الباحثة: شيطر عيشوش

   جامعة محمد لمين دباغين ــــ سطيف2 ــ الهضاب، الجزائر

ai.chite@univ-setif2.dz

002133559955197

الملخص:

الطالب الجامعي في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية، يشكل أحد المخرجات النهائية لمنظومة التعليم العالي. مما يشير إلى رأسمال معرفي كانت ولازالت الجامعة أحد أوعيته الهامة، ومخبرا يتفاعل فيه ذلك الكم الهائل من المعرفة بما توفره من برامج تدريبية معاصرة تتمحور حول فاعل رئيسي وهو الطالب. الذي تزداد أهميته وقيمته العلمية والمعرفية كلما تدرج في المراحل التعليمية، وتقدم أكثر نحو اكتساب المهارات الأساسية واللازمة تؤهله لمعالجة المعارف والتفاعل معها يطورها ويعيد إنتاجها، ويتمكن في ضوئها من تقديم خدمات ينهض بها مجتمعه على شكل حلول لمجمل المشكلات التي يعاني منها تتنوع بحسب مجالاتها (اجتماعيه نفسية تربوية اقتصادية …..). وفي غمرة التطور السريع للمعارف، والتوسع المذهل لها بالإضافة إلى أن ميدان العلوم الإنسانية والاجتماعية، أضحى يبحث عن باحثين يتمتعون بالحكمة والتعقل والتدبر. مما وضع الجميع في تحد مركب، وهنا تتجلى الحاجة ومن وجهة نظر الباحثة إلى تطبيق نهج البحث الابستمولوجي، كمدخل هام يكشف لنا أن أهمية وقيمة أي معرفة تكمن في استيعاب مصادرها وطرق وأساليب البحث عنها والوصول إليها، مما يساهم في اكساب الطالب قيم كالاستقلالية والحرية في التفكير والمتعة والالتزام والصدق، ومن دون هذه القيم لن يستطيع أن يقدم للعالم صورة عن الجامعة المستوعبة للمعرفة منتجة ومتحكمة في اليات البحث عنها، ولن يستطيع تحمل أعباء هذه المسؤولية ولن يكون أيضا في مستوى توقع المجتمع.

الكلمات المفتاحية:الطالب الجامعي، البحث الابستمولوجي، البحث العلمي، العلوم الإنسانية والاجتماعية، مهارات اكاديمية، مخرجات التعليم العالي، المعرفة

The importance of epistemological research in developing some academic skills among university students in the colleges of humanities and social sciences

Researcher: CHITER AICHOUCHE

University of Mohamed Lamine Debaghin – Setif 2 – Al Hadab, Algeria

 

Abstract:

The undergraduate student in the faculties of humanities and social sciences is one of the outcomes of the higher education system. This indicates a cognitive capital that the University has been and continues to be one of its essential vessels, and an informant in which that enormous amount of knowledge interacts with its contemporary training programs centred on a significant actor, the student. which increases its relevance and scientific and cognitive value as it is included in the educational stages, and advances further towards the acquisition of the basic skills necessary, to qualify it for the treatment of knowledge and interaction in the light of which it can provide services, promoted by its community in the form of solutions to the whole range of problems, it suffers varying according to its fields (social, psychological, educational and economic….). Amid the rapid development of knowledge, the spectacular expansion of knowledge, as well as the field of humanities and social sciences, the search for researchers with wisdom, reasonableness and reflection. This puts everyone in a complex challenge and here is the need , from the researcher’s point of view, to apply the epistemological approach, as an important input that reveals to us the importance and value of any Knowledge of its sources, methods of seeking and accessing them contributes to the student’s achievement of values such as autonomy and freedom of thought, pleasure, commitment and honesty, Without these values, he will not be able to present to the world a picture of the knowledge-absorbing university produced and controlled in the search for its expectations “, and would not be able to shoulder the burden of this responsibility, nor would it be at the level of society’s expectation.

Keywords: undergraduate student, epidemiological research, humanities and social sciences, values, outputs

 

مقدمة

تشكل العلوم الإنسانية والاجتماعية، ميدانا واسعا تتلاقى فيه وتتلاقح مجالات عديدة ومواضيع متنوعة من المعارف والعلوم، وكل ما يتعلق بها من طرق للبحث ومنهجيات تعتمد أساليب في التفكير على اختلافها العلمية والفلسفية. وكونها علوما فهذا لا يعني بالضرورة خضوعها لمنهج العلوم الطبيعية والعلوم الرياضية وفقط ، وإنما “تخضع لمنهج خاص يتوافق مع طابعها النفسي والوجداني، لأنها تتصل  بالروح والنفس والعقل، وهي لا تخضع للقوانين التي أمكن استخلاصها من دراسة الحيوان لأن الانسان حيوان زيادة (جاد الحق، 1989، ص.33) فمفهومها لا ينحصر في ذلك المفهوم الضيق للعلم،والذي يشير إلى أنه نشاط بشري يهدف الإنسان من خلاله إلى التحكم والسيطرة على الطبيعة وإخضاعها له،بل يتعدى هذا المفهوم الضيق إلى مفهوم واسع ويقصد به المعرفة الإنسانية بشكلها الواسع بحيث يصبح العلم جزء أو نوعا من المعرفة الإنسانية. والتي تشمل المعرفة العامة والمتمثلة فيما هو شائع وناتجة عن المعايشة اليومية لأحداث ومواقف الحياة، والتي تتدخل بالتأكيد في صقل شخصية الأفراد، وتساهم في تحديد توجهاتهم ومعتقداتهم في جميع مراحل حياتهم. ثم المعرفة الناتجة عن استخدام أساليب التفكير الفلسفي كالحدس والتأمل والتدبر والتفكير المنطقي المقصود،وأساليب الاستقراء والاستنباط. بحيث تمدنا بالحقائق والمبادئ الكلية والعامة والنظريات عن ظواهر الكون والحياة، وقضايا الجمال والأخلاق والوجود. والمعرفة الخاصة وهي معرفة علمية دقيقة مصدرها هو البحث العلمي الذي يعتمد على المنهج الوصفي والتجريبي   والتاريخي …  والخ. ومعرفة كهذه تتطلب طرق وأساليب في البحث تحترم قيمة الإنسان وتؤمن بقدراته ومواهبه المواكبة لكل تطور وتغير في الحياة، ومن طبيعتها أنها دائما في حالة استنفار مستمر ومتواصل عبر العصور والأزمنة التاريخية، مما نتج عنه تراكم معرفي وتداخل لا يمكن أن يكون الفضل فيه لمنهج بعينه أو لعلم من العلوم. أو لأمة من الأمم أو لحضارة من الحضارات ذلك ” أن تعاقب الأجيال وقيام حضارات واندثار أخرى، ليجعلنا نؤكد أن الأفكار يجب ألا تورث مع الأرض وإنما هي مهمة كل جيل أن يبصر لنفسه” (محمد سنمر، 1409، ص.117).وتعتبر مراكز التعليم العالي مسرحا هاما تتشكل فيه أنواع المعارف والعلوم، ولم تعد هذه المؤسسات حسب ما يشير (James, 2000)” مصادر ساكنة أو ثابتة للمعرفة وإنما صارت شبكات معقدة للمعلومات. فالمجتمع الحديث صار بحاجة إلى عمال معرفة (Knowledge workers) تتحدد مصداقيتهم بقدر ما يمتلكون من معرفة متجددة ومتغيرة بتغير ظروف العصر “(نصار، 2005، ص. 85).إذ تقوم بتسويغها وتقديمها مستهدفة بذلك بناء العقول وتطوير البحث فيها، كدليل على رأسمال معرفي كانت ولازالت الجامعة أحد أوعيته الهامة، ومخبرا يتفاعل فيه ذلك الكم الهائل من المعرفة بما توفره من برامج تدريبية معاصرة تتمحور حول فاعل رئيسي وهو الطالب. الذي يشكل أحد المخرجات النهائية لمنظومة التعليم العالي.وفي ذات الوقت وعلى حد تعبير (بن هني، 2018) يأتي وفق مخطط هرمي لهيكلة الجامعة من منظور تربوي في قاعدة الهرم بعد الأستاذ. ويتحدد عمله اليومي من خلال ” التوجه إلى الجامعة لغرض الدراسة والمقصود من ذلك تحصيل أكبر قدر من المعارف والأنشطة ولن يجني كبير فائدة حتى يعلم أي غاية أو هدف يمكن بلوغه بعد مساره الدراسي ” (بن هني، ص. 537).ومن خلال هذا المسار تزداد أهميته وقيمته العلمية والمعرفية كلما تدرج في المراحل التعليمية، وتقدم أكثر نحو اكتساب المهارات الأساسية واللازمة تؤهله لمعالجة المعارف والتفاعل معها، يطورها ويعيد إنتاجها، ويتمكن في ضوئها من تقديم خدمات ينهض بها مجتمعه على شكل حلول لمجمل المشكلات التي يعاني منها تتنوع بحسب مجالاتها (اجتماعيه نفسية تربوية اقتصادية سياسية…..). وأشار ((James 2000أيضا أن ” تعليم الطلاب لأداء أدوار محددة في المجتمع لم يعد هو الهدف، بل أصبح من أجل إعدادهم كمتعلمين مدى الحياة لأداء مجموعة متباينة من الأدوار والمسؤوليات، وأيضا من أجل إعدادهم كمفكرين يتميزون بالنظرة النسبية متعددة الأبعاد والجوانب وكمواطنين يتحملون المسؤولية الأخلاقية ” (نصار، 2005، ص.85).ولكي تصل الجامعات إلى هذا المستوى يجب أن تحقق قفزة ليس على مستوى الشكلي فحسب من مباني وأدوات، بل يجب أن تقوي أركان التعليم فيها والتي “تشمل عضو هيئة التدريس والطالب والبحث العلمي، وما يتصل بهذه الأركان من عوامل مساعدة” ـــ من مقدمة المترجم، ناصر الحجيلان ــــ (كول جونتان،2016، ص.124)، والتي من ضمنها تطوير المناهج.يقول مجدي عزيز إبراهيم: “من المسلم به أن مناهج التعليم الجامعي تسهم في تحديد مكانة المجتمع العلمية والتقنية وفي إعداد الأفراد ذوي العقول القوية. لذا يكون من المهم إخضاع مناهج التعليم الجامعي للتطوير المستمر والمتواصل”(بنهني، 2018، ص. 537 ــــ 538).هذا المطلب يتزامن مع تطبيق نظامL M D في بعض الدول كالجزائر والذي يتخذ نهجا متسارعا في تكوين الطالب، بالإضافة إلى كون هذا الأخير ــ الطالب ـــ لم يعد يخشى على تغيبه عن المحاضرات نظرا لما توفره له المطبوعات التي يعدها أساتذة المقاييس، وكذلك التكنولوجيا كوسيلة بحث.فقد يأخذ ما يحتاج إليه من دروس ومعارف جاهزة عن طريق اتصاله الالكتروني بموقع أستاذه أو موقع رفيقه في القسم.أضف إلى ذلك الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي العالمية،والتواصل والتحاور مع أشخاص لا يعرف عنهم شيئا، والاطلاع على مضامين ومحتويات رقمية تتعارض في أحيان كثيرة مع خلفياته الفكرية وهويته.اين يجد الفرد نفسه غير قادر “على التحكم والاستدلال في مجتمع تسيطر عليه وسائل الإعلام على كل شيء” (بير تراند، 2001، ص.202)، وعلى حد تعبير هذا الأخير إن هذه الوسائل ـــ وسائل الاعلام عموما ـــ ” أصبحت تغذي اتكالية تزداد رسوخا في أعماق الفرد”. (مرجع سابق). لذلك من غير الصائب تركه هكذا دون سلاح، لابد من التفكير في مداخل بحثية وأطر منهجية، تمكن الطالب في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية من اتخاذ منحى آخر نحو المعرفة،والتأسيس لواقع من الممارسات يعتمد على الاستيعاب والتأمل والتدبر فيما يدرسه ويتدرب عليه.

أولا. مشكلة البحث

إن الملاحظة الميدانية للواقع، تشير إلى أن كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية تقتصر في تكوين الطالب على منهجية في البحث تعتمد على خطوات البحث الكمي في أغلب الأحيان، كتحديد الإشكالية وتطبيق أداة الاستبيان، والأساليب الإحصائية وقراءة الأرقام وتفسيرها، والخروج بالنتائج. بحيث أخذ شكل العمل الروتيني الذي تقوقع فيه الطالب، وأصبح لا يتقن من مناهج البحث إلا هذه الإجراءات المتكررة في كل البحوث التي يعدها الطلبة في الليسانس والماستر وحتى في مرحلة الدكتوراه. وهذا الوضع طبعا نجده منتشرا في غمرة التطور السريع للمعارف، والتوسع المذهل لها. بالإضافة إلى أن ميدان العلوم الإنسانية والاجتماعية، وما تتطلبه طبيعة المعارف المتعلقة به، وفي عصر أضحى يبحث عن طلاب علم ومن ثم باحثين يتمتعون بالحكمة والتعقل والتدبر. مما وضع الجميع في تحد مركب، وهنا تتجلى الحاجة ومن وجهة نظر الباحثة إلى تطبيق نهج البحث الابستمولوجي، كمدخل هام يكشف لنا أن أهمية وقيمة أي معرفة تكمن في استيعاب مصادرها وطرق وأساليب البحث عنها والوصول إليها، مما يساهم في إكساب الطالب قيم كالاستقلالية والحرية في التفكير والمتعة والالتزام والصدق، ومن دون هذه القيم لن يستطيع أن يقدم للعالم صورة عن الجامعة المستوعبة للمعرفة منتجة ومتحكمة في آليات البحث عنها، ولن يستطيع تحمل أعباء هذه المسؤولية ولن يكون أيضا في مستوى توقع المجتمع.   وتنطلق الباحثة في تحليل مشكلة الدراسة بإثارة السؤالين التاليين:

ما هي مبررات الحاجة لمقياس منهجية البحث الابستمولوجي في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية؟ وما أهميته في تنمية بعض المهارات الأكاديمية لدى الطالب الجامعي في هذه الكليات؟

ثانيا. مبررات الدراسة

إن اللجوء إلى إثارة هذا الموضوع له ما يبرره طبعا من وجهة نظر الباحثة تتمثل فيما يلي:

  1. الصعوبة التي يجدها الطالب في إعداد أي بحث من حيث اختيار الموضوع وتحديد المشكلة، وإن تمكن فهي مشكلات مجترة متكررة لا تدل على استيعابه وفهمه العميق للمعرفة التي درسها.
  2. منطقة الراحة التي ركن إليها وأصبح لا يبارح مكانه عندما استسلم لإجراءات بحث كمي روتيني،مما أعطى صورة نمطية عن نوعية المشكلات ومدى خطورتها، وعلى نوعية الأسس والمناهج المتبعة بمعالجة تلك البحوث، وعلى النتائج البحثية والتوصيات التي خرجت بها البحوث من أجل المعالجة الفعلية والواقعية.
  3. إن شكل وطبيعة المعارف التي يتلقاها الطالب، تشكل مكتسبات قاعدية يلج من خلالها ميدان العلوم الإنسانية والاجتماعية تمهيدا لمراحل لاحقة في الدراسات العليا، مما يتطلب الاستعانة بطرق وأساليب للبحث توسع من مداركه حولها.

ثالثا. أهداف الدراسة

وتتجه الدراسة بهذه الأسئلة نحو تحقيق هدفين رئيسيين وهما:

  • الكشف عن مبررات الحاجة لمقياس منهجية البحث الابستمولوجي في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية.
  • التعرف على بعض المهارات يساهم البحث الابستمولوجي في تنميتها لدى الطالب الجامعي ومن ثم تبرز أهميته والحاجة اليه.

رابعا. أهمية الدراسة

الباحثة وإن سعت إلى تحقيق هذا الهدف فهو نابع من قناعتها المبدئية بالحاجة إليه وأهميته وأن هذا النمط من البحث يعزز سبل البحث والتقصي عن المعرفة كنهج يومي وهدف مستمر، يساعد الطالب الجامعي في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية، على الفهم السليم للتراث العلمي والمعرفي الذي يتلقاه،وإعادة قراءته مما يكون لديه مجموعة من القيم وأخلاقيات البحث كمهارات تغذي انغماسه في هذه المعرفة، وتنمي فيه روح النقد والتفكير والالتزام والشعور بالمسؤولية تجاه هذا التراث.

خامسا. أدوات البحث

استخدمت الباحثة أداة الملاحظة المباشرة أو ما يعرف ب (الملاحظة بالمشاركة).وذلك من خلال المعايشة الميدانية للمشكلة، عندما أسندت للباحثة تدريس حصة تطبيقية في مقياس ابستمولوجيا التربية مستوى سنة ثانية تخصص علوم التربية. وشعرت بوجود فجوة بين مستوى الإمكانيات الأكاديمية للطالب وبين مجموعة المعارف التي يتضمنها هذا المقياس ومقاييس متعلقة بالتخصص عامة.والأداة المستخدمة طبعا من أدوات البحث وهو” من الأساليب الكيفية في البحث الاجتماعي، الذي يقوم على المعايشة مع الجماعات الصغيرة لمدة طويلة موظفا أدوات مثل المقابلة بأنواعها والملاحظة بالمشاركة” (نصار، 2005، ص.32).

 

 

سادسا. منهج البحث

العمل بمثابة قراءة استكشافية حول دور البحث الابستمولوجي في إكساب الطالب الجامعي بعض المهارات الأكاديمية بشكل نظري وعليه فإن مناقشة الموضوع تكون وصفية تحليلية.

سابعا. تدريس العلوم الإنسانية والاجتماعية في ضوء منهجية البحث العلمي

تنطلق الإجابة على أسئلة الإشكال المطروح أولا من ملاحظة الواقع، والذي يفرض علينا أن نتساءل مرة أخرى: ما طبيعة المعرفة التي يتلقاها الطالب الجامعي في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية؟وهل يملك من الأدوات ما يكفي أو ما يلبي احتياجاته المعرفية في هذه المرحلة؟ مبدئيا نقول إن العلوم الإنسانية والاجتماعية ميدان واسع من المعارف والعلوم والتخصصات،وتضم معرفة هي في أصلها مبنية على أساس التداخل والتكامل. كما يمكن تصنيفها وفق ما يتلقاها الطالب في الكلية وعبر مراحل ومستويات معينة إلى معرفة مدخليه معرفة متفرعة عن الأولى أو متخصصة ومعرفة تطبيقية أو شبه (تجريبية).

  1. تعريفات ومفاهيم
    • مفهوم العلوم الإنسانية والاجتماعية
  • مفهوم العلم: يشير هذا المصطلح إلى الدراسة العلمية للظاهرة الإنسانية، واخضاعها بواسطة توظيف مناهج وأدوات علوم الطبيعة مثل: الملاحظة التجربة والقياس في تحليل هذه الظواهر” ويتجسد ذلك في استخدام علم الإحصاء وقوانين الفيزياء، ومفاهيم علم البيولوجيا وعلم الجغرافيا في تحليل وتفسير الظواهر الاجتماعية. ومن هذا المنظور يوظف المنهج الوصفي الذي يعتمد على التطبيق الإحصائي الواسع في التحليل والمعالجة، والمنهج التجريبي الذي يعتمد على استخدام التجربة والتحكم الصارم في المتغيرات وعزلها”(مصباح،2010، ص.51).
  • مفهوم العلوم الإنسانية والاجتماعية:إن العلم يعرف بموضوعه، وبالنسبة لهذه العلوم فإن موضوعها يتحدد في مختلف السلوكات التي تصدر عن الإنسان من حياة وكلام وإدراك وتصور ــــ السلوك الإنساني في دلالته الشاملة ـــ فهو بهذا يحس ويشعر ويفكر، يعيش في وسط جماعة يؤثر ويتأثر لأنه يخضع لها، وقد يخضعها له في بعض الأحيان في إطار علاقات تحددها القوانين والعادات، الأعراف والثقافات التي تحكم كل مجتمع. ومنه فما يسمى بالعلوم الإنسانية والاجتماعية ” موضوعها الإنسان وتختلف المدارس والأديان والحضارات فيها فلكل مذهب أو حضارة أو ثقافة أو دين فكرته الكلية عن الكون والحياة والإنسان، لأن الأمر متعلق أو مرتبط بالصورة أو الفكرة الكلية غاية وجودا طبيعة واخلاقا ونظما وعلاقات (العلواني، 2003، ص.82). كما يطلق مصطلح العلوم الإنسانية على العلوم المسماة بالعلوم المعنوية، وهي تتخذ من أحوال الناس وسلوكاتهم موضوع بحث بطريقة منهجية منظمة. فهي “تتناول الواقع الإنساني سواء تعلق هذا الواقع بالإنسان منفردا أو مرتبطا بغيره …فهمه وتحديد ثوابته. وعلى هذا تكون العلوم الإنسانية علوما تتناول فعاليات الإنسان المختلفة الجوانب، وساعية إلى ضبط طبيعتها وتحديد عناصرها … دلالاتها ومقاصدها (بن عبد السلام واخرون،2012، ص.276).
    • تعريف البحث العلمي

للبحث العلمي عدة تعريفات من بينها:

البحث العلمي نشاط إنساني يشير إلى الجهود المبذولة لاكتشاف معرفة جديدة،أو لتطوير عمليات أو منتجات جديدة. مهمته التحقق من موضوع معين بصورة منتظمة وبمنهجية دقيقة مضبوطة عن طريق الملاحظة الدقيقة، وجمع البيانات وتحليلها بالطرق والأدوات المناسبة”(صحراوي، 2016، 7).

وحسب تعريف (Polansky)هو استقصاء منظم يهدف إلى اكتشاف معارف والتأكد من صحتها عن طريق الإختبار العلمي (مرجع سابق، ص.7).

“البحث العلمي اصطلاحا هو مجموعة من الإجراءات النظامية التي يتبعها الباحث في الدراسة من أجل التعرف على جميع الجوانب المتعلقة بموضوع أو إشكالية علمية والهدف النهائي هو حل تلك المشكلة”(جلوب، علاء إسماعيل، 2023، 27/ 7). آفاق البحث العلمي/تم استرجاعها 25/ 8 /.ويضيف الباحث أيضا في ذات المرجع،أن البحث لا يسمى بحتا علميا إذا لم ينطلق من مشكلة معينة تجسد أرقا ومصدر قلق للمجتمع الاجتماعي أو الأكاديمي بحيث يجب دراستها للتوصل إلى حلول لها.

أما Whitney فيعرفه بأنه “العمل الفعلي الدقيق الذي يؤدي إلى اكتشاف حقائق وقواعد عامة يمكن التأكد من صحتها (صحراوي، 2016، 8).

هو “عبارة عن ورقة بحثية مكتوبة وفقا لأسس علمية معينة، تعالج مشكلة ما أو ظاهرة ما يسهم حلها لفائدة كبيرة لمجتمع الدراسة.

محاولة دقيقة ناقدة للتوصل إلى حلول للمشكلات التي تؤرق البشرية وتحيرها” (القصراوي، 2012، 17).

  • منهجية البحث العلمي

يشار في اللغة الإنجليزية لكلمة منهج إلى طرق البحث واجراءاته، والمنهجية إلى العلم الذي يدرس هذه الطرق والإجراءات فحسب (اشتى، فارس1991) ” يتحدد معنى المنهج Method بطرق البحث واجراءاته في مجال معرفي، بينما يتحدد معنى المنهجية Methodology بالعلم الذي يدرس هذه الطرق والإجراءات، ويتولى تحديد الصفات والخصائص التي تتميز بها طرق البحث كالقصد والوضوح والاستقامة “(حسن ملكاوي، 2011، 71). ولهذا يمكن القول بأن منهج البحث هي الخطوات الإجرائية التي يتبعها الباحث في إعداد بحثه في أي مجال معرفي،وإلى الطريقة والأسلوب. وبمعنى آخر، هو ما يقوم به الباحث للحصول على نتائج لدراسته وهو عملية منظمة غرضية بإجراءات مستخدمة يتم التخطيط لها بعناية. بينما المنهجية تشير إلى العلم الذي يتناول هذا المنهج المتبع ويحاول أن يضع لها مبادئ وأسس وأهداف وشروط إلى غير ذلك

  1. أنواع البحث العلمي

لهذا الاختلاف في المنهج والمنهجية وبتنوع الطرق والأساليب ظهرت أنواع للبحث تعتبر هي الشائعة في استخداماتها ويصنفها (صحراوي 2016) كالتالي:

  • البحث الكمي: هو البحث الذي يهدف إلى إثبات نظرية ما أو تأكيد حقيقة أو صحة واقع ما، ويتمتع هذا النوع من البحوث بمجموعة من المواصفات لعل أهمها،أنه يعتمد على جمع معطيات عددية والتي تتطلب أساليب إحصائية لمعالجتها ويحلل نتائجها ويفسرها تفسيرا وصفيا،ويستخدم في قياس المتغيرات وتقدير أثرها على مخرجات محددة، فحص النظريات تعميم النتائج على مجموعة معينة.
  • البحث النوعي: هو نوع من البحوث العلمية يعتمد على معلومات هي حصيلة انطباع الباحث حول ظاهرة أو موضوع معين،وهو النوع الأكثر ارتباطا بالعلوم الإنسانية. وظهر بسبب النقد الموجه للبحث الكمي بأنه يبعد الباحث عن الأشخاص الخاضعين للبحث، وأنه يصف السلوك البشري بصورة تعميمية وبشكل نسب ومعادلات.
  • البحوث النظرية:يطلق على هذا النوع من البحوث اسم البحوث الأساسية (Basic research) أو البحوث المجردة

(Pure research)، وتهدف إلى إضافة علمية ومعرفية ،و التوصل إلى الحقيقة وتطوير المفاهيم النظرية كما تهتم بالإجابة على تساؤلات نظرية ما، وقد يتم تطبيق نتائجها علميا أو لا يتم.

  • تصنيفات مختلفة لمناهج البحث العلمي

صنف ماركيز (Marguis) مناهج البحث العلمي في ستة أنواع:

المنهج الأنثروبولوجي، المنهج الفلسفي، منهج دراسة الحالة، المنهج التاريخي، منهج الدراسات المسحية والمنهج التجريبي.

أما (Whitney) فقد ميز بين سبعة مناهج للبحث العلمي كما يلي:

المنهج الوصفي ويشمل (المسح دراسة الحالة تحليل الوظائف وتتبع النمو والتطور البحث المكتبي) المنهج التاريخي

المنهج التجريبي المنهج الفلسفي المنهج التنبؤي المنهج الاجتماعي المنهج الابداعي (صحراوي، 2016، 8)

  1. واقع منهجية البحث العلمي في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية

درج تكوين الطالب في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية، على مجموعة من المعارف يتلقاها منظمة وبالتدريج على شكل مقاييس ومقررات دراسية، تضم معارف مدخليه تعتبر معارف قاعدية يكتسبها للولوج إلى ميدان العلوم الإنسانية والاجتماعية، معرفة متخصصة وتشمل معارف متفرعة عن المعرفة المدخلية التي درسها أو مكملة لها، ومعرفة تطبيقية وتشمل الإحصاء والقياس. ومن ضمن هذه المقررات مقرر يعرف بمنهجية البحث العلمي. وفي إطار هذا المقياس الذي يتناوله على شقين الأول نظري يعرف تحت مسمى منهجية البحث العلمي أي La Methodology ويقصد به العلم الذي يدرس هذه الطرق والإجراءات، ويتولى تحديد الصفات والخصائص التي تتميز بها طرق البحث من حيث مبادئها وخصائصها وشروطها، وأنواع المناهج كالمنهج التاريخي والوصفي والمسحي والشبه التجريبي وإلى غير ذلك. والشق الثاني تطبيقي، حيث يحاول الطالب تطبيق الخطوات اللازمة والأساسية لإعداد أي دراسة أو بحث. وهي عبارة عن عروض أو بحوث قصيرة المدى، يطلبها الأستاذ من الطلاب في أحد المساقات لتحفيزهم على الاستزادة والتعمق في الموضوع. وعادة لا يتوقع من الطالب أن يتوصل إلى شيء جديد في مثل هذه البحوث، وإنما الهدف الرئيسي هو تطوير الاعتماد على النفس لدى الطالب في البحث والاطلاع وتطوير مفاهيم الطالب وقدراته التحليلية. وحسب (الهواري، 1980) “يعتبر القيام بالبحوث القصيرة بمثابة تدريب للطالب على القيام ببحوث أكثر عمقا مثل رسائل الماجستير والدكتوراه، ولا سيما وأن الإجراءات النمطية للبحث القصير لا تختلف كثيرا عن إجراءات القيام ببحوث الماجستير أو الدكتوراه” (صحراوي، 2016، 42). هو في الحقيقة قد لا يطلب من الطالب إضافة أو التوصل إلى جديد لكن الواقع يفرض نفسه دائما ذلك أن طريقة إعداد هذه العروض لا تساهم بالقدر الكافي في تكوين مهارات أكاديمية يحتاجها الطالب وهذا يعود إلى أن:

  • انتقاء المواضيع من مهمة الأستاذ عضو هيئة التدريس.
  • لا يكلف الطلبة بقراءة موسعة حول محتوى المقياس وتكوين فكرة عن المحتوى، بهدف اعطائهم فرصة انتقاء المواضيع. ورغم أن هناك فرصة للطالب للاطلاع عن طريق المحاضرة، إلا أن عامل التغيب عنها وعدم حضورها يقلل من قيمة الاستفادة منها.
  • يكتفي الطلبة في أغلب الأحيان بالنسخ من الكتب ومن الانترنيت.
  • تقديمها عن طريق الاملاء والقراءة وفي معظمها غير تفاعلية، وان وجد التفاعل فهو من طرف واحد وهو الاستاذ.

وفي دراسة عن رواد البحث النفسي التربوي في الجزائر من خلال عينة من الأساتذة، كشفت أيضا عن بعض العوامل من خلال النتائج التي أسفرت عنها:

  • أن مستوى الطلبة هو أقل من المتوسط في الأغلب، ومع ذلك نسبة النجاح والتفوق في مختلف المراحل جيدة دليل على خلل عملية التقييم. وحتى عملية التقييم تختلف من جامعة لأخرى فنجد الصرامة في بعض الجامعات والعكس تضخيم النقاط في جامعات أخرى، وهذا ينعكس سلبا على حقيقة الأداء. (بوثلجة، 2022، 30)، أداء تتحكم فيه طريقة قائمة على مطالبة الطالب “باجترار ما أخذه من الأستاذ وتتجلى في وضع أسئلة مباشرة تساعد الطالب على استرجاع آلي للمعلومات وليس التفكير فيها لاستنباط فكرة أو استنباط موقف”(بلعلى، 2011، 31).
  • الأساتذة لا يوجهون للتدريس في تخصصاتهم أحيانا مما يؤثر على العملية البيداغوجية ويعيق تحقيق أهدافها.
  • عدم وجود نظام يضبط الدروس من حيث التنسيق بين المحاضرة والتطبيق والتكامل بينهما، وأيضا الإشراف بين الطالب والأستاذ والإدارة (بوثلجة، 2022، 30)

وبهذه الطريقة يبقى الطالب يستجمع هذه المعارف بكيفية مشتتة تفتقد للتعمق الذي يوضحها، والانغماس الذي يجعله يستوعبها وينميها والتفكر فيها.

  1. عوائق البحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية

بشكل عام تتعدد معوقات البحث العلمي بتعدد المجالات المعرفية التي تستخدم وتطبق فيها مناهجه بغرض التحقيق فيها واكتشاف حقائقها. وعادة تقسم المجالات المعرفية التي تدرس في الجامعات وداخل الكليات إلى نوعين هي: العلوم التقنية والعلوم الإنسانية. والمعوقات بطبيعة الحال فيها ما هو مشترك بينها وفيها ما يتفرد به كل مجال على حدة. والتي منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • العوائق المادية
  • عدم وجود استعداد من الجهات الوصية للتكفل بنتائج البحث العلمي، وإعطاء الاعتبار للتوصيات.
  • عدم قدرة بعض المجتمعات التخلص مما علق في أذهانهم وترسخ في سلوكاتهم من عادات وممارسات شكل مقاومة للتغيير.

أما التي ما يعود منها إلى طبيعة العلوم الإنسانية والإجتماعية، فيتفق جل الباحثين على مجموعة من العوائق كتعقد ظواهرها وتعددها، وتداخل متغيراتها مما يصعب على الباحث التحكم فيها وضبطها. فهي ليست شبيهة بالظواهر الأخرى، إذ تتميز بأنها ذاتية وقصدية، وتوجهها جملة من القيم والقواعد، وأنها لا تثبت على حال.وتعرف بحوادثها والتي منها وأهمها الحادثة التاريخية الحادثة الاجتماعية والحادثة النفسية وما ينطبق على الكل ينطبق على الجزء. وتدخل البيئة في تحديد وتوجيه ميول الباحث. هذا من جهة، من جهة أخرى”التركيز على البحوث في التخصصات العلمية هو أكثر من التركيز على البحوث في التخصصات الإنسانية تتناول مشكلات يعاني منها الانسان على مستوى العالم”(جلوب، علاء إسماعيل، 2023، 27/ 7). أفاق البحث العلمي/تم استرجاعها يوم 25/ 8 /.كما أن الأبحاث الكمية اثبتت وبشكل متزايد ولا سيما في مجال العلوم الاجتماعية عدم قدرتها على التعامل مع  الظاهرة الاجتماعية المدروسة ولا تتمتع بالقدرة على ” تأمين صورة شاملة عنها وأخذ وجهات نظر المشاركين ومواقفهم بعين الاعتبار” (صحراوي، 2016، 42) هذا بالإضافة إلى تسجيل بعض القصور في استخدام أدوات البحث العلمي في دراسة الظواهر الاجتماعية.ففي ضوء دراسة لحوصلة المعارف في العلوم الإنسانية والاجتماعية بعد 50 سنة في الجزائر ” جاءت الاستمارة في الصف الأول من الوسائل المستعملة ولوحظ عدم بروز أو عدم توظيف فعلي لتقنية الملاحظة رغم أهميتها في البحث الاجتماعي كما لم تبرز من خلال الدراسات استعمال تقنية المقابلة على الرغم من أهميتها ومن تواجدها ضمن التقنيات المستعملة في الدراسة” (بن غبريط، حداب، 2008، 54). ولعل في غمرة البحث عن المال واعتلاء المناصب والحصول على الترقيات والإسراع في نشر الأعمال العلمية بأي طريقة كل هذا جعل التركيز على الورقة البحثية من حيث شكلها وليس مضمونها وهذا طبعا وبشكل عام ساهم في ” تدني قيمة البحوث العلمية ومستواها في العالم العربي”(جلوب، علاء إسماعيل،2023، 27/ 7). آفاق البحث العلمي/تم استرجاعها 25/ 8 /. كما أن ” القيمة المنهجية لإجراءات البحث الاجتماعي تبرز من خلال محاولة إعادة بناء الواقع الاجتماعي إنطلاقا من الشواهد الميدانية والأدوات المستخدمة في جمع المعطيات والأساليب العامة في تنظيمها وتفسيرها” (بن غبريط، حداب، 2008، ص.54) ويقول (بول فولكيه) واصفا الكيفية التي تتداخل فيها عناصر البحث الأساسية (الباحث والواقع الاجتماعي) ” إن العالِم في مجال العلوم الإنسانية يصبح هو نفسه جزءا من مواد دراسته فهو يؤثر بصورة لا شعورية في دراسة موضوعه ” (داود، 2021، ص.193).

وقد شكلت هذه المعوقات بسبب المنهج وبسبب طبيعة المعرفة الناتجة عن تفاعل الباحث مع الظواهر الإنسانية عموما ، جدلا ونقاشا واسعا من قبل الباحثين والعلماء،فمع الظواهر الاجتماعية مثلا كانت نوعية المشاكل المطروحة عليهم والتعاطي معها تعبر عن وضع ” كان وقود الفكر ، ترتب عنه تراثا فكريا ونظريات اجتماعية مختلفة، راحت كل واحدة منها تفسر وتحلل الظواهر الاجتماعية من وجهة نظرها الخاصة بها ، وفي نفس الوقت تقدم نماذج للفهم و التفسير  والتنظيم العملي لمنظمات العمل المختلفة بما يتناسب مع طبيعة المجتمع، وأسلوب حياته وتراكماته التاريخية والثقافية والسياسية” (مصباح، 2010، ص.12). ومن هنا برزت وجهات نظر لمفكرين آخرين عل غرار وجهة نظر الفيلسوف الفرنسي Michel Foucault، والتي ترى أن سبب تخلف العلوم الإنسانية ومنها التاريخ مقارنة بالعلوم الطبيعية، يعود إلى كونها تدرس موضوعا حيا منتجا من الان نفسه،أي يخضع لظروف وشروط الزمان والمكان. إذ المعرفة المصاغة حوله قد تنطبق عليه في زمان ومكان معينين، في حين أنها ستصبح في مكان وزمان اخرين متناقضة معه.ويقول في كتابه الكلمات والأشياء: “إن ما يفسر عسر العلوم الإنسانية وهشاشتها وعدم يقينيتها كعلوم، وألفتها الخطرة مع الفلسفة واعتمادها الغامض على مجالات معرفية أخرى، إنما هو تعقد التشكيل الابستمولوجي الذي تجد العلوم الإنسانية نفسها ضمنه”(داود، 2021، ص. 193).

  ثانيا. العلوم الإنسانية والاجتماعية في ضوء منهجية البحث الابستمولوجي

  1. مدخل مفاهيمي
    • الفلسفة: الفلسفة في أحد تعريفاتها هي:”فن التعامل مع الأفكار، والفلسفة مختبرها العقل، وأدواتها صياغة المفاهيم، وعملها المحاكمة المنطقية للقضايا” (سلطان، 2022، ص.58). وهي تراث إنساني ومعرفة كغيرها من المعارف تشترك فيها الإنسانية، تعيش عليها ومصدر لإلهامها. وهي تأخذ شكل الحوار والجدال الدائر والذي لا ينتهي، وهي في مجملها عبارة عن استمرار لعديد المحاولات التي يلجأ إليها الإنسان باحثا عن حلول للقضايا التي تؤرقه، وفي ذات الوقت يدفعه الشغف وحب المعرفة والبحث عن الحقيقة، متخذا في ذلك أساليبا وطرقا للوصول اليها بهدف اشباع حاجاته المعرفية،وتحقيق السعادة التي ينشدها في كل زمان وفي كل مكان.ولذلك مهما حاولنا ضبط الفلسفة في تعريف معين لا يمكن ضبطه ولا تحديده لأنه يبقى دائما يخضع لشكل الجدل الدائر وطبيعة المعرفة الناتجة عنه.

2.1. الابستمولوجيا والمفاهيم المتعلقة بها

  • الابستمولوجيا:إن الكلمة الإنجليزية epistemology تستعمل كثيرا (خلافا لاشتقاقها) للدلالة على ما نسميه “نظرية المعرفة” او “علم العرفان” وتدل هذه الكلمة على فلسفة العلوم لكن بمعنى أحق فهي ليست دراسة المناهج العلمية التي هي موضوع الطرائقية وتنتمي إلى المنطق كما انها ليست توليفا او إرهاصا ظنيا بالقوانين العلمية (لا لاند، 2002، ص.357)
  • نظرية المعرفة:وتعرف حسب بالدوين “علم العرفان” Gnoseologie وهو “قسم من الفلسفة الذي يدرس ظاهرة المعرفة في ظروفها وفي نتائجها قبليا وبعديا” (لالاند، ص.468) ويعرف الفلاسفة نظرية المعرفة بأنها “فرع من الفلسفة يدرس أسئلة حول المعرفة والحقيقة، وبخاصة أسئلة تبرير حول التساؤل عما هو صحيح وما يمكننا معرفته وكيف نعرف ما إذا كنا حقا نعرفه”(كولينز، اوبراين، 2008، ص.221)
  • فلسفة العلوم: تعنى بشكل واسع بمعالجة نوعين من الأسئلة أحدهما “هل من المبرر قبول النظريات العلمية أو الأساليب التي تستخدم في التفكير العلمي؟ “(كولينز، اوبراين، ص. 446)

وسواء الابستمولوجيا أو نظرية المعرفة أو فلسفة العلوم كلها تنتمي إلى الفلسفة وتشكل أحد المباحث الهامة فيها، فهي ذلك التفكير الفلسفي النقدي الذي يقيمه الفلاسفة والعلماء أنفسهم حول ظاهرة العلم، هذا الأخير الذي عرف منذ العصر الحديث تفرعات كثيرة ومتنوعة أخذت اهتمام المفكرين واسترعت انتباههم ، ودخلوا  في مناقشة  مختلف المسائل العلمية، واستغرقوا في مناقشاتهم وانتقاداتهم مما افرز أنواعا عديدة من الابستمولوجيا ( ابستمولوجيا التربية ، ابستمولوجيا العلوم الإنسانية، ابستمولوجيا الرياضيات ، ابستمولوجيا العلوم الفيزيائية…) ومن هنا تبرز وظيفتها الأساسية  بأنها “تدرس المعرفة بالتفصيل وبشكل بعدي في مختلف العلوم والإغراض أكثر مما تدرسها على صعيد وحدة الفكر” (لا لاند، 2002، ص.357)،بمعنى أنها تدرسها بعدما تتشكل كمعرفة جاهزة ثم يبدأ الباحث في فك خيوط تلك الشبكة التي تتكون منها هذه المعرفة، وتبني بها عناصرها الأساسية من وجهة نظر ابستيمولوجيةمتمثلة في: تاريخها ومبادئها ومواضيعها وأساليب البحث عنها…وحسب المعجم الفلسفي أن علم العرفان( Gnoseologie) والذي يطلق على نظرية المعرفة (Theorie de la connaissance) ويرادفه الابستمولوجيا (Epstemologie) وهي فلسفة العلوم. لكن تبقى بعض الفروق التي تفصل بين هذه المصطلحات وتحدد دور كل منها، وعلاقته بمعرفة معينة وشكل البحث المتخذ نحوها. حيث تختص الابستمولوجيا بالبحث عن منشأ المعرفة وطبيعتها وقيمتها وحدودها بحثا نظريا محضا، في حين نجد فلسفة العلوم تختص بالبحث في موضوعات العلوم وطرقها وقوانينها ومبادئها، بحثا انتقاديا وتحليليا مبنيا على الواقع والتجربة دون التطرق لتاريخها او منشئها.أما نظرية المعرفة فهي تختص بدراسة الذات العارفة.

  • . تعريف البحث الابستمولوجي: هو البحث في قضايا معرفية ومنهجية ترتبط بحقل التفكير العلمي، ومن خلال هذا النهج يتساءل الباحث عن موضوع العلم ومنهجه، ويبحث في مبادئه، ومفاهيمه، كما يحدث مقاربات تاريخية في شأنه والكشف عن آلياتها. حيث يقوم بدراسة المعرفة كمضمون لهذه العلوم والبحث عن القواسم المشتركة بينها، حتى يتمكن من ترتيبها وإعادة تصنيفها مما يضفي عليها دلالات وحقائق أخرى.
  1. الابستمولوجيا والتفكير الفلسفي

إن المتتبع أو الدارس للفلسفة وتاريخها يجد نفسه أمام حقيقة مفادها أن هذا التاريخ ” هو تاريخ دفاع عن العقل ودعوة لحفظه وإعماله” (بالعيدي، 2023، ص.175). وتشير كلمة دفاع إلى وجود ذلك المدى الذي تأرجحت فيه التوجهات والرؤى والتصورات، المؤيدة حينا والرافضة حينا آخر لأسلوب الفلاسفة أو ا التفكير الفلسفي على العموم في معالجته لقضايا الإنسان والحياة. واختلف العلماء والمفكرون والمثقفون عل أطيافهم ونخبهم في درجة تقبلهم والاعتراف بنتائجها وأهميتها وقيمتها بالنسبة للعقل وتأثيرها عليه. وهناك من رأى أن رسالة الفلسفة هي محاولة الرد على كثير الأسئلة فعلى حد تعبير برتراند راسل ” إن الفلسفة تستحق أن تدرس ليس من أجل أن نجد فيها أجوبة دقيقة على الأسئلة التي تطرحها، بل بالأحرى بسبب قيمة الأسئلة ذاتها. إن الأسئلة الفلسفية تعمل على توسيع تصورنا للممكن، وتثري خيالنا العقلي، وتقلل ثقتنا الدوغمائية التي تغلق الفكر وتسد عليه منافذ كل تأمل. لكن، وقبل كل شيء، يكتسي فكرنا العظمة والجلال، بفضل عظمة وجلال العالم الذي تتأمله الفلسفة.” ومن رحم هذا التأمل العظيم خرجت الابستمولوجيا في بحثها عن إجابة لأسئلتها وعلى راسها: كيف يمكن للعلوم على تعدد مناهجا ومواضيعها أن تزيل ذلك الحاجز الذي بينها وبين عديد القضايا التي شغلت الانسان ولازالت تشغله؟  أو هل من سبيل لأن يسترد الانسان ثقته في العلوم ويشعر بالطمأنينة تُجاهها؟

https://m.facebook.com/story/php?

1.2. ميلاد الابستمولوجيا:العلم والفلسفة تاريخيا نشآ مع بعضهما وكأنهما وجهان لعملة واحدة لا حدود ولا انفصال بينهما، فلا العلم متميز عن الفلسفة ولا الفلسفة عن العلم. والواقع أن لقرون طويلة كانت علوم الطبيعة والرياضيات وعلم النفس كلها منضوية تحت لواء الفلسفة، وأعلنت الابستمولوجيا عن ميلادها الحقيقي يوم أن تم ذلك الانفصال للعلوم عن الفلسفة بصورة تدريجية.”انفصل الفلك والرياضيات ثم تلاهما في عصر النهضة علوم الفيزياء والكيمياء والفيزيولوجيا. وكان آخرها ما يسمى بالعلوم الإنسانية منها علم التاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس “(بن عبد السلام واخرون،2012، ص.276). وتوالت سلسلة من الاقتراحات للنماذج المعرفية. فبعد أن سادت منظومة معرفية ارسطو طاليسية وهي منظومة مشبعة بالأفكار اللاهوتية،والتي أضفت عليها طابعا تقديسيا حيث كان يتم تناول الطبيعة تناولا عقليا تأمليا،تحول إلى علم الطبيعة الذي تأسس على المنهج العلمي عن طريق الاستنباط واستقراء الطبيعة، وهو ما ينضوي تحت ما يعرف بالعقل المطلق.وبعد الثورة العلمية غرق الفكر العلمي في نماذج آلية ميكانيكية “اقترحتها الفيزياء الكلاسيكية وتكريس الحتمية والموضوعية والتفسير السببي والبيانات الكمية واليقين، هو ما أنتج نموذج معرفي عرف بنموذج البساطة والاختزال” (سميث، 2016، 29). وظهرت عدة طرق في فهم الطبيعة كاعتماد الرياضيات وقوانين الفيزياء وتحول إهتمام العلماء من البحث في الكيفيات إلى البحث في الكميات ولأن الفكر في حالة من الاستنفار المستمر ظهرت مفاهيم جديدة يقول الفريد نورث وايتهيد (1953) ” لا يوجد خطا أكبر في العلم من الاعتقاد بأن إجراء عملية رياضية ما سيجعل ظاهرة ما في الطبيعة مؤكدة” (سميث، ص. 29)

وظهرت “جملة من النظريات خارجة عن حقل الفيزياء أو مرتبطة به مثل: نظرية الماوس، نظرية التحكم الآلي،انهيار مبدأ الحتمية، ظهور نظرية الفوضى، نظرية المعلومات. أعادت للذات دورها المحوري في عملية المعرفة باعتبارها منتج للمعرفة ومفعولها التي ابعدت عنها بسبب الحقيقة الموضوعية”(سميث، ص. 29).

2.2. الابستمولوجيا والبحث في المعرفة:تبني الأبستمولوجيا علاقتها مع المعرفة بالتفكير فيها، وهذا يبرزها علاقة أزلية ضاربة وبعمق في أصولها بغض النظر عن مصادرها وأدواتها. فخيوطها الأولى ارتسمت يوم بدأت رحلة الانسان على هذه الأرض بتكوين معارفه عن حياته بيئته ومحيطه، مستهديا بالعقل مسترشدا به، متأملا ومتدبرا وفي حالة من الشك واليقين إلى أن أدركها العقل، وأعلن عن ميلادها. وتعمد أن يحدث قراءة نقدية للعلوم ولمبادئها، ونقل الجدل إلى داخلها كاشفا عن مدى ارتباطها بالقضايا العديدة التي ظهرت كإشكاليات تبحث عن حلول، بعدما عجزت أو فشلت مناهجها عن الإجابة عن التساؤلات الشائكة والمرتبطة بالإنسان والحياة بتعقيداتها. ومشكلة”انتقال موضوع النقاش حول القوانين الحاكمة لمسار المجتمعات من الفلسفة إلى حيز العلوم التجريبية، تحد كبير حاوله اساطين العلم من أمثال اوغست كونت ودوركايم وغيرهما وعارضه آخرون أمثال هرماسأو شكك في إمكانه غيرهم. لكن دراسة الظواهر وتحليلها إحصائيا واستخلاص الروابط والاتجاهات أصبح جزء من علم الاجتماع (سلطان، 2022، ص. 117). وطبعا لا نتيجة للتفكير سوى المعرفة الذي ” لا ينشأ الا عندما تكون الأشياء غير محققة وفي موضع شك” (إسماعيل علي،1995، ص. 116).فهنا يحق لنا أن نتساءل كما تساءل غيرنا” فما القصد من المعرفة؟ هل هو قصد محدود بالعلم المادي الذي يعرف من أجل أن يمتلك ويسيطر عليه؟ أم أن قصد المعرفة هو تعظيم مقاصد أخرى كتعظيم الله في النسق المعرفي الاسلامي “(بلعقروز، 2017، ص. 45)

3.2. المعرفة من وجهة نظر ابستيمولوجية

لقد اختلف في تحديد مفهوم المعرفة وتبيان مدلولها وهذا طبعا بسبب مصادرها وطرق البحث عنها. والتعريف المعترف به لدى اليونسكو وسائر المؤسسات الثقافية” المعرفة كل معلوم خضع للحس والتجربة ” (العلواني، 2003، ص.72). هذا بالنسبة للذي يرى أن مصدرها هو الوجود. لكن بالنسبة لمن يقترح مصدرا آخر فيرى أنها ” كل معلوم دل عليه الوحي والحس والتجربة (العلواني، ص. 72). والمعرفة تطلق ويراد بها ” ما تدركآثاره وإن لم تدرك ذاته ” وهي في الأصل لا يتوصل بها إلى الادراك إلا بتفكر وتدبر ” (بنهني،2018، ص. 538) كما تدل أيضا” على كل ما هو صحيح على نحو قاطع”(كولينز، اوبراين، 2008، ص.221). فهذا إشارة إلى العلم وهو ذلك النشاط البشري الذي” يهدف إلى دراسة الظواهر تصنيفها وتحليلها وتوضيح العلاقات بينها، والتنبؤ بالمستقبل وتقديم التوصيات وحل المشكلات بأسلوب علمي (صحراوي، 2016، ص.7). وهو أيضا “صفة ينكشف بها المطلوب انكشافا تاما “(بنهني،2018، ص. 538) أي مما لا يدعو إلى الشك. وكلما قيل عن العلم ومهما قيل عنه يبقى رهين مفهومين يحددان فعلا مصداقية هذا الكلام،أو هذا الوصف للعلم. المفهوم الأول أن العلم عند الغرب يشير إلى العلم الذي يدرس المواد الطبيعية، والمنهج الذي يستخدمه العلماء وهو المنهج العلمي وبصورة أكثر تحديدا المنهج التجريبي. والثاني أن العلم وفق الرؤية الإسلامية يتعلق بتطور المدركات البشرية في سائر شؤون الحياة المادية، والاجتماعية،والنفسية، والروحية، ومرجعية هذه الرؤية هي الوحي الذي أورد فصولا من قصة البشرية في مراحل نشأتها الأولى، وتبين هذه الفصول أن الانسان خلق في البدء وهو مزود بما يلزمه من ملكات التدبر والتفكر والتجريب، ومن أدوات العلم والمعرفة ما يمكنه من بدء حياته على الأرض (حلمي،د.ت). وتكمن مصداقية التفكير المعرفي في ثلاثة قضايا:”الوحي والعقل والكون. ولكل موضوع منها نهجه ودروبه، لان دائرة التفكير لا تخرج عن عالم الشهادة. ولعالم الغيب التسليم وخلوص التوحيد للخالق سبحانه ” (بنهني،2018، ص. 538)

  1. أهمية البحث الابستمولوجي
    • بالنسبة للعلوم الإنسانية والاجتماعية كمعرفة: يمكن أن يكون للبحث الابستمولوجي أهمية بعد أن نتجاوز بعض الصعوبات، وأن نحقق بعض التقدم كما على سبيل المثال لا الحصر:
  • أن نتفق على مفهوم للعلم ومفهوم للمعرفة ونزيل ذلك الالتباس والغموض الحاصل، وقد يبدو ذلك صعبا لكن مرونة المفاهيم وطبيعتها الهلامية وقدرتها على الانتقال عبر مجالات وميادين العلم والمعرفة قد يبسط لنا العملية، خاصة إذا طبقنا نهج المقاربات بشكل سليم عادل ومنصف.
  • النظرة إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية على أنها مادة معرفية واسعة، وحقل واسع يمس الثقافة والسياسة والاقتصاد، وعلم النفس والتاريخ، ويستعير من الفيزياء والكيمياء وعلم الاحياء في أحايين كثيرة بعض المصطلحات وبعض الأدوات، وهذه الاستعارة لا تشكل مبررا كافيا لحصره في منهج بحث واحد بل ينبغي أن يكون منفتحا على غيرها من المناهج.
  • إن الكم الهائل من المعرفة التي يتلقاها الطالب الجامعي في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية، يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع من الفكر وهي:’الفكر التراثي والفكر والوافد والفكر الذاتي” انظر (محمد سنمر، 1409، ص.117) فهي معرفة تتضمن موروثا فكريا وهو عبارة عن تراكمات فكرية تراثية تشترك فيه الإنسانية جمعاء، ومعارف حديثة ومعاصرة تقاسمتها المذاهب الفكرية الغربية كالعقلانية والوضعية والطبيعية…. وهي أيضا نتاج من الفكر الذاتي وهو ذلك البناء العقلي الذي ينمو من مجموعة القيم والمبادئ الخاصة بالفرد وبيئته.

2.3. بالنسبة للجامعة كمنتجة للمعرفة: “إن الاتجاه العلمي يميل اليوم يميل إلى القول بأن كل إنتاج فكري سواء كان صحيحا أو مغلوطا لابد أن تكمن وراءه عوامل خارجية تمكنه من الظهور ” (الوردي،2009، ص.128). والجامعة كعامل أساسي في نقل المعرفة يتفق فيه الجميع ولا أحد ينكر بأنها مهمتها الأولى ولكن بطريقة ينبغي فيها ان ” تتحدى الطلاب على أن يقوموا بالتفكير بصورة أكثر وضوحا وأن يبدأوا في صياغة أفكارا متطورة لأنفسهم “(كول جونتان،2016، ص.119). وما تتطلبه هذه العملية الجليلة من إعداد وتكوين، وعلى رأسها تكوين الشخصية العلمية بتوفير ” الجو العلمي المشحون بالأرواح المتوثبة، والعقول المتفتحة والبحوث العلمية الجادة.إنه الجو الذي تسوده تقاليد بحثية وعلمية جادة تجعل كل من يعيش فيه يتنفس الجدية والدأب والنزاهة والطموح العالي (بكار، 2011، ص. 139). وعن (هاتشنز) خامس رئيس لجامعة شيكاغو كأشهر جامعة عالميا، يتحدث روبرت مينارد هوتشينس (1951) بأنه كان يؤمن بأن لمبدأ الموحد للجامعة هو السعي وراء الحقيقة من أجل الحقيقة،وأن المسوغ الوحيد الذي يجعل الجامعات تتميز عن غيرها هو أن تكون مراكز للانتقاد.بالإضافة إلى أنها تسعى لتحقيق الفائدة للجميع أين ينبغي ” أن تكون هذه الجامعات مركزا مستقلا للفكر(جونتان، ص.124).ويشير (لانغر يهر) أن الأبحاث في مختلف الحقول بما في ذلك الفلسفة وعلم النفس الادراكي، واللغويات والذكاء الاصطناعي والمسح الدماغي، تساهم في فهمنا للتفكير وتطوره ” فالتفكير المتطور والرفيع المستوى لا يتطور بصورة تلقائية كنتاج ثانوي للأنشطة التعليمية الأخرى، فمجرد توجيه أسئلة عالية المستوى لا يضمن أن يكون عند الطلاب المعرفة أو قدرات التفكير اللازمة للإجابة عليها(لانغر يهر، 2002، ص.9). وأن “مجرد عقد مناظرات في غرفة الفصل لا يعلِّم الطلاب كيفية بناء حجة فعالة أو تبني موقفا…. وبالمثل فان إعطاء واجب كتابي أو واجب حل مشكلة،لا يفسر بحد ذاته الاستراتيجيات التي يستخدمها الكتاب الناجحون لمن يحلون المشاكل. ففي كل حالة من هذه الحالات يستخدم منهجا أكثر وضوحا نحو تطور التفكير (لانغر يهر، ص.9)،مما يساعد على المرونة والانفتاح العقلي والتأمل والرغبة في البحث عن وجهات نظر أخرى …. كما أن “عملية نقل المعرفة لا تتضمن مجرد تعريض الطلاب لمجموعة من الأعمال المستمدة من الماضي أو مجموعة من الحقائق أو شرح الطرائق والنماذج النظرية “(جونتان،2016، ص.119). والأمر يستدعي وجود ” الطريقة التي يساعد بها الأساتذة الجامعيون طلابهم على اكتساب مهارة تحليلية إذ يتحقق ذلك من خلال أسلوب تبادل الآراء والمناقشات التي تجري في الفصول الدراسية والتي يستمر كثيرا منها في مساكن الطلاب وقاعات الطعام، ومن خلال إتمام الاطروحات والأبحاث الأصلية ،ومن خلال نوع من التعاون والتوجيه الذي يحدث في المعامل ومكاتب أساتذة الجامعة… وغيرها “(جونتان،ص.119)” إن عملية نقل المعرفة تستدعي ” فاعلين مفكرين اخرين أي قادرين على المعرفة وهذا ببساطة يعني العلاقة المسماة بالتفكير وغير المنحصرة بين الفاعل والمفعول المعروف لأنها تمتد الى فاعلين اخرين” (فريري، 2004، ص.178).وبهذا الشكل يمكن للطلبة داخل كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية ان يكونوا مواقفهم تُجاه المعرفة. وأهم شيء يمكن أن تقوم به الجامعة ضمان حرية التعبير والتفكير لهم “(جونتان،2016، ص.125)

 

 

3.3. بالنسبة للطالب الجامعي كمتفاعل مع المعرفة

إن التعليم والتعلم يترافقان ويتآزران في عملية واحدة تبدأ من البحث عن المعرفة وتنتهي عند البحث فيها، وبهذا تصبح للتعلم فلسفة مفادها أننا لا نتعلم لكي نرتاح، بل نتعلم لنزداد بحثا وحبا وشغفا للوصول إلى المعرفة. وميدان كميدان العلوم الإنسانية والاجتماعية، حقل واسع يمس الثقافة والسياسة والاقتصاد وعلم النفس وعلم الاجتماع والدارس لهذا الحقل ” يحتاج إلى مادة معرفية واسعة وإلى خيال واسع وفلسفي لعمليات الربط والاستنتاج (سلطان، 2022، ص.117). والطالب هنا مطالب بان يصل أداؤه ” إلى مستوى التفكير العلمي أين يصبح بإمكانه ان يتجاوز ” النتائج السابقة مركزا عن المسكوت عنه في دراسة الظواهر المختلفة، أو مبديا رأيا مختلفا فيها، ومتمكنا من صياغة أسئلة والشك في المسلمات والرغبة في حل إشكالات لم تجد إجابات مقنعة عن اسئلتها “(بلعلى، 2011، ص.30) وفي ضوء هذا المطلب ماذا يحقق التدريب أو التكوين على البحث الابستمولوجي للطالب الجامعي؟

  • يحقق له فرصا للاطلاع على التراث المعرفي الإنساني، والتمكن منه في حدود ما يسمح له به المستوى والمحتوى المقرر له دراسته وحسب ((John Dewey, 1939 ” إن تراث الماضي يمدنا بوسيلة ناجحة حتى نستطيع فهم الحاضر (إسماعيل علي، 1995، ص.107).والتفتيش في الماضي واستيعابه من متطلبات فهم كل جيل لعصر هو يكون على وعي لما يحدث فيه، لأنه يجيب عن أكثر الأسئلة صعوبة وعددا،والتي تُطرح باستمرار حول حاضرنا وواقعنا وتبدو في كثير من الأحيان غامضة.”فكما يجد المرء نفسه مجبرا على أن يفتش في ماضيه حتى يفهم ما هو فيه من ظروف، كذلك فإن ما تسفر عنه الحياة الاجتماعية الحاضرة ومشاكلها، وثيق الصلة بالماضي بصورة لا يمكن معها أن نعد الطلاب لفهم هذه المشاكل،أو توجيههم إلى أحسن الطرق لعلاجها إلا بالبحث عن جذورها في أرض الماضي(إسماعيل علي، ص.107).
  • يحقق له فرص التعرف على الانتاجين المعرفي والعلمي.فالإنتاج المعرفي هو الذي “يتعلق بتوليد المعرفة والفهم الجديد في العلم والتكنولوجيا والفنون والادب والفلسفة ويشمل جميع النتائج التي تنتُج عن الفكر الإبداعي والإبداع في مختلف المجالات” (مصطفى، محمد نديم،2023، 22/ 7). متطلبات الإنتاج المعرفي في البحث العلمي /تم استرجاعها يوم 26/ 8/.والإنتاج العلمي والذي يشير بدوره إلى”النتائج والإنجازات التي تنشأ عن الأبحاث العلمية والدراسات التجريبية، وهو الإنتاج الذي يرتكز على المنهج العلمي والطرق العلمية المحددة لإجراء البحث والتجارب وجمع البيانات”(مصطفى، 2023)، وهذا طبعا في حدود ما يسمح له به المستوى الذي يدرس فيه والمحتوى المقرر له دراسته، مما يساعده على توسيع مداركه ويتمكن من تمييز هذه المعارف وتصنيفها.
  • يحقق له فرص التعرف على عديد المناهج التي يحتاجها ميدان العلوم الإنسانية والاجتماعية، وأن التداخل والتكامل الحاصل بينها وحتى بين علوم تقنية وعلوم المادة الأخرى، لم يكن لولا تدخل واستخدام أنواع واسعة من المناهج وأنماط وأساليب من التفكير المتنوعة.
  • يوفر له فرصا للربط بين هذه المعارف والعلوم قديمها وحديثها،مع إمكانية إحداث مقارنات فيما بينها مما يفتح له المجال لإعادة قراءة هذا التراث،ذلك ونجد دعما لهذه الفكرة في قول (باولو فريري):” إن تمكين الناس من قراءة العالم بشكل نقدي، لهو تحد كبير وممارسة غير مريحة لأولئك الذين يؤسسون قوتهم على براءة من يمكن استغلالهم. انني ممن يقومون بتلك القراءة، ومن ثم فان ممارساتي النظرية تزداد وضوحا (فريري، 2004، ص.167).وأسلوب القراءة المصحوب بالتأمل يمكِّن الطالب من إثارة المواضيع واقتراح إشكاليات للنقاش في ضوء المعارف التي يتلقاها، وفي ضوء وجهات نظر الأستاذ والزملاء.وهذا ما يملأ الفراغ الذي يتركه ذلك النقص في عملية القراءة لدى الكثير من الطلبة فالذي “نسمعه ونقرأه لا يصبح ملكا لنا إلا من خلال التفكير فيه. فبالتفكير وحده يمكن أن نصطفي مما قرأنا ما يدعم رؤيتنا المعرفية أو يعدلها أو يضيف إليها (بكار، 2011، ص.147).
  • يوفر له فرص لاكتشاف تلك الفجوات المعرفية بين الحضارات والعصور التاريخية، خاصة المفتعلة منها أو المهملة بسبب عدم وجود بحث كافي عنها

وإذا كانت كل هذه الفرص يوفرها التدريب والتكوين على البحث الابستمولوجي للطالب الجامعي في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية، فمن المؤكد أن هناك فائدة تجنى منها يمكن ذكرها في النقاط التالية على سبيل المثال لا الحصر:

  • بإمكانه أن يكوِّن تصورا شاملا لمجموع المعارف في مجال دراسته وتخصصه”فالعقلية المتحررة هي التي تكون لديها الرغبة الحقيقية في الاستماع الى وجهات النظر، والالتفات إلى جميع الحقائق مهما كان مصدرها”(إسماعيل علي، 1995، ص.119).
  • تتكون لديه الفكرة والتي نعبر عنها بالتساؤل الذي يدفعه نحو التفكير الجدي ويحركه ليستوعب هذه المعارف”إن عملية المعرفة التي تستلزم النفس الواعية بكاملها من الأحاسيس والمشاعر والذاكرة، تؤثر في معرفة العقل وحب استطلاعه حين يركز على الموضوع “(فريري، 2004، ص.178).
  • يستوعب المعرفة بعدما يدرك أن البحث فيها من أكبر القضايا التي تضعه في تحدي، هذا يضعه أيضا أمام التزام نحوها ويعزز جانب الاستقلالية لديه.
  • يعزز جانب الإخلاص وتحمل المسؤولية وبالتالي يتجاوز ويزيد على هذه المعارف من خلال نقدها وإعادة صياغتها. فالشخص منا” عندما يشعر بانجذاب إلى شيء ما واهتمام به ينصرف إلى التفكير فيه بكل جوارحه” (إسماعيل علي، 1995، ص.119).
  • يصبح متحاورا متواصلا وعلى الخصوص في فضاءات الجامعة (المكتبة غرف الإقامة قاعات الطعام قاعة الأساتذة)
  • يخلق المتعة والتنافس ويشجع على المواجهة والثقة في طرح وجهات نظر مختلفة “وإخراج الطالب من القوقعة والانحسار الذي تفرضه الدراسة المنتظمة والمناهج المقننة والتلقي المدرسي للمعارف” (بكار، 2011، ص.220).
  • التأسيس لحوار مشترك بين طلبة لا يفكرون بالطريقة نفسها.
  • التدريب على البحث الابستمولوجي يدخل الطالب في حالة من التعلم المستمر أو التعلم مدى الحياة،وهذا النمط من التعلم يبرزه ذلك التخلص ومن حين لآخر من تلك الصور النمطية والأفكار الخاطئة،التي سيطرت على تفكيره، والتي كانت تبدو له نهائية وحاسمة. إلا أنه بالتفكير والتأمل المستمر ين يستدرك ما فاته ويستوعب حاضره ويستشرف ما هو قادم.

خاتمة وتوصيات

إن المعرفة التي لا ننميها كل يوم تتضاءل يوما بعد يوم، وهذا ينعكس سلبا على المنتوج المعرفي من حيث خسارته وضياعه كتراث، ومن حيث العجز في تحيينه وتطويره كإنجاز يواكب الحاضر ويستشرف المستقبل، خاصة وأن ما يفرضه مجتمع العولمة والتكنولوجيا والانترنيت، وما يلح عليه هو وجود وعي عام لأفراد المجتمع.فالاعتماد على وجود نخبة تنوب عنه ويوكل إليها مهام كل شيء حتى التفكير في الواقع والمستقبل، أصبح من كلاسيكيات القرون الماضية، لذلك لابد من البحث عن طرق وأساليب للقيام بهذه التوعية وهذه الاستنارة الجماعية،يتمكن المجتمع من خلالها إدراك أهدافه وملاحقة مصالحه،فهو بحاجة لكل أبنائه ولكل طاقة من طاقاته، وعلى حد تعبير باولو فريري (2004) “لن تستطيع أمة أن تحقق ذاتها دون أن تغامر بمشاعرها من أجل التجديد المتواصل لذاتها”. والإمكانيات المعرفية والمنهجية التي تحتكم عليها الجامعة، وصلاحيتها في توظيف هذه الإمكانات. تؤهلها لتحقيق هذه الاستنارة في ضوء ما تحققه من تقدم في التفكير المعمق، وخلق بيئة من الاستنفار المعرفي بشأن العلوم الإنسانية والاجتماعية، والنظر إليها من نافذة البحث الابستمولوجي كمرحلة قادمة. فما فشلت فيه مناهج علوم الطبيعة أن تقدمه للظاهرة الإنسانية،فإن منهج البحث الابستمولوجي وفي ضوء خطواته ومبادئه ومهاراته، كفيل بأن يسد هذا الفراغ في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وبسبب تآزر المنهجين. قد يُعوَّض هذا العجز ويحدث تكاملا منهجيا ومعرفيا أيضا.

 

استنتاجات عامة

  • إن لكل مجتمع فلسفته التي تفرض عليه مرجعية منهجية معينة، ويستطيع في ضوئها أن يختار وينتقي ما يخدم معتقداته وهويته.
  • الابستمولوجيا بقدر ما تتدخل في خصوصية كل علم وما يرتبط به من معارف فهي في الوقت ذاته تحترم هذه الخصوصية، وبهذا هي نهج يساهم بشكل فعال في توفير الرعاية والاهتمام بالبحث العلمي الرصين.
  • في ظل انتشار ظاهرة التخصص في المجال الواحد والتوسع الكبير في المعرفة الإنسانية، فالطالب الجامعي في العلوم الإنسانية والاجتماعية بحاجة لأدوات تمكنه من لم شتات هذه المعارف، بهدف انتظامها وتناسقها على الأقل بصيغة مخططات مفاهيمية تساعده في تصحيح تصوراته ومعتقداته وضبط اتجاهاته وقيمه.
  • نحن بحاجة إلى معالجة إشكالات حقيقية تتجاوز ما هو محلي إلى ما هو إقليمي وعالمي، وتعاطي الطالب في كليات العلوم الإنسانية مع العلوم والمعارف بالشكل الحالي سوف يبقينا مجتمعات تغرد خارج السرب.

الموضوع بحاجة لمزيد من البحث الجدي وبشكل أوسع وتفصيل أكثر ولكي ننحو بالدراسة الحالية منحا عمليا توصي الباحثة:

  1. بضرورة تبني فكرة إدراج مقرر دراسي تحت مسمى منهجية البحث الابستمولوجي، يكون تدريسه بالموازاة مع مقياس منهجية البحث العلمي المعمول به حاليا. يبدأ الطالب الجامعي في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية دراسته من السنة الأولى ليسانس وحتى الماستر ما يعادل (درجة الماجستير في دول أخرى غير الجزائر) وحتى التكوين فيما بعد التدرج الدكتوراه.

2 ـ عرض الفكرة على خبراء وأكاديميين من ذوي الخبرة والاختصاص، لبحث الموضوع والتفكير بجد في الطريقة المناسبة لتنظيم مقرر دراسي تحت مسمى منهجية البحث الابستمولوجي، بحيث توضع وتؤسس له خطوات ومجالات معرفية وأهداف ومهارات.

3- وفي ضوء التوصيتين السابقتين، ترى الباحثة ضرورة إعادة النظر في الاحتياجات التدريبية للأستاذ الجامعي. فإذا كان التوجه العام لكليات العلوم الإنسانية والاجتماعية خاصة بعد جائحة كورونا، هو إقامة دورات تكوينية للأستاذ الجامعي في مجال الرقمنة والتكنولوجيا بغرض تعزيز كفاءاته المهنية، فانه من المهم أيضا تنظيم دورات تكوينية في ضوء المدخل التدبري تمهيدا لإرساء مقرر دراسي (منهجية البحث الابستمولوجي) وهذا من أجل خلق التنوع والتكامل في هذه الكفاءات المهنية.

المراجع

  1. أندريه. لالاند (2002).موسوعة لالاند الفلسفية. مجلد 1. (ط2). لبنان. منشورات عويدات
  2. الابراهيمي، الطاهر.(2002). رؤية واقع البحث التربوي في العالم العربي.مجلة العلوم الإنسانية (ع2). جامعة محمد خيضر بسكرة. الجزائر
  3. عمار، حامد. (باولو فريري).(2004). المعلمون بناة ثقافة رسائل إلى الذين يتجاسرون على اتخاذ التدريس مهنة. (ترجمةح. عماروآخرون). مصر.الدار المصرية اللبنانية
  4. بكار، عبد الكريم. (2011).حول التربية والتعليم (ط1). سوريا. دار القلم
  5. بلعيدي، مصطفى. ((2023.حفظ العقل والحاجة الى الدرس الفلسفي. كتاب بحوث المؤتمر العلمي الدولي مستجدات حفظ العقل في ضوء الدراسات البينية تم استرجاعها يوم 18/ 7/ 2023https://doi.org/10.36772L/minds.9
  6. بلعقروز، عبد الرزاق. (2017).مداخل مفهومية الى مباحث فلسفية وفكرية ــ الدين، رؤى العالم، الحقيقة القيم، الفعل(ط1).لبنان.مركز نماء للبحوث والدراسات
  7. بلعلى،آمنة. (2011).أسئلة المنهجية العلمية في اللغة والادب(ط1). الجزائر.دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع
  8. بن عبد السلام، حسين.وآخرون. (2012). إشكاليات فلسفية.الجزائر. الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية
  9. بن غبريط، نورية. وحداب، مصطفى رمعون. (2008).الجزائر بعد 50 سنة حوصلة المعارف في العلوم الاجتماعية والإنسانية 1954 ــ 2004.الجزائر. مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية
  10. بن هني، قبلي.(2018). مقاصد البحث التربوي والمنهجية وأثرها في استصلاح وترشيد التفكير. مجلة الدراسات الإسلامية. (ع 10). ص 537 ـــ 538
  11. بوثلجة، غياث. (2022).رواد البحث النفسي التربوي في الجزائر من خلال عينة من الأساتذة.مجلة روافد للدراسات والأبحاث العلمية في العلوم الاجتماعية والإنسانية، مج 6(ع خاص). ص30
  12. بوعلاق، محمد (بير تراند).(2001).النظريات التربوية المعاصرة. (ترجمة م. بوعلاق). المملكة المغربية، قصر الكتاب
  13. جاد الحق علي، جاد الحق. (1989)، نظرة الأديان للطبيعة وعلاقتها بالأخلاقيات والحضارة.مجلة التضامن الإسلامي (الحج سابقا).إسلامية شهرية تصدرها وزارة الحج والاوقاف بمكة المكرمة. ص 33
  14. جلوب، علاء إسماعيل. (2023). عنوان المداخلة آفاق البحث العلمي. فعاليات أسبوع اساسيات البحث العلمي، منصة اريد الدولية العلمية. تركيا اطلع عليه الساعة 9 مساء / 22/ 7/ 2023

https://portal.arid.my/ar- LY/Courses/Details/3699

  1. جون، كولينز. ونانسي باتريسيا،اوبراين. (2008).قاموس دار العلم ـــ غرينوود للمصطلحات التربوية (ط1). لبنان. دار العلم للملايين
  2. الحجيلان،ناصر.(كول جونتان). (2016).جامعات عظيمة قصة تفوق الجامعات الامريكية. (ترجمة ن. الحجيلان).(ط1). مصر. الدار المصرية اللبنانية
  3. حلمي. مصطفى. (د.ت).مناهج البحث في العلوم الإنسانية بين علماء الإسلام وفلاسفة الغرب. الأستاذ بكلية دار العلوم. جامعة القاهرة
  4. الحوراني، منير. (جون،لانغر يهر). (2002).تعليم مهارات التفكير، تدريبات عملية لأولياء الأمور والمعلمين والمتعلمين.(ترجمة.م الحوراني)(ط1). العراق.دار الشرق
  5. داود إبراهيم (2021)، الفلسفة مقالات ونصوص فلسفية، الجزائر، دار الهدى
  6. سلطان،جاسم. (2022).علم الاجتماع مذكرات شخصية (ط1). تركيا،مكتبة الاسرة العربية
  7. سنمر، محمد محمود. (1409). دراسة في البناء الحضاري محنة المسلم مع حضارة عصره(ط1). كتاب الامة سلسلة فصلية. دولة قطر. مركز البحوث والدراسات
  8. سعيد، عبد الوارث. (الفاروقي إسماعيل راجي) (1984). كتاب حول أسلمة المعرفة.(ترجمةع. سعيد).(ط1). الكويت. دار البحوث العلمية للنشر والتوزيع
  9. صحراوي، عبد الله. (2016).تصميمات البحوث الكميةتطبيقات وانشطة علمية(ج2).الجزائر. كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية. جامعة سطيف 2.
  10. صليبا، جميل. (1982). المعجم الفلسفي بالألفاظ العربية والفرنسية والانجليزية واللاتينية(ج2). لبنان. دار الكتاب اللبناني
  11. العلواني، طه جابر. (2003).الازمة الفكرية ومناهج التغيير. مركز دراسات فلسفة الدين وعلم الكلام الجديد.لبنان. دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع
  12. علي، سعيد إسماعيل. (1995). فلسفات تربوية معاصرة. سلسلة كتب ثقافية شهرية. الكويت. المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
  13. القصراوي، عماد شوقي ملتقى. (2010). البحث التربوي الاجرائي كأحد فروع البحث العلمي ـ رؤية عصرية من الناحيتين النظرية والتطبيقية، مصر. عالم الكتب
  14. طنطاوي، محمد سعد.(ليوناردو،سميث).(2016).نظرية الفوضى.(ترجمة م. س. طنطاوي). مصر. مؤسسة هنداوي. (نشرت النسخة الاصلية في 2007)
  15. مصباح، عامر. (2010).علم الاجتماع الرواد والنظريات(ط1). لجزائر. شركة دار الهدى
  16. مصطفى، محمد نديم. (2023). عنوان الداخلة متطلبات الإنتاج المعرفي في البحث العلمي. فعاليات أسبوع اساسيات البحث العلمي. منصة اريد الدولية العلمية. تركيا

https://portal.arid.my/ar- LY/Courses/Details/3699

  1. نصار، سامي محمد.(2005).قضايا تربوية في عصر العولمة وما بعد الحداثة(ط1).مصر. الدار المصرية اللبنانية
  1. الوردي، على.(2009).منطق ابن خلدون، العراق.شركة دار الرواق للنشر المحدودة

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *