أ.م. د.منى حيدر عبد الجبار الطائي

كلية التربية للبنات جامعة بغداد/ جمهورية العراق

muna.haider@coeduw.uobaghdad.edu.iq

009647711580949

الملخص

      في ظل الأزمات  عادة ماتبرز الحاجة إلى إدارات عامة كفوءة ومرنة لاتخاذ قرارات  حاسمة وسريعة,  أيضاً  قادرة على توجيه العناصر والمكونات الداخلية وتكييفها مع متطلبات التغير السريع الحاصل بفعل الأزمات والكوارث ,ومن خلال آليات حوكمة  تعزز مقدرة المؤسسات على الإستجابة السريعة للاحتياجات  وصياغة استراتيجيات إبداعية متنوعة لحل المشكلات وإدامة العمل المؤسسي والحفاظ على سلامة اصحاب المصلحة من العاملين والمستفيدين , يهتم هذا البحث و معلوماته بمناقشة الحوكمة العامة  , ودورها في تحقيق التنمية المستدامة,  وذلك عن طريق بيان مقدرتها في تعزيز أمكانات المؤسسات العامة  لمواكبة التحديات الخارجية التي تواجهها حالياً ومستقبلاً, , أيضاً بيان الكيفية التي بموجبها يمكن لإدارات هذه المؤسسات التجاوب مع موارد وامكانات متناقصة او غير متوقعة نتيجة انعكاسات الأزمات الكثيرة  التي نتجت في الوقت الحاضر, التي أوجدت ادوار جديدة للمنظمات  والمؤسسات غير الربحية والمؤسسات التجارية في القطاع العام , توصلت الدراسة إلى مجموعة من الاستنتاجات بناء على الدراسات االنظرية , وتم تقديم عدد من التوصيات التي من شأنها مساعدة إدارات المؤسسات العامة على التوظيف الجيد للحوكمة والالتزام بمبادئها العامة من أجل ضمان الإلتزام بتحقيق أهداف أجندة التنمية المستدامة 2030.

الكلمات المفتاحية :  الحوكمة , المؤسسات العامة , مبادئ الحوكمة  , الكفاءة , التنمية المستدامة

Public Governance and Sustainable Development – A descriptive study of the reality of public institutions in Iraq

Asst.prof.Dr. Muna Haider Abdul Jabbar Altai

College of Education for Women, University of Baghdad

/ Republic of Iraq

 

Abstract

    In light of crises, there is usually a need for efficient and flexible public administrations to make quick and decisive decisions, also able to direct the internal elements and components and adapt them to the requirements of rapid change occurring as a result of crises and disasters, and through governance mechanisms that enhance the ability of institutions to respond quickly to needs and formulate various creative strategies to solve problems And sustaining institutional work and preserving the safety of stakeholders from workers and beneficiaries. This research and its information are concerned with discussing public governance and its role in achieving sustainable development, by demonstrating its ability to enhance the capabilities of institutions challenges that it is facing now and in the future, also explaining how these institutions’ administrations can respond to diminishing or unexpected resources and capabilities as a result of the repercussions of the many crises that have resulted at present, which have created new roles for organizations, non-profit institutions and commercial institutions in the sector In general, the study reached a set of conclusions based on theoretical studies, and several recommendations were presented that would help the administrations of public institutions to properly employ governance and adhere to its general principles to ensure commitment to achieving the goals of the 2030 Sustainable Development Agenda. 

Keywords:

 governance, public institutions, principles of governance, efficiency, sustainable development                                                    

مقدمة البحث

   تستند الإدارة الحكومية تقليديًا إلى تحقيق الكفاءة في عمل منظماتها العامة لتحقيق الأهداف المتعلقة بتوفير السلع والخدمات لأفراد المجتمع. (Rutgers & van der Meer,2010 🙂 , و تحتاج المنظمة إلى تقييم أدائها بأستمرار كي تكون جاهزة ومستعدة لأي تغير أو أزمة , وقياس الأداء دائمًا ما يرتبط بمهمتها وأنشطتها فضلاً إلى البيئة التي تعمل فيها.

   وفقاً ل  (Scheer, T. J. 2010 :6 )أن من ضرورات الإدارة العامة تحقيق الكفاءة على جميع المستويات, والمؤسسات العامة مسؤولة عن تجهيز الخدمات وتلبية الاحتياجات العامة الضرورية للمواطنين من دون أي تمييز قائم على أساس القدرة على تحمل التكاليف. ومن ثم ، فإن الأهداف متعددة الأبعاد للإدارة العامة تتطلب ألا يقتصر الأداء على مجرد تحليل التكلفة والفوائد ، بل يشمل أيضًا العنصر الأساسي لتوفير القيمة للمواطنين . و يشير Rutgers, M. R., van der Meer, H. (2010: 756)) إلى أن المؤسسة تحتاج إلى تقييم أدائها ؛ ويرتبط قياس الأداء دائمًا بطبيعة المهام والانشطة المنجزة فضلاً إلى البيئة التي تعمل فيها, لكن الواقع العملي يشيرإلى صعوبة أن تقوم المؤسسات العامة بقياس الأداء لأن المعيار غير محدد جيدًا ولا يسهل قياس الأهداف العامة. ومن ثم فأن تحديد مستوى الأداء المتحقق يعتمد على مدى توافر العناصر والمرتكزات المؤسسية الناجحة القادرة على ضبط سير العمليات والانشطة  المتنوعة وتُعد الحوكمة العامة أحد الركائز المهمة التي  توفر أساسًا واضحًا ودقيقاً لضبط وتحسين الأداء ومن ثم تسهيل إجراءات التقييم. وغالباً لا يكون تعظيم الربح هو الهدف النهائي للوجود المؤسسي العام. ويُعد هذا سبب كافٍ للحذر من بحث مفهوم الكفاءة في مجال الإدارة العامة.

   واليوم لا يكمن التحدي الذي تواجهه المؤسسات العامة في  مواكبة تغيرات البيئة الخارجية السياسية والإقتصاددية فقط ؛ ولكن أيضاً في ضرورة أخذ التطورات التكنولوجية والتغيرات المجتمعية جنبًا إلى جنب عند تحديد ومتابعة  الخدمة العامة Fine, B.  etal ., 2006: 4)), أذ أن التقنيات الجديدة جلبت  معها تحديات كثيرة ، ومع ذلك هناك إمكانات داخلية لتسهيل سبل التكيف. إن تحقيق فاعلية العمل ضمن هذه الديناميكيات الجديدة يتطلب توازناً في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتنمية الموارد البشرية (Denhardt 2008: 32). أيضًا  توظيف التجارب والممارسات لجعل الخدمات العامة جهدًا شبكيًا بين  جميع القطاعات العام والمستقل والخاص ، ولتحقيق ذلك لابد من  اتباع التوصيات التي قدمها (Kettl) لاعتماد الحوكمة لمتابعة أهداف الإدارة العامة والذي حقق  تطبيقه كفاءات غير مسبوقة في عمل الحكومة لخدمة المواطنين. وجعلت الحكومات أكثر عرضة للمساءلة,2014: 4)       Manzoor .A ) اسئلة عديدة ينبغي أخذها في الأعتبار لتكوين صورة متكاملة عن دور حوكمة المؤسسات العامة في مواجهة تحديات العصر وتحقيق اهداف التنمية المستدامة , والإجابة عنها ستكون محور المناقشة والتحليل في هذا البحث.

مشكلة البحث

   في ظل التغيرات الحاصلة في بيئة أعمال اليوم بتأثير الكوارث والأزمات أصبحت الموارد النادرة أكثر ندرة والمشكلات الاقتصادية والسياسية والإجتماعية أكثر بروزاً لغالبية البلدان بضمنها العراق ، واصبح من المهم زيادة التوجه نحو تعزيز الكفاءة في الإدارة العامة ومحاولة التنبؤ بمستقبلها. والمؤسسات العامة في لعراق تعاني في الأساس من مشكلات  كثيرة  وفي مختلف الجوانب( قانونية , تنظيمية , إدارية , تنسيقية , إتصالية , مالية ), وقد كشف الواقع الحالي ذلك, فالمعروف أن المؤسسات العامة يتعاظم دورها وقت الأزمات أذ يقع عليها العبء الأكبر في  تجهيز الخدمات الرئيسة للمواطنين وتلبية احتياجاتهم المتنوعة,وعلى الرغم من  وجوب استمرارية العمل في بعض  المؤسسات  طيلة فترة الأزمات لاسيما ( الصحة , والتعليم , والعمل الإجتماعي) , الا أن مستويات  التذمر وعدم الرضا كانت عالية نتيجة عدم فاعلية هذه المؤسسات وفشلها في الاضطلاع بمسؤولياتها في تجهيز الخدمات بالسرعة والجودة المطلوبة , والذي نتج عن ضعف التزام إداراتها بمبادئ الحوكمة العامة التي تُعد أداة رئيسة  لضبط المقدرات والمكونات التنظيمية وتعزيز كفاءة المؤسسة العامة لتمكينها من مواجهة التحديات الناتجة عن التغيرات البيئية المتسارعة وما تتضمنه من كوارث وأزمات, ويمكن تجسيد مشكلة  البحث بالتساؤلات التالية :

1.  ما مستوى إدراك إدارات المؤسسات  العامة للحوكمة واهميتها في تحسين مستوى الكفاءة ؟

2.  ما  مبادئ الحوكمة  الواجب الالتزام بها من إدارات المؤسسات العامة ؟

3. ما دور الحوكمة  العامة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ؟

أهمية البحث

  1.  تنبع أهمية البحث من حساسية الموضوع الذي تتناوله ( الحوكمة العامة) كونه يركز على أحد العناصر المهمة في ضمان استمرارية  ضبط وتحسين  كفاءة الأداء المؤسسي في الميدان العام على نحو خاص والتقدم المجتمعي على  نحو عام في ضوء تأثير النتائج المؤسسية على مستويات  تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
  2.  تزايد التنوع في احتياجات المواطنين لخدمات المؤسسات العامة في ظل سرعة التغير البيئي وحالات اللايقين وتأثير الكوارث والازمات العالمية مثل أزمة  COVID-أدى الى زيادة أعباء إدارات  المؤسسات  العامة  لاسيما مؤسسات ( الصحة , التربية والتعليم , العمل الإجتماعي),ومن ثم تنامي الحاجة الى أستخدام طرائق ومناهج تعزز كفاءة أداء الأعمال العامة لهذه المؤسسات.
  3. أن ممارسة الحوكمة في المجال العام عامل أساسي في تحقيق الشفافية والمساءلة والمشاركة وفعالية الأداء المؤسسي لتعزيز كفاية إنفاق الموارد المالية العامة مثلما بينت كثير من الدراسات في هذا المجال بأن المؤسسات التي طبقت أفضل ممارسات للحوكمة حققت أفضل النتائج في معايير الأداء الرئيسية.
  4. تُعد الحوكمة في مقدمة المتطلبات الواجب الالتزام بها من إدارات المؤسسات العامة في سبيل الحفاظ على استمرارية الانشطة والاعمال العامة ,لدورها الكبير في تعزيز المقدرات التنظيمية على الإنجاز ,ومن ثم النجاح في تحقيق اهداف التنمية المستدامة ، فالحوكمة تزيد من إمكانية المؤسسة العامة على تقديم أداء متفوق مقارنة بأداء  المؤسسات الأخرى.

أهداف البحث

الهدف الرئيس : تحديد مبادئ الحوكمة العامة وتأثيرها على كفاءة الأداء المؤسسي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة

  1. التعرف على  الحوكمة في الميدان العام بدلالة مبادئها ( الشفافية , المشاركة, العدالة والمساواة, الخدماتية, الكفاءة , المساءلة)
  2.  واقع تطبيق مبادئ الحوكمة داخل المؤسسات العامة
  3. 3.                   المعوقات المؤثرة على تطبيق الحوكمة في المؤسسات العامة 
  4. 4.                  تحديد العلاقة بين مبادئ الحوكمة العامة ومؤشرات التنمية المستدامة.
  5. 5.                  بيان واقع الحوكمة العامة والتنمية المستدامة في العراق .

منهج الدراسة

   استخدم البحث المنهج الوصفي لأنه المنهج الأنسب لطبيعة البحث الذي يهدف إلى التعرف على الحوكمة ومبادئها المختلفة  بشكل عام مع التركيز  على مبادئ الحوكمة في الميدان العام وبيان علاقتها بعمليات بكفاءة الأداء المؤسسي وتحقيق اهداف التنمية المستدامة ، إذ لا يقف المنهج الوصفي عند حد جمع المعلومات وتنظيمها وإنما يتعدى ذلك إلى تفسيرها والربط بين مدلولاتها للوصول إلى بعد أعمق لتفسير الموضوع قيد البحث ، ولتحقيق ذلك تم الاستعانة بمجموعة من الادبيات والدراسات النظرية العالمية ذات العلاقة .

المحور الأول/  الحوكمة العامة

أولاً: التطور الفكري للحوكمة العامة

 أضحى موضوع الحوكمة أحد المواضيع المهمة في الإدارة العامة  واستعمل لأول مرة من (Harlan Cleveland) كبديل لمفهوم الإدارة العامة في اطار خطاباته ومقالاته الصحفية بقوله : (What the people want is less Government and more Governance) , أي أن الذي يرغبه المواطن اليوم هو حكومة أقل وحوكمة أكثر , بعد هذا التطور الذي أحدثه ((Cleveland,1972:13 , بدأت العديد من المجلات الاكاديمية الرائدة في مجال الإدارة العامة بتبني مفهوم الحوكمة العامة مثل المجلة الدولية للإدارة والسياسة (IJOPA) , كما بدأ العديد من الباحثين في كلية كندي للحكومة في جامعة Harvard)) بتبني مشروع كبير يحمل عنوان (رؤى الحوكمة في القرن ال 21) , وظهرت الكثير من مدارس الحوكمة. ويشير (Frederickson, H. G.,2015: 225) الى ان الحوكمة في أغلب الدراسات الحديثة أصبحت مفهوم مرادف للإدارة العامة. أيضاً أكد ( Osborne & Gaebler, 1992 ) بأن الحوكمة جاءت لتعبر عن” التمكين , والقوة , والمقدرة على تولي مخاطر الرياديات العامة “. Newman) ) أشار الى أن الحوكمة  تمثل ” الرزمة السياسية لأحدث الافكار في الإدارة العامة في مجال المشاركة والتعاون مع المؤسسات الخاصة والمجتمع المدني” , 732): Donadelli, F. 2017) أشار بأن الحوكمة العامة تُعد مدخل اساس السوق الذي يعتمد التنافسية في العمل,  أماSalamon , 2002: 54)) فقد أوضح أن الحوكمة تمثل التحول من دولة البيروقراطية الى حكومة الطرف الثالث والشراكات , Donadelli F. 2017: 55)) أكد أن نموذج الحوكمة تطور إلى ماهو عليه الان بفعل التغييرات التي شهدتها نماذج الإدارة العامة خلال العقدين الاخيرين من القرن الماضي, , وتم تبني تقنيات القطاع الخاص و اطلق على هذا النموذج بالإدارية ((managerialism) وقد ظهرت نماذج الNPM و REGO  عبر عقد الثمانينات والتسعينات على التوالي , أذ أسهم  كل منهما بتقديم مبادىء جديدة للادارة العامة تمثلت ب : التأكيد على النتائج والأداء, والمرونة, ولامركزية السلطة والمسؤولية الاكبر , والاستقلالية الأكبر  , أتجاه السوق , أتجاه الزبون} .

  من جانب آخر عد ((Stoker,2006: 42 الحوكمة العامة أحد التطورات الرئيسة الحاصلة في مجال الادارة العامة ونقطة تحول في ممارسة الحكم في الكثير من الدول الصناعية المتقدمة. وعمد (Bovaird & Loffler, 2016 :10)  و (Johnson, I. ,1997:11), الى ربط ظهور هذا المفهوم بالتطورات الحاصلة بمفاهيم التنمية الشاملة والتنمية البشرية المستدامة في إطار تأكيدهما على ضرورة توافر المقومات السلوكية والقيمية لتحقيق اي تقدم انساني ومجتمعيا.

ثانياً: مفهوم الحوكمة العامة

يُعرف  (Johnson, I. ,1997:1)الحوكمة العامة بأنها ” إعادة تصميم او إعادة ابتكار الإدارة العامة لمواجهة التحديات الجديدة للتنمية في عصر العولمة, أما (المجلس الاقتصادي والاجتماعي للامم المتحدة5:2008,) فعرفها بأنها ” العملية التي تنطوي على إدارة أوجه التفاعل بين المؤسساتالحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص من اجل تحقيق التحول الاجتماعي والتنمية  المستدامة, ( سكارنه 323:2009,) أشار اليها بأنها ” مستوى الأداء الجيد للجهاز الحكومي بمفهومه الواسع (الادارات والهيئات والاجهزة والوزارت وغير ذلك من الجهات الحكومية) التي تقوم بإتخاذ قرارات او تنفيذ سياسات او الاشراف على تطبيق القوانين والتشريعات والرقابة على تنفيذها” .( Bouckaert, G. etal . ,2018 : 4 )  عرفها بأنها ” مجموعة العمليات, والانماط , والسياسات , والقوانين و القواعد التي تؤثر على الطريقة التي توجه بها  البرامج والأعمال العامة ادارياً.من جانبها ً تشير ( الصادي , وآخرون , 2015:124) إلى أن تعريف الحوكمة ينطوي على ثلاثة أبعاد :

  •  بُعد سياسي تمثيلي يقوم على حكم القانون والمساواة والمساءلة .
  • بُعد مؤسسي ويتعلق بالكفاءة والفعالية.
  • بُعد اقتصادي وإجتماعي يتعلق بتحويل النمو الإقتصادي إلى تنمية بشرية مستدامة , فتؤثر هذه الأعاد وتترابط مع بعضها في إنتاج الحوكمة العامة الرشيدة .

ثالثاً: اتجاهات الحوكمة العامة

يُمكن تصنيف الحوكمة العامة إلى ستة اتجاهات رئيسة وفقاً لأراء الباحثين في مجال الإدارة والسلوك التنظيمي وبحسب مجال تطبيقها واستخدامها وهذه الإتجاهات هي :-

الاتجاه الأول /  الحوكمة وسيلة او أداة تستخدم من قبل الجهات الحكومية لإدارة الشؤون والاعمال العامة بشكل يضمن تحقيق التطور التنظيمي والمجتمعي, في ضوء ممارسات تطبق من قبل كل أصحاب المصلحة  وعلى اختلاف مستوياتهم من اجل التكيف مع متطلبات البيئة الدائمة التغير وفي اطار مجموعة الآليات والمبادىء الخاصة .

الاتجاه الثاني /  الحوكمة تمثل أحد عمليات البناء التنظيمي, كونها تشمل تشكيلة من القوانين والعمليات والقيم التي تدار بموجبها المؤسسة العامة فهي تتضمن جميع المتطلبات والإجراءات اللازمة لتحويل السياسات الى واقع ملموس مع الأشراف على عملية التنفيذ Azubike , g.h.B, 2011:257) ) 

الاتجاه الثالث / الحوكمة تعبر عن مجموعة العلاقات التي تربط ما بين الأطراف المشاركة في صنع القرار و تطبيق الحوكمة وفق هذا الاتجاه  يركز على نمط التعاون والتشارك بين المؤسسات الحكومية والاطراف الفاعلة الأخرى O’Toole 2003:12)  )

الاتجاه الرابع / يجسد الجانب الاستراتيجي للحوكمة في ضوء ارتباطها بمقدرة الادارة العليا على تحديد التوجه الاستراتيجي والتأكد من إدارة المخاطر واستخدام موارد المؤسسات العامة بشكل صحيح(Plumpter,1999) و (IFAC,2009), وبما يؤدي الى تفعيل قدرة الاخيرة على ضمان الصياغة السليمة للسياسة العامة واتخاذ القرارات الملائمة بشكل يؤدي الى كسر الجمود والرتابة التي تتحصن بها عادة المؤسسات الحكومية ذات الاساليب والهياكل والممارسات التقليدية التي تأخذ بأساليب التخطيط والتنبؤ Maserumule, M. H., 2011: 65))

الاتجاه الخامس / الحوكمة تمثيل للسلطة او الحكم الذي يؤدي بالنهاية الى تحقيق التنمية المستدامة التي تقود الى التنمية المجتمعية الشاملة وبشكل ينعكس على مسار التطور المستقبلي لعموم فئات ومستويات المجتمع Carlos  De  . C, 2007: 76))

الاتجاه السادس / أن الحوكمة تشكل نظام مناعة يقي ويحمي المؤسسات عموماً لاسيما العامة منها من التصرفات والسلوكيات التي تدعم الممارسات السلبية وبما يعيق عملية اتخاذ القرارات السليمة وصياغة السياسات وفق اساس علمي ومنطقي وبما يحقق اعلى إستجابة للمتطلبات العامة (Bourgon . J , 2009: 23) وهذه الإستجابة تنعكس على مستويات تحقيق أهداف التنمية المستدامة .

رابعاً: : نماذج الحوكمة ضمن  المؤسسات العامة

1-      نموذج الخدمة العامة الجديدة

    نموذج الخدمة العامة الجديد يستند إلى مدخل Citizen-Center ,هذا النموذج يقدم كنموذج متميز عن النموذج التقليدي للإدارة العامة ولنموذج NPM ,في هذه النظرية المساواة الاجتماعية أضيفت الى الكفاءة و الاقتصاد كمنطق لتبرير مواقع السياسة العامة  ((Bourgon, J. 2007:15     Longo, F., 2011:2)  في نظرية الادارة العامة الجديدة اشار بأن الطريق نحو نظرية جديدة للإدارة العامة يجب ان يبدأ في اكثر المستويات أهمية و الذي يتجذر في مفهوم المواطنة (Citizenship) والمواطنة الديموقراطية والتي تعني مشاركة اكثر للمواطنين في إطار الحوكمة العامة, ويؤكد (Bourgon, J. 2007: 18) بأن المصلحة العامة لاتعني مجموع المصالح الخاصة وهي ليست منفصلة كلياً عن المواطنين ذو المصالح الخاصة المتعددة  .فالمنظمة وفق منظور الحوكمة العامة تحتاج الى التفكير استراتيجياً والعمل ديموقراطياً من خلال تصميم السياسات و البرامج التي تلبي احتياجات المواطنين بأكثر الاساليب فعالية من اجل تعظيم خدمة المواطن. (Maserumule, M. H. 2011:554)

2-نموذج الديموقراطية  والدولة التنموية

       الدولة التنموية وفقاً ل(Johnson) هي الدولة التي تأخذ بالتخطيط العقلاني لمنظمات الحكومة بشكل يمكنها من التأثير على اتجاه خطى التنمية المستدامة بدلاً من تركها لاملاءات السوق ,  (Hyden . G , 2007: 26) , يعرف الدولة التنموية بأنها الدولة التي تجعل الانتخاب السياسي والبيروقراطي فيها ذو محددات تنموية اصيلة ومقدرة مستقلة لتحديد وتنفيذ الاهداف التنموية ,الحوكمة  في اطار هذه النظرية تعبر عن مقدرة الحكومة على تنسيق جهود التنمية الوطنية لمختلف الفاعلين الاستراتيجيين وتوجيههم بأتجاه أجندة التنمية ; فافتراضات هذه النظرية تؤكد ان الحوكمة في القرن (21) يجب ان توصف من خلال استخدام مفاهيم علاقة المنفعة و التعاون المتبادل بين مختلف القطاعات العامة و الخاصة والمدنية (Hjertholm . p , 2006 :15), وفي اطار هذه النظرية تفهم الحوكمة من خلال مفاهيم المصلحة العامة( public interest) والخدمة العامة (public service)  ,سلطة القانون (rule of law) , ومشاركة المواطنين و المجتمع المدني والديموقراطية كما يشير (Heinrich ,Hill ,Lynn) الى أن الحوكمة هنا ليست غاية بحد ذاتها وانما وسيلة لتحقيق الغاية التي تتمثل بالتنمية Longo, F., 2011:5 )) . من هذا المنظور نجد ان افتراض هذه النظرية يرتكزعلى ان مفهوم الدولة التنموية هو الجزء المتمم للديموقراطية التي تمثل مسعى لكل المجتمعات الراغبة بالتحرر .

3-نموذج الحوكمة الجيدة والحكومة الفاعلة

      اساس الحوكمة العامة هنا يرتكز على امتلاك المقدرة على جعل الاشياء تؤدى سواء بشكل ديمقراطي او غير ديمقراطي  Pestoff . V , 2011: 12)) وهذا يتعارض ما جاء به نموذج الإدارة العامة الجديدة  NPM الذي عُد أحد النماذج الرئيسة لتفسير الحوكمة على الصعيد العام , اما الحكومة الفاعلة وفق هذا النموذج فتشير الى مداخل التحديد الاقتصادي للسياسات مثل التعظيم التقليدي للمنافع والتعاونية الليبرالية الجديدة المعاصرة , ان هذا النموذج يرتكز على مبدأ التكامل والاندماج الاستراتيجي بين إدارات المؤسساتالعامة ومراكز صنع السياسات العامة والتناقض الذي يلاحظ في هذا الأنموذج يتمثل في أفتراضه إمكانية تحقيق المخرجات والنتائج المطلوبة سواء بطريقة ديمقراطية او غير ديمقراطية وهذا يتنافى مع مبادئ الحوكمة الجيدة في المؤسسات العامة .

خامساً: العناصر الرئيسة للحوكمة العامة

 أن الحوكمة العامة كما يشير (Bovaired & Loffler , 2009: 15; Bovaired & Loffler , 2016) تتضمن  عدد من العناصر هي :-

  1. أصحاب المصلحة المتعددين لكون المشاكل الحالية اصبحت تأخذ شكل جماعي و لم يعد بالأمكان حلها من قبل السلطة العامة فقط, بل تحتاج الى تعاون و مشاركة الأطراف الاخرى, وبموجب ذلك اصبحت تطبيقات التوسطية (Mediation) والتحكيم (Arbitration) وتنظيم الذات (Self-requler) في الغالب اكثر فاعلية في القرار و الفعل العام  .
  2. القواعد الرسمية و القواعد الغير رسمية مع افتراض ان التفاوض بين اصحاب المصلحة المتعددين في استخدام سلطتهم يمكن ان يغير اهمية هذه القواعد في المواقف المحددة  .
  3. الهرميات (Hierarchies) مثل البيروقراطيات و شبكات العلاقات الجماعية (Cooperative networks) كهياكل تسيير كامنة تستخدم في الظروف الملائمة  , وهذا ما ثبت صحته في ظل جائحة   Covid-19.أذ أن المؤسسات العامة واصلت القيام بتسيير أعمالها طيلة فترة الجائحة لاستمرارية  الحاجة وتزايد الطلب على خدماتها لاسيما في مجالات الصحة والتعليم والرعاية الإجتماعية .
  4. معرفة ان خصائص العمليات الرئيسة في التفاعل الاجتماعي و المتضمنة الشفافية (Transparency) والتكامل (Integrity), والتضمين  (inclusion)من المحتمل ان تكون ذات قيمة اكبر بذاتها وعدم التفكير وفق مفاهيم منطق الغايات و الوسائل (ends & means) , المدخلات و المخرجات (Input & output) .
  5. بما ان الاصل السياسي للحوكمة العامة يعني تفاعل  جميع اصحاب المصلحة بأختلاف مستوياتهم الإدارية والتنظيمية في ممارسة القوة و التأثير أحدهم على الآخر لمدى أبعد من مصالحهم الخاصة وبناء على ذلك فأن- صياغة السياسة يجب ان لا يترك لصفوة الاداريين والمهنيين فقط  وأنما  أشراك كل الأطراف ذات العلاقة (Whitford, A. B.,  2010 :5).

سادساً : التحول نحو تطبيق الحوكمة العامة

هناك سببان رئيسيان أديا إلى ظهور الحوكمة  او ما يطلق عليه ( الحكم الرشيد).

 أولا : بعد نهاية الحرب الباردة ، واجهت البلدان الفقيرة تحديات للانتقال إلى اقتصاد السوق و لذلك ركزوا جهودهم على تحديث المؤسسات  الحكومية وتطوير عملية صنع القرار(Hout W. 2007:12  )).

ثانيًا : بحلول نهاية الثمانينيات وتزايد المشكلات الاقتصادية المتمثلة في رفع مستوى الدين الخارجي ، أطلقت العديد من البلدان النامية ما نسميه الهيكلية برنامج التكيف. أذ أعطت هذه البرامج نتائج مخففة وكان هناك شك تجاه إجماع واشنطن وشرعية المؤسسات المالية الدولية. العالم انتقل إلى موجات متزايدة من العولمة والسوق غير المنظم (Craig D.; Porter D. 2006:2). كل هذه التغييرات وضعت حدا لنهج الليبرالية الجديدة. وقد تزايد الاهتمام بالحوكمة العامة ( الحكم الرشيد) في الوقت الحاضر وبشكل كبير , الذي يشير على نطاق واسع إلى القضايا المؤسسية ، العدالة الاجتماعية والشمولية (Gore,2000، ؛ Öniş and enses,2003 ). ووفقاً الى2019 :43 ) . Iyad. D)  فأنه لا توجد هياكل ومؤسسات حاكمة مثالية. لكن يمكن تحسينها باستمرار.

  تشير الحوكمة  إلى “مجموعة من الخصائص النوعية المتعلقة بعمليات وضع القواعد واالتراكيب المؤسسية. التي تجسد قيمًا  مهمة في مجال العمل العام مثل المشاركة المطورة ، الشفافية والمساءلة وحصول الجمهور على احتياجاته المتنوعة.  والعدالة والمساواة , والإستجابة  كما أنه يساعد في مكافحة الفساد وتأمين حقوق الإنسان الأساسية وسيادة القانون “( UNU-IAS. 2015:2)

إن النجاح في تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب وجوج التزام كبير من المؤسسات العامة بمبادئ الحوكمة ودورها الحيوي. أذ أن الهدف (16) يشير إلى ضرورة وجود ” مؤسسات وأنظمة حوكمة فعالة تستجيب للاحتياجات العامة تقديم الخدمات الأساسية وتعزيز النمو الشامل “. المؤسسات هي ركائز تنمية المجتمع. فضلاً الى إلى ذلك ، فأن الحوكمة العامة تُعد وسيلة رئيسة لتحسين العلاقة بين الحكومة والمواطنين .

سابعاً : المعوقات المؤسسية لتحقيق الحوكمة الفاعلة

 وفقاً لـ Virginia R.  2020: 7) )  فأن هناك مجموعة من  المحددات التنظيمية التي تعيق تحقيق حوكمة جيدة في المؤسسات العامة, وتؤدي إلى ضعف تحقيق أهداف  التنمية المستدامة  وتتضمن :

  1. محدودية الموارد البشرية والتي تتمثل في محدودية المقدرات التكنولوجية ( كمياً ونوعياً) مع فقدان الالتزام من قبل إدارات  المؤسسات العامة, فضلاً الى الإحباط الناجم عن مشكلات التواصل التنظيمي والنتيجة تكون انخفاض مستويات الدافعية وتقدير الذات لدى العاملين وفقدان خطة تطور المسار الوظيفي , ويصبح التمايز والتفاضل في انجاز الاهداف يقوم على مصالح جماعات محددة .
  2. دوران العمل – التعاقب الوظيفي فالانشطة قصيرة المدى لا يتم جدولتها وفق خطط واضحة  مع غياب القيادة الكفؤة  ومن ثم فقدان المساءلة وعدم وضوح الاهداف وضياع الجهود .
  3. الافراط البيروقراطي في إنجاز الانشطة الطارئة وتزايد انشطة الوقاية مع أعطاء اهمية أقل للتخطيط جهود ضائعة .
  4. 4-    طول الوقت المقضي للإنجاز يؤدي الى فقدان الاستمرارية , وفقدان المساءلة
  5. ضعف التعاون بين الأطراف ذات العلاقة حتى ضمن الانشطة  التشغيلية داخل المؤسسة , أيضاً ضعف الاتصالات التنظيمية
  6. محدودية الموارد المادية المخصصة واذي يقود إلى التماثل في البنى التحتية وضعف البنى التحتية التقنية في عموم المؤسسات العامة , وضعف مجالات الصيانة , والرصد البيئي , وضعف قوة الالتزام
  7. شرعية ومستويات مشاركة منخفضة في صنع السياسات العامة, أيضاً فقدان المشاركة الحقيقة من قبل المستفيد النهائي ( المواطن)

المحور الثاني : التنمية المستدامة

أولاً:  الإطار الفكري للتنمية المستدامة

  منذ عقود عديدة ، هناك قلق متزايد بشأن قضايا الحد من الفقر ، والحد من عدم المساواة ، وحماية البيئة ، وتعزيز الرفاهية الاقتصادية والإجتماعية ، وما إلى ذلك.  وقد أدت التغيرات الكثيرة التي شهدتها المجتمعات عموماً إلى تحويل التركيز من نموذج النمو الاقتصادي إلى النموذج الجديد للتنمية المستدامة. وعلى الرغم من هذا الاتجاه الجديد ، فأن مسألة كيفية تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا تزال قائمة.  وتحتاج الى  تطبيق ممارسات وأدوات  قادرة على تحقيقها , والحوكمة  تُعد أحدى أكثر الأدوات المعترف بها للتعامل مع أجندة التنمية . كان نهج التنمية فترة الخمسينيات والثمانينيات من القرن الماضي موجهًا لتحقيق مستويات عالية من النمو الاقتصادي Wang, Greg G  et al, 2008:15)).  لكن مع نهاية عام 1980 ، تم  تغيير التوجه الاستراتيجي من النمو الاقتصادي الى التنمية. وفي عام 2000 ، أطلقت الأمم المتحدة خطة الألفية للتنمية التي احتوت على ثمانية أهداف. أما عام 2015  فقد شهد استبدال جدول الأعمال التقليدي للتنمية بجدول أعمال التنمية المستدامة (SDGs) أو ما يعرف باسم خطة التنمية المستدامة لعام 2030.  التي تضمنت  اهم الأدوات والاستراتيجيات و تمت الدعوة إلى التوصية لتحقيق تلك الأهداف. وجاء لوبيز وآخرينet al ., 2020 :142)   Lopes, J.) ، ليؤكد  إن الدروس المستفادة من الأهداف الإنمائية للألفية  2030مهدت الطريق لأهداف التنمية المستدامة, وقد أظهرت العديد من الدراسات أن  من أكثر التحديات التي واجهت الدول من حيث تحقيق التنمية المستدامة تمثلت  في ارتفاع معدل البطالة وانتشار الفقر وعدم المساواة الواضحة جزئيا في إطار المؤسسات غير الفاعلة نتيجة تعرضها الى الفساد, 2004 :3)   Demmers et al.).

    إن بساطة كيفية هيكلة الأهداف الإنمائية للألفية الثمانية سهلت مشاركة العديد من أصحاب المصلحة من مختلف القطاعات بغض النظر عن الإجراءات الحكومية ، وهذا أدى إلى مساهمات ملحوظة  لجميع الأطراف الفاعلة في إنجاز هذه الأهداف (United Nations; 2015. 77). أن خطة التنمية المستدامة الجديدة تضمنت عدد من الأهداف  لم ترد ضمن الخطة السابقة مثال ذلك إن الهدف 16 (السلام والعدالة والمؤسسات القوية) هو عنصر جديد في تحديد الأهداف المحلية ، والذي يشمل الحوكمة والمؤسسات ، ويشجع مشاركة القطاع الخاص والحكومات المحلية والمجتمع المدني. من ناحية أخرى ، اتسمت إنجازات أهداف الألفية الجديدة  بالتأكيد على قضايا اختلال التوازن الجغرافي وعدم المساواة المستمرة في مجالات الثروة والصحة والتعليم بين الأغنياء والفقراء ، وبين الحضر والريف et al . , 2020: 6)  Lopes, J.). حدد هذا الفهم الأولويات لأهداف ما بعد عام 2015 ، والذي يتطلب التزام كل الأطراف من أجل ضمان جميع الاطراف الفاعلة في المجتمع في عملية تحقيق أهداف التنمية المستدامة أي “عدم ترك أحد يتخلف عن الركب” (United Nations; 2015. 35).

ثانياً : مفهوم التنمية المستدامة

  التنمية وفقاً ل (العمري  2008: 158) ” مفهوم نمطي ينطوي على أحكام لما يجب أن يتحقق في المجالات الاقتصادية وغير الاقتصادية ,وتتصل برفع القدرة الانتاجية وكفاءة أداء أفراد المجتمع, مع ضمان العدالة الاجتماعية في توزيع ثمار التنمية , فضلاً إلى أهداف أخرى في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية ” 

 وقد أصبح مفهوم التنمية المستدامة موضوع جدل ونقاش على المستوى الدولي بعد أن نشر تقرير برونتلاند “مستقبلنا المشترك” في عام 1987 من قبل لجنة التنمية والبيئة للأمم المتحدة”(UNWECED, 1987).  وقد  تم وضع أشهر تعريف للتنمية المستدامة  : بأنها ” العملية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساومة على قدرة  أجيال المستقبل لتلبية احتياجاتهم الخاصة. أيضاً يُعرفها البنك الدولي بأنها ” العملية التي تهتم بتحقيق التكافؤ الذي يضمن إتاحة الفرصة التنموية الحالية للاجيال القادمة , وذلك بضمان ثبات رأس المال الشامل أو زيادته المستمرة عبر الزمن ” التنمية المستدامة  تُعد اليوم مقياساً لمدى تقدم الامم على كافة الأصعدة فتحقيق الرفاهية للمواطنين يعبر عن مدى فاعلية النهج الذي تسلكه الدولة في إدارة أمورها , وتوفير خدمات الصحة والتعليم والرعاية الإجتماعية وخدمات البيئة  وتكنولوجيا المعلومات مطالب أساسية لتحقيق التنمية المستدامة . التقرير العربي (2018) حدد مبادئ التنمية المستدامة بالتالي :

  1. نمو اقتصادي مستقر وطويل الأمد
  2. تنمية اقتصادية واجتماعية متناسبة ومتوازنة
  3. سياسات التوظيف النشطة
  4. الحد من الاختلافات الإقليمية
  5. نمو الدخل الشخصي والاستهلاك
  6. الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة والاستخدام والتخصيص الفاعل من الموارد الطبيعية.

و في هذا المجال يشير (,2017: 66 Lee, B. X .et al ) إلى أن خطة عام 2030 تستند إلى المفاهيم الحديثة للتنمية المستدامة التي تشمل ” تلبية احتياجات الحاضر مع الحفاظ على نظام دعم الحياة على الأرض ، والذي يعتمد عليه رفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية ” (United Nations; 2016. 29). ينفصل هذا التعريف عن الاستدامة التقليدية الضعيفة ثلاثية الأبعاد (الاقتصاد والبيئة والاجتماعية) ، والتي تلخص أن الثروة والرفاهية اللامحدودة يمكن أن تتولد دون أي آثار على النظم الاجتماعية والبيئية ، وأن رأس المال الطبيعي يمكن أن يتم استبدالها بالعمالة والتكنولوجيا.

ثالثاً : الحوكمة والتنمية المستدامة

 ان طبيعة التحولات الحاصلة إحدثت نوع من التبدلات في دور الحكومة وعلى نحو مماثل في أدوار المؤسسات العامة والخاصة ومنظمات المجتمع المدني نتيجة للتالي(Bourgon, J.  , 2009:3)

1. التركيز على تحسين الاداء ,الكفاءة,الانتاجية.

2. تطبيق مدخل اساس-المواطن في تسليم الخدمة.

3. السعي من اجل زيادة رضا المستخدم.

4. التركيز على القضايا والتحديات المتداخلة.

5. السعي نحو الانفتاح والشمولية في علاقاتها مع الاطراف المجتمعية والمواطنين.

   في السابق كان مقياس نجاح الحكومة يعتمد  فقط على مقدار المساهمات والنجاحات التي تحققها الدوائر والمؤسسات الحكومية , لكن ظهور الحوكمة وتزايد اهميتها في الوقت الحاضر اوجب ان يكون قياس النجاح مستند الى مقدار او مساهمة كل الأطراف الفاعلة في تحسين أداء الحكومة والمجتمع ككـــــــــل. وفي هذا الشأن يؤكد (Bourgon J. 2008 : 42) إلى أن مسائل الحوكمة تترابط مع التنمية مثلما تترابط العلاقة بين السبب والنتيجة , لاسيما في اوقات التحولات الجذرية والازمات ,اذ تبرز الحاجة الى أشكال جديدة ومتجددة في أساليب العمل لأقامة تنمية مستدامة محورها الأفراد وخدمة الصالح العام (لجنة خبراء الادارة العامة  2008:3). ووفقاً  (Bovaird, T., 2003: 3)أن العلاقة بين الحوكمة والتنمية أصبحت على رأس قائمة أجندة أعمال السياسات الدولية, وأصبح هناك اتفاق واسع على دور وتأثير الحوكمة على تحسينات مخرجات العمليات الاقتصادية والاجتماعية للمنظمات العامة عموماً Borgia, F.  , 2005: 42))  أشار الى أن التزام المؤسسات العامة بتطبيق مبادئ الحوكمة يضمن الوصول الى حالة الالتزام والاذعان اللازمة لضمان نجاحها في بلوغ وتحقيق اهدافها التنموية, ومن ثم فان الحوكمة يمكن عدها مؤشر حاسم في عملية الاصلاح والتنمية الإدارية والاخيرة تشكل محور التنمية المستدامة  لأن المؤسسات العامة هي المسؤولة عن تحقيق خطط وأهداف التنمية المستدامة 2030 (البرنامج الانمائي للامم المتحدة, 2015: 23). منظمة UNDP أوردت ثلاثة اهداف رئيسة للحوكمة العامة تشتق منها الاهداف الفرعية الاخرى :

1.       تحقيق  الانسجام والعدالة الاجتماعية والحياة الكريمة.

2.       تحقيق وادامة حالة من الشرعية في المجمتع .

3.       الكفاءة في تحقيق التنمية الاقتصادية وتخصيص الموارد العامة واستغلالها.

 والهدف الثالث له علاقة مباشرة بالأداء المؤسسي  العام ويشير  Frederickson, H. G. 2010: 21)) إن الكفاءة في الإدارة العامة هي أكثر من مجرد علاقة فنية بين الموارد والمخرجات ؛ لها بعد آخر يتضمن المخرجات فيما يتعلق بالقيم والمساءلة كنوعية متأصلة في الحكم الديمقراطي. اعتبرت BEE  الكفاءة بمثابة “وسيلة للخدمات الاجتماعية الفاعلة ومشاركة المواطنين” في حين عدها CBME ” تحسين العمليات الحكومية وتدفق العمل والمساءلة والاستخدام الامثل للموارد لضمان فاعلية الاهداف المتحققة”(Grandy, C. ,2009 .1116)    ووفقاً ل(Alter)  فأن التوسع في ممارسات الحوكمة يساعد على خلق المناخ الملائم للاستثمارات الاجنبية والمحلية بما يزيد من فرص النمو الاقتصادي والاجتماعي التي تعد الاساس في تحقيق التنمية المستدامة . ويتفق مع هذا الرائ تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا )  (2011الذي يؤكد ان التطبيق الناجح للحوكمة يؤدي الى تهيئة البيئة المساعدة على تحقيق التنمية الشاملة المستدامة, والشكل(1) يوضح العلاقة بين الحوكمة والتنمية .

       المحددات                                   ميدان الحوكمة                                                 مخرجات التنمية                                               (Determinants)          ( (Governance Realm                        (comes Development Out)                                                                    
*السياق التاريخي                     * المجتمع المدني                              *الحقوق والحريات السياسية *النظام السابق                        *المجتمع السياسي                             *الامن البشري والرفاهية *السياق الاجتماعي والثقافي         *الحكومة                                       *النمو الاقتصادي *النظام الاقتصادي                    * البيروقراطية                                  *راس المال الفكري *البيئة الدولية                        * الإجراءات التشريعية                         *الثقة وراس المال الاجتماعي

                                           شكل( 1 ) العلاقة بين الحوكمة والتنمية المستدامة

Source: Overseas Development Institute(ODI),2006,(Governance, Development and aid Effectiveness: A quick Guide to complex Relationships), Briefing paper,www.ODI.org.uk,p.1                                                                                       

  (Bourgon j. , 2009:3)  أكد ان طبيعة التحولات الحاصلة إحدثت نوع من التبدلات في دور الحكومة وعلى نحو مماثل في أدوار المؤسسات العامة والخاصة ومنظمات المجتمع المدني نتيجة :

1. التركيز على تحسين الاداء ,الكفاءة,الانتاجية.

2. تطبيق مدخل اساس-المواطن في تسليم الخدمة.

3. السعي من اجل زيادة رضا المستخدم.

4. التركيز على القضايا والتحديات المتداخلة.

5. السعي نحو الانفتاح والشمولية في علاقاتها مع الاطراف المجتمعية والمواطنين.

أيضاً  أوضح أن الحوكمة أدت الى تحسين أداء الحكومة عبر السعي لتحقيق نتائج السياسة العامة فضلاً الى ضمان تحقيق النتائج المدنية (Civic Result)  في ضوء حرية الافصاح والشفافية للمعلومات والمشاركة وفسح مجال المشاركة امام الأطراف المختلفة في عملية صياغة السياسة وصنع القرار والمساءلة للأطراف التنفبذية بما يضمن العدالة والمساواة وضمان تحقيق سرعة  في الإستجابة والكلفة الأقل والجودة Bourgon j. ,2009:9)). أما  (:11 Scheer, T. J. 2010)  فقد أكد ضرورة سعي الحكومة لإعادة النظر في طرائقها التقليدية لأداء الاعمال العامة من خلال أشراك الأطراف الفاعلة وتسخير السلطة الجماعية, وضرورة تركيز توجه الحكومة نحو تحقيق النتائج بمشاركة الآخرين وهذا يتطلب من الحكومة السعي للعمل بوصفها   767): Donadelli F.  2017)

1. شريك فعال يستند الى سلطة القانون لدعم وتشجيع  أسهامات الاخرين.

2. ممكنة(مخولة) عبر تشكيل هيكل للمسؤولية الجماعية .

3. مسهلة عبر قدرتها على دعوة اصحاب المصلحة لانشاء مجتمعات الغرض.

4. فاعلة وجماعية عبر العمل مع الآخرين والتوجه نحو تحقيق الغرض العام.

5. وكيلة عن المصلحة الجماعية مع امتلاك السلطة للتدخل عندالضرورة.

6. قيادية عبر قدرتها على خلق التقارب والتماسك بين الاطراف لتشكيل الهدف.  

Duit . A , Galaz. V, 2008: 4)) يرى ان المنظومة الجديدة للإدارة العامة تغاير المنظومة القديمة في جوانب ومرتكزات عديدة فرضتها التغيرات والتحولات البيئية المتسارعة , فالتأكيد الجديد الان لا ينصب فقط على ما تؤديه الادارة ولكن على كيفية شعور الأفراد ازاء ما تؤديه .

رابعاً: مبادئ الحوكمة الفاعلة لتحقيق التنمية المستدامة

  وفقاً لتقرير لجنة خبراء الإدارة العامة التابعة للأمم المتحدة وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة UN  CESA  فأن هناك (11) مبدأً أساسياً يجب أن توضح أجندة الحوكمة ، لها علاقة مباشرة بمستويات التنمية 2018 : 2-13)  Geert.  B.,). أذ يعتمد التحقيق الكامل لأهداف التنمية المستدامة وغيرها من أهداف التنمية المتفق عليها دوليًا بشدة على فهم مشترك للمبادئ الأساسية للحوكمة الفاعلة من أجل التنمية المستدامة.  تركز المبادئ الثلاثة الأولى على الفاعلية Virginia R.,   2020  :32)   )

  1. الكفاءة- لأداء وظائفها بفعالية ، يجب أن تمتلك المؤسسات  العامة الخبرة والموارد والأدوات الكافية للتعامل بشكل مناسب مع الاهداف المحدد لها إنجازها , وتشمل الاستراتيجيات شائعة الاستخدام تعزيز  المقدرات  المهنية للقوى العاملة في القطاع العام ، وإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية ، وتطوير القيادة وتدريب موظفي الخدمة المدنية ، وإدارة الأداء ، والإدارة القائمة على النتائج ، والإدارة والرقابة المالية ، وإدارة الإيرادات الفعالة والعادلة ، والاستثمار في الحكومة الإلكترونية .
  2. صنع السياسات  العامة السليمة – لتحقيق النتائج المرجوة ، يجب أن تكون السياسات العامة متماسكة مع بعضها البعض وأن تقوم على أسس صحيحة أو راسخة ، بما يتفق تمامًا مع الحقيقة والعقل والحس السليم. وهذا يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي والاستبصار ، وتحليل الأثر التنظيمي ، وتعزيز صنع السياسات المتسقة ، وتقوية النظم الإحصائية الوطنية ، وأنظمة المراقبة والتقييم ، والواجهة بين العلوم والسياسات ، وأطر إدارة المخاطر ، ومشاركة البيانات.

3- التعاون والشراكة- لمعالجة المشاكل ذات الاهتمام المشترك ، ينبغي للمؤسسات على جميع مستويات الحكومة وفي جميع القطاعات  (الحكومة , القطاع الخاص , المجتمع المدني) أن تعمل معًا وبالتشارك مع الجهات الفاعلة من غير الدول لتحقيق نفس الغاية والغرض والتأثير. وهذا يشمل مركز التنسيق الحكومي تحت إشراف رئيس الدولة أو الحكومة ، والتعاون والتنسيق والتكامل والحوار عبر مستويات الحكومة والمجالات الوظيفية.

4-النزاهة- لخدمة المصلحة العامة ، يجب على موظفي الخدمة المدنية أداء واجباتهم الرسمية بأمانة ونزاهة. ويتعلق الأمر بتعزيز سياسات وممارسات وهيئات مكافحة الفساد ، ومدونات قواعد السلوك للموظفين العموميين ، والمشتريات العامة التنافسية ، والقضاء على الرشوة والمتاجرة بالنفوذ ، وسياسات تضارب المصالح ، وحماية المبلغين عن المخالفات ، وتوفير أجر مناسب وعادل. جداول رواتب الموظفين العموميين

5.الشفافية- أن تكون المؤسسات منفتحة وصريحة في تنفيذ وظائفها وتعزيز الوصول إلى المعلومات ، مع مراعاة الاستثناءات المحددة فقط كما ينص عليها القانون. ومن الأمثلة الكشف الاستباقي عن المعلومات ، وشفافية الميزانية ، والبيانات الحكومية المفتوحة ، وسجلات الملكية المفيدة ، والأهداف المخطط انجازها .

6.الرقابة المستقلة- أن تتصرف هيئات الرقابة وفقًا للاعتبارات المهنية البحتة وعدم التأثر بالآخرين. ويتطلب ذلك تعزيز استقلالية الهيئات التنظيمية ، وترتيبات مراجعة القرارات الإدارية من قبل المحاكم أو الهيئات الأخرى ، والتدقيق المستقل ، واحترام الشرعية.

7.عدم ترك أحد خلف الركب- لضمان أن يتمكن الجميع من تحقيق أهدافهم في إطار الكرامة والمساواة ، ويجب أن تأخذ السياسات العامة في الاعتبار احتياجات وتطلعات جميع شرائح المجتمع ، بما في ذلك الفئات الأكثر فقراً وضعفاً والأكثر عرضة للتمييز. ويشمل ذلك تعزيز السياسة المالية والنقدية العادلة ، وتعزيز العدالة الاجتماعية ، وتقسيم البيانات ، والمتابعة والمراجعة المنهجية.

8.عدم التمييز والمساواة- احترام وحماية وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع ، وتوفير إمكانية الوصول إلى الخدمة العامة على أساس المساواة العامة ، دون تمييز من أي نوع بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره ، الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو الميلاد أو الإعاقة أو أي وضع آخر. وتشمل استراتيجيات تعزيز تنوع القوى العاملة في القطاع العام ، وحظر التمييز في تقديم الخدمات العامة .

9.المشاركة- للحصول على دولة فعالة ، يجب أن تشارك جميع المجموعات السياسية الهامة وأن تتاح لها فرصة التأثير في السياسة وصناعة القرارت العامة. ومن الأمثلة على ذلك الانتخابات الحرة والعادلة ، والعملية التنظيمية للتشاور العام ، ومنتديات أصحاب المصلحة المتعددين ، وإعداد الميزانية التشاركية ، وصياغة أهداف وأستراتيجيات  التنمية المستندة  على اعتبارات المجتمع .

10.التبعية- لتعزيز دور الحكومة التي تستجيب لاحتياجات وتطلعات جميع الناس ، يجب على السلطات المركزية أن تؤدي فقط تلك المهام التي لا يمكن أداؤها بفعالية على مستوى متوسط أو محلي. وتشمل نماذج المالية الفيدرالية ، وتعزيز الإدارة الحضرية ، وتحسين أنظمة التمويل المحلية ، وتعزيز القدرة المحلية للوقاية ومعرفة كيفية التكيف والتخفيف من الصدمات الخارجية ، وادارة الحكم متعدد المستويات.

11.المساواة بين الأجيال- لتعزيز الرخاء ونوعية الحياة للجميع ، يجب على المؤسسات بناء أعمال إدارية توازن بين الاحتياجات قصيرة الأجل لجيل اليوم والاحتياجات طويلة الأجل للأجيال القادمة. وهذا يشمل تقييم أثر التنمية المستدامة ، وإدارة الدين العام على المدى الطويل ، والتخطيط الإقليمي طويل الأجل والتنمية المكانية ، وإدارة النظام الإيكولوجي. والشكل (2) يبين المبادئ الرئيسة للحوكمة  المؤسسيةو تم اختيار المبادئ الأكثر قبولاً والتي حظيت بأعلى درجة اتفاق الكتاب و الباحثين في الميدان العاموحسب التسلسل (الشفافية-المشاركة-العدالة-والمساواة،الخدماتية-الكفاءة-والمساءلة) وذلك لحصولها على أعلى عدد من التكرارات ، ووفق ما عكسته الأدبيات وكل منها يعد مناسبا للقياس فيما يخص المؤسسات العامة, لكونها منظمات خدمية تتعامل مع قطاعات واسعة في المجتمع العراقي وأن أداءها لهذه الخدمات يتطلب منها التعامل مع جمهور متنوع تلبية لاحتياجاته المتزايدة تحقيقا لأهداف التنمية المستدامة .

شكل (2) مبادئ الحوكمة العامة والتنمية المستدامة

المصدر: اعداد الباحثة

خامساً: الهدف السادس عشر (السلام والعدل والمؤسسات القوية )

 يشتمل الهدف 16 ( السلام والعدل والمؤسسات القوية)  بوضوح على القيم التي نصت عليها ديباجة خطّة عام 2030 ومقدّمتها، وعلى الرؤية التحويلية التي وضعتها. ويتسّم هذا الهدف بالترابط بين السلام والعدالة والتنمية المستدامة.  وفي تركيزه على الحوكمة، يضع الهدف 16 البعد السياسي للتنمية المستدامة في صدارة الجهود الرامية إلى تحقيق خطة عام 2030 . وتركّز مقاصد  هذا الهدف  على الحوكمة السليمة، واتخاذ القرارات على نحو شامل وتمثيلي، والمؤسسات الشفافة والخاضعة للمساءلة، وتمكين جميع أصحاب المصلحة، وتعزيز المجتمعات غير التمييزية الشاملة للجميع، واحترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان. فهذه ركائز يتكفّل إرساؤها بإقامة المجتمعات السلمية. (2019). “Universal Human Rights Index ويرتبط هذا الهدف بإمكانية الحصول على الخدمات والموارد، واستخدام الموارد الطبيعية وإدارتها، وعدم إهمال أحد، والمساواة بين الجنسين، والحدود الدنيا للحماية الاجتماعية، والعمل اللائق، ووضع السياسات وخطط العمل لتحقيق التنمية المستدامة عموماً، وذلك من خلال وسائل التركيز على إقامة شراكات مع مجموعة كبيرة من الأطراف المتنوّعة لتحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.

العوائق الرئيسة أمام تحقيق الهدف السادس عشر(16)

  وفقاً للبرنامج الانمائي للأمم المتحدة ( UNDP,2019) و التقريرالعربي للتنمية المستدامة (ESCWA/SDD ,  2020: 189) فان هناك عدد من العوائق التي تحد من تحقيق الهدف السادس عشر الذي يركز على الحوكمة المؤسسية وتحقيق التنمية المستدامة  :

  1. عدم فعالية المؤسسات ومحدوديّة المساءلة

ما زالت غالبية البلدان العربية تواجه صعوبات في إنشاء مؤسسات فاعلة وشفّافة وخاضعة للمساءلة تكون منفتحة ومتاحة. فالهياكل البيروقراطيّة التي عفا عليها الزمن والفساد المستشري والمحسوبية وديناميّات المحاباة تعصف بالقطاع العام، ما يحول دون فعالية المؤسسات ويقوّض البيئة المؤاتية للمساءلة. وكثيراً ما تتخلل الثغرات الفصل بين السلطات المختلفة ما يحول دون ممارسة تلك السلطات لتأثيرها الكامل على الدوام. ويتجلّى ذلك عندما يشكك المجتمع المدني في استقلالية السلطة القضائية، أو عندما يُعتبر أنّ التغييرات الدستورية تخدم القرارات السياسية.ويرتبط ضعف المؤسسات ارتباطاً وثيقاً بضعف آليات المساءلة. فمن النادر أن تُخضِعَ البرلمانات للمساءلة، كما أن دورها محدود في اعتماد الميزانيات العامة ورصد تنفيذها، ما يعكس ضعف دورها الرقابي وعدم قدرتها على مساءلة الجهات التنفيذيّة.

  • ضعف سيادة القانون

بالرغم من التطورات الإيجابية، مثل اعتماد دساتير جديدة وإصلاحات دستورية وسياسات ترتكز على الحقوق، لا تزال المنطقة العربية  (بضمنها العراق الذي شهد عدة تحلالت سياسية) متأخرة في دعم سيادة القانون، بل وتراجعت على هذا الصعيد خلال السنوات الأخيرة . كذلك، فإنّ القدرات الوطنية على ضمان العدالة الاجتماعية وحماية حقوق الإنسان للجميع قاصرة بفعل القوانين التمييزية وقوانين الطوارئ وغياب القوانين التي تحمي الأفراد والجماعات من العنف والإيذاء والاستغلال، بمن فيهم المحتجزون والأطفال وكبار السن والعمّال المهاجرون والنساء.

  • تقلّص الفضاء المدني

 يعبّر الفضاء المدني عن مدى قدرة المواطنين على ممارسة الحقوق الأساسية في تكوين الجمعيات والتجمّع وحريّة التعبير، وهو محدود في العديد من البلدان العربية. ويرى مراقبو المجتمع المدني الدوليون أنّ الفضاء المدني اليوم “مغلق” في تسعة بلدان عربية، و”مقموع” في ثمانية بلدان، و”معطَّل” في أربعة بلدان، و”مضيّق عليه” في بلد واحد .

  • عدم إدراج حقوق الإنسان كما يلزم في الأعراف والممارسات الاجتماعية والثقافية

  تقع مسؤولية صون حقوق الإنسان على عاتق الدولة. وهذه الحقوق هي حجر الأساس لبناء مجتمعات شاملة للجميع وسلمية، ولذلك فمن الضروري أيضاً أن ترتكز على بنى أساسية اجتماعية وثقافية داعمة. ويتسع نطاق انتشار عدد من انتهاكات حقوق الإنسان كالعنف ضدّ النساء والأطفال، والتمييز ضد المهاجرين والعمّال المنزليين، والعقوبات الجسدية في المدارس. والقبول الاجتماعي لهذه الانتهاكات يعوق، في أحيانٍ كثيرة، الجهود الرامية إلى إرساء آليات مؤسسية تتكفل بالعدالة والشمول، وإلى وضع السياسات اللازمة للتصدي لتلك الانتهاكات.

  • عدم توخي الشمول في وضع السياسات

بالرغم من تزايد الدعوات الى مراعاة المشاركة في عمليات صنع القرار إلا أنها مازالت دون المستوى ، أذ لا تزال الحوكمة المركزية هي السائدة، وتحافظ على نهج عمودي ينطلق من الأعلى إلى القاعدة في صنع السياسات. كما تواجه دعوات المشاركة في وضع السياسات تحدياً إضافياً يتمثل في انتشار أعراف ثقافية تعزز الإقصاء. ولا تزال نسبة تمثيل المرأة في المناصب العامة تمثّل المتوسط الإقليمي الأدنى في العالم.

  • الصراعات وحالات عدم الاستقرار الطويلة الأمد

  شهدت المنطقة عدداً من الحروب، الأهليّة منها أو بين الدول، التي خلّفت آثاراً مدمّرة على مكاسب التنمية. وتزايد التوترات القائمة بفعل تأثيرات خارجية واعتبارات جغرافية سياسية تحفّز الحروب بالوكالة. وفي حالات كثيرة، كان لهذه الصراعات والتوترات أثر سلبي غير مباشر على البلدان المجاورة، ما أدى إلى انتشار التسلّح والتطرّف، وتزايد حدة الاستقطاب في المنطقة، وتغذية الصراعات العرقية والطائفية.  التي نتج عنها وفاة وتشريد الملايين من الناس في جميع أنحاء المنطقة، ووقوع خسائر اقتصادية فادحة.

  المحور الثالث : واقع الحوكمة العامة في العراق وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030

أولاً: الواقع التنموي العراقي

  أظهرت مؤشرات دليل التنمية البشرية العالمي لعام 2019 ، ان ترتيب العراق المتأثر بالنزاعات والازمات يقع في العشرة الاخيرة من فئة البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة ويحتل تسلسل121 وهذا الترتيب يعكس حال التنمية في العراق الصحية والتعليمية والبيئية وفجوة النوع والفقر المتعدد الابعاد.وقد بلغت درجة الأداء العام على الصعيد الاقليمي 57,8 في حين بلغت الدرجة في المؤشر العام  55,5  وكان الترتيب حسب مؤشر أهداف التنمية المستدامة العربي 13 ( تقرير مؤشر اهداف التنمية المستدامة للمنطقة العربية ,2019 ,15) أما مؤشرات دليل التنمية البشرية العالمي لعام 2020 . ووفقا للبرنامج الانمائي للأمم المتحدة ( UNDP,2019: 76 ) فأن قضية التنمية واستنهاض المجتمع تتمحور حول تمكين المواطنين وبناء القدرات والتي تقع في قلب التنمية المستدامة، وتدور أساسا حول تعزيز قدرات أفراد المجتمع ومؤسساتهم لتكون قادرة على تحقيق الأهداف بفعالية وكفاءة، والتكيف مع التغير والبقاء بمستوى من المرونة عندما مواجهة الصدمات الخارجية. فالتمكين يُعد المسار الذي يجعل البنى المؤسسية تتفاعل وتتعاون من أجل استدامة التنمية، وتحسين حياة الناس وفرص استمرارهم وجعلهم قادرين على القيام بذلك عند مواجهة أي تحد. باختصار يتمحور  التمكين حول تنمية القدرات وعمليات التحول التي تدفع نحو تعزيز مسارات التقدم، سواء نحو أهداف التنمية المستدامة، او حالات الانتعاش من الكوارث أو تحقيق فرص السلام على المدى الطويل، فضلا عن تعزيز خيارات الإنصاف والمساواة التي تصب في النهاية باستدامة التنمية  .

  إن خيارات تحقيق التنمية المستدامة تتطلب مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات لإدماج المستبعدين في قلب التنمية في العراق، وتشمل هذه التوجهات تحالفات جديدة بين شركاء التنمية الاساسيين واصحاب المصلحة والحكومات المحلية لتوليد فرص أكبر للعمل وزيادة الدخل ، استنادا إلى برامج واسعة لتقييم الاحتياجات، لتحقيق التوازن في التنمية المكانية وإحراز تقدم واضح نحو أهداف التنمية المستدامة. ومع ذلك، لا يمكن لأهداف التنمية المستدامة الحد من الفقر بشكل ملحوظ دون اعتماد منهجية منتظمة للجهود الرامية من أجل زيادة التفاعل والتنسيق بين العناصر الثلاثة الأساسية للتمكين : الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية الثقافية.

ان الجهود التمكينية قد ينظر الى تطبيقها عند اعتمادها لأربعة عناصر رئيسة ووضعها في المكان الصحيح :

الوصول الى المعلومات؛ الادماج/المشاركة؛ المساءلة واستثمار القدرات التنظيمية المحلية. هذه العناصر يمكن تطبيقها بنجاح لتحقيق اربعة أهداف تنموية حاسمة:( UNDP,2019: 126)

  1. ضمان توفير الخدمات الاساسية
    1. تحسين اوضاع الحكومات الوطنية والمحلية
    1. تحسين فرص الوصول الى الاسواق
    1. تعزيز فرص الوصول الى العدالة  .

  وهنا لابد من جعل مؤسسات الدولة تتعامل بشكل ايجابي وبقدر اعلى من الشفافية والمساءلة وان تكون أكثر استجابة للناس (الحوكمة الجيدة)، وازالة المعوقات الاجتماعية والتمييز، وبناء الاصول والقدرات بما في ذلك القدرات التنظيمية (رأس المال الاجتماعي) لتشكيل ركائز متبادلة التأثير من أجل تعزيز نهج التمكين للتخفيف من الفقر وبالتالي تحقيق استدامة التنمية.

وتأسيسا على ما تقدم فان الحوكمة العامة الفاعلة الناجمة عن صلاح الدولة تخلق بيئة تمكين تشاركية تساعد على ازالة الحواجز، وتُشجع على تراكم الاصول فضلاً إلى تعزيز القدرات الاقتصادية للفقراء، ومن ثم تعزيز جانب الطلب من التمكين والعكس بالعكس (United Nations S. D .2018).  ان توافر القدرات الوطنية، ضروري لإنتاج كمية ونوعية السلع والخدمات بهدف إدخال تحسينات مستمرة في مؤشرات التنمية البشرية، وهو عنصر أساسي في توسيع خيارات الإنسان المجتمع المدني في العراق عموما ضعيف، وذلك يعود جزئيا الى الدمار الذي سببته الحرب والازمات والنقص العام في القدرات البشرية والمالية والإدارية في البلاد. ولطالما ان العراق دخل في مرحلة الالتزام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 ، سيكون للجهود الرامية إلى تعزيز قدرات المجتمع المدني دوراً حاسما وإيجابيا في تحريك اليات البناء وفرص التقدم في المجتمع العراقي.

المنطلق الرئيس لتحديد مسارات التنمية واستدامتها تتطلب اعتماد استراتيجية على صعيد التنمية المكانية، وأخرى لتوليد النتائج المرجوة بما يتماشى مع الاحتياجات الخاصة بالمجتمع العراقي. ولا يمكن ضمان التنفيذ الناجح لاستراتيجية التنمية المستدامة 2015 – 2030 دون وجود السياسات والقدرات المطلوبة لخلق وضمان ما يأتي : (Central Intelligence Agency 2017:2

1 . توفر بيئة وطنية سلمية وآمنة

2 . دولة انمائية فاعلة تتسم بدرجة من النزاهة والشفافية والمساءلة.

3 . اقتصاد وطني متنوع يتسم بدرجة عالية من الانتعاش والنمو.

4 . قاعدة بيانات ومعلومات عن الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتنموية ذات مصداقية عالية .

5 . جهاز اداري رشيق  ومرن مع قدر أعلى من تحمل المسؤولية.

هذه الاهداف نبيلة وواضحة لكن في العراق هنالك غياب للأطر والشروط والمناخات اللازمة لتحقيق هذه الاهداف اهمها:

أ- الوضع السياسي المهلهل وعدم تماسك النظام السياسي.

ب- الوضع الامني المحرج الذي يضغط ويعطل العمل في كل الاحوال التنموية.

ج- الفساد المالي والاداري المستشري في عموم مفاصل الدولة والقطاع الخاص (الكهرباء، التربية والتعليم، العدل،المالية، المصارف،الدفاع والامن …) وهذا يعرقل كل امكانية اوجهود لتحقيق اهداف التنمية البشرية والبيئة .

د- المحيط الاقليمي للعراق وهو محيط غير ايجابي على وجه العموم ولايعضد هذه الاهداف .

ه- هجرة رؤوس الاموال والعنصر البشري الفني اللازم لإدارة عمليات تنمية حقيقيه بسبب الوضع الامني السياسي القائم .

6 – انا اتحفظ على عموم الارقام الصادرة من وزارة التخطيط ولدي شواهد على انها غير دقيقة في الغالب.

7 – ما يتعلق بالتمكين Empowerment فانا اؤكد على أهميته لكن على ان ينصب اولا على تمكين الرجال وتأهيلهم وتعليمهم وتدريبهم لان الادبيات الاوربية الدولية تؤكد على تمكين المرأة ونحن في العراق الرجال غير ممكنين اصلاً فعلى القائمين على السياسة الاقتصادية

8- لايمكن تحقق التنمية الشاملة والمتسارعة الابتوفير الاستقرار السياسي والاقتصادي، الامن المجتمعي، واستئصال الفساد بكافة اشكاله وانواعه، فالفساد يجهض أي عملية تنموية مهما كانت تلك العملية.

ثانياً:المتطلبات اللازمة لتسريع التقدّم في إنجاز أهداف التنمية المستدامة

وفقاً ل (ESCWA/SDD, 2020:208) (Dawoody AR : 4:2015)فأن تسريع إنجاز أهداف التنمية المستدامة  بشكل عام يتطلب :

1. تكثيف الجهود لبناء مؤسسات فاعلة وشفافة وخاضعة للمساءلة من أجل :

  • تعزيز فصل السلطات، ولا سيما بين السلطة القضائية والسلطتين التشريعية والتنفيذية.
    • تفعيل الرقابة البرلمانيّة، بما في ذلك من خلال التعجيل بعمليات استعراض الميزانيّات والموافقة عليها، وضمان
    • تخصيص الموارد والحصول على المعلومات التي تمكّن البرلمانات من العمل بفعالية.
    • وضع تشريعات للحد من الفساد والمحسوبية، والاستناد إلى الجدارة في المؤسسات والأشغال العامة.
    • وضع آليات داخلية وخارجية لمراجعة الحسابات والرقابة، وتعزيز دور الأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة والمجالس الاقتصادية والاجتماعية.
    • استخدام التكنولوجيا لتعزيز الحكومة المفتوحة، واعتماد نُهج تشاركية أكثر فعالية في الحكم، والحد من الفساد، وتقييم أثر السياسات.

2 . دعم سيادة القانون ومكافحة الفساد وتشجيع الحريات المدنية من خلال :

  • تبنّي استراتيجيات ملموسة لمكافحة الفساد واعتماد نُظُم قوية من الضوابط والموازين.
    • ضمان عمل المؤسسات القضائية والتشريعية على نحو مستقل.
    • إلغاء القوانين التمييزية واستحداث قوانين ضدّ التمييز لضمان المساواة في الحقوق للجميع أمام القانون، بغض النظر عن الجنس أو الأصل العرقي أو حالة الإعاقة أو وضع الهجرة أو غير ذلك من الخصائص.
    • سن قوانين لمكافحة جميع أشكال العنف، بما في ذلك العنف العائلي، والعنف في مكان العمل، والعنف ضد الأطفال، والعنف ضد العمّال المنزليين، والعنف في السجون وأماكن الاحتجاز، أو إنفاذ القوانين القائمة لهذه الغاية.
    • اعتماد قوانين للوصول إلى المعلومات و/أو تفعيلها من خلال سياسات فاعلة وخاضعة للرصد.
    • إصلاح الأجهزة الأمنيّة لتعزيز الشفافية واحترام حقوق الإنسان، والتقيد بالضمانات الدستورية للحقوق والحريات، مع ما يصاحب ذلك من آليات رقابة.
    • ضمان اتباع نهج قائم على حقوق الإنسان في جمع البيانات بوجه عام، وتحسين جمع البيانات لجميع مؤشرات الهدف 16 ، وتحسين عملية تحديد الفئات المعرّضة للمخاطر والمهمّشة على نحو منهجي.

3 . توسيع الفضاء المدني وتشجيع منظمات المجتمع المدني وتبنّي ثقافة مدنية ملتزمة ونابضة بالحياة؛ أذ من الضروري أن تمتلك مجموعات المجتمع المدني القدرة على العمل كشركاء في تحقيق خطّة عام 2030 ومساءلة الدولة عن التقدّم:

  • رفع القيود المفروضة على عمل المجتمع المدني، بما في ذلك ما يتعلّق بالترخيص والتجمّع وحشد الموارد.
    •  استحداث ضمانات دستورية أو آليات أخرى ضروريّة لحماية الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات في مختلف أوساط المجتمع المدني، بما في ذلك وسائط الإعلام والأوساط الأكاديمية.

4 . دعم جميع الجهود الرامية إلى تعميم حقوق الإنسان بوصفها قيماً اجتماعية :

  • دمج حقوق الإنسان الدولية في المناهج التعليمية على جميع المستويات وفي جميع النُّظُم المدرسية في المنطقة.
    • ب‌-  التوعية بشأن تنفيذ التوصيات المنبثقة عن آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاستعراض الدوري الشامل، باعتبارها بالغة الأهميّة لتنفيذ الهدف 16 .
    • تيسير عمل المؤسسات الشعبية والمستقلّة لحقوق الإنسان، بما في ذلك على المستويات المحلية.
    • تشجيع المشاركة على قدم المساواة لجميع الفئات الاجتماعية، بما فيها النساء والشباب والأقليّات، في صنع القرار على الصعيدين المحلي والوطني.

5 . تكثيف الجهود الرامية إلى تخفيف حدّة الصراعات ومعالجة أسبابها الجذريّة:

• تعزيز التحاور والتعاون على المستوى الإقليمي لتحقيق الهدف16 نظراً إلى الطابع العابر للحدود للصراع وأوجه التشابه بين العوائق الهيكلية، بما في ذلك ضعف سيادة القانون، وعدم فعالية المؤسسات، ومحدودية المساءلة، وغيرها من التحديات التي تؤجج السخط الاجتماعي.

 من جانب آخر وضع العراق قوانين بشأن الشراكات بين القطاعين العام والخاص،  من أجل تدعيم التعاون  بين القطاعات المختلفة .

أن الافتقار إلى مؤسسات خاضعة للمساءلة وشفافة وفعالة، تضمن المساواة والعدالة، وتحافظ على السلام  أدى إلى تهديد خطة التنمية برمّتها. ومقارنةً بالمناطق الأخرى، تسجّل المنطقة العربية ككل درجات منخفضة في مؤشرات الحوكمة، بما في ذلك سيادة القانون، والمشاركة والمساءلة، وجودة الأنظمة، والاستقرار السياسي، وكفاءة الحكومة، والفساد  . واجتماع التحديات الهيكلية العميقة والمظالم السياسية والصراعات ولاحتمال كفيل بتهديد النسيج الاجتماعي للمنطقة. ويعوق الفساد وضعف آليات المساءلة التحوّل نحو مجتمعات مزدهرة وشاملة للجميع، تجمع بين النمو المنصف والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية. إضافةً إلى أنّ ما يشوب المنطقة منذ عقود من قصور على مستوى حقوق الإنسان والحوكمة الديمقراطية يحد من قدرات الحكومات على الوفاء بالتزاماتها بشأن مختلف أهداف التنمية المستدامة، وعلى إحلال سلام مستدام.

ثالثاً:التنمية المستدامة في العراق في ظل أزمة COVID-19

  أن  عواقب Covid-19 فاقمت من  مشكلات كثير من الدول النامية ، بما في ذلك البلدان التي تواجه صراعات وحروبًا أهلية  في مقدمتها العراق , سوريا , اليمن كما أكد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة . وتحقيق الكفاءة  يشكل أحد ضرورات نجاح مؤسسات الإدارة العامة  الرئيسة وعلى جميع المستويات. فهي المسؤولة عن توفير السلع والخدمات العامة الضرورية للمواطنين ودون أي تمييز قائم على أساس القدرة على تحمل التكاليف. ومن ثم ، فإن الأهداف متعددة الأبعاد للإدارة العامة تتطلب ألا يقتصر الأداء على مجرد تحليل التكلفة والفوائد ، بل يشمل أيضًا العنصر الأساسي لتوفير القيمة للمواطنين. في ظل التغيرات الحاصلة في العصر الحالي بتأثير الكوارث والأزمات أصبحت الموارد النادرة أكثر ندرة والمشكلات الاقتصادية أكثر بروزاً لغالبية البلدان بضمنها العراق ، واصبح من المهم زيادة التوجه نحو تعزيز كفاءة مؤسسات الإدارة العامة ومحاولة التنبؤ بمتطلبات أدامة  وتعزيز هذه الكفاءة  و الحفاظ على استمراريتها في المستقبل. والذي  يتم من خلال الالتزام بتطبيق مبادئ الحوكمة العامة في ظل الأوضاع الراهنة  مع محاولة توقع تأثيرها ودورها في مستقبل الميدان العام وانعكاس ذلك على تحقق أهداف التنمية المستدامة  ( Scheer, T. J. 2010 : 833)) . وفيما يتعلق بالواقع الفعلي  للتنمية المستدامة في العراق  في ظل أزمة COVID-19 فأنها لم تكن بالمستوى المطلوب شأن البلدان الأخرى , فالانظمة الصحية لم تكن تتمتع  بالكفاءة  اللازمة للحفاظ على سلامة المواطنين , والتي أدت الى زيادة  الآثار السلبية على أهداف التنمية المستدامة  ومن ثم  كانت الانعكاسات السلبية  كبيرة وواضحة على أهداف التنمية المستدامة. فالعراق بدأ يواجه آثارا مدمرة لتزايد معدلات  الفقر أذ بدأ الكثير  يفقدون نسبة عالية من دخولهم من الصادرات السلعية ، والسياحة ، وتدفقات التحويلات.، أيضاً انهيار أسعار النفط خلال الأشهر الأولى من عام 2020. وعمليات الإغلاق المحلية أدت الى حرمان الفقراء من الدخل الضعيف الذي كانوا يحصلون عليه. ومن ثم  ارتفعت معدلات الفقر والجوع. أيضاً شهد السوق المحلي انخفاض العملات  الوطنية مقابل ارتفاع كبير في سعر صرف الدولار، وارتفاع حاد محلي (وحقيقي) لأسعار المواد الغذائية المستوردة ، ومن ثم  تزايد معدلات الجوع ، على حد سواء الخفية والعلنية (منظمة الأغذية والزراعة WHO ، 2020 ؛ المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية ، 2020). وبما أن البلد يعتمد بشكل خاص على الواردات الغذائية للسلع الأساسية ، كان من المرجح أن يخسر نسبة كبيرة من دخله من النقد الأجنبي. والنتائج كانت رهيبة وترجمت إلى مشكلات اجتماعية وسياسية واقتصادية .أيضًا  واجه البلد تحديات مدمرة في إعادة تمويل ديونه,  أذ مع تطور الأزمة ، بدأت الحكومة تواجه ضغوطًا شديدة على الميزانية ، مثل  انخفاض الإيرادات ​​بينما ارتفعت مستويات الإنفاق الاجتماعي. فضلاً إلى ذلك ، تعرضت العملة المحلية  الى الانخفاض مقابل  سعر الدولار ، ورفعت تكاليف الخدمة بالعملة المحلية الديون الأجنبية المقومة بالدولار. ومن الممكن من حيث المبدأ لإعادة تمويل الديون المستحقة الاقتراض الخاص الجديد أو ائتمانات صندوق النقد الدولي أو التمديد المنهجي من أصل الدين والفائدة. في الممارسة الدولية نادرا ما يعمل النظام المالي بشكل منهجي. وفي حالة تخلف الدولة عن السداد ،  ستضطر الى الدفع لوكالات تصنيف السندات لخفض التصنيف السيادي لديون البلد بشكل عام والذي يؤدي إلى تجميد النظام بدلاً من إعادة التمويل. وستكون النتيجة سلسلة من حالات التخلف عن السداد وأزمات ميزان المدفوعات التي من شأنها أن تمس أيضًا العديد من المؤسسات  االحكومية العامة التي تمكنت حتى الآن من إدارة أنشطتها وأعمالها نوعاً ما. فضلاً الى ذلك كان ومازال لأزمة   Covid-19 الكثير من التداعيات الأخرى  المؤثرة على  أهداف التنمية المستدامة  في جوانب التربية والتعليم  وخدمات الرعاية الإجتماعية  التي لم تتم مناقشتها على نطاق واسع. فالبلدان والفئات السكانية الضعيفة (بما في ذلك كبار السن ، والأشخاص الذين يعانون من شروط مسبقة ، والمشردين ، العمال ذوو المهارات المتدنية والنازحون) كانوا أكثر تأثراً  بالعواقب على المدى القصير والمتوسط بأزمة Covid-19 (الأمم المتحدة مؤشرات دليل التنمية البشرية العالمي لعام  ، 2020). والذي من الممكن أن يكون سبب رئيس في تزايد عدم المساواة وتقويض التقدم نحو تحقيق الهدف (10) من أهداف التنمية المستدامة الذي يتضمن (خفض  عدم المساواة) (اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات ،2020 ؛ صندوق الأمم المتحدة للسكان ، 2020 ؛2019  et al.      Wezeman, Pieter D).  وكان تسلسل العراق 23  بناء على نتائج التقرير العالمي للتنمية البشرية 2020 , في حين انخفض معدل الدخل الوطني ليصل إلى  10.80وكانت قيمة مؤشر التنمية البشرية 0.’ 67

والاهم من كل هذا هو تأثير الأزمة الوبائية على عمل الأنظمة السياسية والتشريعية وسيادة القانون (الهدف 16). وقد عمدت الحكومة إلى إدخال تدابير استثنائية زادت  من السلطات الممنوحة  للمستويات التنظيمية المختلفة ، والسماح لهم بالعمل في إطار مقتضيات المصلحة  بما يتيح مرونة وتكيف أعلى (منظمة الشفافية الدولية ، 2020). في غضون ذلك من غير الواضح ما هو تأثير Covid-19 على الاستثمارات ، والسياسات البيئية ، وغيرها من الإجراءات قصيرة المدى لمعالجة المناخ وتغيراته بشكل عام ، التي تشمل  تأثيرات الاتجاه قصير المدى على أهداف البيئة والتنوع البيولوجي  .

الخاتمة

   إن تنفيذ أجندة الاستدامة على المستوى المحلي ، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ، عملية  ليست سهلة ومباشرة وتميل إلى مواجهة كثير من التحديات. ومع ذلك ، إذا تم تطبيق نهج الإدارة الذكية والمرنة ، يمكن تحويل هذه التحديات إلى فرص, ولقد اكتسب  نموذج دمج السياسات العامة في استراتيجية متماسكة للتنمية المستدامة تشترك في تنفيذها كل القطاعات  في إطار مبادئ حوكمة عامة فاعلة, مع إضفاء الطابع المحلي على أهداف التنمية المستدامة من خلال دمج المساهمات القائمة على المجتمع من القاعدة إلى القمة أهمية إضافية في غالبية البلدان النامية الساعية الى تحقيق أهداف التنمية  المستدامة ال( 17).

   أن تحقيق نتائج مهمة في التنمية المستدامة  يتطلب امتلاك القدرة على معالجة الحقائق الواقعية المختلفة من خلال منهج حوكمة جيد بما فيه الكفاية. ومع ذلك ، فإن هذا لا يتعلق بتمويل التقنيات الجديدة أو تعزيز النمو الاقتصادي فقط ، كما ينص التعريف الضعيف للاستدامة. بدلاً من ذلك ، يتعلق الأمر بالتعرف على متطلبات البيئة الخارجية في إطار التغيرات المتسارعة وما تضمنته من أزمات وكوارث طبيعية أم مصطنعة , اي يجب موازنة متطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية على المستوى المحلي ، مع الإدارة البيئية الذكية والقيادة المبتكرة ، بما في ذلك الأساليب المصممة خصيصًا والقابلة للتخصيص والتي يمكنها التمييز بين أنواع المؤسسات المساهمة في تحقيق التنمية سواء كانت ( عامة , خاصة , تطوعية). أيضاً  ألا تعتمد مؤسسات الحكم الرشيد على الأفراد فقط من أجل استمراريتها ، حتى أولئك الذين يظهرون مجموعة من “المهارات الناعمة” الإيجابية. إن تطوير العلم والمعرفة والتخطيط والعمل الضروريين للاستجابة للتحديات الاجتماعية والبيئية ، بما في ذلك تلك التي يفرضها التغير البيئي المتسارع ، تتطلب استراتيجيات طويلة الأجل تأتي من المؤسساتذات العلاقة بغض النظر عن المجال الذي تنتمي إليه لإدارة القضايا طويلة الأجل.ويجب أن تكون المؤسسات التي تتعامل مع قضايا الاستدامة الاجتماعية والبيئية موثوقة وشاملة وثابتة. في هذا الصدد ، تواجه غالبية المؤسساتالعامة  مركزية شديدة وإجراءات بيروقراطية مفرطة تؤدي إلى إبطاء الحلول التي تشتد الحاجة إليها لمواجهة الفساد. وهنا تبرز الحاجة الى ضرورة تسهيل المساحات الديمقراطية والأفقية للاستدامة من قبل مختلف المؤسساتفي الدولة ، وبناء توافق في الآراء بشأن الإجراءات الاستراتيجية والأولويات التي تتحدى المصالح المشتتة والتي لا تستجيب بالضرورة للمصالح والاحتياجات الجماعية. الذي سيتحمل المسؤولية عن تعويض عدم اتخاذ الحكومات إجراءات , أن عدم تحقيق تنمية مستدامة ناتج عن وجود خلل في العناصر التي تبني حوكمة جيدة بما فيها الكفاية للحالات المحددة ، أذ تعاني كل من الجهات الحكومية وغير الحكومية من تدني  دافعية العاملين للعمل وانخفاض الرواتب ، ونقص المهارات و / أو التدريب ، وانعدام الاستقرار والخطط المهنية طويلة المدى .  إن النموذج الجديد لاستراتيجية التنمية القائمة على الحوكمة العامة يؤكد على المشاركة المشتركة بين الدولة والجهات الفاعلة غير الحكومية ( المجتمع المدني والقطاع الخاص) ،  لاسيما في  مجالات  الإدارة العامة , والاقتصاد وفي عملية الحكم العام (Stojanović et al., 2016).

تقترح أهداف التنمية المستدامة أيضًا تحولًا في الحوكمة يسير جنبًا إلى جنب مع نموذج إداري جديد ، أقرب في جوهره إلى القطاع الثالث منه إلى النماذج البيروقراطية التقليدية. بعبارة أخرى ، تعزز خطة عام 2030 التغيير في نهج الحوكمة العالمية في الألفية الجديدة ، والانتقال من قاعدة وقواعد قائمة على المعايير إلى نموذج قائم على الأهداف وأكثر واقعية ومرونة.أن الاستراتيجيات الموجهة لحل المشكلات التي تواجه المجتمعات النامية تتطلب القيام بمجموعة من الممارسات المؤسسية  (الالتزام بالإجراءات والنتائج) ؛ ثقافة تنظيمية لتقاسم المسؤوليات والتوقعات ؛ الالتزام بالمشاركة من القاعدة إلى القمة , تقييم وبناء التوافق الجماعي ؛ تقدير المعارف والممارسات وأنماط الحياة التقليدية ؛ التواصل الفعال والتوعية.

العراق كبلد متأزم  عليه اكتشاف ان عملية الانتقال من حالة الصراع إلى السلام ليست علاقة خطية، والتي تم الوقوع فيها ولسنوات طويلة  وكانت نتيجتها تزايد احتدام دائرة الصراع  بين الأطراف حتى بعد وقف إطلاق النار , إن الطريق إلى استقرار البلد لن يكون مهمة سهلة,  أن العراق يعيش في فوضى مستمرة سواء كانت مقصودة ام غير مقصودة ، إلا أنها في النهاية أضرت بالمجتمع ومؤسساته باعتباره نظام  تكيفي معقد. ولا يخفى على أحد أن  ماحدث في العراق هو انعكاس حقيقي للفوضى السياسية والاقتصادية والإجتماعية التي اعقبت عام 2003 , في ظل الأزمات والتغيرات الحكومية والاقتصادية والاضطرابات التي عمت البلاد بشكل عميق نشأت دولة من الفوضى التي لا تفيد أي أحد , وحدوث ذلك أدى إلى توقف مسار التنمية وضعف تحقق أهدافها.فالنقطة المهمة هي ان معالجة التكاليف المرتبطة بفترة ما بعد التحول  يجب أن تحتل أولوية ملحة بالنسبة للحكومة، بدءاً من بناء القدرات الوطنية الجديدة وإعادة توجيه القدرات القائمة من أجل توفير مساحة للحكومة وللمجتمع لتحقيق إدارة فعالة تسهم في منع الصراعات، والتوافق بين مكونات المجتمع، والحفاظ على السلام والأمن وتحسين مؤشرات التنمية المستدامة . اليوم، هناك كثير من العاملين غير قادرين على لعب دور فاعل في إنتاج وتوزيع ثمار التنمية المنشودة. وان تركهم في حالة غير فعالة من اللامبالاة بوضعهم الراهن هو بمثابة تغذية للفساد وعدم الكفاءة والوقوع في براثن الفقر

المصادر

  1. سكارنة ، بلال خلف . (2009) .( اخلاقيات العمل) ، ط1عمان  . الاردن : دار وائل للنشر
  2. الصادي , وفاء هانم و فتحي,مديحة مصطفى وشمروخ, مرفت جمال الدين.(2015). ” الحوكمة ومنظمات المجتمع المدني , ط1.  الاسكندرية . المكتب الجامعي الحديث
  3. العمري  ,هشام محمد. (2008). التنمية البشرية والتطورات الديمغرافية في بلدان الاسكوامجلة العلوم الاقتصادية والإدارية. 14(49), 157-179.
  4. لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية ESCWA/SDD لغربي آسيا (الإسكوا). (2020) 0بيت الأمم المتحدة 
  5. المجلس الاقتصادي والاجتماعي . (2008)،  )تعزيز قدرات الحوكمة والادارة العامة من اجل التنمية) . لجنة  خبراء الادارة العامة الدورة السابعة . نيويورك :الامم المتحدة.
  6. Borgia, F. (2005). Corporate governance & transparency role of disclosure: how to prevent new financial scandals and crimes. American University Transnational Crime and Corruption Center School of International Service.‏
  7. Bouckaert, G., Chawdhry, U., Fraser-Moleketi, G., Meuleman, L., & Pizani, M. (2018). Effective governance for sustainable development: 11 principles to put in practice. Guest Article, August, 7.‏
  8. Bourgon, J. (2007). Responsive, responsible and respected government: Towards a New Public Administration theory. International review of administrative sciences, 73(1), 7-26.‏
  9. Bourgon, J. (2008). Performance Management: It’s the results that count. Asia Pacific Journal of Public Administration, 30(1), 41-58.‏
  10. Bourgon, J. (2009). New governance and public administration: towards a dynamic synthesis. Public lecture hosted by the Australian Department of the Prime Minister and Cabinet, Canberra, Australia, February, 24.‏
  11. Bovaird, T., & Löffler, E. (Eds.). (2016). Public management and governance. Routledge.‏
  12. Bovaird, T., Löffler, E. (2003). Evaluating the quality of public governance: indicators, models and methodologies. International review of administrative sciences, 69(3), 313-328.‏
  13. Carlos De. C. (2007), Modes of Governance and Public Service Efficiency. School of public policy: University of Birmingham.
  14. Carrington, W., DeBuse, J., & Lee, H. (2008). The theory of governance and accountability. The University of Iowa Center for International Finance and Development.‏
  15. Carrington. W, Debuse. J, lee. H, (2008). The theory of governance & accountability”. university of Iowa centre for international finance and Development.
  16. Central Intelligence Agency The World Fact Book (2017), ” Middle East IRAQ”. Accessed on: March 30
  17. Cleveland, (1972). The Future Executive: A Guide for Tomorrow’s Managers. New York: Harper & Row.
  18. Craig D.; Porter D. (2006). Development beyond neoliberalism?: Governance, poverty reduction and political economy. Cambridge University Press .nk.
  19. Dawoody AR, (2015) ” Public administration and policy in the Middle East “, Civil society and democratic governance in Turkey, Prospects and challenges.
  20. Denhardt, R.B. (2008), “Theories of Public Organization”, Belmont, C.A: Thomson Wadsworth
  21. Donadelli, F. (2017). Environmental policy integration in Brazil: an analysis of climate and biodiversity policies. Revista de Administração Pública, 51(5), 734-766.‏
  22. Duit, A., & Galaz, V. (2008). Governance and complexity—emerging issues for governance theory. Governance, 21(3), 311-335.‏
  23. Fine, B., & Jomo, K. S. (Eds.). (2006). the new development economics: post-Washington Consensus neoliberal thinking. Zed Books.
  24. Frederickson, H. G. (2010). Social equity and public administration; origins, developments, and applications
  25. Frederickson, H. G., Smith, K. B., Larimer, C. W., & Licari, M. J. (2015). The public administration theory primer. Westview Press.‏
  26. Geert.  B, Upma. C, Geraldine. F, Louis M & Moni P,( 2018) ” Effective Governance for Sustainable Development: 11 Principles to Put in Practice”,   ‘ UN Committee of Experts on Public Administration (CEPA) and UN DESA
  27. Gore C. (2000). The Rise and Fall of the Washington Consensus as a Paradigm for Developing Countries. World Development, Vol. 28(5), p. 789-804.
  28. Grandy, C. (2009). The “efficient” public administrator: Pareto and a well-rounded approach to public administration. Public Administration Review, 69, 1115-1123
  29. Hjertholm. p. (2006). Governance & Economic Development in the Middle East & North Africa. Center for economic & business research (CEBR): Report Copenhagen business school, Denmark.
  30. Hout W. (2007). The Politics of Aid Selectivity: Good governance criteria in World Ba
  31. Hyden, G. (2007). The Challenges of Making Governance Assessments Nationally Owned. In Bergen Seminar on Governance Assessments and the Paris Declaration, Bergen, Norway.‏
  32. Institute for Economics and Peace (2019). “Global Peace Index—Measuring Peace in a Complex World”. Sydney.
  33. Iyad D., (2019)  ” Good governance for sustainable development “. Munich Personal RePEc Archive ( MPRA) Paper No. 92544, posted 6 March 2019
  34. Johnson, I. (1997). Redefining the concept of governance. Political and Social Policies Divison, Canadian International Development Agency.‏
  35. Lee, B. X., Kjaerulf, F., Turner, S., Cohen, L., Donnelly, P. D., Muggah, R., … & Waller, I. (2016). Transforming our world: implementing the 2030 agenda through sustainable development goal indicators. Journal of public health policy, 37(1), 13-31.‏
  36. Litre, G., Bursztyn, M., Simoni, J., & Reis, R. (2020). Achieving the Sustainable Development Goals through good enough governance: lessons from Argentine and Brazilian Municipalities. Agrociencia Uruguay, 24(2).‏
  37. Longo, F. (2011). Public governance for results: a conceptual and operational framework. In THE UNITED NATIONS COMMITTEE OF EXPERTS ON PUBLIC ADMINISTRATION (CEPA) MEETING, 10TH.‏
  38. Lopes, J., Reis, R. M., Gaivizzo, L. H. B., Litre, G., Rodrigues Filho, S., & Saito, C. H. (2020). The Contribution of Community-Based Recycling Cooperatives to a Cluster of SDGs in Semi-arid Brazilian Peri-urban Settlements. In Scaling up SDGs Implementation (pp. 141-154). Springer, Cham.‏
  39. Manzoor, A. (2014). (A look at efficiency in public administration: Past and future). Sage Open, 4(4), 2158244014564936.‏
  40. Maserumule, M. H. (2011). Good Governance in the New Partnership for Africa’s Development (NEPAD): A Public Administration Perspective (Doctoral dissertation, University of South Africa).‏
  41. Öniş Z. and Şenses F. (2003). Rethinking the Emerging Post-Washington Consensus: A Critical Appraisal. Ankara: Economic Research Center, ECR Working Paper in Economics 3/09.
  42. Pestoff, V. (2011). New public governance and accountability: some jewels in a treasure chest. CIES Centro de Investigación de Economía y Sociedad, 91.‏
  43. Rogers, J. D. (2007). Accountability transparency and governance in Sierra Leone. In Second Audit Risk and Governance Africa Conference, Zanzibar, Tanzania.‏
  44. Rutgers, M. R., & van der Meer, H. (2010). The origins and restriction of efficiency in public administration: Regaining efficiency as the core value of public administration. Administration & Society, 42(7), 755-779.‏
  45. Rutgers, M. R., van der Meer, H. (2010). The origins and restriction of efficiency in public administration: Regaining efficiency as the core value of public administration. Administration & Society, 42, 755-779. SAGE Journals
  46. Scheer, T. J. (2010). “Efficiency” and the establishment of public administration. Public Administration Review, 70, 832-835. doi:10.1111/j.1540-6210.2010.02214.x
  47. Scheer, T. J. (2010). “Efficiency” and the establishment of public administration. Public Administration Review, 70, 832-835. doi:10.1111
  48. Scheer, T. J. (2010). Efficiency and the establishment of public administration.‏
  49. Skarneh, Bilal Khalaf, (2009), “Work Ethics,” first edition. March House, Amman, Jordan.
  50. Stoker, G. (2006). Public value management: a new narrative for networked governance? The American review of public administration, 36(1), 41-57.‏
  51. United Nations Statistics Division (2018). “Global SDG Indicators Database”. https://unstats.un.org/sdgs/indicators/database/.
  52. United Nations. (2015). the Millennium Development Goals Report. New York: United Nations”.
  53. UNU-IAS Policy Brief n°3.
  54. UNU-IAS. (2015). Integrating governance into the sustainable development goals.
  55. Virginia R. (2020). Achieving the Sustainable Development Goals through good enough governance: Lessons from Argentine and Brazilian Municipalities. Agrociencia (24 ) Number 2 | Article 139
  56. Wezeman, Pieter D., and others (2019). “Trends in International Arms Transfers, 2018”. SIPRI Fact SheetWhitford, A. B. (2010). The hierarchical consequences of reinvention: evidence from the American bureaucracy. Journal of Management History.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *