د. محمد الطيب  

اللسانيات التطبيقية وتكنولوجيا المعلومات والتواصل ، أكاديمية فاس مكناس للتربية والتكوين ، المغرب .

كثيرا ما نردد المثل القائل ” رب ضارة نافعة ” في مجموعة من المواقف والسياقات الذاتية والموضوعية، المحلية والدولية، ولو وضعنا أزمة كوفيد 19 في هذا السياق، سنعدّها حافزا لتغيير كل مجالات الحياة في العالم بشكل عام والعربي على وجه الخصوص، ولن يسلم مجال التعليم من هذا التغيير، بل ينبغي أن يشكل منطلق أي تأسيس جديد لعالم ما بعد كرونا، وهو ما حفزني للمشاركة بهذه المداخلة في المؤتمر العالمي الدولي الأول نحو رؤية مستقبلية للعالم ما بعد كوفيد 19 

إن الحديث عن أزمة كوفيد 19 التي لم يسلم منها العالم بأسره، يدفعنا للنظر إليها من زوايا مختلفة، نقتنص منها الزاوية الإيجابية التي تتيح لنا أن نعتبرها حافزا قويا لإعادة النظر في آليات التفاعل مع الحياة تفاعلا إيجابيا يساير منطق اللحظة ويستجيب لحاجيات الإنسان المثقف وغير المثقف، العربي وغير العربي، المنتج والمستهلك بلغة الاقتصاد.

لقد أتاحت لنا هذه الأزمة فرصة الاعتراف بأن الأنظمة التعليمية في العالم ما تزال تواجه اليوم العديد من التحديات من  لدن المساواة في وصول كل الأفراد إلى التعليم، خاصة منهم الذين يعيشون ضمن الفئات المهمشة في المجتمعات، رغم ما نسجله في هذا المجال من تفاوتات بين دول العالم عامة والعالم العربي على التخصيص.

ولذلك ينبغي إعادة النظر في العلاقة القائمة بين التعليم الحضوري الذي يعتبر في أغلبه مدنيا وتتبنى الدول إتاحته للجميع في كل المناطق التابعة لها، وبين التعليم عن بعد الذي دُفعت إليه أغلب الدول دفعاً دون سابق إنذار، فوجدت نفسها بين خياري ترسيمه وجعله تجريبيا، في ظروف أقل ما يمكن القول عنها أنها ظروف لا تقبل المجازفة بحياة الإنسان.

فكان لابد من التفكير في ما بعد كوفيد 19 وهي المرحلة التي نقدّر أن يوفر فيها مجال التعليم عن بعد فرصة الإقلاع الحقيقي لاستثمار تكنولوجيا المعلومات والتواصل، بما نعتبر أنه سيحسن مهارات المدرسين بشكل عام، ويحسن كذلك من نمط مشاعرهم تجاه طلابهم، مع ما يتطلبه ذلك من دعم مادي ومعنوي، يبدأ من توفير العتاد والبرمجيات حتى تكون في متناول المدرسين والطلاب على حد سواء، بل ويتطلب فهم ودراسة الخلفية الاجتماعية والحضارية للطلبة ولتجاربهم وخبراتهم من استراتيجيات التعليم عن بعد.

ولن نجادل في كون التعليم عن بعد ما بعد كوفيد19 سيختلف كثيرا عن الما قبل، لما سيحتاجه من زيادة وتقوية المهارات التي من المفروض أن يمتلكها كل مدرس تخرج من المراكز الخاصة، وكذا العمل على تطوير قدراته المعرفية المتعلقة بمواد التخصص، والمتعلقة بعتاد الاشتغال حتى يضمن تدريسا فاعلا وفعالا.

مدخل

كثيرا ما نردد قولة ” رب ضارة نافعة” في مجموعة من المواقف والسياقات الذاتية والموضوعية، المحلية والدولية، ولو وضعنا أزمة كوفيد 19 في هذا السياق، سنعتبرها حافزا لتغيير كل مجالات الحياة في العالم بشكل عام والعربي على وجه الخصوص، ولن يسلم مجال التعليم من هذا التغيير، بل ينبغي أن يشكل منطلق أي تأسيس جديد لعالم ما بعد كرونا، من خلال التفكير الجاد في التعليم عن بعد وإعادة النظر في آليات توفير ومواكبة حاجيات المتعلمين والمدرسين للاستفادة من معدات تكنولوجيا المعلومات والتواصل في  ظل الأزمة وبعد انفراجها.

التفكير الجاد في التعليم عن بعد يولد من رحم الأزمة

إن الحديث عن أزمة كوفيد 19 التي لم يسلم منها العالم بأسره، يدفعنا للنظر إليها من زوايا مختلفة، نقتنص منها الزاوية الإيجابية التي تتيح لنا أن نعتبرها حافزا قويا لإعادة النظر في آليات التفاعل مع الحياة تفاعلا إيجابيا يساير منطق اللحظة ويستجيب لحاجيات الإنسان المثقف وغير المثقف، العربي وغير العربي، المنتج والمستهلك بلغة الاقتصاد.

لقد أتاحت لنا هذه الأزمة، رغم ما تنطوي عليه من مخاطر وتهديدات لحياة الإنسان، فرصة الاعتراف بأن الأنظمة التعليمية في العالم لا تزال تواجه اليوم العديد من التحديات من حيث المساواة في وصول كل الأفراد إلى التعليم، خاصة منهم الذين يعيشون ضمن الفئات المهمشة في المجتمعات، رغم ما نسجله في هذا المجال من تفاوتات بين دول العالم عامة والعلم العربي على التخصيص، الأمر الذي كشف بجلاء مع تجربة التعليم عن بعد التي انخرطت فيها المؤسسات الرسمية في مختلف بلدان العالم، وهي تفاوتات قد تختفي مع الترسانة الهائلة من التقنيات التعليمية التي يمكن توظيفها بفاعلية كبيرة في العملية التعليمية من أجل تسهيل التعلم وتحسين الأداء (ربحي، 2018،ص. 15).

ولذلك ينبغي إعادة النظر في العلاقة القائمة بين التعليم الحضوري الذي يُعدّ في أغلبه مدنيا وتتبنى الدول رسميا إتاحته للجميع في كل المناطق التابعة لها، وبين التعليم عن بعد الذي دُفعت إليه أغلب الدول دفعاً دون سابق إنذار، فوجدت نفسها بين خياري ترسيمه وجعله تجريبيا، في ظروف أقل ما يمكن القول عنها أنها ظروف لا تقبل المجازفة بحياة الإنسان.

فكان لابد من التفكير  في ما بعد كوفيد 19 بعده المرحلة التي نقدِّر أن يوفر فيها مجال التعليم عن بعد فرصة الإقلاع الحقيقي في استثمار تكنولوجيا المعلومات والتواصل، بما سيحسن، في نظرنا، مهارات المدرسين بشكل عام، ويحسن كذلك من نمط مشاعرهم تجاه طلابهم، لاسيما مع استحضار ظروف حياة اليوم والتعقيدات التي تنطوي عليها، والتي غدا معها التفكير في الحلول والبدائل أمرا ضروريا حتى نوفر على أنفسنا بعض المال و بعض الوقت، ونضمن استمرارية الارتباط بين المتمدرسين وتعلماتهم، وعدم توقف المرافق الحيوية التي تبني حضارة الإنسان.

ولم يعد بقاء الأمم والحضارات مرتبطاً بقوتها فقط، وإنما أيضا بمدى استجابتها للتغيير حسب متطلبات الحال والمستقبل، وأصبح فيها التعليم أداة لصناعة التقدم والنهضة، في مجال المعرفة والتكنولوجيا (رمزي، 2010، ص. 9)، بل ومعيارا لمواجهة الأزمات التي تسبب فيها الإنسان نفسه، والتي بقي أمامها عاجزا عن إيجاد مخرج منها إلى لحظة كتابة هذا المقال، ونخص بالذكر أزمة كوفيد 19 التي نأمل أن تلد في أحشائها أفقا جديدا في مجال البحث العلمي الطبي والتربوي والمعرفي والاجتماعي وغيرها من الأبحات التي اعتقد الإنسان أنه أوصلها إلى نقطة التباهي لولا عجزه البيِّن أمام فيروس مجهري يعيدنا إلى سؤال؛ متى تنهض كل الأمم بمجال البحث العلمي، وتوسع دائرة الاشتغال على التجديد في كل مجالات الحياة؟  

  1.  الغاية من التدريس عن بُعد بَعد كوفيد 19

لقد أفرز التعليم عن بعد، منذ ظهوره بفعل الأبحاث التربوية، تغيرات كبرى في الأسلوب التنظيمي لعملية التعليم، بشكل لا يمكن تجاهله وأصبح تأثير المناهج والتدريس المدعوم بالتكنولوجيا مجالًا ذا أهمية متزايدة لدى المعلمين ومقدمي الخدمات والممولين(Newmen, & Others, 2007, P. 1). ولم يعد معه حضور المتعلمين داخل فصولهم، وإلى جانب المدرس شرطا أساسيا للاستفادة من تعلماتهم. الأمر الذي أصبح إلزاميا مع أزمة كوفيد 19 التي عصفت بالعالم ودفعته دفعاً إلى هذا النوع من التعليم.

وكنا قبل أزمة كوفيد 19 قد وقفنا على المدارس الافتراضية التي أنشئت أساسا لتمكين الطلبة من الوصول إلى أساتذة متخصصين في مادتهم العلمية من داخل أوخارج مجتمعاتهم (بيتس، 2007، ص. 85) ومن شأن هذه المدارس أن تحذف من قاموس التعليم كلمات من قبيل “الأرياف” و”التهميش” و”الإقصاء” و”والمناطق النائية” وكل ما يصب في حقلها الدلالي، خاصة إذا توفر صبيب الانترنيت في جميع مناطق العالم دون استثناء.

ومن الغايات الكبرى التي ستخدمها استراتيجيات التعليم عن بعد بَعْدَ كوفيد 19 توفير فرصة التعلم أمام الطلاب، في الوقت والمكان المناسبين لكل طالب يجيد استثمار تكنولوجيا المعلومات والتواصل، دون الحاجة إلى تواجده وجها لوجه أمام المدرس(Bates, 2005, P. 6)، وبشكل يخفي أغلب العقبات؛ حيث إن الترتيبات الدقيقة المطلوبة للتعليم عن بعد، تحسن من المهارات التدريسية لدى المدرسين بشكل عام، ومن نمط مشاعرهم نحو طلابهم(السامرائي، 2014، ص. 151)، بل ويخدم السلامة الصحية لكل من المدرس والمتعلم وكل المتدخلين في العملية التعليمية التعلمية بعد التطورات الخطيرة التي عرفها مسار كوفيد 19، بالعالمين المتقدم والنامي، القروي والحضري، وعبر كل المستويات الدراسية، بدءاً من الابتدائي وانتهاءً إلى العالي.

 وهكذا فإن التحديات التي يفرضها نظام التعليم عن بعد تقابلها الفرص التي يوفرها للجميع حتى يلج خدماته التي تتسع باتساع الوعي لدى كل مستفيد، خاصة مع الإسهام الفعال لتكنولوجيا المعلومات والتواصل في تحديث وزيادة فعالية التعليم عامة لتحقيق أهداف التنمية البشرية والتنمية الشاملة المستدامة (رمزي، 2010، ص. 32)، على أساس التدقيق في المفاهيم وتوظيفاتها تفاديا لأي لَبْسٍ أو تحوير للعملية خدمةً لأغراض أخرى قد يغيب عنها البعد التربوي، فلابد، مثلا، من التفرق بين استخدام شبكة الحاسوب لتوزيع المواد على المتعلمين واستخدامها لتسهيل الحوار بين الطلاب أنفسهم أو بينهم وبين المدرس أو بينهم وبين البرامج الجحاسوبية التفاعلية(Bernadette & Colin, 2004, P. 18)

وتواجه التعليم عن بعد مجموعة من التحديات التي تضاعفت مع كوفيد 19، على رأسها منجزات تكنولوجيا المعلومات والتواصل، والحاجة الملحة إلى استخدامها في الحقل التعليمي، ومن شأن هذا النوع من التعليم، أن يساعد المدرس على إيجاد الوقت لتطوير دوره وقدراته في توظيف التكنولوجيا واستثمار خدماتها، كما سيساعده في إرشاد طلابه وتوجيه كفاءاتهم لتحقيق أقصى استفادة ممكنة وتعويدهم على تحمل المسؤولية(الكسجي، 2012، ص. 262)، على أساس أن تخصص الدول دورات تكوينية تؤهل المدرسين لهذا النوع ممن التعليم الذي دفعت إليه دفعاً أغلب الدول التي اختارت استمرار التعلمات ولم تكن برامجها قد استوعبت آليات التفعيل ميدانيا، وكانت مترددة في إدماج تكنولوجيا المعلومات والتواصل في التدريس بكل أسلاك التعليم.   

  • أوجه الاختلاف بين التدريس عن بعد والتدريس الحضوري

لن نجادل تربويا في كون عملية التعليم عن بعد ذات التخطيط الاستراتيجي الجيد تختلف جذريا عن تلك التي فرضتها حالة الطوارئ التي يعيشها العالم بسبب فيروس كورونا، بعدما اقتنعت الدول بضرورة مواصلة التدريس والتعلم مع الحفاظ على سلامة المعلمين والطلاب وأعضاء هيئة التدريس في بكل الأسلاك. ورغم أن بعض المؤسسات انخرطت في هذا النوع من التعليم في ظروف إيجابية، خاضعة للتخطيط القبلي، فلن نجادل كذلك في كون التحول المفاجئ من التعليم التقليدي إلى التعليم عن بعد سيجد تعثرات تقنية وتربوية واجتماعية لاختلافه، تماما، عن التعليم التقليدي الذي أصبح مألوفا في كل الدول.

فالمدرسون داخل الفصول الدراسية التقليدية يستعينون بردود الأفعال التلقائية لدعم إيصال التعلمات؛ فمن خلال نظرة فاحصة سريعة يمكن لكل مدرس أن يميز بين الطلبة الذين يدونون والذين يواجهون صعوبة في فهم مسألة معينة وبين من يرغبون في التعليق أو الاستفسار(السامرائي، 2014، ص. 151). ويمكن للمدرسين الذين تلقوا تكوينا تربويا موسعا أن يتتبعوا الحالات النفسية لطلابهم المتعلقة أساسا بانزعاجهم من مسألة معينة أو تعبهم أو مللهم من الحصة، وغيرها من الحالات التي ترتبط بميزاج كل طالب.

إنها وضعيات تواصلية يتلقاها المدرس في التعليم الحضوري بحالاتها وإشاراتها الملاحظة سواء بعقله الواعي أو اللاواعي ليقوم بإيصال المعلومة بالطريقة والأسلوب المناسبين لحاجات المتعلمين ومقاماتهم التواصلية. ويمكن اعتبار هذا النوع من التعليم تعليما مباشرا صمم خصيصا لتنمية التعلمات، معرفيا وإجرائيا، بل ويبسط فيه المدرس مادته وينقلها من بعدها الأكاديمي إلى بعدها التعليمي في المستويات الأولى أساسا، وبشكل تفاعلي مباشر تبدو فيه المعرفة لدى المتعلم تقريرية واضحة(جابر، 1999، ص. 15) يجتهد فيها المدرس بما يتيح مرونة في التدريس والتعلم من أي مكان وفي أي وقت كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

أما المدرس عن بعد فلا تتوفر لديه أية إشارات مبنية على الملاحظة المباشرة الحضورية، وهو ما يمكن أن توفره تكنولوجيا المعلومات والتواصل عبر تقنية الفيديو التفاعلي أو غيره من التقنيات، إلا أن ظروف تنزيله الآن أو بعد كوفيد 19 قد تحول دون إقامة حوار بناء بين مدرس قد يكسر أفق الانتظار عنده في أيه لحظة وصفه البعيد عنه عند تشويه التفاعل التلقائي بسبب المسافة والتعقيدات التقنية.

ويصعب على المدرس، بغياب وسائل تكنولوجيا المعلومات والتواصل السمعية البصرية، أن يتلقلى المعلومات عن طريق الملاحظة، إذْ إنه لن يتمكن من التمييز بين النائمين من طلابه والذين يتحدثون إلى بعضهم البعض، أو حتى بين الحاضرين والغائبين عن الغرفة التي أصبحت بديلا رقميا للفصل الدراسي كما ألفناه في تعليمنا التقليدي، وقد أتيحت لنا فرصة التدريس عبر مختلف المنصات منذ بداية الحجر الصحي إلى الآن وتبينا أن غياب التفاعل بالصوت والصورة يدخلك أحيانا في الشك في حضور بعض المتعلمين. وتحرم الإقامة في مجتمعات متباينة أو مواقع جغرافية مختلفة، أو حتى في دول وولايات مختلفة، كلًّ من المدرس والطالب من الرابط الاجتماعي المشترك(السامرائي، 2014، ص. 151).

  • حاجيات الطلاب للاستفادة من التعليم عن بعد

لقد وضعت أزمة كوفيد 19 العالم كله أمام مسؤوليات جسيمة لابد أن يتحملها، ويشجع كل المهتمين والسائرين في طريق الابتكار والتفكير فيما يمكن القيام به بشكل أفضل. وأعتقد أنه لم يعد ممكنا أن ينوب البعض عن البعض في هذه العملية، فالكل يعاني من الآثار الجانبية لهذه الجائحة التي لم تلح بعد بوادر انفراجها في الأفق، وعلى الكل أن يخدم مجتمعه من زاويته ويفكر في احتياجاته اليوم، الأمر الذي وضع الكثير من أنظمة التعليم في مرحلة دقيقة، وأجبرها على التفكير في كيفية التعامل مع مقتضيات هذه الظرفية الحساسة،  وعلى أساس أن نأخذ بعين الاعتبار تسارع وثيرة الاهتمام بالعليم وتجويده وتطويره وربطه بالتقنيات الحديثة التي تربطه بحاجيات المجتمع في العديد من الدول قبل هذه الجائحة(الأتربي، 2019، ص. 23).

 ويتطلب العمل بفاعلية ووفق استراتيجيات الفريق أن نوجه بعض الطاقة لتوليد الشعور بالراحة لدى الطلاب تجاه طبيعة التعليم عن بعد الذي فرض عليهم، وتحفيزهم بمختلف الوسائل إلى أهميته في التحصيل المعرفي والتعلم الذاتي،  وملاءمة حاجياتهم على أفضل وجه وفق استراتيجيات لا تشعرهم بالنفور بقدر ما تنمي الرغبة في الارتباط به، ونذكر من هذه الاستراتيجيات التي تساعد على تلبية حاجيات الطلبة:

  • أن نعمل على إيجاد أرضية مشتركة بين كل المتدخلين في عملية التعليم عن بعد بَعْدَ كوفيد 19 في بلداننا العربية، وكسب الدعم للتعلم عبر الانترنيت، بعيدا عن قطبية القرارات ومركزيتها، وللتغلب على المقاومة التي قد تصدر من بعض الجهات، خاصة مع الضغط النفسي الذي تعيشه الأسر في هذه الظرفية(Semonson, & Schlosser, 2015, P. 20).
  • أن نساعد كل الطلاب على الارتياح لتكنولوجيا المعلومات والتواصل وتأهيلهم للتغلب على بعض العقبات التقنية التي قد تواجههم، ونخص بالذكر أولئك الذين رماهم القدر على هامش دولهم بعيدا أدنى شروط الإحساس بالتقدم التكنولوجي.
  • أن نعزز الوعي والارتياح لدى الطلاب بخصوص التقنيات والأنظمة والبرامج والمنصات وكل الوسائل المتاحة لهذا الغرض.
  • أن نستحضر باستمرار اختلاف الطلاب في قدراتهم اللغوية ودرجة استيعابهم للتعلمات، والتنويع في الوسائل ما يخدم هذه الاختلافات الموضوعية.
  • أن نجتهد باستمرار في  فهم ودراسة الخلفية الاجتماعية للطلبة ولتجاربهم وخبراتهم من استراتيجيات التعليم عن بعد.
  • أن نتذكر دوما ضرورة أن يمارس الطلبة دوراً فاعلاَ في الحلقة الدراسية التي تصلهم عن بعد؛ وذلك بأخذ زمام المسؤولية بخصوص تعلّمهم بصورة استقلالية.
  • أن نعي وعيا كافيا لحاجيات الطلاب من حيث التوافق مع التواقيت المتعارف عليها المؤسسات التعليمية، بكل الأسلاك، وأخذ فوارق التفاعل وسرعة صبيب الأنترنيت بعين الاعتبار.
  • أن نعمل على تدوير المعلومات باستمرار، وهو ما توفره تكنولوجيا المعلومات والتواصل دون أدنى شك، من حيث نشر المعرفة وتقاسمها، وإثراء العمل وتعزيز الإنتاجية لدى الفاعلين التربويين، والحصول على رضى المستفيدين من الطلاب على اختلاف مستوياتهم وطبقاتهم الاجتماعية(ثروت، 2017، ص. 99).
  • أن نكسب المهارات التشاركية للمدرسين والطلاب على حد سواء، ونعمل على تفعيلها وتنميتها باستمرار؛ فقد أكدت الدراسات على أهمية هذا النوع من المهارات، ومنها دراسة نيفجي فرتان ونيمي (2006) Nevgi, Virtane & Niemi التي اهتمت بتوضيح كيفية التشارك من خلال شبكة الانترنيت لدعم التعلم مدى الحياة (السعيد، 2019، ص. 102)، ورغم أن الدراسة ركزت أساسا على المستوى الجامعي، فإننا نرى فعاليتها على صعيد المستوى الثانوي بسلكيه التأهيلي والإعدادي لدى الطلاب ومدرسيهم، والابتدائي لدى المدرسين والمشرفين التربويين بالدرجة الأولى.

وأكدت دراسة أخرى لكل من برندلي وبلاشك (2009) Brindley & Blaschke فاعلية المجموعات التشاركية الصغيرة في بيئة التعلم الافتراضية، خاصة على مستوى بناء مشاريع الطلاب ومشاركتهم داخل مجموعة العمل (السعيد، 2019، ص. 102)، مع التأكيد على كون المجموعات صغرى تفاديا لهدر الزمن الدراسي في النقاشات الهامشي، وسعيا لتيسير عملية التقييم انطلاقا من توزيع المهام. وتتعدد المشاريع التي يمكن أن يكلف بها الطلاب حسب مستوياتهم الدراسية ودرجة فاعليتهم واستيعابهم للتعلمات.

  • خلاصة القول :

إن الحديث عن أزمة كوفيد 19 باعتبارها حافزا للتغيير، هو فرصة للاعتراف بأن أنظمة التعليم بالمجتمعات العربية لا تزال اليوم تواجه العديد من التحديات، من حيث المساواة في الوصول إلى التعليم بنفس الإمكانيات، وبغض النظر عن الانتماء الجغرافي والاجتماعي للفئات المستهدفة

فقد اسغرقنا وقتا طويلا وأنفقنا أموالا طائلة، تقليداً، في عتاد تكنولوجيا المعلومات والتواصل، وإنتاج برمجيات مستوردة كليا، وهذا بأن التعليم يتعلق في نهاية المطاف ببناء الإنسان المتكامل والمسؤول، كما نص على ذلك صراحة الكتاب الأبيض في المغرب مثلا في أكثر من موضع وهو يتحدث عن القيم، وإعداد المواطنين العالميين الذين وإن كانوا مؤهلين للحصول على وظيفة، إلا أنهم لابدّ أن يكونوا على قدر كافٍ من الالتزام ببناء مجتمعاتهم من منظور أوسع مرتبط بما يحدث في العالم، ومؤهلين للتعامل مع الطوارئ التي تتطلب طاقة بشرية واعية أكثر مما تتطلب أموالا طائلة وعتادا رقميا متطورا.

المراجع :

  • باللغة العربية

الأتربي، شريف. (2019). التعليم بالتخيل: استراتيجيات التعليم الإلكتروني وأدوات التعلم، (ط.1)، العربي للنشر والتوزيع- القاهرة.

بيتس، طوني أ.و. (2007). التكنولوجيا والتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، (ط.2)، شركة العبيكان للأبحاث والتطوير، ترجمة وليد شحادة.

ثروت، عبد الحميد عيسى. (2017). أساليب الاستفادة من إدارة المعرفة بالمؤسسات التعليمية: المفهوم- العمليات – النواتج، (د.ط)، دار من المحيط إلى الخليج للنشر والتوزيع، عمان-الأردن.

جابر، عبد الحميد جابر. (1999). استراتيجيات التدريس والتعليم، (ط.1)، دار الفكر العربي للطبع والنشر – القاهره.

ربحي، حسن مهدي. (2018). التعلم الإلكتروني نحو عالم رقمي، (ط.1)، دار الموهبة للنشر والتوزيع- عمان الأردن.

رمزي، أحمد عبد الحي. (2010).التعليم عن بعد في الوطن العربي وتحديات القرن الحادي والعشرين، (د. ط)، مكتبة الأنجلو المصرية.

السامرائي، نبيهة صالح. (2014). الاستراتيجيات الحديثة في طرق تدريس العلوم: المفاهيم – المبادئ – التطبيقات، (ط.1)، دار المناهج للنشر والتوزيع.

السعيد، مبروك إبراهيم. (2019). استراتيجيات التعليم في العصر الرقمي: التعلم المقلوب والتعلم التشاركي نموذجا، مؤسسة الباحث للاستشارات البحثية والنشر الدولي.

فاطر، مهندس منتصر عبد الله. (2000). ” دور تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات في التعليم عن بعد ” دراسات حول إنتاج المواد التعليمية لبرامج التعليم عن بعد، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو- مطبعة ابن إزناسن. سلا.

الكسجي، فلسطين محمد أحمد.  (2012). الجودة في التعليم عن بعد، (ط.1)، دار أسامة للنشر والتوزيع.

باللغة الإنجليزية

Bernadette, R & Colin, L .(2004). Teacher Education through open and distance learning, Routledge, Falmer Taylor Francis group, Volume 3. 

Mayer, R . (2001). Multimedia in learning, U.K. Cambridge university Press.

Newman D. L, Falco .J, Silverman. S, & Barbanell. P. (2007). Videoconferencing Technology in K-12 Instruction : Best Practices and Trends, Information science Reference, IGI global imprint.

Semonson, M & Schlosser, C. (2015). Quarterly Review of distance education: Research that guides practice, Information Age Publishing, Volume16, N°3.

Tony, bates. A.W. (2005). Technology, E-learning and Distance Education, (2nd ed), Routledge, taylor, Francis group.

Widdowson, H. G. (1979). Exploration in Applied Linguistics, Oxford University. Press.

Widdowson, H. G. (1984). Teaching Language as communication, Oxford University. Press.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *