أ.د.حسين عبدعلي عيسى

كلية القانون / جامعة السليمانية

husseinissa@hotmail.com07702100958

الملخص

يشكل التحرش الجنسي إحدى صور العنف الممارس ضد المرأة، كما يعد من المعوقات الرئيسة التي تواجه تمكينها في المجتمع، ومن ثم تقييد دورها في التنمية المستدامة، على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما استدعى تدخل المشرع العراقي والمقارن من أجل التصدي له وردعه.

ويسلط البحث الضوء على مفهوم التحرش الجنسي بالمرأة وانعكاساته على دورها في التنمية المستدامة في المجتمع، ويبين موقف المشرع منه، على الصعيدين العراقي والمقارن، على أساس تحليل التشريعات القانونية ذات الصلة.

ويتوزع البحث على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، خصص المبحث الأول لبيان مفهوم التحرش الجنسي بالمرأة، وأفرد المبحث الثاني للتصدي للتحرش الجنسي بالمرأة في القانون العراقي، وكرس المبحث الثالث للتصدي للتحرش الجنسي بالمرأة في القانون المقارن. وتتضمن خاتمة البحث الاستنتاجات والتوصيات المستخلصة منه.

ومن أبرز الاستنتاجات المتوصل إليها: إن المواثيق الدولية الخاصة بمكافحة العنف ضد المرأة تعدّ التحرش الجنسي من صور العنف الممارس ضدها، كما وحثت الدول الأطراف على تجريمه والعقاب عليه، الا أن قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 لا يتضمن حتى الآن نصاً عقابياً صريحاً يعاقب عن جريمة التحرش الجنسي، في حين يعاقب قانون العمل العراقي رقم (37) لعام 2015 بنص صريح عن جريمة التحرش الجنسي في نطاق العمل، في المادة العاشرة منه.

أما أهم التوصيات فتتمثل في: دعوة الجهات المختصة في جمهورية العراق إلى الإيفاء بالتزاماتها الدولية بخصوص تمكين النساء في نطاق التنمية المستدامة بالتصدي للعنف ضدهن، ولاسيما بإدارج نص في قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969 يتضمن العقاب عن جريمة التحرش الجنسي بالأشخاص عامة، مع تشديد العقاب عنها في حالة ارتكابها إزاء النساء، أو الأطفال، أو بوساطة الوسائل الألكترونية، مع استبعاد الثغرات التشريعية التي تشوب تعريفها في قانون العمل رقم (37) لعام 2015.

الكلمات المفتاحية:

التنمية المستدامة، التحرش الجنسي، المرأة، القانون العراقي، القانون المقارن.

Sexual harassment of women

and its implications for sustainable development

Prof. Dr Hussein A. Issa

Collage of law, University of Sulaimani

Abstract

Sexual harassment is one of the forms of violence practised against women, and it is also one of the main obstacles facing women’s empowerment in society, and then restricting its role in sustainable development, at various social, economic, and political levels, which required the intervention of the Iraqi and comparative legislators to confront and deter it.

The research sheds light on the concept of sexual harassment of women and its implications for their role in sustainable development in society, and shows the legislator’s position on it, on the Iraqi and comparative levels, based on an analysis of the relevant legal legislation.

The research is divided into an introduction, three sections, and a conclusion. The first section explains the concept of sexual harassment of a woman. The second section is devoted to the problem of sexual harassment against women in Iraqi law. The third section studies the issue of sexual harassment of women in comparative law. The conclusion of the study includes the conclusions and recommendations made on their basis.

Among the most prominent conclusions reached: The international conventions on combating violence against women consider sexual harassment as a form of violence practised against them, and it has urged state parties to criminalize and punish it. However, the Iraqi Penal Code No. 111 of 1969 does not yet contain an explicit punitive text that punishes the crime of sexual harassment. Whereas, the Iraqi Labor Law No. (37) of 2015 punishes, Article 10, with an explicit provision on the crime of sexual harassment In the field of work.

The most important recommendations are confined to Calling the competent authorities in the Republic of Iraq to fulfil their international obligations regarding empowering women in the field of sustainable development by addressing violence against them, especially by including a text in Penal Code No. (111) of 1969 that includes punishment for the crime of sexual harassment of persons in general, with severe punishment If it is committed against women, children, or through electronic means, as well as excluding legislative loopholes in its definition in Labor Law No. (37) of 2015.

key-woords:

sustainable development, sexual harassment, women’s empowerment, Iraqi law, comparative law.

المقدمة

مشكلة البحث:

تتعرض المرأة في دول العالم كافة، ومنها جمهورية العراق، لصنوف من العنف، التي تشكل انتهاكات جسيمة لحقوقها وحرياتها الأساسية، وتمس مصالحها في المجالات كافة. ومن أبرزها تلك الجرائم التي عاقبت عنها القوانين العقابية، وعلى رأسها الجرائم الجنسية، التي تشكل اعتداءً خطيراً على الحرية الجنسية للمرأة، وكرامتها الشخصية، والتي تتمثل في جرائم الإغتصاب واللواط وهتك العرض والفعل الفاضح المخل بالحياء، وغيرها.

وقد عالج المشرع العراقي هذه الجرائم وغيرها في نطاق أحكام قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969، أو في غيره من القوانين العقابية الخاصة أو التكميلية. الا أن عدداً من الجرائم التي تمس المرأة، والتي تلزم الصكوك الدولية بالعقاب عليها لخطورتها البالغة على حقوق وحريات المرأة الأساسية لاتزال خارج دائرة التجريم والعقاب. ومن ذلك جريمة التحرش الجنسي بالمرأة.

إن جريمة التحرش الجنسي بالمرأة، فضلاً عن خطورتها على الأمن الشخصي للمرأة، ومن ثم أمن المجتمع، تشكل أحد معوقات التنمية المستدامة، ، كونها تؤدي إلى عزوف المرأة عن العمل أو التعليم أو التوظيف أو التدريب أو المشاركة في الحياة العامة، هذا فضلاً عن آثارها الاجتماعية والنفسية الأخرى، مما يؤدي إلى تقييد حريتها الشخصية وانتهاك كرامتها، ويعوق مشاركتها بصورة فاعلة وواسعة في التنمية المستدامة للمجتمع، بما يحقق أهدافها المنشودة، وعلى رأسها هدف تمكين المرأة، وتعزيز دورها في المجتمع.

وبالنظر لما تتصف به جريمة التحرش الجنسي من خطورة بالغة على الأشخاص بصورة عامة، والمرأة بصورة خاصة، فقد عاقبت القوانين العقابية لكثير من الدول عنها، ومنها القوانين العقابية لعدد من الدول العربية، مثل مصر، والجزائر، وتونس، والمغرب، والسعودية، وغيرها. كما عمل عدد من الدول على النص على هذه الجريمة في قوانين العمل، كما في العراق، في قانون العمل رقم (37) لعام 2015.

أهمية البحث:

تتجلى أهمية البحث ارتباطاً بتكريسه لدراسة واحدة من أهم الجرائم الواقعة على المرأة، وهي جريمة التحرش الجنسي، التي تشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق المرأة وحرياتها الاساسية، على مختلف الأصعدة، العامة والخاصة، هذا فضلاً عن انعكاساتها التي لا تخفى على مسألة تمكينها وتعزيز دورها في نطاق التنمية المستدامة. كما تبرز أهمية البحث من خلال تناوله عدداً من القوانين العقابية، وقوانين العمل، المكرسة لمواجهة التحرش الجنسي بالمرأة، وذلك من أجل التعريف بالمعالجات القانونية المطروحة على هذا الصعيد، وكذلك تطوير التشريعات العراقية ذات الصلة بهذا الخصوص.

أهداف البحث:

على أساس بيان مشكلة البحث وأهميتها، تتمثل أبرز الأهداف المتوخى تحقيقها منه فيما يأتي:

  1. توضيح مفهوم التحرش الجنسي المرأة، وانعكاساته على دور المرأة في التنمية المستدامة.
  2. بيان دور القانون العراقي في التصدي لجريمة التحرش الجنسي بالمرأة.
  3. دراسة تجربة التصدي للتحرش الجنسي بالمرأة في القوانين العقابية المقارنة ذات الصلة.
  4. الاستفادة من تجربة المشرع في القوانين المقارنة بالنسبة لمواجهة جريمة التحرش الجنسي بالمرأة في القانون العراقي.

مناهج البحث:

تعتمد الدراسة في هذا البحث على عدد من مناهج البحث، إذ تستند إلى المنهج الوصفي في توضيح الإطار المفاهيمي لجريمة التحرش الجنسي بالمرأة، وإلى المنهج التحليلي في دراسة أحكام القوانين العراقية والمقارنة ذات الصلة بموضوع البحث، وكذلك إلى المنهج المقارن، بالإشارة إلى القوانين العقابية للبلدان الأخرى في مواجهة جريمة التحرش الجنسي بالمرأة.

خطة البحث:

يتوزع البحث على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة. ويتضمن المبحث الأول بيان مفهوم التحرش الجنسي بالمرأة، ويخصص المبحث الثاني للتصدي للتحرش الجنسي بالمرأة في القانون العراقي، ويكرس المبحث الثالث للتصدي للتحرش الجنسي بالمرأة في القانون المقارن. وتتضمن خاتمة البحث الاستنتاجات والتوصيات الرئيسة المتوصل إليها.

المبحث الأول

مفهوم التحرش الجنسي بالمرأة

تشكل جريمة التحرش الجنسي إحدى الجرائم التي تمس الإنسان في حريته وكرامته، وهي تتنافى مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، مثل الحق في المساواة، والحرية الجنسية، والحق في عدم التمييز، كما أنها سلوك فردي في أغلب الأحيان (عتيق، 2003، ص 22).

ويعد التحرش الجنسي ظاهرة اجتماعية قبل أن يكون جريمة، ومن ثم فهو يعد من الظواهر التي تحكمها غالباً النسبية، ونادراً ما ينشأ إجماع بشأنها، إذ من الصعب وضع تعريف محدد للتحرش الجنسي، ذلك أن ما يعد كذلك في مجتمع ما، قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر (دلال، 2019، ص 95).

وعدّ الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة لعام 1993 التحرش الجنسي شكلاً من أشكال العنف الممارس ضد النساء، فعلى وفق المادة الأولى منه عُرف (العنف ضد المرأة) بأنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة ، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء أحدث ذلك في الحياة العامة أم الخاصة” (الإعلان، 1993)، في حين بيّنت المادة الثانية منه، وعلى سبيل المثال لا الحصر، صور العنف الممارس ضد المرأة، سواءً أكان ذلك في نطاق الأسرة أم المجتمع أم من طرف الدولة، وقد أشارت الفقرة (ب) منها إلى التحرش الجنسي بنص صريح، وبأنه من صور العنف ضد المرأة، إذ نصت في معرض تحديد صور العنف، على أنه يشمل:”العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما في ذلك الاغتصاب والتعدي الجنسي والتحرش الجنسي والتخويف في مكان العمل وفي المؤسسات التعليمية وأي مكان آخر ، والاتجار بالنساء وإجبارهن على البغاء” (الإعلان، 1993).

وقد سبق للجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، المعنية بالإشراف على تنفيذ إتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 (سيداو) (الإتفاقية، 1979) أن أوصت ضمن توصياتها العامة رقم (12) لعام 1989، بخصوص المادة (11) من الإتفاقية، المتعلقة بحماية المرأة من التمييز في ميدان العمل، التي تنص على أن “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، نفس الحقوق، …”، بأن تتضمن التقارير الدورية، التي تقدمها الدول الأطراف بصدد تنفيذ الإتفاقية، المعلومات الخاصة بالقوانين الداخلية المعمول بها لحماية المرأة من العنف في الحياة اليومية، بما في ذلك التحرش الجنسي في ميدان العمل. كما أشارت في توصياتها العامة رقم (19) لعام 1992 إلى أن المساواة في العمل تُنتهكْ بشكل جسيم عندما تتعرض المرأة للعنف الجنسي، مثل التحرش الجنسي في ميدان العمل (الفقرة 17). وعرفت الفقرة (18) من هذه التوصيات التحرش الجنسي بالمرأة في ميدان العمل بأنه:”سلوك جنسي غير مرغوب فيه، من قبيل الملامسة البدنية أو المغازلات أو التلميحات ذات الصبغة الجنسية، أو عرض المواد الإباحية أو الطلبات الجنسية، عن طريق الأقوال أو الأفعال. وهذا السلوك يمكن أن يكون مهيناً ويشكل تهديداً على الصحة والأمن، ويعد تمييزاً عندما تعتقد المرأة بناءً على أسس معقولة بأن معارضتها له تضر بمركزها في العمل، وبضمن ذلك قبولها في العمل أو ترقيتها أو عندما يؤدي ذلك إلى بيئة عمل عدائية” (التوصيات العامة).

وعلى الصعيد ذاته، عرفت منظمة الشفافية الدولية التحرش الجنسي في تقريرها لعام 2010 بوصفه أحد أشكال الفساد، وبأنه “سلوك غير مرغوب فيه أو غير مقبول ذو طابع جنسي يتصف بالعدائية والهجوم والإحراج، ويؤثر في أداء الموظف في العمل والصحة والمهنة وكسب الرزق” (زكي، 2015، ص 31).

وبضمن الإستراتيجيات الإنموذجية والتدابير العملية للقضاء على العنف ضد المرأة في مجال ردع الجريمة والعدالة الجنائية دعا قرار الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة رقم (52/ 86) الصادر في 12 ديسمبر 1997 بشأن (تدابير منع الجريمة والعدالة الجنائية الرامية إلى القضاء على العنف ضد المرأة) (القرار، 1997) الدول الأعضاء إلى العمل على مراجعة قوانينها، ولاسيما الجنائية، لضمان فائدتها وفعاليتها في القضاء على العنف ضد المرأة وإلغاء الأحكام التي تجيز العنف ضد المرأة أو تتغاضى عنه، بما يضمن تجريم جميع أفعال العنف المرتكبة ضد المرأة، أو اعتماد تدابير لهذا الغرض أن لم يتيسر القيام بذلك، وذلك لضمان “إمكانية منع الأشخاص من التحرش بالنساء أو تخويفهن أو تهديدهن أو ردعهن عن ذلك، في إطار النظم القانونية الوطنية للدول الأعضاء” (خلاصة وافية، 1997، ص 363).

وعالجت المجموعة الأوربية مسألة التحرش الجنسي على وفق القانون المتعلق بمكافحة التحرش الجنسي الملحق بالتوصية رقم (92/131) الصادرة عن اللجنة الأوربية بتأريخ 27 نوفمبر 1991، بشأن حماية كرامة المرأة والرجل في العمل، التي حددت التحرش الجنسي بأنه كل تصرف مرفوض وغير مقبول ومسيء للمتلقي، بشكل صريح أو ضمني، وتنحصر الخاصية الأساسية له في شعور من يتعرض له بأنه سلوك غير مرغوب فيه، ويمكن أن يؤدي رفضه إلى التأثير فيه على الصعيد الوظيفي، فيما يتعلق بالحصول على عمل أو التدريب أو الترقية أو الاستمرار في الوظيفة أو أية قرارات أخرى تخص وظيفته (توصية اللجنة الأوربية، 1991).

وعلى صعيد الدول العربية حظيت مسألة مواجهة التحرش الجنسي بالعناية سواءً على المستوي القانوني أم المستويات الأخرى. وبهذا الخصوص أشار (ملخص التقرير العربي حول التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد خمسة وعشرين عاماً) الصادر في 20 نوفمبر 2019 إلى أن العنف القائم على أساس نوع الجنس يحول دون تحرير قدرات النساء والفتيات في التعليم والعمل والمشاركة في الحياة العامة، ويشكل امتهاناً لكرامة المرأة وانتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان. وفي المقابل أكد التقرير على تحقيق عدد من الدول العربية إنجازات متعددة خلال السنوات الخمس الماضية في مجال التصدي للعنف، سواءً على المستوى القانوني أم على مستوى السياسات، إذ أنها أعطت الأولوية لمجالات عدة، وبضمنها مكافحة التحرش الجنسي والعنف في الأماكن العامة، وفي الأماكن التعليمية، وفي مكان العمل (ملخص التقرير العربي، 2019، ص 4-5).

وعلى الصعيد الفقهي تعددت التعاريف المطروحة للتحرش الجنسي، ومن ذلك: أن التحرش الجنسي سلوك جنسي متعمد من طرف المتحرش، غير مرغوب به من قبل ضحية التحرش حيث يسبب إيذاءً جنسياً أو نفسياً أو بدنياً، أو حتى أخلاقياً بالنسبة للضحية، ومن الممكن أن تتعرض له الأنثى في أي مكان، سواءً أكان ذلك في الأماكن العامة، مثل مكان العمل والمؤسسة التعليمية والشارع والمواصلات العامة، أم في الأماكن الخاصة، مثل المنزل أو داخل محيط الأسرة والأقارب أو الزملاء (جميل، 2013، ص 60)، أو أن “التحرش الجنسي هو التعرض للمرأة بأي شكل من الأشكال بما يخدش حياءها ويعرضها للإيذاء النفسي أو الجسدي سواءً بالإشارة أو بالإغواء أو بالمضايقة عن طريق النظرة أو الحركة أو القول تلميحاً أو تصريحاً أو اللمس الجسدي أو التلاصق” (اسماعيل، 2015، ص 9).

كما يُعرف بأنه “سلوك جنسي متعمد من قبل المتحرش وغير مقبول به من قبل الضحية، وليس من اللازم أن يكون هذا السلوك واضحاً أو معلناً، بل يمكن تصنيف بعض التعليقات أو المجاملات التي تشمل التصفير، التحديق، أو الأسئلة الجنسية الشخصية،و كذلك اللمسات، والنكات التي تحمل إيحاءات جنسية والإلحاح في طلب لقاء، أو أي تصرف غير مرغوب فيه أو غير مألوف ولائق اجتماعياً، فأنه يعد من أشكال التحرش” (صلاح، ص 20). وهناك من يعرفه بأنه “كل الأقوال أو الأفعال أو الحركات أو الإيماءات التي فيها إيحاءات ودلالات جنسية صادرة عن شخص راشد يقصد بها إغواء الأنثى أو إغراءها أو تهديدها لغرض استمالتها لممارسة الزنا أو مقدماته معه” (العبيدي، 2019، ص 178)، أو هو “محاولة استثارة الأنثى جنسياً بدون رغبتها ويشمل اللمس أو الكلام أو المحادثات التلفونية أو المجاملات غير البريئة” (عبدالعزيز، 2008، ص 16)، أو أنه “شكل من أشكال العنف الذي تتعرض له النساء، وهو يعبر عن اعتداء من خلال سلوكيات وتصرفات واضحة مباشرة وضمنية إيحائية تحمل مضموناً جنسياً وتشمل الألفاظ والحركات والإشارات والإيماءات والأسئلة والاحتكاك واللمس والالتصاق (حامد، 2016، ص 55)، أو أنه “التعرض للأذى على وجه يخدش حياء الأنثى بالقول أو الفعل في طريق عام أو مكان مطروق، ولا يشترط في ذلك أن يقع التعرض جهراً، ولكن الجريمة تتحقق أيضاً في حال إلقاء عبارات التعرض همساً في أذن الأنثى” (كريم، 1999، ص 54)، أو هو “السلوك المتمثل بالقول أو الفعل أو الإشارة الصادر من الجاني إتجاه المجنى عليه ذكراً كان أم أنثى، والذي يشكل خدشاً بالحياء العرضي للمجنى عليه أو عليها، ويحمل في طياته دلالة جنسية واضحة” (الشكري، البهادلي، جبر، 2020، ص 101).

ويستخلص من هذه التعاريف، إن العناصر الرئيسة لجريمة التحرش الجنسي تنحصر في أنه: سلوك يتحقق من خلال الأفعال والأقوال والإشارات، ويتصف بطبيعته الجنسية، وأنه غير مرغوب به من طرف المجنى عليه، الذي يمكن أن يكون رجلاً أو إمرأة على حد سواء، وتفترض طبيعة السلوك الجنسية أن يستهدف إشباع رغبة جنسية ما للجاني، ويتصف بعدم تقبل المجنى عليه له، ويمكن أن يرتكب في (مكان عام، نطاق الأسرة، المدرسة، العمل، ..إلخ)، مما يجعله متعدد الصور ارتباطاً بمكان ارتكابه، وليس من المستبعد أن يرتكبه أي شخص أو أن يكون الجاني متمتعاً بصفة ما، مثل (القريب، الرئيس، المعلم، المربي، إلى غير ذلك)، كما يمكن أن يترتب عليه إيذاء جسماني أو نفسي أو جنسي.

وفي ضوء التعاريف المختلفة المتقدم ذكرها يمكن تعريف التحرش الجنسي بالمرأة بأنه (شكل من أشكال العنف العمدي الذي تتعرض له المرأة في الأماكن العامة أو الخاصة، وهو سلوك يتصف بطبيعته الجنسية وغير مقبول من طرف المرأة، وينطوي على إيذاء جسدي أو معنوي أو جنسي. ويمكن أن يكون قولاً أو فعلاً أو بالإشارة، بصورة صريحة أو ضمنية، جهراً أو سراً، بقصد إجبارها على تلبية رغبات الجاني الجنسية أو غيره).

وعلى أساس هذا التعريف يمكن أن تنحصر أركان جريمة التحرش الجنسي بالمرأة فيما يأتي:

أولاً: محل الحماية: تشكل هذه الجريمة اعتداءً جسيماً على حقوق المرأة وحرياتها الأساسية بصفة عامة، وعلى حريتها الجنسية وكرامتها بصفة خاصة، مع إمكانية أن يلحق الضرر كذلك بحقها في الصحة أو حقها في الأمن، أو حقها في العمل أو ما شابه، وذلك ارتباطاً بصورة التحرش الجنسي التي يلجأ إليها الجاني.

ثانياً: الركن المادي للجريمة: يتحقق هذا الركن بارتكاب مختلف السلوكيات التي لا تقبل بها المجنى عليها، وذلك عن طريق الأفعال أو الأقوال أو الإشارات، التي تحمل مدلولاً جنسياً بصورة صريحة أو ضمنية، جهراً أو علناً. وتعدّ هذه الجريمة من جرائم الفعل، فالركن المادي فيها لا يتطلب تحقق نتيجة جرمية محددة، بمعنى أنه لا يشترط للعقاب عنها أن يحقق الجاني غايته، فهو يساءل عنها سواءً أتحققت أم لا . وفي حالة تحقق نتائج ذات طبيعة إجرامية، فأنها تشكل عناصر إضافية بالنسبة لأركان هذه الجريمة، إما بوصفها ظروفاً مشددة، أو جرائم مستقلة (جرائم الإيذاء البدني مثلاً).

ثالثاً: الركن المعنوي للجريمة: تعد هذه الجريمة من الجرائم العمدية، التي يتحقق فيها القصد الجرمي (المباشر)، الذي حددته الفقرة الأولى من المادة (33) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، بنصها:”القصد الجرمي هو توجيه الفاعل إرادته إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفاً إلى نتيجة الجريمة التي وقعت أو أية نتيجة أخرى” (قانون العقوبات العراقي)، لأن الجاني، فضلاً عن توافر (العلم والإرادة) في سلوكه، يكون لديه (قصد) هو إشباع الرغبة الجنسية لديه، سواً أكان ذلك بالاكتفاء بسلوك التحرش الجنسي وحده، أم بإجبار المرأة على تلبية هذه الرغبة بمختلف الطرق التي تحقق ذلك.

ومن ثم فأن الركن المعنوي للجريمة يتطلب تحقق (القصد العام) بعنصريه (العلم والإرادة)، أي علم الجاني بطبيعة السلوك الجنسي الذي يرتكبه إزاء المرأة، وإرادته القيام به، وكذلك (القصد الخاص) المتمثل بـ (قصد الجاني إشباع رغبته الجنسية)، مما يعني أن عدم توافر القصد الخاص في سلوك الجاني لا يحقق أركان جريمة التحرش الجنسي بالمرأة.

رابعاً: فاعل الجريمة: هذه الجريمة من الجرائم التي لا يتطلب فيها أن يتمتع فيها الفاعل بصفة خاصة، لذلك يمكن أن يكون الفاعل فيها رجلاً أم إمرأة (عطشان، 2020، ص 937)، كما يمكن أن تكون له سلطة على المجنى عليها أو صلة قرابة أو تبعية بأية صورة، أو شخصاً لا يمت لها بأية صلة.

وفي ضوء ما تقدم، فأن خطورة هذه الجريمة تتجلى خاصة في مساسها بحقوق المرأة وحرياتها الأساسية، فضلاً عن انتهاك كرامتها وحريتها الجنسية، وكذلك أمنها وصحتها، هذا فضلاً عن الآثار المتعددة المترتبة عليها، وخاصة النفسية منها، والتي يمكن أن تمتد لسنوات طويلة، وتجعلها عرضة للقلق والاكتئاب والهلع والرهاب (ضرغام، 2018، ص 9)، لاسيما أن تعرضت المرأة للتحرش الجنسي في سن صغيرة، أو كان الجاني من أفراد الأسرة، أو الأقارب أو المربين أو ما شابه، أو عندما يتمكن الجاني فعلياً من تحقيق مرامه من المجنى عليها كلياً أو جزئياً، ولأكثر من مرة، الأمر الذي يؤدي كذلك إلى عزل المرأة من المشاركة في عملية التنمية المستدامة، لاسيما في حالات انقطاعها عن العمل أو الدراسة، أو التدريب، أو العزوف عن التقديم للتوظيف في أماكن معينة، ومن الممكن يترتب في بعض الأحيان، وفي حالات التحرش الجنسي المتكرر، الامتناع عن الخروج إلى الشارع، أو تثبيط عزيمتها ومن ثم لزومها المسكن وعدم مشاركتها في الحياة الاجتماعية عموماً.

المبحث الثاني

التصدي للتحرش الجنسي بالمرأة في القانون العراقي

لم ترد جريمة التحرش الجنسي بالمرأة في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 بنص صريح، الا أن كثيراً من الباحثين (الهيتي، 2014، ص 96، الشكري، البهادلي، جبر، 2020، ص 100-101، مناجد، 2020، ص 131، 134) يرى أن هذا القانون يعاقب عنها ضمناً في نص الفقرة الأولى (ب) من المادة (402) منه في نطاق جرائم (الفعل الفاضح المخل بالحياء)، التي تعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على ثلاثين دينار “من تعرض لأنثى في محل عام بأقوال أو أفعال أو إشارات على وجه يخدش حياءها”، والتي تشدد فقرتها الثانية العقاب عنه، وتعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر والغرامة التي لا تزيد على مائة دينار “إذا عاد الجاني إلى ارتكاب جريمة أخرى من نفس نوع الجريمة التي حُكم من أجلها خلال سنة من تأريخ الحكم السابق” (قانون العقوبات العراقي).

الا أن عدداً من أنصار هذا الرأي (الشكري، البهادلي، جبر، 2020، ص 108) يرى أن النص الوارد في الفقرة الأولى (ب) من المادة (402) من القانون يشوبه عدد من الثغرات التي تعوق تطبيقه على حالات التحرش الجنسي بالمرأة، ومن أبرزها:

أولاً: عدم استخدام المشرع العراقي مصطلح (التحرش الجنسي) في النص المذكور، لاسيما وأن استخدام هذا المصطلح بصورة صريحة له أهمية ردعية، مما يؤدي إلى التقليل من ارتكاب هذه الجريمة، في حين أن عدم استخدامه يمكن أن يؤدي إلى خلق تصور عن عدم العقاب في قانون العقوبات العراقي لعام 1969 عن هذه الجريمة.

ثانياً: إن الفقرة الأولى (ب) من المادة (402) من القانون تختص بالمرأة على وجه التحديد، في حين أن جريمة التحرش الجنسي يمكن أن تقع على الرجل أيضاً، مما يستدعي تعديل النص المذكور بشمول الرجل أيضاً بالحماية الجزائية التي يوفرها.

ثالثاً: اشترطت الفقرة الأولى (ب) من المادة (402) من القانون أن يجري (التعرض لأنثى في مكان عام)، أي أن يتحقق ارتكاب السلوك الإجرامي علانية ، في حين أن جريمة التحرش الجنسي يمكن أن تتحقق ايضاً في الأماكن الخاصة، وهذا يشكل ثغرة أخرى في النص العقابي.

رابعاً: استناداً إلى العقوبة المحددة عن هذه الجريمة يتبين أنها من نوع المخالفات، فهي تنحصر في (الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تزيد على ثلاثين دينار أو إتخاذ إحدى هاتين العقوبتين)، وعلى وفق قانون بشأن تعديل قانون العقوبات العراقي المتعلق بتعديل مبالغ الغرامات رقم (6) لعام 2008، تكون عقوبة الغرامة بين حد أدنى لا يقل عن خمسين ألف دينار، وحد أقصى لا يزيد على مائتي ألف دينار. وهذا يشير إلى عدم كفاية العقاب لردع ظاهرة التحرش الجنسي أو الحد منها. واستناداً إلى ذلك يُقترح تعديل النص العقابي بتشديد العقاب عن هذه الجريمة، وجعلها من الجنح، على أن تكون عقوبتها في صورتها البسيطة (الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة)، أما في حالة تكرارها (الصورة المشددة للجريمة) فتكون العقوبة (الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة).

إن هذه الملاحظات وغيرها المتعلقة بنص الفقرة الأولى (ب) من المادة (402) من قانون العقوبات العراقي لعام 1969 تدل على عدم صحة أو عدم دقة تطبيقه على جريمة التحرش الجنسي بالمرأة، فالتحرش الجنسي بالمرأة، كما تقدم ذكره، يختلف في أركانه عن (التعرض لأنثى في مكان عام)، وأن تشابه معه من حيث أسلوب ارتكاب الجريمة باستخدام (الأقوال والأفعال والإشارات)، وطرح المقترحات الخاصة بتعديل النص العقابي أنما يعني أنه بصورته الراهنة غير كافٍ – وهذا في رأي الباحثين المذكورين أيضاً- للعقاب عن جريمة التحرش الجنسي بالمرأة، ويدل هذا في الوقت نفسه على أن المشرع العراقي لا يعاقب في قانون العقوبات لعام 1969 عن هذه الجريمة، ومن ثم “لا عقاب على فعل أو امتناع الا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه، ولا يجوز توقيع عقوبات أو تدابير إحترازية لم ينص عليها القانون” (المادة الأولى من القانون).

فضلاً عن هذا، إن تكييف التحرش الجنسي بالمرأة استناداً إلى نص الفقرة الأولى (ب) من المادة (402) من قانون العقوبات العراقي لعام 1969، ربما يكون بعيداً عن الدقة أيضاً، وذلك بالنظر لوجود الإمكانية لتكييفه على وفق الفقرة الأولى (أ) من المادة نفسها، كونها تنص على عقاب “من يطلب أموراً مخالفة للآداب من آخر ذكراً كان أو أنثى”، في حين يعد (التعرض لأنثى في محل عام بأقوال أو أفعال أو إشارات على وجه يخدش حياءها) صورة خاصة من ذلك، فالنص الأول هو (نص عام)، والنص الثاني هو (نص خاص)، ثم أن طلب الأمور المخالفة للآداب من أنثى ربما يكون هو الأقرب إلى جريمة التحرش الجنسي بالمرأة بصورها المختلفة.

الا أن تطبيق نص الفقرة الأولى (أ) من المادة (402) من قانون العقوبات العراقي لعام 1969 على جريمة التحرش الجنسي بالأشخاص عموماً، يكون بعيداً عن الصواب، كون مضمونه لا يجرم هذا الصنف من الجرائم، التي تتصف بطبيعتها القانونية المتقدم ذكرها، هذا فضلاً عن إنطباق الملاحظات التي سبقت الإشارة إليها بخصوص الفقرة الأولى (ب) من هذه المادة عليها أيضاً.

ويلاحظ أن المشرع العراقي نفسه يعاقب في قانون العمل رقم (37) لعام 2015 عن التحرش الجنسي بنص صريح! فعلى وفق الفقرة (أولاً) من المادة العاشرة منه يحظر، بداية، (التحرش الجنسي) “في الاستخدام والمهنة سواءً كان على صعيد البحث عن العمل أو التدريب المهني أو التشغيل أو شروط وظروف العمل”، كما تنص الفقرة (أولاً/ د) من المادة (42) من القانون نفسه على حق العامل في التمتع بـ “بيئة عمل خالية من التحرش” في نطاق الحقوق التي يتوجب كفالتها له (قانون العمل العراقي).

وتضمنت الفقرة (ثالثاً) من المادة العاشرة من القانون بيان المقصود بالتحرش الجنسي، فعلى وفقها يقصد به “أي سلوك جسدي أو شفهي ذو طبيعة جنسية أو أي سلوك آخر يستند إلى الجنس ويمس كرامة النساء والرجال، ويكون غير مرغوب وغير معقول ومهِيناً لمن يتلقاه. ويؤدي إلى رفض أي شخص أو عدم خضوعه لهذا السلوك، صراحة أو ضمناَ، لإتخاذ قرار يؤثر على وظيفته”. وعاقبت الفقرة (ثانياً) من المادة الحادية عشرة من القانون عن جريمة التحرش الجنسي “بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مليون دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين” (قانون العمل العراقي).

ومن تحليل نص الفقرة (ثالثاً) من المادة العاشرة من القانون المتعلق بتعريف التحرش الجنسي يمكن طرح الملاحظات الآتية:

أولاً: أن المشرع العراقي اعتمد في صياغته لهذا النص على التوصيات العامة للجنة القضاء على التمييز ضد المرأة رقم (19) لعام 1989، التي عرفت التحرش الجنسي بالمرأة في ميدان العمل بأنه “سلوك جنسي غير مرغوب فيه، من قبيل الملامسة البدنية أو المغازلات أو التلميحات ذات الصبغة الجنسية، أو عرض المواد الإباحية أو الطلبات الجنسية، عن طريق الأقوال أو الأفعال. وهذا السلوك يمكن أن يكون مهِيناً ويشكل تهديداً على الصحة والأمن، ويعد تمييزاً عندما تعتقد المرأة بناءً على أسس معقولة بأن معارضتها له تضر بمركزها في العمل، وبضمن ذلك قبولها في العمل أو ترقيتها أو عندما يؤدي ذلك إلى بيئة عمل عدائية”، الا أنه لم يكن موفقاً في صياغته التشريعية، إذ يشوبه عدد من الثغرات، وربما يعود ذلك إلى الأخطاء في ترجمة التوصيات المذكورة إلى اللغة العربية، أو في تصرفه في صياغة مفهوم التحرش الجنسي، ومن ذلك يلاحظ إن العبارة الأخيرة من تعريف التحرش الجنسي الوارد في التوصيات (أو عندما يؤدي ذلك إلى بيئة عمل عدائية)، ينص عليها المشرع العراقي في الفقرة (ثانياً) من المادة العاشرة من القانون، التي تنص على أنه “يحظر هذا القانون أي سلوك آخر يؤدي إلى إنشاء بيئة عمل ترهيبية أو معادية أو مهينة لمن يوجه إليه هذا السلوك”. غني عن البيان إن هذا النص يشكل جزءاً لا يتجزأ من النص الوارد في الفقرة (ثالثا) من المادة العاشرة من القانون، التي تضمنت تعريفاً للتحرش الجنسي، وكان يتوجب إدراجه فيه، الا أن صياغته الحالية خارج نطاقه كأنما تشير إلى (سلوك آخر) غير التحرش الجنسي!

ثانياً: مما يحسب للمشرع العراقي أنه في تعريفه لجريمة التحرش الجنسي وصف التحرش الجنسي بأنه “سلوك جسدي أو شفهي ذو طبيعة جنسية”، الا أنه عاد وأضاف “أو أي سلوك آخر يستند إلى الجنس”. ولعله استند في ذلك إلى تعريف العنف ضد المرأة الوارد في نص المادة الأولى من إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة لعام 1993، الذي عرفه بأنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس…”، والذي صواب ترجمته وبتصرف: (أي فعل ينطوي على عنف ويستند إلى الجندر (النوع الاجتماعي) ينتج عنه…)، والذي حدد في مادته الثانية صور العنف ضد المرأة بأنها (جسدية، جنسية، ونفسية).

وفي الأحوال كافة، ودون الخوض في التفاصيل، نرى أن المشرع يقصد بالتحرش الجنسي في هذا القانون (أي سلوك جسدي أو شفهي أو غيره، ذو طبيعة جنسية، ويستند إلى النوع الاجتماعي).

ثالثاً: مما يحسب للمشرع العراقي تحديده لخصائص التحرش الجنسي، فبعدما وصفه بأنه “سلوك جسدي أو شفهي ذو طبيعة جنسية”، و”يستند إلى الجنس”، أضاف بأنه “يمس كرامة النساء والرجال، ويكون غير مرغوب وغير معقول ومهِيناً لمن يتلقاه. ويؤدي إلى رفض أي شخص او عدم خضوعه لهذا السلوك، صراحة او ضمناً، لإتخاذ قرار يؤثر على وظيفته”. وهذا يشير مجدداً إلى أن المشرع العراقي اعتمد في صياغة هذا النص على التوصيات العامة للجنة القضاء على التمييز ضد المرأة رقم (19) لعام 1989، الا أنه اعتمدها بصورة انتقائية أخلت بمضمون تعريف التحرش الجنسي، فضلاً عن إتصاف التعريف بكونه ترجمة حرفيه تشوبها الركاكة، من حيث عدم دقتها أو صياغتها التشريعية واللغوية. ومن ذلك وصف التحرش الجنسي بأنه سلوك “غير معقول”، أو أنه “يؤدي إلى رفض أي شخص أو عدم خضوعه لهذا السلوك، صراحة أو ضمناً، لإتخاذ قرار يؤثر على وظيفته”، فمما يثير التساءل: ما هو المقصود بـ (السلوك غير المعقول) الذي يشكل تحرشاً جنسياً؟ أما في العبارة الثانية فأن هناك خلطاً بين سلوك الجاني، وسلوك المجنى عليه، ذلك أن عبارة (صراحة أو ضمناً) هي خاصة بسلوك الجاني، ولا تتعلق برفض المجنى عليه أو عدم خضوعه، فمن خصائص التحرش الجنسي أنه سلوك ذو طبيعة جنسية (صراحة أو ضمناً)، وذلك من خلال استخدام الأقوال أو الأفعال أو الإشارات التي توحي بذلك إتجاه المجنى عليه. أما عبارة ” لإتخاذ قرار يؤثر على وظيفته”، فجاءت منقطعة عن النص المتعلق برفض المجنى عليه سلوك الجاني أو عدم خضوعه له. وفي رأينا: أن المشرع العراقي فيما يتعلق بهذا النص كان يقصد أن التحرش الجنسي يؤدي إلى بيئة عمل ترهيبية لإمكانية التأثير في المركز الوظيفي للمجنى عليه في حالتي رفض العروض الجنسية للجاني، أو عدم الخضوع لها (بإتخاذ قرار يؤثر في وظيفته)، وهذا ما يستدعي إعادة النظر في صياغة النص عموماً.

رابعاً: عمل المشرع العراقي على صياغة أركان الجريمة بوصفها من جرائم النتيجة (الضرر)، فالتحرش الجنسي على وفق النص القانوني هو (السلوك ذو الطبيعة الجنسية، الذي يؤدي إلى رفض أي شخص أو عدم خضوعه له)، ومن ثم فأنه وضع صياغة تشريعية تختلف عن صياغتها في المواثيق الدولية المتقدم ذكرها، باشتراط تحقق نتيجة إجرامية محددة، هي: (رفض سلوك الجاني، أو عدم الخضوع له)، في حين أن ذلك يشكل إحدى خصائص التحرش الجنسي بالمرأة (في نطاق العمل)، فعلى وفقها يتحقق التحرش الجنسي عندما يؤدي سلوك الجاني إلى الاعتقاد، وبناءً على أسس معقولة، بأن عدم الانصياع لطلبات الجاني الجنسية يؤدي إلى الإضرار بالمصالح الوظيفية للمجنى عليها.

وبصرف النظر عن (غرابة) النتيجة الإجرامية التي يطالب المشرع بتحققها لتوافر أركان جريمة التحرش الجنسي، فأن من المحبذ إعادة النظر في الصياغة التشريعية لهذه الجريمة بأن تكون من جرائم (الفعل) وليس (النتيجة)، أي أن تتحقق الجريمة بصرف النظر عن الآثار (النتائج) المترتبة على سلوك الجاني، وذلك بالنظر لخطورة هذه الجريمة على الرجال والنساء على حد سواء، فضلاً عن انتهاكها لحقوقهم وحرياتهم الأساسية، المتقدم ذكرها، بالإضافة إلى انتهاكها لحقهم في العمل، كون هذه الجريمة وردت في قانون العمل تحديداً. 

خامساً: مما يحسب للمشرع العراقي أنه أشار في تعريفه للتحرش الجنسي إلى أنه سلوك “ذو طبيعة جنسية”، الا أن هذا لا يدل على الغاية المنشودة من ذلك. بمعنى: هل أن كل سلوك جنسي يعد تحرشاً جنسياً؟ إذ من المستبعد أن يكون الجواب إيجاباً عن هذا السؤال. ومن ثم يتوجب أن يضيف المشرع العراقي إلى تعريف التحرش الجنسي الغاية التي يتوخى الجاني تحقيقها باقترافه السلوك الجنسي، وهي التي تتمثل في (نية تلبية الرغبات الجنسية للجاني)، ذلك أن القصد الخاص ، كما تقدم ذكره، يعدّ من عناصر الركن المعنوي لجريمة التحرش الجنسي، وهو ما أغفله المشرع العراقي في تعريفه للتحرش الجنسي في الفقرة (ثالثاً) من المادة العاشرة من قانون العمل رقم (37) لعام 2015، وهو ما يتوجب أيضاً إضافته إلى الملاحظات بخصوص إشكاليات تطبيق الفقرة الأولى (ب) من المادة (402) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، المتعلقة بالتعرض لأنثى في محل عام بأقوال أو أفعال أو إشارات على وجه يخدش حياءها، فالتعرض الخادش لحياء الأنثى يقصد به ، على الأغلب، أن هذه الأقوال والأفعال والإشارات تكون طبيعة جنسية، وفي هذه الحالة، يمكن أن يكوّن السلوك، الذي يخل بحياء المجنى عليها، جريمة التحرش الجنسي بالمرأة، إن كان يرمي إلى (تلبية الرغبات الجنسية للجاني)، ومن دون ذلك تعد هذه الواقعة (فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء) لا غير.

ومما تقدم، يتبيّن أن المشرع العراقي أغفل العقاب عن جريمة التحرش الجنسي في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، أما بالنسبة لتطبيق نص الفقرة الأولى (ب) من المادة (402) منه المتعلقة بجريمة (التعرض لأنثى في محل عام بأقوال أو أفعال أو إشارات على وجه يخدش حياءها)، فأن هذا النص لا يفي بالغرض في مواجهة التحرش الجنسي، كونه لا يعاقب عن (التحرش الجنسي) بنص صريح، فضلاً عن أن مضمون المادة العقابية المذكورة لا يتعلق بالتحرش الجنسي على وجه التحديد. أما في حالة تطبيقه على حالات التحرش الجنسي بالمرأة فيتوجب إجراء تعديلات جوهرية عليه. ومن ثم يكون من المجدي أن يعاقب هذا القانون عن هذه الجريمة عن طريق استحداث مادة عقابية خاصة بها.

وبهذا الخصوص أيضاً، يلاحظ أن قانون العقوبات العراقي لا يعاقب عن الجرائم المعلوماتية، بصفة عامة، وعن جريمة التحرش الجنسي بصورتها الألكترونية، بصفة خاصة (مناجد، 2020، ص 127-140)، مما يتطلب تدخل المشرع العراقي على أكثر من صعيد فيما يتعلق بالعقاب عن هذه الجريمة في هذا القانون.

أما بخصوص تجريم التحرش الجنسي في قانون العمل رقم (37) لعام 2015 والعقاب عنه، فأن ذلك مما يحسب للمشرع العراقي، إذ أن لهذا أثره الكبير بالنسبة لتوفير الحماية القانونية للمرأة من التحرش الجنسي في ميدان العمل، ومن ثم تمكينها في المجتمع، وتعزيز دورها في التنمية المستدامة، الا أن مما لا يحسب له هو عدم دقة الصياغة التشريعية لجريمة التحرش الجنسي في القانون المذكور، ما يستدعي إعادة النظر فيها، مع أهمية تطوير مضمونها، وعلى الوجه الأمثل.

المبحث الثالث

التصدي للتحرش الجنسي بالمرأة في القانون المقارن

تختلف الآليات القانونية التي يعتمدها المشرع في التصدي لحالات التحرش الجنسي من بلد إلى آخر، فمنها ما يعتمد الأحكام الخاصة بالعقاب عن جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء أو جريمة هتك العرض، المعاقب عنهما في القوانين العقابية، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك من خلال مثال القانون العراقي، ويعاقب عدد آخر عنها من خلال إجراء تعديل على القوانين العقابية النافذة بتجريمها والعقاب عليها، كما في الجزائر وتونس والمغرب ومصر، أو بإصدار قانون خاص بالعقاب عنها بوصفها جريمة مستقلة، كما في المملكة العربية السعودية. وسنبين ذلك من خلال استعراض القوانين ذات الصلة ، وكما يأتي:

أولاً: القانون الجزائري: يعاقب قانون العقوبات الجزائري رقم (66-156) لعام 1966 عن جريمة التحرش الجنسي في المادة (341 مكرر) منه، التي أضيفت إليه بالقانون رقم (19-1015) في 30/12/2015، فعلى وفقها “يعد مرتكباً لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة من (100) ألف دينار جزائري إلى (300) ألف دينار جزائري كل شخص يستغل سلطة وظيفته أو مهنته عن طريق إصدار الأوامر للغير أو بالتهديد أو الإكراه أو ممارسة ضغوط عليه قصد إجباره على الاستجابة لرغباته الجنسية.

ويعد كذلك مرتكباً للجريمة المنصوص عليها في الفقرة السابقة ويعاقب بنفس العقوبة، كل من تحرش بالغير بكل فعل أو لفظ أو تصرف يحمل طابعاً أو إيحاءً جنسياً.

إذا كان الفاعل من المحارم أو كانت الضحية قاصراً لم تكمل السادسة عشرة أو إذا سهل ارتكاب الفعل ضعف الضحية أو مرضها أو إعاقتها أو عجزها البدني او الذهني أو بسبب حالة الحمل، سواءً كانت هذه الظروف ظاهرة أو كان الفاعل على علم بها تكون العقوبة الحبس من سنتين إلى خمس سنوات والغرامة من (200) ألف دينار جزائري إلى (500) ألف دينار جزائري.

وفي حالة العود تضاعف العقوبة” (قانون العقوبات الجزائري).

ويلاحظ أن المادة العقابية تعاقب عن التحرش الجنسي بصورة عامة، مما يعني أنها تشمل بالحماية من هذه الجريمة النساء والرجال على حد سواء، وهذا مما يحسب للمشرع الجزائري، فالتحرش الجنسي يمكن أن يطال الرجال أيضاً، كما أنها يمكن أن تطبق على الجاني في حالة ارتكاب الجريمة بالنسبة للأطفال أيضاً، سواءً أكانوا إناثاً أم ذكوراً، وفي هذا الإطار تتجلى كذلك الحكمة من شمول الذكور بالحماية الجزائية من هذه الجريمة.

وعلى وفق النص في الشق الأول من المادة (341 مكرر) من القانون لا يمكن تصور هذه الجريمة الا في إطار علاقة تبعية، إذ يشترط أن يكون الجاني شخصاً يستغل وظيفته أو مهنته، سواءً أكان ذلك أثناء ممارسة الوظيفة أو المهنة أم بالارتباط بهما. مما يعني أن المشرع اشترط أن تتوافر علاقة رئيس بمرؤوس بين الجاني والمجني عليها (مدوري، 2020، ص 152-153). وفضلاً عن ذلك، أكدت هذه المادة، وبنص صريح، على القصد الخاص في هذه الجريمة، من خلال الإشارة إلى الغاية من لجوء الجاني إلى الأساليب المعتمدة في التحرش الجنسي بالمجنى عليها، والتي حددتها المادة نفسها على سبيل الحصر، وهي: إصدار الأوامر، التهديد الإكراه، ممارسة الضغوط. وتتمثل هذه الغاية في (قصد إجبار الغير على الاستجابة لرغبات الجاني الجنسية).

وعلى وفق الشق الثاني من هذه المادة العقابية يعاقب المشرع عن صورة أخرى من التحرش الجنسي تتمثل في التحرش بالغير بكل فعل أو لفظ أو تصرف يحمل طابعاً أو إيحاءً جنسياً (دلال، 2019، ص 25-26)، شاملاً بالحماية الجزائية من هذه الجريمة جميع الأشخاص، ذكوراً وإناثاً. ولكن مما لا يحسب للمشرع الجزائري، عدم إشارته في هذه الصورة إلى القصد الخاص الذي يتصف بأهميته في جريمة التحرش الجنسي.

ونظراً لخطورة هذه الجريمة، فيما يتعلق بالنساء تحديداً، فقد شدد المشرع العقاب في الشق الثالث من المادة العقابية، وذلك في حالة كون المجنى عليها قاصراً لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها، أو مرضها أو عجزها البدني أو الذهني أو إعاقتها، أو حملها. كما قضى الشق الرابع من هذه المادة بأن تكون العقوبة مضاعفة في حالة العود.

ثانياً: القانون التونسي: تعاقب المجلة الجزائية التونسية رقم (79) لعام 1913 عن جريمة التحرش الجنسي في الفصل (226 ثالثاً)، الذي أضيف إليها بموجب القانون رقم (73) الصادر في 2 أغسطس 2004، بنصه :”يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار مرتكب التحرش الجنسي. ويعد تحرشاً جنسياً كل إمعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال أو أقوال أو إشارات من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه، وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو ممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لهذه الرغبات. ويضاعف العقاب إذا أُرتكبت الجريمة ضد طفل أو غيره من الأشخاص المستهدفين بصفة خاصة بسبب قصور ذهني أو بدني يعوق تصديهم للجاني” (المجلة الجزائية التونسية).

فمما يحسب للمشرع التونسي بيانه مفهوم التحرش الجنسي، وتعميمه الحماية الجزائية عن هذه الجريمة على الذكور والإناث، وبصرف النظر عن مكان ارتكاب الجريمة، كما حدد صورتين لارتكاب الجريمة، فإضافة إلى تحقق الركن المادي لهذه الجريمة من خلال (مضايقة الغير ) بتكرار (أفعال أو أقوال أو إشارات من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه)، وهي تشكل صورة خاصة من صور الفعل الفاضح المخل بالحياء، التي عاقب عنها في الفصل (226 مكرر)، فقد أضاف إلى ذلك صورة (ممارسة الضغوط على المجنى عليه). هذا فضلاً عن تأكيده على القصد الخاص للجريمة، الذي ربطه، كما عمل المشرع الجزائري، بتلبية الرغبات الجنسية للجاني، وفضلاً عن هذا، أضاف (تلبية الرغبات الجنسية لغيره)، فالتحرش الجنسي يكون بنية تلبية الرغبات الجنسية للجاني أو غيره، وهذا يشير إلى مدى خطورة هذه الجريمة وغاياتها الجرمية.

ثالثاً: القانون المغربي: تنص مجموعة القانون الجنائي المغربي رقم (1.59.413) لعام 1962 على جريمة التحرش الجنسي في المادة (503-1)، التي أضيفت إليه بموجب القانون رقم ( (24.03) في 11 نوفمبر 2003، على أن:”يعاقب من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسة آلاف إلى خمسين ألف درهم، من أجل جريمة التحرش الجنسي كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل للإكراه أو أية وسيلة أخرى مستغلاً السلطة التي تخولها له مهامه، لأغراض ذات طبيعة جنسية”. وتنص المادة (503-1-1) منها :”يعتبر مرتكباً لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2,000 إلى 10,000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أمعن في مضايقة الغير في الحالات التالية:

  1. في الفضاءات العمومية أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية.
  2. بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو ألكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية.

تضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميلاً في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية أو غيرها” (مجموعة القانون الجنائي المغربي).

إن المشرع المغربي في هاتين المادتين يعاقب عن مختلف صور التحرش الجنسي، فمن جهة يعاقب في نص المادة (503-1) من القانون عن التحرش الجنسي باستغلال السلطة، ومن دون حصر لأساليب ارتكاب الجريمة، التي يمكن أن تتحقق بواسطة الأوامر أو التهديدات أو وسائل للإكراه، وكذلك بأية وسيلة أخرى، كما أن نص هذه المادة يسمح بتطبيقه على حالات متعددة من التحرش الجنسي، الذي يمكن أن يكون إزاء الإناث والذكور، والبالغين والصغار، على حد سواء، كما أنها تنص وبشكل صريح على الغرض من الجريمة بنصها (لأغراض ذات طبيعة جنسية). ومن جهة ثانية، تعاقب المادة (503-1-1) من القانون عن صور أخرى للتحرش الجنسي، أطلق عليها المشرع تسمية (مضايقة الغير) التي تجري إحدى صورها في الفضاءات العمومية أو غيرها، والتي تتحقق (بأفعال أو أقوال أو إشارات) في حين ترتكب الصورة الثانية للتحرش الجنسي (بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو ألكترونية أو تسجيلات أو صور)، وفي هذه الصورة يلاحظ أن المشرع يعاقب ضمناً عن صورة مستحدثة للجريمة هي (التحرش الجنسي الألكتروني)، وهذا مما يحسب له. وفي الحالتين أكد المشرع على أن هذه الأفعال (ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية). كما وتقضي المادة نفسها بمضاعفة العقاب في حالة ارتكاب الجريمة من فاعل يتمتع بصفة خاصة، وذلك في حالة كونه زميلاً في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن، سواءً في الفضاءات العمومية أم غيرها.

رابعاً: القانون المصري: يعاقب قانون العقوبات المصري رقم (58) لعام 1937 عن جريمة التحرش الجنسي على وفق المادة (306 مكرراً ب) منه، التي أُضيفت إليه استناداً إلى القانون رقم (50) لعام 2014، وبمقتضاها: “يعد تحرشاً جنسياً إذا أُرتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرراً (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنية ولا تزيد على عشرين ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين.

فإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو أُرتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحاً تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنين والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنية ولا تزيد على خمسين ألف جنية” (قانون العقوبات المصري).

ومن تحليل نص هذه المادة العقابية يلاحظ أن المشرع المصري جعل التحرش الجنسي صورة خاصة من الجريمة المعاقب عليها بموجب المادة (306 مكرر أ) من القانون، وهذا ما يقتضي الرجوع إليها، فعلى وفقها: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنية و لا تزيد على خمسة آلاف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواءً بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الإتصالات السلكية أو اللاسلكية”. ويلاحظ أنه في هذا النص من القانون إنما يعاقب عن جريمة (الفعل الفاضح المخل بالحياء)، وبذلك حسم المشرع الجدل الذي كان قائماً في الفقه المصري حول تطبيق النص الخاص بهذه الجريمة على حالات التحرش الجنسي بالمرأة، وذلك باستحداثه لنص خاص بجريمة التحرش الجنسي، مما يؤكد اختلافها عن الجريمة المعاقب عنها في المادة (306 مكرر أ).

وفضلاً عن هذا، أكد القانون على القصد الخاص في جريمة التحرش الجنسي في المادة (306 مكرر ب) من القانون، في حين لم يذكر ذلك فيما يتعلق بجريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء في المادة (306 مكرر ب) منه، مما يؤكد كذلك على أهمية القصد الخاص في عزل هذه الجريمة عن غيرها من الجرائم، ولاسيما عن جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء.

كما شدد القانون العقاب عن جريمة التحرش الجنسي، من خلال الإشارة إلى عدد من الظروف المشددة هي: (إذا كانت للجاني سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو أُرتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحاً)، وكذلك إذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من القانون، التي نصها: “أو كان الفاعل من أصول المجنى عليها أو من المتولين تربيتها وملاحظتها او ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم أو تعدد الفاعلون للجريمة” (قانون العقوبات المصري).

ومما تقدم يلاحظ أن المشرع المصري قد فرض العقاب عن مختلف صور جريمة التحرش الجنسي، سواءً في الأماكن العامة أم الأماكن الخاصة، مع التأكيد على تشديد العقاب عنها في حالة ارتكابها في نطاق الوظيفة أو الأسرة أو المؤسسة التعليمية، من خلال ربط الجريمة بالصفة الخاصة التي يتمتع بها الجاني، وتبعية المجنى عليه له بحكم الوظيفة أو القرابة أو الدراسة أو ما شابه. ومما يحسب له أن النساء والرجال على حد سواء يمكن أن يكونوا محلاً لجريمة التحرش الجنسي، كما أن هذه الجريمة يمكن أن ترتكب من طرف الرجال والنساء أيضاً.

خامساً: القانون الإماراتي: نص قانون العقوبات الإماراتي رقم (3) لعام 1987، بعد تعديله بالقانون رقم (4) في 14 أغسطس 2019، على جريمة التحرش الجنسي في المادة (359 مكرر)، التي تعاقب عنها بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما تضمنت هذه المادة تعريف التحرش الجنسي بأنه “كل إمعان في مضايقة الغير بتكرار أقوال أو أفعال أو إشارات من شأنها أن تخدش حياءه بقصد حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية” (قانون العقوبات الإماراتي). وعلى الرغم من عدم تحديد المشرع الإماراتي لطبيعة السلوك الذي يقدم عليه الجاني، الا أنه نص على أنه يستهدف حمل المجنى عليه على الاستجابة لرغبات الجاني أو رغبات غيره الجنسية، مما يشير إلى أن الأقوال والأفعال والإشارات التي يقوم بها الجاني تتصف بطبيعتها الجنسية، وكان يستحسن بيان ذلك في تعريف التحرش الجنسي. كما أن المادة العقابية تنص على أن السلوك المرتكب يستهدف (حمل) المجنى عليه للرضوخ للرغبات الجنسية للجاني أو غيره، مما يستبعد كثيراً من صور التحرش الجنسي، التي لا يتحقق فيها ذلك، ومن ذلك مثلاً صور التحرش الجنسي الألكتروني أو في حالة اللجوء إلى أساليب الترغيب أو الوعود أو ما شابه. الا أن مما يحسب للمشرع الإماراتي عقابه عن التحرش الجنسي سواءً أكان المجنى عليه أنثى أم ذكراً.

وتنص المادة العقابية نفسها على تشديد العقاب، بنصها على العقاب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين في حالة تعدد الجناة، أو حمل الجاني سلاحاً، أو تمتع الجاني بسلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه (قانون العقوبات الإماراتي). إذ يشير تعدد الجناة إلى مساهمة شخصين أو أكثر في ارتكاب السلوك الأجرامي، في حين يدل حمل الجاني للسلاح على الطبيعة الإكراهية للسلوك الاجرامي المرتكب لتسهيل إخضاع المجنى عليه لرغبات الجاني أو غيره، وأخيراً يدل تمتع الجاني بسلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه، من جهة على مكان ارتكاب الجريمة، فالجريمة يمكن أن تتحقق في مكان الوظيفة، أو الأسرة، أو مكان التعليم. ومن جهة ثانية يحدد ذلك الصفة الخاصة التي يتمتع بها الجاني، بوصفه موظفاً أو من ذوي أسرة الضحية، أو من العاملين في المجالات التعليمية.

سادساً: النظام السعودي: يعاقب المشرع السعودي عن جريمة التحرش الجنسي استناداً إلى قانون خاص، هو المرسوم الملكي رقم (م/96) الصادر في 16/9/1439 للهجرة، الموافق 31/5/2015 للميلاد بشأن نظام مكافحة جريمة التحرش، فعلى وفق المادة الأولى منه: “يقصد بجريمة التحرش لغرض تطبيق أحكام هذا النظام كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه شخص آخر، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش حياءه، بأي يوسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة” (النظام السعودي). فمما يحسب للمشرع السعودي في هذا التعريف أنه ينص على العناصر الأساسية لجريمة التحرش الجنسي، وفضلاً عن بيانه صوره التقليدية يشير أيضاً إلى صوره المستحدثة، التي يمكن أن تتحقق عن طريق وسائل التقنية الحديثة، ولاسيما الأنترنيت والهاتف النقال. ولكن على الرغم من نصه على الطبيعة الجنسية لسلوك التحرش، ألا أنه لم يحدد القصد الخاص ، المتمثل في حمل المجنى عليه على الرضوخ للرغبات الجنسية للجاني أو غيره، مما يعد ثغرة واضحة في تعريف التحرش الجنسي في النظام السعودي. وفي الأحوال كافة، أن مما يحسب للمشرع السعودي عقابه عن التحرش سواءً أتعلق ذلك بالنساء أم الرجال دون تحديد.

وتحدد الفقرة الأولى من المادة السادسة من النظام العقوبة عن جريمة التحرش بالسجن لمدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويجرى تشديد العقاب على وفق فقرتها الثانية، بنصها على عقوبة السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لاتزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة العود إلى ارتكاب الجريمة، أو في حالة اقتران الجريمة بكون المجني عليه طفلاً، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو تمتع الجاني بسلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه، أو وقوع الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية، أو إن كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد، أو إن كان المجني عليه نائماً، أو فاقداً للوعي، أو في حكم ذلك، أو وقوع الجريمة في أي من حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث (النظام السعودي).

وتقضي المادة السابعة من النظام بالعقاب عن هذه الجريمة في حالة تحريض الغير على ارتكابها أو الإتفاق معه على ذلك أو مساعدته في ذلك، وذلك بالعقوبة المقررة لجريمة الفاعل، ومن ثم فأن النظام السعودي، فضلاً عن فرضه العقاب على الجاني في هذه الجريمة فأنه يعاقب أيضاً المساهمين معه بالتحريض أو الإتفاق أو المساعدة (النظام السعودي). وعلى الرغم من صعوبة تحقق الشروع في هذه الجريمة، لكونها من جرائم الفعل، على وفق صياغتها التشريعية، الا أن المادة الثامنة من النظام تنص على العقاب عن الشروع فيها بنصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها، وهذا يدل على حرص المشرع السعودي على العقاب عن مختلف صورها، التامة وغير التامة.

وعلى أساس تحليل أحكام القوانين المعروضة آنفاً، يلاحظ أنها عاقبت عن جريمة التحرش الجنسي بالرجال والنساء على حد سواء، الا انها اختلفت في بعض المعالجات، ومن ذلك أنها تضمنت استحداث نصاً خاصاً بالتصدي لجريمة التحرش الجنسي، باستثناء قانون العقوبات المصري، الذي تضمن تعديلاً جزئياً على جريمة التعرض لأنثى في مكان عام بإضافة فقرة (تحقيق منفعة ذات طبيعة جنسية) وعدّ ذلك تحرشاً جنسياً. كما أن تجريم التحرش الجنسي قد حصل في نطاق القوانين العقابية النافذة للدول محل البحث كافة، باستثناء المملكة لعربية السعودية، التي عملت على استصدار قانون خاص بذلك. وعلى الرغم من أهمية القصد الخاص في جريمة التحرش الجنسي، والنص عليه في القوانين العقابية للدول كافة محل البحث، فأن النظام السعودي لا ينص عليه. كما أن كلاً من قانون العقوبات الجزائري والقانون الجنائي المغربي يعاقبان عن جريمة التحرش الجنسي في نطاق استغلال السلطة، في حين يعاقب القانون الجنائي المغربي والنظام السعودي عن التحرش الجنسي الألكتروني، وذلك بخلاف القوانين الأخرى محل البحث.

الخاتمة

توصلنا من خلال هذا البحث إلى الاستنتاجات والتوصيات الآتية:

أولاً: الاستنتاجات:

1-إن المواثيق الدولية المختلفة المتعلقة بمكافحة العنف ضد المرأة تعدّ التحرش الجنسي من صور العنف ضد النساء، وإن التصدي للتحرش الجنسي للمرأة يشكل إحدى الركائز المهمة لتمكين المرأة، ومن ثم تعزيز دورها في نطاق التنمية المستدامة للمجتمع، وهي تدعو الدول كافة إلى إتخاذ الإجراءات المناسبة، ولاسيما الإجراءات القانونية الجنائية، للتصدي له في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية، العامة والخاصة.

2-تعددت التعاريف المطروحة لمفهوم التحرش الجنسي على صعيدي المواثيق الدولية أو الدراسات ذات الصلة، الا أنها إتفقت على أنه يشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق المرأة وحرياتها الأساسية، ويحول دون تحرير قدراتها في التعليم والعمل والمشاركة في الحياة العامة، ويقيد تفعيل دورها في التنمية المستدامة للمجتمع.

3- يمكننا تعريف التحرش الجنسي بالمرأة بأنه :” “شكل من أشكال العنف العمدي الذي تتعرض له المرأة في الأماكن العامة أو الخاصة، وهو سلوك يتصف بطبيعته الجنسية وغير مقبول من طرف المرأة، وينطوي على إيذاء جسدي أو معنوي أو جنسي. ويمكن أن يكون قولاً أو فعلاً أو بالإشارة، بصورة صريحة أو ضمنية، جهراً أو سراً، بقصد إجبارها على تلبية رغبات الجاني الجنسية أو غيره”.

4- إن قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 لا يتضمن نصاً عقابياً صريحاً يعاقب عن جريمة التحرش الجنسي، ولا يمكن الإتفاق مع طروحات عدد من الباحثين بأنه يعاقب عنها في نص الفقرة الأولى (ب) من المادة (402) منه في نطاق جرائم الفعل الفاضح المخل بالحياء، والتي على وفقها يعاقب عن “التعرض لأنثى في محل عام بأقوال أو أفعال أو إشارات على وجه يخدش حياءها”.

5- يعاقب قانون العمل العراقي رقم (37) لعام 2015 بنص صريح عن جريمة التحرش الجنسي، إذ حظرته الفقرة (أولاً) من المادة العاشرة في نطاق العمل، وعرفته الفقرة (ثالثاً) منها ،كما ونصت على العقوبة المترتبة عليه الفقرة (ثانياً) من المادة الحادية عشرة منه. الا أن المشرع العراقي لم يكن موفقاً في تعريفه للتحرش الجنسي في هذا القانون، إذ افتقرت صياغته التشريعية للدقة، وشابتها الركاكة، مع عدم الالتزام بادراج عناصر تعريف هذه الجريمة الواردة في المواثيق الدولية ذات الصلة.

6- تباينت آليات التصدي لجريمة التحرش الجنسي في القوانين العقابية للدول محل البحث، فمن هذه الدول ما اعتمد الأحكام الخاصة بالعقاب عن جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء (العراق)، ومنها ما استحدث نصاً خاصاً بالعقاب عنها في قانون العقوبات (الجزائر، تونس، المغرب، مصر، الإمارات)، وكذلك منها ما أصدر قانوناً خاصاً بذلك (المملكة العربية السعودية).

ثانياً: التوصيات:

1- نوصي الجهات المختصة في جمهورية العراق بالعمل على الإيفاء بالتزاماتها الدولية بخصوص تمكين المرأة في نطاق التنمية المستدامة بالتصدي للعنف الممارس ضدهن، وخاصة بمواجهة التحرش الجنسي بهن في الأماكن العامة والخاصة، وذلك بإتخاذ الإجراءات المختلفة، ولاسيما الإجراءات القانونية الجنائية منها.

2- نوصي المشرع العراقي بإدارج نص في قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969 يتضمن العقاب عن جريمة التحرش الجنسي بالأشخاص عامة، مع تشديد العقاب عنها في حالة ارتكابها إزاء النساء، أو الأطفال، أو بوساطة الوسائل الألكترونية.

3- نوصي المشرع العراقي باستبعاد الثغرات التشريعية التي تشوب تعريف التحرش الجنسي في قانون العمل رقم (37) لعام 2015، وذلك من أجل تعزيز الحماية القانونية للنساء في ميدان العمل، وبما يعمل على تمكينهن في نطاق التنمية المستدامة للمجتمع.

4-نوصي المشرع العراقي لدى صياغة الأنموذج القانوني لجريمة التحرش الجنسي في قانون العقوبات رقم (111) لعام 1969، وكذلك في حالة إعادة النظر في الصياغة التشريعية لتعريفها في قانون العمل رقم (37) لعام 2015، أن يتوافق ذلك مع تعريفها الوارد في المواثيق الدولية ذات الصلة، مع الأخذ بتجربة القوانين المقارنة بهذا الخصوص.

قائمة المصادر

أولاً: الكتب:

  1. إسماعيل، شاهيناز ، ظاهرة التحرش الجنسي، أسبابها، نتائجها، طرق علاجها، دار العلوم للنشر والتوزيع، القاهرة، 2015.
  2. جميل، محمد جبر السيد عبدالله ، جريمة التحرش الجنسي وعقوبتها في التشريع الإسلامي والقانون، دراسة مقارنة، كلية العلوم الإسلامية، جامعة المدينة العالمية، ماليزيا، 2013.
  3. حامد، حامد سيد محمد ، العنف الجنسي ضد المرأة في القانون الدولي، المركز القومي للإصدرات القومية للنشر، القاهرة، 2016.
  4. زكي، وليد رشاد ، التحرش الجنسي في المجتمع المصري، دراسة ميدانية على عينة من الفتيات المتحرش بهن، رابطة المرأة العربية، القاهرة، 2015.
  5. صلاح، سحر ، التحرش الجنسي في مجال العمل، المركز المصري لحقوق المرأة، القاهرة.
  6. عبدالعزيز، هبة ، التحرش الجنسي، مكتبة مدبولي،  القاهرة، 2008.
  7. عتيق، السيد ، جريمة التحرش الجنسي، دراسة جنائية مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003.
  8. كريم، عزة ، دور ضحايا الجريمة في وقوعها، مؤتمر البحوث الاجتماعية، المجالات والتحديات، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 1999.
  9. الهيتي، محمد حماد مرهج، الجريمة المعلوماتية، نماذج من تطبيقاتها ، (دراسة مقارنة في التشريع الإماراتي والسعودي والبحريني والقطري والعماني)، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2014.

ثانياً: البحوث:

  1. دلال، وردة ، السياسة التشريعية المتبعة في تجريم التحرش الجنسي، التشريع الجزائري والنظام السعودي أنموذجاً، مجلة حقوق الإنسان والحريات العامة، جامعة مستغانم، الجزائر، العدد (7)، 2019.
  2. الشكري، عادل يوسف عبدالنبي ، البهادلي، جواد أحمد كاظم ، جبر، علي عبدالله ، الحماية الجزائية للأفراد في جريمة التحرش الجنسي، دراسة مقارنة، مجلة الكوفة للعلوم القانونية و السياسية، جامعة الكوفة، العدد (44)،2020.
  3. ضرغام، أحمد محمد طلعت عبدالحميد ، التحرش الجنسي الإلكتروني بالسيدات، ماهيته وسبل مواجهته، ورقة بحثية، كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، 2018.
  4. العبيدي، صدام حسين ياسين ، جريمة التحرش الجنسي وعقوبتها في الشريعة الإسلامية، مجلة جامعة كركوك للدراسات الإنسانية، العدد (1)، 2019.
  5. عطشان، نصر الله غالب ، حماية الموظف والعامل، مجلة أوروك للعلوم الإنسانية ، كلية التربية للعلوم الإنسانية، جامعة المثنى، 2020، العدد (2).
  6. مدوري، يمنية ، التحرش الجنسي، مقاربة نظرية، مجلة العلوم القانونية والاجتماعية، جامعة زيان عاشور بالجلفة، الجزائر، 2020، العدد (2).
  7. مناجد، زياد عبود ، المسؤولية الجزائية عن جرائم التحرش الجنسي الإلكتروني، مجلة الكتاب للعلوم الإنسانية، جامعة الكتاب، 2020، العدد (3).

ثالثاً: المواثيق والوثائق الدولية والإقليمية:

  1. إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة لعام 1993،متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.ohchr.org/AR/ProfessionalInterest/Pages/ViolenceAgainstWomen.aspx

  • إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.ohchr.org/ar/professionalinterest/pages/cedaw.aspx

  • التوصيات العامة للجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، متاح على الرابط الإلكتروني:

https://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw/recommendations/recomm.htm#recom9

  • قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص (تدابير منع الجريمة والعدالة الجنائية الرامية إلى القضاء على العنف ضد المرأة)، رقم 52/86، في 12 ديسمبر 1997، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.un.org/ar/ga/52/res/res52086.htm

  • خلاصة وافية لمعايير الأمم المتحدة وقواعدها في مجال ردع الجريمة والعدالة الجنائية، 2006، ص 363، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.un.org/ruleoflaw/files/Compendium_UN%20standards_norms_criminal_justice.pdf

  • توصية اللجنة الأوربية رقم (92/131) الصادرة بتأريخ 27 نوفمبر 1991، متاح على الرابط الألكتروني:

https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/PDF/?uri=CELEX:31992H0131&rid=43

  • ملخص التقرير العربي الشامل حول التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد خمسة وعشرين عاماً، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.unescwa.org/sites/www.unescwa.org/files/uploads/synthesis-arab-report-periodic-review-beijing-declaration-platform-summary-arabic.pd

رابعاً: القوانين:

  1. المجلة الجزائية التونسية رقم (79) لعام 1913، متاح على الرابط الألكتروني:

http://www.legislation.tn/affich-code/Code-p%C3%A9nal__89

  • قانون العقوبات المصري رقم (58) لعام 1937، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.cc.gov.eg/legislation_single?id=404680

  • مجموعة القانون الجنائي المغربي لعام 1961، متاح على الرابط الألكتروني:

https://drive.google.com/file/d/1UbMrzzg9rTYCaZjOaUgYOepCYjdpfuEa/view

  • قانون العقوبات الجزائري رقم (166-156) لعام 1966، متاح على الرابط الألكتروني:

https://www.wipo.int/edocs/lexdocs/laws/ar/dz/dz020ar.pdf

  • قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969.

http://dji.gov.ae/Lists/DJIBooks/Attachments/44/Okobat%20Big%20WEB.pdf

  • قانون العقوبات الإماراتي رقم (3) لعام 1987، متاح على الرابط الألكتروني:
  • قانون إتحادي بمرسوم رقم (4) لسنة 2019 بتعديل قانون العقوبات الإماراتي رقم (3) لعام 1987، متاح على الرابط الألكتروني:

http://dji.gov.ae/Lists/DJIBooks/Attachments/44/Okobat%20Big%20WEB.pdf

  • نظام مكافحة جريمة التحرش السعودي رقم (96) في 31/5/2015، متاح على الرابط الألكتروني:

https://laws.boe.gov.sa/BoeLaws/Laws/LawDetails/f9de1b7f-7526-4c44-b9f3-a9f8015cf5b6/1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *