أ.م.د ليلى حنتوش ناجي الخالدي

كلية القانون /جامعة بابل

Dr.laylaalkhalidi@gmail.com

009647808292703

م.د حوراء احمد العميدي

كلية القانون /جامعة بابل

Hawra ahmed82@gmail.com

0096478100636

الملخص :

بالرغم من تباين التشريعات الدستورية في تنظيم موضوع العدول في الاحكام القضائية بين تلك التشريعات التي نظمت الموضوع واعطت القاضي الدستوري امكانية العدول وبين التي لم تنظم الموضوع ولم تعطي القاضي الدستوري صلاحية العدول عن احكامه السابقة , لكن يبقى عدول القاضي الدستوري عن الاحكام القضائية من  الاختصاصات المهمة  التي لابد من ان تمنح للقاضي الدستوري كونها تدور حول امكانية رجوع القاضي الدستوري عن احكامه السابقة التي يشوبها النقص والقصور  في مواكبة التطورات  التي تطرا على الحياة السياسية  والاجتماعية  والاقتصادية  اضافة الى الخطأ الذي قد يشوب الحكم القضائي الدستوري  كل هذه الامور قد تدفع القاضي الدستوري الى العدول عن احكامه السابقة  بما يساعده على تصحيح ما يكتنفها من اخطاء  اضافة الى تطوير الذي يحتاج الى تطوير  وهذا العدول قد يكون في الدول التي يكون نظامها القضائي انكلوسكسوني اي نظام السوابق القضائية  او النظام  اللاتيني الذي لا ياخذ بالسوابق القضائية اي ان الحكم القضائي غير ملزم لا للمحكمة التي اصدرت الحكم ولا للمحاكم الادنى منها الاخرى ولكن مع ذلك عدول القاضي الدستوري عن احكامه السابقة ليس امر مطلق بل مقيد بضوابط  وشروط يجب عليه التقيد بها .

الكلمات المفتاحية :القاضي الدستوري ,رقابة الدستورية , المحكمة الاتحادية العليا , التفسير القضائي , اسباب الطعن بعدم الدستورية , النظم القضائية  .

Reversing the provisions of the constitutional judiciary and modernity in interpretation

Dr. Laila Hantoush Naji Al-Khalidi

Howraa Ahmed Shaher

College of Law / University of Babylon

Abstract

Despite the contrast of the constitutional legislation in regulating the issue of reversal of judicial rulings between that legislation that organized the issue and gave the constitutional judge the possibility of reversing and those that did not regulate the subject and did not give the constitutional judge the power to rescind his previous rulings, but the constitutional judge’s reversal of judicial rulings remains one of the important competencies that It must be granted to the constitutional judge, as it revolves around the possibility of the constitutional judge’s reversal of his previous rulings, which are tainted by shortcomings and shortcomings in keeping pace with developments in political, social and economic life, in addition to the error that may affect the constitutional judicial ruling. This reversal may be in countries whose judicial system is Anglo-Saxon, that is, the system of judicial precedents, or the Latin system that does not take into account judicial precedents, meaning that the judicial ruling is not binding on the court that issued the judgment Nor for the courts lower than the other, but with that, the constitutional judge’s reversal of his previous rulings is not It is absolute but restricted by terms and conditions that he must abide by.

Keywords: the constitutional judge, constitutional oversight, the Federal Supreme Court, judicial interpretation, reasons for challenging unconstitutionality, judicial systems.

المقدمة :

اولا :موضوع البحث :

يراد بالعدول في اطار القضاء الدستوري هو تغير اتجاهات القضاء الدستوري من خلال تحول القاضي الدستوري عن مبدأ قانوني قديم سبق وان كان يطبقه في احكامه السابقة بمناسبة تفسيره للنص الدستوري في معرض رقابته على دستورية القوانين او بمناسبة اختصاصه اصلياً بتفسير نصوص الدستور ، وهذا يتم رغم عدم تعديل النص الدستوري وتماثل وتشابه المسألة الدستورية المعروضة على القاضي الدستوري ويكمن الدافع وراء هذا العدول في احكام القاضي الدستوري الى تغير  الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية  التي دفعت الى هذا التحول القضائي دون تغير النص الدستوري من الناحية القانونية والى حماية مبدا الشرعية الدستورية واعلاء كلمة القانون والحفاظ على الحقوق والحريات بما يساهم في الارتقاء بقواعد العدالة وحقوق الانسان والمشروعية الدستورية.

ثانياً : اهمية البحث :

تأتي اهمية موضوع العدول في القضاء الدستوري  من اهمية احكام القضاء الدستوري في النظم القانونية  وذلك لاتصافه بكونه رقابة عينيه اضافة الى ارتباطه بطبيعة النظام القانوني للدولة ما اذا كان يأخذ بنظام السوابق القضائية ام لا اذ يكون موضوع العدول في احكام القضاء الدستوري امرا مقبولا في النظام اللاتيني ولكن هذا لايعني ان النظام الانكلوسكسوني لا يعرف العدول في احكام القضاء الدستوري

ثالثا : مشكلة البحث :

الهدف من البحث هو الاجابة على الاسئلة الاتية :

1-بيان مدى وجود عدول في القضاء الدستوري في نظم القانون العام والخاص.

2-بيان مدى وجود تقارب بين النظامين العام والخاص بشأن العدول في احكام  القضاء الدستوري .

3- مدى اعتراف المشرع الدستوري للقاضي الدستوري بأمكانية العدول عن الاحكام السابقة .

رابعاً : منهجية البحث :

اعتمدنا المنهج التحليلي النقدي للنصوص الدستورية والقانونية لدول محل الدراسة اضافة الى المنهج المقارن الذي يعد  من اهم ادوات البحث القانوني ومن خلال استخدام هذه المناهج مع بعضها يتم عرض الموضوع .

رابعاً : هيكلية البحث اعتمدنا في موضوع بحثنا التقسيم الثنائي للخطة والتي تتكون من مبحثين ومقدمة عن الموضوع وخاتمة :

المبحث الاول :الجانب النظري للعدول في احكام القضاء الدستوري

المبحث الثاني :الجانب التطبيقي للعدول في احكام القضاء الدستوري

 

المبحث الاول : الجانب النظري للعدول في احكام القضاء الدستوري

يعد العدول بمثابة مراجعة من قبل القاضي الدستوري للاحكام السابقة التي اصدرها في اطار السياسية القضائية بما يساهم في الارتقاء بقواعد العدالة وبحقوق الانسان والمشروعية الدستورية ,عليه سنحاول في هذا المبحث معرفة مضمون العدول في احكام القضاء الدستوري  والاهداف التي يمكن ان يحققها من جراء هذا العدول في الاحكام وخروج القاضي الدستوري عن مبادئ قانونية استقر عليها في احكامه لفترات طويلة , وذلك من خلال تقسيم المبحث الى مطلبين اثنين الاول لبيان مضمون العدول في احكام القضاء الدستوري اما الثاني سيكون مخصص لمعرفة انواع العدول في احكام القضاء الدستوري.

المطلب الاول : مضمون العدول في احكام القضاء الدستوري

بعد ان اضحى العدول عن الاحكام القضائية جزء مهم من السياسية القضائية للقاضي الدستوري بضوابط معينة كان لابد من تحديد مفهوم العدول في احكام القضاء الدستوري اضافة الى تسليط الضوء على اهم المبررات والمسوغات التي تدفع القاضي الدستوري الى تغيير اتجاهاته القضائية السابقة , وذلك في فرعين الاول سيكون لتعريف العدول في احكام القضاء الدستوري اما الفرع الثاني سنجعله مخصص لتوضيح مبررات عدول القاضي الدستوري عن احكام سابقة.

الفرع الاول :تعريف العدول في احكام القضاء الدستوري

يعود الفضل في نشوء العدول في احكام القضاء الدستوري للقضاء ذاته فهو قضائي النشأة وليس تشريعي النشأة ولكن مع ذلك وجدنا غياب التعريف القضائي  سواء القضاء العادي او الاداري او الدستوري للفكرة لذا من باب اولى غياب التعريف التشريعي لذلك لميبقى امامنا سوى الاتجاه نحو التعريف الفقهي للعدول والذي بدوره قد اتسم بايراد التعاريف العامة للعدول من هذه التعاريف ما ذهب الى ان العدول هو التحول الى حكم يفرض قاعدة مختلفة عن تلك المتبعة في القضية السابقة وان القاعدة التي كان معمولا بها في قضية سابقة كانت عبارة عن نتيجة سياسية قضائية وظروف سياسية معينة (ابوالمجد,1960,ص16.)

ايضا من التعاريف التي اوردها الفقه الدستوري بان العدولتغير في اتجاهات القضاء الدستوري بما يشكل تناقض بين الحلول القديمة والحلول الجديدة او ترك القاضي الدستوري لحل  قضائي  لمسالة دستورية قديم والاخذ بحل جديد يكون مختلف كليا عن الحل القديم , او ان القاضي الدستوري يحاول  ان يخرج عن تفسير  قديم لنص دستوري كان اساسي في تكوين الحكم القضائي السابق الى الاخذ بتفسير اخر وجديد متعارض مع التفسير السابق ,(الفاروقي ,2008,ص504).

بينما ذهب راي اخر الى  ان العدول هو الرجوع عن مبدا قررته المحكمة الدستورية العليا في بعض احكامها السابقة ,( الزكي ,2004ص34).

في حين عرفه اخرون على انه القضية التي قررت عكس القضية المشهورة (السابقة القضائية) عندما القرار الاخير اخذ مكان الاول فيقال عنه عدول عن السوابق القضائية ولا تكون بعد ذلك معتبرة كحجة ملزمة, (البديع,2002,ص342).

بلحاظ هذه التعاريف كلها كانت قد ركزت على الجوانب الشكلية للعدول دون ان تتناول الجوانب الموضوعية للعدول لاسيما عناصر العدول او الاسباب التي تؤدي الى العدول لذلك نج ان اوفق التعاريف التي اوردها الفقه الدستوري هو تغير في السابقة القضائية  من جانب القاضي نفسه ليتحرر من حكم سابق ويتحول الى اخر جديد ويكون الجديد متعارض مع القديم , او انه هجر ارادي من خلال القاضي الدستوري  لحل قضائي سابق لصالح حل قضائي جديد ومختلف عنه, هذا التعريف شمل عنصرين من عناصر العدول هما الارادة والوضوح فضلا عن التعارض بين الحكمين السابق والجديد ,(الهلالي و  حنظل ,2013,ص13).

الفرع الثاني : مبررات العدول في احكام القضاء الدستوري

لعل اهم ما يبرر العدول القضائي هو تغير الظروف لاسيما الاقتصادية والسياسية وحماية الحقوق والحرياتوحمايةالدستور وتصحيح الاحكام القضائية  الدستورية السابقة ,نذكر بهذا الصدد القاعدة التي تقضي بأنه لاينكرتغيرالاحكام بتغير الازمان (المادة الخامسة من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة1951 المعدل) ,والتي تعني ان الاحكام من الممكن ان تتغير بتغير الزمن والظروف , وبالرغم من ان للعدول بعض السلبيات التي تعتريه الا انه لا يمكن تحاشي وجوده او انكار فوائده واهميته ,لذا سوف نحاول بيان اهم مبررات اللجوء الى العدول في الاحكام القضائية من قبل القاضي الدستوري في المحاور الاتية :

أولا : العدول كداعم للدستور

استنادا الى مبدا اعلوية الدستور كونه  القانون الاسمى والاعلى في الدولة  ويحتل قمة الهرم القانوني للدولة وهو مصدر لقانونية باقي التشريعات وبالتالي فهو اساس الشرعية الدستورية والتي ينتج عنها خضوع الدولة للقانون فجميع السلطات العامة في الدولة تلتزم بالدستور عند مباشرة اختصاصاتها اضافة الى ان وجود الدستور اساسي لوجود الدولة  وقيامها كونه يحدد شكلها ونظامها السياسي والسلطات العامة في الدولة واختصاص كل منها ,لذا كان العدول بمثابة الوسيلة التي يمكن للقاضي الدستوري من خلالها  التصدي لحماية الدستور  من خلال التصدي للقانون المخالف لنصوص الدستور ,(الشكري ,2012,ص255) ,لذا نجد المجلس الدستوري الفرنسي كان يتصدى لفحص دستورية نصوص القانون كلها حتى التي لم يطعن بدستوريتها  من تلقاء نفسه طالما انه قد تم الاحالة اليه من جهة مختصة بالاحالة(اللمساوي,2007,ص9) .

وبهذا فان المجلس الدستوري الفرنسي بهذا العدول قد وسع من نطاق رقابته على النصوصالقانونية سواء المذكورة في الطلب المقدم اليه اوتلك التي لم تذكر في الطلب طالما يوجد ارتباط بينهما لايقبل الانفصال اضافة الى ذلك توسيعه لمكنة التصدي لتشمل نصوصا لا يوجد فيما  بينها ارتباط ولكنها مخالفة للدستور (العطار ,1999,ص53)  ان القاضي الدستوري لجا الى العديد من الوسائل الفنية  في مطلع رقابته على الدستورية مثل فكرة الملائمة وفكرة الخطأ الظاهر في التقدير ورقابة الاغفال التشريعي , وبهذا نجد ان العدول  من الوسائل الفنية التي ابتدعها القاضي الدستوري لاجل الدفاع عن الدستور ومبدا المشروعية الدستوريةفي العديد من احكام القاضي الدستوري للعديد من الدول منها المحكمة الدستوري المصرية وايضا المحكمة الدستورية الكويتية والمحكمة الاتحادية العليا العراقية .

ثانيا: العدول كداعم للحقوق والحريات الاساسية

يظهر دور العدول في حماية الحقوق والحريات الاساسية رغم كونه وسيلة استثنائية ويتم في اضيق نطاق وحدود معينة لكن لايمكن انكار اهمية دوره في حماية حقوق وحريات الافراد من خلال تفعيل الحماية الدستورية للحريات العامة وحماية مبدأ المساواة بين الافراد امام القانون من خلال عدول القاضي الدستوري عن احكام سابقة والتوجه الى تبريرات جديدة لاحكامه المستقبلية فمثلا نجد عدول المحكمة الدستورية الالمانية في حكمها السابق الذي كان يقوم على اساس التفسير الضيق لمبدا المساواة امام القانون  اذ كانت ترى ان الاخلال بمبدا المساواة هو الذي يحدث بصورة تحكمية من قبل المشرع فعدلت عنه وقضت في حكمها الجديد بان جمعيع الافراد متساوون امام القانون ( المر  ,2004,ص77).

ايضا من القرارات التي صدرت عن القاضي الدستوري والتي كانت تتضمن عدولا عن احكام سابقة  منها ما صدر عن المجلس الدستوري الفرنسي سنة 1971 والذي تضمن اضفاء الطبيعة الدستورية على مقدمة دستور فرنسا لسنة 1958 والتي بدورها تتضمن اعلان الحقوق والمواطن الفرنسي لسنة 1789 ومقدمة دستور 1946التي كانت تتضمن النصوص المنظمة للحريات العامة لاسيما حرية تكوين الجمعيات وبالتالي كان هذا العدول اساس للحماية الدستورية لحرية تكوين الجمعيات ( السرور ,2000,ص37)

 

ثالثا: العدول وسيلة لتصحيح احكام دستورية سابقة

ما دامت احكام القضاء الدستوري من قبيل اعمال البشر فمن الطبيعي ان يشوبها النقص والقصور والغموض والخطأ لهذا يفترض بالمحاكم  الدستورية ان تقوم بتصحيح الخاطئ من احكامها وتطوير ما لا يتماشى  مع التطور الحاصل في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتظهر اهمية هذا التصحيح  للاحكام الدستورية الخاطئة في كون هذه الاحكام لها من الحجية مايجعلها سابقة قضائية او ان يتجه القضاء الى توحيد  احكامه بصدد موضوع معين  من اجل تحقيق الاستقرار القانوني او الامن  القانوني ان كان النظام المتبع لايعتمد  على السوابق القضائية لان الحكم الدستوري يرتبط بصورة مباشرة  بالدستور من حيث التفسير وتطبيق مبدا المشروعية , وتنص القوانين على الحجية المطلقة والثبات والالزام لاحكام المحاكم الدستورية اضافة الى اختلاف الانظمة القانونية في درجة التزامها بالسوابق القضائية الدستورية فاذا كانت الدولة تتبع النظام اللاتيني فلا تثور اي مشكلة لانه من السهولة تصحيح الحكم السابق ولا الزام للسوابق القضائية ومن الممكن العدول عنها ,اما الانظمة الانكلوسكسونية فهي تعد السوابق القضائية مصدر رسمي للقانون ولها صفة ملزمة  ومن الصعوبة العدول عن مبدا قضائي سابق لكن التطبيق العملي يبين لنا كثرة حالات العدول من قبل القاضي الدستوري في الدول التي  تاخذ  بالنظام  الانكلوسكسوني  وذلك لاسباب عديدة منها الخطأ في الحكم السابق او عدم مواكبته للتطور الحاصل في الحياة على كل الاصعدة ( الزكي  ,2004, ص112).

من الجدير بالذكر ان العدول عن الاحكام القضائية الدستورية السابقة والمتضمنة اخطاء ليس امرا نظريا بحتا فهناك العديد من الاحكام الدستورية بهذا الصدد مثال ذلك تبني القاضي الدستوري المصري لنظرية اعمال السيادة بصدد اعمال هي بطبيعتها تبعد عن نطرية اعمال السيادة  رغم ان قوانين المجكمة الدستورية لم تشر الى هذه النظرية (ابو المجد , 1960,ص303).

كذلك وجدنا المحكمة العليا الامريكية هي الاخرى لم تتردد في تعدل عن احكامها السابقة اذا ما اخطات وذلك من خلال ابطاله للمستقبل  والحد من اثاره التي من الممكن ان تتسع في نطاق تطبيقها وخاصة بسبب اعماله من جانب محاكم القانون العام لما تتقيد به من اعمال حكم المحكمة العليا والتزامها بمذهبها السابق , وبذات الاتجاه ذهبت المحكمة الدستورية الايطالية اذ عدلت عن احكامها السابقة التي تضمنت خطأ ومخالفة واضحة لمبدا المساواة ,ولعل الذي يدعم كون العدول عامل اساسي لتصحيح الاخطاء التي يقع بها القاضي الدستوري في احكامه القضائية هو كون هذه الاخيرة ملزمة لكل السلطات العامة في الدولة اضافة الى انه لايمكن تصحيح هذه الاخطاء تشريعيا لكون السلطة التشريعية مخاطبة باحكام القاضي الدستوري لهذا لم يبقى سوى العدول كطريق لتصحيح الاخطاء ( المر  ,2004,ص178).

المطلب الثاني : انواع العدول في احكام القاضي الدستوري

تتباين انواع العدول في الاحكام القضائية الدستورية تبعا لاختلاف السبب الذي يؤدي الى العدول  والوسيلة التي يتبعها القاضي الدستوري اضافة الى الاثار  المترتبة على العدول ,الى انواع عديدة  ,عليه سوف نقسم المطلب الى ثلاث فروع كالاتي :

الفرع الاول : انواع العدول من حيث السبب المؤدي للعدول

الفرع الثاني : انواع العدول من حيث الوسائل التي يتبعها القاضي الدستوري

الفرع الثالث : انواع العدول من حيث اثاره

الفرع الاول : انواع العدول من حيث السبب المؤدي للعدول

يقسم العدول من حيث السبب الى نوعين هما العدول الواقعي وهذا يكون متى ما كان سبب عدول القاضي الدستوري عن حكمه السابق يعود الى تغيير الظروف التي كانت سببا لاصدار الحكم القضائي وهنا نكون امام عدول واقعي او بسبب تغيير او تعديل في النصوص القانونية  المطبقة سابقا وهنا نكون امام عدول قانوني وهذا ما سنحاول بيانه تباعا :

اولا : العدول الواقعي :

ينشا العدول الواقعي نتيجة لتغير الظروف والاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة بالقاضي الدستوري  الذي يعد بدوره جزء مهم من المجتمع وبالتالي فهو يتأثر بظروفه ومايطرأ عليها من تغيرات وبالتالي فا القاضي الدستوري الذي لايتلائم مع محيطه ومجتمعه سيكون وجوده وشرعيته مهددة ويكون غير فعال داخل المجتمع والمحيط مما ينعكس على احكامه التي تبدو غير متجانسة مع المجتمع وتقاليده وبالتالي ستكون عرضة للعدول  عنها وتغييرها بشكل يجعلها اكثر تتطابق مع المجتمع وظروفه وبهذا الصدد نجد عدول المحكمة العليا الامريكية عن احكام سابقة لاسيما ما يتعلقبان صفة دافع الضرائب لاتخول صاحبها الحق في ان يطعن بدستورية التشريعات التي تتضمن اوجه الانفاق الحكومي والذي عدلت عنه فيما بعد لتقرر ان صفة دافع الضرائب كافية للطعن بدستورية التشريع اذا تضمن انفاقا حكوميا يتعارض مع مبدا الفصل بين الدين والدولة (المياحي,2015,ص92).

وايضا بذات الاتجاه ذهبت المحكمة الاتحادية العليا في العراق حيث عدلت عن قرارها السابق الصادر 2007 والمتضمن اناطة صلاحية التعيين والاقالة للاجهزة الامنية للاقاليم والمحافظات غير المنتظمة باقليم تم العدول عنه بقرارها الصادر 2009 والمتضمن استيضاح مقدم من محافظ ني قار حول مدى اختصاصه بنقل والتنسيب والاقالة بين دوائر المحافظة فجاء قرار المحكمة بان الطلب الوارد انفا يخرج من دائرة اختصاص المحكمة الاتحادية العليا ,(الشويلي 2015,ص184).

وبالتالي ومن كل ما تقدم وجدنا ان العدول تم بارادة القاضي الدستوري وليس بسبب تعديل القاعدة القانونية المطبقة .

ثانيا: العدول القانوني

هذا العدول بشكل عام لايتمبارادة القاضي الدستوري وانما بسبب سن تشريع من قبل المشرع العادي  ينتهج فيه القانونحل معين لمسالة معينة تخالف ما يطبقه القضاء بحيث لايكون امام القاضي سوى ان يطبق القاعدة القانونية الجديده , وهذا العدول يكون نتيجة ان القاضي الدستوري يكون له نهج معين في التفسير او الحل الدستوري بحيث لايتفق مع  النص القانوني الجديد وقد يكون العدول نتيجة تعديل الدستور نفسه من قبل  السلطة المختصة وحالات العدول لهذا السبب كثيرة منها عدول المحكمة العليا الامريكية عن حكمها السابق والقاضي بأمكان المواطن الذي ينتمي الى ولاية مقاضاة ولاية اخرى امام القضاء الاتحادي , هذا الحكم تم العدول عنه من قبل المحكمة العليا على اثر التعديل الدستوري لعام 1789 والذي تضمن منع  رفع دعوى مباشرة على الولايات امام القضاء الاتحادي من قبل مواطني الولايات الاخرى او الرعايا الاجانب ,(الشويلي,2015,ص148).

ايضا تجسد هذا العدول في قضاء المجلس الدستوري الفرنسي الذي استقر في احكامة على المساواة بين الرجل والمراءة في الانتخاب والترشيح واصراره على عدم منح المراءة حصة معينة داخل البرلمان وامام اصرار المجلس الدستوري  الفرنسي على قراره لحد 1999 الا انه عدل عن قراره هذا نتيجة تعديل الدستور سنة 1999  مما ادى الى عدول الجلس الدستوري عن قراره السابق بتاثير التعديل الدستوري والمتضمن منح المراءة حصة في المشاركة السياسية(الشيمي,2008,ص135).

الفرع الثاني :انواع العدول من حيث الوسائل التي يتبعها القاضي الدستوري

يقسم العدول من حيث الوسائل التي يتبعها  القاضي الدستوري الى انواع منها ما يتعلق بالمدة الزمنية التي يستغرقه العدول او من حيث الاعلان عن ارادة القاضي الدستوري وهذا ما سنحاول توضيحه في المحاور  ادناه :

اولا :العدول  من حيث الزمن الذي يستغرقه

وفقا لمعيار الزمن يقسم العدول الى  مفاجئ وتدريجي  ,المفاجئ يراد به التحول عن مبدا فضائي سابق دون اي اشارة تدل على ان هناك عدول من القاضي الدستوري عن حكم قديم او سابقة قضائية وياتي وصفه بالمفاجئ لانهلايوجد فاصل زمني كبير بين الحكم القديم والحكم الجديد وهذا ما تجسد في قضاء مجلس الدولة الفرنسي  عندما هجر وترك قراره الصادر في 1979 والذي يعتد بمعيار طبيعة النشاط في تصنيفه للمؤسسات العامة  والذي عدل عنه بعد شهرين من صدوره , كذلك قرار المجلس الدستوري الصادر في27 تموز عام 1982 والخاص بتثبيت الاسعار عدل عنه في 30 تموز 1982 (المياحي ,2015,ص97)

ايضا تجسد العدول المفاجى في قضاء المحكمة العليا الامريكية وكذلك المحكمة الاتحادية العليا في العراق منها العدول عن حكمها السابق والمتضمن عدم اعطاء مجلس المحافظة صلاحية سن التشريعات المحلية لتنظيم الشؤون الادارية والمالية والصادر في 16 تموز 2007 وعدلت عنه في 31 تموز 2007.

اما العدول التدريجي هو الذي يتم استخلاصه من من خلال التتبع المستمر لقرارات القاضي الدستوري اذ يكون العدول على شكل مراحل تبدا بالاستثناءات على المبدا السابق الى ان يصل الامر الى مرحلة العدول الكامل وهذا ايضا تجسد في قضاء المجلس الدستوري الفرنسي اذا كان قضائه مستقر على ضرورة الوحدة في مؤسسات اقليم ما وراء البحار  ولكن فيما بعد لوحظ وجود تنوع في قضاء المجلس اذ انه قبل التنوع في المؤسسات  العامة داخل الاقليم في قراره الصادر عام 1985 الى ان وصل الى العدول الكامل عن قراره السابق في عام 1991.

ثانيا : من حيث الاعلان عن ارادة القاضي الدستوري

قد يعلن القاضي الدستوري عن ارادته في العدول او انه يكتفي بالعدول دون الاشارة الى الحكم السابق لهذا يقسم العدول الى صريح وضمني فالعدول الصريح يكون عندما القاضي الدستوري يعلن عن ارادته في العدول  بشكل صريح لا غموض فيه و بشكل واضح  اي بمعنى انصراف ارادة القاضي الدستوري الى تبني حكم قضائي جديد وترك الحكم السابق ويكون العدول الصريح من السهل قراءته واستخلاصه من الحكم الجديد للقاضي الدستوري لانه يعلن عن ترك مبدا قضائي سابق وتبني مبدا جديد وهذا ما تجسد في قضاء المحكمة العليا الامريكية  عندما الغت سابقة قضائية كانت تقضي بعدم السماح للنساء بالانضمام الى هيئة المحلفين عندما نص الحكم الجديد على ان السابقة القديمة  غير صحيحة وانه لا يمكن استبعاد النساء من هيئة المحلفين , او ان القاضي الدستوري يعلن عن تغيير الظروف السياسية التي كانت تبرر الحكم القضائي السابق (ابو المجد ,1960,ص233).

اما العدول الضمني فهو الذي يتم عن طريق السكوت عن ذكر المبدأ السابق او القديم  وذكر المبدا الجديد فقط دون ذكر المبدا القديم  اذ يقوم القاضي بتعديل الاسباب الموجبة للحكم القضائي والتي كان يستند عليها في احكامه السابقة من قبيل ذلك الغاء المحكمة العليا الامريكية لحكمها السابق والمتضمن عدم دستورية نصوص قانونية كونها تمثل تجاوز على اختصاصات الكونجرس وفقا للتعديل العاشر للدستور ( الشيمي,2008,ص217).

الفرع الثالث :انواع العدول من حيث اثاره

قد يترتب على العدول اثار ايجابية او سلبية فقد يؤدي الى دعم المجتمع من خلال دعم الحقوق الاساسية و الحريات العامة او قد يؤدي الى سلبها او انقاصها لذلك سوف نقسم العدول من حيث اثاره الى عدول سلبي او ايجابي وفقا للتقسيم الاتي :

اولا : العدول الايجابي

ثانيا: العدول السلبي

اولا : العدول الايجابي :

هو الذي يدعم الحريات الاساسية  والحقوق مثال ذلك عدول المجلس الدستوري الفرنسي الذي يخص الحريات الاساسية والتي بموجبها لايجوز اخضاع  الحريات الاساسية لنظام الترخيص السابق ويجب ان يكون تعديل  القوانين الخاصة بهذه الحريات  بقصد تفعيلها وليس بقصد الانتقاص من ضماناتها وذلك عكس الحكم السابق  الذي كان يجيز للمشرع السلطة التقديرية  الكاملة في تعديل القوانين السارية دون قيد او شرط, كذلك ايضا قرارات المجلس الدستوري التي تقضي بأضفاء الصفة الدستورية على  مقدمة دستور 1958 وما ترتب  على ذلك من اضفاء الصفة الدستورية على جميع الحقوق والحريات الاساسية  الواردة في اعلان الحقوق والمواطن الفرنسي  لسنة 1789 والواردة في مقدمة دستور 1946 وهذا القرارات بعكس قراراته السابقة  التي كانت ترفض الرجوع الى مقدمة دستور 1958,كذلك ورد العدول في قضاء المحكمة العليا الامريكية  في حكمها الذي زادت فيه من المساواة الحقيقة  بين السود والبيض وهذا ما شكل عدول ايجابي عن حكمها السابق بهذا الصدد,(الشقاني ,2005,ص77).

ثانيا: العدول السلبي :

هو العدول الذي تكون اثاره له اثار ونتائج سلبية على الحقوق والحريات الاساسية كونه يؤدي  الى الانتقاص من حقوق وحريات الافراد , وهذا العدول في احكام القاضي الدستوري  المؤدي الى الانتقاص من حقوق وحريات الافراد يكون بسبب تدخل المشرع الدستوري لتعديل الدستور  على نحو يقيد من سلطة القاضي الدستوري من تفسيره , وفي اغلب الاحيان يكون الدافع للتعديل الدستوري سياسي او الالتفاف على احكام القضاء الدستوري خاصة في حالة اذا كان من غير الممكن ان يغير القاضي الدستوري موقفه القضائي  كما حدث في مصر بتعديل الدستور والغاء النص الدستوري  الذي كان الاساس الدستوري لقرار المحكمة الدستورية المصرية والخاص بضرورة الاشراف القضائي على الانتخابات (ابو المجد ,1960,ص231).

المبحث الثاني : الجانب التطبيقي للعدول في احكام القضاء الدستوري

نظرا لكون احكام القضاء الدستوري هي الفصيل في النزاعات الدستورية وما يتعلق منها بالحقوق والحريات او نظام الحكم او تفسير الدستور  او الرقابة على دستورية القوانين وما الى ذلك فان من  المفترض ان تتسم احكام القضاء الدستوري بالعدالة  وذلك لاجل اشاعة  الثقة بالقضاء  الدستوري  وكونه دعامة  من دعامات دولة القانون لاجل المحافظة على المشروعية , ولكن قد يتطلب ذلك في بعض الاحيان  ان لا يتقييد القاضي الدستوري باحكامه السابقة خاصة اذا كانت مشوبة بالغلط او انها لاتواكب التطور الحاصل في المجتمع  لهذا كان بأمكان القاضي  ان لايتقيد بما صدر عنه من احكام سابقة اذا كانت له من الاسباب المعتبرة وهذا ما يدخل في نطاق العدول مع ملاحظة ان هذا العدول قد يكون من قبل القاضي  الدستوري سواء كانت الدولة تأخذ بنظام السوابق القضائية  اي النظام الانكلوسكسوني او انها لاتأخذ بنظام السوابق القضائية اي النظام اللاتيني ,عليه سوف نقسم هذا المبحث الى مطلبين اثنين لاجل الاحاطة بالموضوع وكالاتي :

المطلب الاول : العدول في احكام القضاء الدستوري في النظام الانكلوسكسوني

المطلب الثاني :العدول في احكام القضاء الدستوري في النظام االلاتيني

المطلب الاول : العدول في احكام القضاء الدستوري في النظام الانكلوسكسوني

في هذا المطلب سوف نحاول ان نسلط الضوء على العدول في احكام القضاء الدستوري في الدول التي تاخذ بالسوابق القضائية كمصدر للقاعدة القانونية , من خلال تحديد اهمية السوابق القضائية  في النظام الانكلوسكسوني ثم نعرج على بيان العدول في قضاء المحكمة العليا الامريكية  كنموذج على النظام الانكلوسكسوني وذلك في فرعين كالاتي

الفرع الاول :اهمية السوابق القضائية

الفرع الثاني :العدول في قضاء المحكمة العليا الامريكية

الفرع الاول : اهمية السوابق القضائية

نظرا لكون احكام القضاء الدستوري هي الفصيل في النزاعات الدستورية مايتعلق منها بالخقوق والحريات او نظام الحكم او تفسير الدستور او الرقابة على دستورية القوانين وما الى ذلك فان من المفترض ان تتسم احكام القضاء الدستوري بالعدالة من اجل اشاعة الثقة بالقضاء الدستوري  كونه دعامة من دعامات دولة القانون لاجل المحافظة على المشروعية  ولكن قد تتطلب تحقيق ذلك في بعض الاحيان ان لا يتقييد القاضي الدستوري بأحكامه السابقة خاصة اذا كانت مشوبة بالغلط او انها لاتواكب التطور لهذا بأمكان القاضي ان لايتقيد بما حكم به سابقا اذا كانت له من الاسباب المعتبرة وهذا مايدخل في نطاق العدول مع ملاحظة ان هذا العدول قد يكون من قبل القاضي الدستوري سواء كانت الدولة تاخذ بنظام السوابق القضائية( النظام الانكلوسكسوني) ام انها  لاتاخذ بالسوابق القضائية (النظام اللاتيني ) عليه سوف نقسم المبحث الى مطلبين اثنين لاجل الاحاطة بالموضوع وكا لاتي :

المطلب الاول : العدول في احكام القضاء الدستوري في النظام الانكلوسكسوني

المطلب الثاني : العدول في احكام القضاء الدستوري في النظام اللاتيني

المطلب الاول : العدول في احكام القضاء الدستوري في النظام الانكلوسكسوني

بما ان احكام القضاء الدستوري هي انعكاس للاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية لذلك من الضروري ان تكون تعبيرا صادقا عنها  وبالتالي اي تغير في هذه الاوضاع سوف يتطلب من القضاء ان يستجيب بسرعة لهذه التغيرات وان يكون على دراية كاملة باهمية تحقيق الاستقرار القانوني من خلال متابعة الاحكام القديمة  مالم تنطوي هذه المتابعة على اخلال واضح بالمصالح الاجتماعية الكبرى او ان التجربة العملية قد كشفت عما ادى اليه تطبيق الحكم السابق من اضرار سواء كان على صعيد الجماعة ام الفرد بالتالي يكون العدول مبررا لاجل تحقيق الاستقرار القانوني والعدالة  ومن الجدير بالملاحظة ان نظام السوابق لم يكن عقبة امام القضاء الدستوري , لذا سوف نحاول في هذا المطلب ان نسلط الضوء على اهمية السوابق القضائية  في النظام الانكلوسكسوني وهذا سيكون في الفرع الاول اما الفرع الثاني سنكرسه لبيان  نطاق العدول في قضاء المحكمة العليا الامريكية كنموذج على النظام الانكلوسكسوني .

الفرع الاول :اهمية السوابق القضائية في النظام الانكلوسكسوني

السابقة القضائية تعني ان تلتزم كل محكمة قضائية بالمبادئ القانونية التي تكون قد اقرتها في قضية سابقة كما انها تكون ملزمة بجميع القرارات التي اصدرتها المحاكم الاعلى منها درجة , وايضا تعني السابقة القضائية ان الحكم السابق يترك اثارا معيارية  ليكون اثره متعدي لنطاق القضية الصادر فيها اي يمكن القياس عليه وجعله معيارا للقضايا اللاحقة ,(القيسي,2002,ص203).

تكون السابقة القضائية مصدرا مهما من مصادر القانون في دول النظام الانكلوسكسوني خاصة وانها تؤسس لقاعدة اولمبدأ اخذ به القاضي في حكمه ويكون له  في ذات الوقت قوة ملزمة للقضاة والمحاكم في المرتبة نفسها او الادنى منها والسابقة القضائية ملزمة للمحكمة التي اصدرتها وللمحاكم الادنى منها وتتضمن السابقة القضائية من المسائل المحلولة هي ذاتها في المسائل المراد حلها في القضية الحالية وبذات الوقت يكون الحل السابق ضروري لحسم السابقة القضائية وان الحقائق كلها موجودة في السابقة القضائية هي موجودة ايضا في القضية الحالية ولا تظهر حقائق اساسية جديدة في المسالة او القضية الحالية (الشويلي ,2015 ,ص146).

عليه تتجلى اهمية السوابق القضائية في الانظمة الانكلوسكسونية كونها توفر حلول جاهزة للوقائع المتشابهة  وعدم اعتمادها يجعل القضاء في حيرة من امره كلما عرضت عليه القضية , كما انها تجعل من القانون اكثر عدالة في التطبيق وذلك لان المحاكم تنفذ القرارات نفسها في القضايا المتشابه التي تعرض عليها, كما انها تجعل القاضي اكثر موضوعية في نظر القضية التي امامه كونه يشعر بان قراره سيكون اكثر عمومية ويمس مصالح عدد كبير من الافراد اي ان حكمة سيتجاوز الاثر النسبي لحجية الحكم ,ايضا انها توجد الامن القانون اذ انها تزيد من احاطة الافراد وهيئات الدولة  بمتطلبات  القانون فمعرفة ما قررته سابقة قضائية يجعل الافراد والهيئات مطمأنين الى ما يريده منهم القانون على وجه التاكيد ,(يعسوب ,1999,ص35).

ولاتقتصر اهمية السوابق القضائية على ما ذكر بل تتعدى ذلك الى كونها وسيلة لضمان حياد القاضي  واستقرار المعاملات وهولايدعو الى الالتزام بها وانما يدعو الى الاخذ بها مالم يجد حلا افضل منهاكذلك ايضا يتميز نظام اعتماد السوابق القضائية بكونه نظام عملي مرن يتفق مع مقتضيات الحياة  وظروفها المتغيرة وقد ساعد ذلك الولايات المتحدة عن طريق محكمتها العليا ان تعلن صراحة عدم التزامها بأحكامها السابقة,(القيسي ,2002,ص208).

الفرع الثاني : نطاق العدول في قضاء المحكمة العليا الامريكية

يتميز النظام الانكلوسكسوني بان الاحكام الجديدة تكون متممة ومؤكدة للأحكام السابقة ,فنظام السوابق القضائية في الولايات المتحدة يعرف قاعدة السابقة القضائية بالتعبير اللاتيني القرار النجم الشهير الامر الذي يترتب عليه ان تستبع فكرة السوابق القضائية ثمة اي تحول قضائي من جانب المحاكم العليا في مثل هذا النظام ,ولن من الناحية العملية الامر مختلف تماما اذ كانت المحكمة العليا الامريكية قد غيرت من قضاءها في حالات عديدة مما سجل خروجا على قاعدة السابقة القضائية او القرار الشهير  لان المحكمة كانت في وقت سابق قد كيفت هذا المبدا على انه تعبير عن السياسية القضائية  مما يعني ان المحكمة يمكنها ان تتخلى عنه امام احتياجات القانون الجديد (الشويلي ,2015,ص185).

بلحاظ ان المحكمة العليا الامريكية تميز بين نوعين من السوابق القضائية التي يمكن ان تسجل المحكمة عدولا عنها  وهي السوابق الدستورية والسوابق التشريعية والنوع الاول هو الذي يمكن للمحكمة العليا ان تعدل عنه دون النوع الثاني وذلك يعود الى كون السوابق التشريعية تتعلق بسن القانون ولاسيما مرحلة مناقشة مشروع القانون من قبل مجلسي البرلمان بهيئة مؤتمر عليه فالتفسير الذي تعطيه المحكمة للقانون الصادر عن المؤتمر فأنها تعطي لهذا التفسير  قيمة او حجية مطلقة وبالتالي فانهال اتعترف تجاه هذا القانون بالعدول عن التفسير الذي سبق وان اعطته له حتى لو كان هذا التفسير لايتلائم مع ما يطرأ على الظروف من تغير  ويجد القاضي الدستوري سنده في ان المحكمة  تعتمد على فكرة السيادة المطلقة لممثلي الشعب في البرلمان بهيئة مؤتمر في نطاق تشريع القوانين ولعل التطبيق الاكثر شهرة في هذا النطاق هو ما يتعلق برفض المحكمة العليا تطبيق قانون 1890 على رياضة البيسبول في عام 1922, وفي عام 1953 كانت المحكمة العليا قد استندت الى حكمها السابق الصادر في عام 1922لتوكد اعفاء رياضة البيسبول من تطبيق قانون 1890 وفي عام 1970 عادت المسألة مرة ثالثة امام المحكمة العليا وهي اعفاء رياضة البيسبول من تطبيق قانون 1890 في وقت اصبحت رياضة البيسبول هي الوحيدة التي لا تخضع للقانون وهذا القضاء يعني كما لو ان البرلمان بهية المؤتمر كان يريد هذا الاعفاء لرياضة البيسبول من الخضوع لقانون 1890 الذي يمنع الاتفاقات غير المشروعة في المجال الرياضي ( الشيمي ,2008 ,ص50) .

من الجدير بالذكر ان  عدول المحكمة العليا الامريكية عن  احكامها السابقة كان واضحا في نطاق السوابق القضائية الدستورية كونها تعطي لبعض النصوص الدستورية تفسيرا ولكن لاتعطيه حجية مطلقة مثل تلك الحجية التي تعطيها الى السوابق التشريعية  وبالتالي فانها تملك العدول كلما كانت له ضرورة  في نطاق السوابق الدستورية اكثر من التشريعية .

المطلب الثاني : العدول في احكام القضاء الدستوري في النظام اللاتيني

لعل اهم ما يميز النظام اللاتيني كونه نظام لايعرف السوابق القضائية  وبالتالي يكون من القبول ان يتحول القضاء الدستوري فيه عن المبادئ التي سبق وان جسدها في احكامه السابقة  ,اي بمعنى ان دول النظام اللاتيني لا تاخذ بالصفة الالزامية لاحكام القضاء او بمعنى اخر لا تاخذ بمفهوم السوابق لقضائية واستنادا لهذا  الاساس  فان القاضي لايعد ملزما بتطبيق قاعدة او مبدا قانوني  ورد بحكم قضائي صادر من قاضي اخر  وان كان يعمل في محكمة اعلى  وهذا المبدالايعد متعارض مع مبدا حجية الاحكام  لكون القاضي وبكل بساطة غير ملزم بان يجعل قراراته اللاحقة متضمنه لحلول كانت قد وردت في احكام سابقة  حتى لو كانت صادرة من ذات القاضي  عليه فان السابقة القضائية وان كانت قد تضمنت مبدا قضائيا  الا انها غير ملزمة  لهذا يكون العدول في الاحكام امر ممكنا في هذه الحالات ولكن مع ذلك فان هذا الامر ليس مطلقا اي بمعنى انه  النظام اللاتيني يعرف صورا من السوابق القضائية

بلحاظ ان القاضي الدستوري يبقى يتمتع بأمكانية ان يعدل عن الاحكام السابقة  دون ان يشير اليها في الحكم الجديد  فقط يكفي  تقرير المبدا  القانوني الجديد  او التفسير الجديد  للنصوص الدستورية  والمغايرة للتفسير السابق هذا اذا كان الحكم القضائي السابق قد مضى عليه وقت طويل اما بصدد الاحكام الصادرة  عن القاضي الدستوري  وتكون حديثة نسبيا فانه بامكان القاضي الدستوري العدول عنها  ولكن مع الاشارة الى الحكم السابق الذي تم العدول عنه بالحكم  الجديد , عليه سوف نحاول بيان العدول في احكام القضاء الدستوري  للدول  ذات النظام اللاتيني  وذلك في فرعين كا لاتي :

الفرع الاول : العدول في احكام المجلس الدستوري الفرنسي

الفرع الثاني : العدول في احكام القضاء الدستوري في العراق ومصر

 الفرع الاول : العدول في احكام المجلس الدستوري الفرنسي

عرف المجلس الدستوري الفرنسي العدول عن قضائه السابق بصورة نهائية من خلال اقرار مبدا جديد على خلاف المبدا القديم مع وجود نية  عدم الرجوع للمبدا القديم لوجود اختلاف في تفسير النص الدستوري  ومن هذا القبيل  قراره في عام 1992  والخاص بمدى تمتع السلطة الادارية  المستقلة بسلطات جزائية بانه تحول قضائي عن القرارات الصادرة في الاعوام 1982 و1984 , ايضا من قبيل قرارات العدول الصادرة من المجلس الدستوري  قراره الذي تضمن حق تعديل مشروع القانون محل المناقشة من جانب البرلمان بواسطة اللجنة المتساوية في الاعضاء  , ويعد هذا القرار بمثابة تحول حقيقي في قضاء المجلس الدستوري ,ايضا قرار المجلس الصادر 1971  والمتضمن الحماية الدستورية  للحقوق والحريات  قبل هذا القرار كان المجلس الدستوري يرفض  اضفاء القيمة الدستورية على مقدمة الدستور واعلان الحقوق لعام 1789 وكذلك مقدمة دستور 1946 فقد شهد قضاء المجلس الدستوري تحولا عندما اضفى القيمة الدستورية على مقدمة دستور 1958 وما تضمنته من وثائق تعد اساسا  للحماية الدستورية للحقوق والحريات, كذلك ايضا من حالات العدول في قضاء المجلس الدستوري الفرنسي ما يتعلق بقراراته المتعلقة بتطبيق المادة 42 من مرسوم 1959ايضا العدول عن قراراته السابقة والمتعلقة بحماية الحق في السيادة الوطنية في الاعوام 1976 و1985  ,(ابو المجد,1960,ص140).

الفرع الثاني :العدول في احكام القضاء الدستوري في العراق و مصر

في هذا الفرع سنحاول بيان حالات العدول في احكام كل من المحكمة الاتحادية العليا في العراق وهذا ضمن المحور الاول من الفرع اما المحور الثاني سيكون لبيان العدول في احكام المحكمة الدستورية العليا في مصر

اولا : العدول في احكام المحكمة  الاتحادية العليا في العراق

لقد نظم المشرع العادي موضوع العدول في احكام القضاء الدستوري من خلال منح المحكمة الاتحادية العليا امكانية العدول عن احكامه السابقة وهذا ما جاء في المادة( 45 )من النظام الداخلي للمحكمة رقم (1 )لسنة 2022، لكن قبل هذا التنظيم شهد قضاء المحكمة الاتحادية العليا في العراق عدولا في العديد من الاحكام والقرارات  الصادرة منها ولعل مرد ذلك يعود البى حداثة تجربة القضاء الدستوري في العراق وعدم استقراره ومن بين تطبيقات العدول عن الاحكام السابقة في قضاء المحكمة الاتحادية  العليا قرارها الصادر في  3/12/2009 عندما وردها استيضاح من محافظة ذي قار حول مدى صلاحية المحافظ بامور النقل والتنسيب والاقالة لمن يشغلون المناصب الادارية العليا في المحافظة  في هذا القرار عدلت المحكمة الاتحادية عن قرارها السابق الذي كان يعطي الاختصاص بالنقل والتنسيب والاقالة لمن يشغلون المناصب الادارية العليا للمحافظ اذ جاء القرار الاخير ليتضمن عدولا عن القرار السابق ليوكد  ان الموضوع يخرج من دائرة اختصاصها وفقا للمادة 115 من الدستور  التي اعطت الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية الى الاقاليم والمحافظات(التميمي ,2009 ,ص246).

ومن التطبيقات العدول ايضا  في قضاء المحكمة الاتحادية العليا قرارها الصادر في 23/7/2013 والذي طلب فيه المدعي من المحكمة الاتحادية  الحكم بتعديل الخطوة الثالثة من خطوات نظام توزيع المقاعد الخاصة بأحتساب (كوتا النساء) في قانون مجلس المحافظات رقم 1 لسنة 2013 وليس من بينها البت بطلب المدعي بالتعديل وبناء عليه يكون البت بطلب المدعي خارج اختصاص المحكمة , ولكن سرعان ما عدلت المحكمة الاتحادية عن  هذا المبدأ في قرارها الصادر في 26/8/2013 والذي نص على عدم دستورية الخطوة الثالثة(حساب الكوتا للنساء) من نظام توزيع المقاعد في مجالس المحافظات والاقضية والنواحي (القيسي ,2010,ص140)

ايضا سجلت المحكمة الاتحادية العليا خالة عدول عن قرارها الصادر في 16/7/2007 والمتضمن ان مجالس المحافظات لاتتمتع بصلاحيات تشريعية لسن القوانين المحلية وانها تمارس صلاحية ادارية ومالية واسعة وفقا الى احكام الفقرة ثانيا من المادة 122 من الدستور ,لكن سرعان ماعدلت المحكمة عن هذا القرار  بموجب قرارها الصادر  في 31/7/2007 والمتضمن منح مجلس المحافظة سن التشريعات المحلية لتنظيم الشؤون الادارية والمالية ( التميمي ,2009,ص245).

ثانيا : العدول في احكام المحكمة الدستورية العليا في مصر

تعد مصر من الدول التي تأخذ بالنظام اللاتيني والذي بدوره لا يعتد بالسوابق القضائية  بشكل اساسي كمصدر للقانون  ولكن رغم ذلك نجد ان احكام وقرارات المحكمة الدستورية  في مصر هي مطلقة ونهائية وملزمة لكل السلطات العامة في الدولة  ولكن مع ذلك يكون بأمكان المحكمة الدستورية ان تعدل عنها خاصة اذا ادركت  المحكمة  ان قراراتها تنطوي على مبادئ قانونية خاطئة لابد من العدول عنها لتصحيحها ومن هذه التطبيقات عدول المحكمة الدستورية المصرية عن مفهوم التصدي  الذي تبنته في حكمها الذي اصدرته في عام 1982 الى مفهوم اخر مغاير  للتصدي تبنته في حكمها الصادر في عام 1997 ,الامر الذي يعد عدولا عن مبدا التصدي ,كما وجدنا ايضا ان المحكمة الدستورية كانت قد قررت قصر التقاضي بالنسبة لاعضاء  هيأة  قضايا الدولة على درجة واحدة  امام لجنة التأديب والتظلمات لا يناقض الدستور  انما يدخل  في نطاق سلطة المشرع التقديرية في مجال تقنين الحقوق الاساسية للافراد ثم عدلت عن قراراها السابق  وذهبت في الحكم الجديد الى انه وان تم اناطة  طلبات التعويض والالغاء الى لجان كانت قد شكلت بموجب النص محل الطعن  على اساس اعتبارها هيأة ذات اختصاص قضائي  ولكن كان المشرع قد حدد على ان المحاكم هي وحدها القادرة على ذلك , وبهذا انتهت المحكمة الدستورية الى العدول عن حكم سابق لها ,(ابو زيد ,2000,ص315).

عدول المحكمة الدستورية العليا عن حكمها السابق المتضمن ان اقرار البرلمان للقرارات بقوانين الصادرة عن رئيس الدولة يغلق الباب اجاه اعادة مناقشة مدى توافر حالة الضرورة السبب الرئيس لاصدارها لمن المحكمة الدستورية قد عدلت عن ذلك الحكم في حكمها الذي صدر في عام 1985 عندما قضت بعدم دستورية القرار بقانون  رقم 44 الصادر عام 1979 والمتضمن تعديل لاحكام قانون الاحوال الشخصية  رغم اقرار مجلس الشعب لهذا القرار  الى ان المحكمة انتهت الى عدم توفر حالة الضرورة الموجبة كشرط لاصدار هذا القرار وبالتالي قضت بعدم دستوريته مما يشكل عدولا عن حكمها السابق , وايضا كانت المحكمة الدستورية المصرية قد اصدرت في عام 2002 حكما يؤيد عدولها السابق الذكر ,(الفوزي ,2006,ص562).

كانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق وان قضت بان المركز القانوني للقطاع العام لا يتماثل مع المركز  القانوني للقطاع الخاص وبالتالي فان ما يقرره المشرع من امتيازات للقطاع العام لا يتعارض مع الدستور لكنها عدلت عن ذلك في احكامها اللاحقة الذي رفضت فيه اي تميز بين القطاعين العام والخاص وكانت بداية التحول في عام 1997, عليه ومن خلال الاحكام السابقة للمحكمة الدستورية المصرية اتضح انها كانت قد عدلت العديد من المبادئ القانونية  السابقة دون المساس بالمراكز القانونية السابقة اي انها اخذت بالاثر بالنسبة للمستقبل فقط وبهذا فان العدول في احكام المحكمة الدستورية  كان بمثابة ضمانه لحقوق وحريات الافراد .

الخاتمة :

بعد ان انتهينا من كتابة بحثنا الموسوم العدول في احكام القضاء الدستوري وحداثة التفسير  كنا قد توصلنا من خلاله الى مجموعة من النتائج وقدمنا من خلاله بعض التوصيات الى المشرع العراقي سواء العادي او الدستوري  والتي سنحاول ادراجها ادناه :

1-حددنا مفهوم العدول في احكام القاضي الدستوري كونه يحدث من جانب القاضي الدستوري  عن قضائه السابق وبصورة نهائية من خلال اقرار مبدا جديد مخالف للمبدأ القديم  مع عدم العودة المبدأ الاخير  بسبب حداثة التفسير الجديد واختلافه عن التفسير القديم استجابة لمتطلبات التطور وما يقتضيه الامن القانوني في الدولة .

2-وضحنا انواع العدول في الاحكام القضائية الدستورية وفقا للاساس الذي يعتمده القاضي الدستوري لعدوله عن حكمه السابق وتبنيه تفسير جديد يبني عليه الحكم الجديد وهذا الاساس بدوره يتنوع بين سبب العدول ووسائل العدول والاثار المترتبة على العدول .

3- كما بينا اهم المبررات والمسوغات التي تؤدي الى العدول في الاحكام القضائية الدستورية والتي لا تخرج من كون العدول داعم للدستور او وسيلة لحماية الحقوق والحريات الاساسية للافراد او ان العدول وسيلة لتصحيح الاحكام القضائية السابقة.

4- ولقد اوردنا مجموعة من التطبيقات الدستورية للاحكام الصادرة من القضاء الدستوري والتي تؤكد عدوله عن احكام دستورية سابقة الى مبادئ دستورية جديدة وهذه بدورها تتأثر بطبيعة النظام القضائي في الدولة والذي يتنوع من النظام الانكلوسكسوني الى النظام اللاتيني ولقد ركزنا في بحثنا على نماذج من الدساتير التي تتتراوح بين  النظامين .

5-كما انتهينا الى ان السوابق القضائية لم تكن حائلا امام عدول القاضي الدستوري بدليل ان كل المحاكم ايا كان النظام القضائي الذي تنتمي اليه قد عرفت العدول في الاحكام القضائية .

ثانيا : التوصيات

1-رغم تنظيم المشرع العادي العراقي لموضوع العدول للقاضي الدستوري عن احكامه القضائية السابقة  من خلال المادة 45 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العراقية  رقم 1 لسنة 2022 الا انه الصياغة القانونية للمادة السابقة لم تكن بمستوى الطموح اذ انها لم تحدد اثر العدول عن الاحكام القضائية السابقة بان يكون بأثر مباشر بالنسبة للمستقبل من اجل الاستقرار القانوني والمحافظة على الامن القانوني وصيانة المراكز القانونية للافراد وايضا صيانة الحقوق والحريات الاساسية للافراد لذلك نأمل من المشرع العادي الالتفات الى هذه النقطة المهمة .

2-ندعو المحكمة الاتحادية العليا العراقية  الى العدول عن موقفها السابق في التقيد بأحكام المادة 203 من قانون المرافعات المدنية العراقي  رقم 83لسنة 1969 والمتضمن اسباب الطعن تميزا وضرورة التزام المحاكم التي تتعرض احكامها للطعن تميزا بنتيجة الطعن ان هذا الالزام لايمكن ان يسري على احكام المحكمة الاتحادية العليا وذلك لانه اولالايمكن الطعن تميزا باحكام المحكمة الاتحادية العليا اضافة الى اختلاف طبيعة الدعوى المدنية عن الدعوى الدستورية .

3-ندعو المحكمة الاتحادية العليا العراقية الى تبني التفسيرات الحديثة للنصوص الدستورية  بما يجعلها تظهر بمظهر القادر على مواكبة التطور الدائم لظروف المجتمع  والافكار الحديثة بما يتلائم مع الدستور ويعكس حرصة على الاستقرار والامن القانوني في الدولة .

المصادر :

  • السرور ,احمد فتحي , الحماية الدستورية للحقوق والحريات , القاهرة , دار الشروق , 2004.
  • ابو المجد ,احمد كمال ,الرقابة على دستورية القوانين في الولايات المتحدة والاقليم المصري ,مكتبة النهضة المصرية ,1960.
  • اللمساوي ,اشرف ,الشريعة الدستورية في التشريعات المختلفة ودور القضاء الدستوري في رقابة المشروعية ,المركز القومي للاصدارات القانونية,2007.
  • الفاروقي ,حارث سلمان ,المعجم القانوني , بيروت , مكتبة لبنان ,2008.
  • الشويلي ,حسين جبر ,قرينة الدستورية , اطروحة دكتوراه ,جامعة بابل ,2015.
  • القيسي ,حنان محمد ,الاختصاص التفسيري للمحكمة الاتحادية العليا في العراق ,بغداد ,2010.
  • اليعسوب ,صالح بن يعسوب ,السوابق القضائية ودورها في الاستقرار القضائي ,بغداد ,1999.
  • الشقاني ,عبد الله شحاته ,مبدأ الاشراف القضائي على الاقتراع العام والانتخابات الرئاسية والتشريعية  والمحلية , القاهرة , دار النهضة ,2005.
  • الشكري ,علي يوسف عبد النبي ,الوسيط في الانظمة الدستورية , بيروت , منشورات الحلبي الحقوقية ,2012.
  • التميمي ,علاء صبري ,قرارات واراء المحكمة الاتحادية العليا ,بغداد ,2009 .
  • الهلالي ,علي هادي ,وحنظل ,ميثم,حجية قرارات المحكمة الاتحادية العليا على المحكمة نفسها في ضوء احكام الدستور والقضاء والفقه, الانبار ,د ن,2013.
  • المر ,عوض ,الرقابة على دستورية القوانين في ملامحها الاساسية ,مركز رينيه جان بودي للقانون والتنمية ,2013 .
  • البديع ,محمد صلاح عبد البديع ,قضاء الدستورية في مصر (القضاء الدستوري ), القاهرة ,دار النهضة ,2002.
  • ابو زيد ,محمد عبد الحميد ابو زيد ,القضاء الدستوري شرعا ووضعا, القاهرة ,دار النهضة ,2000.
  • الزكي ,محمود احمد زكي ,الحكم في الدعوى الدستورية ,القاهرة ,دار النهضة ,2004.
  • الفوزي ,هشام محمد فوزي ,رقابة دستورية القوانين بين امريكا ومصر ,القاهرة , دار النهضة ,2006.
  • العطار ,يسرى العطار ,التصدي في القضاء الدستوري ,القاهرة , دار النهضة ,1999.
  • الشيمي ,عبد الحفيظ علي ,الاغفال التشريعي في قضاء المحكمة الدستورية العليا, القاهرة ,دار النهضة 2008.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *