؤسسة الايكولوجية، علما أن وزارة التربية الوطنية كانت قد أطلقت فيما سبق مشروعا في هذا السياق يرجى تفعيله ومتابعته.
  • إصدار نشرات ومطويات خاصة بالتربية البيئية توزع على التلاميذ في مختلف المؤسسات.
  • تفعيل الشراكات التربوية مع جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالقيم البيئية كجمعية يدي من عجين…، وكذا المهتمة منها بالقضايا المرتبطة بالمنظومة البيئية، وذلك لتأطير المتعلمين فيما يخص المفاهيم المرتبطة بالبيئة.
  • استثمار الأيام العالمية المتعلقة بالقيم بشكل عام والبيئية بشكل خاص، وذلك بهدف تنظيم أنشطة داخل المؤسسات التعليمية التربوية وإنتاج مطويات وملصقات من طرف المتعلمين.
  • اعتماد مشروع المؤسسة كآلية أساس من شأنها ضمان تفاعل مثمر للمدرسة مع شركائها، وترسيخ قيم العمل الجماعي التشاركي المندمج محليا وجهويا.
  • إدراج عملية تتبع رقمي خاص بالمؤسسات التعليمية تواكب مشروع المؤسسة المندمج وبمدى تنزيل المشاريع الخاصة بالتربية على القيم عامة والقيم البيئية خاصة

خلاصات واستنتاجات

لقد أجمعت جل النظريات الحديثة في المناهج التربوية على  ضرورة إنزال منهاج مترابط ونشيط في مجال التربية على القيم بشكل عام، والقيم البيئية بشكل خاص، وبذلك وجب تكامل المواد وتقاطعها وانسجامها لتشكل تصورا متكاملا حول موضوع القيم والشأن التربوي، غير أن هذا المضمون القيمي والنظري،  ومن خلال هذه الدراسة  التي اتخذت من الممارسة التربوية الميدانية داخل المؤسسات التعليمية، وعملت على تتبع برامج مواد اللغة العربية بالسلك الابتدائي، ورصد آليات تفعيل التربة على القيم كأهم دعامة في تنشيط الحياة المدرسية، لم تظهر إيجابياته بشكل واضح. فمازال المنهاج التربوي فيما يخص التربية على القيم البيئية يتشكل من أجزاء متناثرة بين مواده، بل متنافرة أحيانا، وهو ما يتضح جليا من خلال التضارب القيمي أحيانا على مستوى الكتب المدرسية عينة الدراسة، الأمر الذي يشكل عائقا في بناء شخصية سوية للمتعلم.

كما برز من خلال دراسة تصريف القيم البيئية في منهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي، غياب النسقية والتكامل والانسجام بين ما جاء في الوثائق الرسمية المنظمة وبين ما سطر ضمن منهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي، مما ينعكس لا محالة على الأداء الديداكتيكي والبيداغوجي للمدرس، ويؤثر لا محالة على أنشطة الحياة المدرسية بمختلف تجلياتها القيمية والمعنوية والنفسية أيضا. هذا فضلا عن عدم وجود دلائل إجرائية تتخذ بمثابة خيط ناظم للقيم البيئية عبر المستويات الست للسلك الابتدائي المدروسة ضمن عينة البحث.

قد يكون منهاج اللغة العربية محكم البناء والانسجام والغايات المرجوة، لكن تظل عملية تنزيله رهينة بمدى تحقيق القيم البيئية النبيلة لدى الناشئة، فالأمر لا يقتصر فحسب على استضمارها نظريا ومعرفيا، وإنما العمل على تكريسها سلوكيا وإنسانيا وتحويلها إلى ممارسات عملية من خلال وضعيات ومواقف تعلمية واختبارية يتم التعبير عنها من لدن المتعلم. إن الإشكال الرئيس هنا لا يكمن في النصوص وفيما ينبغي تنميته لدى المتعلمين والمتعلمات من قيم بيئية، لكن الأمر مرتبط بالأساس باختيار البيداغوجيات والأساليب الديداكتيكية الملائمة لبناء تلك القيم، والتدريب على تفعيلها في الوضعيات التعليمية التعلمية الفعلية.

يمكن للكتاب المدرسي أن يستوفي جميع الشروط التربوية الضرورية في إعداده وإنتاجه، إلا أن تحقيق الأهداف المتوقعة منه قد يصطدم بضعف أو انعدام التمكن من نوعية البيداغوجيات وطرق التنشيط التي تسهل التعلم في وضعية اكتساب القيم. فلا مناص من الاعتراف بأن التربية على القيم البيئية لا يمكن مقاربتها بمنأى عما يشهده العالم من تحولات متسارعة؛ ويبدو من خلال تصفح وثيقة المنهاج الدراسي للتعليم الابتدائي المتضمنة لما تحتويه الكتب المدرسية من قيم بيئية، أن الكتب المعنية غنيه فعلا بالقيم البيئية التي يتوخى المنهاج تنميتها لدى المتعلمين في سياقات تربوية متنوعة.  من أجل تدبير ديداكتيكي ناجح للتربية على القيم البيئية في المدرسة الابتدائية وتخطي جملة من الصعوبات التي تعيق تنزيلها خلصت هذه الدراسة إلى عدد من التوصيات في مقدمتها:

  • إعادة الاعتبار للحياة المدرسية، ولاسيما عبر تفعيل الأنشطة التي تهم التربية على القيم خاصة التربية على القيم البيئية.
  • جعل الأنشطة التربوية في صلب مشروع المؤسسة المندمج، باختيار مصفوفة قيم محددة كل سنة دراسية، ووضع برنامج عمل مندمج، وتنفيذه وتتبعه وتقويمه، مع توفير الموارد الضرورية لذلك.
  • إدراج مقتضيات التربية على القيم ومنها التربية على القيم البيئية ضمن العمليات التربوية والتوجيهية المتعلقة ببلورة المشروع الشخصي للمتعلم(ة).
  • المصادر والمراجع

– أحمد أوزي، (2016)، المعجم الموسوعي الجديد لعلوم التربية، منشورات مجلة علوم التربية، العدد 42، ص. 347.

– الانتصار عبد المجيد، (2001)،» التربية على حقوق الإنسان «، المجلة العربية لحقوق الإنسان، عدد 8، المعهد العربي لحقوق الإنسان، تونس، ص.ص. 107-124.

– الكتاب الأبيض، الجزء الأول، (يونيو 2002)، الاختيارات والتوجهات التربوية العامة المعتمدة في مراجعة المناهج التربوية.

– المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، (يناير، 2017)، التربية على القيم بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، تقرير رقم 1/17،

– المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، 2015، من أجل مدرسة الإنصاف والجودة، رؤية استراتيجية للإصلاح (2030-2015).

– المجلس الأعلى للتربية والتكوين، (2017)، وثيقة التربية على القيم، (وثيقة رقمية، ص. 17 وما بعدها).

– لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي (ربيع الأول 1423 يونيو 2002).

– وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، )2015(، المذكرة الإطار في شأن التنزيل الأولى للرؤية الاستراتيجية 2015-2030.

– وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، مارس (2015)، عرض التدابير ذات الأولوية.

– وزارة التربية الوطنية، (2009)، الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي، الطبعة الثانية.

– وزارة التربية الوطنية، (2011)، دفتر التحملات الإطار المتعلق بتأليف وإنتاج الكتب المدرسية للتعليم الابتدائي، مديرية المناهج، أكتوبر.

– وزارة التربية الوطنية، المملكة المغربية، (2000)، المنهاج الدراسي للتعليم الابتدائي، الصيغة النهائية الكاملة.

– وزارة التربية الوطنية، المملكة المغربية، أكتوبر (1999)، الميثاق الوطني للتربية والتكوين.

– وزارة التربية الوطنية، (2011)، دفتر التحملات الإطار المتعلق بتأليف وإنتاج الكتب المدرسية للتعليم الابتدائي، مديرية المناهج.

ألفت عيد شقير وزينب محمد حسن، (2006)، فعالية برنامج تقني قائم على التعلم الذاتي في التربية البيئية على تنمية المعرفة بالمشكلات ورفع درجة تمثل القيم وتنمية اتخاذ القرارات البيئية لدى الطالبات تخصص العلوم بكلية التربية بالإحساء، المؤتمر العلمي العاشر، التربية العلمية تحديات الحاضر ورؤى المستقبل، الجمعية المصرية للتربية العلمية، المجلد الثاني، الإسماعيلية، 30 يوليوز،1غشت، ص.519.

  • عبد اللطيف خليفة، (1992)، ارتقاء القيم، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، العدد 160.

 

  • المراجع الأجنبية

–  Brwon,- Alan, (1993) Spiritual and Moral Education: where dose the

–  Revell, L., & Arthur, J. (2007). Character education in schools and the education of teachers. Journal of Moral Education, 36(1), 79–92.

– Ann Jordan, Anne Silvanus-Davis, and Paul Taylor, )2008(, Exploring the Teaching of Values in Primary Education: Theory Into Practice Through a Case Study of Living Values in an English Primary School, Institute of Education, University of Worcester, UK, Pitmaston Primary School, Worcester, UK, pp.116-127.

– Arweck, E and Nesbitt, E,  (2004) Values education: the development and classroom use of an educational programme. British Educational Research Journal, Vol 30, No 2, 245- 261.

– Dictionnaire actuel de l’éducation, (2005), Guérin, Montréal, Canada,.

– Grisay, A. (1997). Evolution des acquis cognitifs et socio-affectifs des élèves au cours des années de collège , MEN-Direction de l’Evaluation et de la Prospective, Dossiers Education et formations.

– https://www.fieldingprimary.com/values-based-education/03/04/2023.

– Lickona, T. (1983). Raising good children. New York: Bantam Books.

 -See, B.H., & Arthur, J. (2011). The potential role of schools and teachers in character development of young people in England: perspectives from pupils and teachers. Evaluation and Research in Education, 24(2), 143–157.

 -https://www.chambredesrepresentants.ma/ar /2011/03/02/2023.

  • Tobbell, J. (2003). Students’ experiences of the transition from primary to secondary school, Educational and Child Psychology, 20(4), 4–14.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] -https://www.fieldingprimary.com/values-based-education/03/04/2023.

[2]-https://www.chambredesrepresentants.ma/ar /2011/03/02/2023.

 

  • ملحق الوثائق:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *