
أ.م.د. سماح هادي محمد
كلية الحقوق جامعة النهرين
[email protected]
009647500372310
الملخص
أضحى من السهل للفرد ان يتنقل بين دول العالم المختلفة بسهولة ،فبإمكانه ان يسافر كل يوم إلى دولة بمجرد إنهاء بعض الإجراءات القانونية اللازمة لذلك ، ونتيجة لهذا فقد توسع نطاق العلاقات الدولية الخاصة العابرة للحدود ، وهذه التنقلات لابد ان تثير بعض المشكلات منها حوادث السير التي نحن في صدد دراسة إطارها ونظامها القانوني ، والتي بدورها تثير تنازعاً تشريعياً و قضائياً بين الأنظمة القانونية المختلفة التي تحكم كل دولة من دول العالم ، لاسيما اذا كانت تلك الحوادث متضمنة للعنصر الأجنبي .وذلك في إطارين المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية لتحديد القانون الواجب التطبيق على هذه الحوادث.
الكلمات المفتاحية : القانون ، المركبات ، المسؤولية ، الأجنبي ، الاختصاص.
The governing Law for traffic accidents with a foreign element
Study in private international law))
Dr-Samah Hadi Mohammed
College of Law, Al-Nahrain University
Abstract:
It has become easy for an individual to move between different countries of the world easily, He can travel every day to a country once he finishes some legal procedures necessary for that. As a result, the scope of international cross-border private relations has expanded These movements must raise some problems, including traffic accidents, which we are in the process of studying its framework and legal system Which in turn raises a legislative and judicial conflict between the different legal systems that govern each country in the world, especially if these incidents involve the foreign element, This is in the frameworks of tort and contractual liability to determine the law applicable to these accidents.
Keywords: law, vehicles, responsibility, foreign, jurisdiction.
مقدمـــــــــة
من الحقوق والحريات الهامة التي كفلتها الشرائع السماوية والدساتير في جميع بلدان العالم هي حرية التنقل والسفر من دولة إلى أخرى وفي داخل إقليم الدولة الواحدة من محل إلى أخر وفي بعض الأحيان قد تقع حوادث سير تسبب أضرار بالأرواح والأموال وغالباً ما تكون منشئة للالتزامات ، فإذا كانت جميع عناصر الحدث وطنية فلا خلاف بأن قانون الدولة التي وقع الحادث في إقليمها هو من سَتفرض أحكامه على الأطراف المتنازعة ، ولكن بوجود عنصر أجنبي في الحادث سيتعقد الأمر ويبدأ القاضي برحلة البحث عن القانون الواجب التطبيق .
أهمية البحث : ان سبب أهمية الدراسة هو تزايد عدد الحوادث المرورية تزايداً ملحوظاً حيث تقع آلاف الحوادث سنوياً في مختلف أنحاء العالم ، لاسيما ان تخلل تلك الحوادث العنصر الأجنبي سواء أكان الطرف المتضرر او الطرف الذي قام بالفعل الضار او جنسية المركبة او اقليم الدولة التي وقعت فيها الحادثة .
أهداف البحث : تهدف الدراسة إلى تحديد القانون الذي يحكم حوادث السير المتضمنة للعنصر الأجنبي ، بوصف الحادث حادثاً ذا بعد دولي فسيكون هنالك اكثر من نظام قانوني يدخل في نطاق اختصاصه بشكلا او بأخر، وما اذا كان الحادث قد نتج عن الفعل الضار (المسؤولية التقصيرية ) وهذا ما يحدث غالباً ، او ان الحادث متصلا ً بعقداً دولياً ( المسؤولية العقدية ) وهذا اقل حدوثاً من الحالة اعلاه .
إشكالية البحث : قد عالج المشرع العراقي واغلب المشرعين مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق على الحوادث والوقائع بنصوص قانونية محكمة ، لكن مدى كفاية هذه النصوص في احتواء بعض حوادث السير التي قد تلائمها قوانين أخرى يكون لها ارتباطاً اوثق من ذلك القانون الذي أشارت إليه قواعد الإسناد الوطنية .
هيكلية البحث : قمنا بدراسة موضوع ((القانون الحاكم لحوادث السير ذات العنصر الأجنبي)) وفق مبحثين : خُصص المبحث الأول لدراسة القانون الحاكم لحوادث السير في إطار المسؤولية التقصيرية ، وخُصص المبحث الثاني لدراسة القانون الحاكم لحوادث السير في إطار المسؤولية العقدية الدولية.
المبحث الأول
القانون الحاكم لحوادث السير في إطار المسؤولية التقصيرية
عادة ما تحصل حوادث السير داخليا في إقليم الدولة الواحدة سواء في داخل المدينة الواحدة او الطرق التي تربط المدن فيما بينها ، وقد تتضمن هذه الحوادث عنصر أجنبي كأن تكون المركبة او احد الأشخاص او جميعهم من جنسية أجنبية، حيث يصطدم سائق المركبة بأحد المارة في الطريق او تصطدم مركبة بمركبة أخرى الأمر الذي يسبب الإضرار لأحد او كلا الطرفين .
فلو كان احد الطرفين اجنبي الجنسية فما هو القانون الواجب التطبيق ليحكم هذه الحالة ؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب دراسة الموضوع وفق اربعة معايير حيث سنخصص المطلب الأول لدراسة قانون البلد الذي وقعت فيه الحادثة ،والمطلب الثاني لدراسة قانون جنسية المركبات ، والمطلب الثالث لدراسة القانون الشخصي ، والمطلب الرابع لدراسة القانون الأوثق ارتباطاً بالحادث، وعلى النحو الأتي :
المطلب الأول
قانون البلد الذي وقعت فيه الحادثة
ان حوادث السير التي تحصل في داخل الإقليم العراقي ذو الأطراف العراقية لاشك بأنه يخضع لإحكام التشريع العراقي ، ولكن تكمن المشكلة في حالة اذا ما كان احد طرفي الحادث او كلاهما لا يحمل الجنسية العراقية وانما جنسية أخرى فتثار مشكلة تنازع القوانين وإلى اي قانون ستخضع الحادثة لتحديد مسؤولية الطرف المدين ؟
من المعلوم ان حوادث السير تشكل خرقاً لقاعدة سلوك الفرد بالمجتمع حيث تعد القواعد القانونية التي تحكم هذه الحوادث من قواعد الأمن المدني ومتعلقة بالنظام العام في الدولة التي حدث الضرر فيها لذى فتعمل التشريعات الوطنية جاهدة على الاستئثار بهذا الاختصاص وعدم التنازل عنه لصالح اي نظام قانوني أخر (عبد الرضا، القانون الدولي الخاص (الجنسية ، الموطن ، مركز الاجانب ، التنازع الدولي للقوانين ، تنازع الاختصاص القضائي الدولي ، 2018).
وحسب هذا المعيار فأن القانون الواجب التطبيق لحل النزاع القائم بين الطرفين هو قانون الدولة التي حصل الحادث في اقليمها ، وقد عد المشرع العراقي في الفقرة (1) من المادة 27 من القانون المدني النافذ رقم 40 لسنة 1951 بأن قانون الدولة التي حدثت فيها الواقعة المنشئة للالتزام هو القانون الواجب التطبيق في الالتزامات غير التعاقدية ، حيث نصت على ان ((الالتزامات غير التعاقدية يسري عليها قانون الدولة التي حدثت فيها الواقعة المنشئة للالتزام)) (لمادة 1384 /1 من القانون المدني الفرنسي )
والحكمة من اختيار قانون محل وقوع الضرر ليحكم حوادث السير هو القانون الأقرب للحدث فهو المستأثر جغرافياً بالمخطط الرسمي لوقوع الحادث (Bartin , 1932) , وهو الأقدر على تقدير الضرر الناتج عن تصادم المركبات فيما بينها او بينها وبين الأشخاص المارة في الطريق، وبالتالي فهو الأفضل في تحديد مقدار التعويض ليحقق العدالة المنشودة من فرض النصوص القانونية التي تحمي طرفي النزاع بشكل خاص والمجتمع بشكل عام .
ولكن يثور التساؤل هنا قد يحصل الحادث المروي في الطرق الحدودية الواقعة بين دولتين مثل (أ، ب)، فلأي قانون سيخضع هذا الحادث إلى قانون دولة (أ) ام إلى قانون دولة (ب) ؟
نجيب على هذا التساؤل بأنه اذا صعب الأمر في تحديد مسألة الى اي سيادة من الدول يخضع هذا الجزء الإقليمي رغم ندرة حصول هذا الافتراض لأنه عادة ما تحدد كل دولة إقليمها جغرافياً ، الا اننا نفترض وقوع هذا التصور لمعرفة اي القانونين سيفرض حكمه بهذه الواقعة. حيث يمكننا هنا إخضاع الحادث إلى قانونين هما: قانون جنسية المركبة التي سببت الضرر .او قانون القاضي الذي تم رفع النزاع أمامه بوصفه صاحب الاختصاص الاحتياطي في هذه الواقعة ( صادق، 1974)
ونشير هنا إلى ان المشرع العراقي لم ينظم هذه الحالة تنظيماً تشريعياً، وإنما ترك الأمر للفقه والقضاء، حيث اعتمد القضاء العراقي الرأي الثاني عند تعذر التوصل إلى القانون الواجب التطبيق بسبب غياب سيادة الدولة في هذا الجزء من الإقليم فيترك الأمر لسلطة القاضي التقديرية كي يبحث عن القانون الأصلح للمتضرر وهي الطريقة ذاتها في البحث عن القانون الواجب التطبيق عند توزيع عناصر العمل الضار في دول متعددة (عبد الرضا، القانون الدولي الخاص (الجنسية ، الموطن ، مركز الاجانب ، التنازع الدولي للقوانين ، تنازع الاختصاص القضائي الدولي ، 2018)
وقد أثار هذا المعيار اختلاف فقهي كبير حيث أتهمه البعض بالجمود وخلوه من المرونة، بينما يرى آخرون بأنه المعيار الأمثل لتحديد القانون الذي يحكم الواقعة ، فقد طرح بعض الفقه الفرنسي المعارضين لهذا المعيار واقعة حادث السير الناجم عن اصطدام سائق سيارة فرنسي بفرنسي أخر في بلجيكا على بعد كيلومترات من الحدود الفرنسية فانه حسب هذا المعيار سيتم تطبيق القانون البلجيكي ، وهذا يؤدي إلى حرمان المضرور من الاستفادة.من قرينة الخطأ التي يتضمنها القانون المدني الفرنسي لكون الحادثة (العمل غير المشروع ) قد وقع في بلجيكا في حين ان جميع العناصر الأخرى هي في الواقع مرتبطة بفرنسا ومتصلة اتصالاً اوثق بها، فالقضاء الفرنسي يعد مسؤولية حارس الشيء( السائق) المنصوص عليها في القانون المدني الفرنسي مسؤولية قائمة على أساس الخطأ المفترض في حين ان القضاء البلجيكي مستقر على اعتبار مسؤولية حارس الشيء (سائق السيارة) هي مسؤولية شخصية تقوم على أساس الخطأ الواجب الإثبات من قبل الشخص المتضرر (Bourel, 1961) بينما يرى رأي أخر إلى وجوب إخضاع المسؤولية عن الفعل غير المشروع لقانون محل وقوع ذلك الفعل تعد مسألة أصلية سبق وان نادى بها أصحاب المدرسة الايطالية ، وقد حرص المشرع العراقي على عدم الخروج عن هذه القاعدة وهذا ايضا ما اقرته اتفاقية لاهاي الخاصة بالقانون الواجب التطبيق على الحوادث المرورية الموقعة في 4/5/1971 في المادة 3 منها حيث تضمنت وجوب إخضاع الحوادث المرورية إلى قانون الدولة التي وقع الحدث ضمن إقليمها وتحت سيادتها (Article 3، convention on the law applicable to traffic accidents4 ,May,1971)
المطلب الثاني
قانون جنسية المركبات
إن الأصل في تحديد القانون الواجب التطبيق بمقتضى ما تشير إليه قواعد الإسناد في اغلب التشريعات هو اعتماد قانون الدولة التي حصلت فيها الواقعة ، فيفترض عند حصول حادث السير الذي يتضمن العنصر الأجنبي ان نطبق قانون البلد الذي وقعت فيه حادثة التصادم .
إلا ان هناك حالات استثنائية أقرتها اتفاقية لاهاي.الخاصة بالقانون الواجب التطبيق على الحوادث المرورية لسنة 1971 بأن يتم اختيار قانون جنسية المركبة وتعد هذه استثناءات من الأصل ألا وهي قاعدة إعمال قانون الدولة التي وقع الضرر فيها ، وذلك بموجب المادة (3و4) منها ، وهي اولا: حالة وقوع الحادثة في مركبة واحدة وتكون مسجلة في دولة أخرى غير تلك التي وقع الحادث في اراضيها حيث سيكون القانون الواجب التطبيق هنا هو قانون دولة.تسجيل المركبة، ثانياً: حالة وقوع الحادثة المتعددة وهي ان تقع مجموعة حوادث مرتبطة في الحادثة ذاتها من عدة مركبات مسجلة جميعها في دولة واحدة ، وما ينتج عنه من تعدد الضحايا اذا ما كانوا من جنسية واحدة هنا فيكون قانون بلدهم مجتمعين هو القانون الواجب التطبيق .
ثالثاً: حالة وجود أشخاص خارج المركبات ولهم يد ايضا في وقوع الحادث فأن القانون الواجب التطبيق هنا هو قانون محل إقامتهم اذا ما كان هو ذاته محل تسجيل تلك المركبة او المركبات المشتركة في وقوع الحادث (Article 4 convention on the law applicable to traf, 4 ,May,1971)
وقد أشارت المادة (5) من الاتفاقية أعلاه بأنه تسري ذات القواعد الواردة في المادة 3 ، 4 على
الإضرار التي لحقت بالضائع الخاصة بالركاب (Article 5 convention on the law applicable to traf, 4 ,May,1971)
وهذا يعني انه اذا تم اختيار قانون البلد الذي وقعت فيه الضرر ليحكم الحادثة محل النزاع فهذا يسري على البضائع ايضا ، واذا تم اختيار قانون بلد تسجيل المركبة فأن هذا القانون سيسري بدوره هو ألآخر على البضائع ايضاً.
المطلب الثالث
القانون الشخصي
لقد استقرت التشريعات ومنها التشريع العراقي على إخضاع مسائل الاحوال الشخصية للقانون الشخصي ، سواء كانت تلك التشريعات تأخذ بالجنسية او بالموطن كمعيار لتحديد القانون الواجب التطبيق في هذه المسائل ، إلا ان هنالك جانب من الفقه يرى بأنه لا مانع من اعتماد هذا القانون ليحكم الوقائع التي ينجم عنها الفعل الضار ومنها حوادث السير وتصادم المركبات . مستندين إلى الحجج التالية :
1ـ ان تطبيق القانون الشخصي وخاصة قانون جنسية الشخص يجب ان يكون هو المعيار الأصلي الواجب الإتباع لتحديد القانون الذي يحكم الأفعال الضارة لان القانون الوطني هو القانون الوحيد الذي يتمتع بالسلطان المطلق على مواطنيه اين ما كانوا.
2ـ تطبيق القانون الشخصي في حالة تعذر تطبيق القانون المحلي ، هو بمثابة الضابط الاحتياطي او الثانوي وذلك لتحقيق العدالة وإنصاف المظلوم وعدم ترك الوقائع دون حسمها ( احمد، 1987)
إلا إننا لا نتفق مع هذا الاتجاه في اختيار القانون الشخصي ليحكم حادثة السير ، لأنه سيدخلنا في دائرة مقفلة ونحن في صدد البحث عن القانون المنشود ، فلو دهس سائق عراقي شخص يحمل الجنسية الفلبينية داخل الأراضي العراقية فبحسب هذا الاتجاه يمكن إعمال القانون العراقي والقانون الفلبيني وهذا سيوقعنا في حالة تنازع القوانين فأي قانون سيطبق هل القانون العراقي ام القانون الفلبيني ؟
في الواقع أن هذا المعيار سيقودنا إلى مشكلات جمة نحن في غنى عنها أهمها مشكلة تنازع القوانين ، فوفقاً للمثال اعلاه يفضل إعمال المادة 27 من القانون المدني العراقي التي تقضي بأن القانون الواجب هو قانون محل حدوث الفعل الضار اي تطبيق القانون العراقي كون الحادثة وقعت في العراق .
المطلب الرابع
القانون الأوثق ارتباطاً بالحادث
قد يكون قانون الدولة التي وقع فيها الحادث غير كاف لإحاطته بالحادث المروري مثلا يكون ذو صلة ضعيفة بالوضع المترتب عن واقعة الضرر ويكون ذلك ناجماً عن جنسية الخصوم او محل إقامتهم ، كأن يدهس شخص عراقي الجنسية شخص أخر ايضا يحمل الجنسية العراقية في فرنسا ، فيعود الطرفان إلى العراق ويرفع الطرف المتضرر دعوى على الأخر للمطالبة بالتعويض عن الضرر أمام المحاكم العراقية ، وحسب أحكام المادة 27/1 ستشير قواعد الإسناد إلى تطبيق القانون الفرنسي كونه قانون البلد الذي وقع فيه الضرر اي الواقعة المنشئة للالتزام .
فقد يطُرح سؤال مهم بصدد هذه الواقعة هل ان الحادثة أعلاه تمس النظام القانوني الفرنسي أكثر ام أنها تمس النظام القانوني العراقي أكثر؟ لان الطرفين عراقيان والحادث وقع في فرنسا فالجواب قطعاً ان الواقعة اعلاه هي اكثر ارتباطا بالتشريع العراقي كون الخصمين عراقيين الجنسية والحق المترتب في ذمة الدائن سيؤول إلى ذمة المدين فالأموال لن تخرج عن نطاق دولة العراق وتقضي المادة 14 من القانون المدني العراقي النافذ على انه (( يقاضى العراقي امام محاكم العراق عما ترتب في ذمته من حقوق حتى ما نشأ منها في الخارج )).ونحن نؤيد الاتجاه الحديث الذي ينظر إلى الاهتمام على التركيز الاجتماعي للوقائع بدلا من التركيز الإقليمي للوقائع ، فعند رحلة البحث عن القانون الواجب التطبيق على الحادثة يفضل ان نبحث عن الظروف المحيطة بالحادثة كالجنسية او الموطن او محل الإقامة المشترك للطرفين قبل البحث عن البلد الذي وقع فيه الفعل الضار (سلامة ، 1996)
ونشير بهذه المناسبة إلى قضية هامة وهي قضية (Babcock VS Jackson) التي عرضت على القضاء الأمريكي حيث تتلخص وقائعها في حصول حادث سير وقع في عام1963في الولايات المتحدة الامريكية عندما غادر الزوجان (جاكسون) بسيارتهم الخاصة ومعهم السيدة (بابوك) التي اصطحبوها معهم في الرحلة بشكل مجاني دون مقابل ولاية نيويورك متجهين إلى كندا برا وفي إثناء الرحلة وصلوا إلى اقليم ( اونتاريو ) وقع حادث سير لهم ، فطالبت هذه السيدة بالتعويض من السيد جاكسون باعتباره سائق السيارة. وبعد تكييف الواقعة أمام قاضي النزاع تم استبعاد تطبيق قانون ولاية اونتاريو الذي يقضي بإعفاء سائق السيارة من تعويض الضرر اذا لحق بالراكب معه،بالمجان، وتم تطبيق قانون ولاية نيويورك الذي الزم السائق بتعويض الراكب عن الضرر الذي لحق به سواء اكان بمقابل او بدون مقابل ( Tetley. Q.C, 1999).
فالأمر الذي دعا إلى تطبيق قانون ولاية نيويورك بدلا من قانون اونتاريو ان القاضي (Fuld) وجد ان جميع العناصر التي كونت هذه القضية هي متصلة بولاية نيويورك فالموطن المشترك للطرفين و محل بدء الرحلة والمحل المفترض ان يكون محل انتهائها ، ومحل تسجيل السيارة والتأمين عليها كله مرتبط بهذه الولاية فرجحت كفتها على الأخرى التي وقع الحادث فيها.
وقد وضع هذا القاضي قواعد أساسية لم تكن معروفة في أروقة محاكم الولايات المتحدة سابقاً لحل مشكلة تنازع القوانين فيها، لغرض تحديد القانون الواجب التطبيق على الحوادث المرورية التي تتضمن النقل المجاني لأحد الركاب، تتلخص في الاتي :
1ـ يكون قانون الولاية التي يشترك الطرفين في التوطن او الإقامة فيها، و المركبة ايضا مسجلة فيها هو القانون الواجب التطبيق على الحادث المروري الذي يجمعهما .
2ـ يتبع قانون الولاية التي يشترك فيها موطن الطرف الأخر في تحمل المسؤولية فلو فرضت ولايتهما التعويض كان عليه ذلك ولو ان الحادث وقع في ولاية لا تفرض التعويض (للضيف المجاني ).
3ـ اما اذا اختلف موطن السائق عن الطرف الأخر ( الضيف ) فالقاعدة اعلاه ستقيد لان القانون الواجب التطبيق هنا سيكون قانون الولاية محل وقوع الحادث إلا اذا اتضح ان هناك قانونا اكثر ارتباطا بالواقعة.
وهناك قضايا أخرى نظرت فيها المحاكم الأمريكية منها قضية زوجين أمريكيين يقطنان في ولاية الاسكا ، حيث نظرت المحكمة العليا في الاسكا بهذه القضية التي تتلخص وقائعها في وقوع حادث سيارة في كندا في مقاطعة يوكن ، وقد فارقت الزوجة الحياة فورا اثر هذا الحادث فأقام الزوج دعوى يطالب بها بتعويض عما أصابه من أضرار جسدية ونفسية من تركة زوجته التي كانت هي من تقود السيارة إثناء الحادث. فرُفضت دعواه في كندا رغم انها محل وقوع الحادث (مقاطعة يوكن الكندية )حيث ان القانون الكندي لا يسمح بالمطالبة بالتعويض كونه يمنح حصانة للزوجين في هكذا قضايا وبالتالي فأن دعواه باطلة، بينما قانون الاسكا يسمح بالمطالبة بالتعويض عن الأضرار بسبب الإهمال . وعليه فقد رفع الزوج دعواه في المحكمة الامريكية التي عدت دعواه صحيحة ويستحق التعويض. وفي هذه القضية تخلت محكمة محل وقوع الحادث وهي المحكمة الكندية لصالح المحكمة الأكثر ارتباطاً بالحدث وهي محكمة ولاية الاسكا حيث موطن الزوجين ومحل تسجيل السيارة (Meschewski, 1999). فمبوجب هذا المعيار نجد انه من الممكن إعمال قانون الدولة الأكثر ارتباطا بحوادث السير بدلاً من إعمال قانون بلد الحادثة وذلك لما تخلفه حوادث السير من أضرار وتبعات تجعل من الممكن الخروج عن القواعد العامة في مناسبات عديدة .
المبحث الثاني
القانون الحاكم لحوادث السير في إطار المسؤولية العقدية الدولية.
بينّا في المبحث الأول من هذه الدراسة أهم المعايير التي يتم فيها اختيار القانون الذي يحكم الحوادث المرورية ذات العنصر الأجنبي التي تقع داخل إقليم الدولة او عدة دول بوصفها حوادث ناجمة عن الفعل الضار في إطار المسؤولية التقصيرية ، لكن ماذا لو كانت هذه الحوادث على صلة بعقود دولية تم إبرامها مسبقاً بين الطرفين؟ بمعنى أوضح ما هو القانون الواجب التطبيق على الحوادث المرورية في إطار المسؤولية العقدية الناجمة عن عقود دولية كعقد التأمين الدولي اذا ما وقع حادثا إثناء الرحلة ، او عقد العمل الدولي كالحوادث المروية التي تقع للعاملين الأجانب داخل إقليم الدولة بسبب عقد العمل المبرم بينهم وبين أصحاب العمل فيها؟
هذا ما سنتناوله في هذا المبحث وذلك وفق مطلبين نخصص المطلب الأول لدراسة القانون الذي يحكم الحوادث الناجمة عن عقد التامين الدولي، ونخصص المطلب الثاني لدراسة القانون الذي يحكم الحوادث الناجمة عن عقد العمل الدولي ، وعلى النحو الاتي :
المطلب الأول
القانون الذي يحكم الحوادث الناجمة عن عقد التامين الدولي
تبرز أهمية عقد التأمين على المركبات عند وقوع الحادث مباشرة ، حيث أولت جميع التشريعات هذا العقد تنظيماً قانونياً مفصلاً نظراً لأهميته البالغة . فإذا كان الحادث المروري داخل إقليم الدولة الواحدة وبين مواطنيها فلا خلاف بشأن تطبيق القانون الوطني لتلك الدولة ، ولكن يصبح الأمر أكثر تعقيداً عندما نكون أمام توزيع عناصر الضرر كأن يخضع العقد لقانون دولة ما ، ويقع الضرر المؤمن منه في إقليم،دولة أخرى ، او كأن يكون احد المتضررين شخص يحمل جنسية أجنبية . فأي قانون سيكون هو الواجب التطبيق على الحادثة ؟
اختلف الفقهاء في الإجابة عن هذا السؤال فمنهم من يرى اختلاف القانون الذي يحكم الدعوى المرفوعة من قبل الطرف المتضرر عن القانون الذي يحكم عقد التأمين الدولي ذاته كون الدعوى المرفوعة من قبل الشخص المتضرر هو امتياز يحصل عليه المتضرر من قيمة التأمين هذا من ناحية .ومن ناحية أخرى فأن الدعوى المرفوعة من قبل المتضرر ترتب أثارا قانونية شبيهة بآثار التنفيذ الجبري للطرف المؤمن ( عبد اللطيف، 1973). وغير هذا وذاك فأن ما سترتبه الدعوى فور كسبها من قبل المتضرر من ضرورة دفع مبالغ التأمين هو امر متعلق بالذمة المالية للمؤمن وعندئذ سيكون قانون موطن المؤمن اي قانون المركز الرئيسي لشركة التأمين هو القانون الواجب التطبيق .
ولكننا نوجه نقد إلى هذا الرأي لما له من صعوبات عملية اذا ما أردنا تنفيذه فعلياً في الواقع العملي ، فماذا لو تعددت مواطن المؤمن ؟ وبالنسبة للدول التي تأخذ بمعيار الجنسية (ومنها التشريع العراقي) كضابط إسناد أساسي هل تترك العمل بهذا الضابط لصالح ضابط الموطن ؟ فحقيقةً طرح هذا الرأي لم يكن موفقاً بما فيه الكفاية لعلنا نعتمد ضوابط أكثر دقة لتحديد القانون الحاكم ، ويرى آخرون إمكانية اعتماد قانون دولة القاضي الذي يرفع أمامه النزاع، ولكننا ننتقد هذا الرأي أيضاً كيف يمكن تطبيق قانون دولة القاضي اذا كانت مسألة محل وقوع الحادث من مسائل النظام العام في كل دولة من دول العالم فهل يمكننا تصور ان تتخلى دولة ما عن اختصاصها التشريعي والقضائي ألاستئثاري لصالح دولة أخرى بمعنى هل ممكن للمشرعين ان يغيروا منهاجهم مستقبلاً ؟
إما رأينا بهذا الخصوص فأننا نرى بأن قانون محل وقوع الفعل الضار هو القانون الحاكم للحوادث المرورية بغض النظر عما اذا كان حادث سير متعلق او غير متعلق بعقد تأمين دولي استنادا إلى ما أشارت إليه المادة (27 /1) من القانون المدني العراقي النافذ التي جاءت مطلقة ولم تفرق بين وقوع الحادث سواء كان مؤمن او غير مؤمن ، وأيضا ما تشير إليه اغلب التشريعات العربية والأجنبية التي تخُضِع الفعل الضار إلى قانون محل وقوعه ، وكذلك ما أشار إليه قانون التأمين الإلزامي عن حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 (المعدل) في المادة (2/أولا) إلى ان (( يلتزم المؤمن بالتعويض عن الوفاة او الإصابة البدنية التي تلحق اي شخص جراء استعمال السيارة في الأراضي العراقية …….))
وتشير المادة (2/ ثالثاً) إلى انه (( في حال دخول السيارة غير العراقية الأراضي العراقية فيشمل التعويض بالإضافة إلى ما هو مقرر بالفقرة (اولا) من هذه المادة ما تسببه تلك السيارة من أضرار بأموال الغير عدا الأضرار التي يسببها صاحب الأموال عمداً )) وقد أشارت المادة (1) من القانون أعلاه بأن جميع السيارات في الأراضي العراقية مشمولة تلقائياً بالتأمين . إضافة إلى ما أشارت إليه المادة (2) من قانون رقم 140 لسنة 1975 الذي صادق العراق بموجبه على (اتفاقية تونس )اتفاقية التامين الموحدة عن سير السيارات عبر البلاد العربية سنة 1975 حيث نصت على ان (( يكون تعويض الحوادث الناجمة عن السيارات طبقاً للشروط و الأوضاع التي يقررها قانون التأمين الإجباري في الدول التي يقع فيها الحادث )) . فيشمل التعويض حالات الوفاة والأضرار المالية و الجسدية ، ولا يشمل التعويض حالات الحوادث الناجمة عن السيارات الداخلة إلى العراق بصفة غير مشروعة ، ويكون الاختصاص لصالح التشريع والقضاء العراقي (عبد الرضا، التنظيم القانوني عن حوادث السيارات الأجنبية في العراق، 2008)
المطلب الثاني
القانون الذي يحكم الحوادث الناجمة عن عقد العمل الدولي
عقد العمل الدولي هو العقد المختص بالعمل والتشغيل والذي يرتبط بأكثر من نظام قانوني من شأنه ان يمنح الاختصاص لأكثر من قانون نتيجة لوجود العنصر الأجنبي اما من ناحية العناصر الشخصية كجنسية الطرفين او محل إقامتهما ، او قد تكون عناصر موضوعية كمحل إبرام العقد او محل تنفيذه (غصوب، 2008).وفي محل الدراسة قد تقع حوادث السير نتيجة لتنفيذ عقد العمل في إقليم دولة ما ، فما هو القانون الذي يحكم تلك الحوادث هل هو قانون الذي يحكم عقد العمل؟ فإذا كان الامر كذلك فما هو القانون الواجب التطبيق على عقد العمل الدولي ذاته ؟ للإجابة على هذا السؤال هنالك مجموعة من المعايير التي تُطرح لتحديد القانون الذي يحكم عقد العمل الدولي ، وبالتالي سيحكم حوادث السير التي تقع جراء هذا العقد ، وهي على النحـــــــو الاتي :
أولا: تطبيق قانون محل إبرام او تنفيذ العقد :
ان قواعد قانون العمل من القواعد القانونية ذات التطبيق المباشر فهي قواعد إقليمية تطبق بشكل مباشر ولا تخضع لقواعد التنازع (المادة (7)، اتفاقية روما لسنة 1980 المنشورة في 1991) , فكل مشرع ينظم القوانين الداخلية حسب ما يراه مناسب في داخل اقليم دولته حماية للطرف الضعيف وهو العامل في عقد العمل فهو ينظم ساعات وأجور العمل والتعويض عن إصابات العمل التي تشمل حوادث العمل وحوادث السير التي تحدث للعمال إثناء العمل والمتعلقة بعقود العمل ، فحسب هذا المعيار اذا أبرم او نفذ عقد العمل في العراق فأن قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015 (النافذ) هو الحاكم و هذا كان موقف القانون الفرنسي ايضاً الذي تبنى المعيار ذاته (الحيدري )، فبموجب هذا المعيار أن حوادث السير وجميع الحوادث الأخرى التي تقع بمناسبة هذا العقد سيكون القانون الذي يحكم عقد العمل هو القانون الذي يحكمها ايضاً، حيث أشـــــارت المادة 114/ثانيا/ ه من قانون العمل العراقي النافذ على ان: (( لتحقيق ما هو منصوص عليه في البند اولا من هذه المادة يجب مراعاة ما يأتي : … ه: ضمان إجراءات الفحوصات الطبية … على ان يتم تضمينها جميع الحوادث والإصابات والأمراض المهنية والتي تقع إثناء العمل او ترتبط به )).ووفقاً لهذا الاتجاه فأن التعويض عن الإصابة الناجمة عن حوادث السير المرتبطة بعقد العمل الذي يخضع بدوره للقانون الإقليمي ،هي الأخرى ستخضع للقانون ذاته فعقد العمل هو الذي ينظم الشروط الواجب توافرها في الإصابة ويحدد مقدار ونطاق التعويض عن تلك الحوادث وهو الذي يحدد اذا كان التعويض سيترتب عن عقد صحيح او انه يُستحق بموجب أحكام القانون وان كان العقد باطلا .
ثانياً: تطبيق قانون الإرادة :
إن إعطاء الفرقاء حق اختيار القانون الذي يحكم عقدهم من الحقوق المسلم بها مادام في حدود احترام القواعد الآمرة في القوانين الداخلية ،فإذا اتجهت إرادة الأطراف لاختيار قانون اجنبي يحكم عقدهم فلا مانع من ذلك بل تقدم الإرادة على ضوابط الإسناد الأخرى وذلك احتراماً من المشرع لرغبة الطرفين وهذا ما أشار إاليه المشرع العراقي وغيره من المشرعين (المادة 18 من القانون الجزائري ) ، فغنيٌ عن التوضيح أن القانون الأجنبي لا يتدخل هنا بصفته قانونا أجنبيا وإنما بصفته القانون الذي يعبر عن إرادة الطرفين (Chauvy, 1993) .
ولكن السؤال الذي يطرح هنا اذا كانت قواعد قانون العمل من القواعد ذات التطبيق الضروري ، فكيف للإطراف اختيار القانون الذي سيحكم عقدهم ، وفقا لهذا المعيار ؟ ارتأى بعض الفقه في هذا الصدد ان يتم تطبيق القانون الأفضل لمصلحة الأجير كونه الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية وبالتالي فأن كل ما يترتب جراء هذا التعاقد من تبعات مادية وقانونية كحوادث السير وغيرها فأنها ستخضع للقانون الذي تم اختياره من قبل الطرفين شريطة ان لا يخالف هذا القانون القواعد الآمرة في القوانين الوطنية وان تكون بصالح العامل او الأجير وليس في صالح رب العمل (Chenede, 2003).وهذا ما ذهبت اليه محكمة التمييز الفرنسية حين قضت بأن العامل الفرنسي المتعاقد مع شركة أجنبية وان كان قد خضع بإرادته إلى قضاء تلك الدولة الأجنبية الا انه لا يعني قد تنازل عن الاختصاص القضائي الفرنسي ان تطلب الأمر تدخل الأخير لحل القضية (الحيدري )
واتجه مؤخرا القضاء الفرنسي إلى قيام القاضي بتحديد القانون الذي يحكم عقد العمل وما يترتب عنه كحوادث السير التي نحن بصددها في حال غياب الإرادة عن تحديد القانون من خلال مجموعة صلات متعددة حيث ينظر القاضي إلى نوع العملة التي تحدد بها دفع الأجر مثلا أو لأي نظام قانوني،انتسب العامل في مسألة الضمان الاجتماعي وغيرها.
الخاتمــــــــة
نستخلص مما تقدم في البحث بمجموعة من الاستنتاجات و المقترحات التي نوصي بها لغرض إلافادة من هذه الدراسة ، والتي سنبينها على النحو الاتي :
اولاً: الاستنتاجات:
1ـ ان حوادث السير ذات العنصر الأجنبي تأخذ شكلين اثنين اما عمل غير مشروع (الأفعال الضارة ) التي تدخل في إطار المسؤولية التقصيرية وتتوزع آثارها بأكثر من نظام قانوني ، او تكون ناجمة عن عقود دولية فتدخل حينها في نطاق المسؤولية العقدية الدولية، وهذا الاختلاف يرتب أحكاما مختلفة عند تحديد القانون الذي سيحكم هذه الحوادث .
2ـ رغم وضوح موقف اغلب التشريعات ان لم يكن جميعها في تحديد القانون الواجب التطبيق على الحوادث ومنها التشريع العراقي وهو قانون البلد الذي وقعت فيه الحادثة المنشئة للالتزام بنصوص تشريعية واضحة لا غُبار عليها ، الا ان الموقف القضائي الدولي جاء مختلفاً في بعض المناسبات حيث انه اختار القانون الأكثر صلة بالحادث المروري متجاهلاً تلك النصوص التشريعية وذلك رغبة منه في اختيار القانون الأصلح والأكفأ لحل النزاع.
3ـ ارتأى القضاء الأمريكي بوجوب التفرقة بين مسؤولية الناقل المجاني ، و الناقل بمقابل عند وقوع حوادث السير ، الأمر الذي يجعل الطرف المتضرر في الحادثة ان يبحث عن قانوناً أخر غير الذي أشارت إليه قواعد الإسناد عسى ان ينصفه قانون الدولة الأخرى في تحقيق مأربه بالحصول على التعويض الذي يروم اليه .
ثانياً: المقترحات :
1ـ نقترح تعديل الفقرة (2) من المادة (27) من القانون المدني العراقي النافذ ، لتكون على الوجه الأتي : (( يسري على أحكام الفقرة السابقة فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة من العمل غير المشروع على الوقائع التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في العراق ، قانون الدولة الأجنبية الواجب التطبيق ان عدت العمل غير مشروع فيها )) وذلك لان المشرع العراقي قد أعلن براءته عن اي أعمال غير مشروعه وان عُدت كذلك لدى قانون الدولة التي وقعت فيها مادام هو يعدها مشروعة ، وذلك بموجب الفقرة (2) من المادة (27) ، وعليه فمن الأولى ان يحصل الأفراد على العدالة المنشودة من القضاء العراقي ان قرروا اللجوء إليه فلا ضير ان يفتح المجال لإعمال القانون الأجنبي في القضاء الوطني الذي تنازل بإرادته عن اختصاصه، ويعد ذلك من قبيل الاختصاص القضائي المشترك وليس الحصري.
2ـ يُعتمد معيار القانون الأكثر ارتباطاً بالواقعة كقانون واجب التطبيق على حوادث السير ذات العنصر الأجنبي إلى جانب معيار قانون البلد الذي وقعت فيه الحادثة او الواقعة المنشئة للالتزام، لا بل نؤيد ترجيح المعيار الأول على الثاني في بعض الحوادث كما فعل القضاء الفرنسي في عدة مناسبات ، وذلك لارتباطه ارتباطاً أوثق وأكفأ في تحديد حيثيات الواقعة ومجرياتها وبالتالي سيمنحنا نتائج أدق وأفضل لتحقيق العدالة المنشودة ، من قانون البلد الذي وقع فيه الحادث .
- اعتماد اتفاقية لاهاي الخاصة بالقانون الواجب التطبيق على الحوادث المرورية لسنة ١٩٧١ في تحديد القانون الحاكم لحوادث السير وهو قانون جنسية المركبات وفق حالات معينة اشارت اليها الاتفاقية.
المراجع
Tetley. Q.C, W. (1999). A Canadian looks AT American conflect of law theory and practice.
هشام علي صادق. (1974). تنازع القوانين ، دراسة مقارنة في المبادئ العامة والحلول الوضعية المقررة في التشريع المصري. منشأة المعارف. الاسكندرية.مصر.
(Article 3. (convention on the law applicable to traffic accidents4 ,May,1971
Article 4 convention on the law applicable to traf. (4 ,May,1971).
Article 5 convention on the law applicable to traf. ( 4 ,May,1971).
Bartin , C. (1932). Principes de droit international priveed.: Domat Montchrestien paris.franc.
Bourel, p. (1961). les conflits de lois en mathere d, obligations Extra contra ctuelles. L.G.D.J.paris . franc.
Chauvy, y. (1993). Conflit de lois et contrat de travail. P.6.P27.
Chenede, O. (2003). Contrat de travail , Dominique Jourdan. Paris. P.133.p.154
Meschewski, J. (1999). choic of law in ALASKA A survival guide for using.
احمد عبد الكريم سلامة . (1996). علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع اصولا ومنهجا (المجلد ط1). النسر الذهبي للطباعة .المنصورة .مصر.
المادة (7). (اتفاقية روما لسنة 1980 المنشورة في 1991).
المادة 18 من القانون الجزائري . المادة 25 من القانون المدني العراقي ، والمادة19 من القانون المدني المصري ، المادة 20 من القانون الاردني ،والمادة 59 من القانون الكويتي,المادة 20 من القانون السوري ،المادة 19 الليبي.
اياد عبد اللطيف. (1973). مسؤولية المؤمن بمقتضى قانون التأمين الالزامي من المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات رقم 205 لسنة 1964. مجلة القضاء ، العدد الرابع ( السنة الثامنة والعشرين).
ربى الحيدري . (بلا تاريخ). تنازع القوانين فــــــــــي عقد العمل الدولي. تاريخ الاسترداد 2022، من الجامعة اللبنانية:
http://77.42.251.205/researchesView.aspx?opt
عبد الرسول عبد الرضا. (2008). التنظيم القانوني عن حوادث السيارات الأجنبية في العراق. مجلة جامعة بابل ، العلوم الإنسانية , ، صفحة ص877.ص891
عبد الرسول عبد الرضا. (2018). القانون الدولي الخاص (الجنسية ، الموطن ، مركز الاجانب ، التنازع الدولي للقوانين ، تنازع الاختصاص القضائي الدولي ) (المجلد بدون طبعة). بيروت: دار السنهوري للنشر.
عبدو غصوب. (2008). دروس في القانون الدولي الخاص. المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.مجد لبنان.
المادة 1384 /1 من القانون المدني الفرنسي .
محمد ماجد محمد احمد. (1987). المسؤولية عن التصادم البحري في القانون الدولي الخاص. اطروحة دكتوراه, كلية الحقوق ،جامعة عين شمس القاهرة.