أ.د.صباح نعاس شنافه المنتفكي

جامعة بغداد كلية العلوم السياسية

sabah.col@copolicy.uobaghdad.edu.iq

009647717106783

أ.م.د.محمدعزيز عبدالحسن البياتي

جامعة بغداد كلية العلوم السياسية

.alaa35iray@gmail.com

009647724105239

الملخص:

ظهر مفهوم الديمقراطية التوافقية في المجتمعات التي تمر بالمرحلة الانتقالية من حكم شمولي أو استبدادي الى حكم ديمقراطي انتخابي ..تجسد الديمقراطية التوافقية مرحلة اعادة الثقة وتجاوز المظالم التي الحقت بالاقليات والطوائف الدينية الموجودة في الدولة المعنية والتي تعرضت للاضطهاد أو التهميش من قبل القومية او الطائفة الدينية المهيمنة على للحكم في مرحلة ما قبل التحول  الديمقراطي . الناشط السياسي بريطاني المولد والامريكي الجنسية (توماس باين) دعم وبشدة قيام الديمقراطية التوافقية التي تسمح بالانسجام والعمل المشترك سلميا بين جميع أطياف الشعب ،فالحكومة انما أنشأت لخدمة مصالح الجميع دون تمييز .ولدى ( توماس باين ) الديمقراطية التوافقية تسمح بتطور المفاهيم والمؤسسات السياسية بما يتلائم ومتطلبات كل جيل ..لقد تحدث ( توماس باين ) عن روح الديمقراطية بنفس فكرة الدستورية السياسية لدى الالماني كارل شميت والتي تهتم بروح الديمقراطية التي تحقق العدالة وفي ذات الوقت تحقق الانسجام والوحدة الوطنية .

مفهوم تقاسم السلطة الذي دعمه (توماس باين ) طبق بشكل مختلف في العراق عن التجارب التي طبقتها الديمقراطيات التوافقية حيث تم اقتسام السلطة في العراق بما يتطابق مع مفهوم ووظيفة (المحاصصة) للمراكز والمناصب السياسية في البلاد وعلى عكس الديمقراطية التوافقية قادت المحاصصة وتقسيم السلطة في العراق الى زيادة التخندق وتعميق مفهوم ووظيفة الهويات القومية والدينية للحصول على مغانم تقسيم السلطة والمناصب السياسة والتي تقود حتما الى التشظي والتناحر بين اطياف الشعب على عكس مفهوم التوافقية  السياسية التي تدفع باتجاه الوحدة الوطنية وزيادة الانسجام على اساس المصالح المشتركة لكل اطياف المجتمع في الدولة الواحدة.

الكلمات المفتاحية :

التوافقية ،توماس باين ، المحاصصة ، الفكر السياسي ،الدستورية السياسية

The Consociationalism and dialectic of power-sharing for Thomas Paine: The roles and functional course of the Iraqi experience after 2003 as a model

Prof.Dr.Sabah Naas ShnafaAlmantafki

Assistant Prof. Dr .Muhammad Aziz Abdul-Hassan Al –Bayati

Summary

The concept of consociation democracy appeared in societies going through the transitional phase from a totalitarian or authoritarian rule to an electoral democratic rule. Consensual democracy embodies the stage of restoring confidence and overcoming the grievances that befallen minorities and religious sects in the concerned state that have been persecuted or marginalized by nationalism or the dominant religious sect. To govern in the pre-democratic transition stage. British-born American political activist (Thomas Paine) strongly supported the establishment of consociation democracy that allows harmony and peaceful joint action among all spectrums of the people, as the government was established to serve the interests of all without discrimination. Every generation.. (Thomas Paine) spoke about the spirit of democracy with the same idea of political constitutionalism as the German Karl Schmidt, which is concerned with the spirit of democracy that achieves justice and at the same time achieves harmony and national unity

The concept of power-sharing supported by (Thomas Paine) was applied differently in Iraq from the experiences applied by consociation democracies, where power was shared in Iraq by the concept and function of (quotas) for political centres and positions in the country. Increasing retrenchment and deepening the concept and function of national and religious identities to obtain the benefits of dividing power and political positions, which inevitably leads to fragmentation and rivalry among the people’s sects, in contrast to the concept of political consensus that pushes toward national unity and increasing harmony based on the common interests of all spectrums of society in a single state.

المقدمة

أن مشكلة تطبيق الحكم الديمقراطي المستقر في الدول والمجتمعات المتكونة من عدد من القوميات والاديان ولضمان عدم تهميش او اضطهاد أي مجموعة عرقية او دينية من قبل حكم الاغلبية في النظام الديمقراطي جرى اللجوء الى النظام الديمقراطي التوافقي حيث يعمل فيه بتقسيم السلطة بين المؤسسات السياسية وبين الحكومة المركزية والاقاليم ذات الحكم الذاتي ،كان هذا الابتكار للديمقراطية التوافقية قد أسس بناءه المفكر (توماس باين)لادارة الدولة الامريكية بعد الاستقلال عام 1776، ليضمن حقوق كل المكونات والاطياف العرقية والدينية ولجميع سكان الاقاليم في الولايات المتحد الامريكية.

في التجربة العراقية للديمقراطية التوافقية بعد عام 2003 جرى تحويل التوافقية الى محاصصة سياسية للنخب السياسية واقتسام الغنائم وتعميق التخندق الطائفي والعرقي في العراق.

مشكلة البحث:

يدرس البحث مسببات ابتعاد العراق عن نموذج الديمقراطية التوافقية ويطرح الاسئلة لفهم ابعاد هذه المشكلة:

1.هل مارس العراق تجربة الديمقراطية التوافقية لضمان التحول نحو الديمقراطية المستدامة ؟

2.ما هو الفرق بين مفهوم تقاسم السلطة والمحاصصة السياسية ؟

3.ماذا اضافت تجربة التحول الديمقراطي للفكر السياسي الديمقراطي النظمي في العراق ؟

أهمية البحث:

تبرز أهمية البحث من كون الدراسة المقدمة تهتم بمشكلة الديمقراطية التوافقية وانحراف التجربة العراقية عن اسس الديمقراطية التوافقية الى تطبيق نموذج المحاصصة وتقدم الدراسة مجموعة توصيات لإعادة العملية الديمقراطية في العراق بعد عام 2003 الى مسارها الطبيعي كديمقراطية تنافسية.

أهداف البحث:

تهدف الدراسة الى تحليل العوامل التي أضعفت الديمقراطية التوافقية في العراق وساعدت على ترسيخ مفهوم المحاصصة السياسية بديلا عن تقاسم السلطة بين مؤسسات الدولة في النظام الفدرالي العراقي لما بعد عام 2003.

حدود البحث:

حدود البحث الزمانية من 2003 لغاية 2022.

حدود البحث المكانية تجربة العراق في نموذج الديمقراطية التوافقية (المحاصصة).

فرضية البحث :

يعمل البحث على التحقق من الفرضية المطروحة للدراسة وهي:(أن التحول الديمقراطي في العراق بعد عام 2003 صاغ مناهج جديدةفي ادارة الحكم الديمقراطي وثبت مفهوم المحاصصة السياسية).

أدوات البحث:

دراسة نظرية.

منهج البحث:

جرى اعتماد المنهج التاريخي التحليلي لتبيان صحة الفرضية المقدمة في البحث.

المبحث الاول

طروحات ” توماس باين ” حول مفهوم وضرورة الديمقراطية التوافقية :

عاصر” توماس باين ” حركة الاستقلال الامريكي وكان من الدعاة المؤثرين لتحقيق استقلال الولايات المتحدة الامريكية من سلطة الحكومة البريطانية ولكون الولايات المتحدة  تتكون من عدد غير متجانس من الولايات التي خضعت للسيطرة الفرنسية والاسبانية والبريطانية ولكون سكان الولايات الامريكية جلهم من المهاجرين الاوربيين فلم يكن هنالك تجانس شديد بين مكونات الدولة الامريكية الحديثة التكوين عام 1776فلذلك دعم وبشدة (توماس باين)  منهج الحكم بمفهوم ( الديمقراطية التوافقية ) التي لاتسمح بهيمنة مكون عرقي أو ديني على مقاليد  السلطة والحكم في بلد متعدد الاعراق والاديان والثقافات  ،واراد ( توماس باين ) ان تتوزع السلطة في البلاد مابين السلطات الثلاث لحكم البلاد وأن يكون حكم البلاد ديمقراطي توافقي أي تقسيم السلطة مابين الحكومة المركزية وحكومات الاقاليم المكونة للدولة الاتحادية الفدرالية  وكما معمول به في الولايات المتحدة وكذلك دولة الهند .أكد (توماس باين ) في طرحه لفكرة الديمقراطية التوافقية على روح المثل الديمقراطية وليس فقط مؤسساتها السياسية وهو يشدد ايضا  على عدم تقييد الاجيال القادمة بماتم أنشاءه في مرحلة سابقة وانما لكل جيل بناء توافقاته وفقا لما يراه ملائم لحاجاته ومصالح الامة، كما  يشددعلى علو سيادة الدولة كضرورة  لإعلاء سلطة قانون الدولة على سلطة اي مكون أو قائد قومي أو ديني في الدولة الواحدة
المصدر:Tomas Paine ,http://Plato.stanford.ed/entries))
فأذن ظهرت الحاجة الى الديمقراطية التوافقية في المجتمعات التي تتشكل من مجموعات عرقية ودينية متعددة وقد تكون متنافسة بشدة  ،ولانهاء ظاهرة التهميشأوالاقصاء والاضطهاد لاي مكون من قبل الاغلبية العرقية او الدينية في الدولة عمد الى تبني نظام التوافقية الذي يجب أن يحقق أكبر قدر من المساواة والعدالة وضمان حقوق الاقليات وحقوق الانسان ، والديمقراطية التوافقية هي المرحلة الانتقالية في تاريخ الدول من مرحلة الحكم الشمولي أو الدكتاتوري الى الحكم الديمقراطي المستقر حيث تعمل ميكانيكية الحكم التوافقي على تحقيق الانسجام بين مصالح المكونات العرقية والدينية باتجاه تحقيق الوحدة الوطنية والسلم المجتمعي .فالديمقراطية التوافقية تتطلب تعاونا بين قادة  القطاعات ( الاعراق والاديان ) على الرغم من الانقسامات العميقة التي تفصل بين هذه القطاعات ، حيث يفرض هنا الالتزام بصون وحدة البلد من قبل القادة السياسيين والتعامل بروح الاعتدال والحلول الوسط كونهم شركاء في البلد وليس اوصياء على بعضهم البعض  ( شاكر الانباري ، ص 26)

الباحث ” أرنت ليبهارت ”  في كتابه ( الديمقراطية التوافقية) أكد على أن تعاون النخب السياسية القيادية هو السمة الاولى المميزة للديمقراطية التوافقية (أرنت ليبهارت ،ص 12) ، كما أكد على ضرورة وجود مهندسين توافقيين من الزعماء السياسيين القادرون على الدمج بين متطلبات الديمقراطية ومتطلبات التوافق لقيادة مجتمع متعدد متنافر ومتنازع ، ويؤكد (ليبهارت) على ان نجاح القادة السياسيين للوصول عبر هذا المسار الى مستوى  التطبيق الصحيح للديمقراطية التنافسية المستقرة ضرورة توفر الشروط التالية :

  1. أن يقبل السياسي بالديمقراطية التنافسية هدفا اساسيا ونهائيا .
  2. أن يكون تطبيق النموذج التوافقي أداة ضرورية لبلوغ ديمقراطية مستقرة تنافسية .
  3. أن تكون مخرجات الديمقراطية التوافقية مقبولة لدى كل الاطراف المشاركة في عملية التحول الديمقراطي . ( الديمقراطية التوافقية والدولة الوقفية في العراق
    ( الموقع الالكتروني uokerbala.edu.irq/wp.)

 

المبحث الثاني

انواع النظم الديمقراطية

يصنف الباحث “Hideka Magara” النظم الديمقراطية على اساس القوى المؤثرة في صنع القرارات السياسية وهي لديه :

  1. الديمقراطية الليبرالية وهي أقدم انواع الديمقراطيات المعمول بها في العالم ويجد الباحث ان سلطة التأثير على القرار تأتي من الجماهير حيث يمتلك الشعب حرية التظاهر والتنظيمات ، وفيها تحاول الاحزاب السياسية الاستجابة لمطالب الناخبين .
  2. النموذج الاخر هو حكم ديمقراطية التكنوقراط العقلاني الذي يعتمد في اتخاذ القرارات على النخبة التكنوقراطية العقلانية مع وجود مؤسسات وطنية ضابطة للتوازن الديمقراطي وقد كان النموذج السويدي انجح النماذج في تطبيق هذا النموذج .
  3. الديمقراطية تحت ظل رواد الاعمال التي تعتمد على طروحات ماركس ويبر الاخلاقية في تفسيرسلوك القادة رواد الاعمال بتجانس مع القيم الاخلاقية والدينية ، وهذا التطبيق للديمقراطية يعطي اهمية لادارة السلطة السياسية في النظام الديمقراطي للقائد ذوالشخصية الكارزمية والذيليس بالضرورة مرتبط بحزب سياسيوالمثال البارز دونالد ترامب الرئيس الامريكي (2017-2021)فهو لم يكن يمتلك جذور في العمل الحزبي ولكنه رجل اعمال ناجح.

التصنيفات الاخرى للديمقراطيات التوافقية المعمول بها في العالم يطرحها الباحث (Krzysztof Tzcinski , Krakow Universty)وتكون :

1 الديمقراطية التوافقية تكون فيها المشاركة السياسية لادارة البلاد مضمونة لكل مكونات الشعب في الدولة المتعددة  الاعراق والاديان ويتحقق فيها ضمان حقوق وتمثيل كل مكونات الشعب وحفظ حقوق الانسان .

2.الديمقراطيات الجاذبة في الدول متعددة الاعراق والاديان تعمد فيها الى دمج الافراد المنتمين لمكونات مختلفة في العمل بمؤسسات الدولة دون تمييز

وذلك لتحقيق مستوى اعلى في الاندماج الاجتماعي وتطوير مفهوم الهوية الموحدة للافراد على اساس المواطنة الحرة والوحدة الوطنية .

3.يقترح الباحث نموذج الديمقراطية الهجينة التي تمزج بين النموذج الاول والثاني بما يحقق حقوق المكونات العرقية والدينية ويحقق في نفس الوقت اندماج الافراد بمجتمع متجانس دون الغاء الهويات الفرعية .

(المصدر: Krzysztof Trzcinski, Hybrid power-sharing: on how to stabilize the political situation in multisegmental societies, Krakow University,2018) .

الديمقراطية التداولية تصنيف أخر لتطبيقات الديمقراطية في الحكم وهذه الديمقراطية تشترط مشاركة المواطن، كونه كيان مستقل وله حق المشاركة السياسية ، في دراسة ومناقشة القرارات التي تتخذ في الدولة بغرض تحقيق شرعية السياسات التي تطبقها الدولة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي فمثلا قرار كإعلان الحرب يجب توفر قناعة المواطنين في شرعية وسلامة هكذا قرار فحرب الولايات المتحدة ضد فيتنام ، في النصف الاول من القرن العشرين، لم تلقى الدعم من المواطن  الامريكي وبالتالي فقدت شرعيتها مما أجبر متخذ القرار الامريكي على انهاء الحرب دون تحقق نصر للقوات العسكرية للدولة العظمى –الولايات المتحدة الامريكية . ويرى اصحاب نظرية الديمقراطية التداولية بانها انضج اسلوب ديمقراطي لضمان مصالح الامة وتحقيق الرضا الشعبي على سياسات الدولة .(Britannica.com , deliberative democracy)

المبحث الثالث

الاتنقال من التوافقية الى المحاصصة السياسية في العراق بعد عام 2005

بعد دخول القوات الامريكية الى بغداد عام 2003واعلان انتهاء حكم صدام حسين ونظامه السياسي وفي 12تموز 2003 جرى تشكيل مجلس الحكم الانتقالي المكون  من الزعماء السياسيين الذين مثلوا المعارضة السياسية لحكم صدام حسين (  مجلس الحكم في العراق الموقع الالكتروني :marefa.org ) وجعل العضوية في هذا المجلس على اساس التمثيل النسبي لمكونات الشعب العراقي وعلى أساس الهويات الفرعية والولاءات العابرة للوطنية والتي تركز في ذات الوقت على تعميق التخندق والتجزؤ لاطياف الشعب ( د. ياسين محمد حمد ، ص 32)، ومن هنا بدء الانتقال بمفهوم الديمقراطية وتقاسم السلطة الى مفهوم تقسيم السلطةبنظام (المحاصصة ) .

غالبية السياسيين في المجلس الانتقالي كان لديهم الاحساس بالمظلومية التي حرمتهم من المشاركة في فترة حكم صدام حسين ولذلك فقد قرروا أن تكون هذه المناصب السياسية التي يتمتعون بها بمثابة تعويض لهم عن سنوات التهميش والاضطهاد السياسي ،أصبح الامر شخصي أكثر مما هو وطني وتعزز ت فكرة التعويض عن الحرمان في الحملات الانتخابية منذ عام 2005 حيث جرى طرح المطالب السياسية والمناصب  والوظائف الادارية كحقوق يجب اعادتها لمن همش أو اضطهد في العهد السابق .

مفهوم المحاصصة التي طبقت في العراق بعد عام 2003 ابتعدكثيرا عن روح الديمقراطيةحيث أن الديمقراطية تعمل وفق اطار انتخابي تنافسي  يتولى من هو اكفأ في البلاد للمواقع السياسية العليا والوظائف العامة وتعتمد التنافس الحر في الانتخابات في بوتقة مصالح الامة وتمثيل جميع الاطياف الاجتماعية وحماية حقوقها، نظام المحاصصة الذي يطبق في العراقيعبر عنه بنظام الغنائم السياسية والاقتصادية فينظر لتوزيع الوزارات للكيانات والكتل السياسية على وفق المورد
المالي المستحصل من هذه الوزارة او تلك ،و تغيب  فيه المعايير الصحيحة في تمثيل الشعب فقاعدة التمثيل النيابي في الديمقراطيات هو تمثيل لكل الناخبين في البلاد وليس لمكون دون أخر ،  كما اخترقت قاعدة

(الرجل/ المرأة المناسب في المكان المناسب) وتكليف  الكفاءات السياسية العلمية والادارية تولي المناصب والمواقع السياسية والادارية العليا في البلد ، كذلك اصبحت الموارد المالية للدولة العراقية مغانم للقوى السياسية . أن اعتماد نظام المحاصصة السياسية يسحب البلد الى زيادة التناحر و النزاعات التي تضعف بالضرورة الديمقراطية السلمية.

المحاصصة تعني أن الحصة من البلد قد حددت ولا يجوز لأي طرف التحدث عن الفئة الاخرى أو تمثيل مصالحها ،كل يتكلم عن حصته وبهذا تجزأ الوطن الى خارطة مصالح محددة ومقننة  لا يوجد حديث عن وطن وأمة ومصالح عليا للبلد .فالمحاصصة تدفع قيادة المكونات الى الحصول على أكبر عدد من الغنائم وتعميق الفروقات القطاعية للاستئثار بقيادة المكون المعين و بالسلطة السياسيةوالمناصب العليا في البلاد ، ففي العراق تم تقسيم المناصب العليا كالتالي :

1.رئاسة الجمهورية للمكون الكردي .

  1. رئاسة الوزراء للمكون الشيعي .
  2. رئاسة البرلمان للمكون السني .

لمناقشة توزيع الحصص هذه يظهر أن حصر هذه المواقع العليا بيد المكونات الغالبة بالعدد يؤسس:

  1. لتهميش وحرمان القوميات والاديان الاخرى من المشاركة في ادارة البلاد وتمثيله من موقع المناصب السيادية العليا في البلد.
  2. توريث المناصب السياسية ،فالمحاصصة تقود وترسخ توريث المنصب لجهة معينة دون اعتبار للتاريخ السياسي والانجازات السياسية التي تمتلكها الشخصية التي ترشح للمنصب من قبل مرجعيته السياسية .
  3. العجز عن التحول لنظام ديمقراطي تنافسي مرتكز على معيار المواطنة والخدمة الوطنية لاستمرار القادة السياسيين على الاتكاء على هوياتهم الفرعية- العرقية
    او الدينية – واهمال التركيز على الهوية والمطالب الوطنية واستمرار النخب السياسية تشجيع التخندقالقطاعي بين المكونات والعجز عن التحول العقائدي والجماهيري  لمرحلة الانصهار في بوتقة ثقافة وطنية ووحدة وطنية صلبة .
  4. تشظي الولاءات الوظيفية والخدمة العامة، فالوظائف العامة في البلد تأخذ ايضا بالمحاصصة فكل كتلة يخصص لها وزارة تكون هذه الوزارة مكتب تعيين بالوظائف العامة لمكون حصة الوزارة بذاته . والقوات المسلحة وفرق القوات المسلحة غير النظامية (المليشيات)خضعت لمعايير المحاصصة ايضا.

أن نظام المحاصصة في العراق جعل كل موارد الدولة تخضع لمعايير المحاصصة ونتائج المحاصصة في العراق عجلت  باندلاع ما يسمى بثورة 25 تشرين الاول 2019 التي فجرها الشباب الاعزل والذي يرى تاريخ بلده وموارده ومستقبله قد تشظى تحت رعاية المحاصصة  السياسية، وكانت المطالب الشبابية تتلخص بشعار (نريد وطن)

الخاتمة والتوصيات

أن الحكم الديمقراطي في البلد يستلزم وجود دستور متفق عليه من قبل جميع مواطني الدولة وبناء المؤسسات السيادية التي مهمتها ادارة العملية السياسية واتخاذ القرارات ومراقبة ضمان حقوق الانسان وحقوق كل مكونات واطياف البلد.

والديمقراطية تتطلب القبول بتداول السلطة سلميا ولايخصص موقع سياسي لفئة اوطائفة او مكون بذاته وانما عبرالتنافس الانتخابي الدوري والنزيه، التجربة العراقية في ممارسة الحكم الديمقراطي ادخلت ظاهرة المحاصصة السياسية للمواقع والمناصب السياسية السيادية وفي توزيع الوظائف العامةوتوزيع الغنائم من

الموارد المالية تحت اليات صفقات الاستثمار والعقود مع الشركات الاجنبية مما اساء الى حقوق المواطن العراقي في تحقيق الاستقرار المالي والتنمية المستدامة للبلد.

ان الديمقراطية التوافقية لا تتطابق مع مفهوم المحاصصة وهي لا تمنح الرخصة لتحصيل المغانم حسب الاعراق والاديان، وان الديمقراطية التوافقية تمثل المرحلة الانتقالية نحو ترصين واستقرار الحكم الديمقراطي  واذابة الفوارق والعدوات التاريخية بين اطياف الشعب ،أي ان روح الديمقراطية يجب ان تسمو بالمواطن الى القيم العليا للمصلحة الوطنية ونبذ العنف المجتمعي .

أن من اول مهام زعماء الكتل السياسية والقوميات والاقليات والطوائف الدينية المساهمة في تعزيز الممارسة الديمقراطية ونشر ثقافة الدولة مؤسسة حاضنة لكل الشعب بكل اطيافه ومكوناته .

المصادر

  1. داود مراد حسين الداودي ، المشاركة السياسية وتأثيرها في السياسة الخارجية الامريكية ،بغداد 2013.
  2. لويس فيشر ، سياسات تقاسم القوى، ترجمة مازن حداد، عمان ، 1994.
  3. منتصر العيداني وأخرون ،المؤشر الوطني للتحول الديمقراطي في العراق ،بغداد ، 2021.
  4. شاكر الانباري ، الديمقراطية التوافقية مفهومها ونماذجها ،بغداد ، 2007 .
  5. د. ياسين محمد حمد العيثاوي ، الانعكاسات السلبية للمحاصصة السياسية على البنية المؤسسية والمجتمعية للنظام الديمقراطي في العراق ،مجلة دراسات دولية ، العدد60 لسنة 2015 ، بغداد.
  6. Ronald L. Watts, Comparing Federal Systems,Canada, 2005 .
  7. أرنت ليبهارت ، الديمقراطية التوافقية ،ترجمة حسين زينه ،بغداد ، 2007 .
  8. Direct mite du/books ,deliberative democracy.
  9. https:// plato. standford.ed/entries.
  10. Hideka Magara ,policy change under new capitalism democracy .
  11. uokerbala.edu.irq/wp
  12. com/topic, deliberative democracy.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *