أ م د. محمد خضير عباس الجيلاوي

كلية الطوسي الجامعة – قسم علوم القرآن الكريم – النجف الأشرف

Mohammed.KH@altoosi.edu.iq

009647801579876 

الملخص

كان الصحابة يعرفون أنَّ الإسلام تكليف كما هو تشريف، دين علم وعمل ودعوة، فكانوا يتسابقون للدعوة للدين، ونشره بين الناس، ابتغاء الأجر من الله تعالى. ولم يكن نجاح الصحابة في تحقيق هدفهم وبلوغ غايتهم بالأمر السهل؛ بلْ قدموا لأجل ذلك النفس والنفيس، والغالي والعزيز، من أموالهم وأنفسهم، وقدموا لأجل دينهم تضحيات كبيرة، وأعمالاً جليلة.

ولم تكن عملية فتوح أَذْرَبِيجَان عملية سهلة ومتيسرة بالنسبة للصحابة، فقد كلفتهم الكثير من الوقت والجهد حتى أصبحت واقعاً يعيشه المسلمون، استطاعوا عمله عن طريق قوة إرادتهم، وقدرتهم على التحمل، وما أبدوه من صبر، وذكاء، وعبقرية في عملية الفتح.

الكلمات المفتاحية: النبي محمد (ص) – الصحابة – أَذْرَبِيجَان.

The Companions in Azerbaijan

Dr Mohammad Khudhair Abbas Al- Jailawi

Al-Tusi University College – Department of Holy Quran Sciences – Al-Najaf Al-Ashraf

Abstract:

The Companions knew that Islam is an obligation as it is an honour, a religion of knowledge, work and advocacy, so they were racing to call for the religion and spread it among the people, seeking the reward from God Almighty. The success of the Companions in achieving their goal and achieving their goal was not easy. Rather, they sacrificed for the sake of that soul and the precious, the dear and the dear, of their money and their lives, and they made great sacrifices and great deeds for the sake of their religion.

The conquest of Azerbaijan was not an easy and accessible process for the Companions, as it cost them a lot of time and effort until it became a reality experienced by the Muslims.

Keywords: Prophet Muhammad (PBUH) – Companions – Azerbaijan.

المقدمة:

حين خرجت الفتوحات الإسلامية من الجزيرة العربية، وبعد استقرار الأوضاع بها في العصر النبوي، كان الانطلاق في عصر الخلفاء الراشدين صوب العراق، والشام، وإيران، ومنهما كان الاتجاه صوب آسيا، وشمال أفريقيا زيادة على بلاد الأناضول، غير أنه كانت هناك عوامل أساس جعلت من الفتح الإسلامي لأَذْرَبِيجَان أكثر أهمية وحتمية من غيرها من بعض الأقاليم الأخرى، زيادة على نشر الإسلام وتوسيع رقعته والمحافظة على حدود الدولة الإسلامية الوليدة، فكانت منطقة آسيا الوسطى والقوقاز هي الامتداد الطبيعي والعمق الجغرافي للتمدد الإسلامي.

سبب اختيار الموضوع: إنّ الصّحابة المنتجبين كان لهم أثرٌ واضح في تعزيز القيم الإسلاميّة، ونشر الدّين الحنيف بعد وفاة رسول الله (ص) لذلك من الواجب بيان سيرة كل من دخل هذا البلد من الصحابة.

وقد اخترت هذا الموضوع وفاءً لذلك النفر المخلص المجاهد من أصحاب رسول الله (ص) ولتبيان أثرهم في نشر الإسلام بين المجتمع الأذري وتغيير ديانته إلى الإسلام.

مشكلة البحث: ما أهمية معرفة الصحابة؟ وما دورهم في فتح البلاد غير المسلمة؟ وما الأثر الذي تركوه في البلدان المفتوحة؟

أهداف البحث: تتجلى الأهداف المرجو تحقيقها في هذا البحث في بيان مكانة الصحابة في فتح أَذْرَبِيجَان وانتشار الإسلام فيها، بعد استيطان المسلمين، وأسرهم، وذويهم في أردبيل، ونزحت إليها قبائل من العراق، ومصر، والشام، واستوطنتها القبائل العربية المعروفة، وتحولت أردبيل إلى مركز إسلامي.

أهمية البحث: تسليط الضوء على الفتح الإسلامي لأَذْرَبِيجَانِ الذي كان إيذاناً بانتشار الحضارة الإسلامية، وتقبل المجتمع الأَذْرَبِيجَاني للتراث الإسلامي.

أسئلة البحث: لماذا واجه أهل هذه البلاد في بداية الفتح الإسلامي وبكل شراسة وقوة، من أجل عدم دخول المسلمين؟ ولماذا كانوا بعد الفتح قد استوعبوا ذلك على الرغم من عنادهم وقسوتهم في التعامل مع المسلمين، ونقضهم العهود والمواثيق؟ ثمَّ أصبح سكان هذه البلاد فيما بعد أكثرهم مسلمين؟

الدراسات السابقة: عن طريق البحث والاطلاع، لم يجد الباحث رسالة علمية، أو كتاب مخصص، تناول الموضوع بهذه المنهجية، غير أنه توجد دراسات هنا وهناك تتحدث عن فتح البلاد، وهي موضوعات عامة. ولهذا تأتي هذه الدراسة الحالية مكملة للجهود التي بينتها الدراسات السابقة.

حدود البحث: ستتناول الدراسة الصحابة الذين دخلوا أَذْرَبِيجَان منذ الفتح الإسلامي لها حتى وفاة آخر صحابي من أصحاب رسول الله (ص).

منهجية البحث: سوف يتبع الباحث المنهج التاريخي والوصف التحليلي. وقد اتحفتنا كتب التاريخ، والسير والتراجم بالمعلومات عن صحابة رسول الله (ص) في نشر الدين الإسلامي في هذا البلد.

واقتضت الدراسة تقسيم البحث على ما يأتي: مقدمة، وتسمية أَذْرَبِيجَان، وفتوحها، وأهم مدنها، ثمَّ الحديث عن معنى الصحبة لغةً واصطلاحاً، وبعد ذلك تطرقت إلى الصحابة الذين نزلوها.

وتطرقت في الحديث عن حياة الصحابي: إسلامه، وصحبته، وجهاده، وذكرت بعد ذلك وفاة الصحابي.

وقد حاولت في البحث أنْ أدرس كل من دخل هذا البلد من الصحابة، التي ذكرتهم المصادر المعنية، بغض النظر عن مذهب كُتاب تلك المصادر؛ لأنَّ بعض كُتاب تلك المصادر يذكر أنه صحابي بحسب معتقده، وبعضهم الآخر لا يعدّه صحابياً بحسب مذهبه، فلهذا ذكرت كل من دخل أَذْرَبِيجَان وأطلق عليه اسم صحابي.

ولم أكرر عبارة: (رضي الله عنه) عند ذكر الصحابي في كل مرة. فرضي الله عن أصحاب النبي (ص) المنتجبين، الذين اتبعوه، وساروا على سنته، ولم يغيروا بعد مماته.

تسمية أَذْرَبِيجَان:

كانت أَذْرَبِيجَان إقليماً من بلاد فارس اسمه أتروباتين، وقد بدأت هذه المملكة من القرن الرابع قبل الميلاد وكانت تشمل منطقتي أَذْرَبِيجَان الإيرانية وكردستان إيران الحاليتين (2023م، أتروباتين، 3/2).

وأَذْرَبِيجَان: بفتح أوله وإسكان ثانيه، بعده راء مهملة مفتوحة، وباء مكسورة، بعدها ياء وجيم، وألف ونون (البكري، 1403هـ، 1/128). وقد فتح قوم الذال وسكنوا الراء، ومد آخرون الهمزة مع ذلك. وروي آذريبجان، بمد الهمزة، وسكون الذال، فيلتقي ساكنان، وكسر الراء، ثمَّ ياء ساكنة، وباء موحدة مفتوحة، وجيم، وألف، ونون. وقال النحويون: النسبة إليه أذري، بالتحريك، وقيل: أذري بسكون الذال؛ لأنه عندهم مركب من أذر وبيجان، فالنسبة إلى الشطر الأول، وقيل أذربي. وقال ابن المقفع (ت 106هـ): أَذْرَبِيجَان مسماة باذرباذ بن إيران بن الأسود بن سام بن نوح، وقيل: أذرباذ بن بيوراسف، وقيل: بل أذر اسم النار بالفهلوية، وبايكان معناه الحافظ والخازن، فكأن معناه بيت النار، أو خازن النار، وهذا أشبه بالحق وأحرى به؛ لأنَّ بيوت النار في هذه الناحية كانت كثيرة جداً (ياقوت الحموي، د ت، 1/128). ويُرجع بعضهم اسم أَذْرَبِيجَان إلى القائد العسكري أتروبيتس، الذي كان قائداً في جيش الاسكندر المقدوني، وبعد أن ضم الإسكندر المنطقة إلى إمبراطوريته جعله حاكماً عليها فسميت باسمه. على حين يرجع بعضهم الأخر أصل الاسم إلى الديانة الزرادشتية القديمة. ففي فراواردين يشت الأفستي (ترنيمة إلى الملائكة الحامية) ذكرت: (أتريباتاه فرافاشيم أتريباتاه يازامايدي أشاونو)، التي تترجم حرفياً من الفارسية القديمة نعبد فرافاشي من أتاري باتا المقدسة. كما كانت أَذْرَبِيجَان تدعى: (البرزخ الميدي)؛ لأنه عبر طرقها التي يسهل اجتيازها من الشمال الشرقي والشمال الغربي يمكن اختراق الهضبة الإِيرانية من الجبهة الشمالية المنيعة، وقد جلبت هذه المنطقة التي تكوَّن أحد منفذين طبيعيين اثنين: (أَذْرَبِيجَان وخراسان) إِلى قلب إِيران شعوباً كثيرة جاءت واستقرت حول بحيرة أُرْميَة ذات المياه المالحة والتي هي أهم معلم طبيعي في أَذْرَبِيجَان، وفي هذه البقعة ولدت ونشأت الأسر المالكة في ميدية وفارس، وعند بوابات أَذْرَبِيجَان كان على الجيوش الامبراطورية الفارسية الأخمينية (559-331ق.م) أن تقف حارساً يقظاً في وجه الشعوب الطامعة القادمة من جبال القفقاس ومن السهوب الروسية الجنوبية، ويمكن القول: إِنَّ أَذْرَبِيجَان بقيت منذ تأسيس الامبراطورية الأخمينية سنة 559 ق م حتى انهيار الدولة الساسانية على يد العرب إِما تحت سيطرة أُسر فارسية، أو أنها كانت تؤلف جزءاً من الامبراطورية الفارسية كما حدث في عهد الأرشاقيين (الفرثيين) والساسانيين (2023م، تاريخ أذربيجان، 27/2).

موقعها:

تقع أَذْرَبِيجَان في الجهة الجنوبيّة من جبال القوقاز؛ إذ يحدُّها من الشمال روسيا، ومن الجنوب إيران، ومن الشرق بحر قزوين، ومن الغرب أرمينيا، ومن الشمال الغربيّ جورجيا، ويتحدد موقعها ضمن الإحداثيات الفلكية. ويهيمن عليها ثلاث ميزات مادية: بحر قزوين الذي يشكل حدود الطبيعية للمنطقة الشرقية من البلاد، وجبال القوقاز الكبرى في شمال أَذْرَبِيجَان، والسهول الواسعة النطاق في وسط البلاد. وقال البكري (ت 487هـ): أَذْرَبِيجَان، وقزوين، وزنجان كور تل الجبل من بلاد العراق، وتى كور أرمينية من جهة المغرب (البكري، 1/128). وقال ياقوت الحموي (ت 626هـ): أَذْرَبِيجَان في الاقليم الخامس، طولها ثلاث وسبعون درجة، وعرضها أربعون درجة (ياقوت الحموي، 1/128). وكانت أَذْرَبِيجَان حينذاك أشمل وأوسع من جمهورية أَذْرَبِيجَان الحالية، فقد كانت إقليماً واسعاً يضم اليوم محافظات أَذْرَبِيجَان في شمال إيران، وجمهورية أَذْرَبِيجَان، وجمهورية أرمينية، ومناطق أقصى شرق تركيا حتى بحيرة فان، وتمتاز هذه المناطق بالجبال المرتفعة، والطقس الشتوي الغزير بالأمطار والثلوج، زيادةً على كثرة الأنهار، وأهمها نهر الرس ونهر الكُر وبحيرة أرومية.

حدودها:

قال ياقوت الحموي: حد أَذْرَبِيجَان من برذعة مشرقاً إلى أرزنجان مغرباً، ويتصل حدها من جهة الشمال ببلاد الديلم، والجيل، والطرم، وهو إقليم واسع. ومن مشهور مدائنها: تبريز، وهي اليوم قصبتها وأكبر مدنها، وكانت قصبتها قديماً المراغة، ومن مدنها خوي، وسلماس، وأرمية، وأردبيل، ومرند، وغير ذلك. وهو صقع جليل، ومملكة عظيمة، الغالب عليها الجبال، وفيه قلاع كثيرة. وهي بلاد فتنة وحروب، ما خلت قط منها، فلذلك أكثر مدنها خراب، وقراها يباب (ياقوت الحموي، 1/129).

مدن أَذْرَبِيجَان في العهود الإسلامية الأولى:

نظراً لسعة الإمبراطورية الساسانية قبل الفتح العربي الإسلامي لها، فقد قسم كسرى أنو شروان المملكة على أربعة أرباع، وولى كل ربع رجلاً من ثقاته، وأول هذه الأرباع خراسان، وسجستان، وكرمان. والربع الثاني أصبهان، وقم، والجبل، وأَذْرَبِيجَان، وأرمينية. والربع الثالث فارس، والأحواز إلى البحرين. والربع الرابع العراق إلى حد مملكة الروم (ابن قتيبة، 1379هـ، 67). وقال الإدريسي (ت 560هـ): الطريق من برذعة إلى تفليس تخرج من برذعة إلى جنزة، وهي مدينة حسنة لها سور وربض عامر، وكروم، وشجر، ومزارع وغلات، سبعة وعشرون ميلاً، ومن جنزة إلى مدينة شمكور ثلاثون ميلاً، وهي مدينة تشبه جنزة في جميع أحوالها، وكرماتها، وبساتينها وثمارها، ومن شمكور إلى مدينة خنان ثلاثة وستون ميلاً، وهي ذات أسواق، وسور حصين، وربض معمور، ومن مدينة خنان إلى مدينة القلعة ثلاثون ميلاً، وهذه القلعة تنسب إلى ابن كندمان، وهي صغيرة متحصنة، ومن القلعة إلى مدينة تفليس ستة وثلاثون ميلاً، الجميع مائة ميل وستة وثمانون ميلاً. والطريق من مدينة برذعة إلى دبيل، من برذعة إلى مدينة قلقاطوس، سبعة وعشرون ميلاً، وهي مدينة صغيرة عامرة ذات سور، وسوق عامرة، ومنها إلى مدينة متزيس، تسعة وثلاثون ميلاً، وهي مدينة متحضرة صغيرة القدر ومنها إلى كيلكوين، وهي قرية عامرة كبيرة كالمدينة، ومنها إلى سيسجان، ثمانية وأربعون ميلاً، وسيسجان مدينة طيبة الهواء، حسنة الثرى، فرجة الأقطار، كثيرة الفواكه والأشجار، ومنها إلى دبيل، ثمانية وأربعون ميلاً، الجميع من ذلك مائة واثنان وستون ميلاً. والطريق من برزند المتقدم ذكرها في طريق أردبيل، من برذعة إلى دبيل من برزند إلى مدينة ميمذ، ثلاث مراحل، وهي مدينة صغيرة عامرة، ومنها إلى مدينة أهر ثلاث مراحل، ومنها إلى مدينة ورزقان أربع مراحل، وهي مدينة عامرة، حسنة البقعة، فرجة الرفعة، لها سور حصين وسوق عامرة، ومنها إلى مدينة دبيل مرحلتان، الجملة ثلاث مائة ميل، ومدينة دبيل أكبر قطراً من مدينة أردبيل، وهي أجل بلدة بأرض أرمينية الداخلة، وهي قصبتها، وبها دار الإمارة دون بلاد جميع أرمينية، كما أنَّ دار الإمارة بأران مدينة برذعة، ودار الإمارة بأرض أَذْرَبِيجَان في أردبيل، وعلى مدينة دبيل سور يحيط بها عالي السمك ثقيف (الإدريسي، 1410هـ، 2/824).

فتح أَذْرَبِيجَان:

خلت أَذْرَبِيجَان ضمن نطاق الدولة العربية الإِسلامية في خلافة عمر بن الخطاب (13- 23هـ)، وترجع سنة فتح البلاد، وقائد الفتح فيها إلى عدة روايات، فقيل: قد فتحت أولاً في أيام عمر بن الخطاب، وكان عمر قد أنفذ المغيرة بن شعبة الثقفي والياً على الكوفة، ومعه كتاب إلى حذيفة بن اليمان، بولاية أَذْرَبِيجَان، فورد الكتاب على حذيفة وهو بنهاوند، فسار منها إلى أَذْرَبِيجَان في جيش كثيف، حتى أتى أردبيل، وهي يومئذ مدينة أَذْرَبِيجَان. وكان مرزبانها قد جمع المقاتلة من أهل باجروان، وميمذ، والبذ، وسراو، وشيز، والميانج، وغيرها، فقاتلوا المسلمين قتالاً شديداً أياماً. ثمَّ إنَّ المرزبان صالح حذيفة على جميع أَذْرَبِيجَان، على ثمان مئة ألف درهم وزن، على أنْ لا يقتل منهم أحداً، ولا يسبيه، ولا يهدم بيت نار، ولا يتعرض لأكراد البلاشجان، وسبلان، وميان روذان، ولا يمنع أهل الشيز خاصة من الزفن في أعيادهم، وإظهار ما كانوا يظهرونه. ثمَّ إنه غزا موقان، وجيلان، فأوقع بهم، وصالحهم على إتاوة. ثمَّ إنَّ عمر بن الخطاب عزل حذيفة، وولى عتبة بن فرقد على أَذْرَبِيجَان، فأتاها من الموصل، ويقال: بلْ أتاها من شهر زور على السلق الذي يعرف بمعاوية الأذري، فلما دخل أردبيل، وجد أهلها على العهد، وقد انتقضت عليه نواح، فغزاها وظفر وغنم، فكان معه ابنه عمرو بن عتبة بن فرقد الزاهد. وعن الواقدي (ت 207هـ): غزا المغيرة بن شعبة أَذْرَبِيجَان من الكوفة، سنة اثنتين وعشرين، ففتحها عنوة، ووضع عليها الخراج. وروي أنَّ المغيرة بن شعبة غزا أَذْرَبِيجَان في سنة عشرين ففتحها، ثمَّ إنهم كفروا، فغزاهم الأشعث بن قيس الكندي، ففتح حصن جابروان، وصالحهم على صلح المغيرة، ومضى صلح الأشعث. وقال المدائني (ت 135هـ): لما هُزم المشركون بنهاوند، رجع الناس إلى أمصارهم، وبقي أهل الكوفة مع حذيفة، فغزا بهم أَذْرَبِيجَان، فصالحهم على ثمان مئة ألف درهم، ولما استعمل الخليفة عثمان بن عفان الوليد بن عقبة على الكوفة، عزل عتبة بن فرقد عن أَذْرَبِيجَان، فنقضوا، فغزاهم الوليد بن عقبة سنة خمس وعشرين، وعلى مقدمته عبد الله بن شبيل الأحمسي، فأغار على أهل موقان، والتبريز، والطيلسان، فغنم وسبى، ثمَّ صالح أهل أَذْرَبِيجَان على صلح حذيفة (خليفة بن خياط، 1414هـ، 2/127). وقالوا: عزل عمر بن الخطاب حذيفة وولى أَذْرَبِيجَان عتبة بن فرقد السلمي. فأتاها من الموصل، ويقال: بلْ أتاها من شهرزور، على السلق. فلما دخل أردبيل وجد أهلها على العهد. وانتقضت عليه نواح فغزاها فظفر وغنم (البلاذري، د ت، 2/400). وقال سيف بن عمر (ت 200هـ): كان فتح أَذْرَبِيجَان سنة ثمان عشرة من الهجرة بعد فتح همذان والري وجرجان وبعد صلح إصبهبذ طبرستان المسلمين، قال: وكل ذلك كان في سنة ثمان عشرة (الطبري، 1403هـ، 3/228). وروى ابن الكلبى (ت 204هـ)، عن أبي مخنف (ت 175هـ) أنَّ المغيرة غزا أَذْرَبِيجَان سنة عشرين ففتحها. ثمَّ إنهم كفروا فغزاها الأشعث بن قيس الكندي، ففتح حصن باجروان، وصالحهم على صلح المغيرة (ابن عساكر، 1415هـ، 60/40). وعن أبي عثمان النهدي قال: عزل عمر بن الخطاب حذيفة عن أَذْرَبِيجَان واستعمل عليها عتبة بن فرقد السلمي. وقال عتبة: قدمت من أَذْرَبِيجَان وافداً على عمر (البلاذري، 2/400). وعن فروة بن لقط: قال لما قام عثمان بن عفان استعمل الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فعزل عتبة عن أَذْرَبِيجَان، فنقضوا. فغزاهم الوليد سنة خمس وعشرين وعلى مقدمته عبد الله بن شبل الأحمسي. فأغار على أهل موقان، والببر، والطيلسان، فغنم وسبى، وطلب أهل كور أَذْرَبِيجَان الصلح، فصالحهم على صلح حذيفة (ابن خلدون، د ت، 2/127). وقالوا: لما افتتح نعيم بن مقرن همذان ثانية، وسار إلى الري من واج روذ، كتب إليه عمر بن الخطاب: أن يبعث سماك بن خرشة الأنصاري ممداً لبكير بن عبد الله بأَذْرَبِيجَان، فأخر ذلك حتى افتتح الري، ثمَّ سرحه من الري، فسار سماك نحو بكير بأَذْرَبِيجَان (الطبري، 3/234). وقالوا: لما أفتتح نعيم بن مقرن الري، بعث سماك بن خرشة الأنصارِيّ، وليس بأبي دُجَانة، ممداً لبكير بن عبد الله بأَذْرَبِيجَان، أمره عمر بذلك، فسار سماك نحو بكير، وكان بكير حين بعث إليها، سار حتى إذا طلع بجبال جرميذان، طلع عليهم اسفنديار بن فرخزاذ مهزوماً من بواج روذ، فكان أول قتال لقيه بأَذْرَبِيجَان، فاقتتلوا فهزم الفرس، وأخذ بكير اسفنديار أسيراً، فقال له اسفنديار: الصلح أحب إليك أم الحرب؟ قال: بلْ الصلح قال: أمسكني عندك، فإنَّ أهل أَذْرَبِيجَان إِنْ لم أصالح عليهم أو أجيء إِليهم لم يقوموا لك، وجلوا إلى الجبال التي حولها، ومن كان على التحصن تحصن إلى يوم ما. فأمسكه عنده وصارت البلاد إليه إلا ما كان من حصن. وقدم عليه سماك بن خرشة، ممداً واسنفديار في أساره، وقد افتتح ما يليه؛ وافتتح عتبة بن فرقد ما يليه (النويري، 1387هـ، 19/266). وكتب بكير إلى عمر يستأذنه في التقدم، فأذن له أنْ يتقدم نحو الباب، وأنْ يستخلف على ما افتتحه، فاستخلف عليه عتبة بن فرقد، فأقر عتبة سماك بن خرشة على عمل بكير الذي كان افتتحه، وجمع عمر أَذْرَبِيجَان كلها لعتبة بن فرقد. وكان بهرام بن فرخزاذ، قصد طريق عتبة وأقام به في عسكره، حتى قَدِم عليه عتبة، فاقتتلوا، فانهزم بهرام، فلما بلغ خبره اسنفديار وهو في الأسر عند بكير، قال: الآن تمّ الصلح، وطُفِئَت الحرب. فصالحه، وأجاب إلى ذلك أهل أَذْرَبِيجَان كلهم، وعادت أَذْرَبِيجَان سلماً، وكتب بذلك بكير، وعتبة إلى عُمر وبعثا بما خَمّساً. ولما جمع عمر لعتبة عمل بكير كتب لأهل أَذْرَبِيجَان كتاباً بالصلح (ابن الأثير، 1385هـ، 3/27). وقال الطبري (ت 310هـ): وفي هذه السنة، أعني سنة أربع وعشرين، غزا الوليد بن عقبة أَذْرَبِيجَان وأرمينية، لمنع أهلها ما كانوا صالحوا عليه أهل الإسلام، أيام عمر في رواية أبي مخنف. وأما في رواية غيره، فإنَّ ذلك كان في سنة ست وعشرين (الطبري، 3/307). وقال خليفة بن خياط (ت 240هـ) في تاريخه: في سنة ثمان وعشرين، فيها غزيت أَذْرَبِيجَان، أمير الناس الوليد بن عقبة، وقدم عبد الله بن شبيل الأحمسي فأعطوه الصلح الذي كان صالحهم عليه حذيفة (خليفة بن خياط، 1/116). وكانت قاعدة أَذْرَبِيجَان تبريز، على أيام عمر بن الخطاب، وانتقلت إلى أردبيل أيام العباسيين، ثمَّ على أيام الصفويين، وتحولت العاصمة إلى مراغة أيام المغول. وبدأ انتشار الإِسلام في أَذْرَبِيجَان في خلافة عثمان بن عفان (23-35هـ)، عندما أسكن الوالي الأشعث بن قيس جماعة من العرب من أهل العطاء، والديوان في أَذْرَبِيجَان. وأمرهم بدعاء الناس إِلى الإِسلام، فلما وليها ثانية في خلافة علي بن أبي طالب وجد أكثرهم قد أسلموا وقرؤوا القرآن الكريم. وأخذت العشائر العربية من البصرة، والكوفة، والشام تستقر في مختلف مناطقها؛ لأنَّ أَذْرَبِيجَان كانت من فتوح الكوفة، وقد بقيت تابعة إِدارياً لوالي الكوفة حتى سنة 83هـ (تاريخ أذربيجان، 3).

الصحبة في اللغة:

صَحِبَ: صَحِبَه، يَصْحَبُه، صُحْبة بالضم. وصَحابة بالفتح، وصاحَبَه عاشره، والصَّحْب جمع الصاحب، والجمع أَصحاب، وأَصاحيبُ، وصُحْبان مثل: شابّ وشُبّان (ابن منظور، 1405هـ، 1/519). وكل شيء لاءم شيئاً فقد استصحبه (الجوهري، 1407هـ، 1/162). وأما الصُحبة، والصَّحْب اسمان للجمع. وقال الأَخفش (ت177هـ) الصَّحْبُ: جمع خلافاً لمذهب سيبويه (ت180هـ)، ويقال صاحب وأَصْحاب. والصُّحْبَةُ مصدر قولك: صَحِبَ، يَصْحَبُ صُحْبَةً، وقالوا في النساءِ: هنَّ صواحِبُ يوسف (ابن منظور، 1/519).

وقد كثر استعمال الصَّحابة بمعنى الجمع، وهو في الأصل، وإنْ كان يطلق على كل من يصحب شخصاً كائناً من كان، لكنه غلب في عرف الشرع على من يصحب رسول الله (ص)، كالتابعي غَلَبَ على من يصحب الصحابيَّ، وتَبَعِ التابعي على من يصحبُ التابعي، وإنْ كان كل واحد منهما في الأصل عاماً. وجاء في المفردات للراغب الأصفهاني (ت 502هـ) الصاحب: الملازم سواء أكان إنساناً، أم حيواناً، أم مكاناً، أم زماناً، ولا فرق بين أنْ تكون مصاحبته بالبدن وهو الأصل والأكثر، أو بالعناية والهمة (الراغب الأصفهاني، 1427هـ، 282). ويطلق اسم الصحبة أيضاً بين العاقل وبين البهيمة، وذلك معروف في اللغة (الشيخ المفيد، 1414هـ، 27). والصاحب في اللغة لا يلزم منه الحسن دائماً. والصحبة أنواع: صحبة حسنة، صحبة سيئة، صحبة حقيقية، وصحبة مجازية، صحبة كثيرة، وصحبة يسيرة، صحبة ممدوحة، صحبة مذمومة. والصاحب يكون إنساناً (سواء كان كافراً، أو يهودياً، أو نصرانياً، أو منافقاً، أو ظالماً، أو عدواً، أو جاهلاً، أو…)، أو حيواناً، أو جماداً، وليس لها فضل في اللغة.

معنى الصحبة اصطلاحاً:

الصحبة مصطلح مرن، غير محدد، وقد تباينت أقوال العلماء فيه لغةً، فنراهم مختلفين في المقصود منه اصطلاحاً. وأختلف المُحْدَثون أيضاً في المعنى المراد من: (الصحابي)، فهم يريدون بذلك المسلم الملازم لرسول الله (ص)، وهذا القيد متفق عليه عندهم، ومفروغ منه، فلا يعترفون بصحبة غير المسلم. أما أهم أقوال العلماء، وأهل العلم في هذا الباب:

قال سعيد بن المسيب (ت 92هـ): الصحابة لا نعدّهم، إلا من أقام مع رسول الله (ص) سنة، أو سنتين، أو غزا معه غزوة، أو غزوتين (ابن الأثير، د ت، 1/25). وذكر الإمام ابن حنبل (ت 241هـ) من أصحاب رسول الله (ص) أهل بدر فقال: ثمَّ أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله (ص) القرن الذي بعثهم فيهم كل من صحبه سنةً، أو شهراً، أو يوماً، أو ساعةً، أو رآه فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه وسمع منه ونظر إليه (الخطيب البغدادي، 1405هــ، 69). ومن القائلين بهذا الرأي الإمام البخاري (ت 256هـ) وبنحوه قال الزين العراقي (ت 806هـ). فقال الإمام البخاري: من صحب النبيّ (ص)، أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه (البخاري، 1401هـ، 4/188). أما الشيخ المفيد (ت 413هـ) فله رأي مختلف عمن سبقه، فيقول: الصحبة قد تكون بين المؤمن والكافر، كما تكون بينه وبين المؤمن، وقد يكون الصاحب فاسقاً، كما يكون براً تقياً، ويكون أيضاً: بهيمةً وطفلاً، فلا معتبر باستحقاقها في ما يوجب المدح، أو الذم، ويقتضي الفضل، أو النقص. فأما استحقاق الصبي اسم الصحبة من الكامل العاقل، وإنْ لم يوجب ذلك له كمالاً، فهو أظهر من أنْ يحتاج فيه إلى الاشتهار بإفاضته على ألسن الناس العام والخاص، ولسقوطه بكل لسان (الشيخ المفيد، 1414هــ، 188). وحكى ابن الصلاح (ت 643هـ) حِكاية عن أبي المظفر السمعاني المروزي (ت 452هـ) أنه قال: أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحبة على كل من روى عنه (ص) حديثاً، أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبيّ (ص)، فقد أعطوا كل من رآه حُكم الصحابة (ابن الصلاح، 1416هـ، 175). وجاء في كتاب ابن حزم (ت 456هـ) ” الإحكام في أصول الأحكام ” عن معنى الصحبة والصحابة، فقال: بالضرورة ندري يقيناً لا مريةً فيه بأنهم كانوا عشرات ألوف، فقد غزا (ص) حنيناً في اثني عشر ألف إنسان، وغزا تبوك في أكثر من ذلك، وحجة الوداع في أضعاف ذلك، ووفد عليه من كل بطن من بطون قبائل العرب وفوداً أسلموا، وسألوه عن الدين، وأقرأهم القرآن، وصلوا معه، كلهم هؤلاء يقع عليه اسم: الصحبة (ابن حزم، 1407هـ، 4/532).

مما تقدم، نجد أنَّ العلماء قد توسعوا في معنى لفظة (الصحابي)؛ إذْ ألحقوا به كل من رأى النبي (ص)، أو رآه النبي (ص)، أو من سمع النبي (ص)، أو سمعه (ص)، وهو توسيع لمعنى هذه الكلمة.

الصحابة الذين نزلوا أَذْرَبِيجَان:

  • الأشعث بن قيس الكندي (ت 42هـ)

أبو محمد، الأشعث بن قيس بن معدى الكندي (ابن الأثير، 1/99). والأشعث اسمه: معد يكرب، كان أشعث الرأس فسمي الأشعث (البغدادي، 1417هـ، 5/407). أمير كندة قبل الإسلام وفي الإسلام. وكانت إقامته في حضرموت، وفد إلى النبي (ص) سنة عشر من الهجرة، في وفد كندة، وكانوا ستين راكباً، فأسلموا. ولما ولي أبو بكر، ارتد الأشعث، وبعض بطون كندة، فتنحى والي حضرموت بمن بقي على الطاعة من كندة، وجاءته النجدة فحاصر حضرموت، فاستسلم الأشعث وفتحت حضرموت عنوة، وأرسل الأشعث موثوقاً إلى أبي بكر في المدينة ليرى فيه رأيه، فأطلقه أبو بكر وزوجه أخته أم فروة! فأقام في المدينة وشهد الوقائع. ثمَّ كان مع سعد بن أبي وقاص في حروب العراق. فشهد الأشعث اليرموك في الشام، ففقئت عينه، ثمَّ سار إلى العراق، فشهد القادسيّة، والمدائن، وجلولاء ونهاوند (ابن حجر، 1426هـ، 1/239). وشهد صفين، والنهروان مع علي بن أبي طالب. وكان ممن ألزم علي بن أبي طالب بالتحكيم، وشهد الحكمين بدومة الجندل (المزي، 1401هـ، 3/295). ثمَّ ارتد وصار رأس الخوارج.

نزوله أَذْرَبِيجَان: هناك عدة روايات حول نزوله أَذْرَبِيجَان. قال سيف بن عمر: استعمله الخليفة عثمان بن عفان على أَذْرَبِيجَان (سيف بن عمر، 1391هـ، 86). وقال ابن الكلبي (ت 204هـ): ولى علي بن أبي طالب أَذْرَبِيجَان سعيد ابن سارية الخزاعي، ثمَّ الأشعث بن قيس الكندي. وعن مشايخ من أهل أَذْرَبِيجَان قالوا: قدم الوليد بن عقبة أَذْرَبِيجَان، ومعه الأشعث بن قيس. فلما انصرف الوليد ولاه أَذْرَبِيجَان، فانتقضت. فكتب إليه يستمده. فأمده بجيش عظيم من أهل الكوفة. فتتبع الأشعث بن قيس حاناً حاناً – وألحان الحائر في كلام أهل أَذْرَبِيجَان – ففتحها على مثل صلح حذيفة وعتبة بن فرقد، وأسكنها ناساً من العرب من أهل العطاء والديوان، وأمرهم بدعاء الناس إلى الإسلام. وفي رواية أخرى قال البلاذري (ت 279هـ): ولى علي بن أبي طالب الأشعث أَذْرَبِيجَان. فلما قدمها وجد أكثرها قد أسلموا وقرأوا القرآن. فأنزل أردبيل جماعة من أهل العطاء، والديوان من العرب، ومصرها، وبنى مسجدها (البلاذري، 2/402). وعن أبي مخنف، أنَّ المغيرة بن شعبة، غزا أَذْرَبِيجَان في سنة عشرين ففتحها، ثم إنهم كفروا، فغزاهم الأشعث بن قيس الكندي، ففتح حصن جابروان، وصالحهم على صلح المغيرة (ياقوت الحموي، 1/129). توفى الأشعث سنة اثنتين وأربعين، وقيل: صلى عليه الحسن بن علي (ابن عبد البر، 1/135). وهذا وهم؛ لأنَّ الإمام الحسن لمْ يكنْ في الكوفة سنة اثنتين وأربعين، إنما كان قد سلم الأمر إلى معاوية وسار إلى المدينة (ابن الأثير، 1/99). وروى البخاري ومسلم للأشعث تسعة أحاديث (الزركلي، 1410هـ، 1/332).

  • جرير بن عبد الله البجلي (ت 51هـ)

أبو عمرو، جرير بن عبد الله البجلي (السمعاني، 1408هـ، 1/284). قدم على رسول الله (ص) مسلماً في شهر رمضان في السنة العاشرة، فبعثه (ص) إلى ذي الخلصة، فهدمها. فلما أتى رسول الله (ص) خبر هدمه، سجد شكراً للَّه (البلاذري، 1/384). وقد بعث سعد بن أبي وقاص، جرير بن عبد الله البجلي إلى عمر بن الخطاب، فقال له عمر: كيف تركت الناس، قال: هم كقداح الجعبة، منها الأعضل الطايش، ومنها القائم الرايش، وسعد بن أبي وقاص ثقافها الذي يقيم أودها، ويغمز عضلها. قال عمر: وكيف تركت طاعتهم، قال: يصلون الصلاة لأوقاتها، ويؤدون الطاعة إلى ولاتها. فقال عمر: الله أكبر! إذا أقيمت الصلاة أوتيت الزكاة، إذا كان الطاعة كانت الجماعة (الزمخشري، 1401هـ، 3/291). وبعد ذلك وجه المغيرة بن شعبة وهو عامل عمر بن الخطاب على الكوفة، بعد عزل عمار بن ياسر عنها، جرير بن عبد الله البجلي إلى همذان في سنة ثلاث وعشرين، فقاتله أهلها وأصيبت عينه بسهم فذهبت. فقال احتسبها عند الله الذي زين بها وجهي ونوّر لي ما شاء، ثمَّ سلبنيها في سبيله (ابن الفقيه، 1416هـ، 459). ولما قدم علي بن أبي طالب عليه السلام الكوفة عزله عنها، ووجهه إلى معاوية يدعوه إلى طاعته، وأنْ يسلم له الأمر، ويدخل معه فيما دخل فيه أهل الحرمين، والمصرين وغيرهم (البلاذري، 2/275).

نزوله أَذْرَبِيجَان: عند تولية سعيد بن العاصي غزا أهل أَذْرَبِيجَان، فأوقع بأهل موقان، وجيلان، وتجمع له بناحية أرم، وبلوانكرح خلق من الأرمن، وأهل أَذْرَبِيجَان، فوجه إليهم جرير بن عبد الله البجلي، فهزمهم، وأخذ رئيسهم فصلبه على قلعة باجروان (ياقوت الحموي، 1/158).

خرج جرير إلى قرقيسيا من الكوفة وسكنها، وتوفي بها سنة إحدى وخمسين (السمعاني، 1/284). ويقول أهل العلم: ثلاثة رجال سادوا في الجاهلية والإسلام أحدهم: جرير بن عبد اللَّه البجليّ (الجاحظ، 1403هـ، 124).

  • حبيب بن سلمة (مسلمة) الفهري (ت 42هـ)

أبو عبد الله، حبيب بن سلمة بن مالك الأكبر النضر القرشي الفهري. ويقال له: حبيب الدروب، وحبيب الروم، لكثرة دخوله إليهم، ونيله منهم. وقال الزبير بن بكار (ت 172هـ): وحبيب بن مسلمة كان شريفاً، وقد سمع من النبي (ص). وقد أنكر الواقدي أنْ يكون حبيب سمع من النبي (ص) (ابن الأثير، 1/375). وقال البخاري: حبيب بن مسلمة الفهري القرشي، نزل الشام، له صحبة (البخاري، د ت، 2/310).

نزوله أَذْرَبِيجَان: ولاه عمر بن الخطاب أعمال الجزيرة؛ إذ عزل عنها عياض بن غنم، ثمَّ ضم إليه أرمينية وأَذْرَبِيجَان، ثمَّ عزله. وقيل: لم يستعمله عمر، وإنما سيره عثمان إلى أَذْرَبِيجَان من الشام؛ وبعث سلمان بن ربيعة الباهلي من الكوفة أمد به حبيب بن مسلمة، فاختلفا في الفيء؛ وتوعد بعضهم بعضاً؛ وتهددوا سلمان بالقتل (ابن الأثير، 1/374). ويقال: إنَّ معاوية قد وجّه حبيب بن مسلمة بجيش إلى نصر عثمان بن عفان، فلما بلغ وادي القرى، بلغه مقتل عثمان، فرجع ولم يزل مع معاوية في حروبه بصفّين وغيرها، ووجّهه معاوية إلى أرمينية والياً عليها (ابن عبد البر، 1/321). وكان حبيب مع معاوية في صفين وغيرها، وقد سيره إلى أرمينية والياً عليها فمات بها، سنة اثنتين وأربعين، ولم يبلغ خمسين سنة، وقيل توفى بدمشق (ابن عساكر، 12/68).

  • حذيفة بن اليمان (ت 36هـ)

أبو عبد الله، حذيفة بن اليمان، (اليمان لقب) اسمه: حسل (حسيل) (خليفة بن خياط، 98). وإنما لقب بذلك لحصول فتن، وحروب في قومه باليمن، فهرب إلى يثرب قبل الإسلام، وحالف بني الأشهل (الأوس)، فسماه قومه باليماني (ابن قتيبة، 1379هـ، 263). أسلم من بني عبس عند رسول الله (ص) عشرة، عاشرهم اليمان، وأخطأ به المسلمون يوم أُحُد فقتلوه، وحذيفة يقول أبي أبي، فأمر رسول الله (ص) بإخراج ديته، فوهبها حذيفة للمسلمين (الشافعي، د ت، 202). وهو من الصحابة الولاة، الشجعان، الفاتحين، ويعرف المنافقين، لا يعلمهم أحد غيره (العجلي، 1406هـ، 1/289). وكان قد هاجر إلى النبي (ص)، فخيره بين الهجرة والنصرة، فأختار النصرة، وشهد مع النبي (ص) أُحداً (ابن حبان، د ت، 3/80). وكان في الخندق، وما بعدها من المشاهد مع رسول الله (ص) (ابن سعد، د ت، 7/317). وشهد حرب نهاوند، ولما قتل النعمان بن مقرن أمير ذلك الجيش أخذ الراية، ثمَّ غزا مدينة الدينور، فأفتتحها عنوة، وقد كانت لسعد بن أبي وقاص فانتفضت (خليفة بن خياط، 107). وفتح همدان، والري، وشهد فتح الجزيرة، ونزل نصيبين، وتزوج فيها (ابن الأثير، 1/391).

نزوله أَذْرَبِيجَان: لما قدم المغيرة بن شعبة إلى الكوفة والياً عليها من الخليفة عمر بن الخطاب، جاء بكتاب إلى حذيفة بن اليمان بولاية أَذْرَبِيجَان، فأنفذه إليها وهو بنهاوند، أو بقرب منها، فسار حتى أتى أردبيل، وهي مدينة أَذْرَبِيجَان وبها مرزبانها، وإليه جباية خراجها، فقاتلوا المسلمين، ثمَّ صالح المرزبان حذيفة عن جميع أهل أَذْرَبِيجَان. ثمَّ غزا موقان، وجيلان، فأوقع بهم، وصالحوه على أتاوة (البلاذري، 2/400). وولاّه عمر بن الخطاب على المدائن (ابن عساكر، 12/261).

وأُخرج لحذيفة في الصحيحين، سبعة وثلاثون حديثاً، المتفق عليه منها عشرة، وانفرد البخاري بثمانية، ومسلم بسبعة عشـر (ابن حنبل، 1409هـ، 1/283). وقال الزر كلي: لحذيفة في كتب الحديث: مائتان وخمس وخمسون حديثاً (الزركلي، 2/171). ولما نزل بحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً، وبكى بكاءً كثيراً، فقيل: ما يبكيك، فقال: ما أبكي أسفاً على الدنيا؛ بلْ الموت أحب إليّ، ولكني لا أدري على ما أقدم على رضا، أم على سخط. وقيل: لما حضره الموت، قال: هذه آخر ساعة من الدنيا، اللهم تعلم إني أحبك، فبارك لي في لقائك، ثمَّ مات (ابن الأثير، 1/392). وقال البخاري: مات بعد عثمان بأربعين يوماً (البخاري، 3/96). وقال الخطيب البغدادي: مات بالمدائن، سنة ستة وثلاثين، قبل عثمان بأربعين ليلة، لفظهما سواء، وقولهما قبل قتل عثمان خطأ؛ لأنَّ عثمان قتل في آخر سنة خمس وثلاثين (الخطيب البغدادي، 1417هـ، 1/175).

  • سعيد بن العاص (ت 53هـ)

أبو عبد الرحمن، سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص القرشي الأموي (ابن حبان، 109). قبض رسول الله (ص) وسعيد بن العاص ابن تسع سنين، أو نحوها، وذلك أنَّ أباه العاص بن سعيد، قتل يوم بدر كافراً، قتله علي بن أبي طالب (ابن سعد، 5/31). وكان هذا سعيد من أشراف قريش، وأجودهم، وفصحائهم، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان بن عفان (ابن الأثير، 2/310). واعتزل فتنة الجمل وصفين.

نزوله أَذْرَبِيجَان: غزا سعيد طبرستان فافتتحها، وغزا جرجان، فافتتحها سنة تسع وعشرين، أو سنة ثلاثين، وانتقضت أَذْرَبِيجَان فغزاها فافتتحها، ثمَّ عزله عثمان، وولى الوليد بن عقبة، فمكث مدة، فشكاه أهل الكوفة، فعزله عثمان أيضاً، ورد سعيداً، فكتبوا أهل الكوفة إلى عثمان: لا حاجة لنا في سعيدك ولا وليدك (ابن عبد البر، 1/321). وحج سعيد بالناس في سنة تسع وأربعين، أو سنة اثنتين وخمسين، ولبث بعدها. وقال الزبير بن بكار: مات سعيد في قصره بالعقيق، سنة ثلاث وخمسين (ابن حجر، 3/91).

  • سلمان بن ربيعة الباهلي (ت 31هـ)

أحد بنى قتيبة بن معن بن مالك التميمي، كوفي. ذكره العقيلي (ت 322هـ) في الصحابة. وقال أبو حاتم الرازيّ (ت 327هـ): له صحبة (ابن أبي حاتم، 1371هـ، 4/297). وقال ابن عبد البر (ت: 463هـ): وهو عندي كما قالا (ابن عبد البر، 2/632). وسلمان أول من قضى بالكوفة، ثمَّ قضى بالمدائن. وشهد فتوح الشام مع أبي أمامة الباهلي، واستقضاه عمر على الكوفة. وكان يقال له: سلمان الخيل؛ لأنَّ عمر بن الخطاب قد أعد في كل مصر من أمصار المسلمين خيلاً كثيرة معدة للجهاد، فكان من ذلك بالكوفة أربعة آلاف فرس. فكان العدو إذا دهم الثغور، ركبها المسلمون وساروا مجدين لقتاله، فكان سلمان يتولى تلك الخيل بالكوفة (ابن الأثير، 2/327).

نزوله أَذْرَبِيجَان: غزا سلمان بن ربيعة أَذْرَبِيجَان، ثمَّ غزا بلنجر في أقاصي أران والخزر، وقتل ببلنجر سنة ثمان وعشرين، في خلافة عثمان، وقيل: سنة تسع وعشرين وقيل: سنة ثلاثين وقيل: سنة إحدى وثلاثين. وروى عنه عدي بن عدي والصبي بن معبد (البخاري، 4/137).

  • سماك بن خرشة الأنصاري

وهو غير أبي دجانة سماك بن خرشة الخزرجي البياضي الأنصاري الذي استشهد في اليمامة (ابن سعد، 3/556). قال سيف في الفتوح: وكان سماك بن مخرمة الأسدي، وسماك بن عبيد العبسي، وسماك بن خرشة الأنصاري وليس بأبي دجانة، هؤلاء الثلاثة أول من ولي مسالح دستبي من أرض همذان، وقدم هؤلاء الثلاثة على عمر بن الخطاب في وفود أهل الكوفة بالأخماس وانتسبوا له، فقال: اللهم بارك فيهم واسمك بهم الإسلام. وذكر سيف أيضاً أنَّ سماك بن خرشة: شهد القادسية (ابن حجر، 3/147). وقال ابن عبد البر: قد قيل: إنه عاش حتى شهد مع علي بن أبي طالب صفّين (ابن عبد البر، 2/652). ولم يشهد أبو دجانة صفين، ولعله اشتبه عليه بهذا. وقال ابن مسكويه (ت 421هـ): كان لسماك بن خرشة وليس لأبي دجانة ذكر في فتوح الري (ابن مسكويه، 1327هـ، 1/399). وقال ابن حجر (ت 852هـ): إنما ذكرت هؤلاء في هذا القسم لما تقدم من أنهم لم يكونوا يؤمرون في الفتوح إلا الصحابة (ابن حجر، 3/147).

نزوله أَذْرَبِيجَان: ذَكرتُ نزول سماك إلى أَذْرَبِيجَان في فتوحها والتي قام بها مع نعيم بن مقرن. وقد أقر عتبة بن فرقد، سماك بن خرشة على عمل بكير بن عبد الله الذي كان افتتحها (ابن الأثير، 3/27).

  • شريح بن المكدد

هو شريح بن مرة بن سلمة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي، وكان جواداً، ووفد إلى النبي (ص). وإنما قيل: المُكَدَّد لقوله:

سَلُونِي وكُدُّوني فإِنِي لَبَاذِلٌ              لَكُمْ مَا حَوَتْ كَفَّايَ فِي العُسْرِ واليُسْرِ

نزوله أَذْرَبِيجَان: استخلفه الأشعث بن قيس على أَذْرَبِيجَان (ابن حجر، 3/274).

  • الشماخ بن ضرار الغطفاني (ت 22هـ)

أبو سعيد، الشماخ بن ضرار بن حرملة المازني الذبياني، وأمه معاذة بنت بجير بن خلف من بنات الخرشب، ويقال: إنهن أنجب نساء العرب. وقال المرزباني (ت 384هـ): اسم الشماخ معقل وكان شديد متون الشعر، صحيح الكلام، وأدرك الاسلام فأسلم، وحسن إسلامه، وشهد الشماخ القادسية (ابن حجر، 3/286). وقال أبو فرج الأصفهاني: وقد قال شماخ للنبيّ (ص):

تعلَّم رسول اللَّه أنا كأننا          أفأنا بأنمار ثعالب ذي غِسْل

تعلَّم رسول الله لم أر مثلهم      أجرّ على الأدنى وأحرم للفضل

يعني أنمار بن بغيض وهم قومه. وهو أحد من هجا عشيرته، وهجا أضيافه، ومنّ عليهم بالقرى (أبو الفرج الأصفهاني، د ت، 9/109).

نزوله أَذْرَبِيجَان: ذكره الطبري في أحداث سنة اثنين وعشرين، في فتح أَذْرَبِيجَان والباب (الطبري، 3/237). وقد غزا الشماخ أَذْرَبِيجَان مع سعيد بن العاص (البلاذري، 2/403). وقال الشماخ في أَذْرَبِيجَان (ابن منظور، 2/487):

تَذَكَّرْتُها وَهْناً وقد حالَ دونها        قُرى أَذْرَبِيجَان المَسالِحُ والجالُ

توفي الشماخ في غزوة موقان، في زمن عثمان بن عفان (ابن حجر، 3/286).

  • عَبدُ اللهِ بنُ شُبَيْل الأحْمَسِي (ت 62هـ)

قال ابن عبد البر: في صحبته نظر (ابن عبد البر، 3/926). وقال ابن حجر: وقد تقدم غيره مرة أنهم كانوا لا يؤمرون إلا الصحابة (ابن حجر، 1/130؛ 1/159؛ 4/109).

نزوله أَذْرَبِيجَان: كان عبد الله بن شبيل على مقدمة الوليد بن عقبة لما غزا أَذْرَبِيجَان، حين نقضوا الصلح، فأغار عبد الله على أهل موقان، والتتر، والطيلسان، ففتح، وغنم، وسبى، فطلب أهل أَذْرَبِيجَان الصلح، فصالحهم. وقد قدمها في سنة ثمان وعشرين غازياً في خلافة عثمان (ابن الأثير، 3/182). وقد أثنى عليه عليّ بن أبي طالب بالتواضع، وحسن السيرة والهدى. ففي كتاب علي بن أبي طالب إلى قيس بن سعد عامله على أَذْرَبِيجَان، (قد سألني عبد الله بن شبيل الأحمسي الكتاب إليك في أمره، فأُوصيك به خيراً، فإنّي رأيته وادعاً متواضعاً، حسن السمت، والهدي) (البلاذري، 2/161). وقال اليعقوبي (ت 284هـ) في تاريخه: ولمّا أجمع عليٌّ القتال لمعاوية كتب أيضاً إلى قيس: (أمّا بعد: فاستعمل عبد الله بن شبيل الأحمسي خليفة لك، وأقبل إليَّ، فإنّ المسلمين قد أجمع ملؤهم وانقادت جماعتهم، فعجّل الإقبال، فأنا سأحضرنّ إلى المحلّين عند غرّة الهلال، إنْ شاء الله، وما تأخّري إلاّ لك، قضى الله لنا ولك بالإحسان في أمرنا كلّه) (اليعقوبي، 2/203).

-عبد الله بن عمر بن الخطاب (ت 73هـ)

أبو عبد الرحمن، عبد الله بن عمر بن الخطَّاب بن نفيل القرشي العدوي. وهو شقيق حفصة، أمهما زينب بنت مظعون بن حبيب الجمحيّ، مولده ووفاته في مكة، أسلم مع أبيه، وهو صغير، لم يبلغ الحلم. وقد قيل: إنَّ إسلامه كان قبل إسلام أبيه، ولا يصح؛ لأنّ عبد الله بن عمر كان ينكر ذلك. وأصحّ من ذلك قولهم: إنَّ هجرته كانت قبل هجرة أبيه، واجتمعوا أنه لم يشهد بدراً، واختلف في شهوده أحُداً، والصحيح أنَّ أول مشاهده الخندق (ابن عبد البر، 3/950). وشهد فتح مصر، وشهد غزو فارس (الصفدي، 1420هـ، 17/189). وشهد فتح أصبهان، فقد خرج النعمان بن مقرن، ومعه حذيفة بن اليمان، والزبير، والمغيرة بن شعبة، والأشعث بن قيس، وعبد الله بن عمر، كلهم تحت رايته، وهو أمير الجيش، ففتح الله عليه أصبهان (ابن حبان، 2/228).

نزوله أَذْرَبِيجَان: في حديث عن ابن عمر أنه قال: أريح علينا الثلج، ونحن أَذْرَبِيجَان ستة أشهر في غزاة، قال ابن عمر: وكنا نصلي ركعتين (البيهقي، د ت، 3/152). ولما قتل عثمان عرض عليه نفر أنْ يبايعوه بالخلافة فأبى. وكان عبد الله يفتي الناس ستين سنة، وكف بصره في آخر حياته، وهو آخر من توفي في مكة من الصحابة، له في كتب الحديث ألفان وستة مئة وثلاثون حديثاً (الزركلي، 4/108).

  • عبيد الله بن العباس (ت 87هـ)

أبو محمد، عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي (ابن عبد البر، 3/1009). وهو ابن عم النبي (ص) (ابن الأثير، 3/542). ولما قبض النبي (ص) كان لعبيد الله من العمر نحو اثنتي عشرة سنة (العلائي، 1407هـ، 1/232). وكان إسلامه مع إسلام أبيه (ابن عساكر، 37/374). وإسلام أبيه كان قبل فتح مكة، وقيل: إنَّ إسلام أبيه قبل بدر (ابن عبد البر، 2/812). وكان عبيد الله أصغر من أخيه عبد الله بسنة. وقد ولاه الإمام علي على البحرين وما يليها، واليمن ومخاليفها (الطبري، 3/163). وبعثه علي بن أبي طالب فحجّ بالناس سنة ست وثلاثين، وسنة سبع وثلاثين، فلما كان سنة ثمان وثلاثين بعثه أيضاً (ابن عبد البر، 3/1009). وبعد استشهاد علي بن أبي طالب فارق عبيد الله اليمن لما سار إليها بسر بن أرطأة لقتل شيعة علي، ولما رجع بسر إلى الشام، عاد عبيد الله إلى اليمن (ابن الأثير، 3/542).

نزوله أَذْرَبِيجَان: قال ابن كثير (ت 774هـ) في البداية والنهاية في حوادث سنة أربعين: ولي الحسن بن علي، قيس بن سعد على إمرة أَذْرَبِيجَان، تحت يده أربعون ألف مقاتل، قد بايعوا علياً على الموت، فلما مات علي ألح قيس بن سعد على الحسن في النفير لقتال أهل الشام، فعزل قيسا ًعن إمرة أَذْرَبِيجَان، وولى عبيد الله بن عباس عليها (ابن كثير، 1351هـ، 8/16).

مات عبيد الله بالمدينة سنة سبع وثمانين. ولم يرو عن النبي (ص) شيئاً. وكان سخياً، جواداً، ينحر كل يوم جزوراً. وقيل: هو أول من وضع الموائد على الطرق (الزركلي، 4/194).

  • عتبة بن فرقد السلمي (ت 50هـ)

أبو عبد الله، عتبة بن فرقد بن يربوع السلمي (ابن عبد البر، 3/1029). له صحبة، ورواية، وكان شريفاً. غزا مع النبي (ص) غزوتين (ابن حجر، 4/365). وشهد خيبر مع رسول الله (ص) فقسمت الغنائم، فأصابه منها سهم، فجعلها لبني عمه عاماً ولأخواله عاماً. وكان من أشراف بني سليم ومن أفاضل الكوفة، وقد بايع رسول الله (ص) وعليه جرب، فتفل عليه فذهب جربه، ولم يزل طيب الرائحة إلى أنْ مات (البلاذري، 13/323).

نزوله أَذْرَبِيجَان: كان أميراً لعمر بن الخطَّاب على بعض فتوح العراق. وشهد فتح أَذْرَبِيجَان، وقد كتب عمر بن الخطَّاب إلى عتبة بأَذْرَبِيجَان: أنه ليس من كدك، ولا كد أبيك، ولا كد أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك، وإياكم والتنعم (ابن الأثير، 3/366). وقال البلاذري: عزل عمر بن الخطاب، حذيفة عن أَذْرَبِيجَان، وولاها عتبة بن فرقد السّلمي، فأتاها من الموصل، ويقال: بل ْأتاها من شهر زور، فغزا بأَذْرَبِيجَان مغازي فظفر، وغنم، وكان معه ابنه عمرو بن عتبة العابد. وعن أبي عثمان النهدي، قال: كنت مع عتبة بن فرقد حين افتتح أَذْرَبِيجَان (البلاذري، 13/323). وقالوا: شهرزور، والصامغان، ودراباذ، من فتوح عتبة بن فرقد السلمي. فتحها وقاتل الأكراد، فقتل منهم خلقاً، وكتب إلى عمر: إني قد بلغت بفتوحي أَذْرَبِيجَان. فولاه إياها (البلاذري، 2/410). وذكره بعض الرواة فيمن قدم أصبهان واستشهد بها (أبو نعيم الأصبهاني، 1353هـ، 1/73). وهذه الرواية لا نرجحها؛ لأنه سكن عتبة الكوفة ومات بها، وكان له بها عقب يقال لهم: الفراقدة (ابن سعد، 4/275، 6/41). توفي في حدود الخمسين للهجرة وقد روى له النسائي (الصفدي، 19/292).

 

  • عثمان بن أبي العاص الثقفي (ت 51هـ)

أبو عبد الله، عثمان بن أبي العاص بن بشر بن دهمان بن عبد الله الثقفي (خليفة بن خياط، 1/53). أسلم عثمان عندما قدم مع وفد ثقيف إلى النبي (ص) في المدينة، فأسلموا، وكان عثمان أصغرهم سناً، وأقرأه النبي (ص) القرآن، ولما أراد وفد ثقيف الانصراف إلى الطائف، قالوا: يا رسول الله أمّر علينا أحداً (ابن سعد، 7/40). فأمّر عليهم عثمان فتولى الطائف (ابن الأثير، 3/373)؛ لأنه كان أحرصهم على الإسلام. ولما كان زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وخط البصرة ونزلها من المسلمين، أراد أنْ يستعمل عليها رجلاً ذا عقل، وقوام، وكفاية، فقيل له: عليك بعثمان بن أبي العاص، فقال: ذاك أمير أمّرهُ رسول الله (ص) فما كنت لأنزعنه، قالوا: أُكتب إليه بذلك (ابن سعد، 7/40). فأقبل عثمان إلى البصرة، فابتنى فيها داراً، ثمَّ ولاه الخليفة عمر البحرين وعُمان، في سنة خمس عشرة هجرية (ابن الكلبي، 1407هـ، 392).

نزوله أَذْرَبِيجَان: قال المقدسي (ت 322هـ) في كتابه البدء والتاريخ: بُعث عثمان بن أبي العاص الثقفي إلى أرمينية وأَذْرَبِيجَان، فصالحهم على الجزية (المقدسي، 1/310).

وروى عثمان عن النبي (ص) تسعة أحاديث، روى الإمام مسلم ثلاثة منها (النووي، 1417هـ، 1/296). توفي سنة احدى وخمسين للهجرة في البصرة، وموضع يقال له: (شط عثمان) منسوب إليه (الزركلي، 4/207).

  • قيس بن سعد بن عبادة (ت 60هـ)

أبو عبد الملك، قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي (ابن سعد، 6/52). كان قيس من كرام أصحاب رسول الله (ص)، ومن أهل الرأي، والمكيدة في الحروب، مع النّجدة، والبسالة، والسخاء، والكرم، وكان شريف قومه غير مدافع، هو وأبوه وجدّه. صحب قيس النبي (ص)، وأبوه، وأخوه سعيد. وقال أنس بن مالك (ت 93هـ): كان قيس بن سعد بن عبادة من النبي (ص) مكان صاحب الشرطة من الأمير، وأعطاه رسول الله (ص) الراية يوم فتح مكة؛ إذ نزعها من أبيه لشكوى قيس بن سعد يومئذ. وقد قيل: إنه أعطاها الزبير. ثم َّصحب قيس بن سعد عليّ بن أبي طالب، وشهد معه الجمل، وصفّين، والنهروان هو وقومه، ولم يفارقه حتى قتل، وكان قد ولَّاه على مصر، فضاق به معاوية وأعجزته فيه الحيلة، وكايد فيه عليّاً، ففطن علي بن أبي طالب بمكيدته، فلم يزل به الأشعث، وأهل الكوفة حتى عزل قيساً، وولىّ محمد بن أبي بكر، ففسدت عليه مصر. ولما أجمع الحسن على مبايعة معاوية خرج عن عسكره، وغضب، وبدر منه فيه قول خشن، أخرجه الغضب، فاجتمع إليه قومه، فأخذ لهم الحسن الأمان على حكمهم، والتزم لهم معاوية الوفاء بما اشترطوه (ابن عبد البر، 3/1289).

نزوله أَذْرَبِيجَان: عندما ولي الحسن بن علي الخلافة، وكان قيس بن سعد على إمرة أَذْرَبِيجَان، تحت يده أربعون ألف مقاتل قد بايعوا علياً على الموت، فلما مات علي ألح قيس بن سعد على الحسن في النفير لقتال أهل الشام، فعزل قيساً عن إمرة أَذْرَبِيجَان، وولى عبيد الله بن عباس عليها (ابن كثير، 8/17). ولزم قيس المدينة، وأقبل على العبادة حتى مات بها سنة ستين، وقيل: سنة تسع وخمسين في آخر خلافة معاوية (ابن عبد البر، 3/1289). وقال ابن حبان (ت354هـ): كان قيس قد هرب من معاوية، ومات سنة خمس وثمانين في خلافة عبد الملك (ابن حجر، 5/361). وقيل: هرب من معاوية سنة ثمان وخمسين، وسكن تفليس فمات فيها. له ستة عشر حديثاً (الزركلي، 5/206).

  • محمد بن عمير بن عطارد (ت 85هـ)

أبو عمير، محمد بن عمير بن عطارد التميمي الكوفي، ذكره ابن مندة (ت 470هـ) في الصحابة (ابن الأثير، 4/328). وقيل لا تعرف له صحبة، ولا رؤية. وعن محمد بن عمير بن عطارد أنَّ رسول الله (ص) كان في نفر من أصحابه فجاء جبريل … (المتقي الهندي، 1409هـ، 12/412). وكان محمد سيد أهل الكوفة في زمانه. وله مع الحجاج وغيره من أمرائها أخبار. وعده ابن حبيب (ت 245هـ) في المحبر من أجواد الإسلام، وقال: حمل ألف رجل انهزموا إليه، من بكر بن وائل، بأَذْرَبِيجَان، على ألف فرس، في غزوة واحدة (ابن حبيب، المحبر، 154).

نزوله أَذْرَبِيجَان: في حوادث سنة ست وستين، في تاريخ الطبري ذكر أنَّه قد: بعث محمد بن عمير بن عطارد على أَذْرَبِيجَان (الطبري، 4/509). ومضى محمد بن عمير، ولم يخلف عقباً (ابن أبي الحديد، 1378هـ، 15/133). وكان مع علي بن أبي طالب بصفين، واستعمله على تميم الكوفة (ابن عساكر، 55/38). وقال محمد في الكوفة: إنَّ الكوفة قد سفلت عن الشام، ووبائها، وارتفعت عن البصرة، وعمقها، فهي مريئة، مريعة، عذبة، ثريّة، إذا أتتنا الشّمال ذهبت مسيرة شهر على مثل رضراض الكافور، وإذا هبّت الجنوب، جاءتنا بريح السّواد، وورده، وياسمينه، وأترجّه، وماؤنا عذب، وعيشنا خصب (ابن قتيبة، 1348هـ، 1/321).

  • مسلم بن عوسجة (ت 61هـ)

مسلم بن عوسجة الأسدي من بنى سعد بن ثعلبة (الطبري، 4/270). شيخ كبير السن، وشخصية أسدية كبرى، وإحدى شخصيات الكوفة البارزة. ومن أبطال العرب في صدر الإسلام (الزركلي، 7/222). قيل: أنه صحابي (الأمين، د ت، 1/612). وذكره ابن الأثير (ت 630هـ) باسم: مسلم أبو عوسجة (ابن الأثير، 4/364). وقال ابن حبان: مسلم والد عوسجة له صحبة (ابن حبان، 3/381). وقال البغوي (ت 510هـ) أحسبه كان بالكوفة… وعن عوسجة عن أبيه مسلم قال: سافرت مع رسول الله (ص) فكان يمسح على الخفين (ابن حجر، 6/90). وكان مسلم في الرعيل الأول من صحابة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وذكرته جميع المصادر هو أول قتيل من أنصار الحسين عليه السلام، بعد قتلى الحملة الأولى. وكان يأخذ البيعة للحسين في الكوفة (شمس الدين، 1401هـ، 108).

نزوله أَذْرَبِيجَان: شهد فتوح الإسلام، وكان له فيها مواقف اعترف بها شبث بن ربعي، فقال متأسفاً بعد استشهاده، وقد صاحت جارية له: وامسلماه يا ابن عوسجتاه يا سيداه، فتنادى أصحاب عمرو بن الحجاج: قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي. فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه: ثكلتكم أمهاتكم، إنما تقتلون أنفسكم بأيديكم، وتذللون أنفسكم لغيركم! تفرحون أنْ يقتل مثل مسلم بن عوسجة؟ أما والذي أسلمت له لرُبَّ موقف له قد رأيته في المسلمين كريم! لقد رأيته يوم سلق أَذْرَبِيجَان قتل ستة من المشركين قبل التئام خيول المسلمين. أفيقتل منكم مثله وتفرحون؟! وكان الذي قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبد الله الضبابي، وعبد الرحمن بن أبي خشكارة البجلي (أبو مخنف الأزدي، د ت، 138).

  • المغيرة بن شعبة الثقفي (ت 50هـ)

أبو عيسى، المغيرة بن شعبة الثقفي (ابن سعد، 4/284). أسلم عام الخندق، وقدم مهاجراً. وقيل: إنّ أوّل مشاهده الحديبيّة (ابن عبد البر، 4/1445). وشهد بيعة الرضوان، وله فيها ذكر (الذهبي، 1413هـ، 3/21). وشهد فتوح الشام مع المسلمين، واليرموك، والقادسيّة وبها فقئت عينه. وشهد فتح المدائن (الخطيب البغدادي، 1/191). وافتتح همدان، وأَذْرَبِيجَان، والأحواز، ونهاوند (ابن حزم، د ت، 11/259). ولاه عمر بن الخطَّاب البصرة لسنتين. ثمَّ عزله عمر عن البصرة، عندما شهدوا عليه بالزنا! (الذهبي، 3/31)، فولاه الكوفة. ثمَّ عزله عثمان بن عفان عن الكوفة، فبقي معزولاً حتى كان أمر الحكمين، فكان مع معاوية، ووليها حتى مات فيها (الطبري، 2/590).

نزوله أَذْرَبِيجَان: روى الواقدي في إسناده: أنَّ المغيرة بن شعبة غزا أَذْرَبِيجَان من الكوفة في سنة ثنين وعشرين، حتى انتهى إليها ففتحها عنوة، ووضع عليها الخراج. وروى ابن الكلبى، عن أبي مخنف: أنَّ المغيرة غزا أَذْرَبِيجَان سنة عشرين ففتحها. ثمَّ إنهم كفروا، فغزاها الأشعث بن قيس الكندي، ففتح حصن باجروان، وصالحهم على صلح المغيرة. وكان أبو مخنف لوط بن يحيى يقول: إنَّ عمر ولى سعداً، ثمَّ عماراً، ثمَّ المغيرة، ثمَّ رد سعداً، وكتب إليه وإلى أمراء الأمصار في قدوم المدينة في السنة التي توفى فيها (البلاذري، 2/401). وأما سيف بن عمر فإنه قال: كان فتح أَذْرَبِيجَان سنة ثمان عشرة من الهجرة بعد فتح همذان، والري، وجرجان، وبعد صلح إصبهبذ طبرستان المسلمين (الطبري، 3/228).

وللمغيرة مئة وستة وثلاثين حديثاً. وهو أول من وضع ديوان البصرة، وأول من سلم عليه بالإمرة في الإسلام (الزركلي، 7/277). وكانت وفاته في الكوفة في شعبان سنة خمسين بعد وقوع الطاعون في الكوفة (خليفة بن خياط، 1/210).

  • نعيم بن مقرن المزني

أخو النعمان بن مقرن، خلف أخاه النعمان حين قتل بنهاوند، وكانت على يديه فتوح كثيرة، وهو وأخوه من جلَّة الصحابة، وكانوا من وجوه مزينة، وكان عمر بن الخطاب يعرف لنعيم والنعمان موضعهما (ابن الأثير، 5/34). وقد أنفذ عمر إلى الري، وقومس نعيم بن مقرن، وعلى مقدمته سويد بن مقرن، وعلى مجنبته عيينة بن النحاس، وذلك في سنة ثماني عشرة، أو تسع عشرة، فلم يقم له أحد، وصالحهم وكتب لهم كتاباً (ياقوت، 1/422).

نزوله أَذْرَبِيجَان: ذَكرتُ في فتوح أَذْرَبِيجَان دور نعيم فيها. وحين رأى حاكم أَذْرَبِيجَان إسفنديار قدوم قوات المسلمين إليه، شرع على الفور في لملمة صفوف جنوده بأعداد كبيرة، وقد حاول قطع الطريق على قوات المسلمين المتقدمة بقيادة نعيم بن مقرن، والتقى الجانبان في مكان يُسمى: واج روذ، وهي منطقة سهلية تقع بين همذان، والدينور، وكانت خطة زعيم الأذريين أنْ يكمن للمسلمين في الطريق ويأخذهم على حين غرة مستغلاً عامل المفاجأة. لكن القائد نعيم بن مقرن عرف بالمخطط مبكراً من خلال مخابراته وعيونه، ولم يشأ أن يُضيّع وقتاً في مدينة همذان. وقال المؤرخ الطبري في أحداث سنة اثنين وعشرين: وخرج إليهم في الناس حتى نزل عليهم بواج الروذ، فاقتتلوا بها قتالاً شديداً، وكانت وقعة عظيمة تعدِل نهاون، ولم تكن دونها، وقُتل من القوم مقتلة عظيمة، لا يُحصون، ولا تقصر ملحمتهم من الملاحم الكبار، وقد كانوا كتبوا إلى عمر باجتماعهم، ففزع منها عمر، واهتم بحربها، وتوقّع ما يأتيه عنهم، فلم يفجَأه إلا البريد بالبشارة، فقال: أبشير! فقال: بلْ عروة، فلما ثنى عليه: أبشير؟ فطن، فقال: بشير، فقال عمر: رسول نعيم؟ قال: رسول نعيم، قال: الخبر؟ قال: البُشرى بالفتح والنصر، وأخبره الخبر، فحمد اللَّه، وأمر بالكتاب، فقُرئ على الناس، فحمدوا اللَّه (الطبري، 3/230).

  • هاشم بن عتبة بن أبي وقاص (ت37هـ)

أبو عمرو، هاشم بن عتبة بن أبي وقاص القرشي الزهري، ابن أخي سعد بن أبي وقاص (ابن الأثير، 5/49). أسلم يوم الفتح، ولقب بالمرقال؛ لأنه كان يرقل في الحرب أي يسرع من الأرقال، وهو ضرب من العدو (ابن حجر، 6/404). وكان خطيب من الفرسان، ومن الفضلاء الأخيار، ومن الأبطال الشجعان، فقئت عينه يوم اليرموك، ثمَّ أرسله عمر بن الخطاب من اليرموك مع خيل العراق إلى سعد، كتب إليه بذلك، فشهد القادسية، وأبلى فيها بلاءً حسناً، وقام منه في ذلك ما لم يقم من أحد، وكان سبب الفتح على المسلمين. وهو الَّذي افتتح جلولاء، فعقد له سعد اللواء، ووجّهه وفتح الله عليه جلولاء، ولم يشهدها سعد. وقد قيل: إنَّ سعداً شهدها. وكانت جلولاء تسمّى: فتح الفتوح، وفتحت جلولاء سنة ست عشرة (الطبري، 3/133). وقيل فتحها كان سنة سبع عشرة. ثمَّ شهد هاشم مع علي بن أبي طالب الجمل وصفّين، وأبلى فيهما بلاءً حسناً مذكوراً، وبيده كانت راية عليّ على الرجالة يوم صفّين، ويومئذ قتل، وهو القائل يومئذ (المسعودي، 1357هـ، 2/383):

قد أكثر القومُ وما أقَلَّا            أعور يبغي أهله محلا

قد عالج الحياة حتى مَلَّا         لا بُدَّ أنْ يَفُلَّ أَو يُفَلَّا

أشُلُّهُمْ بذي الكعوب شَلَّا

نزوله أَذْرَبِيجَان: قال اليعقوبي والمقدسي: افتتحت أَذْرَبِيجَان سنة اثنتين وعشرين، وأمير الناس المغيرة بن شعبة. وقيل هاشم ابن عتبة بن أبي وقاص (اليعقوبي، 2/157). وقتل هاشم يوم صفين، حمل عليه الحرث بن المنذر التنوخي، فقتله (البلاذري، 2/320). وكانت صفين سنة سبع وثلاثين (ابن عبد البر، 4/1547).

  • الوليد بن عقبة بن أبي معيط

أبو وهب، الوليد بن عقبة بن أبي معيط، واسم أبى معيط أبان بن أبي عمرو. وأمه أروى بنت كريز أم عثمان بن عفان، فالوليد بن عقبة أخو عثمان لأمه. ومن الصحابة! (ابن الأثير، 5/90). أسلم يوم الفتح هو وأخوه خالد بن عقبة، وكان قد ناهز الاحتلام. وقال الوليد: لما افتتح رسول الله (ص) مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم، فيمسح على رؤوسهم، ويدعو لهم بالبركة، قال: فأتى بي إليه وأنا مضمخ بالخلوق، فلم يمسح على رأسي، ولم يمنعه من ذلك إلا أنّ أمي خلقتني، فلم يمسحنى من أجل الخلوق. وهذا الحديث منكر مضطرب لا يصحّ (ابن عبد البر، 4/1552).

ولاه عثمان بن عفان الكوفة، وعزل عنها سعد بن أبي وقاص. وعن ابن سيرين (ت 110هـ)، قال: لما قدم الوليد بن عقبة أميراً على الكوفة، أتاه ابن مسعود فقال له: ما جاء بك؟ قال: جثت أميراً. فقال ابن مسعود: ما أدرى أصلحت بعدنا أم فسد. الناس. وله أخبار فيها نكارة وشناعة تقطع على سوء حاله وقبح أفعاله.

قدم على عثمان بن عفان رجلان فشهدا عليه بشرب الخمر، وأنه صلى الغداة بالكوفة أربعاً، ثمَّ قال: أزيدكم، فقال أحدهما: رأيته يشربها، وقال الآخر: رأيته يتقيأها. فقال عثمان: إنه لم يتقيأها حتى شربها. وقال لعلي: أقم عليه الحد، فقال عليّ لابن أخيه عبد الله بن جعفر: أقم عليه الحد. فأخذ السوط وجلده، وعثمان يعدّ، حتى بلغ أربعين، فقال عليّ: أمسك، جلد رسول الله (ص) في الخمر أربعين (الصفدي، 27/277).

نزوله أَذْرَبِيجَان: عن فروة بن لقط: قال: لما قام عثمان بن عفان استعمل الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فعزل عتبة عن أَذْرَبِيجَان، فنقضوا. فغزاهم الوليد سنة خمس وعشرين، وعلى مقدمته عبد الله بن شبل الأحمسي. فأغار على أهل موقان والببر، والطيلسان، فغنم، وسبى، وطلب أهل كور أَذْرَبِيجَان الصلح، فصالحهم على صلح حذيفة (ابن خلدون، 2/127). وقال أبو عبيدة: انتقضت أَذْرَبِيجَان، فغزاها سعيد بن العاص، فافتتحها، ثمَّ عزله عثمان، وولَّى الوليد بن عقبة، فمكث مدّة (ابن عبد البر، 2/622). وقال الطبري: خرج الوليد في جماعة الناس وهو يريد أن يمعن في أرض أرمينية، فمضى في الناس حتى دخل أَذْرَبِيجَان، فبعث عبد الله بن شبيل بن عوف الأحمسي في أربعة آلاف، فأغار على أهل موقان، والببر، والطيلسان، فأصاب من أموالهم، وغنم، وتحرز القوم منه، وسبى منهم سبياً يسيراً، فأقبل إلى الوليد بن عقبة، ثمَّ إنَّ الوليد صالح أهل أَذْرَبِيجَان على ثماني مائة ألف درهم، وذلك هو الصلح الذي كانوا صالحوا عليه حذيفة بن اليمان سنة اثنين وعشرين (الطبري، 3/308). وقال خليفة بن خياط: كانت ولاية الوليد الكوفة سنة خمس وعشرين، وكان في سنة ثمان وعشرين غزا أَذْرَبِيجَان، وهو أمير القوم، وعزل سنة تسع وعشرين (خليفة بن خياط، 116؛ 118). وكان الوليد قد سكن المدينة، ثمَّ نزل الكوفة، وبنى بها داراً، فلما قتل عثمان نزل البصرة، ثمَّ خرج إلى الرقة، فنزلها واعتزل علياً ومعاوية، ومات بها، وبالرقة قبره، وعقبة في ضيعة له، وكان معاوية لا يرضاه، وهو الَّذي حرّضه على قتال عليّ، فمات الوليد في خلافة معاوية (ابن سعد، الطبقات الكبرى، 6/24؛ 7/467).

الخاتمة:

خلص البحث إلى ما يأتي:

  • لم تكن عملية فتوح أَذْرَبِيجَان عملية سهلة ومتيسرة بالنسبة للصحابة، فقد كلفتهم الكثير من الوقت والجهد حتى أصبحت واقعاً يعيشه المسلمون، استطاعوا عمله عن طريق قوة إرادتهم وقدرتهم على التحمل، وما أبدوه من صبر وذكاء وعبقرية في عملية الفتح.
  • إنَّ أول ظهور للعرب المسلمين في أَذْرَبِيجَان كان في عهد عمر بن الخطَّاب. وأول من نزلها من الصحابة هو المغيرة بن شعبة في سنة ثماني عشرة، وقيل: حذيفة بن اليمان.
  • يعود الاستقرار العربي إلى عهد علي بن أبي طالب، الذي قام بإسكان أردبيل جماعة من العرب من أهل العطاء والديون، وبنيت المنازل الخاصة بهم، وأسهمت القبائل بالتعمير والبناء في المنطقة، مما کان له أثره في الازدهار الحضاري الإسلامي هناك، کما قامت بالدعوة إلى الإسلام، وأدى الاتفاق بين الطرفين، وامتزاج الأجناس المختلفة إلى انتشار الإسلام والأخذ من الثقافة الإسلامية، مع التمسك بالقيم الثقافية الموروثة، فشهدت المنطقة تبعاً لذلك ازدهاراً ثقافياً عظيماً، نابعاً من الاستقرار السياسي الذي کان له نتائج بعيدة المدى.
  • أدى الفتح الإسلامي في أذربيجان إلى استقرار الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد؛ مما أدى إلى تعزيز السلطة الإسلامية فيها، کما کان للثروات الطبيعية الأذربيجانية جذبٌ واسع لكثير من الجماعات العربية، فهاجروا إليها واتخذوها موطناً لهم، وکان استقرارهم إما في المدن أو القرى الصغيرة، والنتيجة الطبيعية لظاهرة استيطان العرب في مختلف نواحي أذربيجان ازدياد اعداد معتنقي الدين الإسلامي. وکان للاستقرار السياسي أثره في ازدهار المراكز التجارية والصناعية، وتوسيع العلاقات التجارية في الداخل؛ بلْ وامتد إلى الخارج.
  • اشتركت في فتوح أَذْرَبِيجَان أغلب القبائل العربية، ولكن هناك قبائل شكلت الأغلبية من المساهمة بعدد الصحابة الذين شاركوا في الحملات والفتوحات، وكان أغلب هؤلاء هم من أهل العراق (الكوفة والبصرة).
  • إنَّ الصحابة الذين نزلوا أَذْرَبِيجَان كان أغلبهم قد نزلها مع الجيش العربي الإسلامي، وهم من قادة الجيش. وقد رحلوا عنها جميعا ًولا يوجد أحدٌ من الصحابة له قبر هناك.

المصادر والمراجع:

  • خير ما نبتدئ به القرآن الكريم.

                                              المصادر:

  • ابن الأثير، أبو الحسن عز الدين بن أبي الكرم الشيباني، (د ت)، أسد الغابة في معرفة الصحابة، جـ3، جـ4، جـ5، دار الكتاب العربي، بيروت.
  • ابن الأثير، أبو الحسن عز الدين بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ، (1385هـ)، جـ3، دار صادر، بيروت.
  • الإدريسي، أبو عبد الله محمد بن عبد الله، (1410هـ)، نزهة المشتاق، جـ2، عالم الكتب، بيروت.
  • البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي، (د ت)، التاريخ الكبير، تحقيق السيد هاشم الندوي، جـ2، جـ3، جـ4، دار الفكر، بيروت.
  • البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي، (1401هـ)، صحيح البخاري، جـ4، دار الفكر، بيروت.
  • البغدادي، عبد القادر بن عمر، (1417هـ)، خزانة الأدب، تحقيق محمد نبيل طريفي، جـ5، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • البكري، أبو عبيد الله عبد الله بن عبد العزيز الأندلسي، (1403هـ)، معجم ما أستعجم، تحقيق مصطفى السقا، جـ1، عالم الكتب، بيروت.
  • البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر، (د ت)، أنساب الأشراف، تحقيق سهيل زكار، جـ1، جـ2، جـ 13، دار الفكر، بيروت.
  • البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر، (1379هـ)، فتوح البلدان، جـ2، مطبعة السعادة، مصر.
  • البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى، (د ت)، السنن الكبرى، جـ3، دار الفكر، بيروت.
  • الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر، (1403هـ)، كتاب البرصان والعرجان والعميان والحولان، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الرشيد للنشر، بغداد.
  • ابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن الرازي، (1371هـ)، الجرح والتعديل، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
  • ابن حبّان، أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي، (د ت)، الثقات، جـ2، جـ3، دار الفكر، بيروت.
  • ابن حبّان، أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي، (1379هـ)، مشاهير علماء الأمصار، تحقيق م. فلايشيهر، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة.
  • ابن حبيب، أبو جعفر محمد بن حبيب بن أمية البغدادي، (1361هـ)، كتاب المحبر، مطبعة الدائرة، القاهرة.
  • ابن حجر، أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد العسقلاني، (1426هـ)، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، جـ1، جـ3، جـ4، جـ5، جـ6، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • ابن أبي الحديد، عز الدين عبد الحميد بن هبة الله المدائني المعتزلي، (1378هـ)، شـرح نهـج البلاغــة، تحقيـق محـمد أبو الفضل إبراهيم، جـ15، دار إحيـاء الكتب العلميـة، بيـروت.
  • ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد، (1407هـ)، الإحكام في أصول الأحكام، جـ4، دار الجيل، بيروت.
  • ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد، (د ت)، المحلى، تحقيق احمد محمد شاكر، جـ11، دار الفكر، بيروت.
  • ابن حنبل، الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، (1409هـ)، مسائل الإمام أحمد، تحقيق فضل الرحمن دين محمد، جـ1، الدار العلمية، دلهي.
  • الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، (1417هـ)، تاريخ بغداد (مدينة السلام)، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، جـ1، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، (1405هـ)، الكفاية في علم الرواية، تحقيق وتعليق أحمد عمر هاشم، دار الكتاب العربي، بيروت.
  • ابن خلدون، عبد الرحمن محمد بن خلدون المغربي، (د ت)، العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم، المسمى (تاريخ ابن خلدون)، جـ2، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
  • خليفة بن خياط، أبو عمرو خليفة بن خياط بن شهاب الليثي العصفوري، (1414هـ)، تاريخ خليفة بن خياط، رواية بقي بن خالد، تحقيق سهيل زكار، جـ1، جـ2، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.
  • خليفة بن خياط، أبو عمرو خليفة بن خياط بن شهاب الليثي العصفوري، (1387هـ)، طبقات خليفة بن خياط، تحقيق أكرم ضياء العمري، جـ1، مطبعة العاني، بغداد.
  • الذهبي، أبو عبد الله شمس الدين محمد بن عثمان، (1413هـ)، سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب ارناؤوط، جـ3، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  • الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل، (1427هـ)، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق صفوان عدنان داوودي، مطبعة سليمان زادة، قم.
  • الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمد بن عمر الخوارزمي، (1401هـ)، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق سليم النعيمي، جـ3، مطبعة العاني، بغداد.
  • ابن سعد، أبو عبد الله محمد بن سعد الواقدي، (د ت)، الطبقات الكبرى، جـ3، جـ4، جـ5، جـ6، جـ7، دار صادر، بيروت.
  • السمعاني، أبو سعيد عبد الكريم بن محمد التميمي المروزي، (1408هـ)، الأنساب، تقديم وتعليق عبد الله عمر البارودي، جـ1، دار الجنان، بيروت.
  • سيف بن عمر الضبي الاسدي، (1391هـ)، الفتـنة ووقعة الجمل، تحقيق أحمد عياش، دار النفائس، بيروت.
  • الشافعي، أبو عبد الله محمد بن إدريس، (د ت)، مسند الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • الصفدي، صلاح الدين بن خليل بن عبد الله بن أيبك، (1420هـ)، الوافي بالوفيات، جـ17، جـ19، جـ27، دار إحياء التراث، بيروت.
  • ابن الصلاح، أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الشهرزوري، (1416هـ)، مقدمة ابن الصلاح (المقدمة)، تحقيق أبو عبد الرحمن صلاح محمد، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، (1403هـ)، تاريخ الأمم والملوك (تاريخ الطبري)، جـ2، جـ3، جـ4، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت.
  • ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي، (1422هـ)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق وتعليق محمد عبد المنعم البري، وجمعه طاهر النجار، جـ1، جـ2، جـ3، جـ4، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • العلائي، أبو سعيد بن خليل بن كيكيدي، (1407هـ)، جامع التحصـيل، تحقيق حمدي عبـد السلفي، جـ1، عالم الكتب، بيروت.
  • العجلي، أبو الحسن أحمد بن عبد الله، (1406هـ)، معرفة الثقات، جـ1، مكتبة الدار، المدينة المنورة.
  • ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، (1415هـ)، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق علي شيري، جـ12، جـ37، جـ55، جـ60، دار الفكر، بيروت.
  • أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين بن محمد، (د ت)، الأغاني، جـ9، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
  • ابن الفقيه، أبو بكر أحمد بن محمد الهمداني، (1416هـ)، كتاب البلدان، تحقيق يوسف الهادي، عالم الكتب للطباعة والنشر، بيروت.
  • ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري، (1379هـ)، الأخبار الطوال، تحقيق عبد المنعم عامر، دار إحياء الكتاب، القاهرة.
  • ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري، (1384هـ)، عيون الأخبار، جـ1، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر، القاهرة.
  • ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم، (1379هـ)، المعارف،تحقيق ثروة عكاشة، مطبعة دار الكتب، القاهرة.
  • ابن كثير، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل، (1351هـ)، البداية والنهاية، جـ8، مطبعة السعادة، مصر.
  • ابن الكلبي، أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب، (1407هـ)، جمهرة النسب، تحقيق ناجي حسن، مكتبة النهضة العربية، بيروت.
  • المتقي الهندي، علاء الدين علي المتقي الهندي بن حسام الدين الهندي، (1409هـ)، كنز العمال، تحقيق بكري حياتي وصفوة السقا، جـ12، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  • أبو مخنف الأزدي، لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الغامدي، (د ت)، مقتل الحسين، تحقيق حسين الغفاري، المطبعة العلمية، قم.
  • المزي، أبو الحجاج يوسف بن الزكي بن عبد الرحمن، (1401هـ)، تهذيب الكمال، تحقيق بشار عواد، جـ3، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  • المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسين، (1357هـ)، مروج الذهب ومعادن الجوهر، راجعه محمد محي الدين عبد الحميد، جـ2، دار الرجاء، مصر.
  • ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب، (1327ه)، تجارب الأمم، جـ1، مطبعة بريل، ليدن.
  • الشيخ المفيد، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي، (1414هـ)، الإفصاح في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، تحقيق مؤسسة البعثة، دار المفيد للطباعة والنشر، بيروت.
  • الشيخ المفيد، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي، (1414هـ)، شرح المنام، تحقيق الشيخ مهدي نجف، دار المفيد للطباعة، بيروت.
  • المقدسي، أبو عبد الله مطهر بن طاهر، البدء والتاريخ، جـ1، (المكتبة الشاملة).
  • ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الإفريقي المصري، (1405هـ)، لسان العرب، جـ1، جـ2، نشر أدب الحوزة، قم.
  • أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله بن أحمد، (1353هـ)، ذكر أخبار أصبهان، جـ1، مطبعة بريل، ليدن.
  • النووي، أبو زكريا محي الدين بن شرف، (1417هـ)، تهذيب الأسماء واللغات، جـ1، دار الفكر، بيروت.
  • النويري، شهاب الدين احمد بن عبد الوهاب، (1383هـ)، نهاية الإرب في فنون الأدب، جـ 19، المؤسسة المصرية للتأليف، القاهرة.
  • ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله شهاب الدين الرومي البغدادي، (د ت)، معجم البلدان، جـ1، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
  • اليعقوبي، أحمد بن يعقوب بن واضح، (د ت)، تاريخ اليعقوبي، جـ2، دار صادر، بيروت.

المراجع:

  • الأمين، السيد محسن، (د ت)، أعيان الشيعة، جـ1، دار التعارف، بيروت.
  • الزركلي، خير الدين، (1410هـ)، الأعلام، جـ1، جـ2، جـ4، جـ5، جـ7، دار العلم، بيروت.
  • شمس الدين، محمد مهدي، (1401هـ)، أنصار الحسين عليه السلام، الناشر الدار الإسلامية، الطبعة الأولى.

الانترنيت:

تاريخ أذربيجان،https://www.marefa.org

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *