أ. م. د. بركات عباس سعيد                

قسم التصميم / كلية الفنون الجميلة /   جامعة بابل

          Sawsanalali4242@gmail.com

009647711984067

          م. د. سوسن هاشم غضبان

المديرية العامة لتربية النجف الأشرف

المديرية العامة لتربية النجف الأشرف

Bara7515@gmail.com

                                        00964771948761                                        

ملخص البحث

تناول البحث الموسوم (الدلالات الإجتماعية في طبعات الأختام الإسطوانية الرافدينيّة)، جملة الدلالات الإجتماعية التي وثّقها الفنان الرافديني على أسطح الأختام الإسطوانية وعلاقتها بالواقع اليومي الذي تعيشهُ المجتمعات الرافدينية. فالمنظومة الاجتماعية تُعد الركيزة الأساس للأفراد, التي تتضمّن جوانب عدة من مثل: العادات والتقاليد, القيم الأخلاقية, طقوس دينية, رموز كتابية, مفاهيم جمالية, مؤسسات حوارية وثقافية, طرز فنية, موروثات حضارية وحِرَف عملية إبداعية وغيرها من الموضوعات التي تعكس طبيعة ذلك المجتمع ومحدداتهِ الفكرية. وعليهِ تمَّ تقسيم البحث على وفق الآتي: تضمن الفصل الأول منه الإطار المنهجي للبحث متمثلاً بمشكلة البحث التي تحددت بالإجابة عن السؤال الآتي: ما طبيعة الدلالات الاجتماعية التي حَمَلتها طبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية ؟ كما تضمّن هدف البحث، المتمثّل بـ (تعرّف الدلالات الاجتماعية في طبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية). أما حدود البحث، فقد اقتصرت على دراسة النتاجات الفنية لطبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية (الحضارة السومرية انموذجاً) التي تم اكتشافها في مناطق مختلفة من العراق ضمن الحقبة الزمنية من (2850 ق.م-2400 ق.م), ثم يأتي بعدها تحديد المصطلحات. في حين إشتمل الفصل الثاني على الإطار النظري، الذي ضمّ مبحثين الأول:الحياة الاجتماعية السومرية. والثاني: نشأت الأختام الإسطوانية وأهميتها في الحياة اليومية الرافدينية، واختتم الإطار النظري بإعداد جملة المؤشرات للإفادة منها في تحليل عينة البحث. أمّا الفصل الثالث فتضمّن إجراءات البحث المتضمنة إطار مجتمع البحث, عينة البحث, أداة البحث, منهجيّة البحث, ومن ثمّ، تحليل نماذج العيّنة التي بلغت (5) أنموذجاً من طبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية (السومرية). وقد اشتمل الفصل الرابع على نتائج البحث والإستنتاجات، ومن اهم النتائج التي توصل إليها الباحثان كالآتي:

  1. ارتبطت الدلالات الاجتماعية بموضوعتي الصراع والسلطة فالإنسان منذ ولادته يحيى الصراع في اطر الحياة الاجتماعية ليصبح هو صاحب السيادة والسلطة.
  2. التباين والاختلاف في طبيعة الموضوعات الاجتماعية التي وظّفها الفنان السومري وهذا دلالة التنوّع الفكري والثقافي المرتبط في الحياة الاجتماعية السومرية.
  3. تجسدت الدلالات الاجتماعية من خلال ظهور قوى اسطورية ومعتقدات وموضوعات ذات طابع ديني مقدس ارتبطت بشكل مباشر بحياة الإنسان السومري من خلال الشكل والمضمون.
ومن جملة الإستنتاجات:
  1. استطاع الفنان السومري من إظهار الدلالات الإجتماعية في موضوعات طبعات الأختام الإسطوانية المرتبطة بجوانب الحياة اليومية المختلفة لتصبح هي الأسس الفاعلة التي تعالت والنظم الإقتصادية والدينية والسياسية والثقافية وتنظيماتهم العائلية.
  2. ان الفنان السومري هو ذلك الإنسان المبدع والمثقف ذو الفكر الواعي والبراعة الفذّة الذي استطاع ان يحوّل سطح طبعة الأختام الإسطوانية المتناهية الصِغر الى موضوعات متكاملة في شكلها ومضمونها كدلالات على الفاعلية التنظيمية لمجمل جوانب الحياة اليومية الإجتماعية.
كما اشتمل الفصل الرابع على التوصيات، المقترحات. والُحِقَ البحث بالمصادر، وملحق الأشكال. الكلمات المفتاحية (الدلالات, الإجتماعية, طبعات, الأختام)  

Social Implications of Mesopotamian Cylindrical Seals Impressions

AssisProf Dr Barakat Abbas Saeed

College of Fine Arts – University of Babylon

Lecture Dr Sawsan Hashim Ghadhban

General Directorate of Education in Najaf

 

Abstract

The research entitled “Social Implications of Mesopotamian Cylindrical Seals Impressions” deals with a set of social implications documented by the Mesopotamian artist on the surfaces of Mesopotamian cylinder seals and their relationship to the daily life of Mesopotamian societies. The social system is the mainstay for individuals, which includes several aspects such as customs and traditions, moral values, religious rituals, written symbols, aesthetic concepts, dialogue and cultural institutions, artistic styles, cultural legacies and creative process crafts and other topics that reflect the nature of that society and its determinants. intellectual. The research is divided as follows: The first chapter includes the research methodological framework represented by the research problem that focuses on providing an answer to the following question: What is the nature of the social implications of the Mesopotamian cylinder seals impressions? The chapter also includes the goal of the research, which is identifying the social implications of the Mesopotamian cylindrical seal’s impressions.

The research is limited to studying the artistic outputs of the impressions of Mesopotamian cylindrical seals impressions (the Sumerian civilization as an example) discovered in different regions of Iraq during the period from (2850-to 2400 BC). The second chapter includes the theoretical framework, and it includes two topics: the first topic is Sumerian social life, and the second is the origin of cylinder seals and their importance in Mesopotamian daily life. The theoretical framework is concluded by developing a set of indicators for use in the analysis of the research sample. The third chapter includes research procedures that include the framework of the research population, sample, tool, methodology, and the analysis of five samples of Mesopotamian (Sumerian) cylindrical seals. The fourth chapter includes the results of the research and conclusions. The most important results reached by the researchers are the following:

  1. Social implications have been connected to the issues of conflict and power. Since his birth, man revives the conflict within the frameworks of social life to have sovereignty and power.
  2. Variation and difference like the social issues employed by the Sumerian artist. This is the implication of the intellectual and cultural diversity associated with the Sumerian social life.
  3. The social implications are embodied through the emergence of mythical forces, beliefs and subjects of a sacred religious nature that is directly related to the life of the Sumerian man through form and content.

Among important conclusions are:

  1. The Sumerian artist was able to show the social implications in the subjects of the cylinder seals impressions related to the various aspects of daily life for these implications to become effective foundations of the economic, religious, political, cultural systems and family organizations.
  2. The Sumerian artist was a creative and educated person who had conscious thoughts and unique ingenuity and was able to transform the surface of the micro-impression cylinder seals into subjects integrated into their form and content as implications of the organizational effectiveness of all aspects of daily social life.

The fourth chapter includes recommendations suggestions. The study ends with references and figures.

Keywords: Semantics, social, prints, seals

  الفصل الأول/ الإطار المنهجي للبحث مشكلة البحث تُعد المنظومة الاجتماعية الركيزة الأساس للأفراد, التي تتضمّن جوانب عدة من مثل: العادات والتقاليد, القيم الأخلاقية, طقوس دينية, رموز كتابية, مفاهيم جمالية, مؤسسات حوارية وثقافية, طرز فنية, موروثات حضارية وحِرَف عملية إبداعية وغيرها من الموضوعات التي تعكس طبيعة ذلك المجتمع, حيث تتغير بحسب سلوكيات الافراد او الجماعة, لتصبح تلك السلوكيات هي التنظيم الحقيقي لوجود الفرد وأساس كيانهِ الطبيعي. لقد استطاع الإنسان من ان يكوِّن منظومة تفاعلية معقّدة على مر التأريخ بدءاً من تشكيلاتهِ الإبداعية (رسوماتهِ الكهفية) للحيوانات وبعض الظواهر الطبيعية وحتى انجازاتهِ التكنولوجية في أواخر هذا القرن. انها بمثابة تحول مهم في جوهر الخطابات الفكرية والنُظُم الاجتماعية على حدٍ سواء. تمخض عن ذلك تنوّع في المقوّمات الثقافية والاقتصادية والدينية, فضلاً على تنامي ارهاصات جسّدت موضوعات وظواهر مادية (ما يصنعهُ الإنسان) وروحية (علاقة ذلك الإنسان بالطقوس الدينية), بمعنى أن تلك الظواهر الاجتماعية لم تكن إلاّ في هيئة رموز ومعانٍ ومفاهيم ودلالات، وقد حققت تلك النُظُم والدلالات الاجتماعية تواصلاً ومزيداً من التلاقح الفكري والثقافي كعلاقات حوارية انصبت دلالاتها وتبلورت في هيئة قطع طينية مطبوعة صغيرة في حجمها وكبيرة في مضامينها الدلالية اما تقنيات إنجازها فتقع ضمن الاعمال الكرافيكية المليئة بالتجديد وامتزاج نشاطها بمقومات الوعي الاجتماعي. وبفعل التواصلية بين الأدوار الحضارية المتتالية في بنية الحضارة الرافدينية استُثمِرَت فكرة الأختام الإسطوانية ونتاجاتها المطبوعة, بغية تنظيم حزم المنظومات الفكرية والمفاهيم المتحركة في منظومة الفكر الاجتماعي, فقد وجدت هذهِ الحزم الفكرية دلالاتها وفعلها التعبيري.. بمثل هذهِ الاظهارات الشكلية, انها معادلة التمثيل والإنعكاس بين ما يبلغهُ التشكيل من دلالات والأشكال الفكرية الاجتماعية التي فعّلت تلك الإبداعات. (10-صاحب,2011, ص101) النابعة من صميم الحياة ذاتها, بوصفها نشاطات اجتماعياً تحددت غاياتها في الحياة او الواقع نفسهِ, التي من شأنها ان تتواصل وتؤسس سلسلتها التأريخية المتفاعلة في حِراكها عِبر مراحل تطوّر الفن. (9-صاحب,2016, ص1) وعليهِ يمكن صياغة مشكلة البحث الحالي بالتساؤل الآتي:   ما طبيعة الدلالات الاجتماعية التي حَمَلتها طبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية ؟ أهمية البحث والحاجة إليهِ : يهتم البحث الحالي بدراسة الدلالات الاجتماعية في النتاجات الفنية لطبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية, فضلاً على ذلك فالموضوعة البحثية تمثل حفراً معرفياً يرفد جملة الدارسين والنقاد والمهتمين بشأن تأريخ الفن العراقي القديم كإرث حضاري غني بإبداعاتهِ وتوجهاتهِ الفكرية, وعلم الاجتماع وجوانب الفكر والفلسفة. في حين تكمن أهمية البحث في كونهِ يمثل الوعاء الوحيد الذي نقل الكثير من جوانب المنظومة الاجتماعية كالأساطير والموضوعات الروحية والعديد من الرموز والعلامات الدالّة عن عراقة الحضارات القديمة واصالتها. هدف البحث : تعرّف الدلالات الاجتماعية في طبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية. حدود البحث : يتحدد البحث الحالي:
  1. الحدود الموضوعية: النتاجات الفنية لطبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية (الحضارة السومرية انموذجاً).
  2. الحدود المكانية: تتضمن اعمال طبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية (الحضارة السومرية) التي تم اكتشافها في مناطق مختلفة من العراق, والموجودة حالياً في المتاحف العالمية والعراقية, والمقتنيات الخاصّة بالإضافة الى الكتب والمراجع والدوريات.
  3. الحدود الزمانية: اعمال طبعات الأختام الاسطوانية الرافدينية. من تأريخ (2850 ق.م-2400 ق.م)
  تحديد المصطلحات : الدلالات (Signification) :  الدلالة (لغة ): الدليل أي ما يستدل به، والدليل: الدال، وقد دلهُ على الطريق أي يَدُله. (26-الرازي,د.ت, ص209) والدلالة: مصدر الدليل, بالفتح والكسر.والدالة: مما يدل الرجل على من له عندهُ منزِلة او قرابةٌ قريبة: شبهُ جراءةٍ منهُ. (27-الفراهيدي,2003, ص43) الدلالة (اصطلاحاً): ما يشير بوضوح الى معنى. (25-جوليا,1992,ص211) والدلالة: وظيفة الإشارات, العلامات. ” الدلالة ضرورية للعقل, أي لمراسهِ وحتى للعبة الفكر الإنساني المتروّي. مع ذلك, لا يزال العقل اوجب للدلالة”. (28-لالاند,2001,ص1294) والدلالة: هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم بهِ العلم بشيء آخر, والشيء الأول هو (الدال) والثاني هو (المدلول). (29-وهبة,1998,ص326) ويؤكد (رولان بارت) على ان علم الدلالة يُعالج كل الشفرات التي تمتلك بُعداً اجتماعياً حقيقياً, عندما قال ” ومما لا مراء فيهِ ان الأشياء والصور, والسلوكيات قد تدل بل وتدل بغزارة, لكن لا يمكن ان تفعل ذلك بكيفية مستقلة, اذ ان كل نظام دلائلي يمتزج باللغة “. (24-الأحمر,2010,ص91) تعريف الدلالات الاجتماعية (إجرائياً): مجموع العلامات والرموز والهيئات الشكلية التي وظّفها الفنان الرافديني (السومري) في نتاجات طبعات الأختام الإسطوانية, كمظاهر جمعيّة تعكس طبيعة ذلك المجتمع ومحدداتهِ الفكرية. الفصل الثاني/ المبحث الأول/ الحياة الاجتماعية السومرية يُعد الإنسان كائن اجتماعي بطبعهِ, يميل الى التجمع بأفراد نوعهِ وينفر من العيش منعزلاً عن الآخرين, ليحدث هذا الفعل بطريقة تلقائية لأجل التكامل والتعاون والتآزر, وظهر من خلال هذا العمل (تجمعات الإنسان) منذ بداية التأريخ، حيث لجأت تلك التجمعات حول الأنهار والأماكن الخصبة للزراعة والرعي, فتكاثرت تلك التجمعات الإنسانية وتحوّلت من تجمعات بسيطة الى تجمعات اكبر, ثم أصبحت دولاً. (18-الفائدي,1992,ص113) فالمجتمع السومري, في بداية عهدهِ, يعد مُجتَمعاً مُعقداً منظماً تنظيماً عالياً, من خلال امتلاكهم للأداء العالي من المهارة في الزراعة والصنعة والفنون فضلاً عن المنظومة الاجتماعية ذات المراتب المتفرعة والمتمثلة بالنبلاء ورجال الكهنوت والكتبة والصنّاع والتجّار والجنود والفلاحون. (20-لوكاس,1980,ص12). إذ حقق المجتمع السومري تحولاً حضارياً مهماً في تأريخ الفكر الإنساني, مكونا اول مجتمع متحضِّر ومؤسسة تأريخها ممتلئ بالنشاط والحيوية وحركة الفكر المتجدد بشكلٍ لا مثيل لهُ, حافل بالإبداعات والمفاجآت الحضارية. لقد وُضِعت المرتكزات الفكرية الأولى في العصر السومري المبكّر الذي تمخّض عن ابتكار الكتابة الصورية التي سرعان ما تحوّلت الى طورها الرمزي عندما استثمرت بتدوين شتى المقولات في فعاليات الحياة الاجتماعية المختلفة. (13-صاحب,2017,ص30) ان الحياة الاجتماعية السومرية أسست تأريخها من خلال نشاط حركة الأفكار المتحولة والمتجددة بشكلٍ متسارع مليء بالمستجدات والإبداعات، لذا جاء اختراع الكتابة ليعلِّم البشرية (الحَرف), انه انتصار معرفي عظيم حفظ تأريخ الإنسانية من الضياع. ان الكتابة في بنيتها نظام من العلاقات الجمالية يتم تسطيرها وانتظام خطوطها وتقنيات حفرها وتناسقها, لذا وصفها (طه باقر 1912-1984) بأنها “كانت كتابة صورية تعتمد على تمثيل صور الأشياء المراد كتابتها”.(11-صاحب,2005,ص17-19) هذا الاختراع قد استلزمهُ حاجات التطور الاجتماعي والحضاري في بلاد الرافدين في أواخر عصر السلالات من مثل الحاجة الى تدوين الواردات وضبط الحياة الاقتصادية في المؤسسات المدنية والدينية. كما لجأ السومريون الى ادخال الكتابة في المراسلات الحكومية منها والخاصة, فضلاً على التنظيم الإداري والقضائي والعسكري والمالي, كما ويظهر ارتباطها مع علاقات الافراد وكيانهم, وأنواع تعلمهم وعاداتهم الاجتماعية. (3-دلو,1989,ص294-297) ان نشوء الفكر الديني عند السومريين في عهدهم المبكّر يعود لمبدأ: حيوية الطبيعة (Animism), حيث قسّموا الوجود بحسب تفكيرهم الى عالمين: احدهما ظاهر محسوس, والآخر يعج بالأرواح والقوى غير المنظورة. امّا فكرة عبادة ظواهر الطبيعة بدأت في شكل مقولات مجرّدة ومتداولة في الفكر الاجتماعي, حين رأوها على تفاعل حقيقي مع سطوح وجدران معابدهم وقصورهم الجميلة. انها وسائل لإستظهار تلك القوى الروحية التي كانت لها أدوار مهيمنة في دراما الطقوس والأساطير الدينية. (12-صاحب,ط1, 2016,ص236) أن الأساطير غالباً ما تتحدث عن كائنات تتصف بصفات متناقضة. وهي في الوقت نفسه وحدة وكثرة مادية وروحية. ومع ذلك يُرجع عالم الاجتماع الفرنسي (إميل دوركهايم 1858-1917) سبب رسوخها في أذهاننا بصورة أزلية لعوامل تاريخية وبالتالي إجتماعية. حيث إنها ترجمة لملاحظات واقعية ورصد لحوادث جارية، وقد نقلت الينا تجارب الأولين وخبراتهم. (14-عبادة,1984,ص262) ان الاسطورة قصة او مجموعة قصص تروي افعال الآلهه او مغامرات الاسلاف البطولية والاسطورة بمجملها اكدت على شيئين اثنين، الأول: ان الاسطورة هي جمع من الافكار والمعتقدات والاحكام النظرية. والثاني: الاسطورة نسيج مضطرب من الخيوط التي تقع خارج التاريخ (المعجزات) ولكن ذلك لا يعني خروج الاسطورة من الواقع التجريبي ولكن بمعنى انها تتناقض معه فتبدو وكأنها تنشئ عالما (خياليا) خارج دائرة التموضع المكاني والزماني الحادث. (5-زيادة,1986,ص 67-68) والفكر الاسطوري يتابع على الدوام خلق اساطير جديدة. حيث لا يُعرَف للاسطورة مؤلف معين, لأنها ليست نتاج خيال فردي, بل ظاهرة اجتماعية جمعية يخلقها الخيال المشترك للجماعة وعواطفها وتأملاتها. اذ تلعب الالهه وانصاف الالهه الادوار الرئيسة في الاسطورة. كما تجري احداث الاسطورة في زمن مقدس هو غير الزمن الحالي ومع ذلك فان مضامينها اكثر صدقا وحقيقة بالنسبة للمؤمن من مضامين الروايات التأريخية. حيث ترتبط الاسطورة بنظام ديني معين وتعمل على توضيح معتقداته وتدخل في صلب طقوسه وهي تفقد مقوماتها, اذا انهار هذا النظام الديني. اذ تتمتع الاسطورة بقدسية وسلطة عظيمة على عقول الناس ونفوسهم. (8-السوّاح,2001,ص12-14) فلم تكن اسطورية الفكر الديني عندهم لتتحول الى فن, لو لم تكن مرتبطة بحياتهم العملية وبنائهم الاجتماعي. فقد أسست بنية الدين الإسطورية علاقات رمزية بين الأشياء المتشابهه وتعاملت مع هذهِ التداعيات على انها (حقائق) قائمة في الواقع, هذا التعميم الرمزي في بنيتهم الفكرية, قد فعّل خاصية تأويل المفاهيم الى رموز, فأحال التجريدات الذهنية بذات الفاعلية الى إعمامات فنية. (11-صاحب,2005,ص111) امّا المعبد فهو محور الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, وهو المنظِّم الرئيس للمقايضة والتجارة والمتكفِّل بالأعمال العامّة  (20-لوكاس,1980,ص12), وهذا يشير الى ان المعبد بالإضافة الى اغراضهِ الدينية هو المؤسسة الرئيسة إجتماعياً وإقتصادياً, انهُ المحرك الأول في حياة المدينة ومركز التنظيمات الزراعية والعمالية ومشاريع الري, فضلاً على مركز عبادة الآله والأضاحي المقدَّمة له والتنبؤات والطقوس الدينية ومقر القصر الملكي والخزينة والمحكمة والمحاصيل العامة. لقد احتفظ بنشاطهِ بوصفه مركز إدارة وإنتاج ليبقى احدى المؤسسات الرئيسة في المجتمع السومري. فالمعبد يؤمن كل ما تتطلبهُ الطقوس الدينية وإدارة شؤون المعبد والحفاظ عليهِ.(1-امهز,2010,ص119-120) وعندما تحوّل نظام القرية الى نظام المدينة عند السومريين في عصرهم المبكّر (3500-2800ق.م) تحوّل مزار القرية الصغير الى اعداد كبيرة من المعابد في جميع المدن السومرية, هذا التحول نتيجة تطوّر المعتقدات الدينية وتوسع تداولها في حركة الفكر الاجتماعي، وكذلك تطوّر النشاطات الاقتصادية في المدن السومرية، فنشأ ما يُعرف بالمؤسسة المعبدية التي أدلجت الفن وسخّرتهُ لإعلان افكارها الناشطة في الوعي الاجتماعي. (13-صاحب,2017,ص61). وعلى نطاق المعبد تنمو موضوعات الدين والعقائد والطقوس, وبحسب (دوركهايم) يُعد الدين منظومة متماسكة من العقائد والطقوس المتصلة بالأشياء المقدّسة تؤلف بين جميع المؤمنين بها, في نطاق طائفة أخلاقية تسمى (المعبد). في حين يُعد المعتقد هو الاساس الذي يقوم عليه الدين الجمعي, ومع المعتقد المترسخ يظهر (الطقس) المنظم, وهو اقوى اشكال التعبير عن الخبرة الدينية, فمن خلال القربان والرقص والحركات الايمائية, تعمل الجماعة على صهر الاستجابات الانفعالية في بنية سايكولوجية وسلوكية ذات طابع مؤسس عام, ومع المعتقد نفسه تظهر الاسطورة التي تعمل على توضيح الاعتقاد وتجذيره, بعدّهِ فكرة نظرية في الادب الديني, وهي بحاجة الى التجسد والتجسيد, فإذا كان المعتقد حالة ذهنية, فان الطقس حالة فعل من شأنها احداث رابطة, فإذا كان المعتقد منظومة فكرية ترتبط بعالم المقدسات فان الطقس مجموعة من الأفعال المتعلقة بآليات الاقتراب من ذلك المتعالي. وعليهِ فتلك الشعائر الدينية والطقوس والعقائد جميعها حصيلة الحياة الاجتماعية التي ارتبطت بالجانب الروحي في بنية حياة الجماعة.(11-صاحب,2005,ص32-33) كما تميز السومريون بالموسيقى ايضاً وبرعوا بإستعمال آلاتها منها الطبل والناي والجرس والبوق والعود والمزمار إضافة للقيثارة. (7-سكّر,1999,ص84) والدليل على ذلك الشكل (1) كما وُجدت صور للطبول والابواق والاجراس, اذ وُجدت بعض الواح الطين بعضها بهيئة أسطوانات مثقوبة فيها بعض الرموز العربية التي رأى بعض الباحثين فيها انها (نوطة موسيقية) وان احداها تمثل النغمة الخاصة بترتيلة سومرية خاصة بخلق الإنسان. (2-باقر,1955,ص485) وهنالك أيضاً الطقوس الدينية كأحد اهم المكونات الاجتماعية بِعدِّها حصيلة لأنماط السلوك في المنظومة الاجتماعية, التي تحولت الى تقاليد روحية مقدَّسة في حياة المجتمع. أي ان الطقوس الدينية بشعائرها المعقّدة فعّلت نوعاً من الخبرة الاجتماعية لدى كل فرد في المجتمع واقامت عالماً خاصاً من الرموز والكلمات والمفاهيم والمصطلحات ذات الفهم الاجتماعي العميق. وفضيلة الفكر الإنساني في ذلك هو انهُ دشّن حيزاً ثقافياً حوّلَهُ إثْرَ تفكيرهِ وعواطفهِ, الى شكل معبِّر عن طقوسهِ ومعتقداتهِ الدينية. (12-صاحب,ط1 ,2016,ص250-251) لقد انبثقت اقدم الجهود البشرية على مستوى تنظيم الحياة الاجتماعية تلك المتمثلة بالشرائع والقوانين المدونة التي تعود الى عصر فجر السلالات. ولعل ابرز ما امتاز به المجتمع هو تمسكهِ بالقواعد القانونية فكانت المعاملات وجميع الأحوال الشخصية تجري وفق احكام معروفة وقوانين صارمة. انهم كانوا يعدُّون مصدر واصل القوانين من الآلهه, فكانت ملوكهم عندما تُصدر القوانين او ذكرهم نشر العدل وتشريع الشرائع معتمدين بذلك على رغبة الآلهه وارادتها. بمعنى ان الشرائع القديمة مستمدّة من الآلهه, فالقوانين القديمة سواء كانت صادرة من العُرف ام مبنية على الاحكام الصادرة من الملك او الكهنة انما هي احكام آلهة لأن الحاكم يمثّل الإله في هذهِ الأرض فأحكامهِ موحى بها من الآلهه. (2-باقر,1955,ص280-281) والقوانين في بلاد ما بين النهرين هي اقدم شرائع مدونة في تأريخ الحضارات البشرية. وخطوة متقدمة بالنسبة الى العادات والأعراف القبلية التي لها الأثر الواضح في العديد من شرائع البلدان المجاورة كونها وُضِعت لتنظيم العلاقات الاقتصادية والإجتماعية كمصدر أساس في تأريخ العراق القديم. فالقوانين السومرية وقانون حمورابي وغيرها من القوانين تشكل المصادر المهمة لدراسة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية ومظاهر السلطة المدنية والعسكرية والدينية والنظام القضائي والعقوبات وغيرها من أمور الحياة في كل من سومر وبقية المُدن العراقية. (3-دلو,1989,ص396) إضافة الى ذلك اشتمل القانون السومري على العلاقات التجارية والعلاقات الزوجية والجنسية بوجه عام, وتنظيم شؤون القروض والعقود, والبيع والشراء, والتبني والوصية بكافة أنواعها. (4-ديورانت,د.ت,ص28) ثمّ هناك قانون اخر بالسومرية يساويه في القدم وهو قانون لبت-عشتار Lipit-Ishtar, الذي عثر عليه في أربع قطع بمدينة نبور في آخر القرن الماضي, وهناك قوانين بالسومرية قديمة جداً, ونعني بها قوانين أور- نموUr-Nammu  مؤسس الدولة الثالثة في أور, التي ترجع إلى حوالي 2050 ق.م, وهنالك الأحكام القضائية, وتقارير عن محاكمات، وحسابات وإيصالات, ووثائق مالية وغير مالية, تكمل منظومة التشريع في أرض الرافدين, وتبين تعقيد النظام القانوني والمستوى العالي الذي بلغه في تطوره. (23-موسكاتي,1986,ص96) في سياقٍ آخر وعلى صعيد الحياة الاجتماعية, عَدَّت المجتمعات السومرية (القصر) احد المؤسسات ذات الأهمية الكُبرى. إنهُ مقر (الإنسي – Ensi) الذي يشرف على إدارة الدولة, في حين كان الإله يمثِّل الملك الحقيقي ويطلق عليهِ لقب (ملك المدينة), وما الأمير او الحاكم إلاّ وكيل هذا الإله على الأرض. أن (الإنسي) هو من يجسّد المدينة والدولة, الذي فقد دورهُ السياسي عندما ظهر الملك واصبح من اتباعهِ. حينها ظهرت الى جانب الإدارة (الإنسية), الإدارة (المَلَكيَّة) المتمثلة بشخص الملك الذي عُرِف باسم (لوكال- Lugal) واصبح نفوذهِ اكثر اتساعاً من نفوذ (الإنسي). فأهمية الحاكم ارتبطت بالظروف السياسية وتطورها وبالأعمال العسكرية التي يقوم بها. (1-امهز,2010,ص121) والملك في الوقت نفسه الرئيس الأعلى للكهنة، وكان بصفته هذه يُشرف على أهمّ الوظائف الدينية، ويتجمع حول سلطة الملك عدد ضخم من الوظائف والموظفين، كما هي الحال في كلّ امبراطوريات الشرق الأدنى القديم، ويديرها وزراء وموظفون ومفتشون وعمّال وكهنة وطوائف اخرى كثيرة. (23-موسكاتي,1986,ص103) لقد تطورت المنظومة الإقتصادية وبالتحديد فكرة المِلكيّة تطوراً ملحوظاً في أرض الرافدين، إذ حلّت محل السلع المنقولة القليلة التي يملكها سكان الصحراء ممتلكات كالحبوب والذهب والفضة والقوارب وعقارات ثابتة كالبيوت والحدائق والحقول، حيث العقارات الثابتة تسجّل في الوثائق الادارية، وتشهد الحضارة الرافدينية على التقدم العظيم في الحياة التجارية الذي صاحب التوسع الكبير في الملكية، كما تشهد على النظام القانوني الدقيق، ونلاحظ عقود تتعلق بالودائع، والنقل من مكان إلى مكان، وشراء العقار أو بيعه أو تحويله، والقروض التي تؤدي عنها فائدة، والتأجير، والمشاركة، فالزراعة كانت العمل الاساسي للسكان وهي أحد معطيات الحياة الاقتصادية الرافدينية فالأرض بالغة الخصب تسقيها شبكة محكمة من القنوات. فالتوجه الكبير يتمثل في ضبط المياه وتوزيعها، لتمتد تلك العناية لأشجار النخيل، التي كانت المصدر الأكبر لثروة البلاد، إضافة إلى الشعير كأحد أهمّ الحبوب في أرض الرافدين. (23-موسكاتي,1986,ص99) وفي حدود الحياة الاجتماعية العائلية, فللأب السلطة المطلقة (السلطة الأبوية البطريركية العليا) على زوجتهِ وبنيه وبناتهِ خاصة في مجال زواج البنين والبنات. أمّا الزواج فهو مبدئياً زواج لا يعرف تعدد الزوجات بالرغم من أن القانون يعترف للرجل ان يكون لهُ حريم من السراري المنتمي الى طبقة العَبيد, وفي بعض الأحيان يسمح القانون للرجل بأن تكون لهُ زوجة ثانوية الى جانب زوجتهِ الرئيسة, غير انها لا تتمتّع بحقوق الزوجة الرئيسة. وللزوج الحق طلاق زوجتهِ, إلاّ في حال كون زواجهِ قد فرض عليهِ لتغطية فضيحة فضُّ العذرية, وليس على الزوج عند الطلاق أن يُقدّم اية نفقة لزوجتهِ, بل عليها التخلي عن المجوهرات التي قدمها لها اثناء الزواج, وعليها ان تحتفظ بما أعطاها إياه كمُقدّم عند زواجها كما وتفقد حقها في إرث زوجها. (19-قاشا,د.ت,ص12-13) ويرى اتباع النظرية الإجتماعية الدور الإجتماعي الذي أدّاه المجتمع السومري في تحديد المحتويات الفكرية التي بثّتها تلك التماثيل الفخارية المرتبطة بفكرة الزواج, كونها نابعة من صميم الحياة لذا انحسرت غايتها في ملابسات حياتهم الإجتماعية, فالتمثال المزدوج للزوجين السعيدين هو بمثابة اداة سحرية لمعالجة قلقهما الوجودي من خطر الفناء كونه نوع من الصراع الوجودي بين الذات وعوالمها المغيّبة, فالحب هو الذي جمع الزوجة بزوجها في تمثال واحد. (13-صاحب,2017,ص239) كما في الأشكال (4,3,2) المبحث الثاني/ نشأت الأختام الإسطوانية وأهميتها في الحياة اليومية الرافدينية ان الفنون في بلاد وادي الرافدين تمثلت بسلسلة مترابطة من التقاليد والموروث الحضاري. والتواصلية الحضارية المتتالية أدت الى ان طوّر السومريون انتاجهم الإبداعي, ليظهر شكل (الختم المنبسطStamp Seal ) الذي ابدعهُ العراقيون في عصر ما قبل الكتابة, من سطحهِ التصويري ذات المساحة الضيقة الى سطح الختم الاسطواني الدائري الشكل الذي يُعلن بدايتهِ ويهمش نهايتهِ نحو اللامحدود من امتدادات الأشرطة ذات المشاهد التصويرية. واذا كانت منظومة التماثيل والمسلات والألواح النذرية السومرية, خطابات فكرية ارتبطت بأنظمة المُدن السومرية, فإن الاختام الاسطوانية تُعد فناً شعبياً يفسر المفاهيم الفكرية لطبيعة مجتمعاتهم في تلك الحقبة, إضافة الى حالة التعايش مع وسيطهم الحضاري المزدحم بموضوعات الحياة كافة كالاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية. (13-صاحب,2017,ص96) تُعد الاختام الاسطوانية أحد أهم الأفكار التي سارت موازية للكتابة الصورية في العصر الشبيه بالكتابي عندما استخدمت لتحديد ملكية أو تسجيل اتفاق مُبرم, فظهرت لأوّل مرة في الطبقة الرابعة من الوركاء في عصر الشبيه بالكتابي proto_ literate period وبوقت معاصر إلى ظهور الكتابة الأولى. وتختلف الأختام في حجمها وشكلها من عصرٍ لأخر, حيث كانت مادة صنعها في العصور الأولى من الأحجار السهلة القطع من مثل الكلس والالباستر والحجر الصابوني الناعم الملمس. والحجر الجيري ثمّ لجأ السومريون إلى استخدام مواد اخرى من مثل حجر الدم, والديورايت الأسود واللازورد والعقيق والبلور الصخري بل وحتى الطين المشوي والصدف والمحار والعاج وغيرها من المواد. (31-الأحمد,1981,ص300- 301) لقد شكلت (الأختام الإسطوانية) ابتكار مذهلاً في تأريخ الفكر الإنساني عندما حلَّت محل الأختام المنبسطة. كما موضح في الشكلين (6,5), التي تُعد وليدة تطوّر الفكر والفعاليات الاقتصادية ورُقي النظم الاجتماعية في تلك المرحلة المبكرة من تأريخ الحضارة العراقية. (13-صاحب,2017,ص92) لما تحويهِ من نقوش بارزة ومشاهد مصوّرة تنوعت موضوعاتها المختارة في العهود البدائية المختلفة وكَثُرت صور الحيوانات كما احتوت على هيئات آدمية نحتت بدرجة عالية من الدّقة, ثم جاءت الموضوعات الدينية المتمثلة بالثيران المقدّسة لدى الآلهه بجانب سنابل القمح. (15-علاّم,2010,ص50) لتسير جميعها موازية للكتابة الصورية في عصر بداية الكتابة. أنّ السومريين لم يروقهم محدودية السطوح التصويرية للأختام المنبسطة ، فكان إبداعهم للأختام الاسطوانيّة بمثابة الحل, لتوفير فرص تمثيل العديد من الموضوعات ذات الوحدات التصويرية الكثيرة, كي تفي بحاجاتهم. (13-صاحب,2017,ص95) والختم الاسطواني مكوّن من قطعة من مادة صلبة على شكل اسطوانه حُزَّت عليها تصاميم معيّنة, وبقيت ملمحاً مميزاً للفكر الحضاري العراقي. (6-ساكز,2009,ص75) ونتاج الطبعة يكون هو الموضوع الأساس للهيئة الأنشائية المنقوشة بشكل معكوس على السطح الخارجي للختم الإسطواني, كشريط يعود فيلتقي مع بدايتهِ ويتم دحرجتهُ على الطين منتجاً طبعة (إفريزاً) متصلاً. (17-فاضل,2006,ص33) لقد صُنِعَت هذهِ الأختام من الحجارة او الصدف ونُحِتَت بلطف وعلى طرفها المحدّب بأشكال مختلفة شكّلت كما قُلنا افريزاً دقيقاً من الزينة, عند دحرجتها فوق الغضار (الصلصال) الطري. فالتنوّع في الموضوعات وبراعة المعالجة التزيينية تؤكد تحقيقهم لإنجاز لم يضاهيه أي انجاز آخر, وعليهِ وصلت أعمالهم للرُقِي في النقوش النافرة ولم تقتصر على الرسوم الخطيّة بل قاموا بتصميم وتنفيذ الأشكال البشرية. (21-لويد,1939,ص81) كما موضّح في الشكل (7) أمّا المادّة الأكثر شيوعاً لصناعتهِ هي الأحجار الناعمة, كالرخام كما موضح في الشكل (8) او حجر الكلس. وبعد التغلّب على المشكلات التقنية في قطع الأحجار الصلبة وصقلها, صارت تستخدم الأحجار الصلبة كالهيماتيت والزجاج البركاني وحجر اللازورد بإستمرار فضلاً على استخدام الذهب والفضة في عمل الأختام الاسطوانية, كما موضح في الشكل (9), ويعود السبب في استخدامهم للمواد الثمينة كونها تبقى مادة متوارثة عبر الأجيال. وإنتاج الطبعات وغالباً ما كانت تلك الأختام الإسطوانية تنطوي على وسيلة تُعلَّقْ بها, قد يتم ذلك عن طريق عروه مثقوبة عند احد طرفي الختم, كما موضّح في الشكل (10), واتخذت في بعض النماذج القديمة والى الجانب الأعلى من الختم هيئة حَمْل او حيوان آخر. وبعدها اعتمدوا تثقيب محور الختم طولياً, وكان الموظفون يُغيّرون اختامهم وهم يرتقون السُّلم الإداري. (6-ساكز,2009,ص75-76) حينها ظلت الأختام الإسطوانية هي الطابع المميز للحضارة السومرية التي لا توازيها سوى الكتابة المسمارية. انها حققت تطوراً متكاملاً لنفسها, من خلال ذلك اعطتنا مشاهد هائلة من الموضوعات المصوّرة ذات المساحة الصغيرة وبدلالات كبيرة, انهُ المبدأ المميز للتركيب الأجتماعي في الفن السومري. (22-مورتكات,1975,ص40) امّا أنواع الصخور التي كان يفضلها صانع الأختام الاسطوانية لم تكن من بلاد وادي الرافدين الأمر الذي يدل على وجود علاقات تجارية مع البلدان المجاورة. (21-لويد,1939,ص84) وكون الأختام الاسطوانية مصنوعة من مادة شديدة الصلابة (دائمة) فإنّها نجت من ويلات الحقب التاريخية. لقد حملت الاختام الاسطوانية بمجملها مشاهد مختلفة لطبيعة الحياة في بلاد ما بين النهرين إضافة إلى إعطاء نظرة ثاقبة لطبيعة ذلك المجتمع وتعاملاته اليومية وصفقاته التجارية لقد اشتملت موضوعات الأختام الاسطوانية على تعددية الأنشطة اليومية كالتجارة والزراعة ومشاهد الآلهة وغيرها.(33- موقع ألكتروني) بمعنى إنّ الأختام الأسطوانية جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية في الحياة الرافدينية القديمة, لأنّه يفصح عن قصة شعب التحمت إبداعاته في بودقة صغيرة, لا تتعدى مساحتها 2-8 سم, وغالباً ما تكون الأختام الاسطوانية معقدة جداً في بنيتها التصميمة. (32- موقع الكتروني) لقد عَرَف العراقيون الأختام الاسطوانية التي استُخدمت في العصر الشبيه بالكتابي، وهذا الإنجاز يُعد وليد الفكر ونشاط الخيال وتطور التقنيات ونضج النظم بمختلف مجالاتها التي هي بمثابة التوقيع الشخصي. (12-صاحب,ط1, 2016,ص105) حيث قدمت لنا تلك الاختام خير المعلومات والايضاحات عن الاساطير العراقية القديمة, كما قدّمت مراحل مختلفة من قصة واحدة بحيث اذا وُضِعت هذهِ الصور جنباً الى جنب بعضها, تظهر الصورة كاملة. وتتضح أهمية الاختام الاسطوانية في توضيح معالم الدين العراقي القديم, وتأريخهِ الكبير جداً حيث تمّ تصوير الارباب وطقوس عبادتها. وقدّمت لنا صور الاختام ايضاً في الاضاحي المقدّمة الى الأرباب او الى رموزها. ان الصورة الجلية التي قدمتها خير دليل على المِهن المختلفة, والأدوات التي يستعملها أصحاب المِهن ولباسهم. لقد ساعدت الاختام الاسطوانية على معرفة حيوانات ونباتات البلاد. لأن وجود حيوانات ونباتات صلبة في الاختام السومرية الأولى هو دليل نزوح السومريين من منطقة جبلية. (31-الاحمد,1981, ص301-307) وتظهر عملية الإنتقال من مرحلة الى أخرى في عصر السلالات الباكرة بوضوح في تغيير تصاميم الأختام الإسطوانية. لقد حلّت النزعة الزخرفية بأشكال نباتية وحيوانية بالإضافة الى زخارف بغير ذات معنى. ويشكل الإسلوب التطريزي علامة مميزة للمرحلة الأولى من عصر السلالات القديمة. وفي المرحلة الثانية لجأوا نحو الموضوعات المثيرة والخيالية, والأكثر شهرة من مثل موضوع الصراع بين الحيوانات كهجوم الأسود على القطعان ودفاع الحرّاس عنها, والذي قام بهذا الدور البطل الملتحي والرجل الثور الذي يرتدي حزاماً. لقد صُنِعت نماذج معقّدة من هذهِ الأشكال فكانت متداخلة احياناً ومقلوبة احياناً أخرى. وفي المرحلة الثالثة من عصر السلالات القديمة وصلت صناعة الأختام الإسطوانية الى اوج تطورها, وباتت الأشكال أكثر ضخامة وافضل إتقاناً فالإسود والحراس ظهرت بكامل صورِها, كما قدّمت نماذج اكثر زخرفة من الحيوانات المجترَّة بالإضافة الى تصوير مشاهد للصراع وتصاميم مرسومة بنقوش اكثر كمالاً ودقّة, وبشكلٍ بارز او غائر, ومن اكثر المشاهد اثارة الى التصوير هي المشاهد الطقوسية والإحتفالية التي كان البشر والآلهه يشاركون فيها. ثم ان هناك آله الخصب المتربع على عرشهِ والذي يقف امامهً كاهن يسكب الشراب او يُقدِم الأضحيات على طاولة مزخرفة. (21-لويد,1939,ص172-175) لقد توحّدت جميع اشكال الاختام الاسطوانية في عصر فجر السلالات المبكر, فالختم ألإسطواني بشكله هذا ساعد في التدحرج على سطح اللوح الطيني, حيث اعطت هذه الأختام أشكالاً زخرفية نتيجة تدحرجها على اللوح لمرات عديدة ولحجم الختم الصغير ساعد على حمله بسهولة ونقله إلى مكانات بعيدة مما ساعد على انتشارها وفي الأخير اصبحت هذه الأختام كالطلسمان (لطرد الأرواح الشريرة) بعد ذلك اصبحت إشارة ملك خاص لشخص معين أو لسلالة معينة تحل محل التوقيع. كما ظهر تصوير الانسان على الأختام الأسطوانية لأوّل مرة في بداية الألف الثالث قبل الميلاد، وكانت تلك المشاهد تحمل طابعاً دينياً، فرُسِمَت الأشخاص وهم في حالة العبادة كذلك مشاهد تمثل حلب الأبقار والمواضيع الجانبية الأخرى. وفي هذه الفترة رسم الأشخاص بشكل بديع ودقيق ومتكامل كما ونلاحظ مثل هذه الرسومات على بعض الأواني (الأوعية). (16-فارس,1980,ص40) كما وتتسم هذه الأختام بالبساطة والاتقان النهائي للشكل وذلك من خلال ما صوره الفنان من مشاهد على الأختام الأسطوانية في ذلك العصر كما نلاحظ أن الفنان استطاع أن يوفق بين النسب بشكل جيد وإظهار بساطة التعبير, ان الشكل الأسطواني فرض على الفنان أن يتقيد بتصوير الشخصيات على سطح الأسطوانة لذلك فقد صوّر جميع المشاهد بوضع عمودي وكأنّها واقفة على أرجلها الخلفية. حيث شغل النقش لصياغة الشكل خاصية من خواص الفن الرافديني في الفترات المبكرة وقد أعطى الفنان اهتمامه الكبير للتكوين الذي لعب دوراً مهماً في تنظيم الشخصيات المتعددة للمشهد. (16-فارس,1980,ص41) كما في الشكل (11) لقد ارفدتنا الأختام الإسطوانية بالمعلومات والثقافات عن الأساطير العراقية القديمة, فمن الأساطير التي كان لها شعبية بالغة في العراق القديم, إسطورة (زو Zu) والملك (إيتانا) الراعي وحرب مردوخ ومحاضرات كلكامش, كما وتتضح اهمية الأختام الإسطوانية في توضيح معالم الدين العراقي القديم وتأريخهِ الكبير جداً. فالكثير منها صورت الارباب البابلية, اضافة الى ذلك قدمت لنا الاضاحي المقدّمة الى ألأرباب او الى رموزها حيث نرى قرابين كالغزال والاسد والحمل والماعز والسمك. وفي ختم اخر نجد لبؤة مقطوعة الاقدام تقدِّم كالتضحية. ومن اختام جمدة نصر نلاحظ مجموعة من الأشخاص على الأكثر من النساء بجدائل يصنعن الأواني واكثرهن يجلسن على حصير او يفترشن الأرض. كما احتوت اختام اخرى على موضوعات كالفلاحين وادوات زراعية مع ملاحظة محراثاً يجرّةُ ثوران مع ثلاثة فلاحين ورّسم احد الفلاحين اكبر حجماً من الإثنين الآخرين وربما يكون رئيسهم. كما شملت بعض الأختام على محراثاً سومرياً يجرُّهُ ثور ويقودهُ رجل ملتحٍ ويسحب المحراث رجل ملتحٍ آخر. (31-الأحمد,1981,ص305-307) أن عناصر الفـن في الأختام الاسطوانية لتختلف كثيرا عن فـن (الكرافيك) حالياً, حيث نجد أساسيات العمل الكرافيكي هنا في الختم الاسطواني, الرسم, ثم الحفر, ثم الطباعة على الطين, وتكمن الأهمية هنا في مهارة الفنان الرافديني في حفر قطعة حجرية صغيرة جدا لا تتعدى (2-3سم)  وحفرها بشكل معكوس وبشكل اسطواني مع ضبط الأشكال المرسومة, وتحقيق الانسجام فيها, وهذا ما يتضح في أشكال الإنسان والحيوان والنبات, والتكوينات المختلفة التي لم تكن مجردة بل ذات وظيفة أو مجمـوعة وظـائف (دينية  سياسيةـ اجتماعية), وخير مثال أخير هو الأختام الخاصة بالملك البطل السومري (كلكامش). (30-محمود,2010,ص43) مؤشرات الإطار النظري: في ضوء ما طرح في الاطار النظري, يخلص الباحثان الى المؤشرات الاتية:-
  1. ان طبعات الاختام الاسطوانيهُ بمثابة خطاب ثقافي واعٍ, نابع من حضارة متكاملة, تميزت بالنشاط والحيوية والتجدد.
  2. الإنسان كائن اجتماعي تميز بالطابع الجمعي, تطوّرت قواه المنتجة لتأهيل نفسهِ وسد متطلباتهِ.
  3. ان فكرة عبادة الطبيعة, قادت الفكر القديم نحو القوى الاسطورية التي تؤثر مباشرةً في الحياة الإجتماعية.
  4. تميز المجتمع السومري بتنظيمهِ العالِ والدقيق في جميع الآداءات وعلى كافة الأصعدة كالفنون والزراعة والتجارة والقوانين والأنظمة.
  5. يُعد الدين احد الانظمة الإجتماعية المهمة في نشأة الفنون جميعاً, كونهِ مرتكز اساس في تشكيل حياة البدائيين, حيث سيطرة رجال الدين والسحرة على واقع الحياة العامة وحفلات الأعياد والمراسيم الدينية والزواج والصلح والسلام .
  6. يُعد ظهور التصورات الدينية بمثابة مرحلة جديدة في نشوء الاساطير كنتاج مجتمعي قديم ونماذج رمزية عرفها الانسان وجسدها في موضوعات طبعات الأختام الإسطوانية, كون الأساطير نابعة من الخيال المشترك للجماعة وتأملاتها
  7. يُعد المعبد هو الاساس للتفاعلات التجارية والاقتصادية والثقافية للمجتمع السومري.
  8. أن الآله هي اصل القوانين الموجّهة, والحاكم هو تمثيل لشخص الإله, فالقوانين هي مرتكزات لتنظيم الحياة الإجتماعية.
  9. تطوّر المتطلبات الصناعية اللازمة لحفر الاشكال والهيئات على اسطح الاختام الاسطوانية من خلال ادوات بالغة الدّقة.
  10. طغيان الموضوعات الاسطورية والطقوس والعقائد الدينية (الروحية) وحملها للتمظهرات الرمزية واخضاعها للمنظومة التأويلية, في محاولة لتأسيس حضارة متكاملة نابعة من التفاعل الانساني للأفراد.
  11. التنوع الموضوعي الذي تم توظيفهُ في مشاهد الطبعات الاسطوانية كالاساطير وموضوعات الصراع البيني (بين طرفين), المقدّس, البطل, الصيد, جوانب الزراعة ورعي الاغنام وتغذية الجاموس وغيرها.
  12. ان الفنان السومري في سعيهِ لتوظيف موضوعات اجتماعية مختلفة, هو تأكيد ارتقائه الثقافيِ والابداعي, وادراكهِ لحيثييات وجودهِ الفاعل.
  13. تنوعت المشاهد المنفذة على الاختام الاسطوانية وطبعاتها ذات السمة التزيينية, نتيجة الى تنوع الوظائف والغايات.
  14. اتسمت طبعات الاختام الاسطوانية ببساطة التعبير وطابعها الشعبي.
الفصل الثالث/ إجراءات البحث أولاً : إطار مجتمع البحث يُعد مجتمع البحث القاعدة التأسيسية التي تحتضن عينة البحث, لتؤلف مجتمعاً متكامل التفاصيل يغذي العينة ويظهرها بعد ان يحقق لها مساحة من الرؤية والشمولية, لذا سعى الباحثان جاهدان للإطلاع على جملة المصادر الأجنبية والكتب والمواقع الفنية من خلال الشبكة العالمية (الإنترنت) حيث تم جمع نتاجات طبعات الأختام الإسطوانية السومرية التي تمثِّل مجتمع البحث, والمنتجة في الحقبة الزمنية (2850 ق.م-2400 ق.م), وعليهِ اشتمل اطار مجتمع البحث (62) طبعة ختم اسطواني سومري بما يغطي حدود البحث. ثانياً : عينة البحث قام الباحثان بإختيار نماذج عينة البحث البالغ عددها (5) طبعات للأختام الإسطوانية السومرية, متبعين بذلك الطريقة القصدية في اختيار نماذج عينة البحث, وعلى وفق المبررات الآتية:
  1. الأعمال الموثّقة توثيقاً علمياً دقيقاً, والتي إتّسمت بالشّهرة وشهدت تداولاً اجتماعياَ واسعاً.
  2. التنوع في طبيعة موضوعات الحياة الاجتماعية السومرية, التي وظّفها الفنان السومري في نتاج طبعات اختامهِ الإسطوانية.
  3. وضوح موضوعات طبعات الأختام الإسطوانية التي تجسّدت فيها الدلالات الاجتماعية, وإستثناء السيء منها.
  4. الإبتعاد عن تكرار الموضوعات التي تتشابه في مضامينها الدلالات الاجتماعية.
ثالثاً : أداة البحث اعتمد الباحثان على مؤشرات الاطار النظري كمحكات اساسية في تحليل نماذج عينة البحث كونها مفاهيم تعاطت مع موضوعة البحث وهدفهُ. رابعاً : منهجيّة البحث: اعتمد الباحثان المنهج الوصفي بإسلوب تحليل المحتوى في تحليل نماذج عينة البحث, للوقوف على طبيعة الدلالات الإجتماعية التي حملتها طبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية (السومرية). خامساً : تحليل نماذج عينة البحث إنموذج رقم (1) طبعة ختم اسطواني سومري / الحضارة السومرية –  بلاد ما بين النهرين اسم العمل/ زورق سومري. الزمان / 2850 ق.م المكان / الوركاء. الابعاد / ـــــــــــــــــــــــــ . الخامة / ـــــــــــــــــــــــــ. العائدية / متحف برلين. وصف العمل: أن طبعة الختم الإسطواني المسماة (زورق سومري) وظّف فيها الفنان السومري زورقاً يقودهُ ملاّحان احدهما يقف الى الأمام من القارب ممسكاً بيدهِ بمجداف, والآخر جالس الى الخلف من القارب وهو يقوم بعملية التجديف, مع ملاحظة ان القارب تقوّست نهاياتهِ الأمامية والخلفية لتنتهي بأشكال نباتية رمزية, كإشارة واضحة ودلالة قاطعة على سيادة المعتقدات الدينية في تلك الحقبة من حِراك النُظُم الاجتماعية. كما ويتوسط القارب (مشهد الختم) شخصية بارزة (الحاكم, الكاهن) وهي في حالة وقوف والى الجوار منهُ يقف ثور وحُمِّل على ظهرهِ أشبه بالصناديق المكعّبة, والى الجانب الآخر من الحاكم (يسار العمل) وظف الفنان السومري شكلاً مستطيلاً مشبكاً من الداخل, وهو أشبه ببوابة معبد تم صناعتها من القصب. تحليل العمل: أن الفنان السومري اعطى السيادة لهيئة الحاكم (الكاهن) التي تتوسط القارب حيث الوقوف المهيب للحاكم والسيطرة والثبات وكأنّهُ البطل الاسطوري صاحب السلطة في داخل القارب, فالسيطرة والثبات هنا دلالة النظام والإستقرار في جميع نواحي الحياة الاجتماعية والإقتصادية والثقافية. اضافة الى توظيفهِ لهيئة الثور وهذا يوضح اهتمامهم بتدجين الحيوانات وتربية الماشية, أن الثور لهُ دلالات كثروة اقتصادية إضافة الى انهُ نعتاً لإله الخصب الكبير وفعل القوة. لقد كان الاقتصاد السومري يعتمد بالدرجة الأساس على منظومة الزراعة والصيد وتربية الماشية والنشاطات الصناعية والتجارية,حيث بلغ الجانب التجاري والصناعي درجة عالية من التنظيم والرُقي في التعاملات المادية, والزورق كموضوع مقدّس لدى الآلهة تمّ اللجوء إليهِ في التعاملات التجارية والتبادل السِلعي والصيد كوظيفة نفعية بل وصل ذلك الى نقل الأحجار الكريمة والغالية الثمن الى بلاد ما بين النهرين حيث صناعة وحفر الأختام الإسطوانية بمهارة عالية لا يُضاهيها أي نمط فني آخر, إنهُ ابداع فكري وجمالي بإمتياز, لهُ دلالة حضور الفكر الواعِ وبساطة الصنعة ودقة الأداء. ان طبيعة المشهد البصري للطبعة برزت فيها الخطوط لتظهر من خلالها تباينات الضوء والظل لتتشكل عبرها حركات وأداءات اكثر فاعلية وارتباطاً بالحياة الإجتماعية, لكن طبيعة هذهِ الخطوط نراها اكثر حدة حيث الهندسية (المربعات والمثلثات والتقاطعات والتقوسات والإستقامة) التي تبعث على الثبات والصرامة. من جانب آخر فقد افتقرت الطبعات الى وجود الألوان نتيجة عدم احاطة الفنان السومري بموضوع اللون وخواصّهِ الكيميائية, لذا نجد ان السائد في التشكيل البصري للطبعة هو الأسود والأبيض. لقد وظّف الفنان السومري العديد من المفردات المادية في داخل القارب وجعلها تقترب من تلك المشاهد المسرحية فإنبساط القارب وتقوساتهِ الجانبية هي إحالة الى رؤية مشهدية صورية تشبه الى حدٍ ما خشبة المسرح, حيث احتضنت دراما اجتماعية متفاعلة نابعة من علاقات الإنسان مع محيطهِ الاجتماعي. وعليهِ انصهر الفن مع المجتمع ليتحوّل الى منظومة تثقيفية تدخل ضمن حيز التنوع المجتمعي, فضلاً على الوظائف الاجتماعية التي يتفاعل معها الفرد, والفن نتاج اجتماعي تواصلي نابع من ذات الفرد وعلاقتهِ بالمجتمع, لذا أصبحت توجهات الفن مرتبطة بنُظُم الحياة الاجتماعية السومرية, ثم اخذت بالتطّور وفقاً لنُظُمهِ وقوانينهِ.أن التنوع في موضوعات الأختام الإسطوانية جاء نتيجة انفتاح الوعي الفكري والثقافي للفنان السومري , حيث ان اكثر الأفكار شيوعاً وتداولاً في الفكر السومري هي اكثرها دلالة وتعبيراً عن بنية الفكر والحياة الاجتماعية. إنموذج رقم (2) طبعة ختم اسطواني سومري / الحضارة السومرية –  بلاد ما بين النهرين

اسم العمل / مشهد مأدبة. الزمان / 2600 ق.م. المكان / مدينة اور. الابعاد / ـــــــــــــــــــــــــ . الخامة / الختم من حجر اللازورد. العائدية / المتحف البريطاني- لندن.

وصف العمل:

لجأ الفنان السومري ومن خلال المادة الطينية الى نقل موضوعاتهِ الاجتماعية معتمداً بناء وحدات شكلية ظهرت في الانموذج رقم (2), حيث تم فصل طبعة الختم الاسطواني الى قسمين, علوي وسفلي, بوساطة خطين افقيين متوازيين وعلى القسمين توزع عدد من الشخوص الجالسين على الكراسي مع ملاحظة وجود افراد من الخدم تقدِّم لهم الخدمات.

أن مشهد القسم السفلي يتوزع فيهِ مجموعة من المحتفلين ويتوسطهم طاولة متحركة تحمل فوقها المتطلبات المادية للإحتفال, كالمأكولات والمشروبات (احتساء الجعه), حيث يقوم الخدم بتقديم الجعة الى النخبة من المحتفلين, وفي القسم العلوي نلاحظ وجود رجل وإمرأة يجلسون على الكرسيين ويتوسطون المشهد الصوري للطبعة ووضع بينهما قارورة كبيرة يخرج منها (أربع قصبات), وهذا على وفق التقاليد والعادات الاجتماعية المتبعة لديهم. لقد جعلوا تلك الشخصيتين البارزتين (الرجل والمرأة) في الشريط العلوي من طبعة الختم, حيث المكانة الاجتماعية والسلطة والتمايز الطبقي.

تحليل العمل:

لقد اعتمد الفنان السومري البساطة في تشكيل اعمالهِ وابداعاتهِ ذات المضامين والدلالات المتعددة, فضلاً على ابتعادهم عن المنظور, ان توظيف الهيئات خضع للتسطيح أي ذي بعدين دون اللجوء الى البعد الثالث (العمق). فالرؤية التي جاء بها الفنان السومري في توظيفهِ لجوانب الحياة الشعبية, جاعلاً من مفرداتهِ الحياتية لتتحول هي الى توافقات على مستوى الشكل والمضمون. فمن ناحية التكوين الشكلي لطبعة الختم الإسطواني يطغى عليها التناسق والتنظيم على مستوى توزيع الهيئات الآدمية الجالسة والأشياء المادية التي رُسِمت وفق تشكيلات هندسية وزوايا حادة وخطوط متقاطعة صمّمت وفق مبدأ التسطيح والتبسيط دون الخوض في رسم التفاصيل. ومن مجموع الخطوط والبروزات والإنحناءات تشكّلت الصورة الحقيقية للحركة الإبداعية في تلك الفترة حيث الإبتكار وتنامي الوعي الفكري والثقافي على حدٍ سواء.

ان موضوعات الأختام الإسطوانية بدأت تأخذ طابع التنوّع في توظيف الأشكال وتوزيعها على مجمل سطح الطبعة الطينية ليصوّر المشهد طقوساً احتفالية تقام كالعادة وفي أوقات مختلفة تماماً, عند الزواج وحصاد المحاصيل الزراعية, ولأجل تحقيق الإنتصارات في مناطق الحرب, او تسنُّم سلطة او تتويج حاكم ولاية او في احتفالات رأس السنة السومرية. لذا تعالت الموسيقى واصبح لها الدور الأساس والمرتكز المهم في احياء تلك المأدبة (الجلسات الاجتماعية الحميمة) بين الافراد عامة وطبقات الملوك خاصة.

كما لجأ الفنان الى توظيف مجموعة من الكراسي في هيئة تشكيلات خطية متوازية ومتقاطعه ومائلة عمودية حيث صُنعت تلك الكراسي من الخيزران والأخير له مكانه مميزة لدى سكان وادي الرافدين, إنهُ بدلاله الزراعة والإنتاج والصناعة اليدوية, كنمط اقتصاي فاعل له ابعاد وظيفية ونفعية وانتاجية نابعة من الإنسان وواقعهِ اليومي, فمن القصب شُيدت البيوت والمعابد الأولى في سومر, كما تم توظيف القصب في العزل الحراري وفي تماسك الجدران وعمل التشكيلات المعمارية المقوّسة. وهذا شاهد على وقتنا الحاضر حيث اهتمام مناطق الجنوب (مجتمعات الاهوار) بمادة القصب كمادة أساس في حياتهم المجتمعية. كما وظف الفنان السومري مادة القصب التي صُنعت منها الكراسي كونها ذات مرتبة عالية واهمية مميزة في صناعة وانشاء العديد من الأشياء والموضوعات, فالقصب لديهم مقدّس ومهم كأهمية القمح, الماء, التمور,انها تشكل مكانة اقتصادية في الحياة المجتمعية السومرية. ومن القصب شكلت أداة بعد ما تم بَريَها وتشذيبها لتستعمل في رسم صور الكلمات والمقاطع في (الكتابة المسمارية) كتوجهات ثقافية التي ظهرت في اوروك والعديد من المدن في سومر فيما بعد. وهنالك صورة القصب التي نُقِشت على الاختام بوصفها علامة صورية ذات دلالات, ثم تحوّلت الى علامة مسمارية في فترات لاحقة, وهذهِ العلامة دخلت في تكوين وتشكيل العديد من أسماء الأعلام والأماكن والألقاب, وهنا اشارة الى اسم ألهه تدعى (ننجيدا) التي تعني (سيدة القصب المقدّسة) حيث تمّ وصفها في الأساطير السومرية بأنها اخت (إينانا). ولابد من التطرق الى موضوع الصناعة كإشارة الى وجود وِرش عمل خاصة بحفر المشاهد الصورية للاختام الاسطوانية وصقلها بشكل دقيق ومنتظم, حيث ان تعدد المفردات والمشاهد على ذلك السطح الصغير (الضيق المساحة) هو دلالة اجتماعية تنبع من وعي ثقافي وفكري على جميع الأصعدة. تلك هي عظمة الفكر والوعي السومري القديم الذي ينبع خبرات واحاسيس عكست طبيعة النسق الفني المحمّل بالدلالات والاجتماعية وتطورها المرحلي.

انموذج رقم (3) طبعة ختم اسطواني سومري / الحضارة السومرية –  بلاد ما بين النهرين

اسم العمل/ ابقار وسنابل القمح الزمان / 2600 ق.م. المكان / مدينة جمدة نصر. الابعاد / ـــــــــــــــــــــــــ . الخامة / الختم من حجر اللازورد. العائدية / متحف اللوفر. وصف العمل: يظهر في هذا المشهد البصري قطيع حيواني مكوّن من ثلاثة ثيران وهم يسيرون في حركة منتظمة الواحد تلو الآخر, وتجاور كل واحد منهم شكل سنبلة, فالخطاب البصري الذي يقدمهُ الفنان السومري القديم مرتبط دائماً بالدلالات الرمزية, رغم واقعيتها الصريحة, تلك الرمزية التي باتت كلغة متداولة على نطاق الحياة الاجتماعية الجمعية. تحليل العمل: ان العمل بتكرار مفرداتهِ يصبح في هيئة مصفوفة كدلاله النظام وتفعيل الالتزام والطاعة وجميعهم مناقض للتمرد والفوضى حيث ان الاختام الإسطوانية تكشف عن بنية متناسقة منتظمة من الثيران التي تسير بخًطى متساوية, فالمسير المتتابع بوتيرة واحدة له دلالات في حركة التقدم المتسارع على المستوى الاجتماعي الجمعي والاقتصادي والثقافي والفكري. فالرؤية التي جاء بها الفنان السومري تفصح عن تحول في البنية الثقافية حيث جمال وتناسق الاشكال ورشاقتها حينما حُفِرت بهيمنة خاصيتي التبسيط والاختزال, دون لجوء الفنان الى ادخال تفصيلات على وحداتهِ الشكلية التصويرية اضافة الى ذلك ترتبط الماشية كالابقار والثيران بالجانب الاقتصادي, كدلالة للثروة والخير والإنتاج وتربية الماشية ما أدى الى اهتمام المجتمع السومري بقيمة تلك الثروة الإنتاجية ذات الطابع الوظيفي النفعي التي تنظمها المعابد من تلك الحيوانات وغيرها من موجودات الطبيعة التي كان المجتمع السومري يتعامل بها في جوانب البيع والشراء, كما نلاحظ وجود حاجة الى رغبات سحرية تخص كهنة المعبد وحدهم, كما تحمل الاشكال صفات القداسة والمعتقد, من خلال شكل الثيران التي ترمز للقوّة, انهُ يمثل نعتاً لإله الخصب الكبير, وعليهِ يتحول الثور الى موضوع سحري وعقائدي في ظل تنوّع الفكر وفعالياتهِ الاجتماعية. ويمكن ملاحظة التشابه بين مشاهد العجول والثيران والابقار وبين مثيلاتها في قُرى الاهوار الموجودة في جنوب العراق وهذا دلالة التواصل الحياتي والمجتمعي بين كلا الحضارتين القديمة والحالية. ان توالي النسب العددية للأشكال الموجودة في المشهد الصوري وزيادتها هو دلالة على الفاعلية التواصلية لظاهرة التناسل (تكاثر جنس المخلوقات) في مفردة وجودهم الطبيعي, وهذا التناسل بمثابة احالات لإستمرار الوجود وديمومتهِ. ذلك الوجود الذي تشبث بهِ الإنسان السومري مبتعداً بذلك عن التفكير بحياة ما بعد الموت, على النقيض من المجتمع المصري القديم الذي يؤمن بحياة ما بعد الموت. لقد عمد الفنان السومري الى الإبتعاد عن رسم الخطوط الهندسية والدوائر محاولاً اللجوء الى توثيق التشكيلات الحيوانية والنباتية في كلٍ متكامل والتأكيد على الأثر الفاعل لمبدأ التكرار والحركة الدؤوبة للأطراف السفلية للثيران, بالإضافة الى الحركة المائلة للسنابل وكأنها تتعرّض الى جوٍ عاصف ما يمنحها سمة الميلان وعدم الإستقرار. لقد وظف الفنان السومري في هذه الطبعة, شكل سنبلة وُضِعَت بصورة مائلة بجوار الثور, لنرى فيها حبات القمح البارزة بشكلٍ كبير, انها دلالة الوفرة والعمل الدؤوب والاهتمام بالزراعة والإنتاج الذي يحتاج الى صناعة الأدوات اللازمة لزراعة المحاصيل وجنيها, فضلاً على منظومة الري كرافد أساس لسقي المحاصيل, فالخطاب الشكلي والابداعي بمثابة دلالات رمزية متداولة على مستوى الأطر الاجتماعية لتتحوّل الى تجارب خبراتية نابعة من حضارة رافدينية عريقة, فالسنابل الأولى هي بواكير للمحصول الذي يُقدّم للآلهة المقدّسة. ان الفنان السومري بدأ بالتفاعل مع حيثيات رغباتهِ الاجتماعية التي فرضتها شعائرهِ الدينية لتنعكس في موضوعاتهِ ذات الطابع السطحي والمختزل, مع ملاحظة ان جميع فضاءاتهِ قد خلت من جميع تفاصيل موجوداتهِ الطبيعية لتنفرد اشكالهِ الحيوانية والنباتية وتتحول الى قيم اسطورية مقدّسة شغلت حيز فكرهِ المتناغم مع خطاباتهِ الاجتماعية. انموذج رقم (4) طبعة ختم اسطواني سومري / الحضارة السومرية –  بلاد ما بين النهرين

اسم العمل/ اسطورة ايتانا الزمان /  النصف الثاني من الالف الثالث ق.م (2500ق.م). المكان / ـــــــــــــــــــــــــ . الابعاد / ـــــــــــــــــــــــــ . الخامة / ــــــــــــــــــــــــــــــــ العائدية / متحف برلين- المانيا. وصف العمل: تضمن المشهد الصوري للطبعة العديد من المفردات التي تبعثرت يميناً ويساراً, أعلى وأسفل، حيث توزعت الموجودات بطريقة غير منتظمة (عشوائية) ان العمل تسبح فيه مفردات الموجودات في فضاء سكوني غير متحرك، حيث هنالك وإلى اليسار من العمل ثلاثة من الماشية وهن يقفن بصورة منتظمة بهيئة مصفوفة (بدلالة النظام) ويقف إلى الأمام منها والخلف رجلان أحدهما واقف خلف القطيع والآخر إلى الأمام منها, وجميعهم ينظر إلى النسر الطائر الموجود في اعلى يمين العمل، كما نلاحظ أنّ طبعة الختم توزعت فيها الأشياء المادية الملموسة بطريقة تكاد تكون فوضوية إلى حدّ ما، وإلى الأعلى من القطيع توجد اشكال هندسية تباينت بين الدوائر الصغيرة والخطوط المائلة والمتوازية, والى الأعلى من يمين العمل نلاحظ ان النسر يحلّق الى السماء حاملاً معهُ الملك (ايتانا), والى الأسفل منهم نلاحظ وجود كلبي الملك وهما يقومان بحراسة قطيعهِ. تحليل العمل: لقد تنوّعت المفردات البصرية لطبعة الختم الإسطواني المسمى (اسطورة إيتانا) وباتت تعج بالهيئات الآدمية والحيوانية والتشكيلات الهندسية والخطوط المتوازية والدوائر والبروزات التي تُظهر حقيقة تلك الهيئات وعلاقاتها فيما بينها. بالإضافة الى أن الفنان السومري وظّف الخطوط العمودية المتجاورة في يمين ويسار الطبعة وهذا التجاور في الخطوط لهُ دلالة الحركة والقلق وعدم الإستقرار نتيجة التقارب بينهما الذي ينتج عنهُ نوع من الإيهام البصري, كما وظّف الفنان الخطوط المنحنية للتعبير عن الهيئة الخارجية لأجساد الحيوانات بالإضافة الى وجود بعض الدوائر والخطوط المتقاطعة. إنّ طبعة الختم الأسطواني بطابعها الأسطوري والعقائدي والسحري هذا تروي لنا موضوع اجتماعي وقصة تحمل نوع من الغرابة والتشويق في مسار أحداثها, إضافة إلى تميزها بالنمط المقدس. حيث تفصح القصة بدلالاتها الاجتماعية عن صعود الملك ( إيتانا) ملك مدينة كيش الواقعة في الشمال السومري إلى السماء برفقة (نسر مقدس) والهدف من هذا لأجل الحصول على نبات الخصب، لأنّ أمرأتهُ كانت عاقراً. ان ظاهرة الخصب في الطبيعة تنتمي الى عنصرين هما: الذكري والإنثوي, وعليهِ صنفوا قوى وجودهم الطبيعي وادراك ما بينها من علاقات حيث جعلوا لكل قوّة رمزاً, فحولوا تلك الموجودات الى رموز ومفاهيم وجدت لها فهماً اجتماعياً على نطاق واسع, اضافة الى ارتباطها بأدوار الفعل السحري. وهناك مؤشرات تقول إنّ الملك (إيتانا) حصل على مبتغاه من نبات الخصب الذي يساعد على الإنجاب (زيادة النسل) وهذا فيه دلالة في إثبات ملوكيته حيث ورد اسم الملك (بالبخ) ابن الملك (إيتانا) الذي تولّى الحكم من بعده. وهناك معتقد يرى ان الملوكية هبطت من السماء أي ينبع من صلتها مع الألهة, وعليهِ فالملوكية ليست مؤسسة دنيوية من صُنع وابتكار الحضارة الإنسانية وجدليتها, انما هي مؤسسة ذات طابع قُدسي يُعزى ابتكارها للآلهة, والملك ليس شخصاً عادياً مثل بقية الناس, بل هو مختار الآلهة وموضع ثقتها, وهو ينوب عن الآلهة لحكم البشر وإدارة شؤونهم. إنّ سطح الطبعة الضيق أشبه بجدار غرفة أحد البيوت الطينية البدائية التي علقت عليه العديد من الحاجيات التي يستعملها الملك في دارهِ, كنمط معيشي يومي لا يمكن الاستغناء عنه. لقد مثّل مشهد طبعة الختم الإسطواني هذا موضوعات متعددة منها موضوع الصراع الذي يحدث بين الملك وقوى خفية تتحكم بطبيعة نسلهِ, انها إحالة الى إرادة قوية نابعة من ذات الملك (ايتانا) وفكرهِ الاجتماعي. كما مثلت هذهِ الطبعة مشهداً شعبياً, نابع من القوى الشعورية لمنظومة الفكر الاجتماعي, حيث الخطاب الفكري والمتداول في حيز الحياة الاجتماعية حيث اللحمة والتماسك في البنية الموضوعية للاشكال التي توحي بالبدائية والبساطة في التعبير وحملها جمالاً مميزاَ ومتناسقاً. وعليهِ ان وجود الفن ارتبط دائماً بالمنظومة الاجتماعية وتطورت وفقاً لقوانينهِ, ويؤكد التأريخ الاجتماعي للفن ان النتاجات التشكيلية الإبداعية هي تعبير عن تلك النظرة التي يحددها المجتمع تجاه العالم. وعليهِ يخضع الفن لأيديولوجيات خاصة تقوم على أسس إجتماعية. انموذج رقم (5) طبعة ختم اسطواني سومري / الحضارة السومرية –  بلاد ما بين النهرين

اسم العمل/ مشهد الصراع الزمان / 2400 ق.م المكان / جمدة نصر. الابعاد / ـــــــــــــــــــــــــ . الخامة / الكالسيت الأبيض. العائدية / المتحف البريطاني. وصف العمل: إنّ طبعة الختم الاسطواني المسماة “مشهد الصراع” صوّرت بطلين احدهما كلكامش والآخر أنكيدو والأخير نصفه الاسفل في هيئة ثور، والأعلى في هيئة بطل اسطوري له زوج من القرون. وهذا يبدو اكثر تعقيداً من صديقهِ كلكامش امّا الآخر الموجود في وسط الطبعة فيظهر ذلك البطل كلكامش في هيئة بطل اسطوري ايضاً، حيث شعر رأسه مؤطر بست (عكنات) ويحيط خصره حزام عريض يحوي ثلاث حلقات. ويجاور تلك الشخصيتين (البطلين) مجموعة من الحيوانات المفترسة والأليفة وجميعهم في حالة حركة نزاع (صراع) والاشكال الحيوانية صوّرت بطريقة مختلفة ومغايرة تماما لما هو في الواقع حيث نلاحظ أنّها (الحيوانات) واقفة على اثنين من الارجل، والاثنين الاخريات من الأرجل قد دخلت حيز التشابك مع الأطراف الأخرى في مشهد الطبعة . تحليل العمل: لقد باتت تلك المساحة الصغيرة من الطبعة هي الحيز المادي الأساس والفاعل لتوثيق الأنشطة الإجتماعية المختلفة التي تخاطب المتلقّي وتفصح عن اظهار تشكيلات مرئية اكثر براعة وإتقان اتسمت بوجود خطوط وبروزات اظهرت القيمة التعبيرية الحقيقية للهيئات ونشاطها الحركي المتداخل فيما بينها. فالمرونة الخطية التي وظّفها الفنان السومري أظفت طابع الحركية والدينامية كإيقاع أساس للهيئات والأشكال, بالإضافة الى إضفاء سمة التناسق والإنتظام والإستمرارية مع وجود العديد من الخطوط والتقوسات المتجاورة التي تضفي سمة الحركية وعدم الإستقرار أيضاً في عين المتلقي وتخلق نوعاً من الإيهام البصري, مع ملاحظة أن الفنان السومري ابتعد عن رسم الخطوط والزوايا الحادة نتج عنهُ وجود تنوّع حقيقي في القيم التعبيرية للموضوعات المرسومة والمحفورة نتيجة تنوع أساليب الإبداع والإبتكار للفنان السومري. إنّ الهيئة الشكلية لصورة أنكيدو تقترب من الأشكال السريالية حيث الجمع بين العديد من الأشكال في هيئة واحدة. بمعنى ان الشكل يقترب من الفعل الجروتسكي (المسخي) للكائنات. فنلاحظ  الشكل أسطورياً أقرب إلى للخرافي، شكل مركب هجين من كائنين. كما نلاحظ إنّ العيون لدى أنكيدو وصديقه كلكامش وباقي الحيوانات الأليفة والمفترسة هي جميعها في شكل دائري، إنّ الطبعة بأكملها تصوّر مشهداً ملحمياً وصراعاً دامياً لحماية عدد من الحيوانات الأليفة حيث أنّ موضوع البطولة في الفكر السومري لها دلالات عن التمايز الطبقي للأفراد في التنظيم الاجتماعي لذا فهي تتسم بالغرابة.كما في الشكل (12) فالمشهد البصري في بنيته الصورية يمثل صراع قوتين هما: قوة الحياة المتمثلة بالبطلين أنكيدو وكلكامش والحيوانات الأليفة. وقوة الفناء أو الموت ورمزها الأسود. فالمشهد الطباعي صوّر وبدقة القانون الحقيقي للحياة برمتها. انّه نوعا من التعالي للدلالات الرمزية مضاف لها دلالات تعبر عن معتقدات ذات طابع سحري خاصة بالإنسان وأفكاره. إنّه بمثابة المَعلَم الثقافي المتميز والمهم في بنية الحضارة السومرية. ان الرؤية التي يقدمها المشهد الطباعي اشبه بدراما حركية تكررت وتقابلت فيها العناصر الشكلية مكوّنة مناخ تتصارع فيهِ جملة الكائنات ساعين في ذلك لإحداث منظومة تفاعلية بين قوتين, قِوى تدافع عن البقاء, وديمومة الوجود, وقوة اخرى تسعى للفناء والعدم وكلاهما ساعياً في هدفهِ لغرض القوة والسلطة في حيز الوجود المادي كنشاط فاعل في حركة الفكر الإجتماعي. حيث ان مفهوم البقاء والوجود هي مفاهيم ازلية انبثقت مع ظهور الإنسان في محاولة للسيطرة على مفردات القوى الوجودية. وعليهِ ارتبطت نتاجات طبعات الاختام الإسطوانية كوظيفة جمالية ونفعية بجوهر موضوعات ومفهومات الحياة الاجتماعية. انها أشبه بحوار نسقي متداول بين الافراد, عملت كأداة نشطة وفاعلة وتواصلية تداخلت مع حيز الحياة الإجتماعية عبر ضرب من التناغم العاطفي والوجداني على حدٍ سواء. حيث أن طبعات الأختام الإسطوانية نتاج وعي ثقافي وحراك فكري يحمل دلالات عميقة الأثر تعكس جملة خطابات ومعاني رمزية وصورية. هو بمثابة منظومة صورية تعبيرية تفصح عن سياقات تشكّلت وطبعت في هيئة موضوعات على سطح مستوي طيني, تنوعت دلالاتها بين التوجُّه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي. الفصل الرابع/ النتائج والإستنتاجات والتوصيات والمقترحات نتائج البحث: استناداً لما جاء من نصوص في تحليل العينة, ومن أجل تحقيق هدف البحث (تعرّف الدلالات الاجتماعية في طبعات الأختام الإسطوانية الرافدينية), توصل الباحثان الى جملة النتائج الآتية:
  1. ارتبطت الدلالات الاجتماعية بموضوعتي الصراع والسلطة فالإنسان منذ ولادته يحيى الصراع في اطر الحياة الاجتماعية ليصبح هو صاحب السيادة والسلطة, كما ظهر في النماذج (5,4,1) من العينة.
  2. نضوج فكرة البطل الاسطوري كموضوعات ذات اهمية اجتماعية، حينما برزت وتفاعلت مع منظومة الفكر الاجتماعي القديم، كما ظهر في الإنموذجين (5,1) من العينة.
  3. سيادة التنظيمات الزراعية والتجارية والانتاجية في مشاهد طبعات الاختام الاسطوانية كدلالات اجتماعية متداولة يوميا, كما ظهر في النماذج (3,2,1) من العينة.
  4. تجسدت الدلالات الاجتماعية من خلال ظهور قوى اسطورية ومعتقدات وموضوعات ذات طابع ديني مقدس ارتبطت بشكل مباشر بحياة الإنسان السومري من خلال الشكل والمضمون كما ظهر في جميع نماذج العينة.
  5. إنّ تربية الماشية وتدجين الحيوانات كنمطين اقتصاديين مُهِمين يعتمد عليها المجتمع السومري في حياته اليومية الاجتماعية كما ظهر في النماذج (4,3,1) من العينة.
  6. طغيان الجانب الوظيفي النفعي في موضوعات الاختام الاسطوانية كدلالة الارتباط بالنظم الاجتماعية، كما ظهر في النماذج (3,2,1) من العينة.
  7. إنّ موضوعات الآلهة المقدّسة بِعَدِّها الأكثر شيوعاً وتداولاً واكثرها ارتباطاً بالحياة الاجتماعية السومرية من خلال الشكل والمضمون كما اتضح في النماذج (4,3,1) من عينة البحث.
  8. التباين والاختلاف في طبيعة الموضوعات الاجتماعية التي وظّفها الفنان السومري وهذا دلالة التنوّع الفكري والثقافي المرتبط في الحياة الاجتماعية السومرية كما اتضح في جميع نماذج عينة البحث.
  9. لجأ الفنان السومري إلى توظيف الموضوعات الشعبية في طبعات الاختام الاسطوانية كأنماط اجتماعية يومية, كما ظهر في الانموذج (2) من العينة.
  10. اتسمت الحياة الاجتماعية السومرية بصلتها المباشرة بالجانب التجاري المتمثل بنقل البضائع (السلع) إضافة إلى استيراد الأحجار الكريمة والصخور الغالية الثمن من مناطق بعيدة من اجل عمل اختامهم الاسطوانية.، كما ظهر في الانموذج (1) من العينة.
  11. اهتمام الفنان السومري بموضوعات الاحتفالات واحيائها من قبل افراد (مبدعين موسيقيين) وتوظيفها في طبعات اختامهم الاسطوانية ، كدلالة هامة على تفاعلهم وترابطهم الاجتماعي كما ظهر في الانموذج (2) من العينة.
  12. إنّ الفنان السومري لجأ لتوظيف الجانب السحري في طبعات الاختام الاسطوانية كونها ذات فاعلية اجتماعية مرتبطة بمنظومة العقائد والقوى الخفية، كما ظهر في الإنموذجين (4,3) من العينة.
  13. اهتمام الفنان السومري بالتنظيمات العائلية المتمثلة بموضوع الزواج وزيادة النسل والتقاليد والأعراف الاجتماعية حيث لجأ لتوثيقها في طبعات الأختام الاسطوانية مضموناً. كما ظهر في النماذج (4,3,2) من العينة.
  14. تتضح الدلالات الاجتماعية من خلال اهتمام الفنان السومري بالأنظمة والقوانين وتوظيفها في موضوعات طبعات الأختام الاسطوانية شكلاً ومضموناً كما اتضح في النماذج (4,3,2) من العينة.
  15. ان الفنان السومري لجأ لتوظيف فكرة الملك لتصبح فاعلة في نطاق وطبيعة الحياة الإجتماعية , كما ظهر في الإنموذج (4) من العينة.
الإستنتاجات: في ضوء نتائج البحث، توصّل الباحثان الى الإستنتاجات الآتية:
  1. استطاع الفنان السومري من إظهار الدلالات الإجتماعية في موضوعات طبعات الأختام الإسطوانية المرتبطة بجوانب الحياة اليومية المختلفة لتصبح هي الأسس الفاعلة التي تعالت والنظم الإقتصادية والدينية والسياسية والثقافية وتنظيماتهم العائلية.
  2. ان الفنان السومري هو ذلك الإنسان المبدع والمثقف ذو الفكر الواعي والبراعة الفذّة الذي استطاع ان يحوّل سطح طبعة الأختام الإسطوانية المتناهية الصِغر الى موضوعات متكاملة في شكلها ومضمونها كدلالات على الفاعلية التنظيمية لمجمل جوانب الحياة اليومية الإجتماعية.
  3. ان الفنان السومري انتج حضارة متجددة, قوامها تلك المعالم الثقافية الهامّة لبنية الحضارة السومرية تحولت في هيئة علاقات شكلية نُفّذت على مساحات صغيرة افصحت عن إرثاً حضارياً غنياً بالفكر والمادة.
  4. ان طبعات الأختام الإسطوانية حملت العديد من الخبرات والافكار الواعية بوصفها وثائق تُنشِد الديمومة الوجودية للفرد السومري بعَدّهِ إنسان فاعل ومتفاعل مع بيئتهِ ومجتمعهِ بدلالة المدركات الفكرية المحرِّكة لذاتهِ.
  5. ظهرت طبعات الاختام الاسطوانية كوسيلة فاعلة للتلاقح الثقافي المجتمعي التي اسسوا لها وصاغوها وفق رؤية فكرية فذّة, لتمثل خطاباً توعوياً موجّهاً للمجتمع كافة.
  • ان طبعات الاختام الاسطوانية هي اشبه بوعاء لحركة الفكر الاجتماعي السومري خاصة, والعراقي القديم عامة.
التوصيات: في ضوء ما أسفر عنهُ البحث من نتائج وإستنتاجات، يوصي الباحثان بالآتي: ضرورة توثيق نتاجات الفن الخاصّة بالحضارة العراقية القديمة, (اختام اسطوانية, منحوتات بارزة ومجسّمة, جداريات وفنون تطبيقية) بعَدِّها تأريخ امة عظيمة وحضارة رائدة ومنبع فكري وثقافي وجمالي. المقترحات: إستكمالاً لمتطلبات البحث الموسوم إقترح الباحثان العنوانين الآتيين:
  1. الدلالات الاجتماعية في طبعات الأختام الإسطوانية الأكدية.
  2. الدلالات الاجتماعية في طبعات رامبرانت الكرافيكية.
المصادر
  1. امهز, محمود: في تأريخ الشرق الأدنى القديم, دار النهضة العربية, د.م, 2010.
  2. باقر, طه: مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة؛ تأريخ الفرات القديم, ط2, بدون دار نشر, بغداد, 1955.
  3. دلو, برهان الدين: حضارة مصر والعراق؛ التأريخ الاقتصادي, الاجتماعي, الثقافي والسياسي, ط1, دار الفارابي, بيروت, 1989.
  4. ديورانت ,ويل : قصة الحضارة؛ الشرق الأدنى, ج2, م1, تر: محمد بدران, دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع, بيروت, د.ت.
  5. زيادة, معن : الموسوعة الفلسفية الدينية , ط 1، معهد الانماء العربي , 1986.
  6. ساكز, ه.و.ف: البابليّون, تر: سعيد الغانمي, ط1, دار الكتاب الجديد, بيروت, 2009.
  7. سكر, عزمي: السومريون في التأريخ , ط1, عالم الكتب, بيروت, 1999, ص84.
  8. السواح, فراس : الاسطورة والمعنى (دراسات في الميثولوجيا و الديانات الشرقية), ط2, دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة, دمشق, 2001.
  9. صاحب, زهير: اسطورة الزمن القريب, دار الجواهري, بغداد, 2016.
  10. صاحب, زهير: الفنون البابلية, دار الجواهري, بغداد, 2011.
  11. صاحب, زهير: الفنون السومرية, دار ايكال للطباعة والتصميم, بغداد, 2005.
  12. صاحب, زهير: تقابل الحضارات؛ دراسة في الحضارتين العراقية والمصرية, ط1, دار ومكتبة عدنان, مكتبة مدبولي, القاهرة, 2016.
  13. صاحب, زهير: ملحمة العراق؛ دراسة في فنون عصر فجر الحضارة العراقية, دار الكتب, بغداد, 2017.
  14. عبادة, عبد اللطيف: أجتماعية المعرفة الفلسفية ، المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1984
  15. علاّم, نعمت إسماعيل: فنون الشرق الأوسط والعالم القديم, دار المعارف, القاهرة, 2010
  16. فارس، شمس الدين وسلمان عيسى الخطاط: تاريخ الفن القديم، ط1, دار المعرفة, د.م,1980
  17. فاضل, عبد الحميد: تأريخ الفن العراقي القديم, وزارة التعليم العالي والبحث العلمي, العراق, 2006.
  18. الفائدي,محجوب عطية:مباديء علم الإجتماع والمجتمع الريفي,ط1,منشورات جامعة عمر المختار,البيضاء 1992.
  19. قاشا, سهيل: تأريخ الفكر في العراق القديم, دار التنوير, طرابلس, د.ت.
  20. لوكاس, كريستوفر: حضارة الرُقَم الطينية وسياسة التربية والتعليم في العراق القديم, تر: يوسف عبد المسيح ثروت, منشورات دار الجاحظ, وزارة الثقافة والاعلام, بغداد, 1980
  21. لويد, سيتون: آثار بلاد وادي الرافدين من العصر الحجري القديم حتى الغزو الفارسي, تر: محمد طلب, ط1, دار دمشق. دمشق. 1939
  22. مورتكات, انطون: الفن في العراق القديم, تر: عيسى سلمان و سليم طه التكريتي, مطبعة الأديب البغدادية, بغداد, 1975
  23. موسكاتي، سبتينو: الحضارات السامية القديمة، تر: السيد يعقوب بكر، دار الرُّقي، بيروت، 1986
المعاجم والقواميس
  1. الأحمر, فيصل : معجم السيميائيات, ط1, منشورت الإختلاف, الدار العربية للعلوم ناشرون, بيروت ,2010
  2. جوليا, ديديه: قاموس الفلسفة, ط1,تر:فرانسوا أيوب وآخران, مكتبة أنطوان- بيروت , دار لاروس- باريس, 1992
  3. الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر : مختار الصحاح ، دار القلم ، بيروت – لبنان ، د.ت
  4. الفراهيدي, الخليل بن احمد: العين, ج2,ط1, دار الكتب العلمية, بيروت,2003
  5. لالاند, اندريه: موسوعة لالاند الفلسفية, ج3,ط2, تر:خليل احمد خليل, منشورات عويدات, لبنان- باريس,2001
  6. وهبة, مراد: المعجم الفلسفي, دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع, القاهرة,1998
الأطاريح والرسائل
  1. محمود, ضياء حسن: الموروث الرافديني في التشكيل الحديث بالعراق, أطروحة دكتوراه غير منشورة, جامعة تونس, المعهد العالي للفنون الجميلة, مدرسة الدكتوراه فنون وثقافة, تونس, 2010.
المجلات والدوريات
  1. الاحمد، سامي سعيد: الأهمية التاريخية والتراثية للأختام الأسطوانية, مجلة المورد, تراثية فصلية, وزارة الثقافة, بغداد- العراق, العدد/1, 1981.
مواقع الإنترنت
  1. mark ,Joshua :cylinder seals in Ancient Mesopotamia-their history and Significanc, Ancient history encyclopedia,2.December ,2015 حسب الموقع الالكتروني
  2. historyon thenet.com حسب الموقع الالكتروني
الهوامش:  (*) عالم اثار ولد في العراق, محافظة بابل.سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراسة علم الآثار وبعد أربعة سنوات حصل على البكالوريوس والماجستير وكانت العودة للعراق عام 1938، يعد باقر من أشهر العاملين في مجال ترميم الذاكرة العراقية وصلتها بتاريخها الحيوي المتحرك والمنتج. عمل باقر في مجال التاريخ القديم وعلى الأخص تاريخ العراق فالآثار لدى باقر ليست حجراً أصم يؤرخ لأزمان جامدة ومعزولة. انه تعبير متحرك عن واقع بحاجة إلى اغناء مضامينه الإنسانية بالكشف والتنقيب عن إمكانات الإنسان العراقي وقدراته الابداعية.                      طه_باقر/ https://ar.wikipedia.org/wiki   ملحق الأشكال