أ.د. سناء مجول فيصل                        م.م أسامة جابر عبد السادة الشيباني

جامعة بغداد، كلية الآداب_ قسم علم النفس          وزارة التربية _ المديرية العامة لتربية النجف الاشرف

                                                 معهد الفنون الجميلة للبنين     

الملخص:

 استهدف البحث الحالي التعرف على الذات الاخلاقية، وكذلك التعرف على الذات الأخلاقية بحسب الجنس (ذكور-أناث) ،والتعرف على نمو الانا، وأيضاً التعرف على نمو الانا بحسب الجنس (ذكور-أناث) ،والتعرف على العلاقة الارتباطية بين الذات الأخلاقية ونمو الانا، ولتحقيق اهداف البحث قام الباحثان ببناء مقياسين الأول لقياس الذات الاخلاقية ويتكون من (34) فقرة، ومقياس نمو الانا الذي يتكون من (25) فقرة، وبعد إن تحققت الخصائص السيكومترية لكلى المقياسين، طبق الباحثان مقياس الذات الاخلاقية على عينة عشوائية قوامها(753) طالب و طالبة لمعهد الفنون الجميلة(بنين-بنات) في محافظة النجف ،بعدها طبق المقياسين على عينة البحث العشوائية الطبقية والبالغ عددها (400) طالب وطالبة لمعهد الفنون الجميلة(بنين-بنات) في محافظة النجف. وظهرت نتائج البحث في ضوء الاطار النظري المعتمد، وتضمنت عدد من الاستنتاجات بما في ذلك وجود ذات الأخلاقية عالية لدى الطلبة(ذكور-أناث) ، وكذلك يتمتع الطلبة (ذكور-أناث) بنمو الانا عالي، ووجود فروق في الذات الأخلاقية ونمو الانا بحسب الجنس (ذكور-أناث) ولصالح الاناث، وعدم وجود علاقة الارتباطية بين الذات الأخلاقية ونمو الانا و بناءاً على تلك النتائج وضع الباحثان مجموعة من التوصيات والمقترحات.

الكلمات المفتاحية: الذات ، الأخلاقية ، نمو ، الأنا  

THE  MORAL SELF And its Relationship to Ego Development

Osama Jaber Al-Shybany , Sanaa Mejuel Faisal

Department of Psychology, College of Arts, Baghdad University.

 Abstract :

The current research aimed at identifying the moral self, as well as recognizing the moral self by gender (male-female), identifying the growth of the ego, as well as identifying the growth of the ego by sex (male-female), and identifying the correlation between the moral self and the growth of the ego, To achieve the objectives of the research, the researchers built two first measures of moral self-measurement and consisted of (34) paragraphs, and the ego growth scale consisting of (25) paragraphs, and after achieving the psychometric characteristics of the two scales, the researchers applied the moral self scale to a random sample of (753) students The Institute of Fine Arts (Boys-Girls) in Najaf province then applied the two measures to the sample of the random class research (400) students of the Institute of Fine Arts (Boys-Girls) in Najaf province. The results of the research appeared in the light of the adopted theoretical framework and included several conclusions including the presence of high mortality among students (male-female), as well as students (male-female) with high ego growth, differences in moral self and growth of ego by gender (male-female) and non-females, and non-females. The existence of a correlation between the moral self and the growth of ego and based on these findings the researchers developed a set of recommendations and proposals.

Keywords : the moral self , ego Development,

مقدمة

     يوجد في العالم اليوم الكثير من المشكلات و الأزمات في الميادين كافة منها السياســية,  والاقتصاديــــة, والاجتماعيــة, والثقافــــية، أذ تترك هذه الأزمات آثارا سلــبية واضحة على الحالـة النفســـية، والاجتماعـــية، والأخلاقــية للأشخاص، حيث يظهــر ذلك فيما بعد من خلال  الممارسات السلوكية لهؤلاء الأشخاص(الشيخ، 1982: 132).    والذات الأخلاقية على وجه الخصوص تعد الجانب الأخلاقي الذي يتمتع به الشخص ، لقد أشار بلاسي ولابسلي (Blasi & Lapsley)أننا أصبحنا محبطين أكثر خلال السنوات الماضية لأننا بدأنا نعيش في فجوة( Gab ) من خلال ما نحمل من أفكار وتصورات والتي تؤثر بصورة سلبية على الجانب الاخلاقي، وقد تتسع  هذه الفجوة  بسبب وجود موضوع يرتبط بكون الأشخاص يهتمون بتعريف أنفسهم للآخرين بأنهم لديهم صفات أخلاقية وكذلك يدعون النزاهة الأخلاقية أكثر من أهتمامهم بسلوكياتهم وما يدعى من نزاهة أخلاقية يتظاهر بها الافراد من ذات أخلاقية من ناحية، ومن خلال التصرف الأخلاقي أو  الفعل الملموس الذي يقومون به من ناحية أخرى (Ann, 2006: 3-4).  أن الفساد والمشكلات الاخلاقية التي ابتليت بها المجتمعات في السنوات الاخيرة عززت من الاهتمام لدراسة السلوك الاخلاقي في العمل, والاخذ بنظر بالحسبان العمل والسلوك الاخلاقي للإنسان فقد ثبت على اي حال انه مشكلة معقدة وصعبة Kohlberg,1969:357) ).

    ولاشك ان نمو الانا وان كان يعد من المفاهيم الرئيسة في المجال السريري حيث يشير الى قدرة هذا الجهاز على القيام بوظائفه المطلوبة، وبالتالي فأن عدم قدرة هذا الجهاز على النمو والتطور يدلل على ضعف كفائته للقيام بوظائفه بالدرجة المطلوبة لتحقيق التوافق الشخصي (Personal Adjustment) والتوافق الاجتماعي (Social Adjustment) للفرد، فضلاً عن ذلك أن ضعف كفاءة الانا يعبر عنه بالعصابية (Neuroticism) وهي لاتعني المرض النفسي(Janis, 1969: 365-366). ولذلك دعت الحاجة إلى إجراء دراسة تبحث في الاجابة عن العديد من التساؤلات فضلاً عن ان مشكلة البحث الحالي تتمثل بالاجابه عن التساؤل المطروح عن مدى أمتلاك طلبة معهد الفنون الجميلة للذات الاخلاقية ونمو الانا.

    يعــد ميِدان الأخلاق من الميـادين المهمة في الحياة الإنسانـيـة , أذ يعمل على تنَظيم السلوك الانساني وفقـــاً للمعايير والقيم العليا، ويعمل التطور الاخــلاقي على اكـتساب القواعـــد التي تنظم وتضبط ما ينبغي على الاشخاص أن يفعلو أو لا يفعلو من خلال تفاعل البعض مع البعض الاخر (آل هاشــــم, 2012: 5 ). أن مختلف عمليات التنشئة الاجتماعية الموجهة نحو المجموعة تساعد في تشكيل و تطور مفهوم الذات الأخلاقية بين أفراد المجموعة التي تعمل في الحفاظ على أسلوب المجموعة التعاونية عن طريق الحد من المصالح الذاتية وتعزيز المصالح العامة ومفهوم الذات الأخلاقية أذ تدفع الأفراد الى التصرف بأيثارية(Altruism) أكثر (2012:584-627  Cosmides & Tooby ,). وأشلر كوكنسكا Kochanska 1997)) قي دراسة حول،مفهوم الذات الأخلاقية للأطفال وعلاقتها بالوالدين ودورهما بالعدوان، كان الهدف من هذه الدراسة هو استكشاف دور العدوان، أظهرت النتائج الى ان الأطفال الذين لديهم مستويات أعلى في السلوك العدواني كان لديه تفاعل سلبي أكبر بكثير بين الوالدين ،والطفل وأقل تفضيل للسلوك الاخلاقي بينما الأطفال ألاقل عدوانية تكون ذاتهم الاخلاقية عالية وعلاقتهم أكثر إيجابية بين الوالدين ،والطفل يتسم بقدر أكبر في الاهتمام بالسلوك الاخلاقي Kochanska,1997:53-77)).

    يرى فرويد في نظرية التحليل النفسي أن نظام الانا (Ego) يعـد الجهاز الاداري والمسيطر المنظم لسلوك الشخصية ، أذ أن هذا الجهاز له قدره كبيره في السيطرة على منافذ السلوك والجوانب البيئية المناسبة له ،وكذلك في اشباع الغرائز بطريقه مقبولة و متوازنة بالشكل الذي يتم فيه ارضاء مطالب نظام “الانا العليا” و نظام “الهو” كمايعتقد فرويد انه كل ما كان نظام الانا قوياً كان الشخص اكثر أتزاناً و اكثر توافقا ًمع ذاته وبيئته(Hall,1978:64). لذا يمكن أن نلخص أهمية البحث الحالي من خلال مايأتي:

-الأهمية النظرية:

– تُعد هذه الدراسة هي الاولى عراقياً وعربياً التي بحثت الذات الأخلاقية ونمو الانا لدى طلبة معهـدالفـنون الجميلة.

-تندرج دراسة الذات الأخلاقية و نمو الانا ضمن التيار الحديث في علم النفس الأخلاقي وعلم النفس المعرفي والاجتماعي التي تهتم بتنظيم السلوك الأخلاقي للفرد.  – تتمثل في قلة الدراسات العراقيــة والعربيــة التي تناولت الذات الأخلاقية و نمو الانا لدى طلبة معهـدالفنون الجميلة , حيث تسلط الضوء على الكثير فيما ورد من الأدبيات ذات الصلة بالبحث الحالي. وبناء على ما تقدم تستهدف هذه الدراسة:

1-  الذات الاخلاقية لدى طلبة معهدالفنون الجميلة .

2- الفروق في الذات الاخلاقية وفقاً للجنـس(ذكــور- أنــاث) .

3- نمـو الانـــا لدى طلبة معهد الفنون الجميلة.

4- الفروق في نمـو الانـــا وفقاً للجنـس(ذكــور- أنــاث  ) .

5-  العلاقــة الارتباطـية بين الذات الاخلاقية ونمـو الانـــا لدى طلبة معهد الفنون الجميلة.

حدود البحث  :يقتصر البحث الحالي على طلبة معهـــدالفــنون الجميلــة في النجف الاشرف من كلا الجنسين( ذكور ـــ إناث)  للدراسة الأولية الصباحية لســنة(2018-2019) .

تحديد المصطلحات:

أولاً : الذات الأخلاقـــية:  Moral Self )  )

– بلاسي Blasi 1993″ نظام معقد من الصفات الاخلاقية تتضمن اعتقادات اخلاقية وتوجهات اخلاقية واستعدادات اخلاقية وقدرات معرفية ووجدانية أذ تتضمن تركيزا تنظيميا تجاه سلوك اخلاقي”.(Blasi,1993: 99)  وهو التعريف الذي تبناه الباحث.

-ستيكStake1994 ” هو وصف الشخص فيما يتعلق بالخصائص الأخلاقية التي تم تقييمها ذاتيًا”” (Stake,1994:56 )

(Ego Development ثانياً : نـمو الانـــــا : (

-لويفنجر Loevinger 1966 “هي تنظيم و تشكيل وتكامل المكونات النفسية والعقلية كي تؤدي وظيفتها وفق معايير عمرالانسان”(Loevinger 1966: 21). وهو التعريف الذي تبناه الباحث.

– هاوزر Hauser 1976  “هي التي تشير الى البنية المركزية لمراحل النمو التي تتضمن الاخلاقيات و التكامل  والثبات و منظومة الذات المعقدة المعرفياً “( (Hauser,1976:83.           

الاطار النظري والدراسات السابقة:

أولاً: مفهوم الذات الأخلاقية :                                         

      ركز علم النفس منذ زمن بعيد في اغلب تحليلاته على المنطق الأخلاقي وعلى الأسس المعرفية للقرارات المتعلقة بالصواب والخطأ (Kohlberg,1969:347). والتأكيد على آليات التفكير الأخلاقي   للنظريات النفسية  المؤثرة في ذلك الوقت ، و الدعم التجريبي لمفاهيم التعلم الأخلاقي مثل “نمو الأنا العليا”، فضلاًعن ذلك حيث أراد علماء النفس عزل كل ما كان فريداً للفكر والسلوك الأخلاقي عن المنطق التقاليدي الأخلاقي باستثناء العناصر النفسية العامة  مثل” الغرور” التي تمت أضافتها مع السلوك غير الأخلاقي والإدراك، مما يؤدي إلى تركيز يجعل من الممكن ظهور برامج وبحوث مكثفة على أساس التفكير الأخلاقي وتطويره Candee1984: 433-435) Kohlberg &).

     الا أنه في الآونة الأخيرة ، بدأ علم النفس الأخلاقي يتخطى التفكير الأخلاقي ويوجه المزيد من الاهتمام إلى الذات الأخلاقية.Moral self أذ اقترح بلاسي Blasi أن العمل الاخلاقي وما له من اهمية للذات الأخلاقية قد تكون عاملا رئيساً يؤثرفي قوة العلاقة بين الحكم الأخلاقي والعمل الأخلاقي ، وبالتالي له تأثيره الكبير على السلوك الأخلاقي(Blasi,1983: 178–210).   تنشأ الذات الأخلاقية عند الشخص عن طريق  العلاقة المستجيبة التي  تبدأ من حلقة الوصل بين الوالدين مقدمي الرعاية والطفل. بشكل ( التزام ، تعاوني )  وكيفية تقبل  الطفل إلى التأثير الأبوي (Kochanska,1997: 94–112). أذ أن “الاتجاه التعاوني” يتميز بـ”مجموعة علاقات تعاونية” تبدأ الخطوة الاولى في وصف رغبة الوالدين والطفل في العلاقة المتبادلة ومن داخل إطار التعاوني التي يكون لها تأثير إيجابي مشترك من خلال التعلق بالأمان واسلوب الكلام المنسق بشكل جيد و التفاعلات المتبادلة فيما بينهم،  أي أنه يدل على أن الطفل حريص على الامتثال للمعايير وتوجيهات الوالدين  . ويكون هنالك التزام  من جانب الطفل لقيم الوالدين من خلال الاستيعاب والعمل الجاد التي بدورها تحفز الاخلاق، حيث تم الإشارة لهذا في دراسة طولية حديثة للأطفال الذين كانت لهم استجابة عالية في العلاقة مع الأمهات خلال الأشهر الأربعة والعشرين الأولى من الحياة  يكون لديهم تنظيم ذاتي قوي لتعلم الكثيرمن المهارات في سن ما قبل المدرسة (Kochanska et al, 2008: 30–44 ).توجد هنالك مجموعة من الخطوات التي يجب ان تكون موجودة حتى يتسنى لنا ترسيخ المبادئ الاخلاقية في داخل الفرد نفسياً واجتماعياً وسلوكياً وكما يأتي:

1-دمج السلوك الاخلاقي الحسن بسعادة الفرد: (أي كلما استطعنا من اقامة ترابط متين  بين السلوك الاخلاقي الحسن وبين سعادة الفرد فأن ذلك يعمل على زرع روح السلوك الاخلاقي الجيد في كيانه ومن خلاله يكون قادر على التمسك به واتباعه في حياته).

2-التوجية الدائم : (ومن خلالها كلما تحقق الدمج لكل من المعرفة الاخلاقية وبين السلوك الاخلاقي الجيد فان هذا يعمل على استمرار عمل الوجدان حول معرفة المبادئ الاخلاقية الحسنة والعزوف عن المبادئ الاخلاقية غير الجيدة).

3-دمج المبادئ الاخلاقية القويمة بالفائدة: (وهنا كلما تسنى الدمج بين أصحاب المبادئ الاخلاقية القويمة بما يترتب من خلالها الحصول على جني الفوائد، فأن هذا يعمل على معرفة وتحقيق البلورة الوجدانية حول تلك المبادئ الاخلاقية)(اسعد، 1996:  18).

النظريات المفسرة لمفهوم الذات الأخلاقية:

 -نظرية سيجموند فرويد:(Freud,1856-1939) :

    يؤكد فرويد ان تكوين الضمير يتم في حدود السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل, ويبين ان الطفل يتوحد مع والده بروابط عاطفية هي الاحترام والحب, فيقوم بعملية التوحد (identification) مع الاب ورغبته الجنسية نحو الام, وان رغبة الولد العاطفية نحو امه في مواجهة مع ابيه, ويتصاعد التنافس الى حد الازمة, ونتيجة لهذا الصراع يتكون ما يسمى بعقدة اوديب(Oadipua-complex) والشيء نفسه يحدث عند الصراع بين البنت وامها ونتيجة لهذا الصراع تكون عقدة الكترا (Elactra-complex), وهاتان العقدتان يكون لهما الاثر الكبير في الشخصية اللاحقة, وكل ذلك يتصل بالضبط الأخلاقي, وان تجاوز الولد والبنت لهاتين العقدتين يولدان حالتين مهمتين, الأولى الزوال والتخلص من تلك العقد, والثانية تكون بداية لتكوين الانا العليا لديهم (صالح,69:1988).  ويرى أيضاً أن الانا العلياSuper Ego وهو ما يعرف (بالضمير) وهو الرقيب الذي لا ينام, ويكون عمله الوظيفي هو تقديم نشاطات النظامين السابقين, ويمثل السلطة الداخلية في ذات الفرد, ويعلم كل سلوك غير مقبول اجتماعياً في غياب السلطة الخارجية, وهو الأداة المسؤولة عن التطور الأخلاقي, ويكون مركزاً للمعايير الأخلاقية في شخصية الفرد” (شلتز35:1983).

    ويرى فرويد أن الأنا الأخلاقية ، لديها  القدرة على عمل الخير وكذلك الحفاظ على المثل العليا وأيضاً لديها القدرة في السيطرة على الغرائز السيئة ، ومن هنا جاءت الذات الأخلاقية و أن معنى مصطلح الذات الاخلاقية هو مشتق من فهم فرويد للأناالعليا وإن هذا المصطلح يشير إلى التوجه الأخلاقي الواعي أذ يتفق مع فرويد أن الطفل كائن لا أخلاقي و ذلك لان كل طفل يولد بدون مجموعة من الأخلاق(James,1998:220) .,

   ومن هنا يرى فرويد ان كل شخص لديه وعي أخلاقي فعندما يفعل أشياء غير اخلاقية سيشعر بالذنب والخزي على ما فعله في وقت آخر، في حين أن الطفل لا يشعر بالذنب و لا يهتم كيف يتصرف بشكل غير أخلاقي وذلك لأن الأنا الأخلاقية لا تزال غير نامية لديه والتي ستتطورفي وقت آخر أثناء مراحل النمو التي يمر فيها الطفل في حياته وهذا ما نعتبره حقيقة أخلاقية(Holt,1980:36). كما يقترح فرويد أن المراحل المبكرة لتطور الطفل الذي يولد و هو أناني ليس بسبب الشهوة ، ولكن لأن الطفل لم يصل بعد إلى المرحلة التي يمكنه فيها أن يقرر أو يختار المسار الصحيح للعمل (أي  هناك نقص كامل في الحكمة). ومع ذلك ، فأن الطفل ينمو والأنا الاخلاقية تتطور بعيداً عن شهوات الطفل بحيث  ينمو تدريجيا بين فترة وأخرى، حتى يصبح واعياً للواقع الأخلاقي ، الذي يملي عليه ما بعــد أخلاقي وما هو غير أخلاقي(James,1998:224) .

-نظرية الذات الاخلاقية  بلاسي ( Blasi 1993):

     تعتمد بحوث الذات الاخلاقية على الفرضية الاساسية لأرسطو بان الاخلاق هي صفة الشخص وهي ليست ببساطة نتيجة التفكير الاخلاقي المجرد أي أن الذات الاخلاقية هي(الخصائص التي يمتلكها الشخص وتتضمن احساس الشخص بالذات والهوية بالاعتماد على امور التنظيم والتزامات وارتباطات يشعر بها بعمق)( Blasi, 1993:201). فالأخلاق تفهم على كونها في قلب ما يعني ان يكون فردا ويتضمن هذا كيف يتصرف الشخص (طرائق تفكيرالشخص التي يتصف بها في الاحساس وتنظيم السلوك(Solomon,1992:44). تتبع هذه الافكار تقليدا وجوديا في الفلسفة الاخلاقية وعلم النفس الاخلاقي والتي افترضت بان الذات تمتلك بعدا ًخاصاً متجذراً في مركز كينونة الشخص وبعداً عاماً ظاهرا يظهر في توجهه في ان يكون صادقا مع ذاته في عمله لذلك فان بحوث الذات الاخلاقية ركزت على تفسيرين هي:

(1) كيف أن الاخلاق مستوطنة ذاتيا في احساس الشخص بالذات والذي نشير له بجانب “الامتلاك” من الذات الاخلاقية.

(2) كيف أن تلك الاخلاق التي اتخذت صفة ذاتية تؤثرفي قدرات تنظيم الذات المعرفية والوجدانية التي تحكم اتخاذ القرارات والسلوك، والتي اشرنا لها بجانب “العمل” للذات الاخلاقية(Singhapakdi,2001:55-68 ).

   أن جانب الامتلاك من الذات الاخلاقية المبني معرفيا واجتماعيا،أذ يحصل البناء الاجتماعي فيه من خلال الادوار و الممارسات والتفاعلات البينية بين الاشخاص ضمن سياق اخلاقي – اجتماعي حيث يكون الشخص فيه متضمنا في الاسرة والمجتمع الذي يعمل به ، ويحصل البناء المعرفي من خلال اعتقادات الفرد حول ذاته (اي، مفاهيم الذات والهويات) التي تنشأ من خلال التفاعلات الاجتماعية التي تعطي معنى لتجاربه او خبراته عندما تعتمد هذه الاعتقادات المبنية معرفيا واجتماعيا على الاخلاق، يتم فهم هذا الشخص على انه (يمتلك) ذاتاً اخلاقية( Hunter,2000:250).

 النظرية المفسرة لمفهوم نمو الانــــــــا:

نظرية لويفنجر  (Loevinger, 1966 ):

    لقد تحررت هذه النظرية من مبادئ  فرويد في الاحكام الخلقية ومبدأ العدل وذلك من خلال تأكيدها على نمو الانا وترى ان اكتمال نمو الانا لا يأتي في سن مبكرة (الخامسة او السادسة) من عمر الفرد وأنما يبقى في تطور حتى بعــد مرحلة المراهقـــة وسـن الرشد(فتحي , 1983: 29).واذا كان احد اهداف لويفنجر هو أشتقاق بنية لنمو الانا تكون قابلة للقياس ودراسة الفروق الفردية والعلاقات العمرية والارتباط مع مسارات النمو الاخرى(Hsuser, 1976:930) . فأن نظرية لويفنجر  تصيغ نمو الانا بسلسلة من المراحل السبعة المرتبة على شكل متواليات وثلاثة اطوار انتقالية وأن هذه المراحل هي غرار منظومة بياجيه حيث تتألف من نظام هرمي ثابت وأن كل مرحلة هي أكثر تعقيدا من المرحلة التي سبقتها.و مراحل النمو السبعة التي أكدتها نظرية لويفنجر تتمثل بالآتي:

1-المرحلة الأولى (ما قبل الاجتماعي و التكافلي):

    وتتمثل في طورين الاول الطور ما قبل اجتماعي أما طور الثاني فهو طور التكافلي ففي طور ما قبل الاجتماعي يمكن وصف الرضيع بأنه ينسى كل شيء ولكنه لا ينسى اشباع حاجاته الاساسية الفورية كما انه لا يميز بين الاشياء الجامدة الفاقدة للحياة في البيئة وبين الاشياء غير الجامدة في البيئة اما في الطور الثاني التكافلي فأن لدى الطفل أرتباط او اتصال بالأم (والأم البديلة) وبالتالي فهو يستغرق بين شخصية الأم عن بقية الاشخاص الموجودين في البيئة غير أنه ليست لدية القدرة على تمييز نفسه عن أمه(Hauser,1976: 925)  .

2 – المرحلة الثانية وتسمى (المرحلة الاندفاعية) :

  إذ يبدأ الطفل في هذه المرحلة بممارسة أرادته دون أن يستطيع التحكم في اندفاعاته بحيث تكون النزوات عوامل مهيمنة مسبقا على حياته وبالتالي فأن التحكم في هذه النزوات لايمكن الاعتماد عليه فضلا عن أن جميع الافراد المحيطين به هم مصدر عطاء له. و إن الأفعال

تعد أما جيدة (صالحة) أو غير جيدة (غير صالحة) لانه يتم من خلالها معاقبة الطفل او مكافئته عليها, وكذلك فان هنالك استحواذات شعورية تصاحب اشباع الحاجات الجسمانية , بما في ذلك الرغبات الجنسية والعدوانية, كما ان وجهة نظر الطفل للعالم تكون متمركزة حول ذاته, وان هذه المرحلة تميل الى الثنائية في تصنيف العالم مثلاً الخير والشر, الحق والباطل, النظافة والقذارة (Hause,1976:926).

3- المرحلة الثالثة وتسمى ( وقاية الذات):

    وتتمثل بوقاية الفرد لذاته من الاذى النفسي وذلك من خلال وجود قواعد يتم الامتثال اليها على وفق المصلحة الذاتية او المنفعة الفورية التي يحصل عليها ذلك الطفل فالعلاقات المتبادلة بين الافراد تتسم بكونها قائمة على الاستغلال والمناورة (التلاعب) و أن التأكيد على العلاقات غير المستقلة (الاتكالية) تكون اقل في هذه المرحلة مما هي عليه في المرحلة الاندفاعية أما الافكار الشعورية التي تستحوذ على تفكير الفرد تتعلق بالسيطرة من زج الفرد نفسه في المشكلات والهيمنة والخداع (Hauser, 1976:926).

 4- المرحلة الرابعة وتسمى ( المسايرة أو الامتثال):

    إن يبدأ الفرد في هذه المرحلة بأستدخال القواعد والتوحد مع مصادر السلطة وأن خضوعه للقواعد يكون بوصفها قواعد لا لشيء أخر وهكذا نجد أن لويفنجر ترى ان معظم الناس في وقت ما من مرحلة طفولتهم أو مراهقتهم ينتقلون الى هذه المرحلة وان استهجان الفرد والشعور بالخزي والعار لانتهاك هذه القواعد ما هي الا قضايا مهمة للأداء الوظيفي له عند هذا المستوى والعلاقات المتبادلة بين الافراد يتم مشاهدتها على وفق التصرفات والاحداث الواقعية وليس على وفق المشاعر والدوافع لهؤلاء الافراد كما ان الافكار الشعورية السائدة لدى الفرد في هذه المرحلة التي تتعلق بالمكانة والسمعة والمظهر (Westenberg ,et al, 1995:125)  .                                                              

5- المرحلة الخامسة وتسمى (الشعورية او مرحلة الوعي):

    أن القواعد الاخلاقية عدت مستدخلة في هذه المرحلة التي اطلق عليها البعض ايضاً مرحلة الضمير وذلك لان القواعد الداخلية قد نالت الاسبقية على تلك القواعد التي تتولد وتتعزز بفعل ضغوط الاقران والسلطة أما الجزاء (العقوبة) لانتهاك هذه القواعد فيتمثل بوخز الضمير كما ان العلاقات المتبادلة بين الافراد تكون على وفق منظور المشاعر والدوافع وليس من منظور التصرفات كما أن هذه المرحلة تشهد بأن اهتمام الفرد ينصب على إحساساته الداخلية وما يراه من معايير بحيث تمتد هذه الاحساسات حتى تشمل كل ما يشعر بهالفردمثل(Ideals)،وسمات(Triats)،وأنجازات(Achievements)،والتزامات(Obligations)،كذلك فأن السلوك الشخصي يكون نتيجة للدوافع الطبيعية وليست للضغوط الخارجية وبالتالي فأن لدى الفرد القدرة الأكبر على رؤية المشكلات من زاويا عديدة كذلك فأن انتقاد الذات هو ما يميز هذه المرحلة عندما يرتكب الفرد الأخطاء(Haunser, 1976:927-928) .

6- المرحلة السادسة وتسمى ( الاستقلالية):

    أن القضية الرئيسة في هذه المرحلة تتعلق بالقدرة الاكبر على التعامل مع الصراعات الداخلية والحاجات المتضاربة والصراعات بين الحاجات والمثل والادراكات المتضاربة وهكذا نجد ان هذه الصراعات وجدت في المراحل المبكرة الا انه يتم مواجهتها في هذه المرحلة بشكل اكبر ومباشر بحيث يتم التعامل معها بشكل متوازن اكثر مما كان التعامل معها في المراحل السابقة كذلك فأنه الى جانب الوعي الاكبر بالصراع الداخلي يأتي التحمل المتزايد لاختيارات الاخرين و حلولهم و لا توجد الإدانة الخلقية كما هو الحال لدى المراحل المبكرة ، كما ان العلاقات المتبادلة بين الافراد تتميز باعترافها بالاعتماد المتبادل المشترك بين الافراد مع حاجة الشخص و سعيه من اجل الاستقلال ، فالشخص في هذه المرحلة يرى الحاجة الى الاخرين لكي يتعلم من أخطائهم و تتركز هذه الأفكار الشعورية المستحوذة على تفكير الفرد في كثير من الأحيان بالدروس (العبر) المؤثرة على الخيارات و تمايز الدور او الفردية(Individuality)وعلى أشباع الذات(ٍSelf-Fulfillment) Hauser, 1976:929)). 

7-المرحلة السابعة وتسمى ( التكاملية):

     وهي أرقى المراحل حيث يبدأ الشخص بتجاوز التعامل مع الصراعات لتوفيق وتسوية المطالب المتضاربة وبالضرورة نكران ما لا يمكن احرازه                                                                                 (Hauser, 1976: 932). وكذلك هناك بقاء للفروق الفردية. وفي هذا الصدد أشارت لويفنجر الى أن معظم الجماعات الاجتماعية لا تملك الا (1%) من الاشخاص الذين لهم القدرة على ان يصلوا الى المرحلة التكاملية(Loevinger & Wessler , 1970: 6) . اما الاطوار الانتقالية الثلاثة فيتمثل الطور الانتقالي الأول فيها من خلال انتقال الفرد من مرحلة وقاية الذات الى مرحلة المسايرة ,ويشير هوب (Hoppe) ان القاعدة النظرية لهذا الطور الانتقالي غير واضحة, وكما هو الحال لدى مراحل انتقالية أخرى لذا فقد تم التوصل اليها بالعمل الامبريقي, فهي ليست مقعدة بشكل يكفي لتلقي التقدير اعلى وهي ليست نزوية او اندفاعية بما يكفي لضمان التقدير الاوطأ للمرحلة الثالثة (Delta)( Westenberget al, 1995,:125). كما يتمثل الطور الانتقالي الثاني عند الانتقال من المرحلة الامتثالية الى مرحلة الشعورية ,ويعني ذلك ان هنالك اعتراف لبدء البزوغ بأن الطرق الصحيحة (Right Ways) قد ترتبط بالسياق او المحيط (Contact) الذي يجد الفرد نفسه فيه  فهذا الطور يشهد بداية لفهم السبب النفسي والشعور او الوعي بالذات(Self-Awareness) وانتقاد الذات (Self-Criticissm),   (Hauser,1976:931) .

منهجية البحث Methodology of Research :

    لقد اعتمد الباحثان في البحث الحالي على المنهج الوصفي Research) (Descriptive, الذي يُركز على وصف الظاهرة, ولا يقف البحث الوصفي عند حدود وصف الظاهرة وإنما يذهب إلى ابعد من ذلك فيُفسر و يُحلل ويُقارن ويقوّم بقِصد الوصول إلى تقويمات ذات هدف ومعنى , والتبصر بتلك الظاهرة (حسن, 2017, ص 88).

    ويأخذ المنهج الوصفي عدة أنواع من الدراسات منها: الدراسات الارتباطية والتي تـُعد أسلوب من ألاساليب التطبيقيه, إذ تحاول البحوث الارتباطية دراسة العلاقة الممكنة بين المتغيرات واكتشاف ووصف قوة الارتباط بين المتغيرات المختلفة ( Krech et al.,1974, p. 33).

 مجتمع البحث Research Community :

   يتألف مجـتمع البـحث الحـالـي من طلبة  معاهد الفنون الجميلة للدراسة الصباحية من (الذكـور – الانـاث) للعام الدراسي (2018-2019) ،أذ بــلــغ عــــددهم الكلي (751) طالـب وطالـبة التابعين للمديرية العامـة لتربيـة النجف / قسم االاعداد والتدريب والتطوير التربوي ، ومــوزعـين حسب الجنس بواقع  (394) طالــب و (357) طالـبة، أذ قام الباحثان بأختيار أجراء الدراسه  التي تستند على قواعد خاصة لكي تمـــثل المجتمع الحقيقي تَــمثيـــلا صحيحـــــاً لـــقد اخـــتيرت عينة الدراســة الحــالية بالطريقة العشوائية الطبقية ذات التوزيع المتساوي، وقد بلغت العينة (400) طالــب وطالـــبة، أذ توزعت العينة ، بواقــــع (200) ذكــر و(200) أنــثى.

 أداتا البحث Research Tools :

أولاً: الذات الأخلاقية Moral Self scale:

   ومن خلال اطلاع الباحثان على الدراسات والبحوث السابقة ومراجعة الأدبيات النفسية التي تناولت الذات الأخلاقية ، أذ قام البـاحثان ببنـــاء مقياس الذات الأخلاقية ، أذ سيشــيرالى البحث في مضمونه النفسي في النظرية المتبـناة للذات الأخلاقية لــ(بلاسي)Blasi,1993)) ، ويتوافـــق في الوقت ذاتـــه مع متطلبات طبيعــةالمجتمع العراقي ومن خلال الاعتماد على نظرية الذات الأخلاقية ، قام الباحثان باستشارة بعض الأساتذة المتخصصين بأجراء التطابق بين ما يحتويه المقياس من فقرات ومعايير إذ يتكون المقياس من (34) فقرة ،وتتم االاجابة عنها وفق طريقة ليكرت Lekert ذات التدرج الخماسي, وللتحقق من صالحية فقرات المقياس يشير أيبل ( Ebel ) إلى أن أفضل وسيلة للتأكد من صالحية الفقرات هي قيام عدد من الخبراء المتخصصين بتقريرصالحيتها لقياس الصفة التي وضعت من أجلها Ebel, 1972: 555)).ولغرض تحقيق ذلك فقد عرضت الفقرات بصيغتها التمهيدية وعددها (34) فقرة موزعة بحسب الأبعاد على عدد من المحكمين المتخصصين في ميدان علم النفس الإصدار أحكامهم على مدى صالحيتها, وقد نالت جميع الفقرات قبول المحكمين عليها مع اجراء بعض التعديلات اللغوية عليها.

أجراء تحليل الفقرات:

    من أجل حساب القوة التمييزية لكل فقرِة من فقرات مقياس الذات الأخلاقية ، قام الباحثان بتطبيق المقياس على عينة التحليل وهي نفس عينة التطبيق والبالغة (400) طالب طالبة ،إذ تم سحبهم بصورة عشوائية وحساب الدرجة الكلية لكل استمارة، التي تراوحت ما بين أعلى درجة يمكن أن يحصل عليها المستجيب على المقياس (79) وبين أقل درجة هي (صفر)، بعدها تم ترتيب الدرجات تنازلية وتم اختيار نسبة (27%) المجموعة العليا وكان حدود الدرجات فيها من ( 145-153 ) ، واختيار نسبة (%27) المجموعة الدنيا وكان حدود الدرجات فيها من ( 125-137)، وهكذا فأن نسبة 27% العليا والدنيا من الدرجات تمثل أفضل نسبة يمكن أخذها في تحليل الفقرات، وذلك لأنها تقدم لنا مجموعتين بأقصى ما يمكن من حجم وتمايز، حينما يكون توزيع الدرجات على المقياس على صورة منحنی التوزيع الاعتدالي (الزوبعي وآخرون، 1981، 74).

    وبعد استخراج الوسط الحسابي والتباين للمجموعتين العليا والدنيا، قام الباحثان بتطبيق الاختبار التائي .T) Test) لعينتين مستقلتين لاختبار دلالة الفروق بين أوساط المجموعتين ، وكذلك قام الباحثان بأجراء أخر لتحليل فقرات المقياس بطريقة الاتساق الداخلي اي علاقة درجة الفقرة بالدرجة الكلية للمقياس, وتم استخراج العلاقة الارتباطية بين درجة كل فقرة من فقرات المقياس والدرجة الكلية وأظهرت النتائج أن غالبية معاملات الارتباط تم قبولها اعتمادا على معيار ننللي ( 1994 ,Nunnally) الذي أشار إلى أن قبول الفقرة يتحدد إذا حصل الباحثان على معامل ارتباط الفقرة مع الدرجة الكلية على (  0,20) فأعلى ، كذلك تبين للباحثان أن جميع معاملات الارتباط دالة إحصائية عند اختبارها بالقيمة الجدولية  ( 0,05)ودرجة حرية (398). وفي ضوء ذلك أصبحت جميع الفقرات المقياس مميزة عند مقارنتها بمعيار ثنللي( 0,20) فأكثر. 

ثانياً: نمــو الانــاdevelopment scal  Ego: 

   لغرض تحقيق أهداف البحث قام الباحثان ببناء مقياس نمــو الانــا من خلال الاعتمــاد على النظرية المتبناة والتعريف الخاص بنمــو الانــا في نظرية لويفنجر (Loevinger)، بهدف قــــياس نمو الانـــــا, والاطــــلاع على مجموعــة من الدراســــات والادبيات العلمية السابقـــة، يتكون المقياس في صورته النهائية من (25) فقرة في ضوء النظرية المتبناة والتعريف النظري لنمو الانا ،وللتأكد من صلاحية فقرات المقياس ولغرض تحقيق ذلك فقد عرضت الفقرات بصيغتها التمهيدية وعددها (25) فقرة موزعة بحسب الأبعاد على عدد من المحكمين المتخصصين في ميدان علم النفس ونالت جميع فقرات المقياس موافقة المحكمين.

إجراءات تحليل الفقرات: لحساب القوة التمييزية لكل فقرة من فقرات مقياس نمو الانا ، قام الباحثان بتطبيق المقياس على عينة التحليل البالغة (400) طالب وطالبة تم سحبهم بالطريقة العشوائية وهي العينة نفسها التي استخدمها الباحثان لتحليل مقياس نمو الانا، وبعد تصحيح استجابات المفحوصين وحساب الدرجة الكلية لكل استمارة تم ترتيب الدرجات تنازلية ابتداء من أعلى درجة وانتهاء بأدنى درجة، ومن ثم تم اختيار نسبة (%27) المجموعة العليا واختيار نسبة (%27) المجموعة الدنيا، وبعد استخراج الوسط الحسابي والتباين لكلا المجموعتين، قام الباحثان بتطبيق الاختبار التائي لعينتين مستقلتين لاختبار دلالة الفروق بين أوساط المجموعتين ، ولقد اظهرت أن جميع الفقرات مميزة عند مقارنتها بالقيمة الجدولية 96، 1 عند مستوى دلالة (05, 0) ودرجة حرية (214). وبعدها استعمل الباحثان طريقة الاتساق الداخلي للمقياس(علاقة درجة الفقرة بالدرجة الكلية) اذ تمثل الدرجة الكلية للمقياس بمثابة قياسات محكية آنبية Imrniedliate Criterion Measures ولاستخراج العلاقة الأرتباطية بين درجة كل فقرة من فقرات المقياس والدرجة الكلية  وهي الاستمارات ذاتها التي خضعت لتحليل الفقرات في ضوء المجموعتين المتطرفتين وأظهرت النتائج أن جميع معاملات الارتباط تم قبولها اعتمادا على معيارننللي( Nunnally,1994)الذي أشار إلى قبول الفقرة يتحدد أذا حصل الباحثان على معامل ارتباط الفقرة مع الدرجة الكلية  على ( 0,20 ) فأعلى، كذلك تبين للباحثان ان جميع معاملات الارتباط دالة احصائيا عند مستوى (0,05) اذان جميع الفقرات مميزة عند مقارنتها بمعيار تنللي (0,20) فأكثر، واختبارها بالقيمة الجدولية  (1,96) عند مستوى دلالة (05, 0) ودرجة حرية (398).ولتحقق من ذلك تم ایجاد (الاتساق الداخلي) وتم التحقق من ذلك من خلال استعمال معامل ارتباط بيرسون لإيجاد العلاقة بين درجات الأفراد على كل عامل ودرجة العوامل الأخرى والدرجة الكلية للمقياس، وهي تقيس تجانس عوامل المقياس وتساعد على تحديد مجال السلوك المراد قياسه( 1976:155 ,Anastasi). ولتحقيق ذلك اعتمد الباحثان (200) استمارة، وأشارت النتائج إلى أن معاملات ارتباط درجة كل عامل بدرجة العوامل الأخرى والدرجة الكلية دالة إحصائية عند مستوى ( 0,50) ودرجة حرية (398).وبذلك أصبح المقياس بعد استعمال الإجراءين السابقين مكون من (25) فقرة موجهة لقياس نمو الانا.

الصدق Validity: صدق المقياس أذ يشير أوبنهايم Oppenheim إلى أن الصدق يدل على قياس الفقرات لما يفترض أن تقيسه وبهذا الصدد استعمل الباحثان عدة مؤشرات لايجاد صدق الأداتين, الصدق الظاهري وقد تحقق هذا النوع من الصدق لكلا الأداتين وذلك عندما عرضت فقراتهما على مجموعة من المحكمين المتخصصين في ميدان علم النفس والطب النفسي, إذ تكون الفقرة صالحة للقياس إذا كانت نسبة الموافقة عليها( 80 % )فأكثر، وقالت جميع فقرات المقياسين موافقة المحكمين. وتم الحصول على مؤشر صدق البناء الذي يعد أكثر أنواع الصدق قبولاً، إذ يرى عدد كبير من المختصين أنه يتفق مع جوهر مفهوم أيبل، Ebel للصدق من حيث تشبع المقياس بالمعنى العام (الأمام، 1990، ص 131)، ويتحقق هذا النوع من الصدق، حينما يكون لدينا معیار نقرر على أساسه أن المقياس قیس بناء نظريا محددة، وقد توفر هذا النوع من الصدق في المقياسين من خلال المؤشرات التالية التي استعملها الباحثان وهما :

1) اسلوب المجموعتين المتطرفتين.

 2) ارتباط درجة الفقرة بالدرجة الكلية للمجال للمقياس.

 3) علاقة درجة المجال بالمجالات الأخرى والدرجة الكلية للمقياس.

 مؤشرات الثبات Reliability : وفيما يتعلق بثبات المقياس يعني دقة المقياس، وأنه يعرف إحصائية بنسبة التباين الحقيقي إلى التباين الكلي، أو مريع معامل الارتباط بين العلامات الحقيقية والعلامات الظاهرية (عودة، 2005: 429). قام الباحثان باستخراج مؤشرات ثبات الأداتين بطريقتي (إعادة تطبيق الاختبار ( Test Retest – و (الفاكرونباخ) , اذ قام الباحثان بتطبيق المقياسين على عينة مكونة من (40) طالبا وطالبة، وبعد مرور اسبوعين من التطبيق الأول للمقياسين قام الباحثان بإعادة تطبيق المقياسين ذاته مرة أخرى وعلى العينة ذاتها، وظهر أن قيمة معامل الثيات المقياس الذات الاخلاقية (0.83)في حين بلغ معامل الثبات لمقياس نمو الانا بهذه الطريقة ( 0.78 ). وقد غدت هذه القيم مؤشرا على استقرار استجابات الأفراد على مقياسي الذات الأخلاقية و نمو الانا ، وبلغت درجة ثبات مقياس الذات الاخلاقية وفق طريقة الفاكرونباخ (الاتساق الداخلي) ( 0.78) وهو ثبات جيد إحصائية, وبلغ ثبات مقياس نمو الانا وفق طريقة الفاكرونباخ (الاتساق الداخلي) (0.78)وهو ثبات جيد إحصائية, وبلغ ثبات مقياس نمو الانا وفق طريقة القاكرونباخ (0.74)ويعد ثبات المقياسين جيد عند مقارنتهما بمعيار القاكرونباخ للثبات الذي يشير إلى أنه إذا كان معامل الارتباط بين التطبيق الأول والثاني ( 0.70) فأكثر، فأن ذلك يعد مؤشرا جيدة لثبات الاختبار (عيسوي، 1985: 58), واصبح مقياس الذات الاخلاقية بصورته النهائية مكون من (34) فقرة موجهة لقياس الذات الاخلاقية, واصبح مقياس نمو الانا بصورته النهائية مكون من (25) فقرة موجه لقياس نمو الانا يستجيب في ضوئهما المفحوصين على اساس أربعة بدائل للاجابة تنطبق بدرجة كبيرة, تنطبق إلى حد ما. تتطبق بدرجة متوسطة, تنطبق, لا تنطبق علي، وقد قام الباحثان بإستعمال الحقيبة الإحصائية للعلوم الاجتماعية أو ما يسمى اختصاراً  (SPSS)وعدت قيم المؤشرات الإحصائية لمقياسي الذات الأخلاقية و نمو الانا ، نجد أن تلك المؤشرات تتسق مع معظم مؤشرات المقاييس العلمية، إذ تقترب الدرجات وتكراراتها نسبياً من التوزيع الاعتدالي.

 النتائج والتوصيات:

أولاً: الذات الاخلاقية لدى طلبة معهد الفنون الجميلة :.

    بعد تطبيق مقياس الذات الاخلاقية على عينة البحث من طلبة معهد الفنون الجميلة (ذكور – أناث)البالغة (400) طالبا وطالبة، ظهرت نتائج التحليل الاحصائي أن المتوسط الحسابي لدرجات عينة البحث على مقياس الذات الاخلاقية قد بلغ (121,910) درجة, وبانحراف معياري قدره (5,667) درجة، أما المتوسط الفرضي بلغ (85) درجة, ولغرض معرفة دلالة الفرق بينهما تم استعمال الاختبار التائي لعينة واحدة, إذ بلغت القيمة التائية المحسوبة ( 130,258) درجة، وهي أعلى عند مقايستها مع القيمة الجدولية (1,96)عند مستوى دلالة (0,05),وبدرجة حرية (398) , ويشير هذا الى إن عينة البحث تتمتع بذات أخلاقية عالية، والجـدول يوضح ذلك:-

المتوســط الحسابي والانحراف المعياري والمتوسط الفرضـي والقيمة التائية المحسوبـة والجدولية لمقياس الذات الاخلاقية

وأتفقت هذه النتيجة مع دراسة مونين وجوردن(Jordan & Monin,2008 ) التي أشارت نتائجها الى أن الناس يسعون للحفاظ على تعزيز مفهومهم الذاتي الإيجابي.من خلال استخدام  النزعات التحفيزية بقوة في مجال الذاتي الأخلاقي ، (Jordan & Monin,2008: 683-689). و دراسة الشيخ ( ١٩٨٥ )التي توصلت الى ان المراهقين و الراشدين يتمتعون بالحكم الاخلاقي (الشيخ,1985 ،95)،ودراسة الدراجي(2015)التي توصلت الى ان أفراد عينة الدراسة فظهرلديهم التزام اخلاقي(الدراجي,2015: 115) ،ودراسة البياتي(2015) التي توصلت الى ان أفراد العينة يتمتعون بالهوية الاخلاقية (البياتي ,  2015: 130).  

وفي ضوء هذا يرى الباحثان أن عينة البحث التي ظهر لديها ذات اخلاقية عالية, و تبدو هذه النتيجة منطقية كما أشارت لذلك نظرية بلاسي(الذات الاخلاقية)، فأفراد عينة الدراسة هم من طلبة معهد الفنون الجميلـة الذين يتمتعون بالوعي وإدراك الأشياء المحيطة بهم من خلال التفكير بها وتوليد افكار جديدة وبدائل متعددة,و محررة من القيود وحالات الكبت والاحباط والخوف من الفشل، ويمتلك الأفراد ضبطا داخلياً لسلوكهم الأخلاقي الذي يؤهلهم لان يكونوا أكثر مسؤولية واتساقاً ووضوحاً في هذه المرحلة، ،أذ يرى الباحثان أكوينو وريد Aquino&  Reed, 2002)) إنّ الناس يمتلكون مخططاً معرفياً للذات الأخلاقية والتي تكون منظمة عن مجموعة من السمات الأخلاقية التي ترتبط بمواضيع محددة أو مواقف معينة . فالأنموذج المعرفي الاجتماعي للذات الأخلاقية يرى أن فعالية العقل تمثل أمراً حاسماً في معالجة المعلومات الاجتماعية ومن ثم توفر مبادئ توجيهية للعمل أو التصرف، وهذه التمثيلات العقلية تشمل (المواقف الاجتماعية وتمثيل الذات والأحداث المدركة والأهداف الشخصية والمعتقدات والتوقعات ومعرفة البدائل السلوكية والمهمات الإستراتيجية) وإنّ أساس مفهوم الهوية قائم على أساس المخطط الأخلاقي الذاتي الذي يمكن أن يصبح أكثر وأقل فعالية في بعض المواقف المختلفة (Aquino & Reed, 2002) .

ثانياً:الفروق في الذات الاخلاقية وفقاً لجنـس(ذكــور- أنــاث ) :.

      تم معالجة البيانات احصائيا باستـعمال الاختبارالتــائي(T- test)لعينتين مستقلــتين, أذ بلغت القيمة التائية المحسوبة (3,915) وهي أعلى عند مقايستها مع القيمة  الجدولية (1,96) عند مستوى دلالة (0,05), ودرجة حرية ( 398 )، أذ بلغت درجة الوسط الحسابي عند الذكور (120,820) وبإنحراف معياري (5,733)، فيما بلغت درجة الوسط الحسابي عند الاناث(123,000),بأنحراف معياري (5,397), تبين انه توجد فروق ذات دلالة احصائية في الذات الاخلاقية لصالح الاناث على وفق الجنس عند مستوى دلالة (0,05), وتشير هذه النتيجة إن الإناث يمتلكن ذات أخلاقية أعلى من الذكور, والجــدول يوضــح ذلك:ـ

الاختبار التــائي(t- test)لعيـنتين مستقلــتين للتعرف على دلالة الفروق في الذات الاخلاقية على وفق الجنس لدى طلبة معهد الفنون الجميلة

     أتفقت هذه النتيجة  مع دراسة امين (Ameen,1969) (Ameen,1969: 591–597) و دراسة  اوزدوكان وايسر (Ozdogan & Eser:2007) أن الاناث يمتلكن ذات اخلاقية أعلـى من الذكور(Ozdogan & Eser,2007:83-99) ، وكذلك مع دراسة كل من كندلون وثمبسون (Thompson,2002 &Kindlon) التي أشارت نتائجها في أن اكتساب الفضائل

الأخلاقية وغرسها وتنمية المبادئ الأخلاقية لدى الأبناءمن خلال دور التنشئة الاجتماعية داخل الاسرة( Kindlon & Thompson,2002:232-240) .

      يرى الباحثان أن هذه النتيجة منطقــية , إذ إن طبيعة المجتمع العراقي بشكل عام ، يعطي الحرية للذكور أكثرمن الإناث, من خلال فرض الكثير من القيودعلى سلوك الإناث, مع منح الذكور مزيداً من الحرية عن طريق ممارستهم كثيراً من أنماط السلوك السلبية, وأن ما يعزز ذلك غياب الرقابة الأسرية عند الأبناء (الذكور) لكونهم يمارسون حريتهم خارج نطاق الأسرة. بينما يكون بقاء الأنثى في البيت لفترة زمنية طويلة,أذ يجعل الأمهات يستفدن ويستثمرن هذا الوقت في توضيح وتنشئة بناتهن على الفضائل الأخلاقية.

ثالثاً: نمـو الانـــا لدى طلبة معهد الفنون الجميلة.

     بعد تطبيق مقياس نمــو الانــا على عينة البحث من طلبة معهد الفنون الجميلة(ذكور- أناث) البالغة (400) طالبا وطالبة ،ظهرت نتائج التحليل الاحصائي أن المتوسط الحسابي لدرجات عينة البحث على مقياس نمــو الانا قد بلغ (85,162) درجة, وبانحراف معياري قدره(37,6717) درجة، أما المتوسط الفرضي بلغ (62,5) درجة, ولغرض معرفة دلالة الفرق بينهما تم أستـخدام الاختبار التائي لعينة واحدة, إذ بلغت القيمة التائية المحسوبة (12,0316) درجة، وهي أعلى عند مقايستها مع القيمة الجدولية (1,96) عند مستوى دلالة (0,05),وبدرجة حرية (399) , ويشير هذا الى إن عينة البحث تتمتع بنمو الاناعالي، والجدول يوضح ذلك:-

المتوســط الحسابي والانحراف المعياري والمتوسط الفرضـي والقيمة التائية المحسوبـة والجدولية لمقياس نمو الانا

      أذ أتفقت هذه النتيجة مع دراسة جنيس (Janis,1960)ان  الاشخاص من ذوي الدرجات المرتفعه في مقياس نمو الانا الذین هم یتصفون بقدر من التحكم في الذات ویستطيعون استخدام مهاراتهم و قدراتهم الى اقصى حد ممكن وكذلك یستطیعون  مواجهه الضغوط التي یتعرضون لها سواء كانت ضغوط داخليه او خارجيه ، أذ ان الاشخاص من ذوي الدرجات المنخفضه في مقياس نمو الانا یتمیزون بنقص الضبط في قدراتهم وذواتهم وعدم كفائتهم  في التعامل مع البیئه الاجتماعیه و المادیه، حيث تزداد مشاعرالاثم و الذنب وقلة التقدیر لذواتهم (Janis,1969:366) ، وأتفقت هــذه النتيجة أيضاً مع دراسة التميمي (2010)في مستويات التعليم المختلفة فأفراد العينة غيرالمتعلمين لديهم نمو أنا أقل من المتعلمين(التميمي,2010: 118).

    يـرى الباحثان ان تفسير هذه النتيجة أن الشخص الذي يتصف بنمو الانا العالي يستطيع التعبير عما بداخله بشكل إيجابي ، ويستجيب الى المواقف و الاحداث بأسلوب يتصف بالمرونه وعدم الاندفاع، او المغالاة في الاستجابة لها ويتصف سلوكه بالتوافق مع محيطه المادي و الاجتماعي ،ولديه القدرة في ضبط أنفعالاته و القوة في مواجهة التحديات.

رابعاً: الفروق في نمـو الانـــا وفقاً للجنـس(ذكــور- أنــاث  ) :.

       تمت معالجة البيانات احصائيا باستعمال الاختبار التــائي(T- test)لعينـتين مستقلتين لنمو الانا فلقد بلغت القيمة التائية المحسوبة( 3,292) وهي أعلى عند مقارنة تلك القيمة التائية بالقيمة الجدولية البالغة (1,96) ,عند مستوى دلالة (0,05), ودرجة حرية ( 398 )، أذ بلغ الوسط الحسابي لدى الذكور (84,550) وبإنحراف معياري (3,877)، فيما بلغت درجة الوسط الحسابي عند الاناث(85,775),بأنحراف معياري (3,559), تبين انه توجد فروق ذات دلالة احصائية في نمو الانا لصالح الاناث وفقاً للجنس عند مستوى دلالة (0,05), وتشير هذه النتيجة إن الإناث يمتلكن نموالانا أعلى من الذكور، والجدول يوضح ذلك:

الاختبارالتــائي (t- test)لعينـتين مستقلـتين للتعرف على دلالة الفروق في نمـو الانا على وفق الجنس لدى طلبة معهد الفنون الجميلة

     أذ أتفقت هذه النتيجة مع دراسة ليفرتوف (Levertov,1984) التي أشارت في نتائجها الى وجود فروق ذات دلالة احصائية لمتغير نمو الانا بين درجات الذكور والإناث. وكانت الإناث أعلى من الذكور ، أذ سجلت الإناث درجات أعلى بشكل ملحوظ في أختبار نمو الانا ، وكانت العلاقة بين تطور الذات الأخلاقي ونمو الأنا أقوى بالنسبة للإناث من الذكور(Levertov,1984:101-120), وتوصلت أيضاً دراسة الفيرنو (Alverno,2002) أن الاناث حصلت على درجات عالية في نمو الأنا, وكذلك دراسة (Rogers& et al,2001: 302-305), و دراسة مينت كوستي  وأخرون  (2000,et al& Mentkowski) التي توصلت الى النتيجة نفسها(Mentkowski & et al,2000:345-349) ودراسة الدراجي(2015) التي أشارت نتائجها الى وجود فرق دال احصائياً في نمو الانا ولصالح الاناث (الدراجي، 2015: 120)، وداسة لويفنجر واخرون(Loevinger et at,1985) (Loevinger et at,1985:325-331). ومع نتائج دراسة كارفان(Garvan,1984)(Garvan,1984:1342-1343). ودراسة بيبودي (Peabody,1989) (Peabody,1989:1604) التي أشارت الى ان الاناث يتمتعن بنمو الاناالعالي.

   ويمكن تفسير هذه النتيجة التي تشير الى ان الاناث يتمتعن بنمو الانا عالي و هذا يؤكد كلام لويفنجر (Loevinger)الى ان الاناث لديهن القدرة على التفاعل الاجتماعي مع الاخرين ،وكذلك يتصفن بالقدرة على رؤية المشكلات من زوايا عديدة ،و أيضأ الاهتمام الواسع بالإنجازات و الغايات الشخصية البعيدة الاجل فيما يتعلق بالمستقبل، مما يساعدهن على تطور منظورهن الزمني و الفهم الاوسع لكل مايحيط بهن (Hauser,1979:932).

  خامساً: العلاقــة الارتباطـية بين الذات الاخلاقية ونمـو الانـــا لدى طلبة معهد الفنون الجميلـة.

      تحقيقاً لهذا الهدف تم حساب معامل ارتباط بيرسون بين الدرجة الكلية لأفراد العينة على مقياس الذات الاخلاقية ومقياس نمو الانا أذ بلغـت قيمة معامل ارتباط بيرسون المحسوبة بينهما(0,074) وهو معامل ارتباط ضعيف عند مقارنته مع قيمة بيرسون الجدولية (0,098) ودرجة حرية (398) و مستوى دلالة (0,05) ,مما يشير الى وجود علاقة غير دالة بين الذات الاخلاقية ونمو الانا .لقد أتفقـت هذه النتيجة مع دراسة ليفرتوف (Levertov,1984) أذ كشفت النـتائج عن عدم وجود العلاقة بين تطور الذات الأخلاقي و نمو الأنا ، تم التحكم في تأثيرات التطور الاخلاقي العام من خلال اختيار الأشخاص المؤهلين على التفكير بالعمليات بشكل منهجي، وكان من بين المشاركين من طلبة الجامعة و طلاب المدارس الثانوية وكانت أعدادهم متساوية ،وأشارت النتائج إلى وجود علاقة ارتباطية موجبة بين تطور الذات الأخلاقية ونمو الانا في عينة طلبة الجامعة من الذكور والإناث ، بينما لا توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين تطور الذات الأخلاقي و نمو الأنا في المدارس الثانوية بين الذكور والاناث، لان مراحل تطور الذات الأخلاقي قد حققت أدنى مستوى في الضمير لديهم ، وأن التطور الأخلاقي وبناء الضمير متصلان فيما بينهما ويعملان معاً في سبيل تطور الذات الأخلاقية (Levertov,1984:101-120).

      لقد أكد (كولبرج )أن ليس كل الأشخاص ممكن أن يكون لديهم تطور في الذات الأخلاقية أذ قد يكون سلوكهم أخلاقياً بدون ان يكون هناك وعي ومعرفة لأخلاقهم, لانهم يفعلون السلوك الصحيح من اجل الحصول على المقبولية من قبل الاخرين،أومن خلال الحصول على مكافأة وتجنب العقاب, وليس وفق ما يمليه عليهم الضمير, وبما يتفق مع القواعد والمبادئ الأخلاقية التي يعتنقها الشخص والتي تظهر من داخله عن اقتناع ذاتي وتتصف هذه المبادئ الاخلاقية بانها مجردة وليست مبادئ اخلاقية مادية،ويرى أيضاً الاسبقية في بناء شخصية الفرد في مرحلة البلوغ تكون الى التطور الاخلاقي وليس لنمو الانا (Snarey, Kohlberg & Noam, 1983:303-338).

التوصيات Recommendations :  

 وفي ضوء ما أفرزه البحث الحالي من نتائج يمكن للباحثان أن يوصيان بالآتي:ـ 

1- العمل على تعزيز دور القائمين على التنشئة الاجتماعية بتوفير الأجواء المناسبة للسلوك الاخلاقي .

2 -الاستفادة مما وفرتهُ الدراسة الحالية من أدوات بهدف التعرف والعمل على تكوين الاتجاهات الايجابية في المجتمع .

3-ـــتضمين المناهج الدراسية مهارات السلوك الأخلاقي لتعزيز المفاهيم و القيم الأخلاقية.

المقترحات Suggestions:  

   وفي ضوء نتائج البحث الحالي يقترح الباحثان الآتي من دراسات :-

 1ـ تتناول متغيرات البحث الحالي وعلاقتها بمتغيرات أخرى  كالخداع الذات, والتنظيم الذاتي, ونسق المعتقدات الديني والسياسي.

2ـــ مماثلة للبحث الحالي لمعرفة فيما إذا كان هنالك فروق بين المراحل الدراسية الأولى والمنتهية من حيث علاقة الذات الاخلاقية بنمو الانا.

3ــــ للتعرف على العلاقة الارتباطــية بين اساليب المعاملة الوالدية والذات الاخلاقية.

المراجع

المصادر العربية:

•        آل هاشم, غادة علي هادي جعفر .(2012). أثر التهجير القسري في الاحكام الخلقية والنفسية لدى الأطفال والمراهقين. اطروحة دكتوراه غير منشورة, جامعة بغداد, كلية التربية (ابن رشد) .

•        الأمام، مصطفى محمود وآخرون, التقويم النفسي, جامعة بغداد، مطبعة التعليم العالي,1990.

•        البياتي،نجاح حاتم حسون(2015)،التنظيم العاطفي و الهوية الأخلاقية وعلاقتهما بالتفكير النفعي لدى معلمات الرحلة الابتدائية، أطروحة دكتوراه عير منشورة ،بن رشد ، جامعة بغداد.

•        التميمي ، علي صالح ( 2010 ). قوة الأنا وعلاقتها بمفهوم الذات الجسمية لدى لاعبي منتخبات جامعة الموصل ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية التربية ، جامعة الموصل ، العراق

•        حاج آمين،عبد الحميد حسن(1999)،اثر التعزيز الاجتماعي وسلوك الانموذج في تشكيل السلوك الخلقي عند الأطفال ، أطروحة دكتوراه غير منشورة كلية الآداب، جامعة بغداد.

•        الحياني، عاصم محمود (2004)،الإرشاد التربوي النفسي وأثره على المشكلات الانفعالية لطالبات كلية المعلمين، مجلة السائل، جامعة 7 أكتوبر، ليبيا.

•        داوود ، عزيز حنا وعبد الرحمن ، أنور حسين ، (1990) مناهج البحث التربوي ،  بغداد ،  وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، جامعة بغداد .

•        الدراجي،زينب صبري حاتم (2015)،المسؤولية الارشادية والالتزام الأخلاقي وعلاقتهما بالاحكام التلقائية عن الذات لدى المرشدين التربويين،أطروحة دكتوراه غير منشورة،كلية التربية بن رشد،جامعة بغداد.

•        الزغيبي، خالد (2013)،الأنتهاك الأخلاقي والتبرير وعلاقتهما بالهوية الأخلاقية، إطروحة دكتوراه غير منشورة ، جامعة بغداد/ كلية الآداب.

•        شلتز، د اون(1983)،نظريات الشخصية ،ترجمة الكربولي وآخرون ،مطبعة بغداد.

•        الشيخ, سلمان الخضري(1982). البحوث النفسية في التفكير الخلقي, حولية كلية التربية ،جامعة القاهرة, القاهرة, العدد 1.

•        صالح,قاسم،حسين(1988).التفكير الاظطهادي وعلاقة بأبعاد الشخصية,اطروحة دكتوراة غير منشورة).كلية الاداب,جامعة بغداد .

•        عساف، صالح حمد (2002)، المدخل الى البحث في العلوم السلوكية ، مكتبة العبيكان ، الرياض .

•        عيسوي،عبد الرحمن(1976)، النمو الروحي والخلقي، الهيئة المصرية للكتاب، الإسكندرية.

•        فتحي , محمد رفقي محمد.(1983) ,في النمو الأخلاقي, النظرية , البحث , التطبيق , دار القلم , جامعة الكويت.

•        فرج ,صفوت (2007)،القياس النفسي، مكتبة الانجلو المصرية،القاهرة ,ط7.

•        نايت،ريكس و مرجريت نايت (1984)،المدخل الى علم النفس الحديث، ترجمة عبد علي الجسماني،بغداد.

•        نشواتي ، عبد المجيد (1985)، علم النفس التربوي ، دار الفرقان ،عمان.

المصادر الأجنبية:

•        Ann, Higgins, Alessandro, D. (2006): Morel Function, moral identity, and moral self-concepts, Fordham University. pp(3-4).

•        Blasi, A,(1983). Moral cognition and moral action: A theoretical perspective. Developmental Review, 3, pp(178–210).

•        Blasi, A,(1993). The development of moral identity: Some implications for moral functioning. In G. Noam, & T. Wren (Eds.), The moral self, P:99.

•        Colby, A., & Damon, W. (1992). Some do care: Contemporary lives of moral commitment, P: 210-218 New York: Free Press.

•        Cosmides, L., & Tooby, J. (2012). Neurocognitive adaptations are designed for social exchange. In D. M. Buss (Ed.), Handbook of evolutionary psychology Hoboken, NJ: Wile, pp( 584–627)

•        Garvan, D. A. (1984). Ego development and sexual moral reasoning in females, Single-sex Vs. Coeducational Colleges Dissertation Abstracts International, Vo.45,p:1604.

•        Hall, Stuart & et al.(1978). Policing the Crisis: Mugging, the State and Law and Order New York: Palgrave Macmillan p:64.

•        Hauser, S. T. (1976). Lovinger’s model and measuring ego development: Acritical review I, Psychological Bulletin, Vol. 83, No, pp(23-25).

•        Hauser, S. T. (1976). Lovinger’s model and measuring ego development, Acritical review I, Psychological Bulletin, Vol. 83, No, pp(23-25).

•        Hauser, S, T.(1979). Longer model and nearing ego development  L Psychological. p: 932.

•        Holt, RR. (1980). Freud’s Influence on Modern Ethics. The Hastings Center Report, P: 38.

•        Hunter, J. D. (2000). The death of a character. NY: Basic Books

•        Janis, I. L(1969), Personality Dynamics, Development and assessment, Harcourt, Brace & World, Ins, pp(365-366).

•        Janis, I L(1969), Development and assessment, Harcourt  Journal of Psychology,vo2, pp(365-366).

•        Kindlon, D., & Thompson, M. (2002). Raising Cain Protecting the Emotional Life of Boys. New York: Ballantine. pp(232-240).

•        Kochanska, G. (1997). The emergence and development of conscience in toddlerhood and early childhood. In J. E. Grusec & L. Kuczynski(Eds.), Parenting and children’s internalization of values: A handbook of contemporary theory New York. pp(53–77).

•        Kochanska,Aksan, N., Prisco, T. R. and Adams, E. E. (2008). Mother-Child and Father-Child Mutually Responsive Orientation in the First Two Years and Children’s Outcomes at Preschool Age: Mechanisms of Influence. Child Development, 79,pp( 30–44).

•        Kohlberg, L & Candee, D. (1984). The relationship of moral judgment to moral action. In W. M. Kurtines & J. L. Gerwitz (Eds.), Morality, moral behaviour, and moral development. New York: Wiley, pp(433-435).

•        Kohlberg, L. (1969). Stage and sequence: The cognitive-developmental approach to socialization. In D. A. Goslin (Ed.), Handbook of socialization theory andresearchp:357.

Levertov, Hannah (1984) Cognitive Moral Development And Loevinger’s Concept of Ego Development Brooklyn College. Fordham University, New York. pp(101-120).

•        Loevinger , J, & Wessler , R. (1966) .Measuring ego development – san Fransisco, Jassey – Bass, U.S.A.

•        Loevinger, Jane (1966), the theory that ego development is central, students responded to a questionnaire on the background. core personality, P:202.

•        Noam, G. G. (1993). Ego development: True or false Psychological Inquiry, Vol. 4.

•        Jordan, A.H., & Monin, B. (2008). From sucker to the saint, Moralization in response to self-threat. Psychological Science, 19(8),pp(683-689).

•        Singhapakdi, A., Marta, J. K. M., Rao, C. P., & Cicic, M. (2001). Is cross-cultural similarity an indicator of similar marketing ethics? Journal of Business Ethics, 32, pp(55–68).

•        Snarey, J., Kohlberg, L., & Noam, G. (1983). Ego development in perspective: Structural stage, functional phase, and cultural age-period models. Developmental Review,pp(303-338).

•        Solomon, R. C. (1992). Ethics and excellence: Cooperation and integrity in business. NY: Oxford University Press,p:244.

•        Westenberg, M. et al. (1995). Personality development, theoretical, empirical and clinical investigations of the loving conception of ego development, Lawrence Erlbaum Associates, Inc, U.S.A.P:125.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *