الأستاذ الدكتور طه حميد حسن العنبكي                       الباحثة لمى كريم خضير

كلية العلوم السياسية – الجامعة المستنصرية

المقدمة: شهدت مدينة (ووهان Wuhan) الصينية في شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2019 ظهور الوبــاء القاتــل، الذي عرف اسمه العلمي كوفيد 19 والمشهور كورونا ، ثم بدأ هذا الفايروس بالانتشار في معظم دول العالم ، حتى تجاوز عدد المصابين في انحاء العالم ألـ(13,000.000) ثلاثة عشرة مليون مصاب، وبلغ عدد الوفيات أكثر من نصف مليون شخص- في النصف الثاني من العام 2020-.

   والأهم من كل ذلك دخل أغلب سكان العالم بحالة من الرعب، فقد قادة ومسؤولي دول العالم التي طالها الوباء صوابهم، ومازالوا في حالة من الإرتباك والتخبط، وعلى رأسهم رئيس أقوى دولة في العالم ألا وهو الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، وكان الخيار الأسلم الذي لجأت إليه معظم الحكومات المعنية هو إجبار السكان على البقاء في منازلهم وتطبيق نظام فرض الحظر الصحي، ومنع التجوال إلا للضرورة القصوى مع الإلتزام طريقة التباعد الاجتماعي.

    والنتيجة الأهم التي ترتبت على انتشار هذا الوباء الذي وصف بـ (الجائحة) لخطورته البالغة، هي تلك الآثار الكارثية على الاقتصاد العالمي، وانعكاس ذلك على الأوضاع الاجتماعية والسياسية وثم الإنتهاء بالآثار الخطيرة على العملية التعليمية على وجه الخصوص.

    وفي ظل تلك الظروف تم تعطيل الدوام للطلبة بسبب هذا الوباء في معظم دول العالم ، ومنها الدول العربية ، لذا تم اللجوء إلى نظام التعليم الإلكتروني للاستمرار في استكمال المناهج والمقررات الدراسية ، ولضمان تحقيق  سياسة التباعد الاجتماعي ، وكان هذا الخيار اختبارًا صعبًا للجامعات وملاكاتها التدريسية والطلبة على حد سواء ، وبلا شك من يمتلك الخبرة والتجربة والآليات في توظيف تقنيات التعليم الإلكتروني سيجتاز هذا الاختبار بنجاح ، وبالمقابل من يفتقر لهذه الأسس واجه وسيواجه صعوبات جمة وربما تكون مخرجات هذه التجربة مجرد تسويق إعلامي وليست ذات جدوى ، وهذا ما سنحاول الوقوف عليه في هذا البحث وبالتحديد في الدول العربية التي طالها هذا الوباء على وجه العموم ، ونماذج الدراسة على وجه الخصوص.

  لذا سنقسم هذا البحث – فضلاً عن المقدمة والخاتمة – على المباحث الآتية:

المبحث الأول: ماهية التعليم الإلكتروني…

المبحث الثاني: تأثيرات فيروس كورونا اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وتعليمياً.

المبحث الثالث: التعليم الإلكتروني في الدول العربية في ظل وباء (كورونا) نماذج مختارة…

المبحث الأول: ماهية التعليم الإلكتروني:

     سنقسم هذا المبحث على ثلاثة مطالب نتعرض في المطلب الأول إلى: تعريف التعليم الالكتروني وعناصره وأنواعه، أما المطلب الثاني فسنتناول فيه مزايا ومعوقات التعليم الالكتروني، ونخصص المطلب الثالث لبيان الفرق بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني.

المطلب الأول: تعريف التعليم الإلكتروني ومكوناته ومصادره وأنواعه:

الفرع الأول: تعريف التعليم الالكتروني: يعرف التعليم الإلكتروني بأنه “التعليم الذي يهدف إلى إيجاد بيئة تفاعلية غنية بالتطبيقات المعتمدة على تقنيات الحاسب الآلي وشبكة المعلومات (الإنترنت) وتمكن الطالب من الوصول إلى مصادر التعليم في أي وقت وأي مكان”((([1])))

      فالتعليم الإلكتروني يستدعي استعمال تقنية الوسائط المتعددة و المعتمدة على الحاسوب التي توفر المتعلم من فرصة الحصول على المعرفة من خلال الملفات الإلكترونية (النصية والصوتية والفيديوية) وهي تمثل المقرر الإلكتروني، إذ يتم الحصول على هذه الملفات التعليمية، أما بشكل أقراص مدمجة تصدرها المؤسسات التعليمية، أو قد يتم الحصول عليها عن طريق شبكة المعلومات (الإنترنت)، وذلك من خلال تحميلها من المواقع الخاصة بالجامعة لكي يتم فيها بعد التفاعل والتواصل مع المادة العلمية وما تتضمنه من مفردات ((([2])))

الفرع الثاني: مكونات نظام التعليم الإلكتروني ومصادره:من أهم مكونات التعليم الإلكتروني([3]):

أولاً– المادة (المحتوى العلمي).

ثانياً– عضو هيئة التدريس أو المدرب.

ثالثاً– الطالب.

رابعاً– البيئة التعليمية (وسيط الاتصال).

خامساً– التقييم.

سادساً– وسائل الاتصال أو التواصل وهي نوعان:1– مباشرة: وتكون بالمواجهة بين الطالب والمعلم في الزمان والمكان نفسهما .2– غير مباشرة: وتكون من خلال وسط أو وسيط مثل الكتب والمحاضرات والمذياع والتلفزيون والتليفون وشبكات الحاسبات والشبكة الدولية للمعلومات ( الإنترنت) والأقمار الصناعية وما إلى ذلك.

     ومن مصادر التعليم الإلكتروني الآتي([4]):

أولاً– الكتب الإلكترونية (Electronic Books).

ثانياً– قواعد البيانات (Date Bases).

ثالثاً– الموسوعات (Encyclopedias).

رابعاً– الدوريات (Periodical).

خامساً– المواقع التعليمية (Educational Sites)

سادساً– البريد الإلكتروني (E – Mail) إذ تكون الرسالة والرد كتابياً

سابعاً– المكتبات الرقمية (digital libraries)

ثامناً– الدروس الجماعية الإلكترونية المفتوحة المصادرMOOC.

الفرع الثالث: أنواع التعليم الإلكتروني:

أولاً-التعلم الممزوج Blended Learning، ويتم فيه دمج استراتيجيات التعلم المباشر داخل الفصول التقليدية مع أدوات التعليم الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت.

ثانياً-التعليم عن بُعد: Distance Education: وتعد وسيلة الاتصال والتواصل وسيلة أساسية في التغلب على المسافة البعيدة التي تفصل بين المتعلم والمدرس.

ثالثاً-التعليم التزامني: Synchronous Learning: ويدمج المتعلم والمعلم في الوقت نفسه باستعمال أدوات التعليم كالفصول الافتراضية، أو المحادثة الفورية، ونظام بلاك بورد كولا بورات، أو الدردشة النصية.

رابعاً-التعلم المتنقل الذي يعرف بالتعلم المحمول: Mobile Learning: وهو نظام يستعمل الأجهزة اللاسلكية الصغيرة والمحمولة كالحاسبات الشخصية الصغيرة، والهواتف النقالة، والهواتف الذكية.

خامساً-التعليم غير التزامني: Asynchronous Learning: ويستخدم المحتوى التعليمي الرقمي، والموسوعات الخاصة، والبريد الإلكتروني، والشبكات الاجتماعية، والمنتديات التعليمية، والمدونات.(([5]))

     المطلب الثاني: مزايا ومعوقات التعليم الالكتروني:

الفرع الأول:مزايا التعليم الالكتروني : من أهم تلك المزايا ما يأتي([6]):

أولاً-القدرة على التواصل المباشر بين الطالب، والمعلم، وبين الطلبة أنفسهم وبشكل حيّ دون الحاجة إلى التواجد في غرفة الصف، وذلك باستخدام وسائل الاتصال والتواصل الإلكترونيّة، مثل: برامج المحادثة التي تتيح الاتصال المرئيّ، والمسموع؛ ممّا يسهّل عملية النقاش بينهم. قدرة المعلم على إجراء مسحٍ سريعٍ لمعرفة مدى تجاوب الطلبة مع المادة التعليمية، ومدى قدرتهم على استيعاب وفهم الدرس، ويمكنه عمل استبيانٍ لمعرفة مدى تجاوب الطلاب معه ومدى قدرتهم على التواصل معه لفهم المادة بشكلٍ جيد.

ثانياً-قدرة المعلم على استخدام أكثر من وسيلةٍ توضيحيةٍ، وتعليمية للطل، مثل: استخدام بعض التطبيقات الموجودة على الإنترنت، أو اصطحاب الطلبة في جولة إلى أحد المواقع وشرح المادة التعليمية من خلاله بشكلٍ مباشر، أوعرض فيديو يوضح المعلومات الواردة في الدرس، ويمكن الرجوع إليها في أي وقت يشاء فيه الطلبة.

ثالثاً-قدرة المعلم على تقسيم الطلبة على مجموعاتٍ صغيرة يسهل التواصل فيما بينها بالصوت والصورة لعمل إحدى التجارب مثلاً، أو لمناقشة إحدى قضايا الدرس المطروحة.

رابعاً-الجدوى الاقتصادية من استخدام تقنية التعليم الالكترونية التي تساهم في التقليل من تكاليف التعليم للدارسين او الموظفين المنتشرين حول العالم.

الفرع الثاني: معوقات التعليم الالكتروني:

      هنالك الكثير من المعوقات الإدارية والبشرية التي تحول دون انتشار التعليم الالكتروني في التعليم العالي ومن أبرز هذه المعوقات ا يأتي(([7])):

اولاً: المعوقات المادية:

  1. نقص أجهزة الحاسوب.
  2. ضعف تغطية الإنترنت.
  3. إرتفاع تكلفة الاتصال الإلكتروني.

ثانياً: المعوقات البشرية:

  1. نقص في أعضاء الهيئة التدريسة الذين يجيدون فن التعليم الإلكتروني.
  2. الافتراض الخاطئ بأن جمعيع أعضاء الهيئة التدريسية بأمكانهم المساهمة في التعليم الإلكتروني.

المطلب الثالث: الفرق بين التعليم الإلكتروني والتعليم التقليدي:

       هنالك مجموعة من الاختلافات بين هذين النوعين من التعليم سنوجزها بالجدول رقم (1) الآتي:

جدول رقم (1) الاختلافات بين التعليم التقليدي والتعليم الالكتروني

التعليم التقليدي التعليم الالكتروني
يستلزم تواجد جميع الطلاب في المكان والزمان نفسهما مع تعذر مراعاة الفروق الفردية بين العاملين. لا يتقيد بمكان معين لاستقبال عملية التعليم مع مراعاة الفروق الفردية بين المُتعلمين وفقاً لاحتياجات كل مُتعلم.
يعتمد أسلوب المحاضرة والإلقاء مما قد يجعل الطالب متلقي للمعلومات من المحاضر دون أي جهد في البحثوالاستفتاء. يعتمد التعليم الذاتي ويكرس فكرة فردية التعليم بما يعزز فعلية المُتعلم في استيعاب المادة إلى جانب إمكانية تحديد طريقة التدريس.
يشترط الحضور إلى مؤسسة التعليم والانتظام بالدوام مع تعذر الجمع بين الدراسة والعمل. يتيح فرصة التعليم عن بعد مع إمكانية تكامل التعليم مع العمل.
يتصف المحتوى التعليمي على الأغلب بالجهود يأخذ صيغة الكتاب المطبوع أو النصوص مع التحديث. يتصف المحتوى العلمي بالأثراء والإثارة والديناميكية مع سهولة وسرعة التحديث.
يحدد التواصل مع المحاضر بوقت الحصة الدراسية أو الساعات المكتسبة. يتصف بجدية التواصل مع المحاضرين في أي وقت.
يحدد دور المجاضر بالناقل والمتلقي للمادة العلمية يوسع دور المحاضر لكي يصبح مديراً للعملية التعليمية.
محدودية إعداد المتعلمين بسبب اقتران هذه الاعداد مع توافد المقاعد الدراسية. يتيح فرصة قبول أعداد محددة من المُتعلمين ومن كل انحاء العالم.
يعتمد على الثقافة التقليدية التي تركز على إنتاج المعرفة ويكون المُعلم هو أساس عملية التعليم. يقدم نوع جديد من الثقافة هي الثقافة الرقمية والتي تركز على معالجة المعرؤفة وتساعد الطالب أن يكون هو محور العملية التعليمية وليس المعلم.
يتسقبل التعليم التقليدي جميع الطلبة من دون الالتزام بأن يكون في نفس المكان والوقت المحدد لاستقبال عملية التعليم. لا يلتزم التعليم الإلكتروني بتقديم تعليم بنفس بالمكان نفسه  او بالزمان نفسه ، بل إن  المُتعلم غير مُلزم بمكان معين او وقت محدد لاستقبال عملية التعليم.
يحدد التواصل مع المُعلم بوقت الحصة الدراسية ويأخذ بعض الطلبة الفرصة لطرح الأسئلة على المعلم لان وقت الحصة لا يتسع للجميع. حرية التواصل مع المُعلم وطرح الأسئلة التي يريد الاستجواب عنها ويتم ذلك عن طريق وسائل مُختلفة مثل البريد الإلكتروني وغرف المحادثة وغيرها.
دور المُعلم هو ناقل و ملقن للمعلومة. دور المُعلم هو التوجيه والإرشاد والنصح وتقديم الإشارة.
اللغة المُستعملة هي لغة الدولة التي يعيش فيها الطالب. تعلم الطالب اللغات الأجنبية حتى يستطيع تلقي المادة العلمية والاستماع إلى المحاضرات من أساتذة عالميين فقد ينضم الطالب العربي الى جامعة الكترونية في أمريكا او بريطانيا.
يتم التسجيل والإدارة والمتابعة واستصدار الشهادات عن طريق المواجهة أي بطريقة بشرية. يتم التسجيل والإدارة والمتابعة والواجبات والاختبارات والشهادات بطريقة الكترونية عن بعد.
يقبل اعداد محدودة كل عام دراسي وفقاً للاماكن المتوفرة. يسمح بقبول اعداد غير محددة من الطلاب من كل أنحاء العالم.
لا يراعي الظروف الفردية للمُتعلمين ويقدم الدرس للفصل بالكامل بطريقة شرح واحدة. يراعي الفروق الفردية بين المُتعلمين فهو يقوم على تقديم التعليم وفقاً لاحتياجات الفرد.
تبقى المناهج التعليمية ثابتة من دون تغيير لمدة طويلة. سهولة تجديد المناهج التعليمية المقدمة إلكترونياً بكل ما هو حديث ومتطور.
المُعلم هو المصدر الأساس للتعليم. المُعلم هو الموجه ومسهل لمصادر التعليم.

المصدر: الجدول من إعداد الباحثين استناداً الى م.زكي محمد عباس: مصدر سبق ذكره، ص329-330.

     ومن خلال ما تقدم نستنتج بأن التعليم أحد أهداف التنمية المستدامة المكونة من سبعة عشر هدفاً فهو يكون موازي للهدف الرابع (التعليم الجيد) فضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعليم مدى الحياة للجميع، لذا فقد تطورت السياسة التعليمية من التعليم التقليدي أو ما يعرف بالتعليم المُغلق إلى التعليم الإلكتروني.

المبحث الثاني: تأثيرات فيروس كورونا اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وتعليمياً:

  خلف – ومازال يخلف وسيخلف -هذا الوباء تأثيرات بالغة الأهمية والخطورة على مستوى العالم أجمع، ومع تباين هذا التأثير، لكنه لم يستثن أحد، وعلى وجه العموم يمكن التعرض للتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لهذا الوباء في المطالب الآتية:

المطلب الأول: التأثيرات الاجتماعية:

     خلف هذا الوباء حالة غير مسبوقة من الخوف من العدوى لدى قطاعات وشرائح اجتماعية واسعة، وكذلك ماولده إنهيار الاقتصاد من فقدان العمل ومصادر الرزق للكثير من العاملين، فضلاً عن اجراءات التباعد الاجتماعي، والبقاء الاجباري في المنازل، وزد على ذلك ما أحدثته – وستحدثه – هذه الظروف من مشاكل نفسية قد تؤدي إلى إحداث تغييرات اجتماعية وسياسية في الكثير من دول العالم، ومنها الدول العربية([8]).

    ولكن بالمقابل مازالت فئات وشرائح اجتماعية وفي دول عديدة – لاسيما العربية منها – لم تلتزم بتعليمات السلامة الصحية الصادرة من حكوماتها , وفي الوقت الذي أغلقت الدول حدودها مع جيرانها للحد من انتشار الوباء إلى مجتمعاتها ، لكنها وجدت نفسها مضطرة للسماح لمواطنيها بالعودة من الخارج, بشرط خضوعهم لحجر صحي لمدة أسبوعين([9])، ولكن مع فرض تلك الاجراءات واجهت تلك الدول ومجتمعاتها مخاطر انتشار الوباء بفعل صعوبة تشخيص المصابين من ناحية ، وعدم ظهور الاعراض على الكثير من هؤلاء المصابين من جهة أخرى ، فضلاً عن تهاون أو تخلف النظم الصحية في الكثير من الدول ، ومنها عدد كبير من الدول العربية، والأهم من كل ذلك عدم قدرة الأجهزة الأمنية المعنية بفرض اجراءات السلامة الصحية ، مقابل عدم إلتزام الكثير من الأفراد بتلك الإجراءات بفعل تدني مستوى الوعي الصحي والاستهانة بالأمر .

المطلب الثاني: التأثيرات الاقتصادية:

     خلفت جائحــة كورونا تاثيرات اقتصادية هائلة يمكــن تلخيــصها في المجالات الآتيــة:

  1. توقف سائر النشاطات الاقتصادية في كل دول العالم ، إذ توقفت المصانع وأغلقت المطارات والمنافذ الحدودية ، وتوقفت الحركة التجارية بين الدول ، وأصاب المرافق السياحية الشلل التام ، فضلاً عن إنهيار أسواق المال العالمية ، وعلى ذلك لم تعد سائدة مقــولات تحريــر التجــارة الدوليــة والســوق الحــرة التــي كانت تــروج لهــا ّالمؤسســات الدوليــة -كصنــدوق النقــد الــدولي والمنظمــة العالميــة للتجــارة- وإن العلاقة بين اقتصاد السوق والحريات العامة والفردية التي يطرحها الخطاب الليــرالي كقيــم متســاندة لم تعــد قائمة، بســبب التناقــض بــين خطــاب المساواة الذي تسوق له الديمقراطيــة وبــين خطــاب تشــجيع المنافســة والفروقات الفرديــة الــذي يقــوم عليــه اقتصــاد الســوق- حســب جــاك أتــالي([10])- من جهة, والتناقــض بــين تشــجيع مزيــد مــن الحريــات الفرديــة وبــين الحاجــة لممارســة مزيــد مــن الضبــط الاجتماعــي مــن جهــة ثانيــة، إذ كشــفت طريقــة تعاطــي الحكومات مع هذه الجائحة تفاوتاً صادماً جاء لمصلحة الأنظمــة الأوتوقراطيــة على حســاب الأنظمــة الديمقراطيــة (نمــوذج الصــين مقابــل نمــوذج إيطاليا وأســبانيا والولايــات المتحــدة).

 2-بفعل توقف النشاطات الاقتصادية المذكورة، تراجع الطلب العالمي على المصدر الأساس للطاقة ألا وهو النفط، مما أدى إلى إنهيار أسعاره بشكل غير مسبوق.

  • تعرضت الدول المنتجة للنفط لاسيما الدول العربية على وجه الخصوص، وفي مقدمتها الدول الريعية، وهي تلك التي تعتمد على الواردات النفطية بشكل كلي تقريباً، لأزمة اقتصادية خانقة وصلت إلى حد عجزها عن تسديد رواتب موظفيها.
  • فقدان ملايين العاملين لوظائفهم في القطاعيين العام والخاص، مما ضاعف من معدلات البطالة حتى في الدول الأكثر تقدماً، فعلى سبيل المثال فقد أكثر (22) مليون لوظائفهم في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها ([11]).
  • 5.      مازالت الأزمة – في النصف الثاني من عام 2020-تتفاقم يوماً بعد يوم مع استمرار غياب العلاج الشافي والوافي لهذا الوباء، ومع استمرار الوباء بل وتصاعد وتيرته في دول عدة، وفي غضون ذلك تتزايد الضغوط على الحكومات لحثها على تخفيف اجراءات الحظر لتقليل الخسائر الاقتصادية وتخفيف آثارها الاجتماعية.

 المطلب الثالث: التأثيرات السياسية:

    مــع الانتشــار المتصاعــد لوباء كورونا يتراجع أداء الحكومات -عــى اختــلاف إمكانياتهــا وتنــوع طبيعتهــا-وتقف عاجزة عن الحــد مــن انتشــار وخطــورة هــذه الوباء، وهــو ما سبب أزمــات متعــددة تجــاوزت البعــد الصحــي، لتكشــف عــن اختــالات هيكليــة، وهــو مــا ســيطرح الكثــير مــن المراجعــات التــي سترافقها بكل تأكيد تغيرات كثــيرة، أقلهــا إعــادة ترتيــب أولويــات عمــل تلك الحكومات وأجنداتهــا([12]).

       وفي أجــواء كورونــا تتبــادر إلينا مجموعة من التســاؤلات حــول وجود علاقــة بــين أشــكال أنظمــة الحكــم وطــرق التصــدي للجوائــح، وآليــات الإفصــاح عــن المعلومــات ومشــاركتها مــع المنظــمات الدوليــة والإعـلام، وقــد بــدا لنــا أن أنظمــة اســتبدادية كانــت أكثــر قــدرة عــى ضبــط انتشــار الفــيروس بفرضهــا لقواعد وقوانــين ضبــط اجتماعــي شــديدة الصرامــة، وبالمقابل بدت النظم الديمقراطيــة المفتوحة رغم كونها اكثر تقدماً وحرية وثقة وإفصاحاً عــن المعلومــات، إلا أنهــا كانــت مسرحاً للوباء والتخبط والفشل في أكثــر مــن جانــب، كـما إن المجتمعــات تتفــاوت في مدى استجابتها للإجــراءات الرســمية التــي اتخذتهــا الحكومــات للتعامــل مــع فــيروس كورونــا، وبذلك تمايــزت الحكومــات في ردة فعلهــا تجــاه الجائحــة شدة وتراخياً وفقاً لتقديرات يجدر كشفها([13]).

     وكانت طريقة تعاطي الصين مع أزمة فيروس كورونا وقدرتها على ممارسة الضبط الاجتماعي والتحكم في حشود الجماهير بطريقة رقمية مبتكرة، مما وضع العالم أمام إعادة اكتشاف الصين من جديد كنموذج صاعد ناجح مقابل النموذج الغربي المتراجع, إذ عاد موضوع التنافس بين الولايات المتحدة الامريكية بوصفها قوة مهيمنة والصين بوصفها قوة صاعدة للنقاش, خصوصاً فيما يتعلق بفكرة حتمية الصدام بين القوتين من عدمها, اعتماداً على مقولة (فخ ثيوسيديتس) التي طرحها (غراهام ألسون), التي تؤكد على متلازمة القوة الصاعدة (rising power syndrome) –وهي هنا الصين تبحث عن تأكيد الذات- ومتلازمة القوة الحاكمة (ruling power syndroms ) –وهي الولايات المتحدة الامريكية الخائفة من تراجع مكانتها إذ يؤدي إلى مواجهة القوتين التي قد تكون بوسائل وأساليب متعددة تتراوح بين الاعلامية والاقتصادية وصولاً إلى العسكرية([14]).

     وقد يكون التركير على صعود الصين السلمي وفقاً لمقولات تمدد القوة التي طرحها (بول كيندي) إذ أنه طرح فكرة قانون التمدد الامبراطوري الزائد عن الحد ليشرح تراجع القوى العظمى إذ تصبح مصالح القوى الكبرى والتزاماتها العالمية اكبر من قدرتها على الدفاع عنها كلها في وقت متزامن، لتبدأ في الانسحاب والتخلي عنها تاركة فراغاً فيها، ومقابل صعود قوة بديلى تتحين ملئ الفراغ لتفرض منطقتها الجديدة. ([15])

     لقد أربكــت جائحــة كورونــا بانتشــارها السريــع برامــج الــدول للتعامــل معهــا، واتضــح أن القطــاع الصحــي العــام في أغلــب الــدول التــي توصــف بالعظمــى أو القويــة أو المتقدمــة، لم تكــن مســتعدة للتعامــل مــع الجائحــة بكفــاءة، مــا أدى إلى ردود أفعال محلية ودولية، وقد وجهت انتقادات الى الصين واتهمت بالتكتــم عــلى البيانــات، والتأخــر في إخطــار بقيــة بلــدان العــالم بطبيعــة الفــيروس الجديــد، وفي المقابــل اتهمت الولايات المتحدة الامريكية ان الفيروس خُلق في معاملهــا البيولوجيــة، وهنــاك دول أعلنــت عــدم اســتلامها معــدات طبيــة اشترتها من الصين, لان دولاً أخرى اعترضــت طريقهــا واســتولت عليهــا، وبعــض اشــرتها مــن الصــين، وبعض الدول الأعضــاء في الإتحــاد الأوربي كانت قد تــضررت بدرجــة كبــيرة من الوباء – وخصوصاً ايطاليا واسبانيا – وانتقــدت بقيــة الأعضــاء بســبب تخلفهــم عــن تقديــم الدعــم وفي الوقت الذي كانت الصين قد قدمت لها مساعدات لابأس بها.

     وكان من المفترض أن تتعــاون الــدول الكــرى، التــي تمثــل الأعمــدة الرئيســة للنظــام الــدولي، وتضــع خطــة مشتــركة لمواجهــة التهديــد، الــذي يتعــرض لــه العــالم أجمع ، كي تنجــح في محــاصرة الفــيروس في أراضيهــا، ثــم تقديــم الدعــم لتلــك الدول التــي لــن تتمكن من محــاصرة الفــيروس، مــا لم تحصــل عـلـى دعــم مــن الــدول المتقدمــة، ولكــن بــدلاً مــن ذلك ارتفــع مســتوى الانتقــادات ومســتوى الإتهامــات المتبادلــة فيــما بــين الــدول، واتجــه اهتــمام كل دولــة نحــو الداخــل، ضاربــة عرض الحائط مبادئ التعاون الدولي ([16]).    

المطلب الرابع:الواقع التعليمي في ظل  وباء (كورونا ):

    مع انتشار الوباء وجهت جميع حكومات العالم تقريباً إلى وزارات التربية والتعليم قراراً بإيقاف التعليم التقليدي واعتماد التعليم الإلكتروني بشكل كامل ، وقد واجهت تلك التجربة الكثير من المشاكل والتحديات ، وقد تباينت قدرات الدول على مواجهة تلك المشاكل والتحديات ، فبلا أدنى شك تمكنت الدول التي كانت تتبنى التعليم الإلكتروني كنظام مساند للتعليم التقليدي من تحقيق نجاحات ملحوظة في هذا الصدد ، وبالمقابل كانت تلك الجائحة بمثابة اختبار لتبني هذا الخيار وحاولت تقديم ما يمكن تقديمه في هذا المجال ، وبالمقابل واجهت الدول التي تبنت هذا الخيار بشكل اضطراري مشاكل كثيرة ، لأنها لم تكن قد وضعت في برامجها تطبيق هذا الخيار في الظروف الطبيعية مع أهميته ، وفي كل الاحوال ، لم يكن هذا الخيار سبيلاً كافياً لإنجاز تلك المهمة في كل الدول المتقدمة والمتأخرة على حد سواء، لأن التعليم الألكتروني – كما أسلفنا – يكمل التعليم التقليدي ، والعكس صحيح ، ولايمكن الاعتماد على أحدهما دون الآخر فكل منهما فيه مزايا وعليه عيوب.

      وأزاء ذلك فإننا نشهد في هذا الصدد الكثير من وزارات التعليم ينتابها قلق من الاعتماد على الاستراتيجيات المستندة إلى الإنترنت دون غيرها، إذ لا يجني ثمرة تلك الاستراتيجيات إلا أبناء الأسر الأفضل حالاً، إذ إن ضعف الأوضاع المعيشية لجزء كبير من السكان وعدم وصول تغطية الانترنت إلى كل المناطق في البلاد، وعدم قدرة وسائل الإعلام الجماهيري على خلق تفاعل شبيه بما يجري في الفصول التقليدية، فضلاً عن مشاكل هيكلية تعاني منها الأنظمة التعليمية للكثير من الدول ومنها الدول العربية التي يقع أغلبها في أسفل السلم بمؤشرات التعليم الدولية([17]).

    وتتمثل الاستراتيجية المناسبة في هذا الإطار في استخدام جميع الوسائل الممكنة التي توفرها البنية التحتية الحالية في إيصال الخدمة، فيمكن استخدام أدوات الإنترنت في إتاحة المواد الدراسية، ويمكن الاستفادة أيضاً من الميزات التي توفرها لنا شبكات التواصل الاجتماعي، مثل الواتساب آب أو الرسائل النصية القصيرة، وكذلك قنوات التعليم الفضائية في تمكين وزارات التعليم من التواصل بفعالية مع الطلبة والأهل والمعلمين، لتزويدهم بالإرشادات والتعليمات مع أكمال المناهج الدراسية المخصصة ([18]).

   وبالمحصلة أضحى خيار التعليم الألكتروني أمراً لامفر منه، لاسيما مع احتمال دخول العالم في موجات جديدة من الوباء، الأمر الذي يستدعي من المعنيين في كل دول العالم، ومنهم العاملين في قطاعي التربية والتعليم العمل على تطوير قدرات ملاكاتها التعليمية في هذا السياق، وتوفير كل الفرص  والمتطلبات التي تهيء للطلبة والتلاميذ السبل للاستفادة القصوى من التعليم الألكتروني بما ينمي المعرفة لديهم ويؤهلهم بما يتناسب ومتطلبات سوق العمل.

المبحث الثالث:التعليم الالكتروني في الدول العربية في ظل وباء (كورونا ) – نماذج مختارة-:

     وجدت الدول العربية – كسائر دول العالم – نفسها مضطرة لتبني خيار التعليم الألكتروني بفعل تأثير وباء (كورونا) ، لذا سنتطرق في هذا الإطار إلى ثلاثة نماذج من الدول العربية التي تبنت التعليم الألكتروني في ظل هذه الظروف ، وهي كل من العراق والمملكة المغربية ودولة الإمارات.    

المطلب الأول: التعليم الإلكتروني في العراق:

      يعاني قطاع التعليم في العراق منذ بداية العام الدراسي الحالي 2019-2020 من الشلل والتوقف في المدارس والجامعات العراقية بسبب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في معظم المحافظات العراقية منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2019، ومن ثم جاء انتشار فايروس كورونا ليكون عاملاً حاسماً في توقف الدراسة التقليدية بشكل تام.

      ومن جانبها حاولت وزارة التربية العراقية إدارة هذا القطاع المهم وإيجاد الحلول لمواصلة الدراسة لتطلق موقعها الإلكتروني للتعليم عن بعد باسم “منصة نيوتن التعليمية” إذ من المفترض أن تبث من خلاله الدروس المقررة ليتلقى آلاف الطلاب عبرها دروسهم وصولاً إلى إكمال ما يمكن إكماله من المناهج المقررة،  وقد أكد (حميد جحجيح) المدير التنفيذي للمنصة الالكترونية قائلا: ((بجهود شخصية ومجانية نحاول قدر الامكان إيجاد حلول وبدائل للطلاب لاستمرار إيصال المعلومات والمعارف للطلبة واستمرار تواصلهم في عملية التعليم باستخدام شبكات التواصل والمنصة الرقمية)) ([19])، وأضاف (جحجيح) قائلاً:(( إن المنصة العراقية للتعليم الالكتروني يقف وراءها أساسا مركز تنمية الابداع الدولي التابع للقطاع الخاص والذي يدير سلسة من المدارس الابتدائية في العراق حيث وفر المكان والمعدات واستديوهات تصوير ومونتاج … ولدينا خطط بديلة حيث يقوم المدرسون بتسجيل الدروس من منازلهم ونقوم بالمونتاج والبث على الموقع، وكل ذلك بجهود خاصة ومجانية. ولم تقتصر دروسنا على المدارس الخاصة، بل هي موجهة أيضا إلى كل مدارس العراق إذ أن المناهج واحدة في القطاع الخاص والعام ويبقى دور وزارة التربية في إيجاد الحلول والبدائل ونقوم الآن بالإعداد لإطلاق دروس للمراحل المتوسطة والاعدادية. ونحاول بقدر الإمكان إيجاد بدائل وهناك أكثر من 9 مليون مستخدم للإنترنت وشبكات التواصل في العراق.  والحقيقة الاقبال على المنصة وصل الى 100ألف متابع للدروس التي نبثها، من هنا نقيس أهمية المنصة من حجم التفاعل والاهتمام))([20]).

     وأعلن (ضياء الغراوي) مؤسس مركز تنمية الابداع الدولي في العراق بدوره لإذاعة (مونت كارلو الدولية) عن بدء إطلاق مبادرة لوزارة التربية قائلا:((حرصاً على التعاون مع وزارة التربية، دعوناها لتقليص المواد الدراسية والاقتصار على تدريس المواد الأساسية أي الرياضيات واللغة العربية واللغة الانكليزية)) ([21])، هذا بالنسبة إلى المراحل الابتدائية باعتبار أن هذه المواد مرتبطة تصاعدياً مع المراحل اللاحقة للتلاميذ لتستكمل تصاعدياً العام المقبل – 2020-2021، وترك المواد الأخرى باعتبارها مواد تثقيفية يمكن الاستغناء عنها نظراً لضيق الوقت، وأضاف الغراوي قائلاً:(( على وزارة التربية استكمال المواد الاساسية والمهمة والمؤثرة على مستقبل الاطفال وإدخال نصف المادة الدراسية ويمكن تطبيق نفس الفكرة على المراحل المنتهية وغير المنتهية للدراسة المتوسطة والإعدادية فنختصر عدداً من الفصول غير المهمة وندخل نصف المادة الدراسية في الامتحان النهائي، إضافة إلى الدخول الشامل المتعلق باختبار الباكالوريا))([22]).

     وكذلك أوضح أمين عام سر نقابة المعلمين العراقيين (عدي العيساوي) إن القسم الإعلامي في وزارة التربية يبث حلقات لكل المواد العلمية لكل المراحل على القناة الفضائية التربوية التابعة للوزارة، لكن المشكة تكمن في أنها تعرض لمرة واحدة فقط، كما أن عدد متابعي هذه القناة من التلاميذ قليل, لكن الأمر ليس كله سيئاً، فقد أسهمت المدارس في حل الأزمة، وذلك عبر إنشاء  صفحات خاصة بها على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل “فيسبوك”، وقنوات “تليغرام” أو مجموعات “واتسآب” لضمان سير الواجبات المدرسية، إذ جرى التواصل مع الطلبة وإرسال الواجبات وبث الدروس مصورة أو مكتوبة، ووضح (العيساوي) أن نجاح هذا الأمر استند على متابعة مضاعفة من قبل أولياء الأمور لتعويض نقص الرقابة المدرسية([23])، وكانت تجربة مدرسة (شط العرب ) في حي حطين بجانب الكرخ ، متميزة في هذا الإطار وقد بذلت إدارتها وملاكاتها التربوية جهوداً كبيرة تمكنوا من خلالها بالتعاون مع أولياء أمور التلاميذ ( الأمهات على وجه الخصوص ) من إكمال الموضعات المهمة من المناهج الدراسية المقررة حتى بعد أن قررت الوزارة اعتماد نتائج نصف السنة كنتائج نهائية .

        ولكن بالمحصلة لم تحقق منصة “نيوتن” الغاية المرجوة منها، وإن المحاولات الأخرى كانت قد تعثرت، ووجدت الوزارة إن الحل الأسلم يتطلب اتخاذ قرار اعتماد نتائج نصف السنة كنتائج نهائية السالف الذكر.

    أما وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فقد وجهت مؤسساتها كافة بضرورة الإلتزام بتوجيهات خلية الأزمة للوقاية من الإصابة بفايروس كورونا ، وقال المدير العام لدائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة الدكتور (ايهاب ناجي) :((إن الوزارة وجهت بضرورة التزام الجامعات كافة والمؤسسات التعليمية بتوجيهات خلية الازمة لمواجهة خطر الاصابة بفايروس كورونا، مبينا تخويل مجالس الجامعات بايجاد الالية المناسبة لايصال المحاضرات الى الطلبة كالمنصات الإلكترونية المعتمدة عبر مراكز الحاسبات في الجامعات وغيرها بالشكل الذي يعوض المادة العلمية للطلبة أثناء العطلة المعلنة))([24])، وأضاف:((أن على التدريسيين تكثيف الجهود لغرض المحافظة على التوقيتات الزمنية للكورس الدراسي الأول دون التأثير على الكورس الثاني واعتبار المادة التي تم تدريسها للطلبة هي الأصل، موضحا أنه سيتم اعتبار المحاضرات المعطاة قبل تعطيل الجامعات بسبب تداعيات فايروس كورونا هي الأصل للانطلاق بمحاضرات التعليم الإلكتروني التي ستعتبر مكملة للمحاضرات الممنوحة للطلبة سابقاً))([25]).

      فقد اكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن تبني أسلوب التعليم الإلكتروني جاء نتيجة للظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق، وهو بمثابة بديل مؤقت عن التعليم التقليدي، والهدف من تبني التعليم الإلكتروني في ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها العراق والعالم كي يتواصل الطلبة والاساتذة مع العملية التعليمية، وهذا الأمر يتوافق مع ما قامت به جميع المؤسسات الاكاديمية العالمية، مؤكدة ان المنظمات الدولية كاليونسكو والإسيسكو عدته خياراً ناجحاً([26]).

   وبالمحصلة أصدرت وزارة التعليم العالي تعليماتها بخصوص إكمال المناهج الدراسية وإنهاء العام الدراسي وذلك من خلال إجراء امتحانات إلكترونية على طريقة الاختيارات المتعددة والأسئلة القصيرة والكتاب المفتوح، مع التوصية بمساعدتهم في درجات السعي، فضلاً عن مساعدتهم عن طريق منحهم فرصة كتابة تقرير في موضوع معين بقصد ضمان الحصول على نسبة من درجة الإمتحان النهائي، والغاية من كل ذلك تسهيل مهمة عبورهم إلى المرحلة التالية([27]).

  وهناك جملة من المعوقات التي تواجه التعليم الإلكتروني في العراق في ظل جائحة كورونا هي:

أولاً: البنية التحتية التكنلوجية والمنظومة الإدارية للمؤسسة التعليمية:    

      تفتقر المؤسسات التعليمية العراقية إلى البنية التحتية التكنلوجية، إذ لا توجد مختبرات كافية ولا تقنيين يساعدون في اعداد النظام التعليمي ومراقبة الأخطاء في حال حدوثها، أو تقديم المساعدة للأساتذة والطلبة على حد سواء، إذ إن معظم الكليات والأقسام والفروع حتى العلمية منها لا يوجد فيها إلا مختبراً واحداً ، ويعمل فيه أحياناً مختص واحد في علم الحاسوب والتقنيات الحديثة، كما تفتقر المختبرات إلى الأجهزة المتقدمة للعمل، يضاف لها ضعف شبكة الانترنت وأحياناً عدم وجوده في أغلب الجامعات وما يرتبط بها ، فضلاً عن تكرار انقطاع التيار الكهربائي([28]).

     أما بالنسبة للنظام الإداري للمؤسسات التعليمية فهناك اعتماد كبير على الأساليب التقليدية في الإدارة، ولم تصل إلى أدنى مستويات الطموح من استخدام التقنيات الإلكترونية الحديثة، والسبب في ذلك هو غياب البنية التحتية التقنية التي يمكن من خلالها ارسال واستقبال التوجيهات والتعليمات الإدارية وسبل التحقق منها واعتمادها في المخاطبات الرسمية، فضلاً عن غياب أو تدني مستوى ثقافة الإدارة الإلكترونية إلا في نطاق محدود([29]).

ثانياً: الملاكات التدريسية: تعد اغلب الملاكات التدريسية والتربوية في العراق من الفئات التي نشأت وتعلمت تعليماً تقليدياً، وحتى مع انتشار التعليم الإلكتروني كان النظام الحاكم قبل عام 2003 يفرض قيوداً كثيرة على هذا النوع من التعليم،  وحتى بعد عام 2003  استمر التعليم على الطريقة التقليدية ، مع استخدامات محدودة وبعضها يعتمد على مبادرات شخصية تطوعية ،  لذا استمر التعليم بالطريقة التقليدية هو السائد ، ويعتمد ذلك على حضور الأستاذ في القاعة وإلقاء المحاضرة على التلاميذ والطلبة بشكل مباشر([30]) .

ثالثاً: المنهج الدراسي: بالرغم من تشكيل لجان لتحديث المناهج الدراسية ، وكانت قد أطلقت مشاريع متكاملة في هذا الصدد ، ولكنها بقيت معظمها حبراً على ورق ، لذا مازالت معظم المناهج الدراسية متهالكة وعفا عليها الزمن ، وهي نتاج إعداد فئة صغيرة من القيادات الجامعية التقليدية التي لا تنتمي الى هذا العصر من التطور والحداثة، واغلبها من فئات كبار السن ، وهي مناهج تتوافق مع أسلوب التلقين القديم وتطلب من الأستاذ نسبة من النجاح وامتحاناً تقويمياً في نهاية السنة، وهذا لا يتوافق مع نظام التعليم الإلكتروني الذي يعتمد على المنهج التفاعلي ويحتاج الى أسلوب تدريس من قبل أستاذ حصل على تدريب كافٍ في مجال التعامل مع الدرس الإلكتروني([31]).

رابعا: الطالب: في النظام التعليمي التقليدي الطالب هو الحلقة الأضعف، وهو الذي لا يستطيع النقاش ولا المطالبة بحصص تتناسب ومتطلباته المعرفية، ولا يستطيع اخذ دوره ليكون عنصراً فاعلاً في المجتمع، كل ما عليه حفظ ما يطلبه منه الأستاذ من دون نقاش، لذا فالطالب يأتي للجامعة من اجل تلقينه ومن ثم منحه شهادة تخرج ليواجه محنة الحصول على وظيفة حكومية، لذا لايمتلك الطالب  مصادر المعرفة التي تؤهله بما يتناسب ومتطلبات سوق العمل([32]).

وإن الطالب من جانبه يركز كل جهوده للحصول على شهادة تؤهله للدخول في نظام التعيينات الحكومية ونظامها الإداري التقليدي الذي لا يتطلب مهارات معينة بقدر ما يحتاج إلى ورقة مثبتة فيها الدرجات التي تبين أن الطالب قد أكمل أربع سنوات دراسية في الجامعة، وانه مستعد لينظم إلى جيش من الإداريين التقليديين، وهذا الطالب لم يتعود يوما أن بذل الجهد في التعلم الحقيقي سوف يؤهله للحصول على افضل وظيفة، تعلم هذا الطالب ان الفن الحقيقي في الجامعة هو في كيفية تجاوز أربع سنوات دراسية بأي طريقة كانت، ومن ثم فهو لا يتفاعل مع الأستاذ في الصف الإلكتروني، ولا يمكنه ان يدخل للصف الإلكتروني في ظل غياب العقوبات الرادعة من قبل الأستاذ([33]).

   من خلال ماتقدم يمكن القول إن تجربة التعليم الإلكتروني في العراق لم ترتقِ إلى مستوى الطموح بفعل التحديات التي واجهتها ، ولكن يمكن الإفادة من الأخطاء والمشاكل التي اعترضت تلك التجربة والعمل على معالجتها ، مع العمل على استثمار الجوانب الايجابية والعمل على تطويرها ، لاسيما من خلال تطوير الملاكات التدريسية والفنية والإدارية ، فضلاً عن ضرورة تهيئة البنى التحتية اللازمة لنجاح تلك التجربة ، والأهم من كل ذلك تهيئة الظروف والامكانات المادية والنفسية التي تتيح للطالب التفاعل بجدية أكثر مع هذا النمط من التعليم ، ليس فقط لاحتمالية استمرار الظروف الاستثنائية ، ولكن كي يستمر العمل بهذا النمط كرديف ومكمل للتعليم التقليدي.

المطلب الثاني: التعليم الإلكتروني في المملكة المغربية:

     في ظل هذا الوباء أبرمت وزارة التعليم المغربية وشركات الانترنت اتفاقاً لأجل تمكين التلاميذ من الدخول المجاني إلى المنصات التعليمية، وقد أعلنت الوزارة أن عدد مستخدمي البوابة الوطنية الخاصة بالتعليم عن بعد وصل إلى 600 ألف يومياً، ومن أهم منصات التعليم الالكتروني في المغرب ما يأتي:

أولاً: تطبيق (NOON KIDS): أطلق أول تطبيق في المغرب، يهدف إلى التعلم الإلكتروني لفائدة تلامذة السلك الإبتدائي، الذي يحمل اسم ((NOON KIDS، هذا التطبيق يتوافق مع البرنامج التعليمي الوطني، ويغطي جميع مستويات السلك الابتدائي، بحسب الشركة الناشئة لهذا التطبيق([34]).

     وفي هذا السياق، أوضح (محمد التيموري) المدير المساعد في الشركة، التي أشرفت على هذا التطبيق، أن( (NOON KIDS هي أول بيئة تعليمية رقمية في المغرب تستجيب لضرورة التكيف مع الظهور المتنامي للتكنولوجيات المعلوماتية الحديثة، وكذلك الحاجة إلى تكملة تعليم الأطفال بطرق أكثر تفاعلية، والتي تتطلب انتباههم بشكل مختلف، وتشجيع رغباتهم في التعلم, ويسهر على هذا التطبيق الرقمي مجموعة من الأساتذة الجامعيين، في عدة تخصصات، من أجل تقديم دروس، وتمارين، وحلول، تتماشى مع المناهج التعليمية الوطنية([35]).

     ويأتي هذا التطبيق الرقمي، الذي يعد الأول من نوعه للتعلم الإلكتروني في المغرب، من أجل توحيد، وإثراء تعلم التلاميذ المغاربة، وإشراكهم أكثر من خلال استغلال آلاتهم الرقمية، ويمكن إشراك الآباء في التتبع، وتحديد هفوات أبنائهم من خلال منصة خاصة بهم، تنشر فيها تقارير مع سرد لنقاط القوة والضعف لدى طفلهم، بالإضافة إلى الصعوبات، التي تمت مواجهتها أثناء استعراض التطبيق، والمساعدة على التوجيه([36]).

ثانياً: المدرسة الذكية: عملت وزارة التربية الوطنية والتعليم على إنشاء نظام التلفزيون التفاعلي، والمشروع المستقبلي “المدرسة الذكية”تعتمد على التكنولوجيات الحديثة في عملية التلقين التربوي للتلميذ من خلال “المحفظة الرقمية” والسبورة الرقمية التفاعلية داخل الفصل والمناهج الرقمية التفاعلية التي يتم الولوج إليها عبر شبكة الإنترنت.

   وإن هناك بعض الجامعات التي تبنت العمل بهذا التعليم محليا وعلى نطاق محدود أو من خلال شراكات دولية، كـ(جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، وجامعة ابن زهر، وجامعة القاضي عياض، وجامعة عبد المالك السعدي التي عمدت إلى تطوير دروس تعطى بطريقة التعليم عن بعد بالنسبة لطلبة التدريب المهني وبعض المستويات الجامعية الأخرى)([37]).

ثالثاً: القناة العامة على التلفزيون: يبلغ عدد التلاميذ في المملكة المغربية ثمانية ملايين تلميذ، وتبث القناة العامة الدروس عبر موقع إلكتروني تابع للوزارة، وتؤكد الوزارة أنه يتم تعزيز المحتوى بشكل يومي، مشيرة إلى أن “1,2 مليون تلميذ يدخلون إليه كل يوم”. إلا أن التلفزيون يبقى الأداة الرئيسية للتعليم عن بعد للعائلات التي لا تملك حواسيب([38]).

رابعاً: منصة ((TelmideTICE: وهي عبارة عن منصة إلكترونية تمكن الطالب من تحصيل المواد الدراسية كافة بأكثر من طريقة، إذ تعمل الوزارة بسرعة ليست مسبوقة المثيل على تسهيل عملية التحصيل للطالب عن بُعد، لذلك أمدت هذه المنصة بكافة الدروس لكل المواد الدراسية، بالتنسيق مع الأساتذة الموهوبين المتميزين في العملية التعليمية لمساعدة الطالب على التحصيل التام([39]).

     وقد قررت وزارة التربية الوطنية المغربية تعويض الدروس “الحضورية” بأخرى عن بعد تسمح للطلاب بمتابعة دروسهم من البيت، تفاوت الإمكانات التقنية ليس وحده العائق أمام التجربة في المغرب، فقدرات المعلمين في الشرح وإدارة الدروس عن بعد أيضاً متفاوتة، ولكي ينجح المجتمع المغربي في مجال التعليم الالكتروني، فهو بحاجة إلى تدريب المعلمين والطلاب، وهذا الأمر غير متاح حالياً، لكن في المستقبل يجب أن يعمل على هذه التقنية ويستفيد منها([40]).

   وعلى الرغم مما واجهته المملكة المغربية من تحديات في هذا المسار، لاسيما إنه لم يكن شائعاً لديها، ولكنها حققت نجاحاً ملحوظاً فيه، مقارنة بدول عربية كثيرة.

المطلب الثالث: التعليم الإلكتروني في دولة الامارات العربية المتحدة:

     أعلنت دولة الامارات عن تعطيل المدارس والجامعات شهراً بشكل اولي اعتباراً من تاريخ 5 اذار, على ان يتم العمل بمبادرة التعليم الإلكتروني ضماناً لاستمرار العملية التعليمية في المنزل, وقد باشرت الحكومة في العمل عن كثب مع مدراء المدارس والمعلمين والعمداء للبدء فوراً في متابعة التعليم الإلكتروني عبر الانترنت, كما قامت وزارة التربية والتعليم بتشكيل لجنة موسعة لتوفير جميع الاحتياجات اللازمة لنظام التعليم الإلكتروني, إذ تم تطبيق مبادرة تجريبية لمدة يومين لمدة قصيرة وذلك بالاستعانة ببوابة التعليم الذكي, وهي منصة تعليم الكترونية تفاعلية تجمع بين المعلمين والطلبة وأولياء الأمور وتتيح للمعلم تطبيق الأساليب التعليمية الحديثة.

   ومن اهم المنصات الإلكترونية التي انشئتها دولة الإمارات هي([41]):

أولاً: برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي:تم إطلاق برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في شهر أبريل/نيسان من العام 2012، وذلك تماشياً مع رؤية الإمارات 2021، الرامية إلى تعزيز مفهوم الاقتصاد القائم على المعرفة ودمج التقنيات المتطورة بالعملية التعليمية.

     يعمل البرنامج مع وزارة التربية والتعليم، وهيئة تنظيم الاتصالات(TRA)، ومكتب رئاسة مجلس الوزراء، ويتم تمويله من قبل صندوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التابع لهيئة تنظيم الاتصالات، الذي سيوفر الدعم اللازم للبرنامج خلال السنوات الخمس الأولى من انطلاقته، ليغطي بذلك المراحل التمهيدية كافة لنشر البرنامج في جميع المدارس الإتحادية, ويهدف البرنامج إلى الإرتقاء بالنظام التعليمي في الدولة، عبر تطبيق أفضل وسائل التعليم المتبعة عالمياً، وتجهيز الفصول الدراسية بالتقنيات المتطورة، بشكل يتيح للطلاب إمكانية التعلم في بيئة تفاعلية وتشاركية([42]).

ثانياً: مدرسة (منصة إلكترونية تعليمية): في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2018، أطلقت دولة الإمارات مشروع “مدرسة” وهي منصة تعليمية إلكترونية باللغة العربية، وتوفر هذه المنصة 5000 درس تعليمي بالفيديو في الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء، وغيرها للفصول كافة من الأول وحتى الثاني عشر، ومتاحة مجاناً لأكثر من 50 مليون طالب عربي أينما كانوا، ويمكن استخدام منصة مدرسة من خلال أجهزة الحاسوب، والأجهزة الإلكترونية الأخرى، وعبر التطبيق الإلكتروني المتوفر عبر منصة iTunes

     وتشمل منصة مدرسة مسابقة 1000×1000، وهي مسابقة يومية تشمل ألف سؤال في ألف يوم، وموجهة للطلاب في العالم العربي. ويحصل الفائز صاحب الإجابة الصحيحة على ألف دولار أمريكي عن كل سؤال، وتبلغ قيمة المسابقة على مدى ألف يوم، مليون دولار أمريكي.

  وتعد منصة مدرسة ثمرة لمشروع تحدي الترجمة التي أطلقتها مؤسسة ( محمد بن راشد آل مكتوم) العالمية عام 2017، والتي ترمي إلى تغيير واقع التعليم في الوطن العربي، وردم الفجوة التعليمية بين العالم العربي ودول العالم المتقدم.

من الأهداف الأخرى لإطلاق “منصة مدرسة”:

1-توفير تعليم نوعي، يستند إلى أحدث المناهج العالمية في العلوم والرياضيات، وإتاحته مجاناً لملايين الطلبة العرب، وفتح آفاق معرفية جديدة أمامهم.

2-ترسيخ أسس التعلم الذاتي والمنهجي من دون أن يتناقض ذلك مع دور المؤسسة التعليمية التقليدية.

3-التصدي لمشكلة عزوف الطلبة العرب عن دراسة التخصصات العلمية من خلال توفير محتوى تعليمي جاذب في مواد العلوم والرياضيات، من مراحل التأسيس الأولى وحتى مرحلة ما قبل التعليم الجامعي.

4-المساهمة في إعداد جيل جديد من الباحثين، والعلماء، والمبتكرين العرب للتصدي لأبرز معوقات التنمية

5-المساهمة في خلق كفاءات عربية شابة مؤهلة علمياً، ومتمكِّنة من التكنولوجيا الحديثة، وقادرة على بناء مجتمعات قائمة على اقتصاد المعرفة.

ثالثاً: منصة دروسي: أطلقت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع اتصالات وجوجل نظام التعليم الإلكتروني عبر الإنترنت، وذلك عبر تطبيق «دروسي» عبر اليوتيوب الذي يستهدف طلبة الحادي عشر، والثاني عشر، في القسمين العلمي والأدبي في مختلف أنواع التعليم الحكومي والخاص والمنازل وتعليم الكبار في الدولة، ويتمثل المشروع في 600 درس مصوّر عن طريق الفيديو، نصفها للصف الحادي عشر، والنصف الآخر للصف الثاني عشر، ومدة كل منها حوالي 25 دقيقة([43]).

     وترتبط تلك الفيديوهات بوحدات معينة من 10 مواد تدريسية تشمل اللغتين العربية والإنجليزية، والتربية الإسلامية، والتاريخ، والأحياء، والكيمياء، والجغرافيا، والفيزياء، والرياضيات، والجيولوجيا، ويشارك فيها 45 من أفضل الأساتذة على مستوى الدولة، وبإشراف مباشر من 20 موجهاً للمواد التدريسية المذكورة. فضلاً عن تعزيز التعليم الذكي في الدولة، يهدف البرنامج أيضاً إلى مساعدة أسر الطلبة في الحد من التكاليف العالية للدروس الخصوصية.

رابعاً: برنامج الديوان: أطلقت وزارة التربية والتعليم برنامج الديوان، والذي يتيح للمعلمين والطلاب في المدارس الحكومية عرض المناهج التعليمية إلكترونياً على أجهزة الحاسب الخاصة بهم، والتفاعل معها بطريقة سلسة، كما يتيح لهم تحميل نسخ إلكترونية من مختلف الكتب المتاحة لجميع المواد الدراسية، والوصول إليها في أي وقت ومن أي مكان. اطلع على تفاصيل تحميل البرنامج.

خامساً: التعليم الإلكتروني: توفر وزارة التربية والتعليم خيارات الدراسة في الخارج بأسلوب التعليم الإلكتروني، ويشترط لهذه الخدمة الحصول أولاً على موافقة الوزارة قبل الالتحاق بالدراسة، وذلك عن طريق طلب الإفادة عن مؤسسة تعليمية / برنامج دراسي، وساهمت جامعة حمدان بن محمد الذكية بتعزيز مبادرات التعليم الإلكتروني، من خلال طرحها لمقررات دراسية معتمدة لكل من درجتي البكالوريوس والماجستير.

     فضلاً عن ذلك، تقدم كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية درجة الماجستير في الإدارة العامة، والتي تؤهل الطلبة على للحصول على مراكز رفيعة المستوى لدى الجهات الحكومية([44]).

                  الجدول رقم (2) يبين عدد الطلبة المتأثرين بتعليق الدراسة في الأمارات وبعض الدول العربية:

الدولة من مرحلة التعليم ما قبل الابتدائي حتى المرحلة العليا من التعليم الثانوي عدد الطلبة الملتحقين ببرامج التعليم العالي
الامارات العربية المتحدة 1,170,565 191,794
الكويت 632,988 116,336
السعودية 6,789,773 1,620,491
الجزائر 9,492,542 743,640
لبنان 1,132,178 231,215
قطر 309,856 33,668
البحرين 247,489 44,940
العراق 7,010,788 424,908
المجموع 26,786,179 3,406,992

المصدر: https://technologyreview.ae/

   خلاصة القول تعد التجربة في دولة الأمارات من التجارب الأكثر نجاحاً من بين الدول العربية في هذا المجال، وذلك يعود إلى أنها تبنت هذا الخيار قبل مايقارب من عقد من الزمان، وعلى ذلك تم تقويم تلك التجربة كي تواكب المرحلة الراهنة.

الخاتمة: وجدت معظم الدول العربية نفسها – نماذج الدراسة الثلاث على وجه الخصوص- إثر إغلاق المدارس والجامعات بسبب فيروس كورونا، مضطرة لنشر التعليم عن بعد، لكن العملية لا تنتابها العراقيل وحسب، بل عرّت أيضا عيوب الأنظمة التعليمية لمعظم تلك الدول ، لاسيما تلك التي لم تتمكن أصلاً من مواكبة معايير الجودة العالمية في النموذج التقليدي القائم على الدراسة داخل الفصول ، لذا يقع على عاتق القائمين على إدارة العملية التعليمية تقييم وتشخيص الخلل في هذا الإطار ، ومن ثم العمل على معالجة هذا الخلل وصولاً إلى تصحيح مسار تلك العملية ألكترونياً وتقليدياً ، ومن ثم سيؤسس هذا الأمر للاستمرار في تبني خيار التعليم الإلكتروني حتى مع زوال الوباء وعودة الحياة الطبيعية ، وصولاً إلى استئناف الدوام للمدارس والكليات ، لكي يكون بمثابة رديف ومكمل للتعليم التقليدي.

المراجع:

مراجع اللغة العربية:

مراجع اللغة الإنكليزية:

–        المقالات:

Jacquea Attali : The crash of Western civilization: The Limits of Market and Democracy , foreign policy< N0107, Summer 97, pp 54-64


(([1])) عبد الرحمن ضميري: جودة التعليم الالكتروني الجامعي , سوريا, شعاع للنشر والتوزيع ,2005, ص 15.

(([2])) م.م. جان سيريل فضل الله, واقع وافاق التعليم عن بعد واثره في التعليم  في العراق ,مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية , العدد 23 , كانون الثاني 2010, ص 158-159.

([3]) د. خضير مصباح الطيطي: التعليم الالكتروني من منظور تجاري وفني واداري , عمان, دار الحامد للنشر والتوزيع , 2008, ص197-198.

([4]) م. فادي اسماعيل : البنية التحتية لاستخدام تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات في التعليم، و التعليم عن بعد, دمشق , 15-17 يوليو 2003

(([5])) ايمان محمد الغراب: التعليم الالكتروني مدخل الى التدريس غير التقليدي ,القاهرة,  المنظمة العربية للتنمية الإدارية , 2003, ص 45.

([6]) -للمزيد ينظر كل من :زهراء إسماعيل: تكنلوجيا المعلومات وتحديث التعليم , القاهرة, عالم الكتب للطباعة والنشر , 2001, 129، وكذلك :جان سيريل فضل الله: مصدر سبق ذكره , ص162-163

(([7])) عائشة العيدي, د. محمد بوفاتح: خلفيات التعليم الالكتروني في التعليم العالي ( جامعة الاغوط انموذجاً) , مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية , العدد 33 , مارس 2018, ص 675.

([8]) – للمزيد ينظر :د. التجاني عبد القادر حامد: مصدر سبق ذكره, 67-68 ، وكذلك : . لاهاي عبد الحسين: سجن الحماية: جائحة كورونا مقاربة اجتماعية, مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية, قطر,2020 ,ص56

([9]) د. مصطفى عمر التير: أسئلة بحثية تطرحها جائحة كورونا على علماء الاجتماع, مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية, قطر,2020,ص32-33.

([10]) للمزيد ينظر الى

Jacques Attali: The crash of Western civilization: The Limits of Market and Democracy, foreign policy< N0107, Summer 97, pp 54-64.

ينظر كذلك: منتدى الفكر العربي, العدد 147, تشرين الثاني 97, ص 15.

([11]) – https://mostaqbal.ae/coronavirus-on-the-global-economy-stagnation-or-recession

([12]) د. مصطفى بخوش, انعكاسات ازمة كورونا الحديثة في العلوم السياسية, مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية, قطر,2020, ص79.

([13]) د. أسماء حسين ملكاوي: كورونا وعلم الاجتماع: أسئلة جديدة, مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية, قطر,2020, ص18.

([14]) ينظر: غراهام ألسون: حتمية الحرب بين القوة الصاعدة والقوة المهيمنة, ترجمة:إسماعيل بهاء الدين سليمان, دار الكتاب العربي, بيروت,2018.

([15]) ينظر: بول كيندي: نشوء وسقوط القوى الكبرى, ترجمة: مالك البديري, ط3, الاهلية للنشر والتوزيع, الأردن, 2007.

([16]) د. مصطفى عمر التير: مصدر سبق ذكره, ص34.

([17]) https://www.alittihad.ae/wejhatarticle/105945/

([18]) https://blogs.worldbank.org/ar/education/managing-impact-covid-19-education-systems-around-world-how-countries-are-preparing

([19]) https://www.mc-doualiya.com/articles/

([20]) المصدر نفسه.

([21]) https://www.mc-doualiya.com/articles/

([22]) – المصدر نفسه.

([23]) https://www.independentarabia.com/node/105566/

([24]) http://mohesr.gov.iq/ar/

([25]) – المصدر نفسه.

([26])  – المصدر نفسه.

([27]) – للمزيد ينظر : https://www.todaynewsiq.net/17833–.html

([28]) –  للمزيد ينظر كلاً من: https://annabaa.org/arabic/education/22450 وكذلك: https://openupresources.org  وكذلك :https://www.scientificamerican.com/arabic/articles/news/distance-learning-versus-covid19/

https://openupresources.org

([29]) –  للمزيد ينظر نفس المصادر السابقة.

([30]) –  للمزيد ينظر نفس المصادر السابقة.

([31]) –  للمزيد ينظر نفس المصادر السابقة.

([32]) –  للمزيد ينظر نفس المصادر السابقة.

([33]) –  للمزيد ينظر نفس المصادر السابقة.

([34]) https://www.alyaoum24.com/1304930.html

([35]) – المصدر نفسه.

([36]) – المصدر نفسه.

([37]) https://www.new-educ.com/التعليم-الإلكتروني-في-المغرب

([38]) https://arabic.euronews.com/2020/03/24/school-in-corona-virus-time-tv-or-websites-and-applications-when-the-internet-is-available

([39]) https://www.chof360.com/tech

([40])  https://www.independentarabia.com/node/105566/

([41]) للمزيد ينظر كلاً من :https://technologyreview.ae/  وكذلك: https://u.ae/ar-ae/information-and-services/education/elearning-mlearning-and-distant-learning وكذلك: https://www.albayan.ae/across-the-uae/education/2020-03-16-1.3804819

([42]) https://u.ae/ar-ae/information-and-services/education/elearning-mlearning-and-distant-learning

([43]) https://u.ae/ar-ae/information-and-services/education/elearning-mlearning-and-distant-learning

([44]) المصدر نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *